الجواب: هذه المسألة سيشرحها ويوضحها الشارح فيما بعد، ويذكر الأدلة التي يستدل بها الحنفية، والراجح أن النزاع معنوي لا لفظي، ويوضح أنه ليس بلفظي أن الذين يقولون: إن الأعمال ليست من الإيمان؛ يتوسعون في فعل الذنوب، ويسهلون المعاصي، ويكثر فيهم اقتراف السيئات، ويقولون: ما دامت ليست من الإيمان، وما دام أن الإيمان كامل بدون هذه الحسنات، وبدون هذه القربات، فما لنا ولها؟ فلا حاجة إلى أن نتنفل، ولا حاجة إلى أن نتصدق، ولا حاجة إلى أن نتوقى المآثم والمحرمات؛ لأنها لا تنقص الإيمان، فيكثر التساهل منهم في مثل هذا، وهذا ناتج عن هذا القول، وهو القول بأن الأعمال ليست من مسمى الإيمان.
أما إذا جعلناها من مسمى الإيمان فإننا نقول: إنها كلها يكون لها تأثير في الإيمان، فإذا صلى ركعتين نافلة زاد إيمانه، وإذا تصدق بصدقة ولو قليلة زاد إيمانه وانضم إليه هذا العمل، وإذا تكلم بكلمة خير زاد إيمانه، وإذا أمر بمعروف أو نهى عن منكر زاد إيمانه، وإذا خطا خطوات لله تعالى في عمل صالح زاد بذلك إيمانه، وما أشبه ذلك.
كما أنه ينقص إيمانه إذا فعل ضد ذلك، إذا نطق بكلام سيء نقص إيمانه، وإذا مشى إلى ملاهي أو مآثم نقص إيمانه، وإذا أنفق في سبيل الشيطان نفقة سيئة كان ذلك نقصاً في إيمانه، وهكذا.
فهذا هو التفاوت بين من يقول: إن الأعمال ليست من الإيمان، ولا حرج عليه إذا عصى وإذا أذنب، وإيمانه كامل، وهذه المعاصي لا يكون لها تأثير في الإيمان، ولا يكون لها تأثير في نقصه، ولا غير ذلك، فالإيمان موجود، والإيمان كامل، والأعمال زائدة عليه، وإن كان الناس يتفاوتون في الثواب والعقاب؛ فيفتح للناس باب التساهل في ترك الطاعات، وفي فعل شيء من المآثم، هذا هو النتيجة، أما إذا قلنا: إن الأعمال من مسمى الإيمان، وإنها داخلة فيه؛ فإن الإنسان يحرص على ما يكمل إيمانه، ويبتعد عما ينقص إيمانه.
الجواب: عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال. فجعل الذي في القلب يظهر على الأعمال، فنحن نقول لهذا: أثبت لنا أنك مؤمن، هل تريد أن نشق عن قلبك حتى نرى أنه أبيض أو أسود؟ نحن إنما نعاملك بالظاهر، فظاهرك أنك فاسق، وظاهرك أنك عاصي، وظاهرك أنك طريد شريد، ونحن نبغضك على ما يظهر منك، ونحن نمقتك وإن كان قلبك ما كان، فنحن ما نعاملك إلا بما يظهر لنا، ولا يصح أن نحسن الظن بكل أحد يقول: أنا مؤمن؛ فإن الناس لا يوثق بأقوالهم.
وبكل حال هؤلاء الذين يتمادون في العصيان، ويتركون العبادات والطاعات، ويدعون أن إيمانهم كامل، وأن الإيمان يكفي فيه المعرفة في القلب الذي هو مذهب جهم؛ فسقة سيما إذا تظاهروا بالعصيان، فلا نصدقهم، بل نعاقبهم بالعقوبة التي تردعهم وتردع أمثالهم.
الجواب: في حالة المرض يغلب جانب الرجاء سواء رجي زوال ذلك المرض أو لم يرج، يعني: يحسن الظن بربه، ويقبل على ربه وهو واثق بأن الله تعالى واسع الرحمة وكثير العطاء، وأنه عفو يحب العفو، ويحب المغفرة، وأنه أهل التقوى وأهل المغفرة، فكل من أصيب بمصيبة أو مرض أو نحو ذلك؛ عليه أن يحسن الظن بربه، ويرجو رحمة ربه، ومع ذلك يكون خائفاً وجلاً لا يزول الخوف عن قلبه، يكون خائفاً ويكون راجياً، ولكن يغلب الرجاء؛ لأنه في هذه الحال قد لا يحسن بعض الأعمال، ويأتي من الأعمال ما يفسدها، فيلعج بالدعاء، ويكثر من الذكر، وينوي النية الصادقة أنه إذا شفي أكثر من الحسنات والقربات، وما أشبه ذلك، ويثاب على هذه النية.
الجواب: الاستهزاء قد يصل إلى الكفر، فإذا استهزأ بإنسان لأجل دينه فإن هذا الاستهزاء يوقعه -والعياذ بالله- في الخروج من الملة، فيقع في الكفر الصريح، وما ذاك إلا لأنه تنقص الدين، وما تنقص هذا الشخص، وهذا إذا تنقصه لأجل الدين، مثل أن يقول له بعد أن أقام الصلاة: هل نفعتك صلاتك؟ أو إذا أمرته بإعفاء اللحية قال: ماذا أفادتكم هذه اللحى؟ ماذا فعلت لكم؟ أنتم منافقون، ما وفرتم هذه اللحى إلا نفاقاً أو إرهاباً أو لشيء تبطنونه أو ما أشبه ذلك، فلاشك أنه تنقص هذه الشعائر الإسلامية، وهكذا بقية الأعمال، مثلاً استهزأ بالزهاد أو استهزأ بالعباد، أو بالمصلين، أو بالصائمين، أو ما أشبه ذلك؛ لأجل عباداتهم، فلا شك أن هذا ردة؛ لأنه تنقص أهل الشرع لأجل الشرع، فكأنه تنقص الشرع، ومن تنقص الشريعة فقد ارتد عن الدين والعياذ بالله.
أما إذا كان تنقصه لذلك الشخص بعينه؛ لأنه يتهمه بشيء، مثلاً يقول: فلان وإن تطوع فإني لا أثق بتطوعه ولا بمظهره، يتهم ذلك، ويظهر منه أو على فلتات لسانه أنه لا يتهم من كان مثل ذلك، ما اتهم المصلين كلهم، ولا استهزأ بأهل اللحى كلهم،ولا بأهل اللباس القصير كلهم، إنما استهزأ بإنسان معين، فهذا قد لا يصل إلى هذا الحد، لكن اتهامه ذنب عليه أن يتوب منه.
الجواب: لا حاجة إلى هذه المقالة، ويكفيه النية، والأولى أنه يجعلها لنفسه أو يتصدق بها عن أمواته، أو عن أموات المسلمين، وأما قوله: إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم فلا أرى ذلك؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم له مثل أعمال أمته، وإن لم يهدوا له مثلها، ولم يكن السلف يهدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال شيئاً؛ لأنه هو الذي أرشد الأمة ودلهم، فله مثل أعمالهم (من دعا إلى هدى كان مثل أجور من اتبعه)، أما المسلمون فلا بأس أن تتصدق عنهم، أو تدعو لهم، سواء كانوا أقارب أو أباعد لا بأس بذلك، أما هذه المقالة فلا، لكن لو قلت مثلاً: اللهم اجعل ثوابها لي ولأمواتي أو للمسلمين فلا بأس بذلك.
الجواب: ما ورد هذا الدعاء، قوله: الذي سترت به نفسك فلا يراك أحد. هذا خاص بالله، وهو أنه لا يرى في الدنيا، وأنه دون الأنوار كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)، فلا ينبغي أن يشرك الرب سبحانه وتعالى في هذا النور أحد أو في هذا الستر، فله أن يدعو أن يستر الله عورته ، وأن يؤمن روعته، كما ورد ذلك في حديث: (اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي)، فأما سترك الجميل الذي سترت به نفسك فلا يراك أحد. فلم يرد مثل هذا.
الجواب: الذين أسلموا في أول الأمر هم أكثر أعمالاً، حيث إنهم عملوا مثلاً ثلاثاً وعشرين سنة، يعني: منذ أن أسلموا إلى الوفاة، والذين أسلموا أخيراً ما عملوا قبل الوفاة إلا سنتين، فأيهما أكثر؟
لا شك أن الذين عملوا مدة طويلة أكثر، فهذا وجه من أوجه تفضيل السابقين الأولين.
ووجه ثاني: أن الأولين السابقين الذين أسلموا قبل الشرائع أسلموا في حالة قلة وذلة، وتحملوا المشاق والتعب، وهم الذين أوذوا في الله، وضربوا وحبسوا، وألقوا في الشمس، وألقيت عليهم الحجارة، وأوذوا بالجوع وبالجهد، وتحملوا ذلك، وهذا لا شك أنه زيادة في أعمالهم.
وهم الذين هاجروا في الله وتركوا أموالهم وأولادهم وبلادهم، وعشائرهم وأقوامهم، وتحملوا مشاق الهجرة، وسافروا مثلاً إلى الحبشة، ولا شك أن ذلك أشق عملاً، وكل ما كان العمل شاقاً كان الأجر أكبر، فهذا وجه تفضيلهم.
وأيضاً: هم الذين أسلموا من أول وهلة، أسلموا لأول دعوة، وذلك دليل على قبول قلوبهم، وقبول نفوسهم للإيمان، حيث لم يتلعثموا ولم يترددوا في قبول الإسلام، فدل على صفاء قلوبهم ونقائها مما يكدرها.
وبكل حال فلا شك أن السابقين الذين سبقوا بالإيمان أقوى إيماناً، ولكن المتأخرون الذين أسلموا في سنة ثمان لما أسلموا كانت الأعمال قد كملت، فكان الصيام موجوداً، وكان الحج موجوداً قد فرض، وكان الجهاد قد فرض، وكان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد شرع، وكان القرآن قد نزل كله إلا القليل، فهم كلفوا بأن يعملوا به دفعة واحدة، بخلاف الأولين فإنهم إنما كلفوا بالموجود منه، ما أنزل قبل الهجرة إلا القرآن المكي، وما فرضت الصلاة مثلاً إلا قبل الهجرة، وكذلك التوحيد ونحوه، وما حرمت الخمر في ذلك الوقت ونحو ذلك، فبكل حال هؤلاء عملوا بما أمروا به، فلهم أجر كامل، وهؤلاء عملوا بما أمروا به -أي: بعدما أسلموا في آخر الأمر- فلهم أجرهم.
الجواب: مذهب أهل السنة أن العاصي الذي يرتكب كبيرة يسمى فاسقاً، ويسمونه مؤمناً بإيمانه وفاسقاً بكبيرته، ويقولون: إن الإيمان في حقه موجود ولكنه شبه مفقود، حيث لا ترى عليه أثره، ويحملون على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) يعني: أنه ناقص الإيمان، أو أن الإيمان ينزع عنه في حالة الزنا مثلاً أو السرقة أو شرب الخمر، ثم لا يعود إليه كاملاً، بل يعود إليه وقد اختل ونقص، وبكل حال فأهل السنة يعتقدون أن معه أصل الإيمان الذي هو يقينه وتصديقه بأنه مسلم وبأنه من أهل الشريعة ومن أهل القبلة، ولكن لضعف إيمانه وقع في هذه المعاصي.
الجواب: قد اختلف العلماء في تلك الشعب لما عدوها، وكأنهم بسبب هذا الاختلاف لم يتفقوا على تحديد؛ فلأجل ذلك قال بعضهم: إن الحصر في سبعين أو ببضع وستين ليس مقصوداً به العدد، بل المراد به الكثرة، فإنه صلى الله عليه وسلم كثيراًما يذكر السبعة والسبعين والسبعمائة للكثرة لا للحصر؛ وذلك لأن كثيراً من العلماء أخذوا يبوبون الأبواب التي تدخل في الإيمان ووجدوها أكثر من السبعين، وقد تصل إلى المائة والمئات، فدل على أن هذه تعتبر أصول، ومن العلماء من قال: إن البضع والسبعين يراد بها الجوامع، فمثلاً: إماطة الأذى عن الطريق شعبة من الإيمان، ولكن ليس خاصاً بإماطة الحجر أو القذاة أو القذر، بل يدخل في ذلك إزالة كل مرض وإيصال كل نفع، وله أمثلة كثيرة، فدل ذلك على أن خصال الخير كثيرة، وأن الإنسان قل أن يحيط بها.
وبكل حال يوصف بأنه كامل الإيمان إذا عمل بكل أنواع الشريعة، وعمل بدقيقها وجليلها، ولم يقترف ما ينقصها، ولا ما يخل بها.
الجواب: هذا الخلاف ما حدث إلا بعده، ابن كرام ما حدث إلى بعد البخاري ، وكذلك ابن كلاب والأشاعرة ونحوهم، ففي زمن البخاري لم يكن هناك من يخالف في مثل هذا إلا الجهمية، والجهمية لم يعتبرهم من أهل السنة، إنما عرَّف أهل السنة بأنهم أهل القبلة، وكأنه لم يعتبر الجهمية من المسلمين؛ وذلك لقوة مخالفتهم للأصول، حيث اجتمع فيهم شر الخصال، وأبعدها، وأفضعها، فإنهم أشركوا بجحد الصفات، وغلو بالإرجاء، وغلوا بالجبر، وغلطوا في مسمى الإيمان بزعمهم أنه المعرفة، فاجتمعت فيهم خصال الشر كله، فلم يعتبر خلافهم، وأما من سواهم فلم يوجد إلا بعده.
والحنفية في زمانه يعترفون بالإقرار، ويجعلون الإيمان هو الإقرار باللسان والاعتقاد بالجنان، والماتريدية يوافقونهم على الإقرار، وإن كانوا يخرجون القول من الإيمان، والكرامية يجعلونه الإقرار باللسان فقط، ومحمد بن كرام كان في آخر القرن الثالث، وتوفي البخاري في وسط القرن الثالث في سنة ست وخمسين ومائتين، قبل أن يشتهر ابن كرام أو قبل أن يقول بهذا القول.
الجواب: عليكم بكتاب الله فإن فيه الأدلة الواضحة التي أقام الله بها الحجج والبراهين، وقد كنا نتعرض في الدرس لأمثلة من ذلك، ولا شك أن كتاب الله تعالى أوضح كتاب أقام الأدلة على الإيمان وما يقوي الإيمان، فمثلاً في سورة البقرة أول أمر أمر الله به هو العبادة، وأقام عليه ستة أدلة في قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ [البقرة:21] هذا دليل، وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:21] دليل ثاني الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشاً [البقرة:22] دليل ثالث، وَالسَّمَاءَ بِنَاءً [البقرة:22] دليل رابع، وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً [البقرة:22] دليل خامس، فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ [البقرة:22] دليل سادس، ففي هذه الآية ستة أدلة، وتأملوا أيضاً شرحها في تفسير ابن كثير ، فقد ذكر عليها كثيراً من الإيضاحات.
وذكرنا في درس مضى أن المشركين لما نزل قوله تعالى في سورة البقرة: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [البقرة:163] قالوا: ما الدليل؟
فنزلت الآية التي بعدها وفيها بضعة أدلة وهي قوله: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [البقرة:164] ففيها عدة دلالات، وهذه أدلة واضحة.
وتجد كثيراً من السور متوالية وفيها عدد من الأدلة، فمثلاً في سورة المرسلات: أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ كِفَاتاً [المرسلات:25] ... إلخ، وفي التي بعدها: أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً [النبأ:6-7] ... إلخ، وفي التي بعدها: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا [النازعات:27-28] ... إلخ، وفي التي بعدها قوله: فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً [عبس:24-26] ... إلخ، آيات وبراهين واضحة، وهي كثيرة مثل قوله في سورة الروم: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ [الروم:23]، وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الروم:23]، وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ [الروم:23]، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ [الروم:46]، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ [الروم:25] ... إلخ، فهذه آيات فيها: براهين ودلالات، فتأملوا شرحها فإن فيها ما يقنع كل شاك أو كل متحير.
والعلماء بينوا أدلة واضحة على ذلك، وتجد كلاماً جيداً لـابن القيم في كتابه: مفتاح دار السعادة، أحيل من في قلبه شيء من الضعف أن يقرأ ما ذكره، حيث توسع رحمه الله في ذكر الأدلة، بقوله في فصول: تأمل كذا، ثم تأمل كذا، فيما يتعلق بخلق الإنسان، وفيما يتعلق بخلق الحيوان، وفيما يتعلق بالأفلاك، وفيما يتعلق بالمخلوقات علويها وسفليها، آيات عجيبة تدل على ما وهبه الله تعالى من الفطنة، وتدل على عجائب خلق الله تعالى.
وله أيضاً كلام على خلق الإنسان، الإنسان أقرب شيء إليه هو نفسه، عندما أتى على تفسير قول الله تعالى: وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات:20-21] في سورة الذاريات في كتابه الذي سماه: أقسام القرآن، وهو مطبوع مشتهر، فتكلم على الآيات التي في الأرض، وبين عجائب ما فيها، ثم تكلم على الآيات التي في الإنسان، من خلق الإنسان وعجيب تركيبه، ذكر في ذلك نحو ثلث الكتاب، مع أنه تكلم فيه على آيات كثيرة، وذكر فيه تفاصيل الإنسان وكأنه وافق الذين يشرِّحون الآن، وأهل التشريح الآن يتعجبون من تركيب هذا العرق، ومن تركيب هذه العين، وما فيها، وهو ما أدرك ذلك بعينه ولكن رزقه الله فهماً، فتكلم على هذه التفاصيل بكلام عجيب، فهذا مثال.
والمتأخرون الآن قد ذكروا أدلة في بعض الكتب التي تؤلف للمناهج في العقائد، فيتكلمون على هذا ليقطعوا بذلك دابر الذين يشكون في التوحيد أو في وجود الخالق أو نحو ذلك، ويقيمون على ذلك أدلة، وهي كتب مناهج طبعت في بعض المدارس، فلو قرءوها لوجدوا فيها أدلة وبراهين، مع أنها تدرس في داخل المملكة وفي خارجها.
وكذلك أيضاً كثير من المؤلفين في هذا العهد أطلعهم الله تعالى على ما أطلعهم عليه من الدراسات الفلكية ونحوها، وألفوا في ذلك كتباً وفيها مقنع، أطباء تخصصهم إما في طب الإنسان أو الحيوان، وكذلك الدكاترة الذين تخصصوا في الأفلاك أو نحوها ألفوا كتباً كثيرة، فالمتأخرون والمتقدمون كتبوا في هذا ما فيه مقنع وفيه كفاية.
الجواب: لا بأس أن يصلى خلفه ولو كان على هذا المعتقد، وقد خف معتقدهم في هذه الأزمنة إلا فيما يتعلق ببعض الصفات، وبكل حال إذا لم يكن في البلد أحسن منه فيصلى خلفه لعموم الأدلة في تقديم من هو أقرأ، ومن هو أفقه، ومعلوم أن المبتدعة الأولين كان فيهم أئمة وخطباء وقضاة، تولوا القضاء وتولوا الإمامة مدة، وصلى خلفهم كثير من العلماء من أهل السنة، مع أنهم ينتحلون مذهب الأشعرية، في زمن شيخ الإسلام ابن تيمية كان أكثر أهل دمشق أشاعرة، ولا شك أنه كان يصلي خلفهم كثيراً، وكذلك مصر كان أكثرهم أشاعرة، بل جلهم إلا الأفراد، ومع ذلك كان يصلي خلفهم للعذر.
الجواب: إذا كان يقر بالإسلام، ويفعل شعائر الإسلام الظاهرة، فقد يكون تهاونه من باب التساهل، ومن باب التسويف والتأجيل، يعني: في نظره أنه سوف يتوب فيما بعد، فيجوز عند بعض العلماء الاستغفار له، والحج عنه، والصدقة عنه، والدعاء له وما أشبه ذلك.
وذهب بعض العلماء إلى أنه لا ينفعه ذلك، ما دام أنه كان لا يؤدي الصلاة طوال حياته ولا الصيام، ففي هذه الحال لا ينفعه ذلك.
ولكن إذا كان كما ذكرت أنه مجرد تهاون لا أنه ترك مستمر دائم فلعله ينفعه أن تدعو له، وأن تتصدق عنه، وأن تحج أو تعتمر عنه، أما الصلاة والصوم فهما عمل بدني، فلا حاجة لأن تصلي عنه وتصوم عنه، بل تكتفي بالدعاء له والاستغفار والترحم عليه، وما أشبه ذلك، والله تعالى يرحم من يشاء.
الجواب: لا يلزم، ولكن عليك أن تكثر من النوافل في بقية حياتك، فالذي مضى لا يلزم قضاؤه؛ وذلك للمشقة، يشق عليك أن تقضي صلاة خمس عشرة سنة، وكذلك صيامها، ولكن عليك أن تكثر من نوافل العبادة، فتصلي بالليل تهجداً، وتصلي في الضحى ما تيسر، وتحافظ على النوافل والرواتب، وتصلي مثلاً قبل الظهر أربعاً، وبعدها أربعاً، وقبل العصر أربعاً، وقبل المغرب ركعتين، وبعدها ركعتين أو أربع، وقبل العشاء ركعتين أو أربع وبعدها ركعتين أو أربع، وكذلك أيضاً تصلي ذوات الأسباب، وتكثر من نوافل العبادات كالحج والذكر وقراءة القرآن والاستغفار والدعاء والابتهال إلى الله تعالى، وغيرها من الأعمال الصالحة، وتحمي نفسك عن المحرمات والآثام، وبذلك إن شاء الله يمحو الله عنك ما سلف من التفريط والإهمال.
وقال كذلك في سؤال آخر: المتأمل لتاريخ المسلمين يجد أنه عصر فتن وقتل وحروب من بعد الخلفاء الراشدين إلى عصرنا الحاضر، والواقع يشهد بذلك.
والسؤال: هل هناك خطأ في منهج الإسلام فيكون الخلل في الفقه الإسلامي أم الخطأ في فهم علماء الشريعة للإسلام! فنرجو من فضيلتكم الرد عليه بارك الله فيكم؟
الجواب: نقول: الخطأ في فهمك أيها السائل، فهمك بعيد عن الواقع؛ وذلك لأنك -والله أعلم- لم تقرأ التاريخ كما هو، ولم تتتبع أحوال الإسلام ولا أحوال المسلمين، ويظهر أنك انخدعت بدعايات المضللين، أوأنك قرأت في كتب أعداء الدين، أو أنك نشأت في بلاد يظهر فيها عداء الإسلام، وإظهار الضغائن أو إضمارها للإسلام والمسلمين، ولو نشأت بين مسلمين وعرفت أخبار المسلمين، وكذلك تتبعت أحكام المسلمين، وعرفت أهدافها، وكذلك قرأت تاريخ السابقين الأولين؛ لما خطر ذلك بقلبك، ولما وجهت بهذا السؤال الذي يدل على حيرة في نفسك، أو يدل على ضغينة وحقد وبغض للإسلام والمسلمين والعياذ بالله.
نعود فنقول: كلنا -غالباً- قرأنا أو سمعنا تاريخ الخلفاء الراشدين، وكذلك تاريخ الصحابة وسيرهم وأحوالهم، فهل هذا السائل قرأ سيرهم كما ينبغي؟ أليس فيها الفتوحات؟ متى حصلت هذه الانتشارات للإسلام؟!
امتد الإسلام في عهدهم، وحصلت الانتصارات التي ليس لها مثيل في عهد الخلفاء الراشدين، وامتدت الفتوحات والظفر للإسلام والمسلمين، أين هذا السائل عن تتبع تلك الوقائع وتلك الغزوات التي أيد الله بها الإسلام وقوى بها المسلمين؟!
هذا لا يظهر أنه قرأه ولا خطر بباله.
كذلك أيضاً لا شك أنه لو قرأ سيرة الخلفاء وزهدهم وورعهم وتقشفهم واهتمامهم بالدين، واهتماهم بالعبادة، واهتمامهم بأمر الأمة، وحرصهم على رعايتها، وعلى مصالحها؛ لما خطرت بقلبه هذه الخطرات السيئة، وكذلك لم يقرأ تراجم علماء الأمة من صدر هذه الأمة من التابعين وتابع تابعيهم، الذين فيهم علماء حملوا العلم، وذبوا عنه كل ما هو دخيل عليه، هذا السائل لم يقرأ تراجمهم، ولم يعلم فيهم من النفع، وما لهم من المقامات النافعة، والأماكن التي نصروا فيها الإسلام، ونشروا فيها العلم، ونشروا فيها الدين، وكذلك قيامهم بالعبادات،وزهدهم وورعهم، وتقشفهم مما يدل على رغبتهم في الآخرة، وعدم ميلهم إلى الدنيا، ولا إلى حظوظها؛ كل هذا لم يلتفت إليه السائل.
أما كونه ادعى أنههم ماتوا قتلاً فليس في ذلك نقص عليهم، ولا شك أنهم قتلوا وذلك كرامة لهم، أما أبو بكر فمات على فراشه، وقد قيل: إنه سقي سماً، ولا يستنكر أن يكون بعض أهل الحقد وأهل النفاق دس إليه السم، وتلك كرامة له حتى يموت شهيداً، وهكذا عمر قتله أبو لؤلؤة المجوسي، ثم قتل عثمان، بسبب خلافات بين الأمة، حصل أن بعضاً من الأعراب وجدوا على عثمان بعض الوجد، فثاروا عليه وقتلوه، ثم حصلت الفتنة بين أهل الشام وأهل العراق، تقاتلوا فيها لأجل الانتصار لـعثمان أو لأجل تثبيت الملك وتثبيت الولاية، وتلك دماء صان الله عنها أيدينا فنصون عنها ألسنتنا.
ثم بعد ذلك استتب الأمن، وانتشر الإسلام، وتمادت الفتوحات في ذلك الزمان، واستمر المسلمون يفتحون البلاد شرقاً وغرباً، فكيف يقال بعد ذلك: إن المتأمل للتاريخ يرى فيه ما ذكره هذا السائل؟!
وعلى كل حال: نبرأ إلى الله من هذا الاعتقاد، ونسأله ألا يجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، وأن يغفر لنا خطايانا.
الجواب: مرتبة الإحسان أعلى المراتب، والأسباب التي تعين عليها هي تقوية الإيمان بالأدلة، وذلك بأن يؤمن بالأدلة التي تقوي إيمانه بالله، وبملائكته، وبالبعث بعد الموت، وبالآخرة وبما فيها، وبالثواب والعقاب، وبعظمة ربه وجلاله وكبريائه، وما أشبه ذلك، فإذا قوي الإيمان بذلك، فإنه والحال هذه يبقى قلبه مستنيراً، فإذا دخل في عبادة فكأنه ينظر إلى ربه، وإذا خلا بنفسه استحضر أن ربه ينظر إليه، فيبقى في كل حالة لا يغفل عن ربه في وقت من الأوقات.
الجواب: صحيح أن الله نفى عنهم الإيمان بقوله: وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14]، ولكن معلوم أنهم كانوا مبتدئين، ولابد أنهم سوف يتلقون تعاليم الإسلام والإيمان شيئاً فشيئاً، وسوف يسمعون الآيات والأدلة شيئاً فشيئاً إلى أن يقوى الإيمان في قلوبهم، وإلى أن يعرفوا ظواهر الأدلة، فعند ذلك يوصفون بالإيمان كما وصفوا بالإسلام، فهم في مبدأ أمرهم قالوا: آمنا، وهم إنما أسلموا ظاهراً، ولم يقم عندهم من الأدلة ما تقر به قلوبهم وتطمئن به إلى صحة ما جاء به الرسول، ولكن لا يزالون يتلقون الأدلة شيئاً فشيئاً إلى أن يصلوا إلى مرتبة الإيمان.
ومعلوم أن هناك من دخل في الإسلام عن اطمئنان، وكانوا مطمئنين به وموقنين به، فهؤلاء من حين دخلوا وهم مصدقون ومسلمون ومؤمنون، وهناك من دخل فيه ظاهراً، ولكنه أراد أن ينظر في عاقبته، فيكون مفكراً وناظراً، فهؤلاء مسلمون، ولعله يقوى الإيمان في قلوبهم، وهناك من دخل في الإسلام ظاهراً ولم يكن في قلوبهم محل للإيمان وهم المنافقون.
الجواب: كان كثير من المرجئة يلزمون من دخل في الإسلام والإيمان أن يجزم بذلك في نفسه، وينكرون على من استثنى في إسلامه بقوله: أنا مؤمن إن شاء الله، ويسمونهم: شُكاكاً، إذا قال أحد: أنا مؤمن إن شاء الله قالوا: أنت شاك، أنت تشك في إيمانك، ولكن للإسلام والإيمان علامات، فأنت مثلاً إذا رأيت قلبك مطمئناً بالإيمان، ورأيته منشرحاً إلى هذه الأكان، وصدقت بما أخبر الله به عن الدار الآخرة، وأيقنت بأنه لابد من بعث وحساب وجزاء على الأعمال، وآمنت بالغيب إيماناً يقينياً، آمنت بالملائكة ولم ترهم، وبالرسل ولم ترهم، وآمنت بأن هذه الكتب المنزلة من السماء هي كلام الله حقيقة، وإن لم يكن لك إسناد متصل إلى الملك الذي نزل بها، وإن لم تر الملك الذي نزل بها، وآمنت مثلاً بأن الله على كل شيء قدير، وأن قدرته تدخل فيها أعمال العباد ونحوه؛ آمنت بهذه الأركان كلها وصدقت بها، فلماذا لا تقول: أنا مؤمن؟ واستثناؤك حينئذٍ لأجل العاقبة؛ لأنك لا تدري هل تبقى على هذا الوصف أم يعتريك ما يعتريك؛ فلذلك تقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وتجزم بأنك مؤمن، وتطمئن نفسك بالإيمان، وتبصر نفسك بأنك مستحق لما يستحقه أهل الإيمان الذين وصفوا بتلك الصفات التي ذكروا بها باسم الإيمان، فعند ذلك لا مانع من أن تقول: أنا مؤمن إن شاء الله.
الجواب: لا شك أن موالاة الكفار من دون المؤمنين مخرجة من الملة ملحقة بهم؛ لأنها تدل على محبة الكفار، فمن والى أعداء الله فقد عادى أولياء الله ولابد، ومن أحب الكفار لزم أن يكون مبغضاً لأهل الإيمان، إذا أحببت الكفار فأنت مبغض لأهل الإيمان ولابد، ولا شك أن من أحب الكفار قربهم وأدناهم ورفع مقامهم، ولا شك أيضاً أن من أحبهم أعطاهم وفضلهم على غيرهم، وزاد في عطائهم، وحرم أولياء الله، وحقر وصغر من شأنهم وأبعدهم، مما يدل على أنه يحب أعداء الله ويبغض أولياء الله، فإذا كان كذلك فهذا لا شك أنه كفر.
أما إذا كنت مثلاً تعطيه لأجل كف شره، فلا مانع من ذلك، ولا يكون هذا ولاءً؛ لأن الله تعالى قد فرض للمؤلفة قلوبهم حقاً من الزكاة، وقد ذكر العلماء أن من المؤلفة قلوبهم الكفار الذين يخاف من شرهم، فإذا خيف من شر هذا الطاغية المعتدي أن يضر الإسلام جاز أن يعطى من الزكاة تأليفاً، والصحيح أن حق المؤلفة قلوبهم باق كما ذكر الله، لكن إذا قوي الإسلام وقوي أهله ولم يخف من الأعداء، ولا من كيدهم؛ سقط حق المؤلفة قلوبهم.
وعلى كل حال نقول: الولاء والبراء واجب على المسلم، وأما تأليف الكفار عند الخوف من شرهم، وعند قوة بطشهم، والخوف أن يفتكوا بالمسلمين، أو ينضموا إلى الأعداء ويصيرون في جانبهم ويقوونهم أو يخاف أن يؤذوا من عندهم من المؤمنين أو ما أشبه ذلك؛ فلا مانع من مداراتهم ومهاداتهم، ولا يكون ذلك دليلاً على محبتهم، إنما يكون ذلك لكف شرهم.
الجواب: مذهب أهل السنة أنه يجوز الاستثناء في الأعمال ويكون على وجه التبرك، قد سمعنا أنه صلى الله عليه وسلم استثنى في الأمور المحققة كقوله في زيارة المقابر: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)، ومعلوم أن الإنسان لابد لاحق بالموتى، لابد أنه سوف يموت، ومع ذلك استثنى، والموت محقق، ومع ذلك يقول: (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون).
كذلك أيضاً ورد الاستثناء في الموت على الشهادة، ففي وصية بعض السلف: (إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، عليها أحيا، وعليها أموت، وعليها أبعث إن شاء الله) فالاستثناء هذا قيل: إنه عائد عليها كلها، مع أنها محققة، وأن البعث محقق، وقيل: إنه يعود على البعث عليها.
وبكل حال يجوز الاستثناء للتبرك في الأمور التي يعزم الإنسان على فعلها مستقبلاً، فيقول: سوف أصلي إن شاء الله، وسوف أصوم غداً إن شاء الله، ويقول مثلاً: أنا مؤمن إن شاء الله، وأنا مسلم إن شاء الله، ويقصد بذلك التبرك، ولا يقصد بذلك التوقف ولا الشك ولا التردد، هذا في بعض الأعمال.
وأما في بعض التروك فإنه يستثني ولو كان عازماً وجازماً؛ لأن هذا غيب وأمره إلى الله، فإذا عزم مثلاً على أن يترك المحرمات فله أن يستثني، إذا كان مبتلئ مثلاً بالدخان يقول: سوف أترك الدخان إن شاء الله، ولو كان جازماً؛ لأن الترك أمره في المستقبل، وكذلك المعاصي التي يفعلها يعزم على أنه سيتركها، فيقول مثلاً: سأعفي لحيتي إن شاء الله، أو سوف أقصر من ثوبي المسبل إن شاء الله، وهو عازم على ذلك، أو مثلاً سوف أتوب من الربا إن شاء الله، أو من الرياء إذا شاء الله، أو إن شاء الله، يقول ذلك على وجه التبرك، وعلى وجه الرجاء أن ربه يعينه إذ وكل الأمر إليه، فهذا لا بأس به، أما إذا كان على وجه الشك أو على وجه التردد فلا يفعله، بل يجزم بترك المحرمات ولا يتردد في تركها.
الجواب: هذا حديث صحيح قاله صلى الله عليه وسلم لما قال له الصحابة: (أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، ثم قرأ قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10])، فجعل الله كلاً ميسراً لما خلق له، فإذا خلق الله العبد للسعادة يسره لعمل أهل السعادة حتى يموت على ذلك العمل ويكتب سعيداً، وإذا خلق الله العبد للشقاوة خذله ويسر له أسباب الشقاوة حتى يموت عليها، وذلك عدل من الله، وليس فيه ظلم لأحد، ليس هو ظالم لهذا حيث خذله، وليس هو تارك لشيء من حق الإنسان، بل الله تعالى هو المالك للإنسان، وهو الذي يتصرف في الناس كيف يشاء، فمن شاء هداه ومن شاء أضله، وهدايته لهذا تكون بفضله، وإضلاله لهذا عدل منه.
فعلى كل حال (كل ميسر لما خلق له)، يعني: أنه تتيسر له أو تتوافر له الأسباب التي تؤدي به إلى ذلك الشيء، فإن كان من أهل الشقاوة سلط الله عليه -لحكمة- من يضله، ومن يصده عن القرآن، ويصده عن الحق، ومن كان من أهل السعادة ومن أهل الإيمان، وعلم الله أنه من أهل الخير، يسر الله له من يهديه، ومن يدعوه إلى التوبة النصوح.
الجواب: صفاتهم ما جاء في قوله: (الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، فمن أراد التوسع فليقرأ شرح هذا الحديث في كتاب ابن رجب (جامع العلوم والحكم)، وأورد له أمثله، وشرحه حافظ الحكمي في المجلد الثاني من معارج القبول، وأورد له أمثله، ومعلوم أنه في هذا الحديث قسم الناس إلى قسمين:
من يعبد الله كأنه ينظر إلى ربه، ومن يعبد الله وهو يستحضر أن ربه يراه، وتسمى الحالة الأولى: عين المشاهدة، وتسمى الحالة الثانية: عين المراقبة، فعين المشاهدة أن يمثل أنه أمام ربه، كأنه ينظر إلى ربه، واقف بين يديه، وفي هذه الحالة إذا كان يصلي أو إذا كان يذكر الله أو إذا كان يدعوه ماذا تكون حالته؟
لا شك أنه يحضر قلبه، ويحضر قالبه، وتسكن أعضاؤه، ويخشع ويخضع وينيب، ويخبت إلى الله تعالى، ويكثر من ذكره، وهكذا عين المراقبة، وهو الذي يستحضر أن ربه يراه، أما حال الكثير من الناس إذا صلى أحدهم غفل في صلاته ولم يدر ما يقول، ولم يستحضر ما هو فيه، فإنه لم تتحقق له عين المشاهدة ولا عين المراقبة.
الجواب: المبتدعة مثل المعتزلة تركزت في نفوسهم أو في فطرهم أو في عقولهم عقيدة سيئة، وهي: عدم الإقرار بصفات الله، وادّعوا أنها تنافي العقول، فلما ارتكزت تلك العقيدة في قلوبهم، وجاءتهم الأدلة التي تخالف ما في فطرهم وما في عقولهم الفاسدة؛ لم يجدوا بداً من أن يؤولوها ويحرفوها ويسلطوا عليها أنواع التحريف، والسبب الوحيد في ذلك هو أنها خالفت معتقدهم، ومعتقدهم مبني على شبهات تلقوها من كتب المتكلمين، ومن كتب اليونان والمشركين.
الجواب: الجواهر المفردة كلمة يستعملها المتكلمون، ونحن لا حاجة بنا إلى هذه الاصطلاحات، لكنهم يقسمون الموجودات إلى قسمين: جواهر وأعراض، فالجوهر ما له جرم يمكن إدراكه، ويمكن رؤيته، ويمكن لمسه، فيسمونه جوهراً، والأعراض ما ليس له جرم، بل هو عرض، فمثلاً: الكلام الذي يتكلم به الإنسان ليس له جرم، ما يمكن أن تقبض على كلام متكلم إذا خرج من فمه، فيسمونه عرضاً، الصلاة إذا صلاها الإنسان صعدت إلى السماء، فالصلاة عرض ليس لها جرم تشاهدونه، فيقولون: هذه أعراض، وهذه جواهر، فكل شيء له جرم حتى مثل حبة الرمل يسمونه جوهراً، ويقولون: إن جميع الموجودات التي لها جرم مركبة من الجواهر المفردة، يمكن أن ترجع إلى جواهر صغيرة لا يدركها البشر، وكل شيء من الموجودات من الحديد والأخشاب والفرش والحيوانات والجبال والصخور ونحوها جواهر مركبة، فتكلموا في هذا وأطالوا الكلام، ولا حاجة بنا إلى أن نناقشهم، وذلك من فضول الكلام.
أما الأسماء التي ذكرها فهي أسماء اصطلاحية، فاسم: (جار الله) يستعمل بمعنى المجاور الذي يجاور في مكان مقرب إلى الله، وقد سمي به قديماً الزمخشري صاحب التفسير؛ لأنه جاء إلى مكة، وأطال الإقامة في المسجد الحرام، فكان مجاوراً، فسمي جار الله، ويسمى به في الناس، بمعنى أنه مجاور لله، أي: متعبد له أو نحو ذلك تفاؤلاً، فلا بأس بذلك.
أما بقية الأسماء فينظر إلى معانيها، فاسم (غرم الله) يستثقل؛ وذلك لأن فيه أن الله تعالى غرم لهذا الإنسان عن ولد مات له أو نحو ذلك، فالأقرب أنه ينهى عنه؛ لأن الغرم أصله التحمل، مثل تحمل الدين ونحوه؛ ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من المأثم والمغرم، وقال: (إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف)، وبقية الأسماء التي تضاف إلى الله ينظر في معانيها، مثل: وصل الله، أو رجاء الله، أو فرج الله، أو رزق الله، فهذه لا بأس بمعانيها، والأولى التعبيد باسماء الله كعبد الله، وعبد الرحمن، وعبد العزيز وما أشبهها.
الجواب: هذه كلمة مشتهرة، ولكن لا يقصد بها أنها من الأسماء الحسنى، وإنما يقصدون بها الصفة، يعني: أنه هو الذي شرع الأحكام وبينها، وكذلك كلمة (الصانع) أيضاً مشتهرة في تعبيرات المتكلمين أولاً، مثل قولهم: جحود الصانع، وجود الصانع، وقد استعملها أيضاً بعض الأئمة كـابن كثير في تفسير قوله تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً [البقرة:22] قال: الاستدلال على وجود الصانع وما أشبه ذلك، وبكل حال فيقصد بها معنى: أنه الذي أوجد الخلق، وقد ذكرها الله تعالى في قوله: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل:88] يعني: إيجاده واختراعه وإبداعه.
الجواب: قد ذكرنا أن تلك العقول عقول ناقصة، عقول مضطربة، وأن الواجب على الإنسان أن يتهم عقله، ولا يرد الأحاديث إذا لم توافق مزاجه، بل يتهم فهمه بالخطأ ونحوه، وقد أنكر بعض المتأخرين بعض الأحاديث التي خالفت الواقع في هذه الأزمنة أو قبلها، ولكن لا عبرة بردهم، وكذلك غيرهم من المتقدمين، فردوا مثلاً أحاديث في صحيح البخاري كحديث عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل أنه يفعل الشيء وما يفعله ...) إلخ، فقالوا: إن هذا يخالف العصمة، وأنه .. وأنه.. وأجاب العلماء عن ذلك وبينوا أنه لم يقع في أمر الشرع. والسحر له حقيقة، وأنكرت المعتزلة ونحوهم حقيقة السحر، وردوا الأحاديث التي في ذلك، مع وجودها وصراحتها، ومع مشاهدة الناس أن الساحر قد يؤثر، وأخبر الله تعالى بذلك.
كذلك في هذه الأزمنة أيضاً قرأت لبعضهم إنكاراً لبعض الأحاديث، كقوله صلى الله عليه وسلم: (لولا بني إسرائيل لم يخنز اللحم) أي: لم ينتن، يعني: أنهم لما أعطاهم الله تعالى السلوى صاروا يدخرون لغد ولبعد غد، فصار اللحم ينتن، نقول: وما المانع من ذلك؟ وإن كانت طبيعة اللحم أنه إذا تأخر يتغير، لكن قد يجعل الله له ما يكافحه وما يزيل عنه ذلك النتن.
وكذلك أحاديث عذاب القبر أنكرها بعضهم، وقالوا: إننا نكشف عن الميت بعد مدة فنجده كما وضعناه، ولا نجد أثراً لعذاب القبر ولا لنعيمه ولا لغير ذلك.
فيقال لهم: إن عالم الأرواح غير عالم الأجساد، وإن العذاب في القبر على الروح ولا على الجسد، الجسد تأكله الأرض، ويكون تراباً.
والحاصل أننا لا نلتفت إلى هؤلاء الذين يطعنون في الأحاديث لمجرد عرضها على العقل.
فالأولون من معتزلة ونحوهم ما كانوا يردون إلا الأحاديث التي تتعلق بالصفات، أما أحادث البعث والنشور فإنهم يقرونها، ويوافقون عليها، وأما هؤلاء العصريون فينكرون الأحاديث الحسية كالأحاديث التي تخالف فطرهم مثلاً، أو تخالف ما تجدد لهم من المصنوعات ونحوها، وما علموا أن قدرة الله غالبة على كل شيء.
الجواب: الصحيح أن الهرولة هنا بمعنى قرب الرب تعالى إلى عبده بثوابه، فالقرب معنوي، العبد لا يتجاوز مكانه، وإنما تقرباته بالأعمال، فقرب الرب إليه، وهرولته -يعني: إسراعه- إنما هو بالأعمال، بكثرة الثواب، فلا يقال: إن الهرولة صفة من صفات الله في هذا الحديث، إنما ذكرها على وجه المبالغة في كثرة الثواب، قال: (من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً)، العبد ما يتقرب شبراً، يعني: هو مكانه، ولكن تقرب بالأعمال، (من تقرب إلي ذراعاً)، العبد لا يتزحزح عن مكانه، ولكن تقرب بالأعمال (من أتاني يمشي)، العبد لا يتجاوز مكانه بهذا المشي، المراد بالمشي هنا مواصلة الأعمال الصالحة، يعني: كثرة الأعمال الصالحة، وعبر عن ذلك بالمشي.
إذاً: هذا الحديث إنما فيه المماثلة، فقرب العبد بالأعمال، وقرب الرب بالثواب، وكذلك المشي والهرولة.
أما التردد فليس معناه التوقف في الشيء، وعدم الجزم به ونحو ذلك، لكن لما كان العبد يكره الموت، فإن الله تعالى يكره ما يسوءه، فالتردد هو الكراهية، يعني: كراهية الله تعالى لما يسوء العبد، وليس هو بمعنى التوقف في الشيء وعدم الجزم بفعله، ولأجل ذلك قال في تمام الحديث: (ولا بد له منه).
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العطاء وفيه الجود والكرم
فما رأي فضيلتكم في هذا البيت جزاكم الله خيراً؟
الجواب: هذا البيت نقل عن أعرابي فيما نقله العتبي ، وذكره ابن كثير عند تفسير الآية التي في سورة النساء، وهي قول الله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً [النساء:64] وبالبحث عن هذه الحكاية لم يوجد لها سند صحيح، ولو ذكرها ابن كثير وأقرها، ولو ذكرها غيره، فهي حكاية باطلة لا أصل لها، ولا يجوز اتخاذها حجة في دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته، والبيت معناه صحيح، يعني: أنه صلى الله عليه وسلم خير من دفنت بالقاع أعظمه، وأن قبره فيه العفاف وفيه الكرم، فالمعنى صحيح، ولكن القصة التي فيها أنه جاء قاصداً للنبي صلى الله عليه وسلم وقرأ هذه الآية: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً [النساء:64] وأنشد الأبيات، وطلب من الرسول المغفرة، وبعد ذلك يقول العتبي : نمت، فرأيت الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: أدرك الأعرابي، وأخبره أن الله قد غفر له. فهذه حكاية باطلة، وأما البيت فمعناه صحيح.
الجواب: الولاية هي من آثار الإيمان، من كان مؤمناً فإنه ولي، والله تعالى هو مولى عباده المؤمنين، اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11] فهو مولى المؤمنين ووليهم إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ [الأعراف:196]، فمن كان مؤمناً فإنه من أولياء الله، فهما متلازمان.
الجواب: لا ينكر هذا حتى ولو كان من الصحابة، وقد جلده علي رضي الله عنه في شرب الخمر بأمر أمير المؤمنين عثمان ، جلده أربعين جلدة، وكذلك أيضاً صلى في ولاية عثمان بالناس وهو سكران، فالحاصل أنه لا يستنكر إذا وصف في هذه الآية بأنه فاسق، ولكن فسقه لا يخرجه من الإيمان، ولا يدخله في الكفر، إنما هو فسق عملي.
الجواب: الذمة العهد، ذمة الله تعالى بمعنى: عهده، أي: أن الله تعالى يتولاه ويحفظه فلا يجوز لأحد أن يعتدي عليه، ولا أن يمد يده إليه لكونه في ذمة الله، يعني: في جوار الله تعالى وفي حمايته وفي عصمته، وبكل حال نقول: إن مثل هذه الصفات وهذه الأحاديث تؤخذ على ظاهرها، ولكن لا يكون الإنسان متساهلاً في الطاعات ومعتمداً على بعضها، فيقول: ما دام صليت الصبح فأنا في ذمة الله، فسوف أفعل وأفعل من المعاصي ونحوه، لا يعتمد على ذلك، فإن الصلاة ما لم يكن لها تأثير عليه لم تكن صلاة صحيحة مفيدة.
الجواب: قد ذكرنا أن الحسنة هي النعم، والسيئة هي البلايا، وأن الجميع من الله خلقاً وتكويناً، ولكن قد تكون أيضاً ابتلاء وامتحاناً، فتكون النعم ابتلاء، وتكون السيئات ابتلاء، وقد تكون الحسنة بسبب من العبد وهو الأعمال الصالحة، والسيئة بسبب من العبد وهي الأعمال السيئة، وقد تكون الحسنة ثواباً لحسنة قبلها، والسيئة عقوبة لسيئة قبلها، ورد في بعض الآثار أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وإن من عقوبة السيئة السيئة بعدها.
وبكل حال فقد فصلنا في الحسنات والسيئات، وذكرنا أن الله تعالى يبتلي بالخير ويبتلي بالشر، وله الحكمة فيما يبتلي به، وكلام الشارح ظاهر لا خفاء فيه.
الجواب: لا شك أنه خاف لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (كيف تفعل بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟ أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟!) وكرر عليه، فخاف أن يكون قد حبط عمله، وقال: لو كنت أسلمت الآن ولم أسلم قبل ذلك لكان ذلك أولى لي، حتى أستقبل عملاً جديداً، فهو يخشى أن يكون قد حبط عمله بقتله الرجل، وتمنى أنه ما أسلم إلا بعده.
وعلى كل حال فإنه رضي الله عنه قتله متأولاً؛ وذلك لأنه ظن أنه لم يقلها عن يقين، فلذلك أقدم على قتله، وبين العلماء الحكم فقالوا: الكفار الذين يمتنعون من لا إله إلا الله، إذا قوتلوا فنطق واحد منهم يكف عنه حتى يختبر بعد ذلك هل قالها عن يقين؟ وهل يعمل بها أم لا؟
أما الذين يقولونها ويقاتلون لأجل أمر آخر كالذين يقاتلون لإنكارهم الرسالة، أو لإنكارهم البعث، أو لطعنهم في القرآن مثلاً، أو لإنكارهم العبادات كالصلوات ونحوها؛ فهؤلاء لو قالوها ما ردت عنهم؛ لأنهم يقولونها قبل القتال، إنما قوتلوا لشيء آخر.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر