في هذه الليلة المباركة، نشير إلى بعض المشكلات التي يواجهها الكثير من الشباب، فحديثنا الليلة هو عبارة عن مشكلات واقعية للشباب.
أيها الأحبة.. الجسد الميت لا يشعر بالألم،
ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ |
وهذا الشهر الكريم هو من مواسم الخيرات، التي تتحرك فيها القلوب إلى رِبها جل وعلا، وربما أصغت الآذان إلى ذكره وربما لهجت الألسنة بذكره والثناء عليه، ولهذا لا غرابة أبداً، أن تجد الأوابين والتوابين تتكاثر جموعهم في هذا الشهر الكريم، وتغص بهم المساجد، وتكتظ بهم حِلق الذِكر، ولأصواتهم دوي بالقرآن الكريم، وربما كان في كثير من الأحيان لهم خنين وحنين وبكاء كلما سمعوا ذكراً أو وعظاً أو تخويفاً من نار أو ترغيباً في جنة أو دعوة إلى توبة، وهذا شأن المؤمنين الصادقين، فإن المؤمن الذي يؤمن بالله عز وجل وإن ابتعد، وإن استدرجه الشيطان خطوة خطوة، ونأى به عن ربه جل وعلا، فإنه سريع الأوبة والعودة إلى الله تعالى، لا يصر على ذنب، ولا يستمرئ معصية، ولا يستلذ مخالفة، وإنما تغلبه نفسه مرة بعد مرة بتسويل شياطين الإنس والجن، فإذا سمع داعي الله تعالى أجاب وأناب وهو يقول: لبيك لبيك، فنسأل الله عز وجل بمنه وكرمه، في هذه الساعة المباركة، أن يجعلنا وإياكم من التوابين، وأن يتقبل منا ومنكم أجمعين.
فأحد الرقاع التي بعث إليّ بها شاب يقول: أنا شاب نشأت وسط أسرة متدينة، ملتزمة بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم منذُ أن عرفت هذه الحياة، ويرجع الفضل بعد الله تعالى في ذلك إلى والدي -رحمه الله- الذي نشَّأ هذه الأسرة على الالتزام، ولكنني انحرفت عن خط سير هذه الأسرة نوعاً ما، حيث إنني الوحيد الذي ابتعدت عن الصراط المستقيم وقد بذل والدي رحمه الله كل ما يملك في سبيل هدايتي، وبذل النفس والنفيس، ولكن الله تعالى أراد شيئاً وأراد والدي شيئاً آخر، وكان ما أراده الله تعالى ثم رحل والدي عن هذا العالم إلى الدار الآخرة، وأكمل المسيرة من بعده أشقائي ووالدتي، ولكن جميع جهودهم لم يُكتب لها التوفيق، وأخبرك أن انحرافي لم يكن لسوء التربية دورٌ فيه، فأنا القاتل، وأنا القتيل، فما هي نصيحتك لي وأرجو الدعاء لي في هذا المقام أن يهديني الله تعالى وأن ينور بصيرتي؟
أما الدعاء، فقد بذلناه وسألناه جل وعلا، أن يهدينا وإياك إلى سواء السبيل، وأن يأخذ بأيدينا إلى ما يحب ويرضى، وأن ينور بصائرنا، ويرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، ويأخذ بأيدينا إلى مرضاته، ويكفينا شر أنفسنا، وشر شياطين الإنس والجن.
وعلامة ذلك المرض الخطير في القلب هو أن لا يتأثر بالقرآن ولا يخشع به، قال الله تعالى: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:185] وقال: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ [الجاثية:6].
وبين في مواضع أنه أنـزل هذا القرآن شفاء، وفي موضع شفاء لما في الصدور، وفي موضع أنه يهدي للتي هي أقوم، إلى غير ذلك مما وصف الله تبارك وتعالى به كتابه، فينصح الجميع بالإقبال على هذا القرآن، تلاوةً وقراءةً، وتدبراً، وتخشعاً، وسماعاً، وفهماً، وحفظاً، وإدراكاً، واجتماعاً عليه؛ لعل الله تعالى أن يُلين قاسي القلوب بتكرار الآيات والمواعظ فيه.
وإذا تأملت أن هذا القرآن هو كلام الله جل وعلا، خالق هذه القلوب ومبدعها عرفت السر في تجاوب القلوب الحية أو القلوب التي لا زالت على الفطرة مع القرآن الكريم.
قرأت في بعض القصص، أن رجلاً من أهل العلم سافر قبل سنوات إلى بلدان من بلاد العالم على متن سفينة، وكان معهم مجموعة من المسلمين، ومجموعات أخرى من غير المسلمين، وكان اليوم جمعة فأرادوا أن يقيموا صلاة الجمعة على السفينة، فاجتمعوا وقام ذلك الرجل وهو قد يكون عالماً أو مفكراً أو داعية، المهم قام وصلى بهم وخطب خطبة الجمعة، وبعد الصلاة تفرق الناس، فجاءت إليه امرأة غربية نصرانية، وتكلمت معه برطانتها وهي لا تعرف اللغة العربية، فقالت له: " ماذا قُلت قبل قليل حينما كُنت تتكلم". فقال لها: " إنه وعظ الناس وذكرهم وتكلم عن بعض المسائل وبعض الأمور التي تهم المسلم في دينه". فقالت له: " أنا لا أعرف اللغة العربية ولا أدري ماذا قلت، ولكنني أحس أن بعض الكلام الذي تقوله يتعاطف معه قلبي، وأنني إذا سمعت كلامك أشعر بخفقان في صدري، وأشعر أن قلبي يكاد أن يطير، ولا أدري ما هذا الكلام الذي تقوله" فقال لها: إن هذا هو القرآن وإني استشهد بشيء من آياته أثناء خطبتي.
وفي القديم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه لما جاء المدينة في فداء أسارى بدر، سمع النبي صلى الله عليه وسلم وكان يصلي بأصحابه فيقرأ بهم سورة وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطور:1-2] فدخل المسجد وسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ فأنصت له يقول جبير رضي الله عنه، وكان يومئذٍ مشركاً: [[فلما سمعت قول الله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ ...الآية[الطور:35-36]. كاد قلبي أن يطير فوقع الإسلام في قلبي من يومئذٍ]] ثم هداه الله تعالى وأسلم.
وقد قرأت مقالاً لأحد العلماء يقول: " إنه كان يوماً ما جالساً في مجلس لهو ولعب وسمر مع بعض أصحابه وزملائه، وكانوا يتحدثون ويتضاحكون، يقول: فصمتوا لحظة واحدة، ثم جاءهم من بعيد صوت قارئ يقرأ شيئاً من القرآن الكريم، قول الله عز وجل: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:59-62]. يقول: فكأن هذه الآية وقعت في أذني لأول مرة، وكأنه لم يخاطب بها غيري ولم أسمعها من قبل يقول: فأصابتني قشعريرة ورعشة في بدني ظلت معي أسابيع وأنا مضطربٌ مقشعرٌ، وفي أعصابي حال من الارتباك ما الله به عليم، من جراء تأثره بتلك الآيات".
وقد جاء في بعض الروايات أن المشركين لما سمعوا هذه الآيات أيضاً، وكانوا في مكة يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم يطاردونه ويطاردون أصحابه فسمعوا قوله تعالى: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ [النجم:59-61] يعني: غافلون لا هون فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:62] إنهم سجدوا عن آخرهم، وهم كانوا مشركين، إلا رجلاً منهم كان كبير السن لم يستطع أن يسجد فأخذ كفاً من تراب في كفه في يده ثم وضعه على جبهته وسجد عليه! فمن لم يعتبر بمواعظ القرآن فبأي مواعظ يعتبر؟! ومن لم يلن قلبه لكلام الله فكيف يلين قلبه لكلام الناس؟! ومن لم يخشع من هذا الذكر الحكيم فأي وعظ يمكن أن يخشعه أو يلين قاسي قلبه؟!
فالهداية موجودة، بحث عنها يهودي فوجدها، وبحث عنها نصراني فوجدها، وبحث عنها بوذي فوجدها، وبحث عنها هندوسي فوجدها، وبحث عنها وثني فوجدها، واهتدوا بهداية الله تعالى، ووصلوا إلى طريقه، وآمنوا به، فكيف تعز هذه الهداية على إنسانٍ يعيش في مجتمع مسلم، وولد من أبوين مسلمين، ونشأ في بيئة صالحة؟! إلا أن يكون هناك سبب يحول بينه وبينها.
الهداية إذاً موجودة ومبذولة، والله تعالى قد أقام الحجة على عباده: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء:15]
ويقول الله عز وجل عن المشركين وهم يعذبون في النار يوم القيامة قال: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ [الملك:10-11].
فهم اعترفوا أنهم أهل لهذا العذاب مستحقون له جديرون به، ولم يتعذروا بأنه لم يبلغهم شيء، أو أنه حال بينهم وبين الهداية حائل، أو منعهم منها مانع!!، كلا، بل اعترفوا كما ذكر الواحد الأحد، جل وعلا، في محكم تنـزيله: (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ) وأنهم جديرون بهذا العذاب مستحقون له، حتى إنه لا يدخل النار أحد قط، إلا وهو معترف بأنه من أهل النار، وأنه مستحق لها ليس في الدار الآخرة أحد يدخل النار وهو يصيح يقول: ربِّ إني مظلوم، نعم، هذا حاصل في الدنيا، فقد يقتل شخص في الساحة وهو يصيح يقول: أنا مظلوم، وقد يجلد شخص وهو يصيح يقول: أنا مظلوم، وقد يسجن وهو يقول: أنا مظلوم، ومن الممكن أن تقطع يده وهو يصيح أنا مظلوم. أما في الدار الآخرة فهذا الصياح والصراخ لا تجده!!، كل إنسان لا يدخل النار إلا وهو مقتنع بأنه مستحق لهذا العذاب مهما كان هذا العذاب شديداً، وعظيماً وفظيعاً ومهيناً ورهيباً لا تتصوره العقول، ولا يكاد الإنسان أن يدركه، ومع ذلك كله لا يدخل النار أحد إلا وقد أعذر من نفسه، وعرف أنه مستحق لهذا العذاب، وهذا من كمال عدل الله تعالى.
وقالوا: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ) إذاً: هم عطلوا آذانهم، (أو نعقل) فعطلوا عقولهم أيضاً عن طلب الهداية (ما كنا في أصحاب السعير) فاعترفوا بألسنتهم وقلوبهم ظاهراً وباطناً، (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ) إذاً الهداية موجودة فلتنظر ما هو المانع الذي يحول بينك وبينها؟!
أيضاً الأمر الآخر: أن الفطرة موجودة، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول كما في الحديث المتفق عليه {ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه}. وأنت أيها الأخ الكريم ذكرت لنا في سؤالك أن والديك من أهل الخير والصلاح، وأن أسرتك متدينة وأن ما حصل لك لم يكن لسوء التربية فيه دورٌ كما ذكرت.
وعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس:1-6].
فالاستعاذة من شيطان الجن أولاً، وعلى العبد أن لا يدع لشيطان الجن سبيلاً إليه، وذلك بكثرة الذكر فإن الشيطان إذا دخلت البيت حاول أن يوسوس لك، فقل: بسم الله، فإذا خرجت حاول أن يوسوس لك، وقل: بسم الله وادع الدعاء الوارد، فإذا دخلت الخلاء حاول أن يوسوس لك، فقل: بسم الله وادع الدعاء الوارد، فإذا أردت أن تنام حاول أن يوسوس لك، فقل: بسم الله وادع الدعاء الوارد، فإذا استيقظت وإذا ذهبت، أو سافرت، أو أقمت، أو حصل منك أي تغير في حال من أحوالك، فاجعل الذكر أنيسك وخليلك في كل حال، واجعله حائلاً بينك وبين شياطين الجن الذين قد يضرونك حتى في بدنك، فمن المعلوم أن الشيطان الجني يحاول أن يضر الإنسان حتى في بدنه، فالجن قد يلاطفون الإنسان، وقد يؤذونه في نفسه، وقد يؤذونه في أهله، وقد يؤذونه في ولده، والذي يحول بينه وبين ذلك هو أن يستعيذ بالله تعالى من شرهم، وأن يذكر اسم الله تعالى، ولهذا جاء في الحديث: {ستر ما بين أعين الجن وبين عورات بني آدم إذا دخلوا الخلاء أن يذكروا اسم الله} فإذا أراد الإنسان أن يدخل الخلاء فقال: {بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث} كما علَّم النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن للشيطان عليه سبيل، فلا يراه ولا يستطيع أن يضره بشيء وهكذا غير هذه الأماكن، خاصة الأماكن التي تكون محتضرة، أي: يحضرها الشياطين ويكثرون فيها، فعلى العبد أن يتحصن من شر شياطين الجن بالأدعية والأذكار الصباحية والمسائية والأوراد التي يحفظه الله تبارك وتعالى بها.
والغريب أن قرين السوء قد يوقعك ثم يذهب وهو يضحك وأنت تبكي!! فقد يجر الإنسان إلى أنواع المهالك والمعاطب؛ فإذا وقع تركه وذهب ينظر إليه من بعيد، ويسخر منه، ويشمت به ويضحك، وقد يتبجح في المجالس أنه أورد فلاناً موارد الهلكة، وعلى كل حال فهم يوم القيامة لا ينفعونك بشيء، فيوم القيامة يفصل بينكم ويقال لكم: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [الأنعام:94].
لا أحد يحمل وزر أحد بل كل إنسان قد ألزم طائره في عنقه، ويخرج له يوم القيامة كتابٌ منشور، يُسلَّم إياه ويقال له كما قال الواحد الأحد جل وعلا: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً * مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء:14-15].
فحاذر شر شياطين الإنس وابعده عن جلساء السوء، وإن خدعوك بمعسول القول ولين الكلام، وإن أغروك بالمخدرات، وأغروك بالتدخين، وأغروك بالسفر إلى الخارج، وأغروك بالصورة الجميلة، وأغروك بالأغنية ذات الصوت العذب، وأغروك بالموسيقى وأغروك بما يلذ سمعك ويطربه، ويعجبك، ولكن لا تنس أبداً أن العبرة بالمآل وكما قيل:
كم نظرةٍ فتكت في قلب صاحبها فتكُ السهام بلا قوس ولا وترِ |
يسر مُقلتـه ما ضـر مُهجتـه لا مرحباً بسرورٍ جاء بالضررِ |
أي خير في نظرة حرام يستلذ بها الإنسان لحظة، ثم تورثه حسرة دائمة في قلبه؟! حسرة في الدنيا على فوت هذا الأمر وحرمانه منه، وحسرة في الآخرة، والله الذي لا إله غيره -أقولها خاصة لك أخي الشاب صاحب الورقة، وأقولها لكل إنسان- والله الذي لا إله غيره إن العذاب الذي يشعر به الذي يرتكب الجرائم من الفواحش والكبائر والذنوب العظام، ومن مقارفة ما حرم الله، ومن السفر إلى الخارج، ومن معاقرة الخمور، ومن مجالسة المومسات والبغايا والفاجرات، والله إن العذاب الذي يشعر به في قلبه هو أضعاف أضعاف ما قد يشعر به الإنسان من العذاب في سبيل مقاومة الشهوة، والصبر عليها، والامتناع عما حرم الله، بل إن العبد إذا صبر عما حرم الله تعالى فإن الله تعالى يورثه في قلبه أُنساً ولذة، لذة الانتصار على الشهوة، لذة الانتصار على النفس، لذة مخالفة الشيطان، ومراغمة النفس الأمارة بالسوء، فيقذف الله تبارك وتعالى في قلبه سكينة ولذةً لا يعلمها إلا من ذاقها وجربها.
فلا تنخدع بلذة عابرة،
لا خير في لذة من بعدها النار |
وعندي أوراق من بعض هؤلاء، والله إن الإنسان إذا قرأها لا يملك عينه أن يبكي، قد يكونون ارتكبوا فواحش كثيرة، وأثموا، وظلموا، وفجروا حتى يظن من يعرفهم أن هؤلاء لا خير فيه وليس في قلوبهم إحساس، لكن إذا قرأ ما كتبوا أو سمع ما قالوا ينكسر قلبه لهم، ينكسر لما يشعر ويعلم في قلوبهم من ذُل المعصية والعياذ بالله ومن عظيم الحزن على ما فعلوا، أما العبد الذي أطاع ربه، فقد يشعر بالحرمان لحظة؛ لكن الله تعالى يورثه من جراء ذلك سعادة وأُنساً:
ومن يغضض فضول الطرف عنها يجد في قلبه أُنساً وطيباً |
فعليك أن تعوذ بالله وتلوذ بكنفه، وتسأله جل وعلا أن يمنحك الصبر، وأن يثبتك وتنظر ما هي الأسباب التي أودت بك من ما زينه لك شياطين الإنس والجن فتعمل على إزالتها، وعليك أن تبحث عن رفقة صالحة، تكون معهم يعينونك على الخير، ويدلونك عليه، وينشطونك إذا كسلت، ويذكرونك إذا نسيت، ويعلمونك إذا جهلت، لعل الله تعالى أن يحشرك معهم في الدار الآخرة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
أسأل الله تعالى أن يهديك على يدي أو على يدي غيري، المهم أن يهديك الله تعالى إلى سواء السبيل، ويأخذ بيدك إلى ما يحب ويرضى.
أولاً: أنا قرأت هذا السؤال عمداً من أجل أن تسمعوه فيسمعه الآباء ويدركوا أهمية عنايتهم بأولادهم وخاصة من صغار السن، في السن الابتدائي والمرحلة المتوسطة، ويحرصوا على مراقبتهم وشدة الاهتمام بهم، وكذلك لأنه يسمعه الشباب فيحذروا على أنفسهم ويبتعدوا ويدركوا أنه ربُما نظر نظرة تكون سبباً في بلاءٍ وحزنٍ طويل، فيحرص الإنسان على أن يلتزم قول الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] ربما نظرة يُحرم الإنسان بسببها لذة العبادة، وربما نظرة يحرم الإنسان بسببها من حفظ القرآن، وربما نظرة يحرم الإنسان بسببها من الطاعة، فتثقل عليك، وربما يحال بينه وبين الهداية بسبب إدمان النظر، وكونه يتلفت يمنةً ويسرةً، ينظر في وجوه الناس شباباً ونساءً، وينظر في الصور ويتأملها ويستحسن حسنها ويستملحها، ويتأملها ويتلذذ بالنظر إليها وإدمان ذلك، فيورث هذا قلبه مرضاً طويلاً!! نسأل الله تعالى العفو العافية.
ويقول صلى الله عليه وسلم كما في حديث أنس وهو في الصحيحين: {ثلاث من كُن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه؛ كما يكره أن يقذف في النار}.
أخلق بذي الصبرِ أن يحظى بحاجتهِ ومُدمِن القرعِ للأبوابِ أنْ يَلِجاَ |
رأيت بعض الناس يُصلي مرة أو يخشع مرة، أو يحضر ختمة من الختمات، أو يحضر مجلساً من المجالس، فإذا لم يجد في قلبه ليناً ترك المجاهدة!! لا يا أخي.. كل حياتك ميدان للجهاد حتى تموت، حتى وأنت على فراش الموت، جاهد لعل التوبة تكتب لك ولو في ذلك الوقت، فإنك سعيد إن كتبت لك توبة، حتى ولو كنت على فراش الموت ما لم تغرغر قال النبي عليه الصلاة والسلام: {إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر} كما في الحديث الصحيح -حديث أبي هريرة- رضي الله عنه. فحتى لو كتبت لك توبة هناك فأنت إلى خير، المهم أن تتوب قبل الموت، وقبل أن تبلغ الروح الحلقوم، وقبل أن تعاين الملائكة الذين جاءوا لقبض روحك. والله عز وجل يقول: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99].
فانطرح بين يدي الله، وانكسر له، واصرخ طالباً من الله تعالى النجدة والغوث، وتذكر أن الإنسان لو رأى شخصاً في مسيس الحاجة إليه، وهو يناديه ويستغيث به ويطلب منه عونه في نجاة من غرقة أو حرقة، أو حادث أو غير ذلك، أن أقسى الناس قلباً، لا يمكن أن ينظر إلى هذا الشخص وهو يموت ويتركه، والله تعالى أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، ورحمته وسعت كل شيء وهو أرحم بعباده من الأم بولدها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. فعليك أن تعلم أن ربك هو الرحمن الرحيم، الودود الحليم الذي قال عن أكفر الكافرين: ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا [البروج:10] أي: لو تابوا لتاب عليهم، إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [البروج:10] يعني أصحاب الأخدود ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ [البروج:10].
أي: لو تابوا من جريمتهم العظمى لتاب لله عليهم وقبلهم، فهو قابل التوبة، فتب إليه وانطرح بين يديه، وَأَدِمْ السؤال، وألظ بـ (ياذا الجلال والإكرام) واصدُق الله تعالى يصدقك الله، ولا تيأس إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا تقنط فإنه لا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون.
والناس يتناقلون في قصصهم وأخبارهم، أن ربنا جل وعلا يجيب دعاء المضطرين في أمور الدنيا، حتى ولو كانوا من غير المسلمين أحياناً، فربما أجاب الله دعوة غريق، أو مريض، أو حريق، أو جائع، أو مظلوم، أو غير ذلك إذا وصل إلى درجة الاضطرار، أي الانقطاع التام من الأسباب، والتسليم المطلق لله تعالى، وتفويض القلب كله إلى الله تعالى، وانتظار الرجاء مع الثقة بوعده؛ فكيف إذا كانت الضرورة ضرورة دينية؟! وضرورة الدين أعظم من ضرورة الدنيا؛ لأن الإنسان قد يموتُ من مرضٍ، أو جوعٍ، أو عطشٍ، أو بردٍ، أو حَرٍ، أو ظُلمٍ، فيكون مأواه إلى الجنة إن كان من الصالحين الأتقياء، فضرورة الدنيا مهما عظمت فأمرها يهون، لكن المصيبة العظمى ضرورة الدين، فكون الإنسان مفتوناً في دينه في مثل هذا الأمر هذه هي المصيبة؛ لأن الإنسان ولو عاش في ظل نعيمٍ مقيم في هذه الدنيا فإن مصيره إلى الموت، وما بعد الموت أمر يهول ويطول، فعليك أن تستمر في قرع الباب حتى تصل إلى درجة الاضطرار، وأن لا تيأس من أن الله تعالى سوف يجيب دعاءك.
إذاً: عليك أولاً: أن تشغل قلبك بطاعة الله تعالى وحبه وذكره ودعائه وسؤاله وتنطرح بين يديه.
وعلى الإنسان أن لا يثق بنفسه أبداً. اتصلت بي إحدى المرات امرأة، تقول لي: كنت أسمع الناس يتكلمون عن التلفاز ويحذرون منه؛ فكنتُ أسخر بالذين يقولون هذا الكلام، لأنني لا أرى فيه شيئاً، ولا أتابعه، وإنما كنت أستمع كما تقول إلى البرامج الدينية، وربما شاهدت المباريات الرياضية، فتقول: في إحدى المرات، تعلق قلبي من حيث لا أدري ولا أشعر بأحد هؤلاء اللاعبين الذين أتابعهم، وصرت أفكر فيه دائماً وأبداً، ووالله إنها تكلمني وعبرتها تسبق كلمتها، وهي تقول: إن هذه الأمور أنا لست لها، وليست لي، وأنا بعيدة عنها، وتحلف بالله أن هذا الإنسان لو جاء يطرق الباب إنها لا يمكن أن تقبله، ولكنها تشكو ما وجدت في قلبها، وتتساءل كيف سرى هذا إلى فؤادها!! وهذا هو البلاء، البلاء يسري من حيث لا يدري الإنسان مثل ما قال الشاعر الذي يقول:
عُيون المها بين الرُصافة والجسرِ جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري |
فقد لا يعرف الإنسان أن هذه النظرة سوف تورثه مثل هذا المصير السيئ، فعلى الإنسان أن يقطع مادة الفساد من أصلها بتجنب النظر الحرام، والذي وقع عليه أيضاً أن يعالج هذا البلاء بغض البصر، وأن يطأطئ رأسه لله، فكما إنه في صلاته ينظر إلى موضع سجوده لا يتعداه، فعليه أن ينظر إلى ما يحتاج إليه، وأن يتجنب إطلاق البصر فيما لا يحتاجه وفيما يضره ولا ينفعه.
فهذه الخانة إذا زادت فهي مذمومة، وإذا نقصت فقد تضر بالإنسان -أيضاً- فعليك أن تبحث عن بنت الحلال التي تملأ هذه الخانة المخصصة في قلبك لحب الزوجة، أو لهذا اللون من الحب بما أحل الله تعالى، وتغض بها بصرك عن الحرام وتعف بها فرجك عما لا يجوز ولا ينبغي.
وفي الخـتام:
بقي في الحقيقة مجموعة من الأسئلة كانت مهمة ومفيدة ولكن الوقت داهمنا، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يمن علينا وعليكم جميعاً بالهداية والثبات، وأسأل الله تعالى لهؤلاء الشباب ولسائر شباب المسلمين أن يهديهم إلى سواء السبيل، وأن يجعلهم هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، وأن يصلح فساد قلوبهم، وأن يصلح ظاهرهم وباطنهم وسرهم وعلانيتهم، وأن يملأ قلوبنا وقلوبهم بحبه وذكره وشكره وعبادته إنه على كل شيء قدير، اللهم وفقنا لما تحب وترضى من الأقوال والأعمال، اللهم استجب لنا يا حي يا قيوم، اللهم لا تردنا خائبين ولا من رحمتك مطرودين يا حي يا قيوم، اللهم استجب لنا إذ سألناك، اللهم استجب لنا إذ سألناك، اللهم استجب لنا إذ سألناك، اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، وأنت وحدك المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، خاتم أنبيائه وأفضل رسله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا السلام هو تحية الإسلام، وفي نفس الوقت هو استدراك استدركه عليَّ أحد الإخوة، يقول: لقد نسيت أن تحيي هذه الجموع المتطلعة بتحية الإسلام، فهلا قابلتهم بمثل ما يحملون، فلذلك ذكرني هذا الأخ، فجزاه عني وعنكم خيراً.
الجواب: النسيان هنا لا يعفيك من إعادة الصلوات، فعليك أن تعيد جميع الصلوات التي صليت وأنت بذلك الوضوء.
الجواب: ليس عليه شيءُُ مادام أنه حصل جماعها في الليل قبل الفجر، ثم نام ولم يستيقظ إلاَّ بعد طلوع الفجر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يدركه الفجر وهو جنب، من جماع غير احتلام، ثم يغتسل ويصوم عليه الصلاة والسلام.
الجواب: لا ليس عليك ولا عليهم جناحٌ في هذا، بل ما فعلته خيرٌ إن شاء الله، وأنت مأجور وهم كذلك ماداموا يحفظون جل وقتهم في ما ينفع ويفيد، فإن التسلية وإزالة الملل والسأم أمرٌ لا بد منه.
الجواب: إذا كان الذي مضى عليها أيامٌ طويلة وهي في غيبوبة، فالراجح من أقوال أهل العلم، أنه ليس عليها شيءٌ في ذلك إن شاء الله تعالى وإن قضت احتياطاً فلا حرج.
الجواب: أما بالنسبة لقضاء الصلاة فمن المعروف أنه من موجبات الغُسل نـزول المني بأي سببٍ كان، وبناءً عليه فإن الأصل أنه كان واجباً عليه أن يغتسل، قبل أن يُصلي، ولكن لأن المدة طويلة ثلاث أو أربع سنوات، وربما يشق عليه قضاء هذه الأوقات المتطاولة، فلعله يتسامح في ذلك، كما أفتى به بعض أهل العلم، وإلا في الأصل لو كانت الأوقات معلومة محدودة المقدار وجب عليه قضاؤها. أما بالنسبة لأيام رمضان، فإن عليه أن يقضيها، لأن الصائم مبتعدٌ عن هذا بالحلال، فكيف بما لا يحل عند طائفة كبيرة من أهل العلم، والله تعالى قال عن الصائم: {يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي} فهل هذا قد ترك شهوته لله تعالى؟ كلا!
الجواب: اللهم آمين، نسأل الله أن يبعدك عن هذه الفتنة ويملأ قلبك بحبه وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، ويشغلك بما ينفعك في دينك ودنياك، ومن أهم الحلول في هذه، كما قلنا غض البصر، والإكثار من قراءة القرآن ودعاء الله تعالى واستغفاره.
الجواب: هذا واجب قال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275] والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] وأي إثم أو عدوان أعظم من إعلان الحرب على رب الأرباب جل وعلا.
الجواب: هذا ربا صريح، ثبت النهي عنه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكثر من سبعة عشر وجهاً.
الجواب: المهم يا أخي في المحاضرة وغيرها، أن تكون رجلاً طيباً، وقد تعمل بالخير ولو نسيته، وإذا عملت به وفقك الله لحفظه، والله تعالى يقول: وَاتَّقُوا اللَّهَ [البقرة:189] ويقول: وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [البقرة:282] ويقول: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ [محمد:17]. فإذا وفقك الله للعمل بما علمت، أو بما سمعت فإن هذا مُعينٌ لك على حفظه، ولو نسيت بعد ذلك ما قيل أو نسيت دليلاً أو ما أشبه ذلك.
الجواب: الشيخ ناصر الدين الألباني إمام من أئمة المسلمين في هذا الوقت، شاء من شاء وأبى من أبى، فإن الله تعالى قد كتب له القبول، في نفوس الناس، فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يحبونه في الله تعالى، وهو من أئمة الحديث في هذا الزمان الذين لهم دورٌ ومساهمة في تجديد هذا العلم، وحث الناس عليه، والكلام على أسانيده ومتونه تصحيحاً وتضعيفاً، وله كتب كبيرة لا توجد لعالم آخر مثله قط، ولا يعني أن هذا الرجل معصوم فهو بشر كغيره يخطئ ويصيب، وله آراء واجتهادات فقهية قد يخالف فيها جمهور العلماء، وله أيضاً آراء واجتهادات في تصحيح الأحاديث وتضعيفها، قد يخالف فيها غيره، لكن كان ماذا؟!
ومن ذا الذي ترضى سجاياهُ كلها |
كل إمام يأخذ من قوله ويترك، إلا إمام الأئمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأما هذه الحملة أنا لم أطلع الحقيقة على شيء من ذلك، فإن كان كذلك فليس بغريب. فهي كما قيل (شنشة أعرفها من أخزم).
الجواب: ليس عليك تتابع، بل تصوم هذه الأيام التي عليك ولو كانت متفرقة.
الجواب: أيضاً إذا كانت فاتتك صلاةٌ فعليك أن تقضيها على مذهب جمهور أهل العلم، وتقضي الصلاة على هيئتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث المتفق عليه: {من نام عن صلاةٍ أو نسيها فليصلها إذا ذكرها}.
الجواب: هم لم يدافعوا هنا عن حقوق الإنسان، هم دافعوا عن مصالحهم، هذا أمرٌ يعرفه الخاص والعام والغبي والجاهل، والمسلم والكافر، هل جاءوا من أجل سواد عيوننا؟! أو غضبوا حرصاً على حياتنا؟! هذه السذاجة لا يقول بها أحدٌ يملك شيئاً من العقل ولو يسيراً، هم جاءوا يدافعون عن مصالحهم، فالله تعالى قد حبا هذه البلاد بآبار النفط التي تدر من هذا الذهب الأسود الذي به قوام اقتصادهم ومعيشتهم وصناعاتهم وأمورهم، ولذلك يحرصون عليها ويدافعون عنها، هذا أمرٌ معروف.
الجواب: تكلمت عن هذين الموضوعين، أما حث الشباب على الذهاب إلى أسواق مكة خاصةً جماعة وليسوا فرادى، ووجودهم هناك صمام أمان بإذن الله، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، بالكلمة الطيبة فقط، فهذا تكلمت عنه في درس في مسجد المحيسني، بعنوان: (
أما توجيه كلمة لأرباب الأسر، فقد تكلمت عنه أيضاً في موضوع بعنوان (صفة العمرة) وكان في مسجد المحيسني أيضاً.
الجواب: يقصد بالجمعيات أن مجموعة يتفقون على أن يأخذ أحدهم من راتبه الشهري ألفاً -مثلاً- ومن ثم في الشهر الثاني تكون عند آخر وهكذا، لا بأس بذلك، هذا جائز على ما أفتى به جماعة من علمائنا، على رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز حفظه الله.
الجواب: أعرف في موضوع زكاة الحلي بالنسبة للنساء حوالي عشرة كتب مطولة، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله فجمهور العلماء على أنه ليس في حلي المرأة زكاة، وهذا مذهب الأئمة الثلاثة، واختيار ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، ولهم في ذلك حججٌ يطول الكلام بذكرها، وذهب أبو حنيفة واختاره جماعة من علمائنا على رأسهم سماحة الوالد الشيخ/ ابن باز، وكذلك الشيخ/ ابن عثيمين حفظهم الله، إلى أنه تجب في الحلي المستعمل أو المعد للاستعمال زكاة، فإن زكَّت المرأة احتياطاً فهذا حسن، وإن لم تزكِ فلا حرج عليها إن شاء الله تعالى.
الجواب: المقصودون في الآية هم الذين قال الله تعالى فيهم في نفس الآية: ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ [المائدة:82-85]. المقصود الذين أسلموا منهم وآمنوا وعدهم الله بذلك.
الجواب: الشريط موجود، ويمكن نشره.
الجواب: أعداؤك يا أخي يسهرون الليل والنهار! ذكر لي مجموعة من الإخوة أنه مُطّلع -وذكرت هذا في أكثر من مناسبة- على البث الذي يُبث الآن إلى الشعب الروسي، فوجدوا كيف أن الغرب تسلل إليهم سريعاً الآن، وبدأ يبث إليهم الآن أفلاماً تنصيرية مجهزة، كأنما أعدت لهم إعداداً خاصاً، فضلاً عن الأفلام التي يستهدفون بها مسخ عقول الشباب، وتغيير أخلاقهم، وتدمير معنوياتهم، وشغلهم بالتوافه من الأمور، فعلى العبد أن يتقي الله تعالى في هذا الوقت ولا يضيعه بمثل هذه الطريقة، لأنه بهذا الأسلوب وهذا العمل، أول من نخسر سوف نخسره هو، فالشاب الذي تكدست أعصابه من طول مشاهدة التلفاز والفيديو، هذا لا يصلح لحل ولا ربط، وأنى له أن يكون شاباً مناضلاً في علمٍ، أو في عملٍ، أو في دعوةٍ، أو في جهادٍ أو في غير ذلك؟! نحن نريد الشباب الذين قيل فيهم:
وبورك في الشباب الطامحينا |
وقال فيهم آخر:
شبابُ ذللوا سُبل المعالي وما عرفوا سِوى الإسلامِ دينا |
تعهدهم فأنبتهم نباتاً كريماً طاب في الدنيا غصونا |
إذا شهدوا الوغى كانوا كُماة يدقون المعاقلَ والحصونا |
وإن جُن المساءُ فلا تراهم من الإشفاقِ إلا ساجدينا |
ولم يتشدقوا بقشور علمٍ ولم يتقلبوا في الملحدينا |
ولم يتبجحوا في كل أمرٍ خطيرٍ كي يُقال مثقفونا |
كذلك أخرجَ الإسلامُ قومي شباباً مُخلصاً حُراً أمينا |
الشباب الذي يقول فيهم القائل:
شبابٌ كمَ الإسلام يرضى خلائقاً وديناً ووعياً في اسْوِداد المفارقِ |
قلوبهم طُهرٌ يفيض على الورى وأيديهم تأسو جُراح الخوافقِ |
هُم السلسل الصافي على كُلِ مؤمنٍ وفي حومة الهيجاءِ نارُ الصواعقِ |
هُم الأملُ المرجوُ إن خابَ مأملٌُ وأوهن بُعد الشوطِ صبر السوابقِ |
هُم الحلمُ الريانُ في وقدةِ الضما وليس على الآفاق طيفٌ لِبَارقِ |
كأنَّي أراهم والدُّنا ليست الدُّنا صلاحُُ ونورُ الله مِلء المشارقِ |
أقاموا عَمودِ الدِّين مِنْ بَعد صدعهِ وأعلوا لواء الحقِ فوق الخلائقِ |
السؤال: هل من تعلم لغة قومٍ أمن مكرهم؟
الجواب: هذا ليس بصحيح، وإن كانت معرفة لغة الأعداء مما يحتاج إليه المسلمون، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن يتعلم لغة يهود، وقال: إني لا آمنهم على كتابنا.
الجواب: القائمون على هيئة الإغاثة وعلى جميعة البر الخيرية هنا، من الإخوة الأفاضل الموثوقين بحمد الله تعالى، ونسأل الله تبارك تعالى أن يبارك في جهودهم، ويعينهم على صرف ما وصل إليهم إلى مستحقيه، وأن لا يوجد هناك أي عقبة تحول دون ذلك، وهم على كل حال من الناس المعروفين المشهود لهم بالثقة، والعدالة، والأمانة، ونحمد الله تعالى على ذلك.
الجواب: هذا يختلف، إن تفطنوا لذلك، فإنهم يتبعون الإمام ويقضون هذه الركعة التي عليهم ما داموا لم يركعوا، فإن لم ينتبهوا إلا بعد مضي وقتٍ طويل فإن عليهم أن يعيدوا الصلاة.
الجواب: نعم في البلد محتاجون لا شك، ونحن ممن يتعرف على المحتاجين في البلد ويوصلون إليهم ما تيسر من المواد العينية وغيرها، ومن المال الذي يستعينون به، ولكن من المغالطة أن نقول هنا: إن المحتاجين هنا أكثر من الخارج، ففي الخارج أممُُ بأكملها، وكما قيل:
تلفتوا هاهُم في الأرضِ إخوتُنا شعبٌ برمته في العُري يُحتضرُ |
كانوا بأوطانهم كالناس وانتبهوا فما هُمُ من وجود الناس إن ذُكِروا |
مشردون بِلا تيهٍ فلو طلبوا تُجدد التيه في الآفاقِ ما قدِروا |
يلقى الشريدُ فِجاج الأرض واسعةً لكنهم بمدى أنفاسهمْ حُشِرُوا |
في خيمةٍ من نسيج الوهم لفقها ضميرُ باغٍ على الإسلام يأتَمِر |
أوهى وأوهى خيوطاً من سياسته لو مسها الضوء لا نفدتْ بِه السُتُرُ |
ناس لا يجدون ما يلبسون ولا ما يأكلون ولا ما يشربون، بل لا يجدون مكاناً يقضون فيه حاجتهم، مريضهم يموت وهو يتلوى، لا يجدون علاجاً له، ولو كان مرضه أهون الأمراض الفرق كبير يا أخي!
الجواب: إذا كانوا لم يعلموا بدين الإسلام فربك جل وعلا يقول: وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46] ويقول: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء:15] وقال: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49]
وقد اختلف أهل العلم في مثل هذه المسألة على أقوال كثيرة، سردها الإمام ابن القيم في كتابه القيم أحكام أهل الذمة، على كل حال دعهم لله، واشتغل بمحاولة إيصال الإسلام لمن تستطيع منهم ودعوتهم إليه، وتقديمه لهم بطريقة مقنعه تدعوهم إلى التفكير فيه، ومن ثم الدخول فيه، أما الاشتغال بمصيرهم الأخروي هذا فدعه لله تعالى.
الجواب: يا أخي لا تحتاج إلا إلى عزيمة صادقة أولاً، ثم استعن بالله تعالى أن يعينك على الخير، والله تعالى لا يرد سائلاً ويقول: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69]. فأنصحك أن تصدُق الله وتصمم على هذا العمل، وإن قمت بزيارة إلى العيادة الخاصة في ذلك، واستفدت من بعض خبراتهم وما لديهم، فهذا شيءُُ حسنٌ أيضاً. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر