ما زلنا مع هذه الشموس المشرقة، مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحن اليوم مع موعد مع طلحة الخير ، طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وأرضاه، فهو قرشي مكي، وكنيته أبو محمد ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وكان من السابقين إلى الإسلام، أوذي في الله، ثم هاجر، وغاب عن وقعة بدر في تجارة له بالشام، وتألم لغيبته، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، وهذا مصداق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أقواماً بالمدينة ما سلكتم وادياً إلا كانوا معكم، قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال: وهم في المدينة، حبسهم العذر)، إذ إن كل إنسان يعامل بنيته، فمن كانت نيته حسنة عامله الله بهذه النية، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
وعن جابر قال: (لما كان يوم أحد وولى الناس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية في اثني عشر رجلاً، منهم
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو و
عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت مروان بن الحكم حينما رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في عين ركبته، فما زال الدم يسيح حتى مات. قلت: قاتل طلحة في الوزر بمنزلة قاتل علي ، ولذلك علي بن أبي طالب ذهب إلى طلحة وأزال عن وجهه التراب وبكى ويقول: لقد أعز علي أبا محمد أن أراك في هذا الموقف.
فقال: معاذ الله. فقد اتفق المسلمون من المهاجرين والأنصار على إمارة أبي بكر ، ولذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه بايع متأخراً، فأخذ القوم عليه ذلك، فبرر هذه البيعة المتأخرة على أنه أراد أن يرضي فاطمة ؛ لأن فاطمة أخذت في صدرها على أبي بكر رضي الله عنه وأضاه، وهي مخطئة أيضاً؛ لأنها أرادت الإرث بعد والدها صلى الله عليه وسلم، فـأبو بكر بين لها أن كل نبي إذا مات لا إرث له، وكل ما تركه صدقة، وكان الحق مع أبي بكر ، لكن علي بن أبي طالب أراد أن يمالئها حتى لا يغضبها عليه، وهي سيدة نساء العالمين، فلما ماتت ذهب فبايع أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه، حتى إنه قال: قد رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر لديننا فما لنا لا نرضاه لدنيانا، فهذه دلالة عظيمة على أن علي بن أبي طالب يعرف مكانة أبي بكر وطلحة وغيره من المسلمين، فإن علي بن أبي طالب كان على منبر الكوفة وهو يخطب، فقام رجل؟ فقال: من خير الناس يا علي ؟ كأنه يلمح بأن علياً سيقول: أنا خير الناس، فقال علي بن أبي طالب خير الناس بعد رسول الله أبو بكر ثم عمر ومن فضلني عليهما جلدته حد المفتري الكذاب، يعني: ثمانين جلدة.
وابن مسعود يقول: ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله كذلك، وما رآه المسلمون سيئاً فهو كذلك -يقصد بالمسلمين صحابة رسول الله- قال: وقد أجمع المسلمون من المهاجرين والأنصار على خلافة أبي بكر ، ولذلك قال طلحة : (معاذ الله إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأعلم كلمة لا يقولها رجل يحضره الموت إلا وجد روحه لها روحاً حين تخرج من جسده، وكانت له نوراً يوم القيامة، فلم أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، ولم يخبرني بها، فقال
قتل رحمه الله ورضي الله عنه في سنة ست وثلاثين وهو ابن ثنتين وستين سنة أو نحوها، وقبره بظاهر البصرة، ولـطلحة أولاد نجباء أكبرهم محمد وكان شاباً خيراً عابداً قانتاً لله حنفياً، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم الجمل أيضاً، فحزن عليه علي وقال: قتله بره بأبيه، يعني: هو ما خرج للقتال إلا براً بأبيه، وهذا أيضاً كان اجتهاداً خاطئاً، فرضي الله عن الصحابة أجمعين، ونسأل الله جل في علاه أن يجعل ألسنتنا مكفوفة عن هؤلاء، وأن نترضى عنهم جميعاً في المجالس.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر