أما بعد:
جاء في حديث صحيح أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر المهاجرين! خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ولا منعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولا نقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان، ولا نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم، وما حكمت أئمتهم بغير ما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم).
حلت بالأمم الإسلامية اليوم النكبات والأزمات وذلك بسبب مخالفة أمر الله عز وجل رب البريات، ولا تغتروا بالكافرين الذين أملى الله عز وجل لهم في الحياة الدنيا، وعجل لهم خيراتهم في الحياة الدنيا وأما في الآخرة فليس لهم إلا النار.
لكننا نتوجه إلى المسلمين سواء منهم من كان في مأمن من هذه البلايا والمصائب، أو من قد حلت بأرضه، فليس هناك سبيل إلى الخلاص منها إلا بالعودة إلى الله عز وجل.
فانتشار فاحشة الزنا من أعظم الأسباب التي تؤدي إلى خراب البيوت، وسقوط الأمم، والقضاء على تاريخ الدول.
وإذا أردتم دليلاً على ذلك فاقرءوا كتاب الله، واقرءوا تاريخ الأمم حينما مالت إلى اللهو وإلى اللعب وإلى المجون والإسراف والترف، وانظروا كيف كان مصيرها؟
أخذها الله عز وجل أخذ عزيز مقتدر، يقول سبحانه وتعالى: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ [النحل:45-47] أي: ينقصهم شيئاً فشيئاً حتى لا تبقى نعمة واحدة بأيديهم.
وفاحشة الزنا وللأسف الشديد أصبحت منتشرة في جل بلاد الإسلام، لا فرق بينها وبين البلاد الكافرة، يسر لها كل الطرق، وذلل من أجلها كل الوسائل، وفي الأخير فتحت بيوتاً للدعارة جهاراً نهاراً على مرأى ومسمع من الناس، ترعاها عيون الدول التي تنتسب إلى الإسلام وتحسب على الأمة الإسلامية، وهذا شيء يشاهده من يسيح في أرض الله الواسعة؛ وما ذلك إلا لأن الطرق كلها قد مهدت لتلك الفاحشة، ولأن الوسائل كلها قد ذللت، فأصبح ذلك الإنسان الفارغ الذي لم تربِّه أيدٍ مخلصة أمينة يبحث عن الفاحشة وعن الجريمة، فأصبح لهؤلاء المفسدين في الأرض الذين جعلوا همهم الإفساد وإتلاف الأخلاق والانغماس في الرذائل بيوت تستهلك هذه الطاقة البشرية المنحرفة.
إنها فتنة في الأرض وفساد عريض، العشق في نظر أولئك خير من الزواج، والزواج في نظر طائفة منهم تخلف، فكانت النتيجة أن انتشر الفساد في الأرض وأصبح عريضاً.
إضافة إلى أن الذين تولوا أمر المسلمين نسوا خشية الله عز وجل، وغفلوا عن الوقوف بين يديه، ففتحوا باب الرذيلة على مصراعيه لكل داخل.
لقد مهدت السبل لجريمة الزنا في كل بلدان العالم الإسلامي، من رقص وغناء، وأفلام هابطة، ولهو ولعب، ومسابح مختلطة، وتفسخ وتبرج، وصحف منحرفة، ومجلات ساقطة تبدأ من صورة الغلاف وهي تعرض جمال المرأة ومفاتنها إلى آخر صفحة من صفحاتها، كل ذلك يعتبر في الحقيقة تمهيداً للفاحشة.
والله سبحانه وتعالى يريد منا أن نسير على الجادة المستقيمة، وأمرنا أن نجتنب كل الوسائل والطرق التي توقع المرء في الفاحشة والرذيلة، من لهو ولعب محرم، وغناء وموسيقى ورقص، فكل هذه الأشياء يجب على المسلم أن يتجنبها وأن يغض بصره حتى يحصن فرجه، أما إذا أطلق المرء لبصره العنان والنظر إلى المحرمات فإنه لا محالة سيقع في الفاحشة والرذيلة، وينطلق في المحرمات بدلاً من أن يشبع رغبته فيما أباح الله عز وجل.
لقد أصبح الأمر خطيراً، والشر مستطيراً والبلاء كبيراً، ولقد وصلت الأفلام الهابطة الساقطة إلى قعر بيوت المسلمين، فصارت تبث سمومها في أوساط الشباب والفتيات، إن ما يحل في بيوت أعداء الله يحل قريباً في جل بيوت المسلمين، وإن هذه الأفلام التي تتحدث عن العشق والغرام وتحرك الشهوات الكامنة تريد أن تجعل من المجتمع الإسلامي مجتمعاً منحلاً حينما يستجيب لهذه الدواعي المنحرفة، والتي أصبحت اليوم في متناول الناس أجمعين.
فعلى الدولة والآباء والعلماء والعقلاء مسئولية هؤلاء الشباب حتى لا ينفلت الزمام، وحينئذ يعض من أهمل أصابع الندم، وهيهات أن ينفع الندم، فأنتم كلكم مسئولون بين يدي الله عز وجل عن دين الله، فاحفظوا هذه الأمانة، واحذروا أن تنتشر الفواحش، وحينما تنتشر الفواحش فإن الله عز وجل سوف يرفع يده عن هؤلاء الناس، وإن أقل ما يمكن أن يحدث أن تنتشر الأمراض التي لم تكن في أسلافنا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض الإيدز والسيلان والزهري وحتى كثير من الأمراض التي لا ترتبط بهذا النوع الجنسي كالسكر وارتفاع ضغط الدم وغير ذلك، لم يكن آباؤنا يشكون من هذه الأمراض، وبالرغم مما يقدمه الطب الحديث في هذه الأيام المعاصرة إلا أن الطب قد أظهر عجزه في علاج هذه الأوبئة وهذه الأمراض الفتاكة؛ لأن الله عز وجل قد أنزل عقوبته بهؤلاء الناس إن لم يعودوا إلى الله عز وجل، ويرجعوا إلى رشدهم وإلى صوابهم.
إن خروج المرأة من بيتها متبرجة إلى الأسواق والمحلات التجارية، واختلاطها بالرجال في القاعات الدراسية والوظائف وغيرها، يدل دلالة واضحة على أن الفتن قد عمت وطمت في هذه الأمة، فعلى العقلاء الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أن يتداركوا ذلك، وكذلك على ولاة أمور المسلمين القيام بهذا الواجب، فإن الله عز وجل امتدحهم إذا قاموا بواجبهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:41].
إن المعصية إذا انتشرت في الأرض، وكشفت النقاب عن نفسها، وأصبحت واضحة في وضح النهار، ثم لا تجد منكراً من هؤلاء الناس، إذا كان ذلك فإن الأمر خطير، إن إنكار المنكر واجب على كل واحد من المسلمين بقدر ما آتاه الله عز وجل من مكانة وسلطة، إما بيده إن كان مسئولاً، وإما بلسانه إن كان محتسباً ومتطوعاً، وإما بقلبه حينما يكون في مجتمع يختلف عن مجتمعنا الذي نعيش فيه، ولم نصل بعد والحمد لله في هذا البلد الطيب إلى إنكار المنكر بالقلب.
أما إذا أبى الناس إلا أن تتبرج النساء، وإلا أن تظهر مفاتنها، وإلا أن تذهب إلى الأسواق لتعرض جسدها أمام الشباب الذي يشتكي ألم العزوبة، فإن الفتنة الكبرى تكون وراء ذلك، ولذلك قدّم الله سبحانه وتعالى المرأة على الرجل في الزنا فقال: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ [النور:2]، وإن تقديم المرأة على الرجل في مثل هذه المناسبة ليدل دلالة واضحة على أن المرأة هي أكثر من يملك زمام هذه الفتنة.
فعلينا جميعاً أن نحارب كل الوسائل الداعية إلى الرذيلة، وأن نحمي بيوتنا وأسرنا من خطر الأفلام التي تحرك الغرائز، وتثير الشهوة الكامنة، وعلينا أن نيسر الزواج، فإن الزواج هو سبيل العفة والطهارة.
قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، فحينما ترون شاباً لا يستطيع أن يقوم بتكاليف الزواج ومؤنه، تعاونوا على البر والتقوى وقدموا من أموالكم ما تسدون به حاجة هؤلاء الشباب؛ لعل الله سبحانه وتعالى أن يعفهم بطريق الحلال حتى لا يقعوا في الحرام.
وعلينا كذلك تربية بناتنا وزوجاتنا وأهلينا على الحياء، فإن لكل أمة خلقاً كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن خلق هذه الأمة الحياء، وإن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك أمة أو عبداً من خلقه نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتاً.
وعلينا أيضاً أن نربي أسرنا وبناتنا على طاعة الله، وأن نحذر مكائد الأعداء، فإنهم يريدون أن نضل السبيل وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء:27]، فعلى المسلمين أن لا ينخدعوا بالدعايات المضللة التي تصل إليهم بواسطة الصحف، أو المجلات، أو الإذاعة، أو التلفاز، أو الكتاب، أو بأي وسيلة من الوسائل المقروءة أو المرئية، وكونوا على ثقة من دينكم، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخلق وهو أعلم بما يصلحهم أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14].
لقد أصبحت أرقام الأموال لدى طائفة من الناس خيالية لدرجة أنك قد تعجز عن إحصائها، ولكن مع الأسف نجد أن الكثير منهم امتنعوا من إخراج زكاة أموالهم، بل رأينا كثيراً من تلك الأموال تذهب في معصية الله عز وجل، وفيما لا يرضي الله في وقت يقول الإحصاء: إن مائتين وخمسين مليوناً من أبناء المسلمين في أفريقيا يهددهم الموت والجوع، وكذلك إخواننا في أفغانستان بحاجة ماسة للطعام والشراب والسلاح الذي يقاتلون به، فهم يقاتلون ويصارعون الشيوعية الملحدة التي تنكر الخالق سبحانه وتعالى، وتنكر الأديان، وتنكر كل المبادئ، وتقول بلسان الحال وبلسان المقال: (لا إله والحياة مادة)، إنهم لا يريدون أرضاً صحراء كأفغانستان، بل ولا يريدون حتى أرضاً فيها خيرات، وإنما يريدون أن نضل السبيل وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا [البقرة:217].
وبالرغم من هذا كله نجد أن هذه الزكاة قد بخل بها كثير من الناس، بل أخرج طائفة منهم تلك الأموال في غير مخارجها الصحيحة، فلا تصل إلى إخواننا في أفريقيا الذين هم تحت مسئولية الأمة الإسلامية، ولا إلى إخواننا في أفغانستان الذين يصارعون أعتى قوة في أرض الله عز وجل، وحينما يبخل الناس بالزكاة فإن الله تعالى يمنع المطر، ولربما يظن ظان أن المطر إنما هو وسيلة لإنبات العشب، ولكن المطر حقيقة هو وسيلة لحياة هذا الإنسان أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ [الواقعة:68-69].
إن امتناع القطر من السماء سببه الذنوب والسيئات، وأعظم هذه الذنوب وتلك السيئات التي كانت سبباً في حبس المطر حتى أجدبت الأرض هو منع إخراج الزكاة، فعلينا أن نصلح أحوالنا حتى يغير الله ما بنا؛ لأن الله تعالى يقول: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11].
إذا منع الناس زكاة أموالهم منع الله عز وجل عنهم القطر من السماء، ولولا رحمة الله عز وجل بهؤلاء البهائم ما أُمطرت الأرض أبداً، وعلينا أن لا ننخدع بدول الكفر التي تتمتع بزينة الحياة الدنيا، والتي تمطر ليلاً ونهاراً؛ لأن هذه حسناتهم عجلت لهم، ولأن الله عز وجل يقول عنهم: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [آل عمران:196-197]، ولكن علينا أن نعرف حق الله في هذا المال، فهو حق معلوم للسائل والمحروم، وليخش الذين لا يؤدون هذه الزكاة من يوم يؤتى بهذا المال ثم يصفح صفائح من نار، ثم يحمى عليها في نار جهنم، ثم تكوى بها الجباه والجلود والظهور في يوم كان مقدراه خمسين ألف سنة، كلما بردت أعيدت.
ويقول الله عز وجل: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:180].
وإن العبد في تصرفاته ومعاملاته المالية محكوم بضوابط الشريعة، فما أبيح له منها فعله وما منعه الشرع تعين عليه تركه، فما على العبد إلا الرضا والقناعة بما أعطاه الله تبارك وتعالى، والاكتفاء بحلاله عن حرامه، وقصر النظر على الموجود من غير تطلع إلى ما عند الناس.
وأما تطفيف المكيال والميزان من أجل الحصول على متاع زائل فإنه من أعظم الأسباب الموجبة لعقوبات الدنيا والآخرة كتفشي المجاعة وظلم الولاة لرعاياهم، وقد حذر شعيب عليه السلام قومه من الشرك بالله وبخس المكاييل والموازين، فقد كان قومه يغشون في المعاملات وينقصون الناس أشياءهم، وذكرهم الخير الذي أدره الله عليهم، والأرزاق المتنوعة، وأنهم ليسوا بحاجة إلى ظلم الناس في أموالهم، ولكنهم أبوا ذلك فأخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
وإنا لنخاف أن يأتي ذلك اليوم الذي يأخذ العدو كل ما في أيدينا، ويصبح هؤلاء المسلمون أسرى بسبب سيئاتهم وإعراضهم عن الله عز وجل.
أما الحكم بغير ما أنزل الله فقد عم وطم، جل العالم الإسلامي تحكمه قوانين البشر وآراء الرجال، ويعتبرون شرع الله تخلفاً ورجعية ووحشية ولا يصلح لهذه العصور المتطورة، يقولون: إن كتاب الله وسنة رسول الله كانت صالحة في عصر الخيمة والبعير، لكنه لا يصلح في عصر المركبات الفضائية، لقد جدت أشياء لا يحيط بها الإسلام علماً، فلابد من آراء الرجال التي تواكب متطلبات العصر.
أما النتيجة فهي مؤكدة لا شك فيها، فجعل الله بأسهم بينهم، ولذلك فإن من يحاول لمَّ شتات هذا العالم الإسلامي إنما يحاول مستحيلاً، وأيم الله عز وجل لن تجتمع هذه الأمة إلا على دين الحق، ولن تجتمع إلا على كلمة التوحيد، ولن تتوحد إلا على كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، وبغير ذلك فلا يمكن أبداً؛ لأن الله تعالى يقول: فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:137]، وهذا الشقاق سيبقى ما بقي الإعراض عن دين الله عز وجل، حتى يرجع هؤلاء الناس إلى دين الله عز وجل.
فما دامت أئمتهم تحكم بغير ما أنزل الله فسيبقى بأسهم بينهم، ولربما تكون بداية النهاية، ويدمر بعضهم بعضاً بسبب هذا الخلاف الذي نشأ عن إعراض هؤلاء جميعاً عن دين الله عز وجل، والله تعالى ذكر أن من أنواع العقوبات التي ينزلها بالأمة أن يجعل بأسهم بينهم شديداً فقال: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ [الأنعام:65]، ولذلك فإن الذين يقتلون اليوم بأسلحة المؤمنين أضعاف أضعاف الذين يقتلون بأسلحة الكافرين، والذين يلقون ربهم على أيدي الطغاة والمتجبرين والمعتدين في الأرض ممن يحسبون على الأمة الإسلامية أضعاف أضعاف الذين يلقون مصيرهم في ساحات المعركة مع الأعداء.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرد المسلمين إليه رداً جميلاً إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر