الجواب: كان ابن عباس رضي الله عنه يظن أنهم هلكوا، ويقول: إن الله جل وعلا ذكر صنفين، فقال في الهالكين: إنه مسخهم قردة، وقال في الذين نهوا عن السوء: إنه نجاهم، وأولئك لما سكت عنهم كانوا مع الهالكين، فقال له مولاه عكرمة : (ليس كذلك، بل الله جل وعلا عاقب الفاعلين، والذين نهوا أثابهم ونوه بأنه نجاهم، والذين سكتوا سكت عنهم، فليسوا هالكين، فكساه بردته لأجل ذلك، أي: أعجبه هذا القول فكساه بردته، وهذا مما يدل على أنه رضي بذلك، وهذا هو الراجح. والله أعلم .
وإن كان بعض السلف يقول: إنهم مع الهالكين، ويستدل بذلك على وجوب الإنكار، وأن من لم ينكر فإنه يهلك، ولكن هذا غير صحيح ؛ وذلك أن قولهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ [الأعراف:164]، يدل على كراهتم هذا الفعل، ومن كان كذلك فهو ناجٍ.
الجواب: هذا الحديث لا يخالف ما قلت؛ لأنه إذا وقع في طائفة فلا يلزم أن يكون واقعاً في جميع الأمة، بل طائفة من الأمة قد يصيبها ذلك، وقد كان المقصود: أن الشرك وقع في أولئك، وسيقع في هذه الأمة، وفيه الرد على القائلين: بأن هذه الأمة لا يقع فيها شرك.
الجواب: إذا اتخذ قوانين تخالف شرع الله، وعمل بها، واعتاض بها عن شرع الله، فهذه هي عبادته، وليست العبادة فقط ركوعاً وسجوداً.
وأما الكفر به فيكون في تركه والابتعاد عنه مع بغضه، والله جل وعلا يقول: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ [البقرة:256]، فقدم الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله، مما يدل على أن هذا شرط في صحة الإيمان.
الجواب: نحن قلنا: إن الصواب أن الكلمة إذا تكلم بها العرب، فإنها تكون عربية وإن كانت في الأصل ليست عربية، وقد أنكر بعض العلماء: أن يكون في القرآن شيء من غير لغة العرب، وبعضهم قال: إن فيه من جميع اللغات، حتى ألف السيوطي رحمه الله مؤلفاً في هذا، وذكر الكلمات التي في القرآن من غير لغة العرب، ولكن لا يوافق على هذا .
والصواب: أن العرب إذا تكلموا بكلمة، وعرف ذلك وانتشر، فإنها تكون عربية، وإذا قال لنا قائل: أن هذه الكلمة ليست من لغة العرب، يؤخذ على القبول، فغيره هو يقول: لا، إذاً هذه الكلمة من اللغة.
الجواب: بل هو جديد، كما قال الله جل وعلا: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ [الأنبياء:2] فسماه محدثاً، بمعنى: أنه جديد، وهذه هي عقيدة السلف، وذلك أن الله يتكلم إذا شاء أن يتكلم، ولا يجوز أن نقول: القرآن قديم، فإن أول من عرف أنه قال ذلك هو: عبد الله بن سعيد بن كلاب ، ولم يكن معروفاً عند السلف ذلك، وليس هذا من عقيدتهم، فعقيدتهم أن الكلام يتعلق بمشيئة الله، وأن هذا الكتاب هو آخر ما أنزله الله جل وعلا، وأنه تكلم به حسب الوقائع التي وقعت.
الجواب: من الظاهر -والآية واضحة- أن المراد: موافقتهم ظاهراً، مع بغضهم واعتقاد القلب ببطلان ما هم عليه، هذا هو الواقع؛ وإلا فإن اليهود كانوا يبغضون أهل الشرك عبدة الأوثان، وكانوا يعرفون أن ما هم عليه باطل، ومع ذلك يوافقونهم ظاهراً، والقصد: أن الذي يوافق أهل الباطل في الظاهر وإن قال: إن باطنه على خلاف ذلك، لا يقبل منه ذلك، خصوصاً في هذه المسائل التي تعد من أصل الدين.
وقد عد العلماء من الردة عن الإسلام موالاة الكفار، مثل أن ينصرهم، وأن ينصح لهم، ويود ما هم عليه، وأن يكون معهم.
الجواب: هذه القصة ليس فيها مناسبة مع ما سبق، ولا موازنة معه، فإن حاطباً أخبر أن الرسول سيأتي الكفار بجيش لا قبل لهم به، فهل يدل هذا على الموالاة وعلى النصرة؟! والجواب: لا. قال رضي الله عنه: (لقد علمت) أي: تيقنت (أن الله سوف ينصر رسوله) سواء أخبرت أو لم أخبر، كما أنه فعل ذلك لغرض معين، فليس هناك نسبة بين هذا وهذا.
الجواب: يقول العلماء: إذا كان القبر خارج المسجد وحائط المسجد دون القبر فالصلاة تصح، أما إذا كان القبر داخل المسجد ولو كان وراء حائط فإن الصلاة لا تصح، ولكن لا يجوز أن تكون القبور قرب المساجد؛ لأن بعض الجهلة يتعلقون بالموتى وإن كانت قبورهم خلف المسجد.
ما مد لخير الخلق يداً أحـد إلا وبـه سَعُد
والآخر يقول:
لولاك لولاك يا حبيب! لمـا خـلقت الأفـلاك
هل يجوز هذا أم هو من الشرك؟
الجواب: هذا يروون فيه حديثاً موضوعاً: (لولاك لولاك... إلى آخره) وهو مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: ينبغي للقارئ إذا وصل إلى قوله تعالى: (وتعزروه وتوقروه) أن يقف، ثم يقرأ: (وتسبحوه)؛ لأنه معطوف على ما سبق، وهذا يقصد به تسبيح الله جل وعلا.
الجواب: لو عد الإنسان هذه الاشتقاقات التي تحدث في الفرق لربما تبلغ الآلاف، وليس سبعين، ولكن المقصود الفرق الكبيرة التي تتفرع منها فرق أخرى، وقد كتب العلماء في هذه الفرق كتباً، فعلى الإنسان أن يرجع إلى كتب الملل والفرق. مثل (الفِصَل) لـابن حزم ، ومثل كتاب الأشعري (اختلاف المصلين)، وكذلك (الملل والنحل) للشهرستاني، وكذلك (الفرق بين الفرق) وغيرها من الكتب الكثيرة.
الجواب: هذا البناء لم يقع من الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما وقع من الملوك الذين لا ينظرون إلى الشرع، والذي أدخله في المسجد هو الوليد بن عبد الملك ولم يكن باستشارة العلماء، ولا باستدلالأ ولا بغير ذلك، وكان الأمين على المدينة عمر بن عبد العزيز ، وقد تضايق منه من تضايق، ولم يكن هناك أحد من الصحابة، فإن هذه الحادثة وقعت بعد موت جابر بن عبد الله ، وهو آخر من مات من الصحابة في المدينة، وإنما كان فيها من التابعين مثل سعيد بن المسيب وأمثاله، وقد أنكروا هذا، ولكن لم يلتفت إليهم.
والمقصود أن هذا ليس فيه قدوة، ثم إن قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لما أدخل وأحيط بالحوائط قالوا: إن هذه الحوائط تمنع من الاتجاه إليه، ويكتفى بذلك، وليس هو كغيره، ومع ذلك إدخاله ليس شرعياً، ولا يجوز أن يكون فعل الوليد بن عبد الملك قدوة يقتدى به في ذلك، بل نقتدي بقول رسولنا صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو القدوة.
الجواب: إذا كان الشيء منتشراً وليس خاصاً لقوم فلا يكون في ذلك تشبه، وإنما يكون التشبه فيما إذا كان خاصاً بهم، وفعله الإنسان حباً لهم أو اقتداء بهم، فهذا هو التشبه.
الجواب: تتابع القضاء ليس واجباً، فلو قضته متفرقاً جاز، وليس في هذا خلاف؛ لأن الله جل وعلا يقول: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].
الجواب: الفتن تختلف، فقد تكون الفتنة فتنة في النفس -نفس الإنسان-، كأن يحدث له فتنة في قلبه، بمعنى: أنه ينصرف عن حب الله وعبادته، ولا يجد لذة العبادة، وقد تكون الفتنة في حب الدنيا، وقد تكون في الأولاد والأهل، وقد تكون غير ذلك، فعلى الإنسان أن يعتصم بالله، ويسأله العافية من الفتن، ويحرص على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في الحديث: (أنه ستكون فتن)، فقيل للرسول: (ما العاصم؟ فقال: كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم)، فالمخرج هو التمسك بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الله أعلم، أما حديث الجساسة فالظاهر فيه أنه موجود ومربوط في البحر، هذا ظاهره؛ لأنهم رأوه موثقاً وثاقاً عظيماً، وصار يسألهم عن أشياء معينة، فسألهم عن رسول العرب، فقال: أخرج؟ وسألهم عن نخل بيسان، فقالوا له: موجود، فقال: يوشك ألا ينبت، وسألهم عن بحيرة طبرية، فقال: أموجودة؟ قالوا: نعم، قال: يوشك أنها تذهب، فإذا ذهبت أذن لي بالخروج، وكذلك إذا ذهب نخل بيسان، وبيسان أظنها في الأردن، فالمقصود: أن الكلام هذا يدل على أنه الدجال، وفي صحيح مسلم أنه يخرج من خلة بين الشام والعراق، يتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفاً، وهذا ليس مستحيلاً، فالعلم عند الله جل وعلا.
الجواب: ليس هذا مخالفاً للقدر؛ لأن صلة الرحم من الأسباب التي كتبت في الأزل، ولابد أن الإنسان يفعل الشيء الذي كتب له، والإنسان عنده عقل، وعنده اختيار، ومقدرة على فعل الخير، فمن أراد الله جل وعلا به خيراً فسييسره، وسيصل رحمه، ولهذا لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده في الجنة أو في النار، قالوا: ألا نتكل على الكتابة وندع العمل؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له)، يعني: أن الإنسان لا يدخل الجنة بالكتابة، كما أنه لا يدخل النار بها، بل لابد من العمل، والعمل مكتوب ومنه الصلة، وقد كتب أن هذا الإنسان سيصل، وسيكون عمره زائداً بسبب هذه الصلة.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم هو أعرف الناس بالله جل وعلا، وليس بين الناس وبين الله جل وعلا صلة تصلهم به يأمنون بها، إلا الطاعة والإيمان ومتابعة أمره، فإذا عصوا أهلكهم الله جل وعلا ولا يبالي بهم.
والأمر بيده: يفعل ما يشاء ويحكم بما يريد، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر يدعو ويجتهد ويبالغ في الدعاء، ويقول: (يا رب! إن شئت لا تُعبد بعد اليوم، اللهم إن تهلك هذه العصابة فلا تعبد بعد هذا اليوم)، حتى إن أبا بكر قال: يكفيك مناشدتك ربك، والله! لينصرنك الله جل وعلا، قال هذا ثقة بالله جل وعلا، فالمقصود: أنه لا يوجد أمان تام بأنه لا يحصل العذاب؛ لأن العذاب يحصل بسبب الذنوب، وإذا حصل العذاب فقد يكون مثلما قال الله جل وعلا: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25]، يعني: أنها تعم الظالم وغير الظالم.
وفي حديث عائشة : (أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر فيكم الخبث)، وفي الحديث الآخر الذي في صحيح البخاري في ذكر الجيش الذين يخسف بهم، قالت: (كيف يخسف بهم وفيهم من ليس منهم؟! قال: يخسف بهم ثم يبعثون على نياتهم ..).
الجواب: هذه الشروط مذكورة في الحديث، ومنها: حتى يكون بعضهم يسبي بعضاً، وبعضهم يقتل بعضاً، فإذا وقع فيهم مثل هذا يجوز أن يسلط عليهم عدواً من غيرهم، كما جاء التتار، وجاء غيرهم من الكفرة والصليبيون واستباحوا المسلمين، وقتلوهم قتلاً، وأخذوا كثيراً من أموالهم وبلادهم.
الجواب: مثل هؤلاء لا يحتاج أنه يقام عليهم الحجة، فمن لم يصدق بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين فهو كافر بلا تردد.
الجواب: الهدية من الكافر يجوز قبولها، وقد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم هدايا بعض الكفار.
الجواب: المهدي كذلك صحت فيه الأحاديث، ولكن المهدي اختلف الناس فيه، فكل فرقة من فرق الناس لهم مهدي، ولكن المهدي الذي صحت الأحاديث بأنه يخرج في آخر الزمان: اسمه كاسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أبناء الحسن بن علي ، وإذا خرج يكون معه المؤمنون، وحينها يخرج الدجال، ولهذا قال بعض العلماء: إن أول علامات الساعة الكبرى خروج المهدي، وجاء فيه أحاديث عدة، وكلها ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: قوله: إلى قيام الساعة، أي: ساعتهم، وهي الريح التي تأتي لقبض كل من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فلا يكون هناك مخالفة بين الحديثين.
الجواب: (محدثاً) روي بكسر الدال وروي بفتحها: (لعن الله من آوى محدِثاً)، و(لعن الله من آوى محدَثاً)، وكلاهما صحيح، ومعنى الإيواء: إما الرضا بذلك والعمل به، وإما أنه يحول بينه وبين من يمنعه من الحدث، أو يقيم عليه الحد الذي يلزم في الشرع، فإما أن يحميه، وإما أن ينضم إليه ويكون مثله، فكل هذا إيواء.
الجواب: بدأت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتهت في زمن عثمان على ما يظهر، ولهذا لما سئل: (أفيما مضى أو فيما بقي؟ قال: فيما مضى).
الجواب: لا يمكن أن يعارض هذا بما جاءت به النصوص، فإن كان هذا الدعاء لبعض العلماء فإن الراجح خلافه.
الجواب: نعم، لقد جاء في ذلك حديث، ولكن ليس فيه أن الله يذبحه، وإنما فيه أنه يؤتى به على صورة كبش، فيقال لأهل الجنة: (هل تعرفون هذا؟)، وفي رواية: (أنه ينادى: يا أهل الجنة! فينظرون، وينادى: يا أهل النار! فيشرئبون وينظرون، ويقولون: لعل الفرج يأتي، فيقال لهم: أتعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت؛ لأنهم يعرّفون به، فيذبح) وليس فيه أن الله يذبحه، فيقال: (خلود ولا موت)، فيزداد أهل الجنة فرحاً وسروراً، ويزداد أهل النار عذاباً وحزناً وأسفاً.
الجواب: لا يجوز أن يقال: تبارك في كذا، وما يدريه أن هذا طعام فيه البركة، فالواجب أن تجتنب الألفاظ التي تختص بالله جل وعلا، فلا يجوز أن يقال: تعال تبارك بساعة، أو تبارك بفلان، أو تبارك بهذا المكان، وكل هذا يقع من بعض الناس، ولكن هذا لا يجوز؛ لأن هذه اللفظة خاصة بالله جل وعلا، ولا يجوز إطلاقها على مخلوق.
الجواب: أولاً: البخاري رحمه الله من أفقه الناس، وهذا الترتيب الذي رتب به صحيحه هو الترتيب الذي ينبغي أن يكون؛ لأن الإيمان والتوحيد لا يكون إلا بالوحي، فهو بدأ بالوحي أولاً ثم بالعلم؛ لأن العلم لابد منه، وأتى بالإيمان بعد ذلك؛ لأن الإيمان يكون بالوحي.
وأما كونه أخر كتاب التوحيد إلى آخر الصحيح فهو أراد شيئاً آخر، وهو: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين كل ما يلزم الناس في دينهم، وفي ذلك يرد على أهل البدع المخالفين، من مرجئة ومعتزلة وجهمية وغيرهم، فهو قصد هذا، ولهذا ختم كتابه بحديث: (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان)، وإذا تأمل الإنسان ذلك علم وعرف فقه هذا الرجل رحمه الله، ورسوخه فيه.
وهناك ارتباط بين الإيمان والتوحيد، فلا يوجد توحيد بلا إيمان، ويجب أن يكون مقيداً بالكتاب والسنة، فالتوحيد أخذاً من أن العبادة تكون واحدة لواحد، كما قال ابن القيم :
كن واحداً لواحد في واحد أعني: طريق الحق والإيمـان
(كن واحداً) يعني: أنت واحد، (لواحد) يعني: اجعل عبادتك وأفعالك لله، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162]، (في واحد) يعني: في طريق واحد الذي هو طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: (أعني: طريق الحق والإيمان) فسواء قلت: إيمان أو توحيد فكله سواء، إلا أن التوحيد أخص منه في المعنى.
الجواب: لا، ومعنى ذلك أن ملك أمته لا يتسع حتى يشمل الشمال والجنوب، وليس معناه: أن الإسلام لا يتعدى الشمال والجنوب، فهذا لا يفهم منه.
الجواب: بلا شك أنه بسبب الإنسان، فالإنسان قد يصدر منه كبر وقد يصدر منه عجب، وقد يصدر منه أمراض أخرى، تكون سبب شقائه، مع العلم أن الله جل وعلا هو الذي خلق الأسباب والمسببات وقدرها، ولابد من وقوعها، إلا أن للإنسان في كل ما يفعله إرادة يحاسب عليها، وما يصيبه بعد ذلك فهو من جراء فعله.
فكل مصيبة تصيبه أو عذاب ينزل به فهو يستحقه؛ لأنه مذنب ومستحق لذلك، كما قال الله جل وعلا: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]، ثم ليعلم الإنسان أن التوحيد فضل من الله، والإنسان لا يستحقه، فإذا تفضل الله جل وعلا على عبده بأن وفقه وحبب إليه الإيمان وزينه في قلبه، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان فإن هذا فضل الله، ولا يستحقه الإنسان لمجرد كونه إنساناً، ولكن الله منَّ عليه وتفضل به ابتداء، فعليه أن يحمد الله ويشكره على ذلك، وكلما تفضل الله عليه بشيء يزداد حباً لله، وشكراً له، وتقرباً إليه.
أما إذا منع ذلك الخير فهو لم يظلمه؛ لأنه فضله يؤتيه من يشاء ويمنعه عمن يشاء، ولهذا جاء في القصة التي وقعت بين أبي إسحاق الإسفرائيني والقاضي عبد الجبار المعتزلي في مجلس كبير فيه العلماء والأدباء والأمراء، وكان القاضي عبد الجبار المعتزلي يتزعم مذهب القدرية الذين يرون أن الإنسان يخلق أفعاله، وأن الله لا يخلق أفعال الناس، وأنه لا يخلق المعاصي، فدخل أبو إسحاق الإسفرائيني ، فقام عبد الجبار أمام هؤلاء الكبراء وقال: سبحان من تنزه عن الفحشاء! وأبو إسحاق فهم مقصوده، فقال مجيباً له على الفور: سبحان من لا يكون في ملكه إلا ما يشاء، أراد المعتزلي: أنكم تقولون: إن الله موصوف بالفحشاء؛ لأنه يخلق الشر، ويخلق الفسق والكفر الذي يتصف به الإنسان، هذه فحشاء عنده، فقال أبو إسحاق: سبحان من لا يكون في ملكه إلا ما يشاء، أي: أنكم تقولون: إن الناس يخلقون مع الله، فهل يكون في ملكه شيء لا يشاؤه؟! فقال له المعتزلي: أيريد ربنا أن يعصى؟ فقال له أبو إسحاق : أيعصى ربنا قهراً؟ أيعصى وهو لا يريد؟ فقال له المعتزلي: أرأيت إن حكم عليّ بالردى أحسن إليّ أم أساء؟ قال: إن كان منعك حقك فقد أساء، وإن كان منعك فضله فهو يؤتي فضله من يشاء، فقال الحاضرون: والله! ليس عن هذا جواب، فكأنما ألقم هذا المبتدع حجراً.
المقصود: أن المنن والإحسان والإيمان والطاعات كل هذه فضل من الله، يتفضل بها على من يشاء من الناس، أما إذا منعه ذلك، ووكله إلى نفسه، فيعاقب على فعله.
الجواب: الله جل وعلا علم أن هذا المخلوق سيوجد في وقت كذا، وأنه سيعمل كذا وكذا، وأنه سيموت على كذا وكذا، فكتب الله جل وعلا ذلك، وقد شاءه قبل ذلك، ولكن مثلما قال صلى الله عليه وسلم: (فيسبق عليه الكتاب فيعمل)، فلابد من العمل، ولا يؤاخذ أحد بمجرد الكتابة ومجرد العلم السابق لله، لقوله: (فيعمل). ثم إنه قال عليه الصلاة والسلام: (كل مخلوق ميسر لما خلق له)، فأهل السعادة ييسرون لعمل أهل السعادة، وأهل الشقاء ييسرون لعمل أهل الشقاء، والأمور مخبوءة ومغيبة لا يدري الإنسان عن شيء من ذلك، وقد أمر بفعل الخير، والاجتهاد والحرص عليه، وأمر بفعل الأسباب، فعليه أن يجتهد في فعل السبب، ويحرص على ما ينفعه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك ولا تعجزن، فإن أصابك شيء -يعني: على خلاف ما تريد- فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان، ولكن قل: قدر الله، وما شاء فعل)، فيجب على العبد أن يؤمن بأن الله علم الأشياء وقدرها وكتبها، وأن كل شيء يقع بمشيئته، وأنه هو الخالق وحده جل وعلا وما سواه مخلوق.
الجواب: نعم، سب الدين أو سب الله أو سب الرسول كفر بالله جل وعلا، وكذلك الاستهزاء بالله أو بكتابه أو برسوله أو بالمؤمنين.
الجواب: عليه أن يتقي الله ولا يفعل، وسوف يجعل الله جل وعلا له مخرجاً، وأما قول المرأة فينبغي أن يعرف صدقها فيه، فليس بمجرد أن تقول المرأة: إنه صنع كذا، أنه يحكم بقولها، بل يجب أن يثبت الأمر أولاً، والمقصود: أن الإنسان إذا اتقى الله جل وعلا جعل له مخرجاً، كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2] في أي شيء كان، فإذا كنت مع الله كان الله معك.
الجواب: نقول: إن هذا لشيء يتعلق بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وله أن يعفو عن ذلك، فهو صلوات الله وسلامه عليه ولي المؤمنين.
السؤال: هذه المرأة التي في القصة، إن تابت وأسلمت هل يقبل إسلامها وتوبتها أم لا؟
الجواب: الصحابة توقفوا في أمرها، أفتريدنا أن نفتيها؟!
الجواب: ليس معنى قوله تعالى: وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:69] أنه ليس للسحر حقيقة، بل معناه: أنه لا يحصل له الفلاح -والفلاح هو: الظفر- لأنه في حزب الشيطان حزب الباطل، والشيطان كيده باطل وضعيف، والباطل زاهق إذا جاءه الحق.
الجواب: السحر غير الساحر، أما الساحر فلا يفلح، وأما السحر -الذي هو فعل الساحر- فيؤثر في الأبدان، وقد يقتل، وكما قال الله جل وعلا: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102]، فهو لا يصنع شيئاً، إلا شيئاً أراده الله وقضاه، وعمله ذلك معصية بل كفر بالله جل وعلا، والمقصود: أن الساحر نفسه لا يقع في فلاح؛ لأنه أطاع الشيطان واتبع أمره، ومن كان من حزب الشيطان فهو خاسر في الدنيا والآخرة.
الجواب: ينبغي -أولاً- البحث في صحة هذا الحديث، فإذا ثبتت صحته فالمصدق بالسحر معناه: الذي يؤمن به ويفعله، فإذا آمن به وفعله فهو شريك للساحر.
الجواب: هذا هو الذي جاء فيه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جاء كاهناً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)، فلا يجوز الذهاب إلى الكاهن، والكاهن أقل ضرراً من الساحر.
الجواب: لا يجوز أن يترك لأي أحد كان، بل الذي يقتله هو ولي الأمر، أما لو وكلت الأمور إلى أي أحد، لصارت فوضى، ولكان كل واحد يذهب ويقتل من شاء، ويدعي أنه ساحر، أو قاتل ونحو ذلك، وإنما القصاص والأحكام ينفذها ولي الأمر.
الجواب: قصة الملكين أنكرها بعض العلماء، وقال: هذه القصة تحتاج إلى أن تكون ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن تكون مأخوذة عن علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وعلماء الكتاب يذكرون الشيء الذي قد يكون واقعاً والشيء الذي لا يكون واقعاً، فلا نصدقهم ولا نكذبهم، إلا فيما كذبهم كتابنا أو رسولنا أو صدقهم، فالذي صدقهم فيه نصدقهم فيه، والذي كذبهم فيه نكذبهم فيه، والشيء المسكوت عنه نسكت عنه، ونقول: الله أعلم، يجوز أن يكون صحيحاً ويجوز ألا يكون صحيحاً، ونقول: آمنا بما أنزل الله من كتاب.
الجواب: ليس بلازم، فإنه لم يثبت في قصة لديغ الحي أن أبا سعيد وضع يده على الذي لدغته الحية، وإنما أقبل يقرأ عليه الفاتحة فقط، فقرأها عليه، فبرأ كأنما نشط من عقال، يعني: كأن رجله كانت محزومة بحبل، ففك الحبل، فأصبح يمشي ليس فيه أي داء.
الجواب: المقصود بالقذف: القذف بالزنا أو باللواط -والزنا يكون في الفرج ويكون في الدبر- ثم يكون هذا في النساء وفي الرجال، فالقذف ليس المقصود به فقط المرأة، بل حتى الرجال، فإذا قذف رجل رجلاً بأنه زانٍ -سواء كان قصده أنه فعل في امرأة أو في صبي أو في غير ذلك- فهو قاذف، وداخل في هذا الوعيد.
الجواب: هذه الأمور لا يجوز فيها المزح، بل المزح يجب أن يكون في الشيء الذي يكون مباحاً، أما الحرمات فليس فيها مزح.
الجواب: قاتل النفس يلزمه ثلاثة حقوق: حق للمقتول، وحق لله، وحق لأولياء المقتول، فحق أولياء المقتول يسقط بالقصاص أو بدفع الدية، وحق الله يسقط بالتوبة، ويبقى حق المقتول لابد أن يؤدى إليه ولا يضيع حقه.
ومن هنا قيل: إنه لا توبة للقاتل، والسبب: هو في كيف يرضي المقتول؟ ولكن إذا علم الله جل وعلا صدق توبة عبده، فإن الله يرضي المقتول عنه، ويرضيه عنه بما يشاء.
الجواب: هذا جهل؛ بل الخداع هو نوع من أنواع السحر وليس كل السحر، والسحر أنواع ثمانية، أحدها: الخداع، وهذا الذي ذكر في قوله تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه:66]، وقد سبق الكلام على ذلك، وأما تكذيب الحديث فهذا لا يجوز، فالحديث ثابت في الصحيحين، والرسول صلى الله عليه وسلم أثر عليه السحر، وصار -كما قالت عائشة - يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله، وهذا أشد أنواع السحر.
الجواب: وجه الدلالة: أن السحر لا ينفك عن الشرك، فحديث أبي هريرة فيه أنه موبق، والموبق مغدق، وكذلك -من أوجه الدلالة- قرنه بالشرك.
الجواب: ليس هناك -في الواقع- معارضة؛ لأن الجنة لا تكون عوضاً للعمل، ولكن العمل سبب لدخول الجنة، فقوله: (بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) الباء هنا: سببية وليست عوضية، ليست مثلما تقول: الكتاب بعشرة دراهم، أما دخول الجنة فهو برحمة الله وفضله وإحسانه، وهذا معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله)، يعني: لا يكون العمل عوضاً عن الجنة، وإنما هو من باب السبب فقط.
الجواب: أما قول الله جل وعلا: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25]، فإنه يشمل من أراد معصية ولو لم يفعلها، ولكن الإرادة هي: العزم المصمم، فإذا عزم على الشيء وصمم على فعله فقد دخل في قوله: ومن يرد ، أما مجرد الفكرة التي تزول وتنتهي بدفعها فهذه ينبغي ألا تكون داخلة في ذلك، ولا تضر، فهناك فرق بين الفكرة والعزيمة.
الجواب: بلا شك أن فيه حرج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فإذا وجد في قلبه خلاف ما في هذا الحديث فهو حرج وإثم، وأما العلاج: فبمحاولة إزالته ودفعه، ويود لأخيه ما يود لنفسه، ويريد له الخير دائماً، ويسعى فيه.
الجواب: لا هذا ولا هذا، وإنما جميعها موبقة، لكن مع التفاوت، ولهذا يقول العلماء: الذنوب تتفاوت، فمنها أمور كبار وأكبر، والشرك هو أكبر الجميع وأعظمها، ولهذا بدأ به صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الربا حرام، ولا يجوز للشركة أن تعمل هذه الطريقة، وتؤكِّل عمالها رباً، وإذا علم العامل أن ذلك رباً فلا يجوز أن يأخذه، وإذا لم يعلم فالإثم على الشركة.
الجواب: الاستفادة منها: أن تفهم مراد المؤلف رحمه الله؛ لأن هذا هو فقه الباب، اختصره بالمسائل، وإذا ذكر في المسائل شيئاً لم تفهمه فعد إلى ما ذكره في الأصل، حتى يتبين لك، فالماتن أراد أن يسهل الباب على الطالب بهذه المسائل ويقربه إلى الفهم.
