الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا, وعلمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
وبأسانيدكم إليه رحمنا الله تعالى وإياه قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الرجل يكفر قبل أن يحنث.
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد قال: حدثنا غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير, أو قال: إلا أتيت الذي هو خير وكفرت يميني ).
حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا يونس ومنصور -يعني: ابن زاذان- عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا عبد الرحمن بن سمرة! إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير وكفر يمينك ).
قال أبو داود: سمعت أحمد يرخص في الكفارة قبل الحنث.
حدثنا يحيى بن خالد قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة نحوه, قال: ( فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير ).
قال أبو داود: أحاديث أبي موسى الأشعري وعدي بن حاتم وأبي هريرة في هذا الحديث روي عن كل واحد منهم في بعض الرواية: الحنث قبل الكفارة, وفي بعض الرواية: الكفارة قبل الحنث].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كم الصاع في الكفارة.
حدثنا أحمد بن صالح قال: قرأت على أنس بن عياض قال: حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن أم حبيب بنت ذؤيب بن قيس المزنية وكانت تحت رجل منهم من أسلم, ثم كانت تحت ابن أخ لـصفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن حرملة: ( فوهبت لنا أم حبيب صاعاً حدثتنا عن ابن أخي صفية عن صفية أنه صاع النبي صلى الله عليه وسلم قال أنس: فجربته فوجدته مدين ونصفاً بمد هشام ).
حدثنا محمد بن محمد بن خلاد أبو عمر قال: كان عندنا مكوك يقال له: مكوك خالد, وكان كيلجتين بكيلجة هارون, قال محمد: صاع خالد صاع هشام يعني: ابن عبد الملك .
حدثنا محمد بن محمد بن خلاد قال: حدثنا مسدد عن أمية بن خالد قال: لما ولي خالد القسري أضعف الصاع فصار الصاع ستة عشر رطلاً].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرقبة المؤمنة.
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن الحجاج الصواف قال: حدثني يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال: ( قلت: يا رسول الله, جارية لي صككتها صكة, فعظم ذلك علي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقلت: أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها, قال: فجئته بها فقال: أين الله؟ قالت: في السماء, قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله, قال: اعتقها فإنها مؤمنة ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن الشريد ( أن أمه أوصته أن يعتق عنها رقبة, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, إن أمي أوصت أن أعتق عنها رقبة مؤمنة, وعندي جارية سوداء نوبية أفأعتقها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع بها, فدعوتها فجاءت, فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: من ربك؟ قالت: الله, قال: فمن أنا؟ قالت: رسول الله, قال: اعتقها فإنها مؤمنة ).
قال أبو داود: خالد بن عبد الله أرسله، لم يذكر الشريد .
حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرني المسعودي عن عون بن عبد الله عن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة: ( أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء، فقال: يا رسول الله, إن علي رقبة مؤمنة, فقال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بأصبعها, فقال لها: فمن أنا؟ فأشارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى السماء, يعني: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعتقها فإنها مؤمنة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الاستثناء في اليمين بعد السكوت
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا شريك عن سماك عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( والله لأغزون قريشاً, والله لأغزون قريشاً, والله لأغزون قريشاً, ثم قال: إن شاء الله ).
قال أبو داود: وقد أسند هذا الحديث غير واحد، عن شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس .
حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا ابن بشر عن مسعر عن سماك عن عكرمة يرفعه, قال: ( والله لأغزون قريشاً, ثم قال: إن شاء الله, ثم قال: والله لأغزون قريشاً إن شاء الله, ثم قال: والله لأغزون قريشاً, ثم سكت, ثم قال: إن شاء الله ).
قال أبو داود: زاد فيه الوليد بن مسلم عن شريك قال: ( ثم لم يغزهم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: النهي عن النذر
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، وحدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا أبو عوانة عن منصور بن معتمر عن عبد الله بن مرة قال عثمان الهمداني عن عبد الله بن عمر قال: ( أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النذر، ويقول: لا يرد شيئاً, وإنما يستخرج به من البخيل ), قال مسدد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن النذر لا يرد شيئاً ).
حدثنا أبو داود قال: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد، قال: أخبركم ابن وهب قال: أخبرني مالك عن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يأتي ابن آدم النذر، إن قدر بشيء لم أكن قدرته عليه, ولكن يلقيه النذر إن قدر قدرته, يستخرج به من البخيل يؤتي عليه ما لم يكن يؤتي من قبل )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في النذر في المعصية
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن طلحة بن عبد الملك الأيلي عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه, ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ).
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين ) ].
بسم الله الرحمن الرحيم. حديث عائشة لا يصح, قد أعله جماعة من العلماء؛ كـالترمذي, فقد قال في كتابه السنن: لا يصح.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين ).
حدثنا ابن السرح قال: حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب بمعناه وإسناده.
حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: حدثنا أيوب بن سليمان عن أبي بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن ابن أبي عتيق وموسى بن عقبة عن ابن شهاب عن سليمان بن أرقم أن يحيى بن أبي كثير أخبره عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا نذر في معصية, وكفارته كفارة يمين ).
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أفسدوا علينا هذا الحديث, قيل له: وصح إفساده عندك، هل رواه غير ابن أبي أويس؟ قال: أيوب كان أمثل منه, يعني: أيوب بن سليمان بن بلال, وقد رواه أيوب.
قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: قال ابن المبارك يعني: في هذا الحديث: حدث أبو سلمة, فدل ذلك على أن الزهري لم يسمعه من أبي سلمة, وقال أحمد بن حنبل: وتصديق ذلك ما حدثنا أيوب، يعني: ابن سليمان, وقص هذا الحديث.
قال أحمد بن محمد المروزي: وإنما الحديث حديث علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن الزبير عن أبيه عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم, أراد أن سليمان بن أرقم وهم فيه وحمله عن الزهري, وأرسله عن أبي سلمة عن عائشة .
قال أبو داود: سمعت من يقول: سقط من كتاب ابن أبي أويس: ابن شهاب ورواه بقية عن الأوزاعي عن يحيى عن محمد بن الزبير بإسناد علي بن المبارك مثله.
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني عبيد الله ].
وهذا يقال: إنه سقط الإسناد في سنن أبي داود الذي فيه سليمان بن أرقم السابق.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني عبيد الله بن زحر أن أبا سعيد أخبره أن عبد الله بن مالك أخبره أن عقبة بن عامر أخبره: ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة, فقال: مروها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام ).
حدثنا مخلد بن خالد قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا ابن جريج قال: كتب إلي يحيى بن سعيد قال: أخبرني عبيد الله بن زحر مولى لبني ضمرة وكان أيما رجل أن أبا سعيد الرعيني أخبره بإسناد يحيى ومعناه.
حدثنا حجاج بن أبي يعقوب قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا شريك عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن كريب عن ابن عباس قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله, إن أختي نذرت, يعني: أن تحج ماشية, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئاً, فلتحج راكبة ولتكفر عن يمينها ).
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس: ( أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت, فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب وتهدي هدياً ).
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية، قال: إن الله لغني عن نذرها مرها فلتركب ).
قال أبو داود: رواه سعيد بن أبي عروبة نحوه و خالد عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن عكرمة أن أخت عقبة بن عامر بمعنى هشام ولم يذكر الهدي، وقال فيه: ( مر أختك فلتركب ).
قال أبو داود: رواه خالد عن عكرمة بمعنى هشام .
حدثنا مخلد بن خالد قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب أن يزيد بن أبي حبيب أخبره أن أبا الخير حدثه عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال: ( نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله, فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لتمش ولتركب ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس فسأل عنه؟ قالوا: هذا أبو إسرائيل, نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم, قال: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن حميد الطويل عن ثابت البناني عن أنس بن مالك: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يهادى بين ابنيه, فسأل عنه، فقالوا: نذر أن يمشي, فقال: إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه, وأمره أن يركب ).
قال أبو داود: رواه عمرو بن أبي عمرو عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرنا سليمان الأحول أن طاوساً أخبره عن ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان يقوده بخزامة في أنفه, فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده وأمره أن يقوده بيده ).
حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله السلمي قال: حدثني أبي، قال: حدثني إبراهيم -يعني: ابن طهمان- عن مطر عن عكرمة عن ابن عباس: ( أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية وأنها لا تطيق ذلك, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لغني عن مشي أختك فلتركب ولتهد بدنة ).
حدثنا شعيب بن أيوب قال: حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن أبيه عن عكرمة عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ( أختي نذرت أن تمشي إلى البيت, فقال: إن الله لا يصنع بمشي أختك إلى البيت شيئاً )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: من نذر أن يصلي في بيت المقدس
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله: ( أن رجلاً قام يوم الفتح، فقال: يا رسول الله, إني نذرت لله إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس, قال أبو سلمة: مرة ركعتين, قال: صل هاهنا, ثم أعاد عليه, فقال: صل هاهنا, ثم أعاد عليه, فقال: شأنك إذن ).
قال أبو داود: روي نحوه عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا مخلد بن خالد قال: حدثنا أبو عاصم، ح وحدثنا عباس العنبري وقال: حدثنا روح عن ابن جريج قال: أخبرني يوسف بن الحكم بن أبي سفيان أنه سمع حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف و عمرو وقال عباس: ابن حنة أخبراه عن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر, زاد: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( والذي بعث محمداً بالحق لو صليت هاهنا لأجزأ عنك صلاة في بيت المقدس ).
قال أبو داود: رواه الأنصاري عن ابن جريج، فقال: جعفر بن عمر وقال: عمرو بن حية وقال: أخبراه عن عبد الرحمن بن عوف وعن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ].
وفي هذا أن الإنسان إذا نذر على شيء مفضول ثم وجد شيئاً فاضلاً أنه يفعله ولا كفارة عليه؛ كالذي يكون لديه دينار ثم نذر أن ينفقه على فلان فقير, ثم وجد أمه قد احتاجت هذا الدينار, ولم يكن لديه إلا هذا الدينار, فإنه ينفقه على أمه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في قضاء النذر عن الميت
حدثنا القعنبي قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس: ( أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر لم تقضه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضه عنها ).
حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ( أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن نجاها الله أن تصوم شهراً, فنجاها الله فلم تصم حتى ماتت, فجاءت ابنتها أو أختها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأمرها أن تصوم عنها ).
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة ( أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: كنت تصدقت على أمي بوليدة وإنها ماتت وتركت تلك الوليدة؟ قال: قد وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث, قالت: وإنها ماتت وعليها صوم شهر ), فذكر نحو حديث عمرو ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء فيمن مات وعليه صيام صام عنه وليه
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى قال: سمعت الأعمش وحدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش المعنى عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ( أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنه كان على أمها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم, قال: فدين الله أحق أن يقضى ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما يؤمر به من الوفاء بالنذر
حدثنا مسدد قال: حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عن عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ( أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله, إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف, قال: أوفي بنذرك, قالت: إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا بمكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية, قال: لصنم؟ قالت: لا, قال: لوثن؟ قالت: لا, قال: أوفي بنذرك ) ].
في هذا دليل على جواز ضرب المرأة للدف, وجواز سماع الرجل له؛ في قدوم سفر أو مناسبة كالزواج ونحو ذلك, قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه في المرأة التي أمرت أن تضرب على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( أوفي بنذرك ), هذه المرأة هي أمة وليست بحرة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو قلابة قال: حدثني ثابت بن الضحاك قال: ( نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلاً ببوانة, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا, قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك, فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفي من أهل الطائف قال: حدثتني سارة بنت مقسم الثقفي أنها سمعت ميمونة بنت كردم قالت: ( خرجت مع أبي في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت الناس يقولون: رسول الله صلى الله عليه وسلم, فجعلت أبده بصري, فدنا إليه أبي وهو على ناقة له, معه درة كدرة الكتاب, فسمعت الأعراب والناس يقولون: الطبطبية الطبطبية, فدنا إليه أبي فأخذ بقدمه، قالت: فأقر له ووقف عليه واستمع منه, فقال: يا رسول الله, إني نذرت إن ولد لي ولد ذكر أن أنحر على رأس بوانة في عقبة من الثنايا عدة من الغنم, قال: لا أعلم إلا أنها قالت: خمسين, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بها من الأوثان شيء؟ قال: لا, قال: فأوف بما نذرت به لله, قالت: فجمعها فجعل يذبحها فانفلتت منه شاة, فطلبها وهو يقول: اللهم أوف عني نذري, فظفرها فذبحها ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو بكر الحنفي قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عمرو بن شعيب عن ميمونة بنت كردم بن سفيان عن أبيها نحوه مختصر منه شيء, قال: ( هل بها وثن أو عيد من أعياد الجاهلية؟ قال: لا, قلت: إن أمي هذه عليها نذر ومشي أفأقضيه عنها؟ وربما قال ابن بشار: أنقضيه عنها؟ قال: نعم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في النذر فيما لا يملك
حدثنا سليمان بن حرب ومحمد بن عيسى قالا: حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال: ( كانت العضباء لرجل من بني عقيل وكانت من سوابق الحاج, قال: فأسر, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في وثاق, والنبي صلى الله عليه وسلم على حمار عليه قطيفة, فقال: يا محمد, علام تأخذني وتأخذ سابقة الحاج؟ ), زاد ابن عيسى: ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عظماً لذلك, ثم اتفقا قال: نأخذك بجريرة حلفائك ثقيف, قال: وكان ثقيف قد أسروا رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, قال: وقد قال فيما قال: وأنا مسلم, أو قال: وقد أسلمت, فلما مضى النبي صلى الله عليه وسلم ).
قال أبو داود: فهمت هذا من محمد بن عيسى ( ناداه يا محمد, يا محمد, قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم رحيماً رفيقاً فرجع إليه, فقال: ما شأنك؟ قال: إني مسلم, قال: لو قلتها وأنت تملك أمرك إذاً أفلحت كل الفلاح ).
قال أبو داود: ثم رجعت إلى حديث سليمان، قال: ( يا محمد, إني جائع فأطعمني, إني ظمآن فاسقني, قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذه حاجتك, أو قال: هذه حاجته, ففدي الرجل بعد بالرجلين, قال: وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله, قال: فأغار المشركون على سرح المدينة فذهبوا به وذهبوا بالعضباء, قال: فلما ذهبوا بها وأسروا امرأة من المسلمين, قال: فكانوا إذا كان من الليل يريحون إبلهم في أفنيتهم, قال: فنوموا ليلة, وقامت المرأة فجعلت لا تضع يدها على بعير إلا رغا حتى أتت على العضباء, قال: فأتت على ناقة ذلول مجرسة, قال ابن عيسى: فلم ترغ, قال: فركبتها, ثم جعلت لله عليها إن نجاها الله لتنحرنها, قال: فلما قدمت المدينة عرفت الناقة ناقة النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك, فأرسل إليها فجيء بها, وأخبر بنذرها, فقال: بئس ما جزيتيها أو جزتها, إن الله عز وجل نجاها عليها لتنحرنها, لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم ).
قال أبو داود: والمرأة هذه امرأة أبي ذر ].
وفي قوله عليه الصلاة والسلام: ( نأخذك بجريرة حلفائك من ثقيف ), دليل على أن الحلفاء يأخذون حكماً واحداً من جهة التعامل معهم, وكذلك لو لم يقاتل الحلفاء مع حلفائهم فإنهم يأخذون الحكم من جهة القتل والأسر وأخذ مالهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: فيمن نذر أن يتصدق بماله
حدثنا سليمان بن داود وابن السرح قالا: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس قال: قال ابن شهاب: فأخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب وكان قائد كعب من بنيه حين عمي، قال: سمعت كعب بن مالك قال: ( قلت: يا رسول الله, إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك, قال: فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين تيب عليه: ( إني أنخلع من مالي ), فذكر نحوه إلى: ( خير لك ).
حدثني عبيد الله بن عمر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أو أبو لبابة أو من شاء الله: ( إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب, وأن أنخلع من مالي كله صدقة؟ قال: يجزئ عنك الثلث ).
حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرنا ابن كعب بن مالك قال: كان أبو لبابة, فذكر معناه والقصة لـأبي لبابة .
قال أبو داود: رواه يونس عن ابن شهاب عن بعض بني السائب بن أبي لبابة, ورواه الزبيدي عن ابن شهاب فقال: عن حسين بن السائب بن أبي لبابة مثله.
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا الحسن بن الربيع قال: حدثنا عبد الله بن إدريس قال: قال ابن إسحاق: حدثني الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده في قصته قال: ( قلت: يا رسول الله, إن من توبتي إلى الله أن أخرج من مالي كله إلى الله وإلى رسوله صدقة؟ قال: لا, قلت: فنصفه؟ قال: لا, قلت: فثلثه؟ قال: نعم, قلت: فإني أمسك سهمي من خيبر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: النذر لا يسمى
حدثنا جعفر بن مسافر التنيسي عن ابن أبي فديك قال: حدثني طلحة بن يحيى الأنصاري عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن كريب عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين, ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين, ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين, ومن نذر نذراً أطاقه فليف به ).
قال أبو داود: روى هذا الحديث وكيع وغيره عن عبد الله بن سعيد بن أبي الهند أوقفوه على ابن عباس ].
وهكذا صوب الوقف جماعة من الحفاظ؛ كـأبي زرعة وأبي حاتم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن عباد الأزدي قال: حدثنا أبو بكر -يعني: ابن عياش- عن محمد مولى المغيرة قال: حدثني كعب بن علقمة عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كفارة النذر كفارة اليمين ).
قال أبو داود: ورواه عمرو بن الحارث عن كعب بن علقمة عن ابن شماسة عن عقبة .
حدثنا محمد بن عوف أن سعيد بن الحكم حدثهم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب قال: حدثني كعب بن علقمة أنه سمع ابن شماسة عن أبي الخير قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثله.
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: حدثني نافع عن ابن عمر عن عمر ( أنه قال: يا رسول الله, إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك ) ].
وفي هذا أن الاعتكاف لا حرج أن يكون شطر يوم, كذلك أيضاً ألا يكون في النهار, وألا يكون في الصيام, ألا يكون معه صيام؛ لأنه اعتكف ليلة, وأقل الاعتكاف كما ثبت في حديث يعلى بن أمية موقوف عند ابن أبي شيبة أقله ساعة؛ كما روى ابن أبي شيبة عن يعلى بن أمية ( أنه قال: إني لأدخل المسجد ساعة ولا أنوي إلا الاعتكاف ). نعم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر