إسلام ويب

الحج ومنافعهللشيخ : أحمد سعيد الفودعي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحج -كما هو معلوم- شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، أوجبها الله على المستطيع بشروطه وحث من كان قادراً أن يبادر بالحج قبل أن يبادره الأجل. وقد رتب الله فيها كثيراً من المنافع والمصالح التي يجنيها الحجاج في عاجل أمرهم وآجله.

    1.   

    أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام ببناء البيت ونداء الناس للحج

    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].

    أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    إخوتي في الله! حديثنا في هذه الدقائق عن فريضة الله عز وجل على عباده في الحج، وما رتب الله عز وجل عليها من المنافع، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج:27-28]، لما أذن الله عز وجل لنبيه إبراهيم ببناء البيت وكلفه بذلك، ولما فرغ من البناء أمره بأن ينادي في الناس بأن لله عز وجل بيتاً فحجوه، فقال: يا رب! وكيف أبلغهم؟ قال: عليك النداء، وعلينا البلاغ، نحن سنتولى إبلاغ الناس، وليس الأمر إليك؛ فارتفع على الصفا، فنادى بهذا النداء العظيم: أيها الناس! إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا، أيها الناس! إن لربكم بيتاً فحجوه. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه: فأسمع الله عز وجل من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وبلغ الصوت حيث أراد الله عز وجل أن يبلغ، فجاء الناس كما قال الله: يَأْتُوكَ رِجَالًا [الحج:27] يعني: مشاة راجلين، وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ [الحج:27] أي: على كل دابة نحيفة الجسم سريعة المشي: يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج:27] من كل طريق بعيدة، مهما بعدت الشقة، ومهما طالت المسافة، فإن الله عز وجل جعل في قلوب المؤمنين هوى، وجعل في قلوب المؤمنين شوقاً للوصول إلى تلك البقاع، مهما بعدت عليهم المسافات.

    لقد حدثنا التاريخ عن أفواج المسلمين من هذه الأمة ومن الأمم السابقة الذين قطعوا المسافات الطويلة من نيسابور ومن الصين، يمضون السنة كلها مشاة على أقدامهم حتى يصلوا إلى تلك البقعة، ماذا يريدون؟ وماذا يقصدون؟ وما الذي يؤملون؟

    إنهم يؤملون ما وعدهم الله عز وجل به كما قال تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج:28]؛ لأن المنافع كل المنافع في الامتثال لطلب الله، وفي المسارعة لتلبية نداء الله، والمنافع كما يقول المفسرون عموماً: منافع دنيا، ومنافع أخرى، منافع عاجلة، ومنافع آجلة، ولكن منافع الآخرة خير وأعظم؛ لأن الله يقول: وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [الأنعام:32]، من الناس من يخرج للنزهة، فيقضي هذه المنفعة وليس له في الآخرة شيء، ومن الناس من يخرج للتجارة لا يريد إلا هذه المنفعة، فيحققها وليس له في الآخرة شيء، ومن الناس من يريد منافع دنيا ومنافع أخرى، فيحقق الاثنتين، ومن الناس من يخرج لا يريد إلا ثواب الآخرة، وهذا في أعلى المقامات وفي أعلى الرتب.

    1.   

    قصة حاج صالح

    أسرد لكم قصة من طرائف ما وقع للصالحين، ذكرها الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتابه العظيم (مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن) وانظروا إلى عناوين الكتب، كيف يعنون العلماء هذه الكتب التي يحثون فيها الناس على الحج، إثارة العزم الساكن، العزم الهامد، العزم الراقد، العزم الراكد، كيف يثار هذا العزم ليتحرك إلى تلك البقاع الشريفة، ذكر فيه ما ورد في الحج من كلام الله وكلام رسوله وأخبار الصالحين، وما ورد في الحج من أحكام وسنن ومستحبات، وذكر طرفاً من قصص الصالحين، ومن ذلك هذه القصة الشريفة، يرويها لنا بالإسناد إلى من حضر القصة، يعني: ليست من أخبار كان يا ما كان، ليست من أوهام المتوهمين، ولا من صنع الصانعين، إنما يحكيها الثقات الذين حضروها وشاهدوها، يقول رحمه الله تعالى بعد أن ذكر السند: حدثني أبو الحسن اللؤلؤي ، وكان خيراً فاضلاً، قال: كنت في البحر فانكسر المركب، وغرق كل ما كان فيه، وكان في وطائي لؤلؤ قيمته أربعة آلاف دينار -والدينار الذهبي بالنسبة لهم مال كثير، إذ الدينار الواحد أربعة جرامات وربع من الذهب- قال: وكان في وطائي أربعة آلاف دينار، وقربت أيام الحج، وخفت الفوات. أي: خفت أن يفوتني الحج لو انتظرت في البحث عن هذا المال، قال: فلما سلم الله عز وجل روحي ونجاني من الغرق مشيت، فقال لي جماعة كانوا معي في المركب: لو توقفت عسى يجيء من يخرج شيئاً فيخرج لك من رحلك شيئاً. لعل الناس ينجحون في إخراج ما سقط من المركب فتجد شيئاً من الذهب الذي ذهب.

    قال: فقلت: قد علم الله عز وجل ما كان مني، وفي وطائي شيء قيمته أربعة آلاف دينار، وما كنت والله بالذي أوثره على وقفة بعرفة. فقالوا: وما الذي ورثك هذا؟ ما الذي جعل في نفسك كل هذا الشوق لعرفة حتى تضحي بكل هذا الذهب. فقلت: أنا رجل مولع بالحج، أطلب الربح والثواب، حججت في بعض السنين، وعطشت عطشاً شديداً، فأجلست لي عبداً وسط المحمل والمحمل ما يوضع على البعير ليظلل الراكب، قال: ونزلت أطلب الماء، والناس قد عطشوا جميعاً، فلم أزل أسأل رجلاً رجلاً، ومحملاً محملاً: هل معكم ماء؟ وإذا بالناس شرع واحد -يعني: الناس كلهم يفقدون الماء- حتى صرت في ساقة القافلة بميل أو ميلين. يعني: قطعت القافلة كلها، بعيراً بعيراً، وأنا أسأل الراكبين والراجلين، هل معكم ماء؟ فمررت بعد ذلك بمصنع مصهرج. يعني: بحوض مطلي بالنورة صلب ليس فيه أمارة على ينبوع أو عين ماء. قال: وإذا رجل فقير جالس في أرض المصنع -يعني: في قاعة هذا الحوض- وقد غرز عصاه في أرض المصنع، والماء ينبع من موضع العصا وهو يشرب، فقلت: أنزل إليه، فنزلت إليه، وشربت حتى رويت، وجئت بعد ذلك إلى القافلة، والناس قد نزلوا، فأخرجت قربة من رحلي ومضيت إلى المصنع حتى أملأها، فملأتها، فرآني الناس، فنزلوا وبادروا بالقرب، فرووا عن آخرهم، فلما روي الناس، وسارت القافلة وجئت لأنظر، وإذا البركة ملأى تلتطم أمواجها. البركة قد امتلأت بالماء. نأتي هنا إلى ما يهمنا من القصة كلها، وهو يقول لأصحابه ما الذي جعله يرغب في الوقوف بعرفة ويترك الدنانير الذهبية. قال لهم: فموسم يحضره مثل هؤلاء، يقولون: اللهم اغفر لمن حضر الموقف ولجماعة المسلمين، هل أوثر عليه أربعة آلاف؟ لا والله ولا الدنيا بأسرها. موقف يحضره أولياء الله الذين إذا دعوا أجيبوا، الذين إذا استغفروا غفر لهم ولمن استغفروا له، موقف يحضره أولياء الله من بلدان شتى، لا تعرفهم، يقولون: اللهم اغفر لنا ولمن حضر الموقف. أيليق بالعاقل بعد ذلك أن يترك هذا الموقف من أجل عرض من أعراض الدنيا.

    هذه هي فريضة الحج، الله عز وجل غني عن العباد: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15]، ( لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ).

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه.

    1.   

    وجوب الحج وفوريته

    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    إخوتي في الله! الحج فريضة على القادرين في العمر مرة بإجماع المسلمين، دل على ذلك الكتاب العزيز: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، ودلت على ذلك أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وانعقد على هذا إجماع المسلمين، فالحج فريضة في العمر مرة، والعمرة كذلك عند بعض العلماء، وبعضهم يرى بأنها لا تجب، وإذا وجب الحج على القادر بأن كان يملك من المال ما يبلغه إلى تلك البلاد ويرجعه، ويكفي لنفقته ونفقة من تلزمه نفقتهم مدة ذهابه وإيابه، إذا كان قادراً على هذا وجب عليه الحج، ومن وجب عليه الحج فلا يجوز له أن يؤخره، وعلى هذا كلمة جمهور علماء المسلمين، أن من وجب عليه الحج وجب عليه أن يحج في تلك السنة، فمن كان واجداً لما يحج به، وقادراً على أن يحج بنفسه في الوقت الذي يتمكن فيه من الخروج مع الناس للحج، فهذا يجب عليه أن يحج في ذلك العام، ولا يجوز له أن يؤخره إلى أعوام قادمة، أما إذا وجدها بعد أن يخرج الناس إلى الحج ولم يتمكن من الذهاب فهذا غير قادر، ومما يدل على وجوب المبادرة على القادر أن الله عز وجل إذا أمر بأمر وجب على الناس أن يبادروا إلى امتثاله، هذا أولاً.

    ثانياً: لأن الإنسان لا يدري ما الذي يعرض له؛ ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي صححه غير واحد من أهل العلم: ( من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة ) الصحيح اليوم قد يكون مريضاً غداً، والواجد اليوم قد يكون معدماً غداً، والقادر اليوم قد يكون عاجزاً غداً، فمن أراد الحج، أي: من وجب عليه الحج فليتعجل قبل أن تأتي الشواغل، ولا يجوز له أن يؤخر هذه الفريضة، فهي ركن من أركان الإسلام، وقد جاء عن أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه فيما صح عنه، أنه أمر ولاة الأقاليم بأن يعزروا من تأخر عن الحج بعد القدرة، وقال: من قدر على الحج ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً -والعياذ بالله- لأن هذا الوعيد الشديد مستنبط من الآية.

    فالله عز وجل يقول في آية الحج: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97] ففهم بعض العلماء أنه بترك الحج يعرض الإنسان نفسه للوقوع في هذه الموبقة العظيمة، فجدير بالعاقل أن يبادر إلى أداء فريضة الله عز وجل إن وجبت عليه، أما من يحج تنفلاً وتطوعاً فلا ينبغي له أن يتكاسل وأن يتباطأ عن هذه المنزلة العظيمة، لا سيما إذا مرت عليه السنون، فقد قال عليه الصلاة والسلام وهو يتحدث عن الله في الحديث الصحيح: ( إن عبداً أصححت له جسمه، ووسعت له في رزقه ) وهذا حاصل في كثير منا، ( تمر عليه خمس سنين لا يفد إلي لمحروم ) إي والله إنه لمحروم من كل هذا الثواب الذي سمعتم، كيف يكون قد تمكن من الذهاب، والبدن صحيح، والمال وافر، والمنادي ينادي، والأجور تتنزل، والرحمات تتساقط، وهو متثاقل متباطئ.

    1.   

    التحذير من التباطؤ عن الحج خوفاً من الأوبئة

    أيها الإخوة! إن مما شاع عند الناس في سائر البلاد وفي بلادنا هذا التباطؤ عن أداء هذه الفريضة بسبب وهم ما نسميه اليوم إنفلونزا الخنازير، نحن لا ندفع في وجه هذا الخطر ونشكك فيه، ليس هذا من اختصاصنا، لكننا على أحسن الأحوال وصدق التنبؤات فإن هذا المرض لم يعد حكراً على مكة حتى نفر منها خشية أن نقع فيه، فالعلماء يقولون بكراهة وليس بتحريم -وهناك فرق بين الكراهة والتحريم كما بين السماء والأرض، الكراهة أنك إذا تركت أُجرت، وإذا فعلت لم تأثم- دخول البلاد التي وقع فيها الوباء لمن كان قادماً من بلاد سليمة، إذا وقع الطاعون في أرض وأنت خارج هذه الأرض فلا تقدم على هذه الأرض، ليس لأن هذا الطاعون سيصيبك لا محالة، وليس لأنك ستمرض لا محالة، فإن كل شيء بقضاء وقدر، هكذا يقول عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم : ( كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس ) يعني: حتى بلادة الإنسان الذكي، نرى أن الإنسان في غاية الذكاء طوال عمره، لكنه في موقف من المواقف تستغرب لبلادته، كيف لا يحسن التدبير وهو فلان المشهور بالمعرفة وحسن التدبير؟! والذي جره إلى هذا هو القدر، وفي المقابل ذكاء البليد، فقد تجد شخصاً لا يحسن التدبير في سائر حياته، وتراه في موقف من المواقف وقف على خلاف العادة موقفاً في غاية الإحكام والإحسان، ما الذي جره إلى هذا؟ إنه القدر، ( كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس ) فلن يصيبك إلا ما كتبه الله عز وجل لك، وإذا أراد الله عز وجل شيئاً هيأ له الأسباب، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان:34] وكما جاء في الحديث: ( إذا أراد الله عز وجل قبض عبد بأرض جعل له إليها حاجة ) فقد تجد شخصاً عاش كل حياته في بلده لا يخرج منها، وبعد ثمانين سنة من ملازمة هذه الأرض يجعل الله عز وجل له حاجة للعلاج أو لغير ذلك، فيموت في أطراف الأرض، إنه قدر لا يغالب ولا ينازع، ولكن الشريعة ندبتنا إلى الأخذ بالأسباب حتى لا نعود على أنفسنا باللوم، والنبي عليه الصلاة والسلام يبين لنا في غير ما حديث أنه لن يصيبك إلا ما كتب الله عز وجل عليك، وأن العدوى لا تفعل بنفسها، وقد سبق أن قلت على هذا المنبر ذلك الحديث العظيم في صحيح مسلم وغيره في الرجل الذي جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وسمعه يقول هذه الكلمة العظيمة الشريفة: ( لا عدوى ) يعني: العدوى لا تفعل بنفسها، المرض لا ينتقل بنفسه، المرض لا يصيبك بنفسه، هذه من المحكمات التي يجب على الإنسان أن يعقد عليها بقلبه، أنه لن يصيبك إلا ما قدر الله، لن ينزل بك إلا ما كتب الله، ولو كنت مخالطاً للمرضى، لكن الشارع دعاك وندبك إلى مجانبتهم حتى إذا أُصبت بالمرض لا ترجع على نفسك بالمعاتبة لقلة إيمانك ولضعف يقينك، أما أنك إذا خالطت المرضى ستمرض، والله عز وجل لم يكتب عليك ذلك، حاشا وكلا.

    ولذلك جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا برجل مجذوم، يعني: مصاب بالجذام، والجذام من الأمراض المعدية، فوضع المجذوم يده في الإناء يأكل، فوضع النبي عليه الصلاة والسلام يده مع المجذوم في الإناء، وقال: ( بسم الله ثقة بالله وتوكلاً عليه )، مع أنه هو بنفسه عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث الآخر: ( فر من المجذوم فرارك من الأسد )، وجاء وفد ثقيف يبايعونه على الإسلام، وقد علم عليه الصلاة والسلام بأن فيهم رجلاً مجذوماً، فنادى أن يذهب إليه فيبلغ: ( ارجع فقد بايعناك )، يعني: لا تأت إلينا، ولم يبايعه، ولم يمس يده كما فعل بغيره، كيف يرفع يده هنا ويضع يده هنا؟ العلماء يقولون: يريد أن يبين الحال للناس لاختلاف مستوياتهم في الإيمان والتوكل، فأناس بلغوا الغاية في التوكل على الله، وهم جازمون معتقدون بأنه لن يصيبهم إلا ما كتب الله، فإذا قُدِّر عليهم القدر لا يتزحزحون عن هذا المبدأ، ولا يحيدون عن هذه العقيدة، ولا يرجعون على أنفسهم باللوم، يعلمون جازمين أنهم فعلوا هذا أو لم يفعلوا فالقدر حاصل لا محالة، فهؤلاء يقتدون به عليه الصلاة والسلام لما وضع يده في الإناء، وقال: ( بسم الله ثقة بالله وتوكلاً عليه )، وهناك شريحة أخرى، ضعيفة الإيمان، ناقصة التوكل، يصيبها المرض بقدر قدره الله، لكن يرجع الواحد إلى نفسه فيقول: لو أني ما فعلت كذا ما كان حصل كذا، فهذه الشريحة من الناس خاطبهم النبي عليه الصلاة والسلام بالخطاب الآخر: ( فر من المجذوم فرارك من الأسد )، ينبغي للإنسان المؤمن أن يعقد بقلبه أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله، هذا الأعرابي لما جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام سمعه يقول: ( لا عدوى، قال: يا رسول الله! كيف لا عدوى والإبل تكون صحيحة فيأتي البعير الأجرب، فيدخل فيها فيجربها جميعاً )، قال عليه الصلاة والسلام جواباً قاطعاً للشبهة، مزيلاً للعلة: ( قال: فمن أعدى الأول؟ ) من الذي أصاب البعير الأول بالجرب؟ الذي أصاب الأول هو الذي أصاب الثاني والثالث والمليون.

    هذه العقيدة ينبغي أن تكون محكمة في القلوب أنه لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا[التوبة:51]، وقد سمعتم أن العلماء ندبوا الناس إلى ألا يدخلوا البلاد التي وقع فيها الوباء وهم قادمون من بلاد صحيحة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إذا وقع الطاعون وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فراراً منه )، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، لكن هذا الحكم في شخص يقدم من بلاد سليمة صحيحة إلى بلد موبوءة، أما هذا الوباء فقد عم البلاد كلها، ولم تعد لبلاد على بلاد مزية، فالعدوى موجودة في كل مكان إذا كنا نسلم بالعدوى، والمرض ينتقل في كل بلاد، فليس هناك مبرر للتباطؤ عن أداء الفريضة بسبب هذا الوهم، فعلى من وجب عليه الحج أن يبادر إلى أداء الحج، والامتثال لفريضة الله، ومن كان يريد التنفل فلا ينبغي له أن يحرم نفسه الثواب والأجر بسبب أوهام قد تصيبه وقد لا تصيبه.

    نسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

    اللهم فقهنا في الدين، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللهم يا حي يا قيوم؟ يا ذا الجلال والإكرام أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم اغفر لمن حضر هذه الجمعة ولوالديه، وافتح للموعظة قلبه وأذنيه، أنت ولي ذلك والقادر عليه.

    اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، واخذل الكفرة والمشركين، أعداءك أعداء الدين، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، وأشغله في نفسه، واجعل تدميره في تدبيره يا قوي يا عزيز.

    عباد الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد.

    1.   

    بعض فوائد الحج

    ترتب الأجر العظيم على أداء مناسك الحج

    ما هي المنافع الأخروية التي رتبها الله عز وجل على هذه الفريضة؟

    هذا ما يحدثنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، وكلنا نحفظ طرفاً صالحاً من هذه الأحاديث، ولكن هناك حديث واحد أحب أن أقرأه وأتلوه على مسامعكم، فيه بيان ما رتبه الله على بعض هذه المناسك، روى الطبراني رحمه الله في الكبير، ومثله البزار، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً بمسجد منى -يعني: في حجة الوداع- فجاءه رجلان، أحدهما من ثقيف، والآخر من الأنصار، فقالا: يا رسول الله! جئنا نسألك، فقال عليه الصلاة والسلام: إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت، وإن شئتما أن أمسك حتى تسألاني فعلت ) لقد أطلعه الله العليم الخبير على ما في نفوس هذين الرجلين، فهو يريد أن يقرر في نفسهما أولاً صحة نبوته، ويزيدهما إيماناً إلى إيمانهما، ويقول لهما: أعلم بما جئتما تسألاني عنه، ولست بحاجة أن تصرحا بالسؤال، فإن شئتما أن أبادركما أنا بما جئتما تسألان فعلت، وإن شئتما أن أسكت حتى تسألا فعلت، فقالا رضي الله تعالى عنهما: ( بل أخبرنا يا رسول الله قبل أن نسألك، فقال الثقفي لصاحبه الأنصاري: سل ) يعني: ابدأ أنت بمحادثة رسول الله فقال الأنصاري: أخبرني يا رسول الله -يعني: حدثني عما جئت أسألك- فقال عليه الصلاة والسلام: (جئت تسألني عن خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه، وجئت تسألني عن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما، وتسألني عن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وتسألني عن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه، وتسألني عن رميك الجمار وما لك فيه، وتسألني عن حلاقك شعرك وما لك فيه، وتسألني عن نحرك وعن طوافك بالبيت بعد ذلك وما لك فيه) هذه هي الأسئلة الستة التي جئت تسأل عنها؟ (فقال الرجل: والذي بعثك بالحق عن هذا جئت أسألك)، ما في نفسي إلا هذه الأسئلة، فقال عليه الصلاة والسلام وهو يبين له أجور ما وعده الله عز وجل به على هذه الأعمال: ( أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن ناقتك لا تضع خفها ولا ترفعه إلا كتب الله لك به حسنة، ومحا عنك به خطيئة ) بكل رفعة خف ووضعها يمحو الله عز وجل عنك سيئة، ويكتب لك بذلك حسنة، ولك أن تتصور كم من الملايين من الحسنات ستكتب للحاج، كم من الملايين من السيئات ستوضع عن الحاج، فإنه موعود بكل وضعة خف للناقة ورفعه بهذا الثواب الجزيل، والعلماء اليوم يقولون: دوران عجلة السيارة أشبه ما يكون بوضع البعير خفه ورفعه، كلما دارت عجلة السيارة ارتفع منها جزء عن الأرض ووضع جزء آخر، فكلما دارت العجلة دورة كاملة أنت موعود بهذا الثواب، وقس هذا الثواب على غير ذلك من وسائل المركوبات، إن لك بكل خف يضعه البعير حسنة، وتوضع عنك سيئة.

    هذا أجر المشي فقط، أما إذا وصلت، قال: ( وأما ركعتيك بعد الطواف فكأنما أعتقت ولداً من ولد إسماعيل ) كأنما أعتقت رجلاً من خيرة خلق الله في هذه الأرض من ولد إسماعيل، وقد وردت الأحاديث الكثيرة في بيان فضل العتق، قال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم : ( من أعتق عبداً أعتق الله عز وجل بكل عضو منه عضواً منه من النار، حتى يعتق فرجه بفرجه ) الإعتاق يعني: أن تحرر هذا الإنسان من الرق، فيحررك الله عز وجل من النار، في كل عضو منه يُعتق منك عضواً من النار، حتى يُعتق فرجك بفرجه، قال: ( وأما طوافك بين الصفا والمروة فكأنما أعتقت عشرة من ولد إسماعيل، وأما وقوفك عشية عرفة ) وهو المقام الأعظم يوم الحج الأكبر، أشرف موقف يقفه العباد ( فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي بكم الملائكة ) يعني: يفاخر الملائكة بالعباد الواقفين على صعيد عرفات: ( يقول: عبادي جاءوني شعثاً غبراً، من كل فج عميق، يرجون رحمتي، فلو كانت ذنوبكم كعدد رمل عالج -جبال- أو كعدد قطر السماء، أو كزبد البحر لغفرتها لكم، ثم يقول سبحانه وتعالى لأهل الموقف: أفيضوا مغفوراً لكم ) يعني: توجهوا من عرفة إلى مزدلفة فقد غفرت لكم ( ولمن شفعتم له ) وهذه زيادة شريفة في هذا الحديث، يبين فيها عليه الصلاة والسلام أن المغفرة تشمل الواقف بعرفة وتشمل من دعا له الواقف بالمغفرة: وإذا أفاض الناس من عرفة شملتهم مغفرة الله ودخلوا فيها ثم يتوجهون بعد ذلك إلى أداء ما بقي من المناسك، قال: ( وأما رميك الجمار فإن لك بكل حصاة رميتها يكفر الله عز وجل بها عنك واحدة من الموبقات ) واحدة من كبائر الذنوب، واحدة من المهلكات، بكل حصاة ترجمها في تلك الأيام، ( وأما حلاقك شعرك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، وأما نحرك فمدخور لك ) ثواب النحر لم يصفه عليه الصلاة والسلام، ووكل أمره إلى الله، فهو مدخر وسيراه الحاج يوم يسر المؤمن بثقل الموازين، يوم تعرض الحسنات والسيئات، هذا الثواب سيراه الحاج في ذلك اليوم، ( وأما طوافك بعد ذلك ) إذا فرغ الناس من أداء مناسكهم في منى، وتوجهوا إلى البيت العتيق للطواف به، وقد مروا بتلك المنازل، ووقفوا تلك المواقف، وشملتهم الرحمات في موقف بعد موقف، إذا وصلوا إلى البيت لأداء طواف الإفاضة، ما الذي يؤملونه بعد ذلك، قال: ( فإنك تطوف وليس لك ذنب، ينزل الملك فيضع يديه بين كتفيك، ويقول: طف، أو اعمل فيما تستقبل، فقد غُفر لك ما مضى ) اعمل فيما تستقبل، أما ما مضى فلا تحزن عليه، ما ذهب من أعمالك فلا تأس عليه.

    هذه الأجور كلها يلخصها النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: ( من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )، إنها أعظم مناسبة تمر على هذا الإنسان، يرجع من الحج ويخرج منه بصحيفة جديدة بيضاء، يخرج إلى الدنيا كخروجه يوم ولدته أمه، وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن الحج يكفر الكبائر والصغائر، بل ونص بعضهم على أن الله يكفر به التبعات، يعني: كظلم الناس وعجز المسلم على أن يرد إليهم حقوقهم، ولم يستطع أن يتخلص من تلك المظالم، وعلم الله عز وجل منه صدق التوبة والإنابة، فإنه يجعل الحج كفارة لكل ما سلف.

    ثبت في صحيح مسلم أن عمرو بن العاص جاء يريد الإسلام، فلما وقف بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام ليدخل في الإسلام، قال: ( يا رسول الله! ابسط يمينك لأبايعك )، يعني: على الإسلام، قال عمرو وهو يقص علينا هذه القصة على فراش الموت، ويتحدث عما ينتظره من الله في الدار الآخرة، على فراش الموت يتذكر هذه المواقف، يقول وهو يحكي لنا هذا الموقف: ( قال: فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، وقبضت يدي، قال: ما لك يا عمرو ؟ قال: أردت أن أشترط -لي شرط قبل أن أدخل في الإسلام- قال: وماذا تشترط؟ قال: أن يُغفر لي. فقال: أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله ) الحج يهدم ما كان قبله، ما كان على الإنسان من سيئات يبطلها، يجعلها هباء، وتبقى الصحيفة بيضاء نقية، يقول عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم : ( من أتى هذا البيت ) وهذا يشمل الحاج والمعتمر، ( فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) وقال كما في الحديث الآخر: ( ها هنا تسكب العبرات، وها هنا تقال العثرات ) بجانب الحجر الأسود وبجانب البيت العتيق، وبالطواف بين الصفا والمروة، وبالوقوف مع الناس حيث يلبي المرء ويجاهر ربه بالطاعة والامتثال، هناك تذهب السيئات، وهناك تبدل الحسنات، ويرجع كيوم ولدته أمه، هذا إلى جانب ما وعد الله عز وجل به الحجاج والمعتمرين من ثواب وأجور، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) قال العلماء: يأبى الحج على صاحبه إلا أن يأخذ بيده حتى يدخله الجنة، يعني: من غير سابقة عذاب، يأبى الحج أن يترك صاحبه في عرصات القيامة خائفاً فزعاً، بل يأخذ بيده حتى يدخله الجنة، ( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

    علو مقام الحجاج والمعتمرين عند الله تعالى

    يقول عليه الصلاة والسلام وهو يتحدث عن مقام الحجاج عند الله، من هم الحجاج؟ من هم العمار؟ الحجاج هم الذين أجابوا ذلك النداء يوم أمر الله إبراهيم ووعده بأن يبلغ، قال: أنت وعلينا البلاغ، ونادى إبراهيم: إن لربكم بيتاً فحجوه، فقالوا جميعاً: لبيك، جئنا ملبين لهذا النداء، هؤلاء الذين أجابوا هذه الدعوة، هؤلاء الذين لبوا هذا النداء، يقول عنهم عليه الصلاة والسلام: ( الحجاج والعمار وفد الله -يعني: ضيوف الله- دعاهم فأجابوه -وكانت الجائزة- وسألوه فأعطاهم)، قال العلماء: هذا الحديث دليل على أن الله عز وجل يجيب دعوة الحاج والمعتمر، فأي مزية، وأي فضيلة، وأي مرتبة، تسعى إليها النفوس الشريفة، النفوس المؤمنة أعلى من هذه المرتبة.

    دخول الحاج في ضمان الله منذ خروجه من بيته إلى أن يرجع

    الحاج في ضمان الله منذ أن يخرج من بيته وحتى يرجع إليه، مكافأة له على تلبيته لهذه الدعوة الشريفة.

    أيها الإخوة هذه منافع بعضها فوق بعض، درجات بعضها فوق بعض، تشرئب إليها النفوس المؤمنة، وتتطلع إليها العقول الصحيحة، التي تعرف المصلحة من المفسدة، كما قال القائل: لو كانت الدنيا ذهباً فانيا، وكانت الآخرة خزفاً باقياً، لكان الخزف الباقي خيراً من الذهب الفاني، لو كانت الآخرة خزفاً، والدنيا ذهباً، لكان العاقل يفضل هذا الخزف على ذلك الذهب؛ لأنه يفضل شيئاً باقياً دائماً على شيء ذاهب فان، ثم قال: فكيف والآخرة هي الذهب الباقي، والدنيا هي الخزف الفاني، أي سبب بعد ذلك يُرغّب الإنسان عن هذه الأجور العظيمة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755829019