فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الجامع للشريعة الإسلامية بكاملها، عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وهو جامع لأهل السنة والجماعة، فلا مذهبية ولا طائفية، بل أنا مسلم أسلمت قلبي ووجهي لربي، فالذي يأمرني به ربي ورسولي أعمله، والذي ينهاني عنه ربي ورسولي أتركه، وهذا هو المفروض على كل مسلم ومسلمة.
وها نحن قد انتهى بنا الدرس إلى [ المادة الثانية: في الصيد: أولاً: تعريفه: الصيد ] هو [ ما يصاد من حيوان بري متوحش، أو حيوان مائي ملازم للبحر ] فالصيد نوعان: بري وبحري، ولا يوجد غيرهما [ ثانياً: حكمه: يباح الصيد لغير المحرم بحج أو عمرة ] هذا الحكم العام [ لقوله تعالى: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا [المائدة:2] ] أي: إذا حللتم من الحج أو العمرة، فالمحرم بحج أو عمرة لا يحل له أن يصيد، وهذه كلمة الله عز وجل: وَإِذَا حَلَلْتُمْ [المائدة:2]، أي: من إحرامكم، فَاصْطَادُوا [المائدة:2] [ غير أنه يكره ] ولا يحرم [ إن كان لمجرد اللهو واللعب ] وليس لحاجته للحم والأكل أو أن يبيع وينتفع، وإنما ليلهو ويلعب فقط، وهذا يفعله بعض الأطفال والمجانين، فهذا مكروه، وهو ضياع للوقت.
[ أولاً: أن يكون الصائد ممن تجوز تذكيته ] أي: ذبحه [ ككونه مسلماً عاقلاً مميزاً ] وأما إذا كان كافراً أو مجنوناً أو طفلاً صغيراً فلا يؤكل صيده، بل لا بد أن يكون الصائد ممن تجوز تذكيته، بحيث يجوز تذكيته وذبحه للشاة، وأما المجنون والكافر والطفل فلا.
[ ثانياً: أن يسمي الله تعالى عند الرمي أو إرسال الجارح ] فإذا أطلق الرصاص أو أرسل الكلب الجارح المتعود على هذا، فيقول: بسم الله، والله أكبر [ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل ) ] أي: ذكه وكل، وأما إذا أدركته ميتاً فلا تأكل؛ لأنه جيفة؛ لأن الكلب ليس معلماً.
[ ثالثاً: أن تكون آلة الصيد - إن كانت غير جارحة- محددة ] أي: حادة ماضية [ تخرق الجلد، فإن كانت غير محددة كالعصا والحجر فلا يصح أكل ما صيد بها؛ لأنه كالموقوذ ] أي: جيفة، والموقوذ لا يصلح أكله [ اللهم إلا إذا أدرك فيه الروح فذكي ] فإذا ضربته بعصا أو بحجر وأدركته حياً لم يمت فحينئذ ذكه وكله [ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن المعراض: ( إذا أصاب بالعرض ) ] أي: لم يصب بشيء حاد [ ( فلا تأكل؛ فإنه وقيذ ). وإن كانت جارحاً من كلب أو باز ] وهو طائر معروف [ أو صقر ] وهو معروف [ وجب أن يكون معلماً ] بالصيد حتى يصيد لصاحبه، فعلم كلبك حتى يصيد لك [ لقوله تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4] ] فلا بد من ذكر اسم الله [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( وما صدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله عليه ثم كل ) ] وأما الكلب غير المعلم إذا أخذ فإن وجدته حياً فسم الله واذبحه، وإن وجدته قد مات فلا يحل أكله.
والآن [ تنبيه ] لطيف: [ علامة الجارح المعلم وخاصة الكلب ] بالذات، وبه يُعرف أنه معلم أو لا [ أن يدعى فيجيب ] فإذا قلت له: تعال يستجب لك، وإذا قلت له: اذهب ذهب [ وأن يُشلى فينشلي ] أي: إذا قلت له: أسرع يسرع [ وأن يزجر فيزدجر، واغتفر الانزجار في غير الكلب إذا كان غير ممكن ] فغير الكلب يمكن أن يقبل الانزجار والطاعة.
[ رابعاً: أن لا يشارك كلب الصيد غيره من الكلاب في إمساك الصيد ] فلا يكونا اثنين يصيدان مع بعضهما البعض [ لأنه لا يدري من الذي أمسكه، المذكور اسم الله عليه عند إرساله أم غيره؟ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( فإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل ) ] ذلك الصيد [ ( فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله ) ] كلبك أم الآخر، فكلبك قد سميت عليه اسم الله، وأما غيره فلم تسم عليه، ولا تدري أي الكلبين أمسكه، فمن هنا لا يصح.
[ خامساً: أن لا يأكل الكلب منه شيئاً ] فلا يأكل كلبك الذي يصيد لك شيئاً مما صاده لك، فإذا صاد لك غزالاً وأكل منه شيئاً فلا يصح أكله [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل؛ فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه ) ] هو لا لنفسك أنت. والله يقول: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة:4] ] لا عليهم.
[ ثانياً: إذا صيد الحيوان ثم وقع في ماء فمات ] كأن تصيد أرنباً فوقع في الماء ومات [ لا يحل أكله؛ لأنه قد يكون مات بسبب الماء لا بسبب الرمي ] الذي رميته والصيد.
[ ثالثاً: إذا انفصل عضو من الصيد بفعل الجارح ] كأن يأخذ كلبك نصف الطير مثلاً أو جناحه أو فخذه أو رجله أو غيره [ فإن هذا العضو لا يحل أكله؛ لأنه داخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم: ( وما قطع من حي فهو ميت ) ] فلا يؤكل، فمادام كلبك الجارح قطعه وهو حي فلا يجوز أكله.
وليس أحد منا يصيد أو يتعلم الاصطياد، ولكن على كل حال طلب العلم فريضة. والله نسأل أن يعلمنا، وننتفع بالعلم.
الجواب: أهل العلم فقهاء بصراء، فمادام حدد ثلاثة أيام فمعناه: أن ما زاد فوق الثلاثة لا يؤكل، فقد قال: إن ما بعد الثلاثة لا يؤكل.
مداخلة: هذا من قول الشارح وليس من قول الحديث؛ لأنه قد يكون في مكان بارد يا شيخ! ولا ينتن؟
الشيخ: حدد الرسول ما لم ينتن، وفي الغالب أنه بعد ثلاث ينتن، لكن إذا لم ينتن فلا بأس.
الجواب: لا يجوز، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب، فلهذا إن كان الكلب للصيد يجعل له مكاناً خارج بيته، وإذا كان الكلب هذا ليحميه ويحرسه فكذلك يضعه خارج بيته، وأما أن يدخله داخل البيت فلا يجوز، وقد نهى عن هذا رسول الله وحرمه.
الجواب: يأكل إذا قال: بسم الله أولاً، فمادام قد سمى الله عز وجل فيأكل ما يصيد له الكلب، سواء كان واحداً أو اثنين أو أكثر.
الجواب: يا عباد الله! يا أبناء الإسلام! حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخاذ الصور في البيوت، وقال: ( الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ). فلا يجوز لك أن تجعل كلباً من خشب وتضعه عند بابك، أو تجعل من الخشب صيداً أو أسداً، فهذا التصوير لا ينبغي، واتخاذه في البيوت محرم.
الجواب: إذا ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم حرمة أكلها فلا تؤكل، عرفنا العلة أو لم نعرفها، فإذا صح الحديث أن الرسول نهى عن أكل الضفدع فلا يجوز أكله كيفما كان، ولا نسأل لماذا، وهل فيه داء أو فيه شفاء.
الجواب: انظر سبب هذه المعصية، فإن وجدت لها سبباً في القرية التي أنت فيها فارحل منها، وإن وجدت السبب هذا في عمل في معمل أو مصنع فاخرج منه؛ حتى تنجو من هذا الإثم، وإن لم تجد لها سبباً في أي مكان وإنما الشيطان هو الذي يزينها لك فأنت مأمور بالتوبة ولو سبعين مرة في اليوم، ويبقى أمرك إلى الله، فإن مت تائباً نجوت، ولن تطالب بما فعلت، وإن مت على تلك المعصية فيا سوأتك! ويا وليك!
الجواب: إذا كان يهودياً أو نصرانياً فلا بأس؛ لأن لحوم النصارى واليهود جائز أكلها، وإن كان من المشركين والملاحدة فلا يجوز.
الجواب: هذا الشفاء حصل بإذن الله تعالى، فالمريض قد يداويه اليهودي ويشفى، أو النصراني ويشفى، ولو كان الولي حياً يعبد الله تقياً براً ودعا للمريض فشفاه الله فنعم قد استجاب الله دعوته، وأما بعد موته وانقطاع عمله وكون روحه في الجنة وجسمه في القبر في الدنيا فلا تتوسل به؛ فإن هذا من الشرك الذي انتشر وشاع في العالم الإسلامي قروناً عديدة أكثر من ألف سنة، وهذا سببه الجهل أولاً، ثم اليهود والنصارى والمجوس، فقد تآمروا على أن يهبطوا بهذه الأمة، ويفصلوها عن دينها ويخرجوها عنه، فمن ثم انتشر الشرك، فتجدهم يعبدون القبور والأولياء والصالحين .. يعكفون حولهم .. يسجدون لهم، وتجد أحدهم يخر ساجداً لصاحب القبر ويحلف به وينذر له، وأن لك علي كذا وكذا، وكل هذا والله من الشرك في عبادة الله، وصاحبه لن ينجو أبداً إلا إذا مات على توبة.
الجواب: يجوز إذا كانت تحسن الذبح، ولا حرج، وإن كانت حائضاً فلا حرج.
الجواب: الجراد مأذون بصيده، وما أحسب أن الرسول حدد له مكاناً، فصيد الجراد مسموح به في أي مكان ويؤكل، والمدينة حرم لا يحل صيدها، والجراد لا يصاد وإنما يعبأ ويؤخذ، وعلى كل حال أقول: الله أعلم.
الجواب: أما صيدها فحرام، ولا يحل الصيد في المدينة أبداً، فدع الحمام في بيتك ولا تطرده أبداً إلا إذا آذاك فعندئذ لا حرج في طرده، وأما بدون أذى فلا يجوز.
الجواب: الذي أعرف أنه مسموح به ومأذون، وليس فيه نهي.
الجواب: يجوز، وليس في هذا نهي.
الجواب: لا تطعه؛ فإنه ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ). ولو أمرك بترك مباح فلا حرج، أو بفعل مكروه فقط فلا حرج، أما أن يأمرك أن تستبيح محرماً فلا تطعه أبداً، والزمه بالدعوة والصبر حتى يتوب إن شاء الله ويرضى بك.
الجواب: هذا مفتون فتنة كاملة، فإن كنت في المملكة العربية السعودية حيث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فارفع قضيته إلى الهيئة حتى يؤدبونه، وإذا كنت في بلاد غير المملكة حيث لا أمر ولا نهي فاعتزله واهجره، وقل له: إما أن تتوب إلى الله وإما لا نجلس معك، لعل الله يتوب عليه. نعم.
الجواب: الصور المنهي عنها صور الإنسان والحيوان فقط، وأما بناية .. سماء .. كوكب .. طائرة وغير ذلك فلا حرج أبداً، فالممنوع صورة الإنسان، وكذلك الحيوان، وذوات الأرواح، فالله هو الذي خلقها، فلا تقل: هذا صوره فلان وهو كذب، وإنما الله هو الذي صوره.
وخلاصة القول: أنه يكفي في التصوير قول الرسول الكريم: ( إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون ). و( الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ). وما علينا إلا أن نستغفر الله إذا تصورنا للتابعية أو للإقامة أو لكذا، وما عدا ذلك فلا نقبل صورة أبداً، ولا نسمح لمؤمن أن يتخذ آلة يصور بها، والجهال عند باب المسجد يصورون؛ لجهلهم وعماهم.
الجواب: صلاة التراويح في البيوت أفضل؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( صلاة المرء في بيته أفضل منها في المسجد ). ولكن الذي لا يحفظ القرآن ولا يقرأه يصلي في المسجد؛ ليسمع كلام الله من أوله إلى آخره، فصلاة التراويح الحكمة فيها سماع كلام الله من أوله إلى آخره، والذين لا يقرءون القرآن لا يسمعون كلام الله إذا صلوا في بيوتهم، ولا ينتفعون بهذا، فلهذا يستحب لهم أن يصلوا التراويح في المساجد، المسجد النبوي والمسجد الحرام وغيرهما، وأما ما عدا هؤلاء فصلاتهم في بيوتهم أفضل.
الجواب: العورة عورتان: خفيفة وثقيلة، أي: مكروهة ومحرمة، فالخفيفة من السرة إلى القبل، ومن الدبر إلى الركبة، فالفخذ عورة خفيفة، ولو بدا فخذه لا تبطل صلاته إذا لم يتعمد ذلك، والثقيلة القبل والدبر، فرؤية الفرجين كبيرة، ومن صلى وهو كاشف لهما فصلاته باطلة، وسترهما واجب.
الجواب: إذا كنت طبيباً لا حرج أن تعالجه، وأما بدون علاج فلا يجوز؛ لأنه عورة.
الجواب: من أفطر فعليه أولاً: أن يعتق رقبة، فإن لم يستطع فيصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فيطعم ستين مسكيناً، ستين كيلو دقيق أو رز يوزعها على الفقراء.
الجواب: لا تصم عنها، لكن لو تطعم ستين مسكيناً ففي ذلك خير، وفيه أجر.
الجواب: عليك كفارة صيام شهرين متتابعين.
الجواب: يجزئك ذلك ولا حرج، ولو صليت العصر لكان أفضل.
الجواب: لا يجوز مس المرأة الأجنبية باليد أبداً، وأما الوضوء فإن مسستها ووجدت لذة وعزمت على ذلك فقد انتقض وضوءك، ووجب أن تتوضأ، وأما إذا لمستها بدون قصد فلا حرج إلا إذا وجدت لذة. والطبيب له أن يمس، لكن إذا تلذذ انتقض وضوءه وفسد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر