إسلام ويب

شرح فتح المجيد شرح كتاب التوحيد [140]للشيخ : عبد الله بن محمد الغنيمان

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    أصل اللات والعزى

    السؤال: سمعت عن اللات والعزى أنهما اسمان لرجلين صالحين في قوم نوح، فما مدى صحة ذلك؟

    الجواب: اللات والعزى غير ذلك، فاللات اسم لرجل في الطائف كان يلت السويق، فمات فدفن تحت صخرة فعبد، أما العزى فهي ثلاث شجرات (سمرات) في وادي نخلة قرب عرفات، كانت قريش تعبدها، والعزى أحدث من اللات، واللات أحدث من مناة.

    1.   

    الدليل على منع تكرار زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: ما هو الدليل على منع تكرار الزيارة والإكثار منها؟

    الجواب: الدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا تجعل قبري عيداً)، فيخشى إذا اعتيد ذلك أن يكون عيداً، وإنما الزيارة أحياناً فقط، وتكون للاتعاظ.

    1.   

    الحكمة من شرعية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: هل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لتذكر الموت فقط؟ أزيلوا عنا هذا اللبس.

    الجواب: الزيارة ينبغي أن يكون مقصدها هذا مطلقاً، ولكن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم للسلام عليه، وليس للدعاء له؛ لأنه ليس في حاجة لتدعو له صلوات الله وسلامه عليه، بل أي عمل تعمله من الصالحات فله مثله من الأجر؛ لأنه صلوات الله وسلامه عليه سبب هداية الناس.

    فكل إنسان من أمته يعمل خيراً منذ بعثه الله إلى أن تقوم الساعة فله من الأجر مثل أجر هذا الإنسان، فكذلك الله جل وعلا أخبرنا أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأنه أعطاه الوسيلة، ولكن شرع لنا الصلاة عليه لزيادة أجورنا، وإلا فقد صلى الله -جل وعلا- عليه وسلم.

    ولهذا أخبرنا أنه إذا سمع أحدنا المؤذن فقال مثلما يقول، ثم سأل له الوسيلة -وهي منزلة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله، قال: (وأرجو أن أكون أنا) - حلت له شفاعته صلى الله عليه وسلم، هذا جزاؤه، وقد قال الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فنحن نفعل ذلك امتثالاً لأمر ربنا جل وعلا، ويحصل لنا بذلك ما قاله كما في الصحيح: (من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً) أي: عشر صلوات.

    والذي يصلي عليه ربه جل وعلا سعيد، فالصلاة خلاف اللعن، فهذا هو المشروع.

    1.   

    معنى السلام على النبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: أليس السلام دعاءً بالسلامة؟

    الجواب: الدعاء في السلام عليه صلوات الله وسلامه عليه ليس كله دعاء، فليس كل سلام يكون دعاءً، وإنما هو إخبار له بأني مسالم وأنا مسلم، وأنا ممن يتبعك ويستسلم وينقاد لشرعك الذي جئت به، وإذا كان دعاءً فهو لأجل نفعك أنت، فيحصل لك بكل دعوة عشر حسنات، لأنه ما كان معروفاً عند الصحابة أنهم يسألون هذا، كان أحدهم إذا دخل المسجد صلى على النبي صلى الله عليه، وسلم، ولا يدخل القبر، فما كانوا يدخلونه مع تمكنهم من الوصول إليه في وقته، وما أحد يحول بينهم وبينه، مع ذلك ما كانوا يأتون إليه، ولم يرو إلا عن عبد الله بن عمر فقط أنه كان يذهب إليه إذا أراد أن يسافر أو إذا قدم من السفر.

    1.   

    حكم وضع علامة على قبر الميت

    السؤال: هل يجوز وضع علامة على قبر الميت للدعاء له ولزيارة أهله له والدعاء أم أن الدعاء للأموات جميعاً أفضل؟

    الجواب: ما يجوز إلا إذ كان يريد أن يعرف قبر أمه أو قبر أبيه؛ فيضع علامة يتميز بها، ولا تلفت النظر، بل تكون علامة له يعرفها حتى لا يختلط بالقبور الأخرى.

    1.   

    حكم التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم

    السؤال: هل التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم فيه خلاف بين السلف؟ وهل لا ينكر على من توسل بالرسول صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: التوسل في الواقع لفظ مجمل قد يقصد به باطل وقد يقصد به حق، فإذا أريد بالتوسل بالرسول التوسل بذاته، فيقول الإنسان: اللهم إني أتوسل إليك برسولك، اللهم إني أتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، وأسألك بجاهه أو ما أشبه ذلك؛ فهذا بدعة من البدع، ما أحد فعله من الصحابة ولا من التابعين.

    أما إذا أريد بالتوسل التوسل باتباعه، والإيمان به، ومحبته صلوات الله وسلامه عليه، ومحبة شرعه، ومناصرته؛ فهذا مشروع، وأما التوسل الذي كان يفعله الصحابة فهو غير ممكن، وهو التوسل بدعائه، فيسألون منه أن يدعو لهم، فهذا انقطع بموته صلوات الله وسلامه عليه.

    ولهذا ما أحد من الصحابة ذهب إلى القبر يطلب منه أن يدعو له، أو ذهب يتوسل إليه، ولما حصل القحط في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وخرجوا يستسقون قال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنينا فتسقينا، وإننا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، ثم قال: قم -يا عباس - فادع. فقام العباس ورفع يديه وصار يدعو والمسلمون يؤمنون على دعائه. فهذا معناه توسل بالدعاء، ولو كان توسلاً بالذات فلا يمكن أن يعدلوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى العباس ؛ لأن التوسل بالذوات ممكن في الحياة وبعد الموت، فعدولهم إلى العباس دليل على أن المقصود بالتوسل هو التوسل بالدعاء.

    1.   

    حكم الصلاة على الميت بعد دفنه

    السؤال: هل تجوز الصلاة على الميت بعد دفنه؟

    الجواب: الميت إذا صلي عليه لا يصلى عليه في القبر؛ لأن الصلاة في القبور ممنوعة لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في القبور، ولا حجة لمن يقول: إنه صلى الله عليه وسلم صلى على المرأة. لأن الصلاة عليها تحتمل خصوصية، وتحتمل أن يقصد بها الدعاء، والرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما كان يصلي على أهل البقيع، أي: يدعو لهم، وصلاته دعاء، كما قال الله جل وعلا: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ [التوبة:103] يعني: ادع لهم، فيحمل على هذا.

    1.   

    حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور

    السؤال: يوجد في بلد إسلامي مساجد فيها قبور للصالحين والشهداء، ويطوف الناس بهذه القبور ويستغيثون بأصحابها، فما حكم الصلاة في هذه المساجد خاصة إذا كان بين القبر والمسجد حائط به أبواب على المسجد؟

    الجواب: المسجد الذي فيه قبر لا تجوز الصلاة فيه ولا تصح، سواء أكان القبر في مؤخره، أم في يمينه، أم في شماله، أم في مقدمته، أم في وسطه، فلا فرق.

    أما إذا كان المسجد مسوراً قائماً، والقبور خلفه -أعني: بينه وبينه الحوائط- فهذا تصح الصلاة فيه، ولكن لا يجوز أن تدفن القبور قرب المسجد، بل ينبغي أن تكون القبور بعيده عن المساجد.

    فالمسجد لا تصح الصلاة فيه إن كان فيه قبر، ويجب أن يهدم إذا بني على القبور، وإذا كانت القبور أدخلت فيه فيجب أن تنبش وتخرج منه، ويطهر المسجد منها، فنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك صريح، وليس هو مسألة اجتهاد، ومسألة خلاف بين العلماء، بل هذه نصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    حكم تكرار زيارة المقابر وحكم اتباع الجنائز

    السؤال: هل يجوز تكرار الزيارة للمقابر بغرض أخذ العظة والعبرة؟ وما حكم اتباع جنازة والوقوف عندها حتى الدفن للحديث الوارد؟

    الجواب: أما اتباع الجنازة فقد جاء الحث على ذلك بأن من صلى على جنازة فله قيراط، ومن صلى عليها وتبعها فله قيراطان، فاتباع الجنازة غير الزيارة، فكونه يتبع الجنازة حتى تصل إلى مكانها وتوضع فيه ولا ينصرف إلا وهي مدفونه؛ هذا اتباع، وليس لأجل الزيارة، أما الزيارة فلا تكرر حتى لا يعتاد الإنسان التردد على القبور، وإنما تفعل لما ذكر في الحديث، أي: ليتعظ الإنسان إذا وجد من قلبه قسوة، فيزور لعله يرق قلبه، وينظر في القبور، ويتذكر أنه سوف يكون فيها، ويدعو لأصحابها لعل الله يقبل منه شيئاً ينفعهم به، وهذا لا يكون دائماً، وإنما يكون لهذا الغرض فقط.

    1.   

    حكم من أجاز علماؤهم البناء على القبور

    السؤال: ما حكم الذين أجاز علماؤهم زيارة القبور للنساء، وتعلية القبور، وبناء الأضرحة عليها، والدعاء لها؟

    الجواب: لا شك أن هذا من أعظم المحرمات، أعني: البناء على القبور، وجعل الأضرحة عليها، ثم الدعوة إلى زيارتها، هذا ضد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم تماماً، فيكون هذا الفاعل مضاداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه هي المحادة التي ذكر الله جل وعلا أن من يحاد الله ورسوله فإنه مكبوت، وهو جل وعلا سوف يعاقبه، وهذا إذا سلم من كونه يدعو صاحب القبر، أو يعتقد أنه ينفع وأنه يدفع، وكانت دعوته للزيارة وليست لأجل تعظيم القبر، أما إذا كانوا يدعون صاحب القبر فهذا شرك، والدعاة للشرك هم الذين يتقدمون من استجاب لهم يوم القيامة، كما قال الله جل وعلا في فرعون وغيره يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ [هود:98].

    فهكذا دعاة عبادة القبور، وليس للإنسان عذر في كونه سمع فلاناً يدعو أو اغتر بفلان؛ لأن فلاناً ليس رسولاً، وليس معصوماً، وأنت ما كلفت باتباع فلان، وإنما كلفت باتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز للإنسان أن يقدم على عمل من الأعمال وهو لا يدري حكم الله فيه، فيجب عليه أن يعرف حكم الله، فهل الله أمر بهذا أم لم يأمر؟ أما أن يقدم على ذلك لأن فلاناً أمر به أو قاله فهذا لا يجوز.

    1.   

    جزاء الصالحين عند نزول البلاء العام

    السؤال: إذا ابتلى الله قوماً بسبب ذنوبهم فما جزاء صالحيهم وهم يعانون نفس الابتلاء؟ فهل لهم أجر أم لا؟

    الجواب: في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يغزو هذا البيت جيش من الشام، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم، ولا يبقى منهم إلا من يخبر عنهم، فقلت: يا رسول الله! كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟! - تعني: الذين ليس لهم تصرف، وإنما جيء بهم بالقوة- فقال: يخسف بهم ثم يبعثون على نياتهم)، فيبعثون يوم القيامة على نياتهم، فمن كانت نيته صالحة كان جزاؤه الثواب، ولكن العذاب يعم الجميع، ولهذا قال الله جل وعلا: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25] فإنها إذا جاءت أصابت الكل وعمت.

    وكذلك إذا جاء جزاؤها وهو العقاب فقد يعم، ولكن إذا بعثهم الله جل وعلا يكونون على نياتهم.

    1.   

    معنى رؤية الله تعالى في المنام

    السؤال: إن كانت رؤية الله تعالى في المنام ممكنه فكيف يكون ذلك، مع اتفاق العلماء سلفاً وخلفاً أنه لا يمكن لأحد من الخلق أن يرى الله سبحانه وتعالى في هذه الحياة الدنيا؟

    الجواب: الرؤية المنامية ليست هي رؤية لله جل وعلا، لا يفهم هذا، فرؤية المنام لا يرى فيها الله حقيقة، ولكن الرائي في منامه يرى شيئاً من المرائي التي يعهدها، كأن يتصور ذلك الشيء المعهود، وذلك الشيء ما هو عنده، هو نائم مغلق عليه بيته، ولم يأته هذا الشيء الذي يراه، ومع ذلك يرى إما شخصاً، وإما مدينة، وإما غير ذلك، فالرؤيا في المنام ليست حقيقة، والإنسان إذا رأى ربه في المنام إذا كان إيمانه صحيحاً وحسناً رأى شيئاً يناسب هذا الإيمان، وإن كان دون ذلك رأى دونه، ولهذا لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن الناس إيماناً وأكملهم، قال في الحديث الذي رواه أحمد : (رأيت ربي في أحسن صورة) يعني: في المنام. فالرؤية في المنام ليست هي الرؤية البصرية التي تكون في اليقظة، لا يفهم هذا، فلا يقال: معلوم اتفاق السلف أنه لا يرى في الدنيا، فهذا نصت عليه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدخل في هذا أنه لا يرى في المنام، وقد يرى الإنسان في المنام شيئاً على خلاف المطلوب شرعاً، وقد يرى الشيطان، وقد يراه أيضاً في اليقظة، فالشيطان يتمثل ويقول له: أنا ربك، كما جاء عن عبد القادر الجيلاني قال: رأيت الشيطان قد وضع كرسياً بين السماء والأرض فقال: يا عبد القادر ! أنا ربك. فقلت: اخسأ فإن الله جل وعلا لا يرى، ولا يأتي إلى الناس.

    فالمقصود أن الشيطان قد يضر الإنسان، وقد يتراءى له في المنام في شيء، ففرق بين الرؤية الصالحة والرؤية التي تقع من الشيطان أو تكون أضغاث الأحلام.

    1.   

    حكم الموالد

    السؤال: يوجد عندنا في مصر كثير من الأضرحة أو المساجد المسماة بقبر الإمام الحسين ، والسيدة زينب ، والسيد البدوي ، وإبراهيم الدسوقي ، ويعملون لها موالد كل عام، فما حكم الإسلام في ذلك؟

    الجواب: يجب على الإنسان أن يجتنب هذه الأشياء، أعني: الموالد والذهاب إليها؛ لأن هذه من البدع التي هلك فيها كثير من الخلق.

    1.   

    هل كانت الكعبة قبل إبراهيم عليه السلام؟

    السؤال: قال الله تعالى على لسان إبراهيم: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ [إبراهيم:37] ألا يفهم من هذه الآية أن البيت كان مبنياً؟

    الجواب: البيت ما كان، ولكن مكان البيت، كما قال تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ [الحج:26]، هكذا جاءت الآية، ولقد جاء أن البيت قديم، وأن آدم عليه السلام طاف به، وأن الملائكة بنته قبل آدم، ولكن لما جاء الطوفان دمره فبقي مكانه ربوة، حتى جاء إبراهيم فبناه، هكذا ذكروا في التاريخ، والمقصود أن إبراهيم هو الذي وضع القواعد.

    1.   

    العذر بالجهل

    السؤال: نرجو منكم أن تبينوا لنا بياناً يشفي الصدر مسألة العذر بالجهل؟

    الجواب: الجهل لا يعذر به مطلقاً، وإنما يعذر به في المفاهيم والأمور الذي ترجع إلى مفهوم النصوص، فالإنسان يعذر بها إذا جهل ذلك، أما عبادة الله مثل الصلاة مثل الصوم ومثل الحج والصدقة والأمور الواضحة والجلية فالإنسان لا يعذر بجهلها، بل يعاقب بهذا، فيجب أن يكون عارفاً بهذا الأمور، فلا عذر لمن تركها، ولهذا كل مقبور يسأل إذا قبر: من تعبد؟ ومن الذي جاءك بالعبادة؟ وهل تعرفه؟ وبأي شيء تعبد؟ فيسأل عن هذه المسائل: من ربك؟ وما دينك؟ وما نبيك؟ وهو مقبور، فإن أجاب قيل له: وما يدريك؟ فإنه إذا قال: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، قيل له: وما يدريك -أي: ما الدليل؟- فإن أجاب قال: قرأت كتاب الله وآمنت بما فيه واتبعته. فيقال له: قد علمنا، ولكن هذا اختبار لك.

    أما إذا قال: هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً أو رأيت الناس يعملون شيئاً فعملت، قيل له: ما دريت ولا اهتديت. ثم يعذب فيضرب بمطراق من نار فيلتهب عليه قبره ناراً وهذا لكل واحد، فهل عذر هذا بالجهل؟ إذا قال: أنا أعبد أحمد البدوي ، أو أعبد الدسوقي ، أو أعبد الحسين لأني ما أدري، فهل هذا عذر بالجهل؟

    المقصود أن العذر بالجهل لا يعذر به مطلقاً، ولا كل جاهل يقال له: إنه غير معذور، والناس يختلفون، فقد يكون الإنسان في مكان بعيد ما يبلغه شيء عن الإسلام، فمثل هذا ليس كمثل من يكون في بلاد المسلمين.

    1.   

    التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وحكمه

    السؤال: ما معنى التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم؟ وما حكمه؟ وما هي الأشياء التي يجوز أن يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بها؟

    الجواب: التوسل بالجاه بدعة لم يشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يفعله أحد من السلف، كونه يقول: يا ربي! أسألك بجاه محمد صلى الله عليه وسلم أو أسألك بجاه نبينا صلى الله عليه وسلم فإن جاهه عند الله عظيم فيسأل به، هذا بدعة ما شرعت لنا، ولم يفعله أحد ممن يهتدى به من أهل الهدى، وإنما فعله الخلوف الذين ضلوا طريق الهداية، وأصبحوا يتخبطون في أمور لا يدرون أمشروعة هي أم لا، ويأخذ بعضهم عن بعض.

    ذلك أن السؤال بالجاه كما إذا سألت الله بصلاته وبصومه وبإيمانه فأي صلة بينك وبين هذا؟! بخلاف ما إذا قلت: اللهم إني أسألك بأني أتبع محمداً صلى الله عليه وسلم، وأسألك بأني أؤمن به. فهذا مشروع؛ لأن هذا إيمانك، وهذا عملك، والتوسل بعمل الإنسان مشروع إذا كان خالصاً لله جل وعلا، كما جاءت الأحاديث في ذلك.

    وأما الأمور التي يجوز التوسل بها فهي بدعائه إذا كان حياً حاضراً يسمع ذلك، فتسأله أن يدعو لك، فهذا من التوسل الجائز.

    1.   

    الحجة على الطائفين بالقبور

    السؤال: نرجو توضيح صفة إقامة الحجة على الطائفين بالقبور، وهل يكفرون بعد إقامة الحجة إذا استمروا على ذلك؟

    الجواب: ما يحتاج إلى إقامة حجة، فإقامة الحجة أن العبادة لله جل وعلا، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم جاء بها واضحة، ولا يجوز لمسلم يدعي الإسلام أن يكون جاهلاً بعبادة الله جل وعلا، فليس في الدنيا كلها شيء يطاف به في الشرع إلا الكعبة فقط، والطواف عبادة، والعبادة لا تجوز أن تكون لغير الله جل وعلا، فهم يجب أن يعرفوا معنى (لا إله إلا الله)، وإذا كان الإنسان ما عرف معنى (لا إله إلا الله)، فكلامه بها ما يفيد، ونطقه بها ما يفيد، فالإنسان لا يدخل الإسلام إلا بهذه الكلمة إذا قال: (لا إله إلا الله)، ومعنى (لا إله إلا الله) أن يكفر بجميع الآلهة التي تؤله من دون الله جل وعلا، ويجعل العبادة لله وحده.

    1.   

    حكم تكرار تحية المسجد لتكرر الخروج والدخول

    السؤال: إذا خرج أحد من باب من المسجد ودخل من آخر هل تجب عليه تحية المسجد؟

    الجواب: إذا خرج الإنسان من المسجد ثم عاد، فذهب لغرض ما من الأغراض إما لوضوء أو لغير الوضوء ثم عاد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، إلا إذا وجد الصلاة قد أقيمت؛ لأن الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين).

    وعلى كل حال إذا صلى الإنسان ثم خرج من المسجد ودخل يدخل في عموم هذا الحديث؛ لأنه خرج ودخل.

    أما إذا كان خروجه لغرض يتردد فيه، كمن هو موظف في المسجد مثلاً ويتردد من هنا إلى هنا فهذا لا يلزم أن يصلي كلما جاء؛ لأن هذا عمله، فهو مضطر لهذا الشيء.

    1.   

    رحمة النبي صلى الله عليه وسلم العامة والخاصة

    السؤال: كيف الجمع بين الآيتين وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] وقوله جل وعلا: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]؟

    الجواب: الآيتان تتفقان، وما فيهما خلاف حتى نجمع بينهما، فقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] أي: رحمة ظاهرة. وقد يقول القائل: هي للعالمين، فيدخل فيها الكافرون والمنافقون! فأجاب العلماء على هذا بأن رحمته شملت الكافرين، ولكن إذا أصروا على كفرهم وتمادوا فإن عذابهم يكون أشد.

    ولكن الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم قد يقاتل الكافرين ويقتل من يقتل، وقتل صلى الله عليه وسلم في غزواته خلقاً كثيراً من الكافرين، فأين الرحمة هنا؟ وقتله إياهم لماذا؟

    فالجواب: إن الكافر يزداد بحياته إثماً، والتعجيل بموته أحسن من بقائه؛ لأنه لا يزداد بحياته إلا إثماً، كما قال الله جل وعلا: إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا [آل عمران:178] يعني: طول حياتهم شر لهم لا خير، فالخير ألا تطول حياة الكافر لئلا يزداد عذابه.

    1.   

    حكم طاعة الأب في الأمر بطلاق الزوجة

    السؤال: لقد طلق إسماعيل زوجته عن أمر أبيه دون السؤال عن السبب؟

    الجواب: هذا في السلف كثير، يأمر الإنسان أبوه أن يطلق زوجته، والقصص في هذا معروفة، وقد وقع في الصحابة، ولكن إذا كان بلا سبب وبلا جرم للزوجة فهذا لا يلزم، ومع ذلك لو أطاعه لا يلام؛ لأن طاعة الوالد متعينة.

    1.   

    نقل الناس إلى المزارات وحكم ذلك

    السؤال: أنا أعمل على سيارتي في المدينة، وآخذ بعض الزوار والمعتمرين المارين إلى المدينة إلى مزاراتها مثل مسجد قباء وشهداء أحد ومسجد القبلتين والسبعة المساجد، فهل علي شيء من ذلك؟

    الجواب: أما كونه يذهب إلى قباء أو إلى القبلتين والشهداء فليس عليه شيء، أما أن يذهب إلى المساجد السبعة، أو موضع الناقة، أو إلى شيء من هذا؛ فهذا لا يجوز؛ لأن هذا من البدع، ولا تجوز زيارتها، ولا بذل الأموال فيها.

    1.   

    صلاة عائشة في حجرتها والنبي صلى الله عليه وسلم مدفون فيها

    السؤال: عائشة كانت تصلي في الحجرة والنبي مقبور فيها، فيستدل بذلك على جواز الصلاة في المواطن التي فيها مقابر، فما الرد على هذه الشبهة؟

    الجواب: إذا صلت في الغرفة فهذا ظن منه أنها تصلي عند القبر، ولكن إذا وجد هذا فهذا يكون خاصاً بها؛ لأن هذا منزلها ضرورة، فما تستطيع أن تذهب إلى غيره، فيكون هذا خاصاً يستثنى لهذه الضرورة فقط، ولا يكون هذا قاضياً على الأحاديث، لاسيما أن هذا ليس في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا جاءنا فعل من أحد الناس لا يجوز أن نجعله كحديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    حكم الإكثار من زيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام

    السؤال: يحتج بعض المسلمين على زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم كل يوم أو كل أسبوع بأن الرسول قال: (قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)، وهذه قبور يشرع زيارتها والسلام عليها، لأنها ثلاثة قبور مجموعة مع بعضها، فما الجواب على هذا؟

    الجواب: هذا كلام الجهلاء، وكلام الجهلاء لا يجاب عليه، فزيارة القبور كانت ممنوعة أصلاً، فهذا معنى: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور) يعني: لا تزوروها أصلاً، ثم بعد ذلك أذن فيها، وقيدت بالقيود الذي جاءت في الأحاديث، ولا يجوز ضرب النصوص بعضها ببعض أو تكذيب بعضها وقبول بعضها.

    1.   

    حكم الذبح باسم الله تعالى عند القبر

    السؤال: أنكرت على أحد القبوريين ذبحه عند القبر فقال: إنما أذبح باسم الله، والشرك إنما هو الذبح باسم الميت. فما جوابكم عليه؟

    الجواب: هذا تلبيس منه وتبرير لفعله، وإلا فمعلوم أن قصد القلب هو الركن الأعظم، ولو قال: باسم الله، وهو يقصد بهذا الذبح التقرب إلى الميت فهو من الشرك الأعظم، ولا يجوز أكل هذه الذبائح لأمرين -كما قال النووي رحمه الله-:

    الأمر الأول: لأنها مما أهل به لغير الله.

    والأمر الثاني: لأنها ذبيحة مرتد عن الإسلام، وذبيحة المرتد حرام لا تؤكل.

    وكونه يدعي ويقول: إني سميت الله فلماذا يتقرب بها للميت إذا كان قصده أنها ذبيحة لله؟! فالمقصود أن الأعمال الظاهرة التي تدل على المقاصد لا تخفى على الناس، والقبر ليس محلاً للعبادة لا لذبح ولا لصلاة ولا لغير ذلك، فصورة فعله هذا تكذب قوله، فلا يلتفت إلى قوله.

    1.   

    حكم الصلاة في مسجد فيه قبر ولا يوجد غيره

    السؤال: شخص يسكن في منطقة بها مسجد مقام على قبر، ولا يوجد غير هذا المسجد، فهل يجوز له ترك الصلاة مع الجماعة أو يصلي مع الجماعة في هذا المسجد؟

    الجواب: الصلاة في هذا المسجد باطلة ولا تصح، ولكن يصلي جماعة في غيره ولو في بيته أو في مكان آخر، أما أن يصلي في المسجد الذي فيه قبر فصلاته غير صحيحة، وهذا المسجد يجب أن يهدم إذا كان القبر سابقاً له، أما إذا كان القبر أدخل فيه فيجب أن يخرج منه، ويوضع في القبور حتى تصح الصلاة فيه.

    1.   

    حكم قول: اعتمادي عليك بعد الله

    السؤال: قول: اعتمادي عليك بعد الاعتماد على الله في قضاء حاجتي الفلانية هل هو من الشرك؟

    الجواب: ليس من الشرك بشرط أن يكون هذا الشيء يستطيع فعله الذي يقول له: أعتمد عليك، فإن كان مستطيعاً لفعله فليس بشرك.

    1.   

    طلب الدعاء من الغير وحكمه

    السؤال: حديث: (لا تنسنا من دعائك يا أخي)، هل هو من التوسل غير المشروع؟

    الجواب: ليس من التوسل غير المشروع، بل هذا مشروع؛ لأنه فيه نفع للسائل والمسئول، والمسلمون بعضهم يدعو لبعض، وقد شرع ذلك، والأمر المشروع لا يقال: إنه فيه نظر، فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو المشرع، وقد أخبرنا ربنا جل وعلا عن ملائكته أنها تدعو للمؤمنين وتستغفر لهم، وكذلك المؤمنون وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا [الحشر:10]، فهذا شأن المؤمنين، أن يدعو بعضهم لبعض، وإذا أوصى أحدهم أخاه فقال: لا تنسنا، فهو يقصد بذلك النفع العام، نفعه ونفع الثاني، هذا هو المقصود.

    1.   

    حكم تغسيل الابن لوالدته

    السؤال: هل يجوز للأبناء الذكور تغسيل والدتهم عند الموت؟

    الجواب: لا يجوز للابن أن يغسل والدته، ولا الوالدة أن تغسل ابنها البالغ، وإنما مثل هذا يجوز في الزوجة فقط، فالزوجة تغسل زوجها، والزوج يغسل زوجته، وفي غير ذلك المرأة لا يغسلها إلا امرأة، والرجل لا يغسله إلا رجل، ولو قدر أن الميت مات بين نساء وليس فيهن زوجة له؛ فإنه ييمم ولا يغسل، ويكفي، وبالعكس كذلك إذا امرأة ماتت بين رجال وليس فيهم زوجها؛ فإنهم ييممونها ويكفي، ولا يغسلونها.

    1.   

    الحائض ومناسك الحج

    السؤال: امرأة أتت للحج وحاضت وقت المناسك قبل أن تقف بعرفات، فماذا تفعل؟

    الجواب: تبقى على إحرامها حتى تطهر، ووقوفها في عرفات صحيح، وأداؤها جميع المناسك صحيح، إلا الطواف في البيت، فلا تطوف حتى تطهر، أما بقية المناسك فإنها تؤديها كغيرها.

    1.   

    حكم من اعتمر ولم يأخذ من شعر رأسه

    السؤال: رجل اعتمر ولم يحلق ولم يقصر شعر رأسه، فماذا عليه؟

    الجواب: عليه أن يقصر في الحال إذا كان لم يقصر إلى الآن، وبعض العلماء يرى أنه يلبس إحرامه ثم يقصر، ثم بعد ذلك ليس عليه شيء.

    1.   

    حكم من نسي إخراج صدقة الفطر عن بعض الأولاد

    السؤال: سها والدي عن زكاة الفطر، حيث زكى عن بعض أولاده، ولكنه سها ونسي العدد، وتذكر ذلك بعد صلاة العيد، فماذا يجب عليه؟

    الجواب: يجب عليه أن يخرج الزكاة حين تذكر، فيخرجها قضاءً، فهي صدقة من الصدقات؛ لأنه ذهب وقتها، ومع ذلك يجب أن يخرجها.

    1.   

    الراجح فيمن سكت الله عنهم في قصة أصحاب السبت

    السؤال: ما هو الراجح من أقوال المفسرين في الصنف الثالث الذين سكت الله تعالى عنهم في سورة الأعراف، وهل هناك حديث صحيح يدل على أنهم يعاقبون؟

    الجواب: كان ابن عباس رضي الله عنه يظن أنهم هلكوا، ويقول: إن الله جل وعلا ذكر صنفين فأخبر عن الهالكين أنه مسخهم قردة، وأخبر عن الذين نهوا عن السوء أنه نجاهم، وأولئك لما سكت عنهم كانوا مع الهالكين. فقال له مولاه عكرمة : ليس كذلك، فالله جل وعلا عاقب الفاعلين، والذين نهوا أثابهم بأن نجاهم، والذين سكتوا سكت عنهم، وليسوا هالكين، فأعجبه هذا، وكساه بردته، مما يدل على أنه رضي بذلك.

    وهذا هو الظاهر، والله أعلم، وإن كان بعض السلف يقول: إنهم مع الهالكين، ويستدل بذلك على وجوب الإنكار، وأن من لم ينكر يهلك، ولكن الله تعالى حكى لنا قولهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ [الأعراف:164]، فهذا يدل على كراهتهم هذا الفعل، وأنهم كارهون له، ولا يوافقونهم عليه، ومن كان كذلك فهو ناجٍ.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755920146