إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (25) - النوع الثامن والعشرون في معرفة الوقف والابتداء [3]

عرض كتاب الإتقان (25) - النوع الثامن والعشرون في معرفة الوقف والابتداء [3]للشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • وقف المعانقة في المصحف يأتي على ثلاثة أقسام، وهو يختلف باختلاف المصاحف، والمقصود به إذا وقف على الأول لم يوقف على الثاني، وإذا وقف على الثاني لم يوقف على الأول.

    1.   

    وقف التعانق

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    فقد وقفنا في كتاب الإتقان للسيوطي في باب الوقف والابتداء، وهذا الباب فيه طول، وهو يستحق هذا الطول الذي ذكره السيوطي رحمه الله تعالى، وعندنا فيما يتعلق بالوقفات الوقفة الرابعة حيث قال: [ وقد يجيزون الوقف على حرف، ويجيز آخرون الوقف على آخر، ويكون بين الوقفين مراقبة على التضاد، فإذا وقف على أحدهما امتنع الوقف على الآخر ]، وهذا اللي نسميه التعانق، وهو هنا عبر بعبارة [ مراقبة على التضاد ]، وليس المراد بالتضاد التضاد في المعاني؛ لأنه إذا ورد التضاد في المعاني فلا بد من الترجيح.

    ثم ذكر مثالاً سنعود إليه، ولكن أول من نبه -كما ذكر ابن الجزري- على هذا هو أبو الفضل الرازي وهو من علماء القرن الخامس من القراء، وله في ذلك أيضاً في الوقف كتاب، أخذه كما قال من المراقبة في العروض، وقد عرف محقق المراد بالمراقبة في العروض، لكن المراقبة عندنا هنا مأخوذة من راقب الشيء، يعني: كأن الواقف يراقب بين الموطنين، فإذا وقف على أحدهما لم يقف على الآخر، وإذا وقف على الثاني لم يقف على الأول، هذا هو معنى المراقبة، والذي نحن نسميه أيضاً التعانق، يعني: كأن بين الوقتين معانقة، فإذا وقف على الأول لم يوقف على الثاني، وإذا وقف على الثاني لم يوقف على الأول.

    وقف المعانقة في المصحف على ثلاثة أقسام، وهو يختلف باختلاف المصاحف، والمصحف الذي طبع في مجمع الملك فهد رحمه الله هو أقل هذه المصاحف في وقوف المعانقة، أما المصحف الذي طبع في مصر والذي يسمى مصحف الملك فؤاد الذي أشرف عليه الحسيني فهو أكثر في وقوف المعانقة، وأكثر منه كذلك المصحف الذي طبع على وقوف السجاوندي مثل المصاحف الهندية والباكستانية، أو كذلك المصاحف التركية، أو بعض المصاحف العراقية التي مشت على المصحف التركي، أما مصاحف أهل المغرب فلا يوجد فيها إلا وقف واحد ألا وهو صاد أو ص إشارة للوقف، وص هو اسم الفعل المعروف الذي هو انصت أو اصمت بمعنى الوقف، أو صاد إشارة إلى الوقف.

    أما وقف المعانقة الذي ذكره السيوطي رحمه الله تعالى نقلاً عن ابن الجزري فأقول: إن جميع وقف المعانقة سواءً في مصحف مجمع الملك فهد أو في المصحف المصري للملك فؤاد ، أو كذلك في السجاوندي لا يخرج عن ثلاثة أقسام:

    القسم الأول لوقف التعانق

    القسم الأول: أن يكون في المعنى تضاد، وإذا ورد في المعنى تضاد في التفسير فلا بد من الترجيح.

    قال: [ إذا وقف على قوله: فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً [المائدة:26]، كان المعنى: إنها محرمة عليهم في هذه المدة، لكن في هذه المدة محرمة عليهم أين يكونون؟ قال: يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ [المائدة:26]، فإذاً حكم الله سبحانه وتعالى عليهم أنها محرمة عليهم أربعين سنة، وأنهم في هذه الأربعين سنة يتيهون في الأرض، هذا الوقف الأول على هذا المعنى.

    قال: [ وإذا وقف (عليهم) كان المعنى: إنها محرمة عليهم أبداً، وأن التيه أربعين سنة، كيف يكون الوقف؟ قال: قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ [المائدة:26] أي: أبداً، ثم قال: أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ [المائدة:26] ]، الآن السؤال الذي يرد لنعرف التضاد: هل بين المعنيين اللي هو المعنى الأول والثاني تضاد أو ليس بينهما تضاد؟ بينهما تضاد، لأنه على المعنى الأول محرمة فقط أربعين سنة ثم يدخلونها، أما على المعنى الثاني: أنها محرمة عليهم أبداً، وهذا ليس بصواب، لأن الواقع يشهد للمعنى الأول، لما دخلوا في التيه فنعرف أن فيهم من هو رضيع، وفيهم من هو قد تعدى سن الستين، فإذا نظرنا إلى هذه الأعمار لو كان واحد عمره منهم مثلاً عشرين سنة ألا يحتمل أن يدخل الأرض المقدسة بعد أربعين سنة وإلا ما يحتمل؟ يحتمل، يعني: لو عاش سبعين سنة أو ثمانين سنة يدخلها؛ لأن مدة التيه أربعين سنة، فما بالكم الذي يكون عمره عشر سنوات أو خمس سنوات، فإذاً التحريم ليس أبدياً، وبهذا يبين أن التعانق في مثل هذا الموطن غير صحيح؛ لأن فيه اختلاف تضاد.

    القسم الثاني لوقف التعانق

    القسم الثاني: أن يتداخل المعنى في أحد الوقفين، يعني: يكون أحد المعنيين أشمل من الثاني، وهذا هو الذي مثل له بقوله: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة:2]، فإذا قلنا: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2]، ما المعنى المتحصل من ذلك؟ الأول نفي الريب عن الكتاب، يعني: أنه لا يقع فيه ريب. والمعنى الثاني: أنه كله هدىً للمتقين؛ لأنه قال: هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2]، إذا وقفنا على الوقف الثاني قلنا: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ [البقرة:2]، ثم قلنا: فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2]، ما الذي يحصل؟ أولاً (لا ريب) تحتاج إلى خبر، فيقدر من جنس ما بعده، فإن المعنى لا ريب فيه هدى للمتقين، فإذاً احتجنا الآن إلى التقدير.

    القضية الثانية: فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2] أبلغ وأشمل أو هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2] أبلغ وأشمل؟ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2] أبلغ وأشمل، لما نقول: (فيه هدىً للمتقين) كأننا نقول: يتضمن، لكن لا يلزم أنه كله هدىً. فإذاً الآن صار الوقف على (لا ريب فيه) التي الظاهرة فيها أولاً أن خبر (لا ريب) ظاهر اللي هو (فيه)، والإظهار مقدم على الإضمار، والقضية الثانية: أن المعنى المتحصل من الوقف الأول أنه (فيه هدىً للمتقين) داخل ضمن المعنى الثاني أنه هدىً للمتقين، إذاً صار المعنى الثاني أشمل.

    أيضاً أضف على ذلك وهي قاعدة ذكرتها سابقاً أن تفسير السلف جاء على هذا، لم يفسر أحد منهم (لا ريب) منفردة عن (فيه)، إنما قالوا: (لا ريب فيه) لا شك فيه، فدل هذا على أن (فيه) خبر لا، فإذاً تفسير السلف أيضاً على هذا المعنى. فبكل هذه الاعتبارات إذاً نقول: لا يصلح الوقف الذي هو وقف التعانق في مثل هذا الموطن ولا حاجة له، لماذا لا حاجة له؟ للاعتبارات اللي ذكرناها، وتفسير السلف لا يدل عليه، أن المعنى المأخوذ من الوقف على (لا ريب) متضمن في الوقف على (فيه) المتضمن وهو أشمل، فإذاً لا داعي له.

    القسم الثالث لوقف التعانق

    القسم الثالث وهو الذي يقع فيه اختلاف التنوع، وهو الذي يصلح للتعانق، مثاله قوله تعالى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ [القلم:13] صارت (بعد ذلك) مرتبطة بـ (عتل)، أو (بعد ذلك) صارت مرتبطة بـ (زنيم). نأخذ مثالاً واضح جداً أوضح من هذا وإن لم يذكره كثير من المصاحف الموجودة، وإنما وجدته في أحد المصاحف المطبوعة في الشام المصاحف الحديثة، الوقف على جملة وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران:7]، هذه جملة تصلح للتعانق المتنوع، اللي فيها اختلاف تنوع، فإذا قلنا: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ [آل عمران:7]، ثم ابتدأنا قلنا: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ [آل عمران:7]، يدخل (الراسخون) في علم التأويل وإلا ما يدخلون؟ لا يدخلون، ولكن ما مرادنا بالتأويل هنا؟

    مرادنا بالتأويل في هذه القراء التفسير، بأن الراسخين في العلم يعلمون التفسير.

    فإذاً هذه الجملة نجعلها جملة تعانق واضحة، وفيها اختلاف تنوع كما هو واضح.

    إذاً الذي يصلح أن يدخل في التعانق ما يكون فيه اختلاف تنوع، أما إن كان اختلاف تضاد فلا بد من الترجيح، وأما إذا تداخلت المعاني فالمعنى الأعم أولى من المعنى الأخص، هذا باختصار ما يتعلق بالتنبيه الرابع الذي ذكره السيوطي رحمه الله تعالى.

    1.   

    صفات ومقومات إقامة الوقف على الشكل الصحيح

    عندنا التنبيه الخامس ما ذكره عن ابن مجاهد ، قال: [ لا يقوم بالتمام في الوقف إلا نحوي عالم بالقراءات، عالم بالتفسير والقصص، وتخليص بعضها عن بعض، عالم باللغة التي نزل بها القرآن ].

    وغيره أدخل علم الفقه، وذكر مثالاً لقبول شهادة القاذف وإن تاب.

    هنا أحب أن ننتبه إلى مسألة أنه يجب أن نفرق بين أمرين في العلم، وهذه قضية مهمة لمن يريد أن يؤلف، أن نفرق بين أمرين:

    الأمر الأول: التقسيم العلمي.

    الأمر الثاني: التقسيم الفني.

    بمعنى لما نأت إلى ما قاله ابن مجاهد رحمه الله تعالى، ابن مجاهد يقول: لا يقوم بالتمام في الوقف إلا نحوي، عالم بالقراءات، عالم بالتفسير والقصص وتلخيص بعضها من بعض. فذكر أربع مقومات، وهذه المقومات الأربع هل هذا التقسيم فيها تقسيم علمي أو تقسيم فني؟

    ننظر الآن إلى أصل المسألة، لما ننظر الآن إلى علم الوقف، ما هو الشيء الذي بالفعل نحتاجه في علم الوقف؟ يعني: علام يعتمد علم الوقف؟

    نقول: الوقف مبني على المعنى، هذه القاعدة قاعدة كلية، طيب لما نأت إلى النحو، هل النحو الآن منفك عن المعنى؟ الإعراب فرع المعنى، إذاً رجعنا إلى المعنى مرة أخرى، والتفسير هو نفسه الذي نريده المعنى، كذلك لما نأت إلى الفقه نجده مرتبطاً بالمعنى. مثلاً تفسير آية وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً [النور:4] هي مرتبطة بالمعنى، بمعنى أنه فهم هذا المعنى وحكم بهذه المسألة الفقهية.

    إذاً نلاحظ أنه كله رجع إلى المعنى، وإذا كان كله يرجع إلى المعنى فنقول: هذا التقسيم لا يلزم أن يكون تقسيماً علمياً؛ لأنه كله رجع إلى المعنى، وإنما هو تقسيم فني، والإشكالية ترد في القضية العلمية، حينما يظن الطالب أن التقسيم الفني هو تقسيم علمي، فيقع عنده خلل في ترتيب المعلومات.

    ولأهمية هذا أحب أن تنتبهوا في تقسيمات العلماء وغيرهم، شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى لما ذكر أحسن طرق التفسير، قال: [ فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ ] فذكر أربع طرق في تفسير القرآن، هل شيخ الإسلام لما قسم هذه التقسيمات هل نفهم منها أنها تقسيمات علمية أو هي تقسيمات فنية؟ هذا في الحقيقة تقسيم فني، بدلالة أنه وهو قائل هذا الكلام لا نجده وهو يفسر القرآن أنه يرتب بهذا الترتيب، يعني: الترتيب غير مقصود، لكنها كلها مقصودة، بمعنى: إذا أردنا أن نفهم التفسير نرجع إلى القرآن، نرجع إلى السنة، نرجع إلى أقوال الصحابة، نرجع إلى أقوال التابعين، لكن لا يعني ذلك إني أبتدئ أقول القرآن ثم أبحث في كل القرآن ما وجدت، السنة أبحث في كل السنة ما وجدت، ليس هذا المراد، خصوصاً إذا علمنا أننا قد كفينا كثيراً من هذه الأمور بما هو موجود في كتب التفسير، فما صار علينا إلا ترتيب المعلومات، والترجيح بين هذه الأقاويل.

    فإذاً المقصد أن ينتبه طالب العلم وهو يقرأ إلى الفرق بين التقسيم العلمي الذي له أثر علمي، والتقسيم الفني الذي هو مجرد فقط تقسيم لتسهيل أو تفكيك المعلومة لا غير.

    أما التقسيم العلمي فينقسم إلى قسمين: التأويل بمعنى التذكير، والتأويل بمعنى ما تئول إليه حقيقة الشيء.

    إذاً يجب أن ننتبه إلى أن المقصد هو المعنى، وإذا كان المقصد الأول هو المعنى فنقول: هل علم الوقف والابتداء من علوم التجويد وإلا من علوم التفسير؟ بناءً على هذا يكون من علوم التفسير. فإن قلت: ما الذي حمل بعض العلماء على إدخاله في علم التجويد؟ لماذا أدخلوه في علم التجويد؟

    إن كان يتعلق بالأداء فهو من علم التجويد، نحن قلنا الآن: أنه ليس من علم الأداء، إنما هو من علم المعنى، من علم التفسير، بمعنى أن الوقف أثر عن فهم المعنى، وفهم المعنى هو التفسير، فلماذا أدخلوه؟ لأنه من متممات القراءة، كيف من متممات القراءة؟ إذا بدأ يقف على مفاصل ومقاطع واضحة تكون بالنسبة له أيسر في الأداء من جهة، وأكثر تبييناً للمعاني من جهة أخرى، يعني: تصور لو أن واحداً قرأ آية الدين بنفس، إلى أن ينقطع نفسه ويستمر، تتقطع المعاني وإلا ما تتقطع؟ تتقطع المعاني من جهة، وأيضاً أنه لا يتقن ضبط الأداء من جهة أخرى، خلاف الذي يمشي مع الوقوف فإن أداءه يكون أكثر انضباطاً، وهذا يتبين بالسماع، يعني: استمع لإنسان يتتبع المواقف مثلاً الشيخ إبراهيم الأخضر أو غيره من القراءات المعتمدة هذه التي تخرج عن مجامع علمية، اسمع المواقف عندهم تجدها مواقف معطية للمعاني، وفيها إمكانية لأداء التلاوة أداءً جيداً، أما الإنسان الذي ما يتابع هذه فتجد عنده خللاً في هذا وفي هذا، فإذاً هو الحقيقة متمم وليس أصلاً، يعني: علم الوقف متمم وليس أصلاً، يعني: علم التجويد إنما هو مرتبط بالصوتيات، كيف ألفظ هذا الحرف، وكيف أؤديه أداءً عربياً.

    لعلنا نقف عند هذا ونكتفي بهذا القدر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768090776