أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الأمسية أمسية يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي - أي: الجامع- للشريعة الإسلامية عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وهو يجمع المسلمين على منهج كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد انتهى بنا الدرس إلى هذا الفصل، وهو في الجنايات وأحكامها.
[ الفصل العاشر: في الجنايات وأحكامها ] وهيا بنا نتدارس هذه الأحكام الشرعية التي نسأل الله أن تطبق في بلاد المسلمين، كما هي مطبقة عندنا هنا في هذه المملكة المباركة.
[ وفيه أربع مواد:
المادة الأولى: في الجناية على النفس ] والمرء يجني على نفسه.
[ أولاً: تعريفها: الجناية على النفس ] أي: نفس الإنسان [ هي التعدي على الإنسان بإزهاق روحه، أو إتلاف بعض أعضائه، أو إصابته بجرح في جسمه ].
[ المادة الثانية: في أحكام الجنايات: ]
لا يجب القصاص في القتل أو في الأطراف ] كاليد والرجل [ أو الجراح إلا بتوفر الشروط التالية ] وهي أربعة شروط:
[ أولاً: أن يكون المقتول معصوم الدم ] وهو المؤمن، فهذا الذي يجب القصاص له [ فإن كان زانياً محصناً ] أي: إذا وجد الرجل رجلاً يزنى بامرأته فقتله وكان الزاني كبيراً متزوجاً فإن الحاكم لا يقتص من قاتله [ أو مرتداً ] فمن كان مؤمناً ثم ارتد فإنه يقتل [ أو كافراً فلا قصاص؛ إذ هؤلاء دمهم هدر لجريمتهم.
ثانياً: أن يكون القاتل مكلفاً - أي: بالغاً عاقلاً- فإن كان صبياً أو مجنوناً فلا قصاص؛ لعدم التكليف ] فهو غير مكلف حتى يقتل ويقتص منه؛ وذلك [ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:( رفع القلم عن ثلاثة: الصبي حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ ) ] فقد ذكر فيه الصبي والمجنون، فلو أن صبياً قتل فلا يقتل أبداً، ولو أن مجنوناً قتل فلا يقتل؛ لعدم وجود عقله، ولو أن النائم قتل في نومه أو سب أو كفر فلا يأثم بذلك، ولا يطالب به.
[ ثالثاً: أن يكافئ المقتول القاتل في الدين ] أولاً، فيكون دين القاتل والمقتول واحداً [ والحرية ] أيضاً ثانياً [ والرق ] ثالثاً، فيكون عبد مع عبد، أو رقيق مع رقيق، أو مؤمن مع مؤمن، أو كافر مع كافر [ إذ لا يقتل مسلم بكافر ] فلو أن كافراً من أهل الذمة يهودياً أو نصرانياً قتله مؤمن فلا يقتل المؤمن به، لأن المسلم يعبد الله والكافر لا يعبد الله، فالمسلم يبقى حياً ليعبد الله، وأما الكافر فلا يعبد الله فيقتل [ ولا حر بعبد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر). ولأن العبد متقوم فيقوم بقيمته ] فلو أن حراً قتل عبداً فلا يقتل بقتله؛ لأن العبد يقوم بالمال، فلا يقتل به القاتل [ ولقول علي رضي الله عنه: (من السنة)] أي: النبوية ومن أحكام الرسول الكريم [ ( أن لا يقتل حر بعبد) ] لأن العبد يباع، وما دام أنه يباع بثمن فلا يقتل به القاتل الحر، وإنما يعطي القيمة ولو بيع بمليون أو بمليونين [ وحديث ابن عباس رضي الله عنهما: ( لا يقتل حر بعبد ).
رابعاً: أن لا يكون القاتل والداً للمقتول أباً أو أماً، أو جداً أو جدة ] فإذا قتل الأب ولده لم يقتل به، أو قتلت الأم ولدها لم تقتل به، أو قتل الجد حفيده كذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقتل والد بولده ) ] سواء كان رجلاً أو امرأة، وإذا قتل الولد والده فيقتل مرتين إن استطيع قتله كذلك.
نكتفي بهذا القدر وصلى الله على نبينا محمد.
الجواب: الولي مخير بين ثلاثة: إما أن يرضى بالدية فيعطى، أو يعفو إن شاء، وإما أن لا يرضى فيقتل القاتل.
الجواب: إذا أراد السائق قتله بأن وجه إليه سيارته فيعتبر قاتلاً عمداً وليس في ذلك شك، وإذا لم يرد قتله وليس له رغبة في ذلك وإنما صدم بسيارته فهذا شبه عمد، ولهذا أفتى علماؤنا بالدية؛ لأنه هو السبب بسيارته.
الجواب: نعم، وموجود في كتب الفقه مقدارها.
الجواب: إذا صاح فيه صيحة فقتله فيعتبر هذا شبه عمد، ففيه دية مخففة أو العفو.
الجواب: لا حق له في أن يقتله، وإنما يقتله إمام المسلمين وحاكمهم، ولو كان هذا يجوز لأصبح الناس يقتل بعضهم بعضاً بدعوى أن المقتول كان يسب الله ورسوله، فلا يجوز ذلك أبداً، وإنما على المسلم أن يدعو من سب الله ورسوله إلى التوبة والندم والاستغفار، ولا يجوز له أن يقتله أبداً.
الجواب: لا دية فيه ولا قصاص.
الجواب: هذا وعيد الله عز وجل، والله لا يخلف الميعاد، وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]. فما دام هذا عائد إلى الله فإن شاء الله أن يغفر له غفر له، هذا هو الحكم، وإن تاب فإن الله يعفو عنه، أو يدخله النار فيحرق فيها ويصطلي فيها أعواماً ثم يخرجه، ونحن نقول: إن من قتل مؤمناً متعمداً أن الجزاء ليس جهنم فقط، بل وأيضاً خالداً فيها وغضب الله عليه.
الجواب: إذا خنقها حتى ماتت فهذا قتل عمد، فالخنق قتل عمد، وإذا أراد أن يكتم أنفاسها فماتت فهو شبه عمد، فالدية على العاقلة، فتساهم العاقلة في الدية، وهم أقرباؤه كأعمامه وأخواله وإخوانه وأبنائه، ويصوم شهرين.
الجواب: لا يجوز للمحامي أن يحامي إلا عن قضية حق، ويعرف أن صاحبها صاحب حق، فيحامي له، وأما أن يحامي ضد المظلوم فلا يجوز، والعياذ بالله.
الجواب: نعم، يغسل ويكفن ويصلي عليه عامة الناس، وأما أفاضل العلماء وأفاضل الناس فلا يصلون عليه.
الجواب: لا؛ فإن دم الحامل دم استحاضة، وأما الدم الحقيقي فيتغذى به الجنين في بطنها، فالحامل إذا خرج الدم فعليها أن تصوم وتصلي، ولا تترك الصلاة.
الجواب: لا تجب، وإن أراد أن يخرجها جاز له ذلك ولا حرج، وأما الوجوب فإنها لا تجب عليه ولا تسن أبداً حتى يولد.
الجواب: يوجد من أهل العلم من يقول: إن كل مكة مسجد حرام، والصحيح والذي عليه جمهور العلماء والأئمة والصحابة والتابعين: أن المسجد الحرام هو حول الكعبة، فمن صلى في مسجد آخر لم تكن صلاته بمائة ألف صلاة.
الجواب: لا يجوز، فهذا بدعة، وكل بدعة ضلالة، والرسول صلى الله عليه وسلم ما دعا إلى هذا ولا عمله ولا عرفه أئمة الإسلام، فهذا بدعة من البدع التي ينبغي أن تطرد.
الجواب: أولاً: الكحل للرجال لا يجوز، فهو من زينة النساء، لكن من كان مريضاً وقال له الطبيب: اكتحل فإنه يجوز له ذلك، وإن وصل شيء من عينه إلى حلقه فسد صومه ويقضي، وإذا لم يصل شيء إلى حلقه فلا يضره، سواء كان ذلك من الأنف أو العين أو الأذن، فلا يفسد الصوم إلا ما وصل إلى الحلق.
الجواب: هذا يعود إلى إمام المسلمين وحاكمهم.
الجواب: لا يجوز أن يفطروا أبداً، وإن أفطروا فهم آثمون، وعليهم الكفارة.
الجواب: ليس عليهم شيء؛ إذ الميت ليس مكلفاً.
الجواب: من جامع امرأته بعد طلوع الفجر في رمضان عليه كفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يستطع فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً.
الجواب: نعم، صلاة الفريضة أو النافلة في المسجد الحرام بمائة ألف، وصلاة النافلة أو الفريضة في المسجد النبوي بألف، وأما في المساجد الأخرى فلا.
الجواب: الحكم أنه يؤدب ويقام عليه الحد لشربه الخمر، وهو أن يجلد ثمانين جلدة، وأما القتل فلا يقتل؛ لأنه قتل ولده لا ولد غيره.
الجواب: يجعلون لهم مكاناً خاصاً ملاصقاً للمعمل، ويصلون فيه الجمعة وجوباً إذا كانوا بهذا العدد، ولكن لا يكون مكان الآلات، بل يكون خارجه ملاصقاً له، ويصلون فيه.
الجواب: جائز، وصاحبها مأجور، وأجر من صلى التهجد بعد صلاة التراويح أعظم ممن صلى التراويح فقط.
الجواب: هذا آثم، والله نسأل أن يحسن خاتمته، وأما إذا كان مريضاً أو خائفاً فلا حرج عليه أن يصلي في بيته، فلا ينبغي له أبداً أن يصلي في بيته وهو آمن قادر على أن يصلي في المسجد، فإن فعلت هذا فبها ونعمت، وإن أبيت فأنت آثم.
الجواب: التدخين ضار بخمس كليات، وأي شيء يضر بكلية من هذه الخمس فهو حرام في الإسلام.
أولاً: التدخين ضار بالعقل، فكم من إنسان على مكتبه والقلم بيده لا يستطيع أن يعمل إلا إذا دخن، فالتدخين ضار بالعقل، فهو حرام.
ثانياً: التدخين ضار بالبدن، فقد ثبت في الصحف قديماً أن واحداً وسبعين رجلاً من مائة ميت ماتوا بسبب الدخان، فهو والله ضار بالجسم، وكل ما يضر بالجسم فهو حرام.
ثالثاً: التدخين ضار بالعرض، ونحن لا نرى إماماً على المنبر يدخن، فهذا لا يجوز، وكل ما يؤذي العرض أو يضر به فهو حرام، ومنه: الغيبة .. النميمة .. السب .. الشتم، وغير ذلك، فالمدخن لا يستطيع أن يدخن أمام الناس؛ لأنه يمس بعرضه ويهبط به، فهو ضار بالعرض، فهو حرام.
رابعاً: التدخين ضار بالمال، فالمدخن يحرق ماله بالنار، فهو يحرق عشرة ريالات يومياً، وهو ليس طعاماً أو غذاء أو شراباً، وإنما هو تبذير وإفساد للمال، فهو والله حرام، ضار بالمال.
خامساً: التدخين ضار بالدين، وإليكم بيان ضرره بالدين: النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أراد منكم أن يبصق فلا يبصق عن يمينه؛ فإن عن يمينه ملكاً، وليبصق تحت قدمه ). والمدخن ينفخ الدخان في وجه الملك، والعياذ بالله.
وكان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام بالمدينة يتوضئون مما مست النار، واستمر ذلك عاماً أو عامين، ثم خفف الله عنا وعنهم فنسخ ذلك، وبقي الاستحباب موجوداً، والذي يدخل النار إلى جوفه يبطل وضوءه، فلهذا لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يدخنا هذا التدخين، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره، والله غفور رحيم.
الجواب: المسبحة فيها أربعة عيوب، وكل عيب يحرمها، فأول عيب: هو صورة الصليب، فالخيطان الأخضران أو الحبتان المتقابلتان تشكلان صليباً، والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وجد ثوباً فيه صليب قطعه، وهذا شكل الصليب، وأنت تجعله في يدك أو جيبك وتذكر الله به، فهذا لا يجوز.
العيب الثاني - وهو كبير-: بعض الناس يحلفون بها فيقولون: وحق هذه، ولا يحلف إلا بالله، والحلف بغير الله شرك، فقد أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) المحلوف به في عظمة الله وألوهيته، فلا يحل الحلف بغير الله، وهؤلاء يحلفون بالمسبحة، فيقولون: وحق هذه.
العيب الثالث: أن الناس يتحدثون بأي شيء وهو يذكر، وهذا لعب.
العيب الرابع: أن صاحبها يعلقها في عنقه ليوصف بين الناس أنه من الذاكرين، وهذا لا ينبغي، فهي آلة تستعملها عند الحاجة إليها، ومع هذا فذكرك وتسبيحك بأصابعك أفضل.
فإذا سلمت من هذه العيوب الأربعة فيجوز استعمالها كالقلم للكتابة، فهي آلة للعد فقط، وأما أن يحلف بها أو يعلقها على عنقه أو يكون الصليب فيها بحبتين متقابلتين فهذا لا يجوز.
الجواب: لا.
الجواب: فضل آية الكرسي: أولاً: هي أعظم آية في كتاب الله، وآيات الله بالمئات، وأعظم آية فيها هي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255]، الآية.
ثانياً: من واظب عليها بعد كل فريضة لا يمنعه من دخول الجنة إلا الموت فقط، فلو جاءه الموت لدخل الجنة، وبهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فمن لازم عليها وواظب على قراءتها بعد كل فريضة ولو أن يقرأها من المصحف لو كان لا يحفظها، أو يقرأها وهو يمشي دبر كل صلاة مرة واحدة لا أكثر من ذلك لا يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت.
ثالثاً: أنها تعدل ربع القرآن.
وقد ذكرت أن آية الكرسي وسورة إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1]، وسورة الكافرون وسورة النصر كل واحدة منها تعدل ربع القرآن، وسورة الصمد تعدل ثلث القرآن، وقد رغبنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نصلي ركعتين في نهاية الليل فنقرأ في الأولى بالفاتحة و اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255]، ثم سورة الزلزلة، وفي الركعة الثانية نقرأ بالفاتحة وبالكافرون والنصر والصمد، وبذلك تستغفر لنا آلاف الملائكة، ويا ليتكم تفعلون هذا، فهذا فيه أجر عظيم لا حد له. هذا البعض الذي قلناه بالأمس.
الجواب: لا يوجد مؤمن لا يصلي، فلا تزوج ابنتك بمن لا يصلي، فهذا لا يحل ولا يجوز، ولا يجوز وجود تارك الصلاة بيننا، فتارك الصلاة غنياً أو فقيراً يؤتى به إلى المحكمة، ويطالب بالصلاة، فإن رفض أن يصلي فإنه يمهل إلى قبل غروب الشمس بنصف أو ربع ساعة قدر ما يتوضأ ويصلي، فإما أن يتوضأ ويصلي وإما أن يقتل، فلا يحل لك أبداً أن تزوج ابنتك من تارك الصلاة أبداً، ولو أن يعطيك ملياراً.
الجواب: لا بد من الهدي عن العمرة التي دخل فيها وخرج منها، فإما أن يذبح شاة في أي مكان أو يصوم عشرة أيام، ولو اعتمر بعدها خمسين عمرة فلا بد من الهدي؛ لتعلق الإثم به، فعليه أولاً أن يمحوه، والفدية إن كانت في مكة فهذا أفضل، وإذا لم يستطع فيذبحها في أي بلد.
الجواب: هذا كله - والله العظيم- من الشرك بالله، فلا يجوز ولا يحل أبداً أن تذبح شاة لميت أبداً وتقول: هذه لسيدي فلان، ولا يجوز أكل تلك الذبائح ولا الجلوس مع أولئك الآثمين المشركين.
الجواب: لا تجوز الصدقة في الزكاة للأولاد ولا للآباء أبداً، فزكاتك تخرجها لأقاربك، وأما أولادك وأبوك وجدك فلا.
نكتفي بهذا القدر وصلى الله على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر