الجواب: الحياة الطيبة هي الإيمان والعمل الصالح الذي يجعله متصلاً بربه يأنس به، وكلما عمل عملاً طلب ما هو أفضل منه إلى أن يلقى ربه، فهذه هي الحياة الطيبة، وهذه هي التي يعبر عنها بجنة الدنيا، فيقول بعض العلماء: (إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة) فهي نعيم يجده كلما وقع في شيء؛ لأنه إما عمل يكتسب به أجراً، أو مصيبة يكتسب بها أجراً: (عجباً للمؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)، وهكذا الذي يكون في حياة طيبة، فهو يعرف طريقه، ويعرف أين يسير، فهو آمن في عمله مطمئن، إلا أنه يخاف من ذنوبه، فقد تكون في أعماله غوائل ودواخل يخاف عليه منها، وإن كان من أشد الناس إيماناً.
فهذا عمر رضي الله عنه لما حضرته الوفاة، وصار الناس يذكرون له أعماله الجميلة الطيبة، قال: (وددت أني أخرج منها كفافاً) وهو أحد المبشرين بالجنة، هكذا الصالحون، وهذا معاذ رضي الله عنه الذي يقول عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنه يحشر أمام العلماء برتوة) لما حضرته الوفاة صار يقول: (اللهم إني أعوذ بك من ليلة صبيحتها إلى النار)، وهكذا يقول وهو واثق بربه جل وعلا تمام الثقة.
الجواب: قد يكون السائل يقصد هل الذنوب مقدرة أو غير مقدرة؟ أو هل سبب الذنوب من الإنسان؟ أفعال الإنسان مقدرة بلا شك، ولكن الإنسان له اختيار وقدرة وإرادة، فإذا فعل شيئاً بإرادته واختياره فهو مسئول عنه، وإن كان ذلك مقدر، ولا ينافي أن الله جل وعلا قدر على الإنسان الذنب، وأنه فعله بقدرته واختياره، فلا منافاة ، فإذا كان السائل يسأل عن هذا فالأمر واضح فأقول: إن الله جل وعلا خلق الإنسان عاقلاً، وبين له طريق الهدى من طريق الردى، وبين له الخير والشر، وأمره بأوامر محددة يستطيع أن يفعلها، ونهاه عن مناه معينة يستطيع أن يتركها، ثم وكل الأمر إليه وقال: هذا طريق الخير إذا سلكته فلك الجزاء الأوفى، وإن تركته فعليك العقاب، وأنت معرض لعذاب الله، فقد وكل الأمر إليه، فإذا فعل ذلك يكون قد استحق الجزاء بفعله؛ لأنه بإرادته واختياره، وإن لم يفعله فقد عصى واستحق العقاب، والأمور كلها مقدرة.
ولكن: ما معنى التقدير؟ هل معنى التقدير أن الله أجبره على هذا الشيء وقصره عليه وألزمه به؟ لا. ولا يجوز أن نفهم هذا.
التقدير معناه: أن الله علم أن هذا المخلوق سيوجد، وأنه سيفعل كذا وكذا بقدرته وإرادته واختياره، وهو الذي خلق المخلوق، وخلق إرادته وقدرته ومقدرته، وجعل ذلك إليه، فإذا فعل شيئاً فهو يقع عن قدرة الله وعن مشيئته التي جعلها للإنسان، فقد جعل الله للإنسان قدرة واختياراً وإرادة، فالإنسان ليس هو الذي يجعل في نفسه القوة، ولا الذي يجعل في نفسه الإرادة، ولكن الله هو الذي جعلها فيه.
إذاً: هو الذي خلق فعله ولكن جعله إليه باختياره.
وعلى هذا نقول: إذا آمن العبد فهو المؤمن حقيقة، وإذا صام فهو الصائم حقيقة، وإذا صلى فهو المصلي حقيقة، وليس الله تعالى وتقدس، وإن كان هذا مقدراً، وكذلك إذا كفر وإذا عصى فبذلك يستحق العقاب أو يستحق الثواب، فليس بين اختيار الإنسان وإرادته وفعله وبين تقدير الله معارضة، هذا هو الجواب إذا كان السائل يقصد هذا.
الجواب: إن كان السائل يقول: إن العسر يكون معه يسر. يعني: يكون اليسر مختلط معه فنقول: لا، ليس هذا هو المقصود، والمعنى: إذا وقع العسر فلا بد أن يتبعه اليسر؛ لأن الله أخبر: إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح:6] يعني: إذا حصل العسر يأتي بعده يسر، فالخير أكثر من الشر، وإن كان الشر سببه الإنسان، ولكن خير الله أكثر.
فالله كرر وقال: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح:5] ثم كرر إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح:6] فالعسر واحد؛ والأخير هو الأول، فإذا قلت مثلاً: رأيت رجلاً، ثم بعد ذلك قلت: رأيت الرجل. فالرجل المذكور هو الرجل الأول، فأما إذا رأيت رجلاً ثم قلت: رأيت رجلاً، فالرجل الثاني غير الأول، هذا رجل، وهذا رجل غيره، وهنا لما جاء العسر محلاً بأل (إن مع العسر يسراً) ثم جاء بعد ذلك محلاً بأل (إن مع العسر يسراً)، صار الثاني هو الأول، أما اليسر في الثاني فهو غير الأول؛ لأنه قال: (يسراً) ما قال: اليسر، فلما قال: (يسراً) دل على أن اليسر الثاني غير الأول، والمعية هنا لا يقصد بها الاختلاط، بل يقصد أنها تعقبه أو أنها تصاحبه.
الجواب: لا يلزم من هذا إحقاق العذاب عليه، وإذا أحقه الله عليه فهو حق، وهذا من الوعيد الذي نقول: إنه تحت مشيئة الله، فهو فعل فعلاً يكون سبباً لدخوله النار: إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا [النساء:10] يعني: أن هذا سبب في دخول النار، ولكن هل هذا يتحقق؟ لا يلزم أن يتحقق، فقد يتوب إلى الله جل وعلا، فيعفو عنه، وإن لم يتب ومات مصراً على أكله مال اليتيم، لا يلزم أن الله ينفذ ما أخبر به، فقد يتوعد ويعفو، فالأمر إليه، بخلاف الشرك الذي أخبرنا أنه لا يعفو عنه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] فهذه الآية داخلة في قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] فأكل مال اليتيم دون الشرك، وهو داخل في ما هو (دون ذلك).. فلا منافاة بين كلام الله جل وعلا.
الجواب: بلا شك أنه آثم، والله يعلم ما في قلبه، وسوف يجزيه على ذلك، ولا بد من تسليم الرضا، والأعمال والأقوال وأعمال الجوارح تبعاً لما في القلب، فإذا كان القلب ساخطاً فهو الملك الذي تتبعه جنوده، والجوارح واللسان منها، فتكون تابعة له ساخطةً مثله، ولكن قد يظهر وقد لا يظهر.
الجواب: هذا سؤال عجيب! الإنسان أمر بفعل الأسباب، وفعل الأسباب امتثالاً لأمر الله جل وعلا طاعة، فإذا أصيب الإنسان بمرض فلا يجلس في البيت حتى يموت، ولكن كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (تداووا عباد الله! فإن الله ما أنزل داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله) إلا داء واحد وهو الموت، فإنه لا دواء له، فالتداوي من الأسباب التي أمر الله بها، وكذلك سائر الأسباب الإنسان مأمور بها، وفعل السبب غير مناف للصبر، ولا مناف للتوكل، بل هو منه.
فالشيء الذي أمرت به فافعله؛ فإن تركته فأنت ملوم، ولا يتركه إلا ضعيف العقل أو لا يعلم الشرع.
الجواب: لا ينافي المبالغة؛ لأن أكثر المسلمين ليسوا على الطريقة الكاملة، ومع ذلك لا يقال: إنهم مرتكبون لجرائم وعظائم، من الذي يستطيع أن يكون على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه الكامل؟ لا أحد، بل من الذي يستطيع أن يكون على طريقة الصحابة؟ ومعلوم أن الجنة رتب دخولها على أمور سهله، مثل: إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج، هذه مع شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
ولكن المكملات هذه فيها اكتساب الدرجات في الجنة، وهي تتفاوت تفاوتاً عظيماً جداً، أما هذا لا ينافي ذلك.
الجواب: الناس يختلفون في هذا، فمنهم من تكون المصيبة أفضل له من العطاء؛ فإنه يجد فيها من انكسار القلب والرقة والرجوع إلى الله بالتوبة ما لا يجده فيما إذا أعطي نعمة.
الجواب: الدنيا لا تفعل أي شيء، لكن يقول: لا ندري ما يحدث لنا، والدنيا في يد الله جل وعلا، وهي عبارة عن الليل والنهار وجريان الأمور فيها.
الجواب: الرثاء إذا كان فيه ذكر الندب كفعل بعض الجاهلية فهو من هذا الباب، أما إذا كان مجرد ذكر أعماله والثناء عليه بها، وليس من الندب؛ فلا.
الجواب: النياحة ليست بأن تذكر المحاسن، فالنياحة أن يذكر حظوظه منه، ويندبه بحظوظه التي كان يتحصل عليها منه، ويرفع صوته بها أو يفعل فعلاً محرماً.
الجواب: قال بعض العلماء: إنه مستحب إذا كان ليس فيه شيء منهي عنه.
الجواب: لا ينافي الصبر، فدمع العين وحزن القلب لا ينافي الصبر، بل هذا أفضل من الذي لا يكون قلبه حزيناً، ولا تكون عينه دامعة، جاء عن بعض السلف أنه مات ابنه فضحك، وقال: أنا أرضى بما رضي ربي به، فهذا ليس أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لما مات ابنه ذرفت عيناه وقال: (يحزن القلب، وتدمع العين، ولا نقول إلا ما يرضي الرب جل وعلا) فليس الذي لا يبكي أو قد يضحك أكمل من الذي تدمع عينه، ويحزن قلبه، فدمع العين وحزن القلب رحمة، والله يرحم بها، وهذا دليل على أنه يثاب عليه.
الجواب: نسأل الله العافية! هذا معناه أن حياته صارت متعلقة بالميت، وهذا لا يجوز أن يحدث، ويجب على الإنسان أن يصبر، ومن فعل ذلك فقد ارتكب جرماً وترك ما أمر به؛ لأنه مأمور بالصبر.
الجواب: التمني يعني: الكلام، ليس الإيمان بالكلام المجرد، ولكن الإيمان بالفعل الذي يكون في القلب أو يكون بالأعمال.
الجواب: الصوت الفاجر: مثل الغناء عند النعمة، والطرب والرقص أو ما يشبه ذلك، فهذا الصوت الفاجر.
الجواب: المصيبة هي التي يفقد الإنسان بها نعمة أنعم الله جل وعلا بها عليه من ولد، أو أب، أو أخ، أو مال، أو مرض يصيبه، أو ما يشبه ذلك، فهذه مصيبة.
أما الابتلاء فهو أعم من هذا، فالابتلاء قد يكون بالنعم، وهذا قد يكون أصعب من الابتلاء بالمصائب؛ لأنه ينسى بذلك آخرته وينسى ربه، فكثير من الناس يصلح قلبه بالفقر والمرض والابتلاء، ويفسد قلبه بالنعم؛ لأنه كما قال الله جل وعلا: كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [العلق:6-7].
الجواب: المآتم من أمور الجاهلية، لا يجوز أن يجتمعوا لمأتم يذكرون فيه محاسن الميت أو أن يتجمعوا لأجل حزن أو ما يشبه ذلك؛ فإن هذا من أمور الجاهلية التي كانوا يفعلونها.
الجواب: هذا لا ينبغي؛ لأنه يصير مقصوده بذلك الدنيا، أما إذا كان خشية المصائب من خشية عذاب الله؛ فيثاب عليه؛ لأنها خوف من الله، ولا يجوز أن يكون لأجل الدنيا فقط.
الجواب: الرضا أن يرضى بحالته التي هو فيها، ويصبح راضياً بها، يعني: لا يتمنى غيرها، ولا يتمنى أن يخرج عنها، فهذا هو حال الرضا، أما الصبر فيصبر على المصيبة التي أصابته، ويحمل نفسه على هذا الشيء، ولا يتضجر، ولا يتوجع، ولا يغضب من ذلك، بل يصبر ويسلم لله جل وعلا، فالصبر أسهل من الرضا؛ لأن الرضا فيه الصبر وزيادة على الصبر، والصبر لا يتضمن الرضا.
الجواب: نعم، وقد يكون هذا من التوبة، حيث يجد ضيقاً في نفسه، وتأسفاً على أنه وقع في ذلك، أما إذا كان الضيق ليس أسفاً على الذنب، ولا حزناً على فعله، فهذا يكون عقوبة، وقد تكون مكفرة وقد لا تكون مكفرة؛ لأنه من جزاء الذنب فعل الذنب الآخر بعده. ثم الله جل وعلا يقول: إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ [الانفطار:13-14] يقول العلماء: هذا عام في الدور الثلاث: في الدنيا، وفي البرزخ، ويوم القيامة، فالأبرار في نعيم في دورهم الثلاث، والفجار في جحيم في دورهم الثلاث، وإن كان يظهر من حاله للمشاهد أنه متنعم، وليس كذلك، فتجد عنده الهموم والخوف والشيء الذي هو نار في قلبه وجحيم، نسأل الله العافية!
الجواب: إذا أراد السائل صفات الله، فليسا بمعنى واحد، وإن كانت بعض معاني السخط قد تكون قريبة من معنى الغضب، ولكن هذه صفة، وهذه صفة، أما للناس فهذا شيء معروف؛ لأن الغضب من أثر السخط.
الجواب: الظاهر أنها مثل ما مضى، والراجح أنها مكفرات للذنوب، والناس يختلفون في هذا، فبعضهم تكون له مكفرات وزيادة أجر، واكتساب حسنات؛ لأنه ورد في الحديث: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على قدر دينه)، وهذا واضح؛ لأن هذا يكون للجزاء، وليس للتكفير فقط.
الجواب: بلا شك، وتكون هذه مصيبة أعظم؛ لكونه اتهم ربه، ومعنى ذلك أنه صارت له مصيبة أخرى، فأحدثت له مصيبة أكبر منها، وتصبح المصيبة لا أثر لها في تكفيرها السيئات، ويحتاج إلى مصيبة أخرى أكبر، نسأل الله العافية!
الجواب: يثاب في كل المصائب إذا صبر واحتسب.
الجواب: لا يجوز إطلاقه منفرداً، ولكن مقترناً بالنافع فيقال: الضار النافع، لابد أن يقرن الاثنين معاً.
الجواب: هذا فيه خلاف بين العلماء، فمنهم من يرجح أن عدم استعمال الدواء من التوكل على الله، وأنه أرجح، ومنهم من يعكس القضية، والصواب: أن الإنسان يتداوى؛ لأن الدواء سبب ولا ينافي التوكل.
الجواب: قلنا: لابد أن يكون الإنسان متقيداً بالشرع الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا كان هذا يجوز فعليه الدليل، والدليل على خلافه، وقد ثبت أن رجلاً قال: (ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله نداً؟!)، فلا يجوز أن يقول: استغفر لي؛ لأن الرسول لما توفي انتقل من هذه الحياة إلى حياة أخرى، وهو عندما يخاطبه أو يطلب منه شيئاً، فقد طلب من ميت، ومثله أن يطلب من الملك أو الجني الغائب، وهذا من الشرك بالله جل وعلا، فالصحابة رضوان الله عليهم لم يطمع فيهم الشيطان، وقد وقعوا في مشاكل وأمور صعبة ولم يطمع فيهم الشيطان، فلم يأتوا إليه يستفسرون منه أو يطلبون منه، وهم يعرفون دينه، ويعرفون ما جاء به، وكونه يأتي إنسان ويقول: هذا يجوز؛ نقول: عليك الدليل؛ لأن هذا شرع وعبادة، وكل عبادة يجب أن تكون مقيدة بالشرع، وإلا فهي مردودة على صاحبها، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ذلك، والله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة:67] فلو كان من الدين لبلغه، فإذا لم يبلغه فهو ضلال.
الجواب: ترك العمل الصالح خوفاً من أن يقول الناس: مراءٍ لا يجوز، والعمل من أجل الناس لا يجوز، وكله يدخل في الشرك، لكن يجب على الإنسان أن يجاهد نفسه دائماً، ولا يطيع الشيطان، فكونه مثلاً لو أمر بمعروف وقال له الشيطان: لا تأمر بهذا، حتى لا يقال لك: إنك مراءٍ، أو أنك كذا وكذا، فلا يطعه، والشيطان يحب هذا، ولكن الواجب على الإنسان أنه يعمل ويجتهد، وكل عمل يحتاج إلى جهاد، والأعمال بالنيات كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) والنية يجب أن تخلص لله جل وعلا، وإذا أخلص الإنسان نيته فلا عليه من قول الناس ولا يضره سواء قالوا أو لم يقولوا.
الجواب: إذا كان يخبر عنه ليذكر به، ويثنى به عليه؛ فهذا من السمعة التي هي رياء، ولكن إذا عمل الإنسان عملاً لله خالصاً، ثم ظهر للناس بدون فعله، فأثنوا عليه فهذا لا يضره؛ وجاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عنه فقال: (تلك عاجل بشرى المؤمن) ولكن لا يجوز أن يتأثر الإنسان بهذا، ويجب أن يكون أعرف بنفسه من غيره.
الجواب: معناه: إن النية صعبة، ومعالجة النية هو الأساس في العمل، ولكن الإخلاص يحتاج إلى مجاهدة؛ لأن حظوظ النفس تريد الشيء الذي تطلبه، وكون الإنسان يخالف نفسه ويقهرها يصعب على الإنسان.
الجواب: الشرك الأكبر هو ما كان مخرجاً من الدين الإسلامي، وإذا مات عليه الإنسان كان خالداً في النار.
والشرك الأصغر من عظائم الذنوب، لكنه لا يخرج من الدين الإسلامي، وإذا مات عليه الإنسان فلا يكون خالداً في النار، ويجوز أن يعذبه الله به.
إن الله جل وعلا يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] فأخبر أن الشرك غير مغفور لصاحبه، فلابد من المؤاخذة عليه. هذا هو الفرق.
أما الفرق في الضوابط بين هذه الأعمال نفسها، والتفريق بين العمل الذي يكون شركاً أكبر والعمل الذي يكون شركاً أصغر فهذا صعب؛ لأن العمل قد يكون ظاهره أنه صغير، وهو في نفس الأمر كبير، ويرجع إلى نية الإنسان ومقصده؛ ولهذا فالعلماء يعرفون الشرك الأصغر بالأمثلة، يقولون: مثل: الرياء، والحلف بغير الله، أو قول: (لولا الله وأنت)، (لولا الله وفلان)، و(أنا بالله وبك)، (توكلت على الله وعليك)، وما أشبه ذلك، وقد يكون هذا من الشرك الأكبر، وقد يكون من الشرك الأصغر، فليس الشرك الأصغر كل عمل يكون وسيلة إلى الشرك الأكبر، فهذا ضابط غير صحيح؛ لأن هناك أعمالاً تكون وسائل للشرك الأكبر، وليست من الشرك الأصغر.
الجواب: بأن يعرف إذا كان مخلصاً لله أم لا، لابد أنه يعرف هذا، ولكن كيف يعرف الآخر؟ هذا يظهر من أعماله وأقواله.
الجواب: العلاج: أن يعلم أنه عبد لله جل وعلا، وأن الذي يجزيه على عمله هو الله وليس الناس، وأن سائر الناس ذمهم لا ينفعه بشيء، والناس مثله، منهم من هو مساوٍ له أو أقل منه أو فوقه بالعمل الصالح: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13].
الجواب: لا، العمل الذي خالطه الرياء حابط، والله غني عنه، ولا يرده عليه.
الجواب: إذا كانت العبادة مثل الصلاة وغيرها فلا يعيدها؛ لأنها فرض سقطت في ظاهر الأمر، وإن كان معاقباً وآثماً بسبب الرياء، وإن كان يريد أن يثاب عليها فليعدها؛ لأن الإخلاص شرط في صحة العمل كما في الآية: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110] فذكر شرطين في صحة العمل:
الشرط الأول: أن يكون صالحاً، والصالح ما كان صواباً على السنة.
الشرط الثاني: أن يكون خالصاً لله جل وعلا.
فمعنى ذلك أنه إذا تخلف شرط من هذين الشرطين فالعمل غير معتد به شرعاً، ولا يثاب عليه، ولا يقبل منه، ويكون صاحبه معاقباً عليه.
الجواب: مثل الصدقة.. الأمر بالمعروف.. القيام بنفع إنسان ومساعدته ببدنه أو بماله أو ما أشبه ذلك.
يعني: شيء يرى ويتعدى نفعه للناس، فهذا الإخلاص فيه عزيز يعني: لا يكون خالصاً إلا عند من أيقن إيقاناً بأن الذي يتولى الجزاء هو الله، وأنه لا ينفعه قول الناس ومدحهم وثناؤهم.
الجواب: الإخلاص: أساسه النية، ويكون العمل خالصاً بنيته، ولا يكون فيه شيء لغير الله جل وعلا، فالإخلاص يدخل في النية وفي العمل، ومعلوم أنه لا يوجد عمل إلا بنية، فهي الأساس، ولهذا صار قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) هو الأساس في هذا.
وقالوا: إن هذا الحديث يدور عليه أمور الدين كلها، فإذا ضم إليه حديث عائشة وحديث النعمان بن بشير ، فهي ثلاثة أحاديث فقط تكفي في جميع دين الإسلام؛ لأن حديث النعمان بن بشير فيه أن الحلال والحرام من الله، ولا يكون حلال أحله فلان وحرام حرمه فلان.
وحديث عائشة فيه أنه يكون على السنة، فهو ميزان للأعمال الظاهرة، وهو قوله: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ، وحديث عمر ميزان للأعمال في الباطن: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذا هو الإخلاص.
الجواب: ما الفائدة من ذلك؟ ولكن الواجب أن الإنسان ينصح لأخيه ويحذره، أما أن تقول: هذا مراءٍ، فلا فائدة منه.
الجواب: هو أحسن من المجاهر؛ لأنه يستحي من الناس، والحياء من الناس مطلوب، ولكن يجب أن يكون الخوف من الله وليس من الناس، ومع ذلك فالذي يخفي المعصية أحسن حالاً ممن يظهرها؛ لأنه جاء في الحديث: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون) والمجاهرون: هم الذين يظهرون المعاصي ويجاهرون بها، وهؤلاء قد نزع الله منهم الحياء، ونزع منهم المخافة.
الجواب: النية دائماً تحتاج إلى تثبيت وتجديد؛ لأنه يعرض لها عوارض، وكل عارض يعرض لها يجب أن يصد بالتجديد والإخلاص.
الجواب: وكذا قوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون:4-7] فالويل يقوله جل وعلا لمن يستحقه؛ لأن العبد يجب أن يكون عبداً لله خالصاً فالمطفف همه الدنيا، ومقصوده الدنيا، ومقصوده قول الناس وأنظارهم؛ فاستحق أن يقال له (ويل).
الجواب: الخوف من مقامات العبادة، فيجب أن يكون خالصاً لله، فالخوف من الغيب ليس من الخوف الطبيعي، أو الخوف الذي يكون مع ذل وخضوع، فهذا يجب أن يكون لله جل وعلا وحده، ولكن الإنسان قد يخاف من الظالم، ولكن قلبه يلعنه ويشتمه، فمثل هذا ليس من العبادة.
الجواب: تفسيره ظاهر، فالشرك يحبط العمل، وهذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم حتى يتبين أنه ليس من الخلق مخلوق يصلح معه الشرك أصلاً، فالشرك محبط للأعمال مطلقاً: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] وهذا نظير قوله جل وعلا في آية أخرى: فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: الشرك، والشرك محبط للأعمال مطلقاً، وإن كان الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو معصوم صلوات الله وسلامة عليه أن يقع منه ذلك؛ ولكن ليبين جل وعلا أن الشرك أعظم الذنوب، وأنه لو وقع من أعبد الناس وأكثرهم اجتهاداً فإن عمله يحبط ويصير إلى النار؛ لأن الأنبياء هم خلاصة الخلق، فلو أشركوا لحبط ما كانوا يعملون.
إذاً: الشرك محبط للأعمال مطلقاً.
الجواب: يجوز في الشيء الذي يجوز، أما في الشيء الذي لا يجوز فلا، يعني: يجوز في الوكالة الجائزة، كأن يشتري له شيئاً يستطيعه أو يعمل له عملاً يستطيعه، فهذا يجوز أن يقول له: (توكلت على الله ثم عليك) أي: في هذا الشيء الذي يستطيعه ويقدر عليه، أما في الأمور التي لا يستطيعها فلا يجوز، حتى ولو قال: (ثم)، ولا يفيده ذلك.
الجواب: الشرك الأصغر غير محبط للعمل، ولكنة يحبط ما قارنه من العمل إذا كان من الرياء وما أشبهه، فإذا قارن الشرك الأصغر عملاً أحبط ذلك العمل المقارن، أما العمل الذي قبله وبعده فلا، وهو بخلاف الشرك الأكبر؛ فإنه يحبط العمل مطلقاً، فإذا أشرك الإنسان شركاً أكبر حبط عمله كله -نسأل الله العافية-؛ ولهذا إذا مات على الشرك فهو في النار خالداً فيها، وإن كان له أعمال سابقة صالحة فإنها تحبط.
الجواب: لأنه جعل الخوف من الناس كالخوف من الله، فترك العمل لله خوفاً من الناس ومن أقوالهم؛ فدخل في الشرك من هذه الناحية.
الجواب: الدنيا والآخرة ضرتان، إذا أهملت واحدة أضررت بالأخرى ولابد، فينبغي الإتيان بالأعمال التي أوجبها الله جل وعلا، وطلب مرضاته، ولا يجوز أن يقصد بها شيئاً من الدنيا، ويجب أن تكون خالصة لله جل وعلا، والدنيا ستأتي بعد ذلك فلا تكون همه، بل تأتي تبع ذلك، ولكن إذا كانت الدنيا مشتملة على العمل الصالح، مثل الجهاد، ففيه مغانم الكفار؛ فهذا لا بأس به، ولا يقال: إنه يريد المغنم، وقد أخبر الله جل وعلا عن ذلك في كتابه فقال: مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ [آل عمران:152] يعني: من المجاهدين من كانت إرادته شيئاً من الدنيا، ومنهم من لا يريد من الدنيا شيئاً، إنما يريد الآخرة خالصة، ولم يعاقب هؤلاء أو يقال: إنهم وقعوا في الشرك، لا، لكونهم فعلوا شيئاً جائزاً.
الجواب: لا. إذا كان يخاف من ربه فهذا يثاب على خوفه، والله جل وعلا إذا ترك أمره فإما أن يعفو وإما أن يعاقب، وعقابه إما أن يكون عاجلاً أو يكون آجلاً، وإذا كان عاجلاً فهو أسهل، وكونه يخاف من هذا يثاب على خوفه، لأنه خاف من ربه جل وعلا.
الجواب: حفظ القرآن والمتون الشرعية يجب أن يكون مقصوداً به وجه الله، لكن إذا كان هناك شيء تبع للتشجيع أو الإعانة، وجاءه بدون قصد؛ فلا بأس بأخذه.
الجواب: هذا يحتاج إلى دليل؛ لأن الحديث ظاهره العموم.
الجواب: هذا لا إشكال فيه، فالصدقة تدفع البلاء كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يجوز أن يتصدق لأجل أن يشفى مريضه فقط، لا يجوز هذا، بل يتصدق طلباً لمرضاة الله جل وعلا، ويكون الشفاء أو ما يريد من الدنيا تابع لذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر الإنسان إذا دعا بدعوة ألا يكون خائباً، فيحصل له واحدة من ثلاث:
- إما أن يعطى دعوته عاجلة.
- وإما أن يصرف عنه من البلاء ما هو أعظم من ذلك.
- وإما أن تدخر له في الآخرة، وهذا أفضل.
كذلك المتصدق لا يجوز أن يتصدق لأجل أن يكثر ماله، أو يصح بدنه، أو يشفى مريضه فقط، بقطع النظر عن ابتغاء فضل الله، وطلب مرضاته، وليس معنى ذلك أنه لابد أن يصرف نظره عن النفع الدنيوي.
المقصود ألا تكون الدنيا هي مراده فقط، ولكن أهم وأغلب وأعظم مراده يكون في الآخرة، ورضاء الله، وكونه يطلب عاجلاً في الدنيا لا يضره، والله جل وعلا يعلمنا فيقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].
ويجب أن يكون طلب كل شيء من الله ولو كان شيئاً يسيراً؛ كما قال بعض السلف: ( اطلب من ربك حتى ملح العشاء) وفي الأثر: (حتى شسع النعل إذا انقطع تطلب من ربك أن ييسر إصلاحه)، والمقصود أن الإنسان لا يكون منصرفاً كل الانصراف للآخرة أو للدنيا، بل كما قال الله: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].
الجواب: الإنسان الذي يعمل أعمالاً صالحة لا يريد بها إلا الدنيا، هذا هو المذموم، فلا يريد الآخرة أصلاً، بل يريد بها الدنيا فقط، هذا هو الذي يدخل في الشرك، أما إذا أراد بالأعمال الآخرة والدنيا وهو يطلبها من الله، فهذا شيء مطلوب، ويرغب الله فيه، ولا لوم على الإنسان في هذا، سواء كان ذكراً أو دعاء أو غير ذلك.
الجواب: إذا استولت عليه في الصلاة، فهو يفكر فيها دائماً، وشغلته عن صلاته وعبادته، فهو عبد على حسب ما قام بقلبه من العبودية، فإن العبودية تتفاوت، وقد تكون كاملة، وقد تكون جزئية.
الجواب: الولدان في الجنة ليسوا أولاداً لهم، بل خدم لهم.
الجواب: كون له مرضع في الجنة لا يدل على أن ولدان الجنة أولاد لهم.
الجواب: القتال في سبيل الوطن من أمور الجاهلية، فهو ليس في سبيل الله، بل في سبيل الوطنية، فإذا قاتل وطنية فهو في سبيل الوطن، والرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل حمية -الحمية هي الوطنية- ويقاتل شجاعة ليرى مكانه، ويقاتل لأجل قومه -يعني: يدافع عنهم- من منهم في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) إذا كان يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، أما ما عدا ذلك فهو في سبيل الشيء الذي يقاتل من أجله، إذا كان يقاتل لأجل الدنيا أو يقاتل لأجل الدفاع أو الانتصار أو ما يشبه ذلك، فهو في سبيل الذي يقاتل من أجله.
الجواب: نعم، بلا شك أن عشق الصورة أو المرأة أو غيرها وتعلق قلبه به حتى صار عاشقاً لها تعلق بغير الله، والعشق هو حب يصل إلى حالة يخشى عليه من الموت مع الشهوة، فهذا معناه أن قلبه غالباً يكون فارغاً من معرفة الله جل وعلا أو من عبادته.
الجواب: المضروبة التي قدرت بشيء معين، وفيها أسماء مكتوبة عليها ضرب، والضرب أن تكتب الأسماء عليها، والقدر المعين. يعني: أجزاء معينة كما هو معروف.
الجواب: الإنسان الذي يقرأ القرآن يعرف ما معنى الجنة والسكن فيها، فالإنسان إذا كان له مسكن في الجنة يسير فيه طويلاً، ولا يحتاج إلى اختلاط، يذهبون إلى السوق ويأخذون حاجاتهم، والله جل وعلا يقول عن الجنة: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72]، فليست كأسواق الدنيا وحال الدنيا التي يتهارج الناس فيها تهارج البهائم، فينبغي الإنسان أن يعرف قدر الجنة حتى يرغب فيها.
الجواب: معلوم أن الجاه هو حظ للنفس، وحظوظ النفس تزاحم مراد الله جل وعلا من العبد، كلما كان له حظ فمعنى ذلك أن له نصيباً من عبادة نفسه: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الفرقان:43] قد يتخذ هواه إلهاً، وقد تكون الإرادة أقل من ذلك، ولكنها تزاحم مرادات الرب جل وعلا حتى ينقص عمل الإنسان شيئاً ما، وعلى اختلاف ما يكون في قلب الإنسان تختلف أحوال الناس، فالناس لهم أحوال كثيرة جداً؛ ولهذا اختلفت مساكنهم في الجنة منهم من يكون في الفردوس، ومنهم من يكون في أدنى الجنة، ومنهم من يكون في الغرف؛ لأن قلوبهم في عبادة الله جل وعلا وحبه اختلفت اختلافاً عظيماً جداً، وقد قال السلف: إن أبا بكر رضي الله عليه ما سبق الصحابة بكثرة صوم وصلاة، وإنما سبقهم بشيء وقر في قلبه.
الجواب: المقصود بالشهيد شهيد المعركة، وليس كل شهيد، ولكن المقصود به شهيد المعركة الذي يقتل فيها، هذا الذي لا يجد ألم الموت إلا كقرصة القراد.
الجواب: سمعا، ولكنها فهما أن المقصود بالأمر بالمتعة الرفق بالناس، وليس أن الأفضل في الحج التمتع، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: بإجماع العلماء أنه إذا كان الإنسان في السنة الواحدة يستطيع أن يأتي بالعمرة بسفرة مستقلة، ويستطيع أن يأتي بالحج بسفرة، فالإفراد أفضل له.
فمراد أبي بكر وعمر : أن يأتي الإنسان بالعمرة مفردة وبالحج مفرداً فذلك أفضل، أما إذا كان لا يأتي في العمر إلا مرة أو يأتي من بلاد بعيدة، أو يشق عليه أن يسافر في السنة مرتين؛ فالأفضل في حقه أن يأتي بالحج والعمرة معاً، فليس هناك معارضة أبداً في قول أبي بكر وعمر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم.
الجواب: إذا كان مباحاً فهذا شيء، وإذا كان مأموراً به فهذا شيء ثان، فالمباح والمستحب لك أن تفعل ذلك أو تتركه.
الجواب: لا يستوون، والشهداء كثيرون، ولكن هذه الفضائل ذكرت لشهيد المعركة فقط، الذي يقتل في صفوف القتال مجاهداً ويراق دمه.
الجواب: هذا يختلف باختلاف الناس، فإذا كان الإنسان يجهل أشياء كثيرة من أمر دينه؛ فهذا حتماً عليه أن يتعلم قبل أن يجاهد، أما إذا كان قد طلب العلم، فهو يعرف ما أوجب الله عليه، وما حرم عليه، ويعلم الأحكام التي يحتاجها فالجهاد في حقه أفضل.
الجواب: نعم يؤجر، كما جاء في الحديث: (إن الخيل لثلاثة: رجل ربطها للفخر والخيلاء، فهي عليه وزر، ورجل ربطها في سبيل الله -يعني: يحمل عليها في سبيل الله- فله بذلك أجر، ورجل اتخذها ليقاتل عليها في سبيل الله فهذا الذي كلما عملت عملاً من مشي أو أكل أو غيره فله أجر ذلك).
الجواب: الصيام هنا ليس في معركة القتال، بل الصيام في سفر الجهاد في سبيل الله، أما المعركة فينبغي أن يفطر الإنسان ليتقوى بذلك على القتال، وهذا أفضل.
الجواب: إذا كان يريد ذلك فهو قد شرك بين الخير والشر، وهو لما غلب عليه؛ لأن الواجب أن يخلص في العمل، وكونه مثلاً: يطلب المغنم وقد خرج في سبيل الله لتكون كلمة الله العليا ويتحصل على المال والمغانم، ولكن هذا يكون تبعاً؛ ففضل الله واسع، فهو يرجو من فضل الله أن يحصل على المغنم، ولكن لا يعدل بطلب المثوبة من الله شيئاً، لا يعدل به لا مغنم ولا غيره، أما إذا كان الأمر متعادلاً عنده فهذا قد شرك بين ما هو مطلوب وما هو من أمور الدنيا.
الجواب: هذا يحتاج إلى تفصيل؛ لأن الجهاد أحياناً يكون فرض عين، فمثل هذه الحالة لا يستأذن والديه، فمثلاً: إذا داهم العدو البلد الذي هو فيه من بلاد المسلمين، فهنا لا حاجة إلى أن يستأذن والديه ولا غيرهم، بل يتعين عليه أن يجاهد، ومثل ذلك: إذا أمره الإمام بعينه فإنه يتعين عليه، وإذا حضر القتال بين المسلمين والكفار فيتعين عليه أن يقاتل، ولا يحتاج إلى استئذان والديه.
أما إذا كان جهاد الغزو في سبيل الله، بأن يذهب ليقاتل في بلاد الكفار أو على حدود بلاد المسلمين أو ما يشبه ذلك؛ فهنا لابد من استئذان الوالدين، فإن أذنا وإلا فلا يذهب.
الجواب: من يقول: إنه لم يمت وهو قد مات الموتة التي كتبت عليه؟ لكن التنعم يكون بعد الموت، ولا معارضة في ذلك.
الجواب: نعم، العبارة صحيحة، والفعل صحيح.
الجواب: لا يلزم تحليله وتحريمه، فالمسألة مقيدة بما قلنا، ولهذا قلنا: الطاعة الخاصة. يعني: لا يطاع المخلوق في تحليل الحرام وتحريم الحلال، أما إذا كان ليس في ذلك شيء من هذا فالأمر واسع.
الجواب: لا يشترط الاستحلال، فالأمر واضح، فهو يبدل شرع الله، ولا يعقل أن الإنسان يفعل فعلاً وهو يعتقد خلافه.
الجواب: لا مانع من ذلك إذا كان يستعين على فهم النصوص بكلام العلماء، ولا سيما العلماء من السلف، وهذا مطلوب؛ لأن كون الإنسان يعمد برأيه هذا ليس هو المقصود، وهذا في الأمور التي ليس فيها نصوص واضحة.
الجواب: عجيب! ينحر الهدي في بلده ولا يجيء به إلى مكة؟! الهدي هو ما نحر في منى أو فجاج مكة، هذا هو الهدي، أما الذي يترك في البلد فليس هو هدي، الهدي ما يهدى إلى البيت.
الجواب: لا يجوز؛ لأن التمتع يجب أن يكون في أشهر الحج، ورمضان ليس من أشهر الحج.
الجواب: مثل هذا واضح، وهذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (يوشك أن يرفع العلم بقبض العلماء، ثم يأتي أقوام جهال يفتون بغير علم فيضلوا ويُضلوا) فخطر جداً أن الإنسان يعجب بعلمه؛ لأن العلم هو خشية الله جل وعلا كما يقول الله: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28].
الجواب: هذا غير صحيح، ولا يصح هذا القول ولا يجوز، والعلم ليس محصوراً في المذاهب الأربعة؛ لأن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة، وقد يؤتى الإنسان فهماً في كتاب الله جل وعلا ليس منصوصاً عليه في المذاهب الأربعة المعروفة، وكذلك الحوادث التي تحدث لا حصر لها في مسائل كثيرة ليست معروفة عن هذه المذاهب الأربعة، فكيف نستخرجها من المذاهب وهي غير موجودة فيها، والأصل أن نرجع إلى الكتاب والسنة، والواجب أن نستخرج الأحكام من الكتاب والسنة وليس من المذاهب الأربعة.
الجواب: هذا غير معذور؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يتبنى قولاً إلا بدليل، إلا إذا كان ليس من أهل العلم، والذي ليس من أهل العلم فعليه السؤال، ولكن عليه أن يجتهد، ويسأل الإنسان الذي يعتقد أنه أعلم، وأنه أتقى، هذه وظيفته.
الجواب: ليس فيها معارضة؛ لأن قول الكفار: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُنا يردون به دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لما قال لهم: لا تشركوا بالله جل وعلا، قالوا: أليس شركنا هذا وقع بمشيئة الله؟! فقال: نعم، لأنه ما من شيء يقع إلا بمشيئة الله. قالوا: إذاً وقوع الشرك بمشيئته دليل أنه راض بالشرك.
وهذا كذب ورد للدعوة. يعني: عارضوا الأمر بالقدر، فلهذا رد عليهم الله، والواجب أن الإنسان إذا أمر بأمر أن يأتمر ولا يقول: لا أفعل؛ لأنه ما كتب علي، كما يقوله بعض الجهلة إذا قيل له: صل، قال: لا، أنا ما كتب عليّ أن أصلي!
فنقول له: ما يدريك أنه لم يكتب عليك أن تصلي؟ ولكن أنت معاند، فأنت تستطيع أن تصلي، وأنت أمرت بالشيء الذي تستطيعه، أما الشيء المكتوب عليك فأنت لم تطلع على علم الغيب، ولم تعلم ما في اللوح المحفوظ، والواجب عليك أن تجتهد، فإذا أمرت بشيء ونهيت عن شيء فعليك أن تطيع، أما ما احتج به هؤلاء بقولهم: (لو شاء الله ما أشركنا) فهم يتبعون أهواءهم ولا يريدون أن يتبعوا الأمر، فخاصموا الرسول صلى الله عليه وسلم، وردوا أمره بقولهم: إن هذا قدر، والله شاء ذلك، وهذا شأن الذين يحتجون بالقدر؛ لأن هؤلاء لهم أتباع، وهذه حجة الشيطان حينما قال: فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف:16] وهو الذي أبى السجود مختاراً أن يسجد فغوى، فهو الذي أغوى نفسه.
الجواب: العداوة والبغضاء لهم ولما يعبدونه عموماً؛ لأنه قال في الآية: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الممتحنة:4] بدأ بهم ثم تبرأ من المعبودات ثانياً، فهي عداوة عامة. يعني: العابد والمعبود كلهم يعادون، ومعرف أن المعبود أصنام لا تعقل ولا تنفع؛ ولهذا قال لهم في مجادلته إياهم قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ [الشعراء:72-73] يعني: هل لهم نفع أو ضر؟ قالوا: لا، وفي النهاية قالوا: هكذا وجدنا آباءنا، وهذه حجة معروفة بين الناس.
والمقصود أن العداوة عامة: أن يتبرأ الإنسان من العابد والمعبود حتى يكون متأسياً بإبراهيم عليه السلام، ويستثنى من التأسي به عليه السلام الدعاء لأبيه، والاستغفار له، فقد قال الله: إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ [الممتحنة:4] فهذا لا يتأسى به فيه يعني: في كونه استغفر لأبيه، وإنما نتأسى به في معاداته وبراءته من الكفر وأهله.
الجواب: العزى واللات ومناة من أكثر الأصنام المعروفة في وقت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، لما جاء إلى قريش، وقد ثبت ذكرها وبيانها وبيان مواضعها، فالعزى كانت في قريش، وهي عبارة عن ثلاث شجرات -شجر سمر- قريبة من عرفات، في وادي نخلة، وكانوا قد بنوا عليها بيتاً، وكانوا يطوفون حولها، ويجلسون تحتها، ويذبحون لها، ويزعمون أنها تشفع لهم، وأحياناً يسمعون صوتاً من داخل الشجرة، وهو الشيطان يصوت لهم.
أما اللات: فهي عبارة عن صخرة منقوشة في الطائف لثقيف، ويقول بعض المفسرين: الأصل فيها أنه رجل كان يلت السويق. يعني: يخلط السويق بالسمن، ويقدمه لمن يأتي إليه إكراماً له، فلما مات دفن تحت هذه الصخرة، ونقشت، فصاروا يطوفون عليها، ويجلسون عندها، ويتبركون بها؛ فصارت من أكبر الأصنام.
وأما مناة فكانت لهذيل ولمن معها من القبائل، وكان الأنصار أيضاً إذا أرادوا الحج يمرون عليها، فكانت معظمة، وسميت مناة، وهي عبارة عن صخرات في مكان يطوفون عليها ويذبحون عندها، وهكذا بقية الأصنام مثل (هبل) و(نائلة) وغيرها كثير.
لما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وجد فيها أكثر من ثلاثمائة وستين صنماً منصوباً، وصار يطعنها بعصاً معه ويقول: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [الإسراء:81] وكلما أهوى إليها بالعصا سقطت، فحطمها صلوات الله وسلامه عليه كلها.
الجواب: يكون في الكل، يكون في اليقين والإيمان الذي هو تصديق القلب ويكون في العمل، هل تصديق آحاد الناس كتصديق أبي بكر أو تصديق عمر أو تصديق علي أو عثمان أو أشباههم؟ لا يمكن، بل الناس في آن واحد يتفاوتون في التصديق، حتى إن بعض المؤمنين لو شكك في أمور الآخرة شك، أو شكك في شيء مما يجب الإيمان به يشك؛ لأنه ليس عنده يقين يمنعه من ذلك الأمر، وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى أن يتوقف فيه، والذين خالفوا في هذا هم أصحاب بدع وأهواء لا يترسمون الدليل، ولا يتبعونه، وإنما يتبعون أقوال أئمتهم ومن يعظمونهم، وهذا سبق بيان حكمه، وهو مما يدخل في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا [النساء:60] فلهم نصيب من هذا، ولا يلزم أن يكونوا كفاراً، ولكن لهم نصيب من ذلك.
الجواب: الله خلق البحر مسخراً لبني آدم، وإذا عصى الإنسان فإن الله جل وعلا أخبر أن عصيانه فساد، فمعلوم إن الإنسان يكون في البر والبحر، فالبر والبحر لا يخلو من الناس؛ والمعنى: أن الفساد والعصيان يقع في البر وفي البحر، وأصبح الفساد والعصيان اليوم يقع في البر والبحر والجو، وفي كل مكان، والله عليم قدير، ولكن كونه نص على البر والبحر فليس معناه أنه غافل عن ذلك تعالى الله وتقدس، ولكن لو قيل للمخاطبين يومئذ وفي الجو؛ فإنه يستبعد ويستغرب أن يكون ابن آدم يطير في الجو.
الجواب: الإيمان المطلق هو الإيمان الكامل، ومطلق الإيمان هو الإيمان الناقص.
الجواب: ليس فيهما معارضة، وقد ثبت الجمع بينهما، وأن معنى قوله: (حتى تقوم الساعة) أو: (حتى يأتي أمر الله) أي: ساعتهم، وهي الريح التي تأتي من قبل اليمن، وتقبضهم بأمر الله، ثم بعد ذلك يبقى الناس يتهارجون تهارج الحمر ليس فيهم مؤمن.
الجواب: ما الذي يترتب على هذا؟ الذي لا ينطق بالشهادتين كافر باتفاق، فكيف يذهب إلى الصلاة؟ هل يصلي وهو كافر؟
الجواب: لا شك أن هناك فرقاً واضحاً، ولا أحد يقول بعدم الفرق.
الجواب: هذا يدل على أن نفي الإيمان المقصود به: نفي الكمال، وليس المراد نفي الإيمان كلياً، بل نفي كمال الإيمان عن السارق والزاني، ولا ينبغي أن يكون في هذا إشكال، بل يكون هذا دليل موافقة، ومعلوم أن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتضاد ولا يتناقض.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر