الجواب: لا شك أن إبليس هو أبو الجن؛ لقوله تعالى: وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ [الرحمن:15]، وقوله عن إبليس وهو يخاطب رب العزة سبحانه وتعالى: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف:12]، وقوله تعالى: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ [الكهف:50] ، فهذه الأمور أدلتها واضحة أن الشيطان له ذرية، وأن الجن ذريته، ولكن كيف يكون ذلك؟ هذا ما لا علم لنا به، وهو من الأمور التي لا يضر الجهل بها، ولا ينفع العلم بها، والله أعلم.
الجواب: أما توصيل الشعر للرجال فهو حرام كما هو للمرأة، وحديث: ( لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة)، هذا التقييد إذ أن ذلك هو الغالب، فإن الرجال لا يصلون، ولكن إذا حصل ذلك منهم فإنهم مثل النساء في هذا الأمر، وكذلك أيضاً النامصة والمتنمصة، وهي التي تنتف شعر وجهها ومنه الحواجب، فإن هذا أيضاً يكون للرجال، وإنما لم يذكر الرجال لأن الرجل ليس من شأنه أن يعتني بالتجميل والتحلي، وإنما ذلك من شأن النساء، قال الله تبارك وتعالى: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ [الزخرف:18] يعني: المرأة وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18] ، والرجل ينبغي له أن يعتني بمكارم الأخلاق، ومعالي الآداب، والرجولة والكرم والشهامة، لا أن يجعل نفسه بمنزلة الأنثى ينتف حواجبه، وينتف شعر خديه وشعر لحيته وما أشبه ذلك.
وأما بالنسبة لصبغ الشعر فهو أيضاً عام للرجال والنساء، ولم ترد السنة بتخصيصه بالنساء كما وردت في الوصل والنمص، فهو عام، فلا يجوز للمرأة ولا للرجل أن يصبغ شعره الأبيض بسواد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد)، فلما قال: (جنبوه السواد)، فهو أمر، والأمر يكون للوجوب، ثم إنه قد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام بإسناد حسنه بعضهم الوعيد على من صبغ بالسواد؛ ولأن في الصبغ بالسواد معارضة لله سبحانه وتعالى فيما جعله من طبيعة البشر وخلقتهم، فإن من طبيعة البشر أنه عند الكبر يبيض شعره، فالذي يحاول تسويده معناه أنه معارض لله سبحانه وتعالى فيما اقتضت حكمته من هذه الخلقة، ولا ينبغي للإنسان أن يعارض الله سبحانه وتعالى في هذا إلا حسب أمر الله سبحانه، وإذا كان الله قد أمر على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بتجنيب السواد، فليتجنبه المرء، ولكن من الممكن أن يغير هذا الشيء بلون بين السواد والحمرة، يكون أدهم، فإن ذلك ليس سواداً، ولا حرج فيه.
الجواب: إبدال الهمزة واواً جائز في اللغة، فإذا قال: الله وأكبر، فإن أذانه يصح، لكن بشرط أن يكون معتقداً لمعناها المقصود بها، وهو أن الله تعالى أكبر، أما إذا كان يعتقد أن الواو للعطف، وأن أكبر غير الله كما هو ظاهر السؤال، يعني: الله وشيء أكبر مثلاً، فإن هذا لا يجوز؛ لأنه لم يبدل الهمزة بواو، وإنما أتى بواو يقصد بها العطف، والعطف يقتضي المغايرة، فعلى هذا يجب أن يُصحح مفهوم هذا المؤذن أو هذا القائل، ثم يحاول أن ينطق باللغة الفصحى، وهي أن يأتي بالهمزة دون الواو المبدلة منها.
وبهذه المناسبة أيضاً أود أن أشير إلى أن كثيراً من المؤذنين يقولون: أشهد أن محمداً رسولَ الله، بفتح رسول، لكنهم يعتقدون أنها هي الخبر الذي حصلت به الفائدة، وأن معنى هذه الجملة أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول الله، فهم يريدون أن تكون رسول خبراً ولو كانت بالنصب، ومثل هذه أيضاً وردت في اللغة، وإن كانت خلاف المشهور من لغة العرب، وعليها قول الشاعر: إن حراسنا أسداً، فقد نصب الجزأين، وعلى هذا فأذان مثل هذا المؤذن الذي يقول: أشهد أن محمداً رسولَ الله صحيح؛ لأنه يقصد أن رسول خبر، لكنه نصبها، وما دام هذا جائزاً في اللغة العربية الفصحى، وإن كان غير مشهور، فإنه لا يُعد أذانه باطلاً، ولكنه ينبغي أن يُعلَّم التعبير باللغة الفصحى، وهي أشهد أن محمداً رسُولُ الله، بالضم.
الجواب: نعم دعاء الاستفتاح يكون في أول كل صلاة، سواء كانت فريضة أو نافلة، وإذا استفتحت في صلاة الفريضة فإنه لا يجزئك عن الاستفتاح في صلاة النافلة؛ لأن لكل صلاة حكمها، حتى لو كنت في نوافل متعددة، كصلاة الليل، فإنك إذا استفتحت في نافلة وأتيت بنافلة أخرى تستفتح فيها، وبهذا نعرف أن ما يفعله بعض الأئمة في صلاة التراويح حيث يستفتح بأول تسليمة، ولا يستفتح في البقية، أنه تقصير منه، أو قصور، قد يكون تقصيراً إن ترك الاستفتاح مع علمه بمشروعيته، أو قصوراً إن كان لا يدري، وإلا فلكل ركعتين تنفصل إحداهما عن الأخرى استفتاح خاص بها.
وبهذه المناسبة أيضاً أقول: إن بعض الأئمة نسأل الله لنا ولهم الهداية في قيام رمضان يُسرعون إسراعاً فاحشاً، بحيث لا يتمكن المأمومون من ملاحقتهم ومتابعتهم، وهذا حرام عليهم ولا يجوز؛ لأن الإنسان إذا كان إماماً فهو مؤتمن، فيجب عليه أن يأتي بأدنى الكمال الوارد لأجل ألا يفِّوت على المأمومين المشروع والسنة، وقد ذكر أهل العلم أنه يكره للإمام سرعة تمنع المأموم فعل ما يسن، فكيف بسرعة تمنع المأموم فعل ما يجب، كما هو موجود في كثير من المساجد في قيام رمضان، وهذا خطأ يجب على المأمومين التنبه له.
قد يقول بعض المأمومين: إنني إذا اطمأننت ينفر الناس من ذلك، فنقول: نعم، إن بعض الناس ينفر من ذلك، ولكن هذا لا يهم، وإنما ينفرون لأنهم يجدون أئمة يسرعون إسراعاً فاحشاً، يُعدُ إلى اللعب أقرب منه إلى الجد، ولو أن الأئمة كلهم اتقوا الله عز وجل، وقاموا بما يجب عليهم في هذا الأمر، ما وجد الكسلان أو المهمل أو النقار منفذاً يذهب إليه ليتخلص من الصلاة الكاملة، والله المستعان.
الجواب: الحكمة من صيام ست من شوال هي الحكمة في بقية النوافل التي شرعها الله لعباده لتُكَّمل بها الفرائض، فإن صيام ستة أيام من شوال بمنزلة الراتبة للصلاة التي تكون بعدها، ليكمل بها ما حصل من نقص في الفريضة، ومن حكمة الله تعالى ورحمته أنه جعل للفرائض سنناً تكمل بها وترقع بها، فصيام ستة أيام من شوال فيها هذه الفائدة العظيمة، وفيها أيضاً تكميل صيام السنة، فإنه قد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي أيوب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر).
الجواب: لا يلزم من ذلك، لا يلزم على من صامها سنة أن يصومها في بقية عمره؛ لأن هذا تطوع، والتطوع للمرء أن يفعله ويدعه، ولكن الذي ينبغي للمرء إذا عمل عملاً أن يُثبّتَه، سواء في هذا أو في الصلاة، فإذا عمل عملاً فينبغي له ألا يدعه ويتخلى عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن عمر فيما أظن: ( لا تكن مثل فلان، كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)، مع أن قيام الليل ليس بواجب، لكن ينبغي للإنسان إذا عمل طاعة أن يستمر عليها, ولكن ذلك ليس بواجب في غير الواجبات.
الجواب: نعم له أجر، ولكنه لا يحصل الأجر الذي رتبه النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر)، وأيضاً لا يعتقد أن هذا العدد الذي صامه ناقصاً عن ستة أيام يحصل به هذا الثواب، أو يكون من السنن؛ لأنه ليس من السنة أن تصوم خمسة أيام من شوال، ولكن إذا كان الإنسان نشيطاً وفتر وترك يوماً من هذه الستة، فلا حرج عليه.
وأقول أيضاً تتميماً للأول: لو صام ثلاثة أيام من شوال بنية أنها عن صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فلا بأس بذلك، لكنه لا يحصل ثواب صيام ستة أيام.
الجواب: الحل الأجدر الوسط، فلا يكون الإنسان متكبراً متعاظماً في ملبوسه ومركوبه وهيئته، ولا يكون متبذلاً مستكيناً، بل ينبغي أن يُظهر الفرح والسرور، ويلبس أحسن ثيابه، ويتجمل للعيد، ويُشعر نفسه بأنه في يوم سرور وفرح، ولهذا رخص في أيام العيد من اللعب ما لم يُرخص في غيره؛ لأجل أن تنال النفس حظها من الفرح بهذا اليوم المبارك، ودائماً يكون الحق بين طرفين متطرفين: إفراط وتفريط.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر