أما بعد:
في الدرس الماضي انتهينا من موضوع الصحابة، وسنبدأ في هذا الدرس بإذن الله في الحديث عن موضوع القرآن، وأنه كلام الله سبحانه وتعالى غير مخلوق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
[وأقول في القرآن ما جاءت به آياته فهو القـديم المـنزل
وأقول: قال الله جل جلاله المصطفي الهادي ولا أتأول].
هذان البيتان في موضوع من الموضوعات المهمة في العقيدة، وهو موضوع القرآن وهو كلام الله سبحانه وتعالى غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
النوع الأول: إضافة الأعيان، والأعيان هي جمع عين، والعين ما يقوم بذاته، فالشيء الذي يقوم بذاته لا يحتاج إلى غيره، مثل: إضافة الناقة إلى الله: نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا [الشمس:13]، والعباد: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا [الفرقان:63]، والعبد مثلاً: وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا [الجن:19] والبيت: بيت الله وهكذا. وهذه الإضافة تكون على نوعين:
النوع الأول: إضافة خلق.
والنوع الثاني: إضافة تشريف، فمن النوع الأول: ناقة الله، ومن النوع الثاني: عبد الله، وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ [الجن:19]، فهذا بالإضافة إلى كونه من مخلوقات الله عز وجل فالإضافة هنا لها معنى زائد وهو التشريف، ومن هذا الباب حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل).
فقوله: (وأن عيسى عبد الله)، فهنا إضافة، (ورسوله) هذه إضافة ثانية، (وكلمته) هذه إضافة ثالثة، (وروح منه) هذه إضافة رابعة، فهذه الإضافات إضافات خلق وتشريف، وليس المقصود بكلمته وبروحه أن عيسى من كلام الله، أو أن عيسى صفة من صفات الله، أو أن عيسى روح الله بمعنى أنه صفة من صفاته كما فهم ذلك النصارى، فإن هذا فهم فاسد، فعيسى روح من الأرواح كغيره من الناس له روح وجسد، إلا أن عيسى لشرفه ومكانته وفضله فإن الله عز وجل أضاف روحه إليه، مثل: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا [الفرقان:63]، ومثل: وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ [الجن:19]، فكل الناس عباد الله لكنه أضاف النبي صلى الله عليه وسلم إليه إضافة تشريف وبياناً للمكانة.
ومن هذه الإضافة إضافة الفطرة في قول الله عز وجل: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الروم:30].
والنوع الثاني من المضاف إلى الله تعالى: إضافة الأوصاف، فالنوع الأول هو إضافة الأعيان، والنوع الثاني: هو إضافة الأوصاف، والأوصاف هي التي لا تقوم بذاتها، والأوصاف جمع وصف، والصفة لا تقوم بذاتها، فتكون الإضافة حينئذ إضافة صفة إلى الله تعالى، ومن ذلك: الكلام، فإن الكلام لا يقوم بذاته، فليس أمراً يقوم بذاته وإنما يقوم بالمتكلم، ولهذا فالإضافة في قوله: حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6] إضافة صفة.
والدليل على أن كلام الله عز وجل بصوت: التعبير بالنداء في الآيات التي تبين كلام الله عز وجل، يقول الله عز وجل: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [القصص:65]، والنداء في لغة العرب هو الكلام بالصوت، فلا يقول أحد من العرب: أن الكلام الذي يكون في النفس يسمى نداءً، وأن خواطر النفس تسمى نداءً.
ويقول الله عز وجل: وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا [مريم:52]، ويقول: فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى [طه:11] والذي ناداه هو الله عز وجل؛ لأنه قال: إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى [طه:12]، فالنداء هنا كان من الله عز وجل لموسى عليه السلام، والنداء لا يكون إلا بصوت، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يبعث الله الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً بهماً، قيل: وما بهم؟ قال: ليس معهم شيء، فيناديهم بصوت يسمعه من قرب كما يسمعه من بعد: أنا الجبار، أنا الملك)، فقوله: (فيناديهم بصوت) صريح في أن لله عز وجل صوتاً يختلف عن صوت المخلوقين، كما أن الله عز وجل في ذاته يختلف عن ذوات المخلوقين، وكلامه مختلف عن كلام المخلوقين.
وأقول في القرآن ما جاءت به آياته فهو القديم المنزل
والآيات القرآنية تدل على أن هذا القرآن من كلام الله، وأن هذا القرآن تكلم به الله عز وجل وسمعه منه جبريل، ثم جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمعه النبي صلى الله عليه وسلم من جبريل عليهم السلام.
وأقول في القرآن ما جاءت به آياته فهو القديم المنزل
وهنا لفظة القديم خطأ، وقد سبق أن بينت أن القرآن متعلق بمشيئة الله، والدليل على أنه متعلق بمشيئة الله قول الله عز وجل: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]، وأمره يكون بكلامه، فلا يمكن أن يكون الأمر بالإشارة، فلو أن إنساناً أشار إلى إنسان هكذا يعني: اخرج من المسجد، فإن هذه الإشارة وحدها لا يؤخذ منها الأمر حتى يقول: اخرج، وهذا أمر متفق عليه بين أهل اللغة، وهذا أمر معروف لا يجادله فيه أحد، فقوله: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]، يدل على أن الأمر مرتبط بالإرادة والمشيئة، فهو إذا شاء تكلم، وإذا شاء فإنه لا يتكلم سبحانه وتعالى، فهو سبحانه وتعالى يتكلم قديماً ويتكلم الآن وسيتكلم يوم القيامة، ولهذا يخاطب الكفار يوم القيامة عندما يقولون: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ [المؤمنون:106] فيقول: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108]، فقوله: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108] سيكون يوم القيامة، فالقول: بأن صفة الكلام قديمة قول غير صحيح، ولهذا لا يصح أن تنسب إلى شيخ الإسلام هذه الكلمة الموجودة في النظم، وهي قوله: (فهو القديم المنزل) والصحيح أنه قال: فهو الكريم المنزل، وهذا موجود في بعض النسخ، فكلمة القديم هنا غير صحيحة، بل إن ابن تيمية رحمه الله في بعض كتبه صرح بأنه لا يقال في وصف القرآن بأنه قديم، وقال: لا يوجد أحد من السلف يقول: إن القرآن قديم، فكيف يقال: بأن ابن تيمية رحمه الله يقول هذا القول، فالقرآن لا يقال عنه إنه قديم، والذين قالوا: إن القرآن قديم كان ذلك فرع عن قولهم: إن صفة الكلام قديمة، وهم يريدون أن يصلوا إلى أن كلام الله معانٍ ليست متعلقة بالمشيئة، وليست بحرف وصوت، وأنه لا يتكلم متى شاء، وكيف شاء، والسبب في هذا: هو أن أهل الكلام عندهم أصل عقلي فاسد، وهو ليس عقلياً في الحقيقة بل هو جهالة، وهذا الأصل الفاسد هو أن كل ما يدل على الحدوث عندهم فهو يستلزم الخلق، وكل ما يدل على الحركة ويدل على الوقت فهو يستلزم الحدوث، والحدوث وصف للمخلوق وليس وصفاً للخالق، وبناء على هذا أولوا كل الصفات الاختيارية، أي: أو لو كل الصفات الفعلية المتعلقة بمشيئة الله عز وجل، فقولهم هذا في كلام الله عز وجل ليس خاصاً بصفة الكلام بل هو عام في كل الصفات الاختيارية، فهم يؤولونها جميعاً ويقولون: إنه ليس هناك صفات متعلقة بالمشيئة، وهذا لا شك أنه قول باطل، فالصحيح إذاً: (فهو الكريم المنزل).
ولا شك أن هذا باطل، ويدل على بطلان هذا أدلة كثيرة، منها: قول الله عز وجل: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف:54]، ففرق بين الخلق والأمر، ولا شك أن القرآن من أمر الله وليس من خلقه، وهذا ما استدل به الإمام أحمد ومن قبله سفيان بن عيينة الهلالي رحمهما الله، فاستدلوا على أن القرآن ليس مخلوقاً بالتفريق بين الخلق والأمر واعتبار الأمر غير الخلق، فالأمر صفة من صفات الله عز وجل كما أن الخلق صفة من صفاته، لكن لا يصح أن يقال في صفة: إنها مخلوقة.
الدليل الثاني: قول الله عز وجل: الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [الرحمن:1-4]، والقرآن من البيان، ولهذا قال الإمام أحمد : القرآن من علم الله تعالى، واستدل على أنه من علم الله عز وجل بقول الله تعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ [آل عمران:61]، والذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن، فاعتبر القرآن من علم الله عز وجل، ومن قال: إن علم الله عز وجل مخلوق فلا شك في كفره؛ فإن علم الله عز وجل صفة من صفاته، وليس في صفات الله مخلوق؛ لأنه لو كان علم الله مخلوق لاقتضى هذا أن يكون الله سبحانه وتعالى مخلوق، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، ولهذا يجب الحذر من هذه المقالة البدعية الضالة وهي: القول بأن القرآن مخلوق.
ومما يدل على أن القرآن ليس مخلوقاً وإنما هو صفة من صفاته: أنك تحلف بأسماء الله فتقول: وعزة الله، وتقول: والله العظيم، ونحن عرفنا هذه الأسماء من القرآن، فلو كان القرآن مخلوقاً لاستلزم أن تكون هذه الأسماء مخلوقة، ولو كانت هذه الأسماء مخلوقة لما جاز الحلف بها؛ لأن الحلف بالمخلوق شرك، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)، وهذا دليل صريح على أن القرآن ليس مخلوقاً، بل هو من كلام الله عز وجل الذي هو صفة من صفاته سبحانه وتعالى؛ ولهذا ربط السلف رضوان الله عليهم بين القول بخلق القرآن والقول: بخلق الأسماء، والتزم المعتزلة بأن الأسماء مخلوقة بناء على أنهم يقولون في القرآن بأنه مخلوق، وقد صرح السلف الصالح بأن من قال: أسماء الله مخلوقة فهو كافر.
ومما يدل على أن القرآن من كلام الله وليس مخلوقاً: كل الأحاديث الواردة في الاستعاذة بكلمات الله عز وجل، منها حديث خولة بنت حكيم : (من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك)، وكلمات الله كثيرة ومنها القرآن، فلو كانت كلمات الله مخلوقة كما قالت المعتزلة لما جازت الاستعاذة بها؛ لأن الاستعاذة تكون بالله ولا تكون بالمخلوق، والاستعاذة بالمخلوق شرك كما هو معلوم.
وكذلك جاء التعبير بالسماع، فالقرآن يسمع، ولو لم يكن كلاماً بصوت لما جاز التعبير بلفظ السماع، فالله عز وجل يقول: فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6]، وهذا يدل على أن السماع يكون لما كان بصوت، فكلام الله مسموع مع أنه غير مخلوق، فقد سمعه موسى عليه السلام، وسمعه محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، ويسمعه يوم القيامة أهل الجنة عندما يخاطبهم الله سبحانه وتعالى.
ويقول عز وجل: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204].
وأيضاً فالقرآن مقروء، فهو يقرأ كما قال الله عز وجل: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل:20]، وقال: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [النحل:98]، إذاً كل هذا يدل على أن القرآن كلام الله عز وجل وهو صفة من صفات الله عز وجل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
وقولنا: (منه بدأ) يعني: أن الكلام من الله بدأ، فهو المتكلم الأول به، قال العلماء: إن المقصود بإليه يعود أنه قبل القيامة يأخذ الله عز وجل هذا القرآن من المصاحف ومن صدور الرجال، حتى لا يكاد أحد يستطيع أن يأتي بشيء منه، فيكون في آخر الزمان شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة.
قال الله يعني: يصح أن ينسب الإنسان القول إلى الله سبحانه وتعالى، ومقتضى القول: أن الله تكلم بما قاله، فإن القول يكون بالحرف والصوت.
وأقول قال الله جل جلاله المصطفي الهادي ولا أتأول.
المصطفي: هو الذي اصطفى من شاء من الخلق سبحانه وتعالى، كما قال الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [فاطر:32].
والهادي من أسماء الله سبحانه وتعالى، ولا أتأول يعني: لا أحرف معاني القرآن ومعاني السنة النبوية على خلاف معناها، والتأويل مصطلح له معنى شرعي صحيح ثم استعمله أهل الباطل والتعطيل بمعنى فاسد، فأما المعنى الشرعي الصحيح للتأويل فهو دائر بين أمرين:
الأمر الأول: أن يكون بمعنى التفسير.
والأمر الثاني: أن يكون بمعنى حقيقة الشيء.
ولهذا جاء في حديث عائشة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي)، قالت عائشة رضي الله عنها: يتأول القرآن، تعني: يأتي بحقيقته، وأيضاً جاء في آية التأويل الطويلة في سورة آل عمران: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:7]، والمقصود بالتأويل هنا: حقيقة الشيء، فلا يعلم حقائق الأشياء كما هي إلا الله سبحانه وتعالى، وفي الوقف في هذه الآية خلاف مشهور بين أهل العلم، ويختلف معنى التأويل بناء على الوقف، في قوله: هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:7]، فالوقوف على لفظ الجلالة معناه أن التأويل يكون بمعنى حقيقة الشيء، وحينئذ يكون الراسخون في العلم لا يعلمون حقائق الأشياء، وأما إذا تم الوصل: إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7] فإن التأويل يكون حينئذ بمعنى التفسير، ولهذا ورد عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: أنا ممن يعلم تأويله، على معنى أن التأويل هنا بمعنى التفسير، إذاً فالتأويل يأتي بمعنى التفسير، ويأتي بمعنى حقيقة الشيء، فحقيقة الشيء لا يعلمها إلا الله، والتفسير يعلمه الراسخون في العلم، ولهذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم لـعبد الله بن عباس ترجمان القرآن فقال: (اللهم علمه التأويل)، وتفسير الطبري المشهور اسمه (جامع البيان في تأويل آي القرآن) فتأويل يعني: تفسير، فهذا معنى التأويل عند أهل السنة وفي المصطلح الشرعي.
وأما التأويل عند المتأخرين فإنه أخذ مفهوماً باطلاً وهو التحريف، فإنهم قالوا: إن التأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى ظاهره المرجوح لوجود قرينة، فكل لفظ عندهم جعلوا له ظاهراً راجحاً وظاهراً مرجوحاً، فإذا كان هذا الأمر لا يوافق أهواءهم صرفوه من معنى إلى معنى آخر ويزعمون أن هناك قرينة، فمثلاً أولوا صفات الله سبحانه وتعالى وقالوا: إن إثبات الصفات يقتضي التشبيه بالمخلوقات كما سيأتي معنا، وأولوا كل النصوص الشرعية الواردة في إثبات الصفات، فجاءوا مثلاً إلى قوله: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64] أو يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح:10] فقالوا: ليس المقصود باليد هنا اليد الحقيقية، وإنما معناها: النعمة، فاليد كلمة تستخدم تارة في اليد الحقيقية، وتستخدم تارة بمعنى النعمة، فقالوا: إذاً يراد بهذه الآية النعمة وليس اليد الحقيقية، وصرفوها عن اليد الحقيقية لوجود قرينة، والقرينة أن إثباتها بمعنى اليد الحقيقية يقتضي التشبيه. قلنا: ومن قال: إنها تقتضي التشبيه؟ ثم إذا صرفتموها إلى النعمة فهي أيضاً تقتضي التشبيه، فتصبح نعمته مثل نعمة خلقه، فللخلق نعمة وللخالق نعمة، ولهذا يجب أن يفرق بين أسماء الله وصفاته وبين صفات خلقه منذ البداية، فنثبت كل ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات وننفي عنها مشابهة ومماثلة المخلوقات، وسيأتي تفسير ذلك وبيانه بإذن الله.
وهذه الفتنة انتصر فيها أهل الحديث ولله الحمد والمنة، فقدر الله أن تذهب شوكة المعتزلة، فذابت في الفرق، وأصبحت بعد هذه المرحلة ليس لها كيان مستقل باسم المعتزلة وإنما ذابت في الفرق، فأصبحت عند الأباضية الخوارج وعند الشيعة، فالشيعة اليوم معتزلة.
الأمر الأول: من الديانة التي يجب أن نشرحها للناس؛ لأن هذا هو الحق الذي يجب أن نبينه للناس، ومن جهة أخرى أن هذا علم الواقع، ويؤسفني أنه قبل حوالي عشر سنين حضرت محاضرة لداعية على مستوى العالم الإسلامي بأكمله، داعية من خارج هذه البلاد استضيف في نادي أدبي، وكان عنوان محاضرته: (الإسلام والتحديات المعاصرة) فيقول: إن من أبرز التحديات التي تواجه المسلمين اليوم العلمانية والحداثة وغيرها، وهذا كلام صحيح وممتاز، لكنه تجاوز فأخطأ وقال: إن الذين يناقشون آراء الفرق الضالة في المساجد إن هؤلاء يحاربون في الهواء، وإن هؤلاء يتكلمون عن الماضي، وإن هذه الفرق لا وجود لها وقد اندثرت وهلكت وماتت منذ زمن بعيد، فقال بهذا النص: أعطوني شخصاً واحداً يقول: بأن القرآن مخلوق، فتعجبت غاية العجب من هذا الرجل المشهور والذي له محاضرات كثيرة في الخارج خصوصاً في أمريكا وأوروبا، وله إفتاء في الفضائيات بشكل واسع.
وهذا يدل على عدم معرفة الواقع على حقيقته، فإن مفتي عمان الآن من أبرز من يقول بأن القرآن مخلوق، وقد ألف كتاباً سماه: (الحق الدامغ)، وقد بناه على ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: إنكار رؤية الله عز وجل يوم القيامة، والثانية: أن القرآن مخلوق، والثالثة: أن الفاسق الملي يخلد يوم القيامة في النار، فهذا هو المفتي فكيف بغيره من تلاميذه وأساتذة الجامعات والتخصصات الشرعية، والشيعة اليوم في إيران وفي غيرها يدرسون في مناهجهم بالإضافة إلى الغلو الذي أوصلهم إلى الكفر وعبادة غير الله عز وجل يدرسون أيضاً أن القرآن مخلوق، وهناك كتاب اسمه: (التوحيد) لـابن بابويه القمي وهو من علماء الشيعة المشهورين، وهذا الكتاب عندما تقرؤه تظن أنك تقرأ لكاتب معتزلي، بل من أئمة المعتزلة، مع أنه شيعي في نفس الوقت، ولو تجاوزنا الاعتزال وجئنا إلى الأشعرية الذين هم عدد كبير، ولعل هذا الدكتور الذي سبق أن أشرت إلى محاضرته ممن درس هذه العقيدة مع أنه لا يعتقدها، فالأشعرية يقولون: إن كلام الله عز وجل معنىً قائم بذات الله عز وجل، وأما القرآن نفسه فهو مخلوق؛ لأن المعبر هو جبريل أو محمد صلى الله عليه وسلم، إذاً فتوصلوا إلى نتيجة واحدة، ولهذا يقول شارح (الجوهرة) وهو متن مشهور يدرس في كثير من البلاد الإسلامية يقول: ولا بأس أن نقول: بأن القرآن مخلوق على سبيل التعليم للطلاب، حتى نعلم الطلاب ونفهمهم كيف يفهمون قضية أن القرآن من كلام الله، وأن كلام الله معنى قائم بذات الله تعالى.
هذا ما أحببت أن أشير إليه، وأختم هذا الدرس بالإعراب:
(أقول) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا.
(في القرآن): (في) حرف جر و(القرآن) اسم مجرور.
و(ما) اسم موصول مبني، وهو في محل نصب مفعول به.
(جاءت به) جاء فعل ماضي مبني على الفتح، فالفعل الماضي إذا اتصل بتاء التأنيث يكون مبنياً على الفتح.
(به) جار ومجرور.
(آياته) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة، وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(فهو) الفاء عاطفة، وهي تدل على التعقيب، والحروف لها معان، ومعاني الحروف لها أهمية كبيرة جداً في طلب العلم خصوصاً في الاستنباط؛ فكل حرف من هذه الحروف له معنىً، ولهذا ألف المرادي كتاب (الجنى الداني في حروف المعاني)، وللرماني كتاب بعنوان (معاني الحروف).
(هو) ضمير في محل رفع مبتدأ.
(الكريم) خبر.
(المنزل) صفة.
(وأقول) هذه مثل السابقة، (قال الله) فعل وفاعل، (جل جلاله) جل فعل ماضي، (جلاله) هو الفاعل، وهو مضاف والضمير مضاف إليه.
(المصطفي الهادي) هاتان صفتان.
(ولا أتأول) (لا): هنا نافية، ولا النافية سبق وأن قلنا: إنها لا تعمل، (أتأول) فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر.
الجواب: دراسة أسماء الله وصفاته لها منهجان ينبغي الإشارة إليهما:
المنهج الأول: منهج التصحيح، ومعنى منهج التصحيح: أن نصحح ما شاب هذه الأسماء والصفات من الآراء البدعية الضالة، وهذا الأمر في غاية الأهمية، وهذه الطريقة هي التي نتبعها، وغالب المتون العلمية التي تشرح على هذا المنهج، وهناك منهج ثانٍ لا بد من الإشارة إليه وهو الاستفادة من إثبات هذه الأسماء والصفات في الإيمان، فإن إثباتك مثلاً لاسم الله العليم يجعلك تتربى على الخوف من الله، وعلى مراقبة الله سبحانه وتعالى، فهو يعلم كل شيء، وهذه الصفة صفة كريمة عظيمة تجعلك توقن بقضاء الله وقدره؛ لأنه ما من شيء يحصل إلا بعلم الله عز وجل.
وهذا المنهج هو الذي كان عليه الصحابة؛ لأنه في زمن الصحابة لم تكن هناك آراء ضالة وفرقاً منحرفة أثرت على الأمة وغيرت مدلول الأسماء والصفات أو القدر أو الإيمان، ولهذا كانوا بمجرد أن يسمعوا الصفة من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة يتأثرون بها ويأخذون منها فائدة عملية وسلوكية، فهذا لقيط بن صبرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمعه يقول: (يضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، قال: يا رسول الله! أويضحك الرب؟! قال: نعم)، فلم تحصل عنده شبه في ذهنه أن هذا يقتضي أن يكون مماثل للمخلوقات كما حصل عند المتأخرين، وإنما استفاد منها فائدة سلوكية فقال: (لن نعدم من رب يضحك خيراً)، فأخذ منها عبادة عظيمة وهي الرجاء، فتعلق قلبه بالله عز وجل، فينبغي أن ندرس أسماء الله وصفاته على هذين المنهجين:
المنهج الأول: تصحيح العقيدة، وهذا يقتضي الرد على الفرق الضالة، وهو الأسلوب المتبع في شرح متون العقيدة، وهذا الأسلوب ليس كافياً، فلا بد أن ينضاف إليه أن معاني أسماء الله ومعاني صفات الله وقضايا أعمال القلوب وقضايا القدر وغيرها لها آثار إيمانية عجيبة في المجتمع، لكن هذه الدروس الهدف منها التصحيح، وهناك دروس في شرح أسماء الله الحسنى الهدف منها تعميق الآثار الإيمانية، ولهذا كان الصحابة يتأملون القرآن ويتأثرون بما فيه من العقائد العظيمة.
الجواب: لم يرد في القرآن ولا في السنة وصف الله بأنه قديم، لكن وصف بأنه الأول، فسمى الله عز وجل نفسه فقال: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ [الحديد:3]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء)، ولم يرد وصفه بالقديم في الكتاب والسنة.
ولا يجوز أن يسمى الله بالقديم؛ لأن أسماء الله عز وجل موقوفة على ما وردت في النصوص، وهذا لم يرد في النصوص الشرعية.
ولأنه يتضمن معنى غير تام، فالقديم هو ما يكون قبله شيء، فالله عز وجل يقول: حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس:39]، فالعرجون القديم يمكن أن يدل على أن هناك عراجين أقدم منه لكن هذا قديم، ولهذا فإن استخدام الألفاظ الشرعية في وصف الله عز وجل وفي العقيدة له أهمية كبرى، وأما إذا قيل: القديم من باب الإخبار عن الله عز وجل فهذا لا بأس به، فإذا كان الإنسان يخبر عن الله بأنه قديم ويقصد أنه الأول فهذا لا بأس به، ولهذا قد يرد هذا اللفظ في كتب ابن تيمية رحمه الله كثيراً من هذا الباب وهو: باب الإخبار، وليس من باب الصفات، وليس أيضاً من باب الأسماء، فيمكن أن يقال: بأن الله قديم من باب الإخبار عن الله عز وجل، والإخبار أوسع من باب الأسماء وباب الصفات.
الجواب: كيف نسكت والله عز وجل يعلمنا أنه غير مخلوق؟ وكيف نسكت عن الباطل؟ وقضية أن القرآن مخلوق أو غير مخلوق ليست مسألة اجتهادية أو مسألة جاءت فيما بعد، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يعتقد أن القرآن غير مخلوق؛ لأنه من صفات الله، وكيف تكون صفات الله مخلوقة؟! فهذه القضية ليست من المسائل الاجتهادية، والذين قالوا: بأنه مخلوق ضلال ومبتدعة، ولا شك في انحرافهم، فهذه المسألة ليست من المسائل التي يمكن أن يتهاون فيها، فكثير من الإخوان قد يكون تصوره عن هذه المسألة تصوراً سطحياً، فيتصور أن المسألة بسيطة وأن الخلاف جاء متأخراً .
ولو سئل المسلم: هل القرآن مخلوق أو غير مخلوق؟ فقال: لا مخلوق ولا غير مخلوق لكان ضالاً منحرفاً؛ لأن الله عز وجل نص في القرآن على أن القرآن كلامه فقال: حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6]، ولا يمكن أن يكون كلام الله مخلوق، فهذه القضية ليست قضية ثقافية يمكن أن يكون للإنسان فيها وجهة نظر، فهي قضية قطعية، وكون الإنسان لم يقرأ فيها لا يعني أنها ليست قطعية.
وكذلك لو سئل المسلم: هل الله عز وجل يرى يوم القيامة؟ فقال: والله ما أدري يمكن يرى ويمكن ما يرى، فإنه يكون ضالاً؛ لأن الله أخبر في القرآن أنه يرى، فكيف ينفي العلم عن شيء أخبر الله به؟ وكيف ينفي العلم عن شيء أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم؟ إذاً فالقضية ليست بهذه الصورة التي يتخيلها بعض الإخوة.
الجواب: الفعل قد يكون كفراً، والشخص الفاعل قد يكون كافراً وقد لا يكون؛ لأن تكفير المعين يحتاج إلى وجود شروط وانتفاء موانع، فإذا وجدت فيه الشروط التامة وانتفت عنه الموانع فهو كافر، وأما أن نقول: لا نكفر الناس أبداً ولكن نكفر الأفعال فقط، فهذا خطأ وانحراف كبير؛ لأن هناك باباً في الفقه اسمه: باب حكم المرتد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من بدل دينه فاقتلوه)، والمرتد الذي يكفر بعد إيمانه يقتل، فإذا كنا لا نكفره ونكفر فعله فكيف نقيم عليه الحد؟! ولهذا جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: أنه أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ردفاً لـأبي موسى الأشعري فلما جاء وجد رجلاً مربوطاً خارج الخيمة، فقال لهم: ما شأنه؟ قالوا: ارتد بعد إسلامه، قال: لا أجلس حتى تقتلوه.
وجاء في بعض الروايات أنه قال: استتيبوه مرة واحدة، وهذه الرواية رواها أحمد في المسند، وحسن إسنادها الحافظ في الفتح، قال: استتيبوه مرة واحدة فإن تاب وإلا فاقتلوه، فإذا كان الكافر المرتد يقتل فلا يصح القول: بأنا لا نكفر الشخص ونكفر الفعل فقط هكذا مطلقاً، لكن أيضاً لا نطالب الآخرين بالاستعجال، ولا نقول لهم: بمجرد أن الشخص يرتكب ناقضاً أو يقع في كفر فإنه يكفر مباشرة، فلا بد من وجود الشروط وانتفاء الموانع، ووجود الشروط وانتفاء الموانع تقتضي ألا يكون متأولاً، فالأشعرية مثلاً والمعتزلة الذين يقولون: بأن القرآن مخلوق لا نكفرهم حتى تقوم عليهم الحجة، فإن قامت عليهم الحجة وارتفعت عنهم الشبهة واتضح بعد ذلك أنهم زنادقة يدافعون عن الزندقة فنكفرهم بأعيانهم، ومن هنا فعقيدة أهل السنة والجماعة في تكفير أهل البدع: أنهم لا يكفرون إلا من قامت عليه الحجة وظهرت له المحجة.
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تأخذ شيئاً من حواجبها بأي وسيلة من الوسائل؛ لأن هذا هو النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من قامت به.
الجواب: هناك شرح لأحد علماء الحنابلة وهو: أحمد بن عبد الله المرداوي الحنبلي وشرحه مطبوع، وعلى هذا الشرح تعليقات للشيخ الفوزان ، فيمكن مراجعة هذا الشرح.
الجواب: قولهم: حادث الآحاد ليس فيها إشكال، وهذا ما نقول به، وهذا ما ينفيه الأشعرية والمعتزلة، وأما القول: بأنه قديم النوع، فهذا ليس خاصاً بالكلام، فكل الصفات الفعلية يقال فيها: إنها قديمة النوع.
وأصل الصفة لا شك أنه قديم، والله عز وجل ليس له أول، فهذا الهدف من قولهم: قديم النوع حادث الآحاد، والهدف هو بيان أن الحدوث ليس متعلقاً بالصفة من أصلها؛ حتى لا يستلزم أن يكون الله عز وجل في ذاته حادث، لكن هذا تفريق علمي قد يرد عليه إيراد علمي أيضاً، ولسنا في إطار الكلام في الاعتقاد وإنما في الحديث عن التدقيق اللفظي، فيرد عليه أن هذا ليس خاصاً بصفة الكلام، بل هو يشمل كل الصفات الفعلية التي لها مقتضى من المفعولات، فإنها تكون أيضاً قديمة النوع حادثة الآحاد، وهذا ما لا يقول به هؤلاء، فالمسألة خلاف في اللفظ وليس خلافاً حقيقياً.
الجواب: هذا خطأ، هو فهم فاسد؛ لأن اختبار الناس بالكتب لا يجوز، فلا يجوز أن تختبر الناس: هل أنت على عقيدة الطحاوي أو على العقيدة الأشعرية؟ والصحيح: ما هي عقيدتك؟ فإن كانت موافقة للسنة فحي هلا بها، وإن كانت مخالفة رددناها.
وأما الإلزام باتباع المذاهب الأربعة فهذا ليس بصحيح، وإنما الإلزام يكون باتباع الدليل الشرعي.
الجواب: من قال بأن الله عز وجل موجود في كل الوجود بذاته فهو ضال بل كافر؛ لأن الله عز وجل مستو على عرشه، وهو يعلم وقادر على ما يعمله العباد، فهو سبحانه وتعالى عالٍ على خلقه وليس مع الناس بذاته.
الجواب: هي صفة فعلية.
الجواب: هذا اللفظ يشعر بأن أصله من عند الأشعرية؛ لأن قوله: لم يزل قائلاً عليماً يدل على أنهم يقصدون المعنى القائم بذاته، وهو المستمر في كل وقت وفي كل حال.
الجواب: يجوز أن تتوسل بمودة القربى فتقول: اللهم إني أسألك بمحبتي لأقارب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من الدعاء بالعمل الصالح وليس فيه شيء إن شاء الله، وأما تجاوز الحد فيه بالمبالغة في التعظيم وغيره فهو من الغلو المذموم.
الجواب: إذا كان ذلك على سبيل معرفة ما عندهم من الباطل وللرد عليه فلا بأس، وإلا فالأصل هو أن الإنسان يبتعد عن سماع أهل الباطل؛ لأن من المجالس قد يكون فيها كلام باطل، فلا يجوز الجلوس فيها، والله عز وجل يقول: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ [القصص:55].
الجواب: علاج مشكلات الرياء هي في عدم التفكير في الناس، والاشتغال فيما ينفع، فالإنسان يفكر فيما ينفعه هو ويصلحه ولا يفكر في الناس، فمدح الناس لا ينفعه، وذمهم لا يضره، وإنما الذي ينفعه ويضره في الحقيقة هو العمل الصالح، ويمكن أن تراجع بعض أشرطة لبعض أهل العلم تحدثوا فيها عن هذا الموضوع بشكل موسع.
الجواب: يمكن أن ترتب وقتها، فتجعل لأولادها وقتاً للنوم، ووقتاً للعب، وتنظم وقتها بحيث إنها تستغل ساعتين أو ثلاث ساعات في الوقت الذي يكونون فيه نائمين، فتقرأ القرآن أو تحفظ شيئاً منه، أو من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فترتيب الوقت هذا راجع إلى طبيعة الأخت نفسها وبيئتها الاجتماعية ووضع ودوام زوجها، فهي عملية فنية فتحتاج منها أن ترتب وقتها بشكل يتناسب مع وضعها. أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لكل خير.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر