وبعــد:
فهذه قصة عظيمة تتعلق بالصدقة والنفقة، يرويها أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة يقول: اسقِ حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرَّة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحوِّل الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله ما اسمك؟ قال: فلان، للاسم الذي سمع في السحابة، فقال: يا عبد الله! لِمَ تسألني عن اسمي؟ قال: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسقِ حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أمَّا إذا قلتَ هذا، فإني أنظر إلى ما يَخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، وأردُّ فيها ثلثه) هذا حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى وأحمد في مسنده في كرامة وليٍّ من أولياء الله كان مشهوراً بالصدقة، والإنفاق في سبيل الله .
وقد حصل أن رجلاً كان يمشي بفلاةٍ من الأرض فسمع صوتاً في سحابة، ولعل هذا الصوت صوت ملَك من ملائكة الله عز وجل، يقول: (اسقِ حديقة فلان) -يأمر السحاب، فالسحاب تنحَّى إلى حرَّة؛ وهي الأرض الملبسة بالحجارة السوداء، تنحَّى السحاب إليها، وأفرغ ماءه فيها كله- (فإذا شرجة من تلك الشراج ...) شرجة من تلك الشراج، وهي: مسايل الماء في الحِرار أو الحرَّة، فيها طرق وأخاديد تمشي فيها المياه وتسيل، إحدى الشراج استوعبت الماء الذي أُمطر على الحرَّة كله، فتتبع الماء إلى أين يذهب؛ فإذا الماء يذهب إلى حديقة وبستان معين، وإذا رجل في البستان يحوِّل الماء بمسحاته، صاحب الحديقة يحوِّل الماء بالمسحاة وهي: المجرفة من الحديد.
فالذي سمع الصوت في السحابة يقول: (اسق حديقة فلان) جاء إلى صاحب الحديقة وقال له: (... يا عبد الله -وهذا الذي ينادَى به الشخص غير المعروف الاسم، قال له بدل ما يقول: يا فلان قال: يا عبد الله- ما اسمك؟ قال: فلان ...) سمَّى نفسه، فإذا بالاسم يطابق الاسم الذي سمعه في السحابة، الصوت الذي قال: (اسق حديقة فلان).
ثم إن صاحب البستان استغرب من سؤال هذا الرجل عن اسمه، فسأله: (... لماذا تسأل عن اسمي؟) -فأخبره أنه سمع صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه لأنه تتبع المطر الذي نزل من هذه السحابة حتى وصل إلى هذا البستان- (فقال له: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسقِ حديقة فلان باسمك -نفس الاسم، تطابَقَ الاسم- فما تصنع فيها؟ ...) لماذا الماء الذي نزل من السحابة على الحرَّة نَزَل كلُّه في إحدى الشراج التي تؤدي إلى بستانك أنت بالذات؟ ماذا تصنع في هذه الحديقة؟ (... قال: أمَّا إذا قلتَ هذا -أمَّا وقد قلتَ ما قلتَ وغُلِبْتُ ولا طريقة لإخفاء عملي- فإني أنظر إلى ما يَخرج منها -ثمار هذا البستان- فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثه، وأرد فيها ثلثه) فقسَّم الغلة ثلاثة أقسام.
وأن الله عز وجل قد يسخر سحاباً لسُقيا حديقة معينة وبستان معين من بين جميع البساتين في المنطقة؛ وذلك لصلاح صاحبه، ونفقته في سبيل الله.
الفائدة الثالثة: أن الله سبحانه وتعالى يخلف النفقة ولا يضيع أجر المحسنين لا في الدنيا ولا في الآخرة :
ولذلك فإنه سبحانه يعوِّض هذا الرجل كلما أنفق بماء يسقي بستانه من غير حفر من صاحبه ولا تعب، ماء يسيل بالذات لأجل إكرام هذا العبد.
وقد حدث أن الله سبحانه وتعالى أرسل بعض الملائكة لبعض الناس مثل: الملَك الذي أرسله الله على مدرجة رجل ذهب ليزور أخاً له في الله، فسأله واستوثق منه عن سبب ذهابه إليه، ثم أخبره أن الله يحبه على هذا الفعل.
وكان عمران بن حصين من الصحابة رضوان الله تعالى عنهم يسمع تسليم الملائكة عليه.
فإذاً: يمكن لبعض الناس البشر أن يسمع صوت الملائكة.
فإن بعض الناس سفهاء، لا يجوز أن يوضع المال في أيديهم أصلاً، قال الله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء:5]؛ لأنهم لا يحسنون التصرف فيها، ولذلك جُعل على مال السفيه وليٌّ في الشريعة، يشرف على إنفاق ماله وتنميته له: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً [النساء:5] فالمال قوام الحياة والعيش.
هذا الرجل يحسن ما لا يحسنه كثير من الناس.
هذا الرجل قد قسم غلة بستانه إلى ثلاثة أقسام:
- قسم يتصدق به: وهذا الذي بدأ به في الحديث، قال: (فإني أنظر إلى ما يَخرج منها فأتصدق بثلثه ...) هذا أولاً.
- (وآكل أنا وعيالي ثلثاً) .
- (وأرد فيها ثلثاً) .
فانظر إلى حكمة هذا الرجل وحسن تصرفه، كيف قسَّمها أثلاثاً.
إذاً توزيع الدخل إلى نسب معينة هذا من الحكمة وحسن التخطيط؛ أن يعرف الإنسان الراتب الشهري الذي يأخذه مثلاً، العائد الذي يعود عليه، الرزق الذي يُرْزَقَه يقسم أقساماً، فتقسيم الراتب، أو تقسيم العائد ليست عمليةً مبتدَعة جديدة جاء بها الاقتصاديون الجدد أبداً، وإنما هو شيء قديم ومعروف فعله هذا الرجل الصالح من قبلِنا، فعله هذا الرجل الصالح الذي قسَّم دخل بستانه إلى هذه الثلاثة أقسام.
فإذاً تقسيم المدخول إلى أقسام معينة يُصرف كل قسم في مصرف معين لا شك أنه من الحكمة، وبُعد النظر، وحسن التصرف، وهذا شيء مطلوب شرعاً.
ولذلك قال الرجل: (وأرد فيها ثلثاً) فالمزرعة والبستان تحتاج إلى نفقة؛ قيمة بذور، أجرة عمال، ونحو ذلك من الأشياء، وهذه النفقة قد أخذها هذا الرجل من الغلة التي تعود عليه لإصلاح ماله وتنميته والقيام عليه، وهذا من الحكمة أيضاً.
إذا أردت أن تنادي شخصاً في الشارع لسبب من الأسباب، أو في محل وأنت لا تعرف اسمه فلا تقل يا ... بعض الناس يقول: يا ... بدون شيء؛ وهذا من قلة الأدب، أو يقول: أنت يا هاء ؛ وهذا أيضاً ليس من الأدب، فما هو الأدب الشرعي في هذه الحالة؟
الأدب الشرعي كما ورد في عدد من الأحاديث: أن ينادَى بعبد الله، فيقال: يا عبد الله، وهو فعلاً عبدٌ لله، فأنت صادق في إطلاق هذا الاسم عليه لأنه عبدٌ لله، وبعد ذلك يمكن سؤاله عن اسمه: (يا عبد الله! ما اسمك؟ قال: فلان).
( يا عبد الله! ما اسمك؟ ) فأجابه.
وأنه لا حرج على الإنسان أن يسأل السائل عن اسمه لماذا يسأله عن اسمه، فيقول له: (لِمَ تسألني عن اسمي؟) كما فعل هذا الرجل.
فمن باب البشارة يقال له: حصل كذا وكذا من الأشياء الصالحة، أو النعم، أو الكرامات التي أكرمه الله بها.
وألا يجاهر به، وألا يعرضه للبطلان والحبوط بالرياء السمعة.
والفرق بين الرياء والسمعة:
أن الإنسان يفعل العمل أمام الناس ليراه الناس، هذا الرياء.
السمعة: أن يتحدث الإنسان عن أعماله الصالحة، العبادات مثلاً ليسمعه الناس؛ كلا هذين الأمرين خطير جداً ويُبطل العمل، والله يقول يوم القيامة للعبد هذا: (اذهب خذ أجرك من الذين راءيتهم، أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عمل عملاً أشرك معي فيه أحد غيري تركته وشركه) .
فإذاً إخفاء الأعمال مطلوب.
ولكن الإنسان إذا اضطر إلى الإجابة عن شيء معين تطييباً لخاطر شخص، أو أن يُقتدى به فلا بأس أن يُخبِر عن عمله الصالح، ما دام لا يقصد الرياء والسمعة واحتيج إلى ذلك، دعت الحاجة إليه، لا بأس أن يُخبِر بما عمل إذا كان هناك مصلحة شرعية في هذا العمل.
وهكذا دائماً دأب الصالحين الاقتداء بمن قبلَهم: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ [يوسف:111] .. فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام:90] .
فما هي أحكام النفقة؟ وعلى من يجب على الإنسان أن ينفق؟ وكم ينفق؟
أما النفقة فهي في اللغة: الدراهم ونحوها من الأموال، هذه تسمى نفقه لأنها تنفَق.
تعريف النفقة شرعاً: كفاية من يمونه بالمعروف قوتاً، وكسوةً، ومسكناً، وتوابعه.
أنت مسئول عن شخص معين؛ زوجة أو ولد؛ كفايته أن تعطيه ما يكفيه بالمعروف من الكسوة والقوت وتوابع ذلك المسكن، هذه هي النفقة الشرعية، النفقة.
وأول ما يجب على الإنسان النفقة بعد نفسه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ابدأ بنفسك) ثانياً: زوجته، فيلزم الزوج نفقة زوجته قوتاً، وكسوةً، وسكنى بما يصلح لمثلها.
إذاً لا بد من مراعاة حال الزوجة عند الإنفاق عليها، ما هو الدليل؟
قال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7] وقال: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) .
إذاً لو أن أحداً قال: كم أنْفِق عليها؟ أعطيها شيئاً بيدها، هي تصرف على نفسها؟ أو أن أُنْفِق أنا عليها؟ وكم أنفق عليها؟ وكم يجب عليَّ؟ وما هي النسبة؟ وما هو المقدار؟
فالآية أجابت عن ذلك بقول الله تعالى: بِالْمَعْرُوف [البقرة:241] ما تعارف عليه الناس بينهم من الأمور المقرَّة بينهم. فإذاً ينفق عليها بالمعروف، مثلاً: تحتاج إلى طعام لا بد أن يعطيها الطعام، تحتاج إلى شراب لا بد أن يوفر لها الشراب، تحتاج إلى فستان، تحتاج إلى جورب، تحتاج إلى خمار، حجاب، فلا بد أن يعطيها ذلك، فإذاً مرد الإنفاق إلى العرف وليس هناك مقدار معين للنفقة حددته الشريعة، وإنما جعل ذلك إلى العرف وإلى يسار الزوج وإعساره.
إذاً هناك أمران يتحكمان في النفقة على الزوجة:
الأول: العرف.
والثاني: حال الزوج من الغنى والفقر، واليسار والإعسار. هل هو متوسط الحال، هل هو فقير الحال، هل هو غني.
وعند النزاع يقدر القاضي مقداراً معيناً يوجب على الزوج أن ينفقه على زوجته عند النزاع، ويُراعي القاضي هذين الأمرين، مثلاً: إذا كان حال الزوج مع العرف ينفق عليها ألفاً في الشهر إذاً ينفق عليها ألفاً، يفرض لها ألفاً، سبعمائة، خمسمائة، فيُفرض للموسرة تحت الموسر من النفقة قدر كفايتها، مما تأكل الموسرة تحت الموسر في محلهما، ويُفرض لها كذلك من الكسوة، والفرش، والأثاث، ما يليق بمثلها في البلد، وكذلك المتوسط مع المتوسطة، والفقير مع الفقيرة، ونحو ذلك.
وعلى الزوج نفقة نظافة زوجته.
وكذلك فإن عليه أن ينفق عليها إذا طلقها طلاقاً رجعياً لأنها ما زالت في عصمته، أما طلاق البينونة الكبرى فلا نفقة لها، ولا سكنى، لحديث فاطمة بنت قيس عندما طلقها زوجها البتة -يعني: بالثلاث انتهت- فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نفقة لها ولا سكنى) إلا إذا كانت حاملاً فإنه لو طلقها الطلقة الأخيرة وهي حامل فلها النفقة لأجل الجنين الذي في بطنها الذي هو ولده وهو مكلف بالإنفاق عليه، ولا يمكن فصل الولد عن الأم؛ لأنه ما زال في بطنها، قال الله تعالى: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6] فإذاً لها سكنى ولها نفقة طيلة حملها حتى لو كان الطلاق مبتوتاً بالثلاث.
- منها: إذا امتنعت عن تسليم نفسها له، أو حُبست عنه؛ لأنه لا يمكن أن يستمتع بها، والنفقة واجبة مقابل الاستمتاع.
- كذلك من الأحوال التي تسقط نفقة المرأة فيها: إذا نشزت عنه، نشزت أي: خرجت من البيت ورفضت الرجوع، امتنعت عن الفراش، امتنعت من الانتقال معه من بيت إلى بيت، أو من بلد إلى بلد ما لم يكن هناك شروط، فامتنعت من الانتقال معه فإنها تعتبر ناشزاً، ولا يمكن أن يستمتع بها، ولذلك لا نفقة لها.
- كذلك من الحالات التي لا تجب فيها النفقة على الزوجة: إذا سافرت لحاجتها لا لحاجته، فإذا كان لها حاجة هي وسافرت فلا يجب الإنفاق عليها، إعطاؤها من باب الإكرام، من باب التودد، من باب البر، لكن الوجوب إذا سافرت لحاجتها هي فعند ذلك يسقط الوجوب، ولكن الإحسان والبر والمعاشرة بالمعروف أن يعطيها، أما إذا سافرت لحاجته، هو الذي أرسلها، فإن النفقة باقية عليه.
والمرأة المتوفى عنها زوجها لا نفقة لها من تركة الزوج؛ لأن المال انتقل من الزوج إلى الورثة، فالنفقة عليها، وكذلك هي من الورثة، فإذا كانت المتوفى عنها حاملاً وجبت النفقة في حصة الحمل من التركة إن كان للمتوفى تركة.
ويجوز تعجيل النفقة كأن يعطيها نفقة سنة مقدماً ويقول: أنفقي على نفسك من هذا المال، وتجب لها الكسوة كل عام من أوله؛ كسوة الشتاء وكسوة الصيف.
ومن غاب عنها زوجها ولم يترك لها نفقة، أو كان حاضراً ولم ينفق عليها لزمته النفقة عما مضى لأنه دين في عنقه، لها أن تطالبه به، وإن أعسر فبعد اليسار يعوضها عما فات.
من حين تسليم الزوجة نفسها له، وليس بمجرد العقد؛ فإذا عقد عليها لا زالت النفقة على أبيها.
مثلاً: فإذا صارت حفلة الزفاف وسلَّمت نفسها له، من تلك اللحظة يجب الإنفاق، ويجوز للمرأة أن تطلب فسخ النكاح إذا امتنع الزوج الإنفاق عليها، أو أعسر، يجوز لها أن تطلب الطلاق وإذا صبرت عليه فهي مأجورة.
وكذلك لها أن تستدين على حسابه في حال غيابه إذا لم يترك لها شيئاً، تأخذ من البقَّال مثلاً الأغراض، أغراض البيت وما تحتاجه على حسابه إذا غاب عنها.
وكذلك يجوز لها أن تأخذ من جيبه خفية إذا بخل عليها بالنفقة لكن بالمعروف، لحديث هند : (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف).
وهذه الأحكام تدل على عدل الشريعة وكمالها.
ينفق على أقاربه ومماليكه.
وأقارب الإنسان: كل من يرثه بفرض أو تعصيب.
والمماليك: العبيد، الإماء، ويدخل كذلك البهائم فيجب على الإنسان شرعاً أن ينفق عليها، نحن سبقنا جمعية الرأفة بالحيوان ، الذين يحتاجون إلى الرأفة بالإنسان.
ويجب على الإنسان أن ينفق على كل من تحت ملكه من إنسان وبهيمة، بالإضافة إلى الأقرباء كما ذكرنا.
فالجواب: إذا كان القريب من عمودَي النسب تجب نفقته عليك، إذا احتاج وما عنده ما يسد حاجته.
فعمودا النسب: الآباء والأجداد وإن علَو، والعمود الثاني: الأبناء والأحفاد وإن نزلوا.
فيجب عليك أن تنفق على أبيك إذا احتاج وأمك والجد وأبو الجد إذا احتاج وما عنده، وأنت تستطيع يجب عليك أن تنفق عليه، ابنك، وبنتك، وحفيدك، حفيدتك، إذا كنت قادراً واحتاجوا يجب أن تنفق عليهم.
فإذا كان القريب من عمودَي النسب، وكان المنفق غنياً؛ عنده ما يستطيع أن ينفق على هؤلاء، وكان المنفَق عليه محتاجاً، فقيراً، لا يملك شيئاً، أو لا يملك ما يكفيه، أو لا يقدر على الكسب، وكان على دِين واحد؛ أما إذا كان كافراً لا تجب النفقة، إذا كان ولده كافراً، أبوه كافراً، فالنفقة تجب على الإنسان لقريبه إذا كان على دِين واحد.
والدليل على وجوب النفقة على الوالدين قول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة:83] والإنفاق عليهما من أعظم الإحسان.
والدليل على وجـوب النفـقة للأولاد على أبيـهم قوله تـعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] مَن هو المولود له؟ الأب: رِزْقُهُنَِّ [البقرة:233] طعام الوالدات: وَكِسْوَتُهُنَّ [البقرة:233] لباسهن: بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] بما جرت به العادة: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة:233] يدل على أن المتوارثين من القرابات، هناك حقوق ومنها: النفقة، فإذا كان هناك إنسان أنت ترثه لو مات فيجب عليك أن تنفق عليه إذا كان فقيراً محتاجاً، وقال الله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ [الإسراء:26] فإذا كان أخوك فقيراً وأنت قادر إذاً يجب أن تنفق عليه، وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ [الإسراء:26] .
فنفقة الأقارب المحتاجين على قريبهم الغني واجبة إذا كان قادراً، وجاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (مَن أَبَرُّ؟ قال: أمَّك وأباك وأختَك وأخاك) وفي رواية: (وابدأ بمن تعول؛ أمَّك وأباك وأختَك وأخاك، ثم أدناك أدناك) هذا يفسر قول الله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ [الإسراء:26] ذا القربى عام، وهذا تفصيله في السنة.
والوالد تجب عليه نفقة الولد كاملة ينفرد بها، ما يوزع هذا، يقول: فقط عليَّ الطعام، أكلك عليَّ، لبسك ما لي دخل فيه، سكنك عليَّ، وكذا، يجب عليه أن ينفق على الولد نفقة كاملة.
والفقير الذي له أقارب أغنياء وليس لديهم أب حتى نحمِّل الأب النفقة كاملة، هل يتحملها الأكبر منهم؟ ليس عدلاً، نقول: يشتركون في الإنفاق عليه كلٌّ بقدر إرثه منه، فإذا كان -مثلاً- كل واحد يرث منه الثلث، نقول: ثلث النفقة على كل واحد منهم هذا يرث السدس، نقول: أنت سدس النفقة عليك، وهذا يرث النصف، نقول: نصف النفقة عليك، وهكذا.
وأما نفقة المماليك من الأرقاء والبهائم فإنها تجب بالمعروف أيضاً: (إخوانكم خَوَلُكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخـوه -يعني: العبد- تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم) .
وإن طلب الرقيق نكاحاً زوجه سيده أو باعه حتى لا يمنعه من الزواج، وكذلك إن طلبت الأمة خُيِّر سيدُها بين وطئها، أو تزويجها، أو بيعها؛ لئلا يضر بها، وكذلك الدابة؛ العلف والسقْي وكل ما يصلحها لا بد من ذلك: (عُذبت امرأة في هرة) الحديث، فكل حيوان عندك لو كان عندك عصفور يجب عليك الإنفاق عليه، ولا يجوز تعذيب البهيمة، ولا حلبها بما يضر ولدها، ولا لعنها، ولا وسمها في وجهها، فإن عجز عن الإنفاق عليها أُجبر على بيعها، أو تأجيرها، أو ذبحها إذا كانت مما تؤكل؛ لأن بقاءها مع رجل لا ينفق عليها ظلم لها، هذا معلوم من الفقه الإسلامي، والذي قلنا أنه سبق الغربيين في الرأفة بالحيوان منذ قديم الزمان.
هذه بعض الأشياء المتعلقة بالنفقة، وهذا كان له علاقة بحديث اليوم والقصة التي سبق ذكرها.
وأيضاً: فإن من الأشياء المتعلقة: الصدقة؛ والصدقة التي ذكرها الرجل هي: إعطاء الفقراء والمساكين وغير ذلك من وجوه البر لأن أبواب الصدقة كثيرة جداً، ولا يجوز للإنسان أن يرجع في صدقته إذا سلمها للفقير أو للشخص الذي تصدق به عليه، وكذلك لا يشتري صدقته، ويُخفي الصدقة، كما أن هناك آداباً تتعلق بهذا الموضوع، ربما نأتي عليها مرة أخرى إن شاء الله.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
.
الجواب: نعم، تبقى في الذمة ديناً عليه لله تعالى، ويتوب من تأخيرها، وعليه الإخراج.
الجواب: قال بعض العلماء: إن من فاتته صلاة العيد فإنه يصليها، من الممكن أن يصلوها جماعة مثلاً إذا فاتتهم بعد صلاة الإمام، لا بأس بذلك.
الجواب: لا بأس بذلك، ما دام أن الشخص هذا ثقة أو هذه اللجنة موثوق بها تُعطَى المال لتشتري به الطعام.
الجواب: ما دام خارج المسجد فلا بأس من الصلاة في المسجد، الأحسن أن يُجعل بينهما وبين المسجد طريق لكي يتم الفصل التام بين المقبرة والمسجد، وجداران؛ جدار للمقبرة، وجدار للمسجد.
الجواب: عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وهو قد جرح هذا الصيام، ونقص منه بقدر ما وَلَغَ في هذا الأمر المحرم.
الجواب: إذا كانت العملة مقوَّمة أصلاً بالذهب فهو نصاب الذهب، وإذا كان العملة مقوَّمة بالفضة فهو نصاب الفضة.
الجواب: إذا رأت الطهر فلا يضرها ما خرج بعد ذلك من الكُدْره، وأما إذا لم تر الطهر فالكُدْره المتصلة بدم الحيض من الحيض، ولو استمر الدم لا تصلِّي ما لم يبلغ خمسة عشر يوماً فإذا بلغ خمسة عشر يوماً اعتبرناها مستحاضة وقلنا لها: اعتدي بعادتك الأصلية إذا كانت سبعة أيام، أو ستة أيام، أو ثمانية أيام، واقضي ما مضى من الصلاة والصيام.
الجواب: لا يجوز سفر الخادمة بغير محرم لأنها امرأة، امرأة تدخل في الأحاديث، وعليهم أن يبحثوا عن مكانٍ آمن يضعوها فيه عائلة مأمونة، إذا ما وجدوا فإن أخذها في هذه الحالة يكون من باب الحاجة الشرعية، أو الضرورة الشرعية، إذا خُشي عليها أو خشي منها، إذا تُركت وحدها تؤخذ من باب الضرورة، ولكن ليس هذا هو الأصل.
الجواب: هو لا بد من الذهاب إلى السوق، لأنه لا يمكن للواحد كيف يوفر الأغراض؟ لكن ماذا يفعل؟
ينتقي أولاً: الأسواق التي لا يغلب عليها، أو التي هي أقل سوءاً من غيرها، هناك بعض الأسواق أقل سوءاً من غيرها، حتى المجمعات التجارية تختلف؛ بعض المجمعات بالتجربة وبالخبرة تعرف أنها فيها نوع من المحافظة، وفيها نوع من الحراسة مثلاً، فالذهاب إليها أولى من الذهاب إلى غيرها ولا شك.
ثانياً: انتقِ الوقت المناسب، فمثلاً: في هذه الأيام الذهاب بعد الظهر وبعد العصر وفي الصباح أحسن من الذهاب في الليل بآلاف المرات، ولذلك الذهاب في هذه الأوقات مناسب.
ثم بعد ذلك ثالثاً: التزام الشروط الشرعية: غض البصر، الحجاب الكامل للأهل.
ثم الإنسان يتجنب مضايق الزحام الشديد، الأماكن المكتظة، الأماكن المليئة بالنساء أو التبرج، ربما يدخل المكان وبعد قليل تغيِّر وضع المكان، وهكذا.
الجواب: لا. ما يمكن أن يبقى الزواج سراً عاجلاً أم آجلاً، فهو لا بد أن يعلنه ويشهره، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعليه أن يرضي والديه، يسترضيهما قدر الإمكان، وإذا كانا يرضيان بفتاة دون فتاة ينتقي الفتاة التي يرتضيانها إذا كان ليس بها عيبٌ من دين أو خلق، وأما إذا احتاج للزواج وهو طالب وهما يرفضان زواجه فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والحال حاله يعرفها، فإذاً يتزوج مع الإحسان إليهما.
الجواب: هذا من الطمع في الدنيا ولا شك، وليس من باب (تهادوا تحابوا) وليس من الأخوة، لكن هل نقول له: يحرم؟
إذا كان الشخص الآخر لا يُحرج، ولا يَشق عليه، أو لا يستدين من أجلك، فلا يَحرم؛ لكنه ليس من العبادات والطاعات أن الإنسان ينوي بأن يعطي بهذه النية.
الجواب: لا يجوز حتى بالفطرة، فهي تتصرف فيه، وعليه الخدمة والزراعة والبيع والشراء وكل شيء من الأشياء يقوم بها، ولها أن تبيعه أو تؤجره؛ ولكن الوطء لا، بل عليها أن تحتجب منه ما تكشف عليه كمَحْرَم، لا.
الجواب: نعم. لا بأس بذلك، صلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: في حالات الزحام الشديد التي لا يمكن فيها تجنب مرور الناس أمام بعضهم بعضاً عند ذلك يسقط الحكم لتعذر تطبيقه لأنك كلما مرت بين يديك امرأة كبرت للإحرام فلن تصلي إلا بعد خروج الوقت في بعض الحالات، الزحام الشديد، ولذلك لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] فأولاً: إذا كنت وراء إمام فلا يضرك من مر بين يديك، لكن إذا كنت تصلي وحدك، فأنت ترد المرأة التي تمر، فإذا كان الزحام شديداً جداً، تمنع من؟ وتُبْقِي من؟ فعند ذلك صلاتك صحيحة: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] مثل الزحام هذا في ليلة السابعة والعشرين، في الحرم، وليلة ختم القرآن، هذا قد لا يتيسر مطلقاً، بل ربما ما يجد الواحد مكاناً يصلي فيه أصلاً.
الجواب: إذا لم ترد الطعام فهذا شأنها، وإذا كانت تريد ملابس، فتزيد في الطلب لأجل التفاخر أو المباهاة أو المغالاة، فتريد الشيء المرتفع الثمن الذي يقصم ظهر الزوج ويأتي على راتبه؛ فهذا طبعاً ليس من حقها أن تشق على زوجها وإنما ينفق عليها بالمعروف، فلا إفراط ولا تفريط.
وبعض النساء عاقلات يعني: تدرك أن هناك أشياء مهمة يحتاج مثلاً الزوج إلى بيت وهو الآن يستأجر بيتاً وهو يريد أن يبني بيتاً فهي تقتصد معه من أجل البيت لأن البيت بيتهما، لأن هذا البيت سيكون بيتاً لهما جميعاً فهي تساعد زوجها.
وبعض النساء ليست بعاقلة جداً فهي تريد أن تبذر وتسرف في الأموال ولو كان على حساب الأشياء المهمة والضرورية للبيت وللأولاد أو للزوج والأولاد، وهذا ليس من الحكمة في شيء.
فإذاً ينبغي أن تنظر، وفي نفس الوقت ليس معنى هذا أنه كلما طلبت منه لباساً قال: نريد أن نبني بيتاً، كلما جاءت تطلب منه شيئاً، قال: نريد أن نبني بيتاً، هذا الشيء لا ينتهي، فلا يجعل هذا حجة لرد كل طلباتها، وفي نفس الوقت هي لا تتمادى في الطلبات بحيث تشق على الزوج.
الجواب: لا، لا بد من عشرة مختلفين.
الجواب: نعم. لا بأس بذلك، لكن لا يعيد الوتر: (لا وتران في ليلة).
الجواب: إذا كان متحركاً في سفره في السفر في الطريق يجمع ويقصر، إذا نزل بلداً يوماً أو يومين أو ثلاثة يعني: لا زال مسافراً فهو يقصر من غير جمع؛ هذه هي السنة، في مكة أو في غير مكة .
الجواب: يعني: من كل الصلاة، سواء كانت الصلاة جزءاً واحداً أو جزأين، إذا صلى معهم حتى ينصرف من كل الصلاة، كذلك لو كان في المسجد به أكثر من إمام، حتى ينصرف يعني: حتى تنقضي كل الصلاة.
هذا والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر