إسلام ويب

أحوال الغارقينللشيخ : خالد الراشد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ما أكثر الغارقين في الشهوات والملذات، يرتوون منها ويعمون عن مفاسدها وأكدارها، وتناسوا أن لهم أعماراً وآجالاً معدودة، وتناسوا أن الدنيا دار ممر والآخرة هي المستقر، فيا حسرة عليهم، وليتهم يعلمون حقيقة ما هم فيه لعلهم يتوبون إلى الله.

    1.   

    من هم الغارقون؟

    حديثنا ليس عن الغارقين في البحار والأنهار، فأولئك إن كانوا صالحين كانوا شهداء بإذن العزيز الغفار، ولكن حديثنا رسالة إلى الغارقين في الشهوات والملذات، يرتوون منها وكأنهم مخلدون في هذه الدنيا، تناسوا أن الدنيا دار ممر وامتحان، وبعدها جزاء وحساب، ووقفة تشيب لها الولدان أمام خالق الكون وجبَّار الأرض والسماء.

    إنها رسالة إلى التائهين الذين ارتسمت على وجوههم مسحة البؤس والضياع بسبب إغراقهم في الذنوب والمعاصي التي أعمت قلوبهم وأنقصت عقولهم وأزالت عنهم النعم وأحلت بهم النقم.

    قال سعيد بن المسيب : ما أكرم العباد أنفسهم بمثل طاعة الله عز وجل، ولا أهانوا أنفسهم بمثل معصية الله عز وجل.

    إنها رسالة إلى الذين ليس لهم هدف في الحياة إلا إشباع الغرائز والشهوات، وهم على ما هم فيه من ذل المعصية والهوان تراهم يجاهرون بأفعالهم وعصيانهم وتمردهم على أوامر الله، غاب عن حسهم قوله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون)، قال سبحانه: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].

    إنهم يغرقون وهم لا يشعرون! يسيرون في طريق أوله خزي وعار وآخره جهنم وبوار، قبل أن ننطلق لسماع أحوالهم وأخبارهم أوجه كلمه للذين ركبوا سفينة النجاة، فأقول:

    تعالوا نتعاون على إنقاذ هؤلاء فهم بحاجة إلى قلوب رحيمة، و(الراحمون يرحمهم الرحمن) إنهم بحاجة إلى كلمة طيبة، (الكلمة الطيبة صدقة) إنهم بحاجة إلى ابتسامة صادقة، و(تبسمك في وجه أخيك صدقة) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران:159].

    1.   

    أحوال الغارقين

    فهيا نسمع بعضاً من أحوال الغارقين:

    السفر إلى الخارج وراء الشهوات والملهيات

    ليلهم ونهارهم سواء يظنون أن السعادة في لذة وشهوات وفي سفر ومغامرات، اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ [المجادلة:19].

    يستيقظ الواحد منهم قبل الفجر لموعد طائره وسفر وسياحة ولا يستطيع أن يستيقظ لصلاة الفجر، مع أن التخلف عن صلاة الفجر من علامات المنافقين، تراهم في الملاعب يجوبونها طولاً وعرضاً خلف الكرة ولا يقوون على أداء الصلاة، ولا تراهم في صفوف المصلين رغم أن المسجد لا يبعد عنهم سوى خطوات، قال جل في علاه عن محمد صلى الله عليه وسلم ومن معه: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح:29] وقال صلى الله عليه وسلم: (اكلفوا من العمل ما تطيقون، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة) إنك لن تتقرب إلى الله بقربة أعظم من المحافظة على الصلاة.

    إذا حزبك أمر يدك الجبال فتذكر (أرحنا بها يا بلال) واعلم أنه ما سُميت الصلاة صلاة إلا لأنها تصل بفاعلها والمحافظ عليها إلى الجنة، وتصل بتاركها والمتهاون فيها إلى النار، فأي طريق تريد؟

    قال ابن تيميه قدس الله روحه: حدثني بعض المشايخ أن بعض ملوك فارس قال لشيخ رآه قد جمع الناس على رقص وغناء: يا شيخ! إن كان هذا هو طريق الجنة فأين طريق النار؟

    إشغال أوقاتهم في اللهو والغناء

    من أحوال الغارقين: أوقاتهم لهو ولعب، غناء وطرب، لا يعرفون معروفاً ولا يُنكرون منكراً، يعرفون أسماء المغنين والمغنيات، والساقطين والساقطات، بل ويعرفون ميولهم ورغباتهم وأخبارهم، بل ربما يعرفون أسماء زوجاتهم وأبنائهم، ولا يعرفون سيرة محمد صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه وسيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.

    يقرءون الصحف والمجلات وينفقون في سبيلها عشرات بل قل مئات، ولا يقرءون القرآن ولا حتى لحظات، تراهم عند الإشارات قد رفعوا أصوات مكبرات السيارات على موسيقى وألحان، وهي مزامير الشيطان، تهتز أجسادهم طرباً ونشوة لذلك، ولا يهتز لهم قلب عند سماع القرآن، قال الله للشيطان: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا [الإسراء:64]، قال صلى الله عليه وسلم: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف).

    قال ابن القيم رحمه الله وهو يرد على أهل الغناء:

    ألا قل لهم قول عبد نصوح

    وحق النصيحة أن تُستمع

    متى علم الناس في ديننا

    بأنَّ الغنا سنة تُتبع

    وأنَّ يأكل المرء أكل الحمار

    ويرقص في الجمع حتى يقع

    جراحات أمتنا في كل مكان في فلسطين وأفغانستان والشيشان وهؤلاء يمسون ويصبحون على الألحان.

    ها هو الأقصى يلوك جراحه

    والمسلمون جموعهم آحاد

    دمع اليتامى فيه شاهد ذلة

    وسواد أعينهن فيها حداد

    يا ويحنا ماذا أصاب شبابنا

    أوما لنا سعد ولا مقداد

    المجاهدون يبيتون على أصوات المدافع والدبابات، وهؤلاء ييبتون على أصوات المغنين والمغنيات، إنهم يغرقون وهم لا يشعرون!

    ضياع أوقاتهم في الأسواق والمجمعات

    من أحوال الغارقين: تراهم في الأسواق والمجمعات، يعتنون بالمظاهر والشخصيات، والسرائر خاوية، فنون وأشكال من القصات والموضات والهيئات، شبان وفتيات وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ [المنافقون:4].

    همهم هتك أعراض المسلمين ومطاردة الساذجات، تناسوا أنَّ لهم أمهات وأخوات وقريبات، إنهم يغرقون وهم لا يشعرون!

    جاء شاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! إئذن لي بالزنا، فثار المجلس وفار، فقال الرحمة المهداة للشاب بصوت حنون وقلب رحيم: ادنه، فدنا الشاب، فقال له صلى الله عليه وسلم: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله فداك أبي وأمي، قال صلى الله عليه وسلم: وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، قال صلى الله عليه وسلم: أتحبه لأختك؟ قال: فداك أبي وأمي لا والله، فلا زال يذكره، ويقول له: أتحبه لعمتك؟ وخالتك؟ وابنتك؟ والشاب يقول: لا والله جعلني الله فداك، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده الشريفة عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه، فقام الشاب من ذلك المجلس وليس شيء أبغض إليه من الزنا).

    وأنت يا من تغرق ومن أجل ذلك تخطط وتدبر وتسافر، أترضاه لأهلك؟ سأترك الجواب لك، اعلم أنه ما عُصي الله بذنب أعظم من نطفه يضعها الرجل في فرج لا يحل له، لذلك قال الله: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32].

    إليك خبر من أخبار المتقين قال الحسن البصري : كان في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شاب يلازم المسجد للعبادة، فعشقته امرأة، فأتته في خلوة فكلمته -لاحظ هو لم يذهب إليها- فحدثته نفسه بذلك، فشهق شهقة فغشي عليه، فجاءه عم له فحمله إلى بيته، فلما أفاق قال: يا عم! انطلق إلى عمر فأقرئه مني السلام، وقل له: ما جزاء من خاف مقام ربه؟ فانطلق عمه فأخبر عمر فأتاه عمر فلما رآه شهق شهقة فمات، فوقف عليه عمر فقال: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:46-47].

    أحسبه والله حسيبه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظلّ إلا ظله (رجل دعته امرأة ذات حسب وجمال، فقال: إني أخاف الله).

    فيا دائم الخطايا والعصيان! يا شديد البطر والطغيان! ربح المتقون ولك الخسران وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن:46].

    صيرورة الذنوب والمعاصي عادة لهم ومنهجا

    من أحوال الغارقين صارت الذنوب والمعاصي والآثام عادة لهم ومنهاجاً، فهم في ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور:40]، يعيشون بلا أمن ولا أمان، ولا راحة ولا استقرار، بل بلا حياة فأي حياة بلا إيمان؟!

    قال جل في علاه: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82]، قلوبهم تئن من الذنوب وتشتكي، أطفأت الذنوب نور الإيمان في قلوبهم، وقطعت الآهات والحسرات كبودهم، وأرَّقت الهموم مضاجعهم، يغرقون في لجج المعاصي والآثام، من مصيبة إلى مصيبة، ومن همّ إلى همّ، ومن غمّ إلى غمّ، ولا هم يتوبون ولا هم يذكرون، وصدق الله حين قال: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا [طه:124-125] هو مع ضلاله وعصيانه وتمرده يحاجج قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه:125-127].

    إنهم يغرقون ومع هذا لا يفكرون بالتوبة والندم، اللهم إلا خطرات تمر على قلوبهم تناديهم إلى ركوب السفينة والانضمام إلى قوافل التائبين، يسمعون المواعظ ولا يتعظون، يدفنون الموتى ولا يعتبرون، يرون الحق ولا يتبعون، يُدعون ولا يستجيبون، نقول لهم ما قال الله: يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الأحقاف:31-32].

    1.   

    أخبار الغارقين

    محاربة من يتوب منهم

    ذكرنا بعض أحوالهم، فتعال نسمع بعض أخبارهم:

    من أخبارهم المتواترة أنه إذا تاب صاحب لهم وركب سفينة النجاة بدءوا بالحرب الإعلامية عليه، يلاحقونه بنبالهم وسهامهم، ويعددون أخطاءه وزلاته، فقائل منهم يقول: لن يصبر وسيعود إلى حالته السابقة، وآخر يقول: أيام وأسابيع وسيرجع إلى سابق عهده، وآخر يقدم له النصيحة فيقول: مالك وهذا الطريق فأنت على خير؟! سبحان الله! لا يصلي ولا يصوم ولا يقيم حدود الله ويغرق في بحار المعاصي ويقول له: أنت على خير، أي خير هذا؟! قال الله جل في علاه: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ * أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ * فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ [الزخرف:36-44].

    هكذا حال الغارقين، لا يريدون أن يغرقوا بمفردهم، ولو حاولت إنقاذهم أغرقوك معهم، وكما قيل: ودت الزانية لو زنت جميع النساء حتى يصبحن سواء، عجباً لهم! بدل أن يفرحوا لهداية صاحبهم واستقامته يخططون كيف يردونه إلى شواطئ العصيان!

    جاءتنا الأخبار أنَّ أحد الشباب سلك طريق الاستقامة وركب سفينة النجاة، وبدأ يحافظ على الصلاة ويحفظ القرآن، بدأ يتذكر أصحاباً له لا زالوا يغرقون في لجج المعاصي والآثام، ودَّ لو أنهم ركبوا معه في سفينة التوبة والنجاة، وانضموا إلى قوافل العائدين، زارهم وليته لم يفعل! وهذه نصيحة لكل تائب وجديد في طريق الاستقامة، لا تذهب لأصحاب الماضي وحيداً، خذ معك من يعينك على دعوتهم؛ لأنَّ الكثرة تغلب الشجاعة.

    زارهم يريد لهم الهداية؛ فبدأ الهجوم عليه من كل الجهات، أتذكر يوم كذا وكذا، وعلت الأصوات، وانطلقت الضحكات، وقام من عندهم بعد أن جددوا جراحاً ماضية، وحركوا في القلب والنفس أشياء، وبدأ الصراع من جديد، جاءوه بعد أيام يعرضون عليه السفر إلى مكان قريب بقصد شراء سيارة، قالوا له: نريد من يذكرنا بالله ويؤمنا في الصلاة ويعلمنا الجمع والقصر، فزينت له نفسه السفر وانطلق معهم، وليته لم يفعل!

    هناك حيث يُعصى الله استأجروا شقة مفروشة وتركوه فيها، وذهبوا وهم يخططون كيف يعيدونه إلى شواطئ الضياع مرة ثانية، أمضوا ليلتهم في سهرة ليلية بين خمر وغناء، وهو هناك ينتظرهم، اتفقوا مع بغي زانية فاجرة على أن يدفعوا لها الثمن أضعافاً مضاعفة إن هي استطاعت أن توقع صاحبهم في الفاحشة.

    الله أكبر! يدفعون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، أدخلوها عليه، ومعها خمر وشريط غناء، حتى تكون الليلة حمراء، والخمر مذهب للعقل، والغناء بريد الزنا، خلت به وخلا بها (وما خلا رجل بامرأة إلاَّ كان الشيطان ثالثهما) ولا زالت به حتى سقته كأساً من خمر، ثم ثانية ثم ثالثة ثم وقع المحظور، وانهدم في لحظات بنيان لطالما تعب حتى بناه، نام في فراشه عارياً مخموراً والعياذ بالله!

    فلما أصبح الصباح جاء شياطين الإنس يطرقون الباب وضحكاتهم تملأ المكان، فتحت الفاجرة لهم الباب، فقالوا لها: هاتِ ما عندك، ما الخبر؟ ما البشارة؟ قالت: أبشروا أبشروا فقد فعل كل شيء، شرب الخمر وزنا ثم نام وهو عريان في فراشه الآن! تباً لهم ولأمثالهم أيفرحون ويستبشرون أن عُصي الله؟! يفرحون أنَّ صاحبهم زنا وشرب الخمر، بعد أن كان يصلي ويقرأ القرآن؟!

    دخلوا عليه ضاحكين شامتين وهو مغطىً في فراشه، أيقظوه، فلان فلان فلم يجبهم، فكرروا النداء فلان فلان فلم يجبهم، حركوه وقلَّبوه في فراشه فلم يستيقظ.

    اسمع الفاجعة، صاحبنا شرب الخمر وزنا ونام، ومات من ليلته في فراشه على أسوأ ختام، إنا لله وإنا إليه راجعون! يالله! أما كان صاحبهم يصلي ويصوم ويقرأ القرآن؟! أليس قد جاء معهم يريد لهم الهداية فأرادوا له الغواية؟! لقد دفعوا أموالهم وأوقاتهم ليصدوه عن سبيل الله، فهل سينقذونه من عذاب الله، أي أصحاب هؤلاء؟!

    وصدق الله حين قال: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا [الفرقان:27-29].

    فلا تصحب أخا الفسق وإياك وإياه

    فكم فاسق أردى مطيعاً حين آخاه

    هكذا حال الغارقين، تريد إنقاذهم فإذا هم يخططون لإغراقك معهم؛ لأنهم يغرقون، قال جل في علاه: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ * أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ [المؤمنون:54-56]، وقال سبحانه: أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء:205-207]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه) رواه ابن ماجة وحسنه الألباني رحمه الله.

    ماذا صنعت بهم الذنوب؟! قال سبحانه: قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [الأنعام:11]، وقال: هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:138] وقال عز من قائل: أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ [غافر:21-22].

    اسمع ماذا صنعت الذنوب والمعاصي والآثام، وكم دمرت من أمم وأفراد وأقوام، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا وسببه الذنوب والمعاصي؟! أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:165]، ما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء؟ طرده الله ولعنه، ومسخ ظاهره وباطنه، وجعل صورته أقبح صورة وأشنعها، وباطنه أقبح من صورته وأشنع، وبُدِّل بالقرب بعداً، وبالرحمة لعنةً، وبالجمال قبحاً، وبالجنة ناراً تلظى، وبالإيمان كفراً، فهان على الله غاية الهوان، وسقط من عينه غاية السقوط، وحلَّ عليه غضب الربّ تعالى فأغواه ومقته أكبر المقت، فأرداه الله فصار قائداً لكل فاسق وفاجر، رضي لنفسه بالقيادة بعد تلك العبادة والسيادة، فعياذاً بك اللهم من مخالفة أمرك وارتكاب نهيك، قال الله للشيطان: قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ [الأعراف:18].

    ولقد حذرنا الله من مكره وكيده فقال: يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأعراف:27].

    ما الذي أوصله إلى تلك الحال؟ إنها الذنوب والتكبر على أوامر الله، ما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رءوس الجبال؟ وما الذي سلط الريح على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض، كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ [الحاقة:7]؟ وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى تقطعت قلوبهم في أجوافهم، وماتوا عن آخرهم؟ وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ثم نُقلت أرواحهم إلى جهنم؟ فالأجساد للغرق والأرواح للحرق، إنها الذنوب قال سبحانه: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ * وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ * فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً * إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ [الحاقة:4-12].

    ما الذي أرداهم وأوصلهم إلى تلك الحال؟ إنها الذنوب، وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سُمع نبيح كلابهم ثم قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها فأهلكهم جميعاً، ثم أتبعهم بحجارة من السماء فأمطرها عليهم، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعها على أمة غيرهم وللظالمين أمثالها؟ تدبر في قوله فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [هود:82-83] ما سبب هلاكهم وتدميرهم؟ إنها الفطر المنتكسة التي تشتهي الرجال دون النساء، إنها الذنوب وما أدراك ما الذنوب؟!

    وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل، فلما صار فوق رءوسهم أمطر عليهم ناراً تلظى؟ اسمع قول الجبار لما كذبوا رسوله: فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء:189-191].

    وما الذي خسف بـقارون وداره وماله وأهله إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ [القصص:76]؟

    وما الذي أهلك قوم صاحب ياسين حتى خمدوا على آخرهم، وقد حذرهم وقال لهم: يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ [يس:20]؟

    إنها الذنوب باختلاف أنواعها وتغاير أصنافها، قال سبحانه: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا [الإسراء:16-17].

    قال الإمام أحمد : حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا صفوان بن عمر قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير عن أبيه قال: لما فُتحت قبرص فُرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، قال: فرأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء! ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟! فقال: ويحك يا جبير! ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره! بينما هم أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما صاروا إليه! قال الحكيم الخبير: ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ [هود:100-108].

    حارت الأفكار في قدرة من

    قد هدانا سبلاً عزَّ وجلّ

    كتب الموت على الخلق فكم

    فلّ من جمع وأفنى من دول

    أين نمرود وكنعان ومن

    ملك الأموال وولى وعزل

    أين من سادوا وشادوا وبنوا

    هلك الكل ولم تغنِ القلل

    أين أرباب الحجى أهل النهى؟!

    أين أهل العلم والقوم الأُول؟!

    سيعيد الله كلاً منهم

    وسيجزي فاعلاً ما قد فعل

    1.   

    من أخبار الناجين

    من أخبار الناجين الذين ركبوا سفينة النجاة، في ثلث الليل الأخير في صلاة القيام ليلة التاسع والعشرين آخر ليلة في رمضان، ونحن نصلي القيام قرأنا بـ(ص) والدخان، ومرت بنا آيات وعظات، تأمل في قول رب البريات: هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ [ص:49]، ومع تلاوة هذه الآية، بدأت أصوات بكاء شاب صغير في العشرين من عمره ترتفع، بدأت الآيات تهز كيانه، وتحرك قلبه ووجدانه، قطَّع قلوب المصلين ببكائه، وفي الركعة الثانية بدأت آيات سورة الدخان تمر على المسامع لتحرك القلوب، اسمع كيف هانت أمة كاملة على الله لما عصت أوامره، وخالفت رسله، قال سبحانه: وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ * وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ * فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ * وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُغْرَقُونَ * كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ [الدخان:17-29].

    هانوا على الله يوم خالفوا أوامره، لم يستطع صاحبنا التوقف عن البكاء من شدة وقع الآيات عليه، ما أعظم القرآن وما أجمل آياته إذا لامست أوتار القلوب!

    اسمع بارك الله فيك واسمعي رعاك الله في سياق آيات سورة الدخان ذكَّرنا الله بموعد عظيم، موعد لا تنساه، سيجمع الله فيه الأولين والآخرين، سيأتي الغارقون في لجج المعاصي والآثام وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [الأنعام:31]، وسيأتي أهل الصلاح تنير الحسنات طريقهم ودروبهم، قال سبحانه: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ * يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الدخان:40-42].

    فماذا أعد الله لهؤلاء من العذاب؟ وماذا أعد الله لأولئك من النعيم؟ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ * إِنَّ هَذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ [الدخان:43-50] هذا ما أعد الله للغارقين في لجج المعاصي والآثام.

    فماذا أعد الله لأولئك الذين ركبوا سفينة النجاة، قال الله في سياق الآيات: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ [الدخان:51-59].

    صنعت الآيات في صاحبنا عجب العجاب، حتى أشفق المصلون على الشاب من شدة بكائه، ولما انتهت الصلاة التفوا حوله يهدئونه، ويذكرونه برحمة الله وفضل الله، جلست أتحدث أنا وإياه وهو مستمر في بكائه ويقول: والله إني خجل من الله، سنوات طوال وأنا أعصيه وهو يراني، لم أستح من نظره إلي واطلاعه عليّ! سنوات طوال ما صمت فيها ولا صليت، هذا أول رمضان في حياتي أصلي وأصوم وأقوم، كنت أغرق في وحل المعصية والرذيلة، لم يبق ذنب صغير ولا كبير إلا فعلناه وكررناه، سُكر وفواحش ومخدرات، أنام على الأغاني، أصحو على الألحان، أي حياة هذه!!

    ثم وأنا على هذه الحال وقبل رمضان بليلتين، مرَّ علي الأصحاب وقد جهزت لهم مسكراً ومخدراً، وجئت معي بالعود حيث إني أعزف وأغني لهم، كنا أربعة، أما اثنان منهم فقالا: لقد مللنا من هذا كله، آن الأوان أن نعرف معنى الحياة، لقد ضاع من عمرنا ما فيه الكفاية، ولقد صلينا الليلة العشاء في المسجد، ونريد أن تكون هذه بداية لحياة استقامة ونهاية لحياة الضياع، ولقد كانت بداية ونهاية.

    يقول صاحبنا: فنزلت أنا وصاحبي بعدتنا من خمر ومسكر، ومضوا هم في طريقهم أمام أعيننا، فإذا بأحد الشباب المستهترين يتلاعب بسيارته يمنة ويسرة وقد انطلق بسرعة جنونية، فانحرفت سيارته واصطدمت بسيارة الشباب في حادث فظيع ونحن نرى ونسمع، جئنا إلى السيارة مسرعين فإذا الشباب قد تقطعت أجسادهم، وسالت دماؤهم، وتكسرت عظامهم، وفاضت أرواحهم إلى باريها وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19].. قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الجمعة:8] .. كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185].

    سبحان الله! منذ لحظات كانوا معنا، قالوا لنا: مللنا حياة الضياع، هنيئاً لهم! صدقوا ومضوا في لحظات، هنيئاً لهم فلقد خرجوا لتوهم من المسجد بعد أن صلوا العشاء مع الجماعة، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح) أمسوا ولكنهم لم يدركوا الصباح.

    يقول صاحبنا: قلت لصاحبي الذي كان معي وأنا أبكي: كيف لو كنا معهم؟! بأي وجه وعلى أي حال كنا سنلقى الله؟! سنلقاه ونحن سكارى نحمل الخمر والمخدرات معنا!! ما أحلم الله علينا! كم ليلة بتناها على فواحش ومنكرات وهو يرانا.

    أخذ يروي خبره وخبر أصحابه ودموعه على خده، وأنا أقول في نفسي: هنيئاً لك هذه الدموع، هنيئاً لك هذا الندم، هكذا حال من يريد أن يركب في سفينة النجاة.

    أخذ يقول: وآخجلي من ربي، كيف طريق النجاة؟! وهل يقبلني بعد أن فعلت وفعلت وفعلت؟! هدَّأت من روعه وبشرته بشارات، بشرته بأنَّ الله غفار لمن تاب وآمن، بشرته بأنَّ التوبة تجب ما قبلها، بشرته بأنَّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له، بشرته أنَّ الله يبدل السيئات حسنات، بشرته أنه ليس أحد أفرح بتوبته من الله، بشرته أنه سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين.

    كان قد جاء من العمرة منذ ليلتين، شهد ليلة السابع والعشرين في الحرم، ولأول مرة يرى بيت الله، قلت له بعد أن هدأ قليلاً: اذهب الآن حافظ على الصلاة، واحمد الله أن مدَّ في عمرك وأمهلك، قال: الحمد لله الذي أمهلنا ولم يأخذنا على حين غرة، قلت: اترك صحبة السهر والضياع، والزم أصحاب الخير، اركب معهم سفينة النجاة، وأنا أنتظرك بعد أيام، أنتظرك بعد العيد لنتحدث أنا وإياك.

    اتصل علي بعد العيد بأيام، قال: سأصلي معك الفجر غداً إن شاء الله، جاء على الموعد، نظرت في وجهه فإذا هو بدأ يظهر عليه نور الإيمان ووقار الصالحين، قلت: صدق الله حين قال: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:122].

    لما تكلَّم ظهر من كلامه الراحة والاطمئنان، أول ما تكلم قال: ما أجمل صلاة الفجر وما أجمل القرآن! قلت في نفسي: سبحان الله! بالأمس معازف وألحان واليوم صلاة وقرآن، قال: جئت باثنين من أصحاب الماضي وهم على استعداد لركوب سفينة النجاة، فلقد ملوا حياة الضياع، قلت له: كيف ومتى بدأ الضياع؟! قال: بدأ وأنا في الأول المتوسط، بدأ بسيجارة ثم حبوب للمذاكرة، ثم سهر وتخلف عن الصلوات، ثم حشيش وخمر وفواحش ومنكرات، ثم سفر وضياع سبع سنوات على هذه الحال، وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ [الصافات:57] ما أحلم الله علينا! كم ليلة بتناها على فواحش ومنكرات! أخذ يقول: وآخجلي من ربي جل في علاه.

    قلت: احمد الله واستقم على طريق الاستقامة.

    1.   

    نصيحة ودعوة

    أنت يا من لا زلت تغرق أما آن الأوان لتتوب وتندم، وتقلع عن الذنب وتعزم، هل سنراك تسابق المصلين إلى الصف الأول أم ستبقى على تخلفك تتقاذفك الأمواج حتى يتخطفك الموت على حال لا ترضي ولا تسر؟!

    أما آن الأوان أن تنطرح على بابه وتفر إليه، وتقول:

    وقفت ببابك يا خالقي

    أقلّ الذنوب على عاتقي

    أجرُّ الخطايا وأشقى بها

    لهيباً من الحزن في خافقي

    يسوق العباد إليك الهدى

    وذنبي إلى بابكم سائقي

    أتيت مالي سوى بابكم

    طريحاً أناجيك يا خالقي

    إلهي أتيت بصدق الحنين

    يناجيك بالتوب قلب حزين

    إلهي أتيتك في أضلعي

    إلى ساحة العفو شوق دفين

    إلهي أتيت إليك تائباً

    فألحق طريحك بالتائبين

    أعنه على نفسه والهوى

    فإن لم تعنه فمن ذا يُعين

    أبوح إليك بما قد مضى

    وأطرح قلبي بين يديك

    بقايا الخطايا ودرب الهوى

    وما كان تخفى دروبي عليك

    1.   

    إلى من يريد النجاة

    تريد النجاة؟! سؤال أسألك إياه ولا أظنك ستقول: لا، تريد النجاة؟ إذاً اركب سفينة النجاة، تعرَّف على الله، تريد أن يكون الله معك فاحرص على تقواه، إذا أردت أن تُحفظ في نفسك وأهلك ومالك فاحفظ الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرَّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة).

    أما سمعت عن خبر الثلاثة الذين أخبرنا بخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين آواهم المبيت إلى غار، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت فتحة الغار فأصبحوا في ظلام دامس، لا يعلم بمكانهم أحد إلا الله، إنه الموت والهلاك المحقق إن لم يلطف بهم الله، فقالوا: لا ينجيكم اليوم إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم.

    فدعا الأول ببره بوالديه وأنه كان لا يقدم عليهم مالاً ولا ولداً، ودعا الآخر بترك الفاحشة والزنا وكان قادراً على ذلك، ودعا الثالث أنه أعطى الأجير أجره، وقالوا في دعائهم وتضرعهم: اللهم إن كنت تعلم أنّا فعلنا ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه، فلما علم الله صدقهم وإخلاصهم انفرجت الصخرة وخرجوا يمشون، فهم تعرفوا على الله في الرخاء فعرفهم في الشدة، وتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، فأي عمل سأتوسل به أنا وأنت إلى الله إذا آوانا المبيت إلى غار أو تهنا في الصحراء أو في القفار.

    يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا

    وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه

    كم نطلب الله في ضرّ يحل بنا

    لما تولت بلايانا نسيناه

    ندعوه في البحر أن ينجّي سفينتا

    لما وصلنا إلى الشاطئ عصيناه

    ونركب الجو في أمن وفي دعة

    وما سقطنا لأنَّ الحافظ الله

    قال ابن القيم رحمه الله: إذا استغنى الناس بالناس فاستغن أنت بالله، إذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله، إذا أنِسُوا بأحبابهم فاجعل أُنسك بالله، إذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقرَّبوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله، تعرف أنت إلى الله وتودد إليه وانطرح بين يديه؛ تنل بذلك غاية العز والرفعة، كما قال الله: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا [فاطر:10]، وقال: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ [المنافقون:8].

    أخيراً: اسمع بارك الله فيك هناك الحديث: (إن للتوبة باباً عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب)، وفي رواية: (عرضه مسيرة سبعين عاماً، لا يُغلق حتى تطلع الشمس من مغربها) فالباب مفتوح فالباب مفتوح فهلا ولجت!

    واعلم رعاك الله أنَّ الله نادى فقال: (يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم) ولقد سمعت النداء فهلا استغفرت!!

    اعلم يا رعاك الله أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل) والله يحب الاعتذار، فهلا أقبلت واعتذرت!

    ردد وقل: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، قل:

    أنا العبد الذي أضحى حزيناً

    على زلاته قلقاً كئيباً

    أنا العبد الغريق بلج بحرٍ

    أصيح لربما ألقى مجيباً

    فيا أسفي على عمر تقضَّى

    ولم أكسب به إلا الذنوب

    أنا المضطر أرجو منك عفواً

    ومن يرجو رضاك فلن يخيبا

    1.   

    رسالة تائب من الحاضرين

    قبل أن نختم وننتهي أود أن أقرأ لكم هذه الرسالة التي وصلتنا من أحد الحاضرين، يقول فيها: إلى الشيخ خالد أنا من أبناء المسلمين، لكني لا أصلي ولا أصوم، أنا كافر، لا أعرف معنى الإسلام، وها أنا اليوم أعلن توبتي أمام الله عز وجل ثم أمامك وأمام الحضور، فجزاكم الله كل خير، أريد أن تُقرأ رسالتي أمام الحضور، ها أنا أردد وأقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ها أنا أردد: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، ادعوا الله لي بالثبات، ادعوا لي بالثبات.

    اللهم أحي قلوباً أماتها البعد عن بابك، ولا تعذبنا بأليم حجابك، يا أكرم من سمح بالنوال! وأوسع من جاد بالإفضال، اللهم أيقظنا من غفلتنا بلطفك وإحسانك، وتجاوز عن جرائمنا بعفوك وإحسانك.

    اللهم اسلك بنا مسالك الصادقين الأبرار، وألحقنا بعبادك المصطفين الأخيار، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

    اللهم اقبل توبة التائبين.. اللهم اقبل توبة التائبين.. اللهم اقبل توبة التائبين، واغفر ذنوب المذنبين، ودلَّ الحيارى واهد الضالين، واغفر للحاضرين والغائبين، واغفر للأحياء وللميتين.

    اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل بلدنا هذا آمناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

    اللهم احفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين، ونسألك اللهم توبة نصوحاً قبل الموت، وشهادة عند الموت، ورحمة بعد الموت يا ربَّ العالمين!

    اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أقل من ذلك.

    اللهم عاملنا بما أنت أهله ولا تعاملنا بما نحن أهله، إنك أنت أهل التقوى والمغفرة.

    اللهم صل على محمد في الأولين، وصل على محمد في الآخرين، وصل على محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين.

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756418743