الجواب: إذا تاب قبل ذلك وظهر صدق توبته فيترك.
الجواب: بفعله السحر، فإذا ثبت فعله السحر فيكفي، وهذه هي البينة.
الجواب: كل من سب النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يقتل -سواء قال: أنا غضبان، أو أنا ما قصدت، أو لم يقل شيئاً من ذلك، وتوبته لا تقبل، هذا في الظاهر، أما في الباطن فأمره إلى الله يحكم به يوم القيامة.
الجواب: يقول العلماء معناه: أن الذي يقوم بإنكار المنكر وإقامة الحد فإنه يبعث أمة واحدة؛ لأنه قام بأمر لم يقم به غيره في ذلك الموقف. فالإنسان الذي يأتي بالحق ويتخلف الناس عنه يعتبر وحده أمة، كما أخبر جل وعلا عن إبراهيم أنه كان أمة؛ لأنه كان في ذلك الوقت وحده على الحق.
الجواب: نعم، تترتب عليهم حقوق الناس، ولكن الزاني يكون عليه حق للزوج، وحق للمرأة إذا كانت كارهة، وحق لأهلها، وقد جاء أن الذي يزني بامرأة الغازي في سبيل الله، يوقف له الغازي يوم القيامة، ويقال: خذ ما شئت من حسناته، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما رأيكم هل يترك له شيء؟!)، يعني: أنه لا يترك له ولا حسنة واحدة، بل يأخذ كل حسناته؛ لأنه انتهك حرمة أهله، وخانه في ذلك، وهناك حقوق تتعلق بالغير كثيرة.
الجواب: هذا ليس في الساحر فقط، بل هذا في جميع الحدود، فالحدود لا يقيمها إلا ولي الأمر، ولا يجوز للناس أن يقيموها، وأما جندب فإن الأمير الذي في وقته كان قد عطل الحد، فخاف جندب أن يترك إقامة الحد فقام به، ولهذا جاء أنه يبعث وحده من أجل ذلك، أما حفصة: فالساحرة كانت مملوكة لها، والمملوك يقيم عليه الحد وليه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد، ثم إن زنت فليجلدها الحد، ثم إن زنت فليبعها ولو بحبل من شعر)، فالمملوك سيده هو الذي يقيم عليه الحد.
الجواب: ليس معنى ذلك: أن ابن عباس رجع إلى قول الجمهور، ولكن السبب هو الرد على قول من قال: إن له لا توبة، وقد سبق أن شرحنا هذا.
الجواب: لا، بل تطلق على كل ما طغى وزاد عن حده، كما قال تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ [الحاقة:11]، فكل شيء يزيد عن حده يسمي طاغوتاً، ولهذا عرفه ابن القيم رحمه الله بقوله: (الطاغوت هو: كلما تجاوز به العبد حده: من متبوع أو معبود أو مطاع) فقوله: (كل ما تجاوز به العبد) يعني: حد ذلك الشيء المتجاوز به، ورفعه عن الحد الذي حده له الشرع، فالعبد حده أن يكون عبداً ولا يكون معبوداً، فإذا رفعه إنسان إلى أن يكون معبوداً فقد صار طاغوتاً عند الذي فعل هذا الشيء، فإذا كان المعبود راضياً بذلك فهو في نفسه أيضاً طاغوت، بل ومن رؤساء الطواغيت، والمقصود أن هذا التعريف مأخوذ من اللغة.
الجواب: توجيهه: أن الآية التي في قتل النفس هي آخر ما نزل، ولم ينزل شيء بعدها ينسخها -بمعنى: يخصصها، فقصده بالنسخ هنا التخصيص- هذا هو توجيهه.
الجواب: هذا دجل وحيل وشعوذة، وليس هذا من السحر، وكل من يفعله يعد من الدجالين، وهو محرم من المحرمات.
الجواب: السحر أنواع شتى وليس نوعين، بل أكثر من نوعين، وقد أوصلها الرازي رحمه الله إلى ثمانية أنواع، ولكن بعضها -مثلما قال-: ليست سحراً حقيقياً؛ بل هي بحيل وأمور قد تدرك، وأما ثلاثة أنواع منها أو أربعة فهي بواسطة الشيطان، أي: سحر فيه عبادة للشيطان.
الجواب: (إنه الشيطان) هذا هو المصحف، وقد سبق أن قول عمر رضي الله عنه: إن الجبت: السحر؛ لأن التصحيف لا يكون إلا من شيء ثابت إلى شيء مصحف.
الجواب: الاستدلال بالنجوم من السحر، ويكون شركاً إذا اعتقد الإنسان به، كأن يعتقد أن اقتران هذا النجم أو طلوعه يدل بذاته على حادث يحدث في الأرض، أو يدل على المطر، أو يدل على الريح، أو يدل على أن هذا الإنسان يحصل له كذا، أو أنه يحدث أمراضاً، أو يحدث حوادث في الأرض: من تغير حكومة وإتيان حكومة أخرى، وما أشبه ذلك، مما يقوله المنجمون.
الجواب: هذا من العلم الذي يقرأ ويدرس، وقد فصلنا وذكرنا أنه لا يدخل في ذلك.
الجواب: الذي يذهب إلى السحرة واقع في الإثم بلا شك، سواء كانت الزوجة أو غيرها، فإن تعدى ذهابه إلى أن يطلب من الساحر أن يعمل سحراً فإنه يزداد إثماً، وإذا كان الإنسان له سلطة على من يفعل ذلك فعليه أن يمنعه من هذا الشيء، ويخبره أن هذا من المحرم -لأن الإنسان قد يفعل أفعالاً لا يدري هل هي محرمة أو غير محرمة، وقد يقول: إنها جائزة- فإن أبى من الامتناع بعدما أخبره بحرمتها فإنه يمنعه -إذا كان يستطيع ذلك- بالقوة، وإن أدى ذلك إلى تأديبه فاليؤدبه.
الجواب: الغيبة هي: ذكرك أخاك بما يكره، أما قول: بعض الناس يقول كذا، وبعض الناس يفعل كذا، فهذا إذا كان القائل صادقاً ويريد الإصلاح فله نيته، أما إذا كان كاذباً فهو يدخل في إثم المغتاب.
الجواب: إبليس كان من جنس الملائكة؛ لأنه كان معهم، فالله جل وعلا لما قال للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا [البقرة:34] استثنى منهم إبليس، فقال: إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى [البقرة:34]، وفي آية أخرى قال عنه: (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [الكهف:50]، فهذه الآية تدل على أنه من نوع آخر، ولكنه كان معهم يعبد الله جل وعلا.
الجواب: من قرأها فقد دخل في التنجيم المنهي عنه الذي هو شرك، والذي يقرؤها ويصدق بها فهو من الذين يصدقون بقول المنجمين، ومن صدق بقول منجم فهو مثله.
الجواب: هذا نوع من الدجل، والكسر لا يجبر بالقراءة، بل لابد أن يجبر تجبيراً حقيقياً؛ لأن هذا أمر له سبب ظاهر، والذي يقول: إن الذي يقرأ على الكسر فيجبر ولي فهو كذاب، وذاك ليس ولياً لله، بل هو ولي للشيطان، وولي الله لا يقول: أنا ولي الله، فلا يظهر شخص نفسه ويشهر أنه ولي إلا من يريد الدنيا، ويريد أن يستولي على أموال الناس.
الجواب: سبق هذا وتكلمنا فيه، وذكرنا الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أن من وسائل الشرك -التي وقع فيها كثير من الناس- بناء المساجد على القبور، وأكبر منه إذا تطور إلى بناء قباب عليها.
الجواب: يجوز للحاج ألا يأتي إلى المدينة أصلاً، فلو ذهب إلى مكة ولم يأتِ إلى المدينة فلا أحد يقول: إنه آثم، أو إن حجه ناقص، فإتيان المدينة والصلاة فيها ليس من أعمال الحج، وإنما الحج في مكة فقط، أما كونه يأتي ويصلي في المسجد النبوي فهذا فضل، والصلاة فيه بألف صلاة، ولكن الصلاة في مكة بمائة ألف صلاة، وعلى هذا تكون الصلاة بمكة أفضل من الصلاة في المدينة، والمقصود: أن الحج والمناسك تكون في مكة وليس في المدينة، وزيارة المدينة أمر خارجي عن الحج، وليس له دخل في الحج.
الجواب: السكتة بعد قراءة الفاتحة هي سكتة لطيفة بقدر ما يرتد إليه نفسه فقط، أما السكتة الطويلة فهي بدعة، وسكوت الإمام حتى يقرأ المأموم الفاتحة يعد من البدع، كما نص عليه العلماء، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل ذلك، وإنما كانت له سكتة لطيفة بعد تكبيرة الإحرام، وهي التي سأله عنها أبو هريرة رضي الله عنه: ما تقول فيها؟ فأخبره أنه يقول فيها دعاء الاستفتاح، أما بعد قراءة الفاتحة فسكوت لطيف ليرجع إليه نفسه ثم يقرأ.
الجواب: إذا كان الإنسان قد حج عن نفسه أولاً فيجوز أن يحج عن أقاربه وعن غير أقاربه، وليس بلازم أن يكون من أقاربه، فلو كان هناك إنسان أجنبي فيجوز أن يحج عنه.
الجواب: إذا كان الذي يؤم الناس ممن يعتقد في القبور، ويطوف حولها، ويسأل أصحابها، ويجعلها واسطة بينه وبين الله، فهذا ليس بمسلم، ولا تجوز الصلاة خلفه، فالمسلم يقتدي بمسلم، ولا يقتدي بمشرك، فلا تصح الصلاة خلفه سواء كان هناك خوف من الناس أو خوف من الفتنة، ولو قدر أن أحداً صلى معه فيجب عليه أن يعيد الصلاة، وكان عليه أن ينظر إلى إمام مسلم لا يعبد غير الله، ولا يعبد القبور، فيصلي معه.
الجواب: مثل هذا لا يجوز أن يكون إماماً بحال من الأحوال، فهو نفسه صلاته غير مقبولة، بل قد يكون كافراً بالدين الإسلامي، فكيف يكون إماماً يقتدى به، أو ينظر أنها تقبل صلاته أو لا تقبل؟! فالرسول صلى الله عليه وسلم قد أجاب على هذا، وليس بعد جواب رسول الله جواب.
الجواب: نعم، النسبي يدخل في هذا، فكل ما غاب عن الإنسان فهو غيب، فإذا تكلم الإنسان في الشيء الذي يغيب عنه فقد تكلم في الغيب، فالغيب النسبي: هو بالنسبة للبعض، فالذي لا يغيب عنه ليس غيباً، أما الذي يغيب عنه فهو غيب، فمن تكلم بالغيب فهو داخل في ذلك.
الجواب: لا يجوز أن يذهب إلى الكاهن مريض ولا غيره، فالكاهن ليس عنده شفاء، وإنما عنده مرض القلوب ومرض الدين، ولا يأتي بشيء، إلا إنه قد يبتلى الإنسان بالشيطان حتى يذهب به إلى الكاهن فيكون فتنة له، فعلى الإنسان أن يعتصم بالله جل وعلا، ويتعالج بالعلاجات والأدوية الطبيعية، أو بالقراءة على نفسه، أو بالرقية ممن يثق به، ويعرف دينه، وصحة مقصده.
الجواب: الكفر أعم من الشرك؛ لأنه قد يوجد الكفر ولا يوجد الشرك، فالشرك أخص، والمشرك شركاً أكبر كافر، أما إذا كان أصغر فلا، وكذلك الكفر يكون أكبر وأصغر، ولكن إذا كان الشرك أكبر والكفر أكبر فالشرك أخص؛ لأن الشرك معناه: عبادة غير الله، أما الكفر فقد يوجد والإنسان لا يعبد شيئاً، وقد يوجد فيمن يعبد الله وحده، كأن لا يصدق بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا يؤمن به، فيكون كافراً كمثل حالة اليهود.
الجواب: إذا آذى الإنسان فله ذلك: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [النحل:126]، فإذا استطاع أن يصنع به الشيء الذي يكون مكافئاً: فله أن يفعل ذلك.
وأما كون الصلاة قيدت بأربعين فالله أعلم، وهذه ما لا نعرف الحكمة فيه.
الجواب: لا يجوز ويجب أن تقطع الصلة التي بينك وبينه، فإذا كان كاهناً فليس بينك وبينه صلة، والصلة الحقيقية هي الصلة الدينية، أما إذا كان أخوك أو أبوك مخالفاً لدينك فليس بينكما صلة، والله جل وعلا يقول: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة:22]، من أقرب من الأب والابن؟! فإذا خالف دينك فليس لك بأخ وليس لك بولي، بل هو معادٍ لك.
الجواب: هذا لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم غني عن ذلك، ولم يشرع صلوات الله وسلامه عليه هذا، وأي عمل يعمله الإنسان فللرسول صلى الله عليه وسلم مثل أجره، سواء عمرة أو حج أو صلاة أو أي شيء؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: (من دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور من اهتدى، من غير أن ينقص من أجورهم شيء)، فحينئذٍ لا حاجة إلى هذا العمل.
الجواب: لا، بل سجود التلاوة يكون عند السجدة، فإذا وصلت إلى السجدة فاسجد، والسجود سنة، فإن سجدت تحصلت على الأجر، وإن لم تسجد فليس عليك شيء.
الجواب: هذا يختلف: فإذا كان الواجب من جنس واحد فعليه دم واحد، مثل: ترك رمي الجمرات: الأولى والثانية، فلو ترك واحدة فعليه دم واحد، ولو ترك الثلاث فعليه دم واحد، أما إذا كان الواجب مختلفاً فإن كل واجب عليه دم.
الجواب: نعم، هذا جائز، وهذا داخل في قوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ [الإسراء:82]، وتكتب في الشيء الذي لا ضرر فيه، مثل: الزعفران، أما الحبر فإن فيه مادة سمية، فلا يجوز أن تكتب به؛ لأنه مضر، وإذا كتب بغير الزعفران كالشيء الخالي من الضرر جاز، والسلف كانوا يفعلون هذا، والإمام أحمد روي عنه ذلك.
الجواب: إذا شفي المرقي جاز للراقي أن يأخذ على رقيته مالاً، أما إذا لم يشف المرقي فلا يجوز للراقي أن يأخذ شيئاً، ولا يجوز للراقي أن يشترط شيئاً مقابل الرقية إلا أن يتبرع له المريض أو غيره بشيء، بمعنى: أن ما يعطيه ليس جزاءً للرقية.
الجواب: لا يجوز، لا يجوز للإنسان أن يحترف الرقية ليجمع فيها الفلوس، وهذه الرقية غالباً لا تفيد ولا تجدي شيئاً، بل عليه يفعل ذلك من باب المعاونة والرحمة والشفقة على أخيه، أما أن يكون ذلك مكسبة فهذا من اشتراء آيات الله بثمن قليل، وأما إذا كانت الرقية بغير الآيات، بأمور مباحة كعلاجات وما أشبه ذلك، فهذا نوع من الطب لا بأس به.
الجواب: لا يلزم أن يكون من السحر، فالجني قد يحضر إذا خدم وعبد، يحضر لنفع وإضلال الإنسان، والجن موجودون مع الناس ولكنهم لا يظهرون، وإذا طلب من الجني أن يظهر ويعمل العمل الذي طلب منه فقد يظهر إذا رضي، وهذا ما يسميه من أراد أن يجعل الشرك متمدناً بـ(تحضير الأرواح) أو بـ(التنويم المغناطيسي) أو ما أشبه ذلك من الأمور التي هي من عمل الجاهلية، بل من عمل المشركين، فهذا لا يجوز، والمؤمن يجب أن يكون متعلقاً بربه جل وعلا، لا أن يتعلق بجني أو بإنسي، ويجب عليه أن يحترز من الجن بذكر الله جل وعلا، والاستعاذة بالله منهم.
الجواب: طالب العلم إذا كان فقيراً ومحتاجاً لشراء الكتب؛ لمواصلة دراسته، وليس عنده ما يكفيه، فيجوز له أن يأخذ من الصدقات مما يتبرع به ذوو الطول والإحسان، فإن هذا من الجهاد في سبيل الله، وطلب العلم من أفضل الأعمال، والذي لا يستطيع ذلك فإعانته لطالب العلم من أفضل الأعمال.
الجواب: اللحية قد جاءنا الأمر بتوفيرها وبإكرامها وبإعفائها، فلا يجوز أن يؤخذ منها شيء.
الجواب: ليس معنى ألا يتسبب الإنسان في عدوى أخيه أنه يمتنع من قربان المريض أصلاً، ولكن المقصود ألا يخالطه مخالطة مثل: أن يلبس ثيابه، أو يجلس في فراشه، وما أشبه ذلك من الأمور التي تكون سبباً في انتقال المرض إليه، أما زيارته والكلام معه فلا يدخل في هذا.
الجواب: الواجب طاعة الوالد إذا كان أمراً مباحاً، فإذا أمره ألّا يسافر فلا يسافر، أما إذا كان سفره -مثلاً- لأمر واجب يتعين عليه فإنه لا يلتفت إلى نهي الوالد عن السفر؛ لأن طاعة الله أولى.
الجواب: لا يدل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يورد مصح على ممرض)، ولا تكون الأحاديث متعارضة، وقوله: (لا يورد ممرض على مصح)واضح.
الجواب: لا تعارض، وقد سبق أن ذكرنا أن من أسباب العدوى ملامسة فضلات المريض أو سائله أو غطائه، أو ما أشبه ذلك، وهذا ينبغي للإنسان أن يجتنبه؛ لأنه قد يكون سبباً للمرض.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر