الجواب: الشرك: شرك أكبر وشرك أصغر وشرك خفي.
أما الشرك الأكبر: فمثل أن يصرف الإنسان شيئاً من العبادة لغير الله عز وجل، ومن العبادة الدعاء فإذا دعا الإنسان غير الله كما لو دعا نبياً أو ولياً أو ملكاً من الملائكة أو دعا الشمس أو القمر لجلب نفع أو دفع ضرر كان مشركاً بالله شركاً أكبر، وكذلك لو سجد لصنم أو للشمس أو للقمر أو لصاحب القبر أو ما أشبه ذلك، فإن ذلك شرك أكبر مخرج عن الملة والعياذ بالله: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72] ، وهذا في الأعمال الظاهرة، وكذلك لو اعتقد بقلبه أن أحداً يشارك الله تعالى في خلقه أو يكون قادراً على ما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل فإنه يكون مشركاً شركاً أكبر.
أما الشرك الأصغر: فإنه ما دون الشرك الأكبر، مثل: أن يحلف بغير الله غير معتقد أن المحلوف به يستحق من العظمة ما يستحقه الله عز وجل، فيحلف بغير الله تعالى تعظيماً له، أي للمحلوف به ولكنه يعتقد أنه دون الله عز وجل في التعظيم، فهذا يكون شركاً أصغر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك )، وهو محرم سواء حلف بالنبي أو بجبريل أو بغيرهما من الخلق، ويكون به مشركاً شركاً أصغر.
وأما الشرك الخفي: فهو ما يتعلق بالقلب من حيث لا يطلع عليه إلا الله، وهو إما أن يكون أكبر، وإما أن يكون أصغر، فإذا أشرك في قلبه مع الله أحداً يعتقد أنه مساوٍ لله تعالى في الحقوق وفي الأفعال كان مشركاً شركاً أكبر وإن كان لا يظهر للناس شركه، فهو شرك خفي عن الناس لكنه أكبر فيما بينه وبين الله عز وجل، وإذا كان في قلبه رياء في عبادة يتعبد بها لله فإنه يكون مشركاً شركاً خفياً لخفائه عن الناس لكنه أصغر؛ لأن الرياء لا يخرج به الإنسان من الإسلام.
الجواب: التخلص من الشرك الأصغر أو الأكبر بالرجوع إلى الله عز وجل والتزام أوامره فعلاً والتزام اجتناب نواهيه، فبهذه الاستقامة يعصمه الله تعالى من الشرك.
الجواب: هذان الحديثان باطلان موضوعان، ولا يجوز نسبتهما للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن على المسلم إذا كان بين قوم اشتهر فيهم هذان الحديثان أن يبين للناس بطلانهما حتى يحذروا منهما، ولا يجب على المسلم أن يقلد أحداً في عباداته ومعاملاته إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن اعتقد من الناس أن أحداً سوى الرسول صلى الله عليه وسلم يجب تقليده فإنه قد أخطأ خطأً عظيماً، وكما قال بعض أهل العلم: يستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لأنه لا أحد يجب تقليده إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كل أحد من الناس سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم معرض للخطأ كما أنه يكون موافقاً للصواب، فهو أي: قائل هذا القول: إنه لا بد للإنسان من شيخ يكون سائراً خلفه، قال قولاً خطأً على إطلاقه، صحيح أن من كان عامياً من الناس لا يعرف ما يقول فإن الله تعالى أمره أن يسأل أهل الذكر كما قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] ولكن هذا لا يلزم منه أن يتخذ شيخاً معيناً يقتدي بأقواله وأفعاله بحيث لا يدع قوله لقول أحد سواه، وإنما يتبع الإنسان من يغلب على ظنه أنه أقرب إلى الصواب، وأعني بذلك: من يغلب على ظنه أنه أقرب للصواب من العلماء الموثوقين بعلمهم ودينهم وأمانتهم دون الشيوخ المزورين الذين يظهرون للناس أنهم شيوخ طريقة، وأن لهم مكاشفات وما أشبه هذا مما يروجه مشايخ أهل البدع فإن هؤلاء المشايخ لا يستحقون أن يتبعوا في شيء من أقوالهم، بل الواجب أن يبين بطلان أقوالهم وما هم عليه من الضلال حتى يحذر الناس منهم.
مداخلة: أعتقد أيضاً أن الأمر لا يقتصر على مجرد تقليدهم بل قد يتعدى ذلك إلى تقديسهم والتماس الخير والنفع منهم أيضاً ودفع الضر عنهم؟
الشيخ: هذا ربما يكون وإذا كان كذلك فإنه يخشى أن يخرج بهم هذا الاعتقاد إلى الشرك الأكبر.
الجواب: قبل الجواب على هذه الأسئلة الثلاثة أو على بيان أحكام هذه الأصناف الثلاثة أقول: إنه يشكر البرنامج الذي يجعل هذه الجوائز للمتفوقين لما في ذلك من الإعانة على العلم والفهم لا سيما إذا كان مما يتعلق بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأحكام الشرع، ولكن أخشى على الذين يدخلون هذه المسابقات أن يكون غرضهم من ذلك نفس المادة أو نفس المكافأة المادية، فيضيع بذلك أجرهم فيما إذا كان من الأمور الشرعية، بل يأثمون بذلك فإن طلبهم العلم الشرعي بهذا الغرض طلب غير صحيح، وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: ( أن من طلب علماً وهو مما يبتغى به وجه الله لا يريده إلا لينال به عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة )، وهذا خطر عظيم فلا يجوز للمرء أن يدخل في مسابقة شرعية من أجل الحصول على هذه المكافأة المادية؛ لأنه جعل الأفضل والأكمل وسيلة لما هو أدنى، فإن علم أحكام الله عز وجل، وعلم معاني كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم أسمى وأعلى من أن يجعل وسيلة لينال الإنسان بها عرضاً من الدنيا، وبعد هذا فإن ما ذكره الأخ من الأصناف الثلاثة كله محرم:
أما الصنف الأول: وهو أن يجيب بعدة أجوبة ويكتب على كل جواب اسم أحد من أقاربه أو أصدقائه؛ فلأنه كذب وتزوير وخيانة للبرنامج ويكون سبباً لأكل المال بغير حق بل بالباطل فجمع ثلاثة أوصاف كل واحد منها يثبت به التحريم: الكذب والخيانة وأكل المال بالباطل؛ وعلى هذا فيكون هذا الفعل محرماً.
وأما الصنف الثاني: وهو أن يأخذ أجوبة من الناس يكتبونها له ثم يقدمها فهو أيضاً محرم؛ لأن هذا الرجل نقل الجواب من غيره، فهو جواب غيره وليس جوابه، وليس من هذا أن يبحث الرجل عن جواب هذه الأسئلة، إما في الكتب أو من أفواه أهل العلم بذلك؛ لأن المقصود من هذا البرنامج هو أن يصل الإنسان إلى العلم وليس كل أحد يكون عالماً للشيء بنفسه بل لا بد من المراجعة إما عن طريق الكتب وهو الأفضل والأولى، وإما أن يستعين بأحد من الناس فهذا جائز لا بأس به، ويدل لذلك أن الذين يقدمون هذه البرامج لا يمنعون من أن يستعين أحد بأحد، ولو كانوا يريدون ذلك لبينوه فكونك تأخذ الجواب مكتوباً من غيرك وتقدمه هذا حرام، وكونك تستعين بأحد من الناس بالبحث أو بالكتب فهذا لا بأس به ولا حرج فيه.
أما الصنف الثالث: وهو أن يكتب الجواب ثم يبيعه في الأسواق فهو أيضاً حرام على المشتري؛ لأن المشتري قدم جواباً لغيره فيكون كذباً وزوراً على هذه البرامج ثم إن فيه شيئاً من الغرر؛ لأنك قد تشتري هذه الورقة المتضمنة للجواب ثم لا تربح فيكون فيه شيء من الغرر والميسر وهذا حرام.
مداخلة: وآكل الثمن؟
الشيخ: وآكل الثمن أيضاً آثم؛ لأنه أعان على محرم، وقد قال الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
مداخلة: ما دام الاستعانة بين مجموعة هذا جائز لو حصل أن اجتمع مثلاً ثلاثة أو أربعة أشخاص وبحثوا جميعاً في حل هذه الأسئلة وبعث كل واحد منهم برسالة بعد أن توصلوا إلى الحل مثل هذا هل فيه شيء؟
الشيخ: هذا ليس فيه شيء؛ لأنه كما قلت المقصود من هذه الأسئلة أن يتحرك الناس ويبحثوا فيما بينهم أو في الكتب حتى يصلوا إلى العلم.
الجواب: الظاهر أن هذا لا يعتبر طلاقاً؛ لأن المقصود به تأكيد هذا الخبر الذي أخبرت به وهو أنك لم تزد على ما قررته الحكومة، فلا يكون حينئذٍ طلاقاً؛ لأن الطلاق إذا قصد به الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب كان له حكم اليمين على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وعلى هذا فامرأتك غير طالق منك بل هي زوجتك، وإذا كنت مكرهاً على هذا اليمين فإنه لا إثم عليك أيضاً، أما الكفارة فلا تجب؛ لأن كفارة اليمين من شروط وجوبها أن تكون اليمين على أمر مستقبل، أما اليمين على أمر ماضٍ فليس فيها كفارة وإنما فيها الإثم إن كان الإنسان كاذباً عالماً بكذبه أو عدم الإثم إن كان الإنسان صادقاً أو حالفاً على ما يغلب على ظنه.
الجواب: لاشك أن غلاء المهور سبب لقلة الزواج، والذي ينبغي إكثار الزواج حتى تكثر الأمة ويكثر نسلها ويحصل لها الخير؛ ولهذا ينبغي للمسلمين عموماً أن يحرصوا على تقليل المهر مهما أمكن؛ لأن في تكثير المهر مفاسد:
المفسدة الأولى: أنه خلاف السنة، فإن أهل العلم يقولون: يسن في الصداق التخفيف.
ثانياً: أنه سبب لحرمان البركة؛ لأن من بركة النكاح أن يكون يسير المؤونة.
ثالثاً: أن غلاء المهور سبب لإبقاء الزوجة أو للتمسك بالزوجة مع سوء العشرة؛ لأن الرجل إذا علم أنه لن يجد زوجة إلا بمهر كثير وأنه قد سلم مهراً كثيراً لهذه الزوجة فإنه يتمسك بها وإن كانت العشرة بينهما سيئة، وفي هذا من التعب النفسي والبدني ما هو ظاهر، فلا يكاد يطلقها أبداً، لكن لو كانت المهور يسيرة لكان الإنسان يمكن أن يطلق إذا لم يكن الاجتماع بين الزوجين.
الأمر الرابع: من مفاسد تكثير الصداق أنه إذا ساءت العشرة بينهما ولم يمكن البقاء فإن هذا الزوج قد يطلب المخالعة بأن يردوا عليه ما أعطاهم ثم يكلفهم، أي: يكلف الزوجة وأهلها بعد ذلك مبالغ باهظة قد لا يستطيعون القيام بها، هذه من مفاسد تكثير المهور، والذي أحب من عامة المسلمين أن يقوموا به هو أن يحرصوا غاية الحرص على تقليل المهور، وتكون البداءة بهذا الأمر من الكبراء والرؤساء وذي الجاه والشرف حتى يتبعهم الناس في ذلك، فإن الناس إذا رأوا أعيانهم وكبراءهم وشرفاءهم قد قللوا من المهور تبعوهم في هذا، ومثل هذه الأمور لا يكفي فيها القول أو الكتابة بل لا ينفع فيها نفعاً مؤثراً إلا إيجاد ذلك بالفعل، فإذا تحدث الناس أن فلاناً دفع هذا المهر القليل وزوجوه وهو من الأعيان والشرفاء والوجهاء هان عليهم بعد ذلك أن يزوجوا بمهور قليلة.
الجواب: بكل بساطة نقول لهؤلاء المدعين أنهم من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أثبتوا لنا ذلك ببرهان قاطع من الناحية التاريخية، ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق له أولاد بلغوا وتزوجوا وأنجبوا، وإنما أولاده الذين ينسبون إليه ليسوا أولاده لصلبه، وعلى هذا فنقول لكل من ادعى أنه من آل البيت من هؤلاء: أثبتوا لنا ذلك من الناحية التاريخية، فإن عجزوا عن الإثبات تبين بطلان قولهم وكذبهم، وإن ثبت ذلك من الناحية التاريخية فإننا نقول: ليس كونكم من الذرية أو من آل النبي صلى الله عليه وسلم بمجدٍ عنكم شيئاً إذا لم تكونوا على شريعته، فإن المهم أن تكونوا على شريعة النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كنتم على شريعته حقاً فإن لكم حق الإسلام وحق القرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم، ومجرد القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تغني شيئاً، فهذا أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم أخو أبيه لم يغن عنه قربه من النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، بل أنزل الله تعالى سورة كاملة من القرآن في فضيحته إلى يوم القيامة: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ [المسد:1-5].
والحاصل أننا نحتاج في هذه الدعوى إلى إثباتها من الناحية التاريخية، ثم إذا ثبتت ننظر إلى حال هؤلاء، فإن كانوا صالحين حقاً يتمشون على شريعة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً، فإن لهم حق الإسلام وحق القرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكونوا كذلك فإنهم دجالون ولا يستحقون شيئا ولا بركة في أعمالهم ولا في أحوالهم، والظاهر ما دام هؤلاء الجماعة يمشون على القرى وعلى السُّذَّج من الناس ويدعون. ما يدعون الظاهر أنهم كاذبون فيما ادعوا وأنهم غير مستقيمين أيضاً على ما ينبغي منهم في شريعة الله سبحانه وتعالى، وحينئذٍ فلا يستحقون شيئاً من التعظيم أو الإكبار أو إتحافهم بالهدايا وغيرها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر