إسلام ويب

شرح أخصر المختصرات [30]للشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كثير من الناس يقع في الربا عند بيع وشراء الذهب، فعلى المسلم والمسلمة التنبه لهذا، وسؤال أهل العلم قبل الإقدام على ذلك؛ لأن كثيراً منهم يقع في المحظور وهو لا يعلم.

    1.   

    من أحكام ربا النسيئة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [وربا النسيئة يحرم فيما اتفقا في علة ربا فضل كمكيل بمكيل، وموزون بموزون نساءً إلا أن يكون الثمن أحد النقدين فيصح، ويجوز بيع مكيل بموزون، وعكسه مطلقاً، وصرف ذهب بفضة وعكسه، وإذا افترق متصارفان بطل العقد فيما لم يقبض.

    فصل:

    وإذا باع داراً شمل البيع أرضها وبناءها وسقفها وباباً منصوباً وسلماً ورفاً مسمورين، وخابية مدفونة؛ لا قفل ومفتاح ودلو وبكرة ونحوها.

    أو أرضاً شمل غرسها وبناءها، لا زرعاً وبذره إلا بشرط، ويصح مع جهل ذلك، وما يجز أو يلقط مراراً فأصوله لمشتر، وجزة ولقطة ظاهرتان لبائع ما لم يشرط مشتر]

    ذكر المؤلف أن الربا نوعان، وتقدم ربا الفضل، وأشرنا أيضاً إلى ربا النسيئة، وأنه كان ربا الجاهلية، يقول: (يحرم ربا النسيئة فيما اتفقا في علة ربا الفضل) أي: في كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، ولو لم يكونا من جنس واحد، فيحرم فيهما النسأ، صورة ذلك: لا تبع صاع تمر بصاعين زبيب نساء، ويجوز يداً بيد، أو صاع زبيب بصاعين تمر، ويجوز يداً بيد، وذلك لاختلاف الجنس، ولكن لا يجوز نساء؛ لأن في حديث عبادة : (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد) فيعم بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، أي: إذا كانا مكيلين، البر مكيل والشعير مكيل، اتفقا في العلة وهي الكيل، فلا يباع أحدهما بالآخر إلا يداً بيد، وإذا بيع بر بشعير يشترط شرط واحد، وهو: التقابض، ولا يشترط التماثل، فيجوز أن تبيع خمسة آصع بر بعشرة آصع شعير، ولكن يداً بيد، ولا يجوز النسأ، لا يجوز أن تقول: أعطيك الآن خمسة آصع بر، وتعطيني بعد عشرة أيام عشرة آصع شعير، لا يجوز ذلك؛ لأن العلة واحدة، وهو أن هذا مكيل وهذا مكيل، وكذلك بقية المكيلات، مثل صاع من الهيل بخمسة آصع من القهوة، يجوز، ولكن يداً بيد، ولا يجوز أن تقول: أعطيك الآن صاعين وتعطيني بعد عشرة أيام أو عشرين يوماً خمسة آصع من القهوة، لا، لابد أن يكون يداً بيد، وهكذا بقية المكيلات، حتى ولو لم تكن من القوت، فمثلاً: الفل أو الشونيز -الذي هو الحبة السوداء- مكيل عندنا، ومطعوم عند الشافعي ، فهو ربوي، فإذا قلت -مثلاً-: أعطيك الآن صاعاً من الحبة السوداء، وتعطيني بعد خمسة أيام صاعين من الحلف -الذي هو الرشاد- أو مما يسمى بالحب الحار أو ما أشبه ذلك، فلا يجوز؛ لأن العلة واحدة، وهي: أنه مكيل بمكيل.

    وكذلك أيضاً إذا اتفقا في الوزن، إذا كان هذا موزوناً وهذا موزوناً، وكان هذا جنساً وهذا جنساً، فمثلاً اللحوم موزونة، فإذا قال: أعطيك الآن كيلو لحم غنم، وتعطيني غداً أو بعد غد كيلوين لحم إبل لا يجوز، أما إذا كان يداً بيد كيلو بكيلوين فيجوز، إذا كان يداً بيد ولو تفاوت؛ لأن هذا جنس وهذا جنس، وهكذا -مثلاً- إذا قال: أعطيك كيلو لحم سمك بكيلوين لحم دجاج غداً أو بعد غد لا يجوز إلا يداً بيد، يجوز فيه التفاضل، ولا يجوز فيه النسأ، وكذلك إذا قال: عشرين جراماً ذهباً بمائة جرام فضة يجوز يداً بيد، ولا يجوز فيه النسأ، وكذلك حديد بنحاس يجوز فيه التفاضل ولا يجوز فيه النسأ، إذا بعت -مثلاً- كيلو حديد بكيلوين نحاس يجوز يداً بيد، ولا يجوز أن يكون نساءً؛ لأن العلة واحدة، وكذلك القطن بالصوف، فإذا بيع كيلو قطن بكيلوين صوف أو بالعكس، يجوز يداً بيد، ولا يجوز نساءً ولو بعد المجلس بنصف ساعة.

    فهذا معنى قوله: ربا النسيئة يحرم فيما اتفقا في علة ربا الفضل.

    عندنا -مثلاً- اللحم والقطن، ما العلة فيهما؟

    الوزن، فلا يباع قطن بحديد إلا يداً بيد، ولا يشترط التماثل، وكذلك -مثلاً- الرصاص بالنحاس العلة فيهما ما هي؟

    الوزن، فلا يباع رصاص بنحاس إلا يداً بيد، يجوز التفاضل ولا يجوز النسأ يعني: التأخير.

    وإذا عرفنا أن الفلفل والزنجبيل العلة فيهما واحدة وهي الكيل، فيباع أحدهما بالآخر متفاضلاً، ولا يجوز التأخير والنسأ، لا بد أن يكون يداً بيد، مكيلاً بمكيل، فهيل مع قهوة لا يجوز إلا يداً بيد؛ لأنهما موزون بموزون، وحديد برصاص لا يجوز نَساءً، إلا إذا كان الثمن أحد النقدين فإنه يجوز، وذلك للضرورة.

    الربا في النقود

    النقود: هي الدراهم التي تصنع من الفضة أو الدنانير التي تصنع من الذهب، فالدرهم قطعة صغيرة من الفضة كانوا يتعاملون بها، والنصاب منها مائتا درهم كما هو معروف، وتساوي بالريال الفضي السعودي ستة وخمسين ريالاً، وتساوي بالريال الفرنسي اثنين وعشرين ريالاً فرنسياً، والريالات الفرنسي والسعودية موجودة عند الصيارفة، فهذا مقدار الدرهم العربي، وأما الدينار فهو قطعة من الذهب صغيرة أيضاً، وتساوي أربعة أسباع الجنيه السعودي المصنوع من الذهب، فالجنيه السعودي الموجود الآن عند الصيارفة أربعة أسباعه دينار؛ ولذلك قالوا: نصاب الذهب بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً وثلاثة أخماس الجنيه، مع أنها بالدينار عشرين ديناراً، فيعرف بذلك الفرق بين الجنيه السعودي وبين الدينار العربي.

    ومن النقود الفلوس، وهي: قطع صغيرة من النحاس تسمى فلوساً، وهي أيضاً نقود يشترى بها الأشياء الرخيصة، وتشبه ما يسمى عندنا بالهلل، والهلل: قطع صغيرة من النحاس توجد في البنوك وعند الصيارفة، وهي أيضاً من النقود، وكانوا يتعاملون أيضاً بقطع صغيرة من النحاس اسمها دوانيق، واحدها دانق، والدرهم ستة دوانق، هذه هي النقود المضروبة.

    واعلم أن الذهب أول ما يستخرج من الأرض يكون فيه أخلاط من نحاس ومن حديد ومن تراب، ويسمى قبل أن يصفى تبراً، وفي هذه الحال يجوز بيعه بفضة، ولا يجوز بيعه بذهب، وذلك لعدم تحقق المساواة؛ لأنه إذا كان ربع كيلو جرام من التبر لا ندري كم خلطه من النحاس، وكم خلطه من التراب، فلابد أن يصفى، وتسمى تصفيته سبكاً، والسباك هو الصائغ، الذي يصوغ أو يصفي، يقول الشاعر:

    سبكناه ونحسبه لجيناً فألقى الكير عن خبث الحديد

    السبك: هو التصفية، وتصفية التبر بأن يدخل في الكير، ثم يحمى عليه فيذوب الحديد في جانب ويتجمد، ويذوب الذهب ويتجمد، ويبقى التراب والحجارة لا تذوب، فيعرف بذلك مقدار ما فيه من النحاس، ومقدار ما فيه من التراب، وما فيه من الذهب، واللجين: اسم للذهب، والعرب تسميه (لجيناً) كما في قول الشاعر:

    عيون من لجين شاخصات بأحداق هي الذهب السبيك

    فإذا صفي الذهب من هذا الخلط يسمى مسبوكاً، وقوله: (سبكناه ونحسبه لجيناً) يعني: أدخلناه الكير حتى نسبكه، فإذا صار قطعاً من ذهب سمي سبائك، يقولون: سبائك الذهب، يعني: قطع الذهب الخالصة من الخلط، ففي هذه الحال إذا كان مسبوكاً صافياً من الأخلاط، فإذا بيع بذهب فلابد أن يكون مثلاً بمثل، وإذا بيع بفضة فلابد أن يكون يداً بيد، وكذلك إذا بيع وهو سبائك بحديد أو بقطن أو بنحاس فلابد أن يكون يداً بيد، وذلك لأن العلة واحدة، وهي كون هذا موزوناً وهذا موزوناً، فالصائغ يأخذ هذه السبائك ثم يصوغها، يجعلها صوغاً، والصوغ: هو ما يلبس، يصوغها خواتيم في الأصابع، أو يصوغها أسورة في الأيدي، أو يصوغها قلائد في الرقاب، أو يصوغها أقراطاً في الأذن، ففي هذه الحال إذا كان مصوغاً فإنه أيضاً -على المشهور- لا يباع إلا مثلاً بمثل، يعني: وزن ذهب بوزن ذهب، يعني هذا مصوغ وهذا مسبوك، لا يباع إلا مثلاً بمثل، وزناً بوزن، يداً بيد، وإذا بيع وهو مصوغ بدراهم فلابد من التقابض قبل التفرق، ولا يجوز فيه النسأ؛ وذلك لأن العلة واحدة، وهي أن هذا موزون وهذا موزون. وقد يضرب بعد ذلك دنانير أو يضرب جنيهات، وفي هذه الحال يسمى مضروباً، وتجدون مكتوباً على الريال: ضرب في مكة المكرمة أو ضرب في كذا وكذا، يعني: جعل على هذه الحالة التي هي كونه نقداً، فإذا كان مضروباً سمي نقداً، وأما إذا كان مصوغاً أو مسبوكاً أو تبراً فلا يسمى نقداً، فالنقد هو الذي ضرب دراهم إذا كان من فضة أو دنانير إذا كان من ذهب مثل الجنيهات الذهبية والريالات الفضية، فبهذا يعرف الفرق بينهما.

    فالحاصل أن العلة في الذهب والفضة كونهما موزوني جنس، فإذا بيع ذهب بفضة فلابد أن يكون يداً بيد، ولا يجوز فيه النسأ، والأدلة عليه كثيرة، منها ما في حديث عبادة أنه قال: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) ، وفي حديث: أن طلحة جاءه رجل ومعه دنانير، فعرضها عليه ليشتريها بدراهم، فتفاوضا واتفقا على أن يعطيه البعض وقال: الباقي آخر النهار إذا جاءتني جاريتي أو خادمي، وسمع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: والله! لا تفارقه حتى تستلم، إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الذهب بالفضة إلا يداً بيد.

    ومن الأدلة عليه أيضاً حديث عبد الله بن عمر قال: كنا نبيع الإبل بالبقيع، فنبيع بالدراهم ونأخذ الدنانير، ونبيع بالدنانير ونأخذ الدراهم، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لا بأس، ما لم تفترقا وبينكما شيء) فإذا كان رأس المال من النقدين المضروبين جاز النسأ، والناس بحاجة إلى ذلك، فأنت -مثلاً- تشتري عشرة كيلو جرام من اللحم ، وليس معك ثمن، ومعلوم أن اللحم موزون، وأن الدراهم موزونة، فذلك موزون بموزون، ولابد أن يكون يداً بيد لأن العلة واحدة، ولكن لما كان أحد النقدين هو الثمن تسومح في ذلك، فجاز أن يكون الثمن غائباً، فجاز بمائة درهم تشتري بها عشرة كيلو جرام لحم، أو عشرة كيلو حديد أو قطن أو ما أشبه ذلك، مع التأخير.

    ويأتينا أيضاً في السَلَم أنه يجوز ذلك في الموزنات، والسَلَم: هو كون الثمن حاضراً والمثمن غائباً، فيجوز في الموزنات مع أن العلة واحدة، فتقول لإنسان -مثلاً-: أشتري منك في ذمتك مائة رطل حديد، كل رطل بخمسة، وأعطيك الثمن الآن، وتعطيني الأرطال بعد سنة أو نصف سنة، يسمى هذا سلماً، ومع ذلك الدراهم علتها الوزن، والحديد علته الوزن، وكذا القطن واللحم وما أشبه ذلك، فيجوز إذا كان أحد العوضين من النقدين.

    متى يجوز التأجيل

    يقول: إذا بيع مكيل بموزون جاز مطلقاً، وذلك لعدم الاتفاق في العلة، فيجوز أن تقول -مثلاً-: أشتري منك عشرة آصع براً بخمسة كيلو جرام لحماً، ولكن لابد أن يكون أحد العوضين حاضراً؛ لئلا يكون بيع دين بدين، فإنه لا يجوز بيع الدَين بالدِين، فإذا قلت -مثلاً-: أعطني عشرة آصع بر ثمنها خمسة كيلو جرام من لحم، فقال: خمسة كيلو جرام لحماً ليست لدي الآن، آتيك بها غداً أو بعد خمسة أيام أو بعد شهر، يجوز ذلك؛ لأن هذا مكيل وهذا موزون، اللحم موزون والبر مكيل، فلما اختلفت العلة جاز النسأ، لكن لا يجوز أن يكون العوضان غائبين؛ لأنه ورد أنه صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع الكالئ بالكالئ) أي: الغائب بالغائب، فلابد أن يكون أحد العوضين حاضراً، فإذا كان -مثلاً- البر حاضراً واللحم غائباً، أو بالعكس جاز.

    وكذلك صرف ذهب بفضة، فالذهب جنس، والفضة جنس، ولكن العلة فيهما ما هي؟

    العلة عندنا كونهما موزوني جنس، فصرف الدراهم بالدنانير أو بيع الذهب بالفضة اتفقا في علة واحدة وهي الوزن، فلا يجوز أن يباع أحدهما بالآخر إلا يداً بيد، ومعلوم أن الذهب أغلى من الفضة، فإذا صرفت -مثلاً- جنيه بمائة ريال فضة، فلابد من التقابض قبل التفرق؛ لأن العلة فيهما واحدة؛ وهي: أن هذا موزون وهذا موزون، وعند الأئمة الآخرين أن هذا ثمن وهذا ثمن، أي: نقد، فهما من النقود التي تستعمل قيماً للسلع، وتقدر بهما السلع.

    حيلة شرعية للسلامة من ربا النساء عند الصرف

    قد يحتاج الإنسان إلى صرف، ولا يجد الصيرفي الثمن كاملاً، والحيلة في ذلك إذا قال -مثلاً-: أشتري منك هذا الجنيه بخمسمائة، ولكن ما وجد الآن إلا مائتين وخمسين، ففي هذه الحال لا يجوز التفرق إلا بعد التقابض، لكن إذا كنت محتاجاً إلى هذه المائتين والخمسين حاجة ضرورية، فتترك الجنيه عنده وتقول: الجنيه عندك أمانة، وهذه المائتين والخمسين اعتبرها قرضاً منك، واعتبر الجنيه رهناً عندك، وإذا أتيتك بعد غد وقد وجدت الدراهم أحاسبك على ما في ذمتي من المائتين والخمسين، وتعطيني بقية قيمة الجنيه، فصار تصارفاً جديداً، فإذا جئت غداً وإذا الجنيه قد رخص، لا يساوي إلا أربعمائة وخمسين، فيقول: الآن يساوي أربعمائة وخمسين، وعندك لي مائتان وخمسون، فالباقي لك مائتان، فخذ هذه المائتين بقيتها، فنتصارف من الآن، وتصارفنا بالأمس لا يعتبر؛ وذلك لأنه لم يحصل التقابض من الطرفين، حصل من طرف واحد، يمكن أن يعتبر هذا، ويمكن أن يعتبر شيء آخر وهو أن تقول: الآن صارفتني على نصف الجنيه، والنصف الثاني أمانة عندك، ولا تتصرف فيه، فإذا جئت بعد غد وإذا السعر قد انخفض فإنه يعطيك قيمة نصف الجنيه الذي قد أعطاك نصفه بالغة ما بلغت، إذا كان النصف أصبح لا يساوي إلا مائتين وخمسة وعشرين، والجنيه كان بالأمس ما يساوي إلا أربعمائة وخمسين، وعندي لك نصف جنيه، والنصف الأول قد قبضت قيمته، فأعطيك قيمة النصف الباقي الذي هو مائتان وخمسة وعشرون، وهكذا لو ارتفع السعر وأصبح يساوي ستمائة، فإنك تقول: عندك لي ستمائة، وقد وصلني منك مائتان وخمسون، قيمة النصف، والنصف الباقي كم قيمته؟ ثلاثمائة، فيحاسبك على ثلاثمائة، ولا يحاسبك على النصف الأول، فأنت قبضت نصف الجنيه مائتين وخمسين، والنصف الباقي زاد قيمته فأصبح يساوي ثلاثمائة، يعني صرف الجنيه بستمائة، فيعطيك قيمة النصف الذي عنده؛ فيصح ذلك.

    ربا النساء في بيع الذهب واستبداله

    يدخل الربا في بيع الذهب، ومعروف أن الذهب علته الوزن، وأن الفضة علتها الوزن، فاتفقا في العلة، فلذلك لا يباع ذهب بفضة إلا يداً بيد، فعلى هذا إذا احتجت -مثلاً- إلى شراء ذهب، وطلبت من أصحاب الذهب ما قيمته -مثلاً- مائتا جرام من الذهب مصوغة -قلائد أو ما أشبهها- فحسب الجرام -مثلاً- بمائة، والمائتا جرام بعشرين ألفاً، وما وجدت إلا عشرة آلاف، والعشرة الآلاف قيمة خمسين جراماً، والخمسون الباقية يكتبها في ذمتك ذهباً، فيقول: في ذمة فلان خمسون جراماً ذهباً مصوغة من عيار كذا وكذا، ولا يقول: عشرة آلاف، بل يقول: خمسون جراماً، فإذا أتيته بعد غد أو بعد خمسة أيام وإذا السعر قد انخفض فإنك تحاسبه خمسين جراماً على سعرها وقت القضاء، ولو ارتفع تحاسبه على سعرها وقت تسليم الثمن، لا على سعرها بالأمس أو قبل الأمس، ويسمى هذا صرفاً بعين وذمة، بمعنى أن في ذمتك أو عندك له خمسين جراماً معروفة، وتريد الآن أن تقضيه ثمنها، وكأنك تشتريها منه الآن، تقول: أشتري منك خمسين جراماً الآن بقيمتها بعين وذمة، ولا تحسبها على ثمنها بالأمس؛ وذلك لأنه يصير بيع ذهب بفضة وأحدهما غائب؛ ولهذا يقول: وإذا افترق المتصارفان بطل العقد فيما لم يقبض، فإذا افترق المتصارفان، بطل العقد فيما لم يقبض، كما مثلنا أنك قبضت مائتين وخمسين نصف الجنيه، وبقي النصف الذي هو مائتان وخمسون، لا تكتب في ذمتك مائتان وخمسون، بل اكتب: في ذمتك نصف جنيه، أو عندي لفلان نصف جنيه.

    فإذا كنت بحاجة إلى أن تشتري عشرين جراماً أو مائة جرام، وكل جرام بمائة، ولم تجد إلا نصف القيمة، فالباقي تكتبه عندك جرامات، فتقول: عندي لفلان عشرة جرامات من الذهب، فالذي لم يقبض ثمنه تعده أمانة عندك، فإذا أتيته غداً تحاسبه على سعر الغد، أي: على سعر وقت إحضار الثمن لا على سعرها بالأمس، هذا معنى قوله: بطل العقد فيما لم يقبض.

    أما الذين يستبدلون الذهب القديم بذهب جديد فلابد في هذه الحال أن يبيعوا الذهب القديم بدراهم، ثم يشترون بالدراهم ذهباً جديداً، والعادة أن أهل الذهب يفرقون بينهما، فيشترون -مثلاً- الجرام من الذهب القديم بخمسة وأربعين، ويبيعون الجرام من الذهب الجديد بخمسين أو بخمسة وخمسين، وفي هذه الحال صاحب الذهب يشتري منك الذهب القديم، فيقول: هذا الذهب القديم اشتريته الجرام بخمسة وأربعين، قيمته أربعة آلاف، وأنت تريد ذهباً جديداً، عندي لك الآن أربعة آلاف، تشتري مني الجديد؟ فإذا قلت: نعم، أشتري منك هذا الذهب الجديد، فوزنه، وإذا قيمته خمسة آلاف، فحاسبك على الأربعة الآلاف التي في ذمته ثمن الذهب القديم، وتزيده الألف الذي هو ثمن الذهب الجديد، فتكون قد حاسبته على ما في ذمته من ثمن قديم وعلى ثمن جديد.

    وأما أن يكون ذهب بذهب ومعه زيادة فلا يجوز، فإذا قال -مثلاً-: أنا أشتري منك هذا الذهب بهذا الذهب، مع ألف ريال زيادة، هذا -مثلاً- وزنه مائة جرام ولكنه مستعمل، وهذا وزنه مائة جرام ولكنه جديد، فيأخذ القديم ويعطيك الجديد، ويقول: أعطني زيادة مع الذهب ألفاً أو خمسة آلاف. هل يجوز هذا؟ لا يجوز، ذهب بذهب وزيادة لا يجوز، بل يشتري الذهب القديم بدراهم، إما أن يدفعها لك وتشتري منه أو من غيره، وإما أن يبيعك وتحاسبه على ما في ذمته لك من ثمن الذهب القديم، ويقع الناس في أخطاء في مثل هذا، والفضة لا يتعامل بها الناس الآن، وإنما يتعاملون بالأوراق النقدية.

    1.   

    هل الأوراق النقدية تنزل منزلة الذهب؟

    اختلف العلماء كثيراً في هذه الأوراق، هل ننزلها منزلة الذهب أو ننزلها منزلة الوثائق والأسناد؟

    أكثرهم على أنها أسناد وليست ذهباً، وإنما هي مثل الوثائق، ولذلك لا تخرجها الحكومات والدول إلا إذا كان عندهم لها رصيد، فإذا لم يكن لها رصيد فلا قيمة لها، فعرف بذلك أنها مثل الوثائق والأسناد التي تقوم مقام ما جعلت بدلاً عنه، وكان بعض المشايخ يجعلها نقوداً حتى في الزكاة، فيقول: إنها قائمة مقام الفضة، فإذا كان نصاب الفضة ستة وخمسين فنصاب الزكاة من الأوراق ستة وخمسون أيضاً، ومن كان عنده ستة وخمسون فإنه غني، لا تحل له الزكاة، ويعتبر النصاب ستة وخمسون ريالاً ورقاً، ومن ملكها عليه زكاة، كان يرى ذلك الشيخ عبد الرزاق العفيفي رحمه الله، ولكن الأكثرون على الفرق بين الأوراق النقدية، وبين الدراهم الفضية، وبين الدراهم المعدنية.

    حكم صرف الريالات الورقية بالريالات المعدنية مع الزيادة

    جرت أسئلة عن صرف الريالات الورقية بالريالات المعدنية بزيادة، هل يجوز ذلك أم لا؟

    فبعض المشايخ تشددوا وقالوا: لا يجوز، ومنهم الشيخ عبد الرزاق رحمه الله، فيقول: هذه الريالات الورقية اسمها ريال ولو كانت أوراقاً، وهذه الريالات المعدنية اسمها ريالات ولو كانت معادن، وهذه اسمها ريالات ولو كانت من فضة، فمكتوب على كل واحد منها أنه ريال، هذه فضة، وهذه معدن، وهذه ورق، فلا يجوز أن يباع بعضها ببعض إلا متماثلاً مثلاً بمثل، عشرة بعشرة.

    والذين قالوا: إن الريالات الورقية تعتبر أسناداً أجازوا المفاضلة بينها وبين الريالات المعدنية والريالات الفضية؛ وذلك لأنها أغلى عند العامة، فالعامة يفضلون الريالات الفضية على المعدنية، ويفضلون المعدنية على الورقية، وهذا معروف عند العامة، وسبب ذلك أن الريالات المعدنية تبقى أكثر من بقاء الريالات الورقية، فالورقية عرضة للتلف، كما يقول بعضهم في الحث على حفظ المتون وعدم الاعتماد على الكتب:

    الماء يغرقها والنار تحرقها والفأر يخرقها واللص يتلفها

    يعني: أن هذه الأوراق عرضة للتلف، وكثيراً ما يذكر عن بعض الذين خزنوا أوراقاً نقدية في زوايا ونسوها، فأكلتها الأرضة وتلفت، فتلف عليهم مئات الألوف لما تركوها في الزوايا، ولو كانت من الفضة أو من المعدن ما أتى عليها التلف، وما أكلتها الأرضة، ويشاهد أنه إذا بطل التعامل بالريالات الفضية صيغت حلياً خواتيم من فضة وأسورة من فضة، وكذلك أيضاً الريالات المعدنية إذا بطل التعامل بها أمكن أن تصاغ إما أواني وإما عملة أخرى، فينتفع بها، وأما الريالات الورقية فإذا بطل التعامل بها لا ينتفع بها بل تحرق، فمن هذه الوجوه فالراجح أنه يجوز المفاضلة في الصرف بينهما، يعني: إذا كان الإنسان يريد ريالات معدنية كعملات الهواتف ونحوها فيجوز أن يدفع زيادة للذي يصرفها، فيشتري تسعة بعشرة، وأيضاً فإن الريالات المعدنية لا توجد عند كل أحد، وإنما الذي يريدها يذهب إلى المؤسسة أو إلى بعض البنوك، وربما أنه يستأجر سيارة بعشرين ذهاباً وإياباً، أو بأربعين، ثم إذا كان معه -مثلاً- أربعة آلاف من الأوراق من فئة خمسمائة -مثلاً- قبضها بيده، فإذا حولها إلى معادن أصبحت في كيس، وربما لا يحمله إلا واحد قوي أو اثنان، فيكون لحملها مئونة، فتكون هذه المئونة وهذا التعب مبرراً في أن يبيع التسعة بعشرة، وأيضاً هناك حاجة، ليس كل واحد يستطيع أن يذهب لصرفها مثلاً.

    صرف عملة بعملة أخرى

    صرف عملة بعملة يحصل فيه تساهل، فمثلاً عندنا الريال السعودي، وهناك ريال قطري، وفي اليمن ريال يمني، وكلها اسمها ريال، ولكن تختلف القيمة، فيجوز المفاضلة بينها، ولا يجوز النساء، فإذا صرفت ريالات سعودية بريالات قطرية جاز التفاضل، ولم يجز النساء، بل لابد أن يكون يداً بيد، تسلم وتستلم، وهكذا أيضاً غير الريالات، مثلاً: الدولار الأمريكي مستعمل في جميع الدول غالباً، فإذا أردت أن تحول ريالات سعودية إلى دولارات أمريكية فلابد من التقابض، ومعروف أن الدولار أغلى من الريال، ففي هذه الحال يجوز التفاضل بينهما، ولكن لا يجوز النساء، بل لابد أن يكون يداً بيد، سواءً اتفق الاسم كريال سعودي وريال قطري أو لم يتفق، فالريالات السعودية بدولارات أمريكية أو بجنيهات مصرية أو بدنانير كويتية كلها لابد فيها من التقابض إذا صرف هذا بهذا، فإذا أردت أن تحول هذا الدينار الكويتي إلى ريالات سعودية، فإنك تستلم وتسلم في مجلس العقد، ولو اختلفت القيمة بعد يومين فإنه يرجع إلى اختلاف القيمة، ولو أنك قلت: عندي هذا الدينار الكويتي، أريد أن تعطيني به ريالات سعودية، فقال -مثلاً-: بعشرة، ولكن لم يجد إلا خمسة، أعطاك خمسة، ماذا يكتب في ذمته؟ يكتب: في ذمتي نصف دينار كويتي لفلان، فإذا جئته من الغد وإذا الريال قد نقصت قيمته، فأصبح -مثلاً- الدينار يساوي اثني عشر ريالاً، أو ارتفعت قيمته فأصبح الدينار يساوي ثمانية، ففي هذه الحال يعطيك صرف النصف بسعر اليوم، إن انخفضت قيمته أصبحت تطالبه بستة، وإن ارتفع تطالبه -مثلاً- بنفس الثمانية، فلابد إذا صرف إحداهما بالآخر أن يكون يداً بيد.

    وأما إذا أردت نقله إلى بلاد أخرى، أردت -مثلاً- أن ترسل عشرة آلاف ريال إلى باكستان أو إلى مصر، فباكستان عندهم الروبية، ومصر عندهم الجنيه، ففي هذه الحالة تجعلها عندهم وديعة، ويعطونك سنداً، وتأتي إلى فرعهم الذي في مصر، وتقول: إن عندكم لي عشرة آلاف ريال سعودي، أعطوني صرفها بسعر اليوم لا بسعرها في الرياض، فتتفق معهم على سعرها في ذلك المكان، ولهم أن يزيدوا عليك، وذلك لأنهم نقلوها لك من الرياض إلى مصر، أو إلى باكستان -مثلاً- ، ويجوز أن تصرفها -مثلاً- فتقول: هذه الريالات أريد تحويلها إلى جنيهات مصرية، أو إلى روبيات باكستانية، فيعطونك الصرف يداً بيد، يعطونك الجنيهات المصرية فتستلمها، أو الروبيات أو الدنانير فتستلمها، وإذا استلمتها تحولها عندهم أو عند غيرهم إلى مصر أو إلى الباكستان أو إلى الشام أو إلى اليمن، وتحويلها جائز ولو أخذوا عليك أجرة عن نقلها.

    1.   

    بيع الأصول والثمار

    انتهينا من الصرف، ونبدأ في بيع الأصول والثمار، وهو سهل، وتصوره يكفي لفهمه، ويسمى بيع العقار، والعقار هو الذي لا ينقل، مثل الدار والبستان والأرض، فإذا بعته هذه الدار ماذا يدخل في البيع؟ تدخل الأرض، ويدخل البناء، من الحيطان والسقف -الذي هو ظلها-، وتدخل الأبواب المنصوبة، ويدخل السلم، وعادة أن السلم يكون مسمراً، قد يكون من خشب وقد يكون من حديد، ولكن يسمرونه في الأرض، يحفرون لأصله، ويحفرون لأعلاه في الجدار، ويجعلونه قائماً مقام الدرج، فيكون داخلاً في البيع، أما إذا لم يكن مسمراً بل ينقل من مكان إلى مكان فلا يدخل في البيع، وكذلك الرف المسمر، عادة أنهم يسمرون في الزاوية خشبتين أو ثلاث، ثم يجعلونها مكاناً لرفع بعض الأقمشة أو بعض الأواني، فهذا الرف والأخشاب التي هي مسمرة مربوط عليها في الباب أو في الجدار تدخل في البيع.

    وكذا الخابية المدفونة، وهي عبارة عن شبه خزان أو شيء يحفر له في الأرض، ثم يجعل فيه شيء يخزن، يغلق بابه ثم يجعل فيه ماء لحفظه -مثلاً- أو نحو ذلك، قد تكون من طين أو من جلود وتجعل في جوف الأرض وتدفن، والضابط: أن كل شيء مسمر فإنه يدخل في البيع، ولو كان يمكن قلعه كما في هذه الأزمنة، ففي هذه الأزمنة يمكن أن يقلع الباب ويركب، ويمكن أن تقلع زجاج النوافذ وتركب، لكن الأصل أنها مسمرة، فيدخل في البيع الشيء الثابت والشيء المسمر، فمثلاً الأنوار الكهربائية تدخل في البيع؛ وذلك لأنها مسمرة ومثبتة، وكذلك المكيفات المسمرة أيضاً، أما إذا كانت تنقل من مكان إلى مكان فلا تدخل في البيع، ولا يدخل كل شيء يمكن نقله، فمثلاً الفرش والكنب تدخل في البيع؛ لأنه يمكن نقلها، وكذلك الثلاجة والغسالة وأدوات المطبخ والأواني وما أشبهها، هذه لا تدخل.

    قالوا: القفل لا يدخل؛ وذلك لأنه يمكن نقله، وكان يستخدم قبل أن توجد المغالق هذه التي تعتبر مسمرة في الباب، وأما قديماً فالقفل يعلق كقفل الحقائب ونحوها، فيقولون: هذا لا يدخل؛ وذلك لأنه يمكن نقله، وأما المفتاح فإنه تابع للقفل، فإن كان القفل ينقل فالمفتاح تابع له، وإن كان القفل لا ينقل مثل هذه المغالق فإنه تابع للدار، ويدخل في البيع.

    وكذلك قديماً كانت الأبواب فيها ما يسمى بالمجرى، والمجرى له مفتاح، والصحيح أن المفتاح تابع للمجرى.

    وإذا كان هناك بئر وعليها دلو فالدلو ما يدخل؛ وكذلك البكرة، وهي شبيهة بالدراجة، توضع على أعلى البئر، وتسمى عند العامة (المحالة)، وعند أهل البوادي (الجارَّة)، وفي اللغة تسمى (البكرة)، يكون لها أسنان، ويوضع عليها الحبل، وتجر عليها الدلاء، فهذه أيضاً تنقل لأنها معقودة بحبال.

    وإذا كان المبيع أرضاً فإنه يدخل في البيع قرار الأرض، وكذلك ما فيها من الغرس إذا كان فيها غرس، والغرس مثل الشجر الذي له ساق كالنخل والتوت والرمان والتين والأترج والتفاح والموز، ويدخل في ذلك أيضاً المباني إذا كان فيها حجرة مبنية مثلاً، أما إذا كان فيها زرع فلا يدخل في البيع إلا إذا اشترطه، وكذلك إذا كان فيها بذر، فهذا البذر للذي بذره وهو البائع، إلا إذا اشترط ذلك المشتري.

    ولو كان البذر مدفوناً في الأرض فإنه يعفى عن جهالته، فإذا اشترطه المشتري دخل في البيع، أما إذا كان فيها شيء يجز مراراً مثل البرسيم فأصوله للمشتري، والجزة الظاهرة للبائع.

    وكذلك إذا كان يلقط مراراً كالباذنجان والطماطم، فهذه اللقطة الموجودة التي قد نضجت للبائع يأخذها، والباقي للمشتري، فالجزة مثل جزة البرسيم، واللقطة مثل لقطة الطماطم أو لقطة الباذنجان أو الكوسة أو البامية، وغيرها من الأشياء التي تلقط إذا ظهرت، فإذا كانت ظاهرة فهي للبائع، إلا إذا اشترط ذلك المشتري؛ لحديث (المسلمون على شروطهم) فتدخل في البيع.

    1.   

    الأسئلة

    حكم قرض الزوجة لزوجها لشراء أثاث لهما

    السؤال: هذه سائلة تقول: إنها معلمة، وراتبها -ولله الحمد- أكثر من راتب زوجها، تقول: ولذا فإن زوجي لا يقدر على توفير ما نحتاجه، فأنا -مثلاً- عندما أريد السفر إلى مكة المكرمة فإن زوجي لا يقدر براتبه أن يسافر معي، فأنا أساعده وأقول له: سوف أقرضك على أن تسافر أو تشتري أثاثاً للبيت، وإذا قدرت عليه في الشهر المقبل ترده علي، فهل هذا يدخل في حديث (كل قرض جر نفعاً فهو ربا) ؟

    الجواب: لا يدخل في ذلك، والأصل أن الزوجين كبيت واحد يتسامح فيما بينهما، ولا شك أنها تساعد زوجها وتعطيه وتقرضه ونحو ذلك، ولا حرج إذا قالت: أقرضك على أن تصحبني كمحرم لي، أو أدفع الأجرة عنك، أو ما أشبه ذلك، فإذا كان لها دخل أكثر من دخل زوجها وقد تراضيا على ذلك، فلها أن تعطيه ولها أن تقرضه.

    وجود بحوث عن العملات الحديثة

    السؤال: في هذا العصر قد انقرضت تلك الدنانير والجنيهات، وقد لا يعرف الكثير التعامل معها في هذا العصر، وقياسها على الريالات السعودية، وغيرها من العملات الحديثة، لماذا لا يكون هناك مؤلفات في بيان العملات الحديثة والقديمة، والفرق بينهما؟

    الجواب: كتب العلماء كثيراً فيما يتعلق بهذه العملات، ويوجد نشرات نشرت في مجلة البحوث وكذلك في غيرها، فقد أكثروا في ذلك، وذكروا ما فيها من الاختلاف، وهل هي أسناد أو هي نقود قائمةً مقام النقود، ومن تتبعها وجدها.

    التزوير في أي شهادة لا يجوز

    السؤال: ما حكم استخراج شهادات الصوامع لا من أجل الزراعة وإدخال الحبوب بواسطتها، ولكن من أجل بيعها على المزارعين، أو شراء القمح من المزارعين بقيمة أقل وإدخالها إلى الصوامع؟

    الجواب: كل شيء فيه كذب أو تزوير ننهى عنه، فكونه يستخرج هذه الشهادة وهو لا يريد أن يزرع، أو يراجع فيقول: أعطوني فإن عندي أرضاً أريد أن أزرعها، وهو لا يريد ذلك، فهذا يعتبر كذباً، فلا يجوز ذلك إلا لمن عزم على الزراعة، أو عنده ما يقدر به عليها وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [البقرة:189].

    كيفية زكاة مال التجارة مع الأموال الأخرى

    السؤال: هذا سائل كتب أربعة أسئلة، ويقول: الرجاء عرضها لأهميتها بالنسبة له ولغيره، يقول:

    لدي بعض المحلات التجارية أبيع فيها الملابس، ولدي بعض التساؤلات حول زكاة هذه المحلات: أولاً: هل أحصي البضاعة وما تحصل من أموال أم البضاعة فقط لإخراج الزكاة؟

    الجواب: لا شك إن كان له أموال أنه يزكيها إذا حال عليها الحول، وإذا كان تاجراً -مثلاً- فإن ربح التجارة داخل في رأس المال ولو لم يتم حول للأرباح، فمثلاً إذا كان متجره عند ابتدائه فيه عشرة آلاف، وعنده أموال أخرى ودائع في البنك أو في بيته مقدارها عشرة آلاف، والعشرة التي اتجر بها لما تمت سنة وإذا هو قد ربح في أشهر السنة عشرة آلاف أخرى -مثلاً-، فيزكي عن ثلاثين ألفاً، العشرة التي هي عنده من قبل كرأس مال، والعشرة التي قد أودعها، والعشرة التي هي ربح، يجمع هذا إلى هذا.

    كيفية زكاة عروض التجارة

    وسؤاله الآخر يقول: هل أحصي المال وقيمة البضاعة من أول السنة أم عند تمام الحول؟

    الجواب: عند تمام الحول يقدر السلع بقيمتها الإجمالية، فإذا تم الحول يقدر قيمة ما عنده من الأكياس، وقيمة ما عنده من الثياب، أو قيمة ما عنده من الأحذية -مثلاً- بسعرها الحالي، ثم يخرج زكاتها.

    المعتبر في حساب زكاة عروض التجارة سعر البيع وقت الإخراج

    وسؤاله الثالث يقول: هل أحصي قيمة البضاعة بحسب ما اشتريته أم بحسب ما أبيعه؟

    الجواب: بحسب ما تساويه الآن، سواء كان أقل من قيمته الشرائية أو أكثر، ما تساويه الآن، البيع المجمل.

    هل يزكي الدين في عروض التجارة؟

    وسؤاله الأخير يقول: يكون على دين نظراً لشراء بعض البضائع بالدين، فهل يدخل الدين في الزكاة أم استثنيه من الزكاة؟

    الجواب: أهل الدين يزكون دينهم، وأنت تزكي ما عندك من المال، وتسقط قدر الدين من المال الذي عندك، وإذا كان أهله يعرفون أن عندك رأس مال فإنهم يزكون دينهم.

    عدم جواز بيع السيارة المشتراة إلا بعد قبضها بنقلها

    السؤال: اشتريت سيارة بطاقة جمركية وذلك بالمؤجل، وكتبت العقد وذهب البائع، وذهبت أنا وبعت السيارة من معرض آخر بعد أن أخذت المفتاح من البائع وشغلت السيارة في مكانها، ولكن لم أحرك السيارة من مكانها، فهل هذا العقد صحيح، علماً أنه لا يمكن رد السيارة في حالة بطلان هذا العقد؟

    الجواب: لا شك أنك أخطأت حيث إنك لم تحول السيارة من مكانها، فقبضها يكون بنقلها، فقد نهي أن تباع السلع حيث تبتاع، فلابد أن تنقلها وتحوزها من مكان إلى مكان، ومن معبر إلى معبر، وحيث إنه لا يمكن ردها لا تعد لمثل ذلك.

    هل يقوم قبض الشيك مقام النقد

    السؤال: يعمل بعض الناس في هذه الأيام بتجارة العملات، أي: أنه يذهب هذا اليوم للبنك، ويشتري -مثلاً- الدولار الأمريكي بمبلغ معين، ولا يستلم المبلغ بل يستلم سنداً بذلك أو قسيمة إيداع في حسابه، وفي اليوم الآخر يبيعه بمبلغ أعلى قليلاً عن طريق نفس البنك وبنفس السند وهو لا يستلم شيئاً، فهل هذا العمل جائز؟

    الجواب: لا يجوز، وقصد البنوك من هذا تشجيع هؤلاء الذين يودعون عندهم أموالاً طائلة، فيقولون: أودع عندنا مائة ألف، أو ألف ألف، ونحن نتصرف لك في هذا الشيء الذي هو بيع العملات، مع أنه ليس هناك قبض، فيريدون بذلك إبقاء هذه الودائع عندهم حتى يستفيدوا منها، ويخشون منه أن يأخذها ويعطيها بنكاً آخر أو نحو ذلك، فيشجعونه -في نظرهم- على إبقائها حتى تستمر عندهم، ويأخذون أرباحها، ونقول في هذه الحال: لابد من القبض إذا صرفتها، لو قلت: عندي مائة ألف ريال، اصرفوها لي بدولارات، فلابد أن يكون يداً بيد، فيسلمون لك دولارات، وتسلم لهم الريالات، ثم إذا أردت أن تبيعها غداً بربح أو بخسران فلك ذلك، ويكون البيع يداً بيد. وهناك بعض المشايخ رخصوا في قبض ما يسمى بالشيكات، وجعلوا قبض الشيك قائماً مقام النقد، وكأنهم يقولون: إن هذا فيه تسهيل على الناس فيما إذا كان بحاجة إلى شيء كثير، ويكتفي أو يعجز عن حمل هذا المال معه، فيكفي أن يكتب شيك، مثال ذلك: إذا اشترى إنسان ذهباً بمائة ألف، فيقول: ليس من العادة أن أحمل مائة ألف معي وأسلمها لصاحب الذهب، فأعطيه شيكاً على رصيدي الذي في البنك، فيكون ذهباً بنقد أو ما يقوم مقام النقد.

    وكذلك أيضاً في هذه المصارفة إذا أعطاهم الريالات التي هي مائة ألف، وأعطوه شيكاً فيه ثلاثون ألفاً من الدولارات أو نحو ذلك بقيمتها، فلعل هذا يكون قائماً مقام التقابض.

    قوة الخلاف في بيان علة الربا

    السؤال: ألا ترون أهمية ترجيح أحد المذاهب في علة الربا لشدة الحاجة إلى ذلك في كل وقت؟ وما مدى صحة من رأى أن العلة هي مطلق الثمنية؟

    الجواب: ذكرنا أن قول الجمهور: إن الذهب والفضة العلة فيهما الثمنية، وعلى هذا فإن الموزونات التي ليست مطعومة ولا قوتاً لا تكون ربوية، فيجوز بيع الحديد بعضه ببعض متفاضلاً، وكذلك النحاس والقطن والغزل والصوف وما أشبه ذلك؛ لأنها ليست قوتاً وليست مطعومة، وإنما هي موزونة، وهذا على القول بأن العلة هي الثمنية، ولكل اجتهاده، ونحن نتورع أن نقول: إن هذه هي العلة؛ وذلك لكثرة الخلاف، وقوة الخلاف بين العلماء.

    أحسن الله إليكم وأثابكم، ونفعنا بعلمكم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756185825