إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [639]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    معنى حديث: (من مس الحصى فقد لغا...)

    السؤال: ما معنى حديث: ( من مس الحصى فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له )، ولماذا خص الحصى بهذا الحديث؟

    الجواب: الحصى: هي الحصباء التي فرش بها المسجد وكان مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته مفروشاً بالحصباء، ومعنى: ( مَنْ مس الحصى فقد لغا ) أي: من مسه حال خطبة الإمام يوم الجمعة عبثاً فقد لغا؛ وذلك لأنه تله عن استماع الخطبة، ومن لغا فلا جمعة له، أي: أنه يحرم من ثواب الجمعة؛ لأن من أهم مقصود الشرع في صلاة الجمعة: الخطبة والاستماع إليها، فإذا تشاغل عنها الإنسان بمس الحصى فإنه يكون قد حرم هذه الحكمة العظيمة فيحرم من ثواب الجمعة، وهذا يدل أنه يجب على الإنسان حال خطبة الجمعة أن يكون منصتاً مستمعاً لما يقوله الخطيب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً، ومن قال له: أنصت فقد لغا ).

    1.   

    المسح على الخفين في المدة بعد خلعهما للنوم

    السؤال: إذا لبست الخفين ثم خلعتها عند النوم وعند الفجر لبستها ومسحت عليها ومدة المسح عليها لم ينته، فهل هذا جائز؟

    الجواب: هذا ليس بجائز؛ لأن الإنسان إذا مسح الخف ثم خلعه بعد مسحه فإنه لا يعيد المسح عليه إلا بعد أن يتوضأ وضوءاً كاملاً يغسل فيه رجليه ثم يلبس الخف من جديد، وعلى هذا فمن كان يعتاد أن يخلع خفه عند النوم أو عند دخول المسجد أو عند دخول المجالس فإنه يمسح على الجورب الذي تحته حتى يكون في سعة.

    1.   

    ما يجب على من مس عورته بعد الغسل

    السؤال: إذا اغتسل الإنسان ثم لمس عورته فهل عليه شيء؟

    الجواب: ليس عليه شيء، يعني أن مس الذكر لا ينقض الوضوء، لكن إذا كان لشهوة فإنه ينقض الوضوء؛ لأن بهذا التفصيل تجتمع الأدلة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة أعليه وضوء؟ قال: ( لا إنما هو بضعة منك ) أي: جزء منك، ومس الإنسان جزءاً من نفسه لا يعتبر ناقضاً للوضوء فهو كما لو مس رجله بيده فإن وضوءه لا ينتقض.

    والحديث الآخر حديث بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( من مس ذكره فليتوضأ ) يدل على وجوب الوضوء من مس الذكر.

    والجمع بينه وبين الحديث الأول أن يقال: إن مسه الإنسان لشهوة فإنه يخالف مس بقية الأعضاء فينتقض وضوؤه، وأما إذا مسه لغير شهوة فإنه لا ينتقض وضوءه، وليعلم أن المس هو المس بلا حائل، أما إذا كان مع حائل فإن ذلك لا يعد مساً فلا ينقض الوضوء حتى لو كان لشهوة فإنه لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج منه ما يوجب الوضوء.

    1.   

    إخراج الولد الكفارة عن والدته

    السؤال: إذا وجب على والدتي كفارة فهل يجوز أن أكفر عنها؟

    الجواب: نعم، إذا وجب على أحد كفارة وكفَّر عنه أحد بإذنه فلا بأس؛ لأنه يكون كالوكيل له، والوكيل في دفع الكفارات وفي دفع الصدقات وكالته نافذة وصحيحة، وسواء أخرج الكفارة من مال والدته أو من ماله هو.

    1.   

    الصلاة خلف إمام من خلفه يكرهونه

    السؤال: ما حكم الصلاة خلف الإمام ومن خلفه يكرهونه؟

    الجواب: الصلاة خلف الإمام الذي يكرهه من خلفه صحيحة، ولكن يبقى النظر: هل الأولى للإمام أن يبقى في الإمامة وأهل المسجد يكرهونه؟

    والجواب على ذلك: أنه لا ينبغي له أن يبقى إماماً في المسجد إذا كان أهل المسجد يكرهونه؛ لأن المقصود من الجماعة هو الإلفة والاجتماع، ومع الكراهة لا يكون إلفة ولا اجتماع، فإذا رأى الإنسان أن أكثر أهل المسجد يكرهونه فالأفضل له أن يدعه وأن يطلب مسجداً آخر يكون إماماً فيه.

    1.   

    حكم تجاوز الميقات بلا إحرام لمن يريد الحج والعمرة وما يجب عليه

    السؤال: أحرمت بالعمرة وكنت قد تركت الإحرام من الميقات ولبست سروالاً قصيراً، فما حكم ذلك؟ وماذا يجب علي؟

    الجواب: أولاً: يجب أن نعلم أنه لا يحل لإنسان أن يتجاوز الميقات وهو يريد الحج أو العمرة إلا أن يحرم منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقت المواقيت وأمر بالإحرام منها لمن أتاها وهو يريد الحج أو العمرة.

    ثانياً: إذا فعل الإنسان هذا -أي تجاوز الميقات بلا إحرام وهو يريد الحج أو العمرة- فإنه آثم عاص لله ورسوله، وعليه عند أهل العلم فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء ولا يأكل منها شيئاً؛ جبراً لما ترك من واجب الإحرام حيث ترك واجباً في الإحرام وهو أن يكون الإحرام من الميقات.

    1.   

    حكم من أحرم بالحج قبل أن يتم العمرة وما يجب عليه

    السؤال: حجت والدتي متمتعة لكنها لم تسعى بين الصفا والمروة إلا أربعة أشواط لأنها مريضة، وطلبت أن أحضر لها العربة لحملها عليها وأكمل معها السعي ولكنها رفضت لجهلها ظناً منها أنها تشعر بالحرج والعجز، وهذا جهل منها، مع العلم بأنني في العام القادم ذبحت هدي في مكة المكرمة ولكن: هل يجزي ذلك أم نكمل لها الأشواط المتبقية، مع العلم بأنها مصرة ومن الصعب أن تحضر مرة أخرى وذلك لمرضها؟ وجزاكم الله خيراً.

    الجواب: مسألتها مشكلة على قواعد الفقهاء رحمهم الله، وذلك لأن عملها هذا يتضمن أنها أحرمت بالحج قبل أن تتم العمرة في وقت لا يصح فيه إدخال الحج على العمرة؛ لأن إدخال الحج على العمرة إنما يكون قبل الشروع في طوافها، وهذه قد طافت وسعت أربعة أشواط، فيكون إدخال الحج على العمرة في هذه المسألة خطأ، فمن العلماء من يقول: إن إحرامها بالحج غير منعقد وأنه لا حج لها، وفي هذه الحال يجب أن ترجع إلى مكة على إحرامها وتسعى وتقصر.

    لكن لو قال قائل: إنه في مثل هذه الضرورة يحكم بصحة دخول إدخال الحج على العمرة وتكون بذلك قارنة ويكفيها سعي واحد لكنت أرجو أن لا بأس بذلك.

    ثم إنه يقول: إن أمه أبت أن يأتي بالعربة لتكمل عليها أشواط السعي. أقول: في مثل هذه الحال حتى لو أبت الأم يجب عليه أن يبين لها أن عمرتها لم تتم، وأنه يلزمها أن تتم عمرتها ويؤكد عليها حتى لو غضبت؛ لأن هذا أمر عبادة لا يمكن أن يراعى فيها جانب المخلوق.

    1.   

    الصلاة في ساحة المسجد

    السؤال: ما حكم الصلاة التي نصليها في فناء أو حوش المسجد؟ وهل هذا الحديث ينطبق عليه قول: ( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ) علماً بأن الحوش في المسجد تابع له، وجزاكم الله خيراً.

    الجواب: الصلاة في ساحة المسجد أو برحة المسجد أو حوش المسجد إن كان جميع المصلين صلوا فيه فلا إشكال في جوازه، وأما إذا كان المصلون يصلون داخل المسقوف وهؤلاء يصلون في الخارج فيقال لهم: خالفتم السنة؛ لأن السنة أن تتقارب الصفوف بعضها من بعض، وأن لا تصلوا في مكان والإمام يصلي في مكان آخر، لكن صلاتهم على كل تقدير صحيحة.

    1.   

    حكم من حلف على شيء وهو كاذب وما يجب عليه

    السؤال: إذا حلف شخص على شيء وهو يعلم بأنه كاذب وبعد أن حلف قال: أستغفر الله وأتوب إليه فما حكم ذلك؟ وهل عليه كفارة؟

    الجواب: إذا حلف على شيء يعلم أنه كاذب فيه فقد تحمل إثمين:

    الإثم الأول: الكذب.

    والإثم الثاني: الاستهانة باليمين حيث حلف على كذب، فيكون كما قال الله فيهم: وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [المجادلة:14] ، فعليه أن يتوب إلى الله من هذا الذنب الذي فعله والذي تضمن سيئتين، ولا كفارة عليه؛ لأن الكفارة إنما تكون في الحلف على شيء مستقبل، أما الحلف على شيء ماضي فهو إما سالم وإما آثم، فإن كان يعلم أنه كاذب أو يغلب على ظنه أنه كاذب فهو آثم، وإن كان يعلم أنه صادق أو يغلب على ظنه أنه صادق فهو غير آثم.

    أما الكفارة فلا تجب في الحلف على أمر ماض ولو كان كاذباً فيه.

    1.   

    حكم ترك المرأة التدريس بحجة التفرغ للعبادة

    السؤال: سائلة تذكر بأنها مدرسة وتريد أن تترك التدريس لتتفرغ لعبادة الله عز وجل، تقول: فهل في عملي هذا خطأ؟ وإذا لم يكن خطأ فما الحكم جزاكم الله خيراً إذا لم يوافق والدي على ذلك؟

    الجواب: أرى أن تبقى في التدريس؛ لأن التدريس نشر للعلم وعبادة متعدية، ونفعها يتعدى إلى الغير، بخلاف العبادة الخاصة، اللهم إلا أن يكون لها أولاد وزوج وهي مشغولة بهم وإذا ذهبت إلى التدريس أضاعت حق الله فيهم أو اضطرت زوجها إلى أن يأتي بخادم؛ فهنا نقول: بقاؤها في بيتها أفضل.

    1.   

    حكم زواج البدل

    السؤال: تربيت صغيراً في حجر والدي وعندما كبرت وبلغت سن الرجولة زوجني والدي بالبدل ولم أكن أعرف بأن البدل محرم، ولقد سمعت من بعض الناس بأنهم يقولون بأن البدل بالبنت والأخت محرم، ولقد سمعنا أن البدل إذا كان الأطراف قد تراضوا فهو غير محرم، فهل هذا صحيح؟

    الجواب: أقول: إذا كان الأمر كما قال في السؤال أن الزواج بدل زوجني ابنتك زوجتك بنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي؛ فإن الواجب أن يرجع الطرفان إلى المحكمة الشرعية فما حكمت به فهو المعول.

    1.   

    حكم رد السلام على الإمام عند صعوده المنبر يوم الجمعة

    السؤال: إذا قام الخطيب يوم الجمعة وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهل نرد عليه السلام؟

    الجواب: إذا سلم الخطيب يسلم على الجماعة، والمسلم على جماعة يجب عليهم أن يردوا عليه، لكن الرد فرض كفاية، فإذا رد الصف الأول أو بعضهم وسمعهم الخطيب كفى، هذا إذا كان الإنسان في المسجد، أما إذا كان في غير المسجد نظرنا: إن يريد أن يصلي في هذا المسجد الذي جاء إمامه فليرد عليه، وإن كان لا يريد الصلاة فيه فإنه لا يرد؛ لأن الخطيب إنما سلم على من في المسجد وعلى من يريد أن يصلي في هذا المسجد، ومن ثم نقول: لو أن إنساناً أراد أن يصلي في مسجد غرب البلد ومر بخطيب يخطب في وسط البلد فهل يجب على هذا أن ينصت لخطبة الإمام أو نقول إنه لا يريد الصلاة معه فلا يجب؟

    الجواب: لا يجب عليه أن ينصت لهذه الخطبة؛ لأنه لم يرد أن يصلي في المكان الذي فيه خطيبها، ولهذا لو باع أو اشترى وهو يستمع إلى خطبة الإمام الذي لا يريد الصلاة معه كان البيع والشراء صحيحاً؛ لأن المسجد الذي يريده لم يبدأ فيه الخطيب بالجمعة بل لم ينادى فيه للجمعة.

    1.   

    عظمة شعيرة السلام والحث على عدم التفريط فيها

    السؤال: تحية السلام شعيرة عظيمة يتهاون فيها كثير من الناس إذا مر بإخوانه تجده إما لا يرد أو يرد بصوت خافت، لعل لكم توجيه في هذا اللقاء يا شيخ.

    الجواب: نعم، توجيهنا في هذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ).

    وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم أن من حق المسلم على أخيه إذا لقيه أن يسلم عليه، فالسلام سنة مؤكدة من سنن الدين الإسلامي، ولذلك لا ينبغي للمسلمين أن يدعوا هذه السنة وهذه الشعيرة العظيمة التي هي من أجل خصائص الإسلام.

    ثم إن المُسلِّم إذا سلَّم أدى حق أخيه وأتى بما يوجب المحبة الذي بها كمال الإيمان، وبالإيمان الكامل يحصل دخول الجنة.

    ثم إنه يؤجر على السلام، إذا قال: السلام عليك فله عشر حسنات، وإذا قال: ورحمة الله؛ عشرون، وإذا قال: وبركاته؛ ثلاثون، فكيف يحرم نفسه هذا الأجر العظيم، مع أنه لو قيل له: إذا سلمت أعطيناك درهماً واحداً لرأيته يسلم على كل من لقيه، بل ربما يتردد من أجل أن يحصل على زيادة دراهم، فكيف بالحسنات التي يكون الإنسان محتاجاً إليها أحوج ما يكون في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟!

    وإذا سلم الإنسان فليكن السلام بالطريقة الشرعية، يعني بمعنى أن يقول: السلام عليكم لا أن يقول: مرحباً، أهلاً، حياكم الله، صبحكم الله بالخير، بل يقول: السلام عليكم، ثم يزيد ما شاء الله من ألفاظ التحية، والراد عليه يجب أن يقول: عليكم السلام، ولا يكفي أن يقول: أهلاً ومرحباً أو حياكم الله أو ما أشبه ذلك، وإذا قال: حياكم الله، كيف أصبحتم، كيف أنتم لو قالها ألف مرة لا يجزئ، بل عليه أن يقول: عليكم السلام أو وعليكم السلام.

    ومهما لقيت من المسلمين فسلم عليهم حتى لو كان على معصية، لو فرض أنك لاقيت شخصاً حالقاً لحيته وحلق اللحية حرام، أو مسبلاً ثوبه وإسبال الثوب حرام فسلم عليه؛ لأنه مؤمن لم يخرج من الإيمان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ).

    ثم إن الهجر لهؤلاء هل يخفف من المعصية؟ بمعنى: أن المهجور ينتقد نفسه ويدع ما هو عليه من المعصية أم لا يزيد الأمر إلا شدة؟

    في الغالب أنه لا يزيد الأمر إلا شدة وكراهية فنكون هنا تحملنا إثماً إلى إثم الهجر، ولذلك نقول: إن الهجر دواء -أعني: هجر أهل المعاصي- إن نفع فافعله، وإن لم ينفع فلا تفعله.

    ولعل قائلاً يقول: إن كعب بن مالك رضي الله عنه وصاحبيه رضي الله عنهما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرهما وعدم كلامهما لأنهم تخلفوا بلا عذر عن غزوة تبوك. فيقال: هذا الهجر حصل به خير كثير ونفع عظيم، فإنهم رضي الله عنهم ندموا أشد الندم ورجعوا عن ما هم عليه وتابوا بنص القرآن، فإذا حصل أن الهجر ينفع ويوجب أن يتوب المهجور فنعم الهجر هو، وإلا فإنه لا يهجر الإنسان ولو كان مجاهراً بالمعصية، لكن يسلم عليه وينصحه، ومع السلام عليه والنصيحة ربما يلين قلبه ويألف من نصحه ويأخذ بنصيحته، هذا بالنسبة للمسلم العاصي.

    أما الكافر فإنه لا يجوز ابتداؤه بالسلام مهما كان، لا تبدأه بالسلام حتى لو كان رئيساً للجهة التي أنت تعمل فيها فلا تسلم عليه ابتداءً؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه )، لكن قد يبتلى الإنسان بكافر نصراني أو غير نصراني يكون رئيساً على الجهة التي هو فيها، فماذا يصنع إذا دخل عليه وهو يريد منه حاجة؟ إن دخل ولم يتكلم إلا بحاجته عرف ذاك أنه يكيد له، وإن سلم وقع في ما نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام، فنقول: إذا اضطر إلى أن يتحدث معه بالتحية فليقل صباح الخير يا فلان، أو مرحباً، أو ما أشبه ذلك من الكلمات التي ليست دعاءً له بالسلامة، أو يقول: السلام ويحذف البقية، وينوي بقوله السلام يعني: علينا وعلى عباد الله الصالحين حتى لا يقع فيما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

    1.   

    حكم الابتداء بالسلام في بلد أغلب أهله كفار

    السؤال: قد يظن بعض الجهال يا فضيلة الشيخ أنه لا يسلم على أحد حتى يتحقق من دينه يا شيخ؟

    الجواب: هذا نقول: إذا كان البلد أكثر مَنْ فيها غير مسلمين فهنا لا يسلم اعتباراً بالأكثر حتى يعرف أنه من المسلمين، وأما إذا كان الأمر بالعكس أكثر مَنْ في البلد مسلمون فإنه يسلم؛ لأنه لم يتعمد مخالفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا تساوى الأمران تجاذب هنا حق المسلم وعدم حق الكافر، فيكون في هذه الحال مخيراً: إن شاء سلم وإن شاء لم يسلم، ولهذا كان في عهد الصحابة والخلفاء الراشدين كان الكافر يتميز عن المسلم باللباس وبركوب الدابة يجبرون على هذا، أعني: أهل الذمة، لا بد أن يتميزوا عن المسلمين، لكن الآن كما ترى اختلط الحابل بالنابل وصار الناس سواءً، فالأمر على ما قلنا: إن كنت في بلد أكثر أهله مسلمون فسلم، وإن كان أكثر أهله غير مسلمين فلا تسلم وإن تساوى الأمران فأنت بالخيار.

    1.   

    حكم سؤال الله بحق النبي

    السؤال: هل من سأل الله عز وجل بقوله: اللهم إني أسألك بحق نبيك الذي أرسلت وبحق كتابك الذي أنزلت، هل هذا الدعاء صحيح؟

    الجواب: هذا الدعاء غير صحيح؛ لأن حق النبي عليه الصلاة والسلام هل المراد حق النبي عليَّ أو حق النبي على الله أم ماذا؟ لا ندري، فهو مبهم، فحق النبي على الله عز وجل بل حق كل مسلم موحد أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ : ( حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً )، وحق النبي علينا هو توقيره واحترامه وتصديق أخباره وامتثال أمره واجتناب نهيه، وكل هذا لا يصح أن يكون وسيلة لدعاء العبد. لكن يقول: اللهم إني أسألك بأني آمنت برسولك واتبعته أن تغفر لي، أو ما أشبه ذلك كقول المؤمنين: رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أن آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ [آل عمران:193].

    وبهذه المناسبة أود من إخواني المسلمين عموماً أن يحرصوا على الأدعية الواردة في القرآن والسنة فإنها خير وهي جامعة، ولا يعتري الإنسان فيها شك، ولا شك أنها خير من جميع الأدعية التي صنفت بعد والتي تعتمد على السجع وما يثير النفس من البكاء وغيره ويكون بها الإعراض عن الأدعية المشروعة التي جاءت في الكتاب والسنة.

    1.   

    الرد على قول من يقول بأن الأوامر في القرآن للوجوب وفي السنة للاستحباب فقط

    السؤال: بعض الناس يقولون بأن الواجب موجود فقط في القرآن، وأن ما قاله الرسول سنة فقط ليست إلزامية، فماذا نرد على مثل هؤلاء؟

    الجواب: يعني يقولون: إن الأوامر التي في القرآن على الوجوب والتي في السنة على الاستحباب نقول: هؤلاء أخطئوا خطأً كبيراً؛ لأن ما جاءت به السنة كالذي جاء به القرآن، قال الله تبارك وتعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [النساء:80]، وقال تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [الجن:23]، وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]، بل إن ما جاءت به السنة جاء به القرآن؛ لأن الله أمرنا أن نطيع الله ورسوله فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، ولا فرق بين السنة والكتاب في هذه الأمور.

    نعم. يفرق بين السنة والكتاب في الثبوت، فالقرآن ثابت بالنقل المتواتر، والسنة منها المتواتر ومنها الصحيح ومنها الحسن ومنها الضعيف ومنها الموضوع المكذوب على الرسول عليه الصلاة والسلام فيتثبت فيها، وأما إذا ثبتت عن الرسول عليه الصلاة والسلام فما ثبت عن الرسول فهو كالذي جاء في القرآن.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756194972