الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أعز المجاهدين، الحمد لله الذي رفع راية الجهاد في أمة المسلمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
عباد الله: إني أوصيكم ونفسي بتقوى الله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].
أيها الأحباب الكرام! إني أحبكم في الله، وأسأل الله أن يحشرنا في ظل عرشه ويجمعنا في مستقر رحمته.
من هنا؛ من منبر الدفاع عن المسجد الأقصى إلى المجاهدين في فلسطين ندعوهم إلى الاعتصام، وأي اعتصام؟ الاعتصام بحبل الله وبالله، قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103] جميعاً في جماعة واحدة، وأختار لكم حماس بطلها أحمد ياسين ، الذي يصب اليهود عليه العذاب صبا، وهو الآن بين الموت والحياة، بحثوا في جسده عن مكان للتعذيب فلم يجدوا إلا وجهه، فسلطوا على وجهه أبشع أنواع التعذيب، حرقوه، وثقبوه بالكهرباء والنار، لكنه لم يلن ولم يستسلم، فأحضروا ابنه أمام عينيه ونزلوا عليه ضرباً حتى تفجرت الدماء منه وتكسرت عظامه، والطفل يصيح وأبوه ثابت، فأحضروا طلبة العلم، ورواد المساجد من تلاميذه وانهالوا عليهم ضرباً حتى كسروا عظامهم وظهرت من خلف جلودهم والرجل ثابت وهو المشلول.
اعتصموا بحبل الله جميعاً، في جماعة واحدة ضد هذا الإرهاب والإفساد والتقتيل والوحشية التي لا مثل لها، أجهزة الإعلام لا تزال منذ سنين تنشر أخبار منديلا، وكانت تنشر أخبار كبوتشي، وشنودة، والرهائن، ولا نسمعهم يتكلمون عن أحمد ياسين، لماذا؟ لأنه يقول: لا حكم إلا لله، والطواغيت يريدون الحكم بأمرهم لا بأمر الله، لهذا يكرهونه ويعتمونه، ولم يبق لنا إلا اعتصام الشعوب المسلمة المؤمنة بالله جماعة واحدة مع هذا الرجل: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103] والمعتصم بحبل الله لا يضل، الغريق في البحر مهما علت الأمواج ما دام أنه يمسك بطرف حبل مربوط سيصل بهذا الحبل إن شاء الله إلى ساحل الأمان، فكيف إذا وصل إلى سفينة الإنقاذ؟ فالذي قال: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ [آل عمران:103] دين الله، منهج الله، جماعة الله، هو الذي قال سبحانه: وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الحج:78] الاعتصام بالله يوجد القوة في الضعيف والعدة والسلاح وإن كان لا يملك إلا الحجر.
من الذي يثبت أحمد ياسين في السجون الآن؟ اعتقلوه عام (1984م) وحكموا عليه بالسنين الطويلة (أكثر من عشر سنوات) ثم خرج عام خمس وثمانين بتبادل الأسرى، والآن أعادوه إلى السجن له أربعة أشهر يعذب في الليل والنهار وهو لا يستطيع أن يأكل أو يشرب، وهو على أبواب الموت إن لم ينقذه الله سبحانه وتعالى، ولابد من وقفة إيمانية إسلامية تؤيد هذا الرجل وجماعته، والاعتصام بالله سبحانه وتعالى ذروته هو القرب من الله، يقول تعالى: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19] والرب جل جلاله يقول: (من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً) فالعبد يقترب من الرب، والرب يقترب من العبد (وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها) بي يسمع، وبي يبصر، وبي بطش، وبي يمشي، وأقرب ما يكون الرب من عبده في الجوف الأخير من الليل، وأقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، هكذا أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم.
ونداءٌ من منبر الدفاع عن مسجد الأقصى، نداءٌ عاجل إلى جميع الشرفاء في العالم، نداءٌ إلى منظمة التحرير وهي التي تطرق كل الأبواب باسم الشعب الفلسطيني، ما تركت مؤتمراً ولا هيئةً إلا طرقتها، لماذا لا تطرق الأبواب الآن من أجل أحمد ياسين ؟ تطرق كل الأبواب باسم شعب فلسطين.
وإلى كل الأحرار، الذين تجري في دمائهم دماء الأخوة والنصرة والشهامة؛ إلى جميع المسلمين، إلى ورثة الفاروق وخالد وصلاح الدين، إلى كل الشرفاء على الأرض، إلى المؤمنين بحقوق الإنسان وكرامته، إلى المفكرين والكتاب والصحفيين والهيئات والمؤسسات والمنظمات، إلى أنصار الانتفاضة المباركة وهي تزلزل أركان المحتلين، نطالبكم بالاستجابة الفورية لنداء ضمائركم، ودينكم، وإنسانيتكم، والوقوف وقفة صادقة حازمة إلى جانب الشيخ/ أحمد ياسين شيخ الانتفاضة، ومرشدها الروحي، الذي لم يمنعه شلله الكامل ولا أمراضه المزمنة من حمل الأمانة الثقيلة، خدمة لدينه وأمته وحقوق شعبه في الحرية والحياة الكريمة، منذ أربعة أشهر يقاسي أصناف البطش والعذاب، إنهم يعذبونه يوم أن رأوا بطولته الناصعة وهو يقود مواكب المجاهدين، أرعبهم بريق عيونه، تموج فيها سنابل قمح الجليل، وتهدر في صوته الصادق أمواج شاطئ يافا وعسقلان، فساموه العذاب، حتى تورم وجهه وتقرح، عذبوا ولده أمامه وضربوا تلاميذه فلم يستسلم، بجسده الهامد أطلق روح العزة في شباب فلسطين، بيديه المشلولتين بث العزم في السواعد الرامية، ما أثقل خطاه وهو المقعد! وما أعلى صوته وهو المريض! وما أقوى موقفه وهو الأسير! كم هو حرٌ في زنزانته، وكم هو حيٌ في قلوبنا.
أحمد ياسين الذي يحاصره الشلل والاحتلال هو الرمز الصادق لهذا الشعب، المحاصر من كل الجهات، نطالب بإثارة قضية أحمد ياسين في الصحافة، وفي اللقاءات الدبلوماسية، وفي جميع المحافل الدولية، وفي جميع وسائل الإعلام، وممارسة الضغط الشعبي من أجل الخروج عن الصمت إزاء هذه القضية، وإرسال الرسائل إلى الهيئات الدولية والحكومات والسفارات، ودور الصحة لتحريك قضية الشيخ/ أحمد ياسين .
إن أحمد ياسين تحرك بالنيابة عنا وتحمل العذاب من أجل عزتنا، فهل جزاؤه منا الصمت والخذلان، إن التاريخ لن يرحم الصامتين، والشعب كل الشعب في فلسطين في وحدة إسلامية ينتظر وقفتكم بجانب أحد أهم رموز وحدته، فهل سيطول انتظاره؟
ونداءٌ من منبر الدفاع عن الأقصى إلى شعبنا في فلسطين نطالبكم بالخروج في مسيرات، ومظاهرات صاخبة، للدفاع عن الشيخ/ أحمد ياسين، والمطالبة بالإفراج عنه، وسيستجيب الأطفال هناك في فلسطين، أنا أعلم أنهم سيستجيبون لهذا النداء
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة.
أحبابنا الكرام: نتلو على مسامعكم فقراتٍ من بيان حماس البيان رقم (47) الرقم الأخير جاءت فيه طلبات حماس :
الأول: الإضرابات: تحذر حماس الذين يطلقون الشائعات المشبوهة عن أيام الإضراب، إذ صار الناس يسمعون عن إضراب كل يوم مما نصنفه ضمن الحرب الاقتصادية التي يشنها العدو وعملاؤه ضد شعبنا الصابر لتعطيل شئونه الحياتية، وتدعو شعبنا إلى اليقظة وعدم الالتزام بالأيام التي يعلن عنها رسمياً في البيانات.
الثاني: الدراسة. تحيي حماس طلابنا البواسل نور الانتفاضة المباركة الذين يفشلون بإصرارهم على نيل حقهم سياسة التجهيل، وتؤكد لهم أن الدراسة لا تتعارض مع فعاليات الانتفاضة، بل تقويها وتدعمها في نفس الوقت، وتندد حماس بالتصرفات المشبوهة التي تقصد عرقلة التعليم، كضرب الطلاب والطالبات، ورفع المسدس والبلطات في وجه المدرسين والمدرسات.
الثالث: السجون. استجابةً لنداء معتقلي حركة المقاومة الإسلامية الموزع في الشهر الماضي تؤكد أن يد حماس الطويلة ستقطع كل يد تمتد إلى أحد عناصرها المجاهدة، وتدعو القيادة الموحدة التي تظهر الحرص على الوحدة أن تكون دعوتها ذات مضمونٍ حقيقي.
الرابع: الإعلام. تدعو حماس وسائل الإعلام العالمية أن تكون موضوعية في نقل الأخبار، ولا تطمس نشاطات الحركة، وتستنكر حماس الدور المشبوه الذي تقوم به بعض أجهزة الإعلام العربية الرسمية، وبعض الصحف المحلية التي تتجاهل فعاليات الحركة.
في هذه المناسبة التقيت مع بعض الإخوة القادمين من الجهاد في فلسطين ، يقول: لا أدري من أين تستمد أجهزة الإعلام الأخبار المصورة عن الانتفاضة والجهاد في فلسطين ، لا نرى إلا أناساً يجرون وخلفهم يهود، ونرى فتيات كاسيات عاريات، ولا نرى أثراً للإسلام، وهذا تآمر الإعلام على الجهاد في فلسطين ، الذين جاءوا ينقلون أخباراً غير هذه الأخبار ومشاهدات غير مشاهدات التلفاز، يقولون: والله إن صيحة الله أكبر لا تنقطع من أي شارع من شوارع فلسطين .
وأن الذين يجاهدون رجالاً كانوا أو نساءً ملتزمين بالزي الإسلامي الشرعي، وبلغ من الأمانة لو أن عقداً من الذهب ألقي في الشارع يمر عليه أسبوع لا تمتد إليه يد ولا يشير إليه إصبع.
ولا يوجد يهودي يستطيع أن يدخل القرى والأحياء التي فيها المسلمون المجاهدون وتطهرت منهم شوارعهم تماماً، والثمار والمحصولات التي كان يسلبها اليهود أصبحت الآن متوفرة في كل القرى الفلسطينية المجاهدة فأرضها مباركة تنتج طعامهم.
وإذا صارت حفلة زواج ووضع أهل الزوج أو الزوجة شريط كاسيت فيه أغاني ماجنة بعد لحظات يأتي طفل في السابعة من عمره، لا يلتفت إليه أحد وبهدوء يسأل أين والد العروس أو العريس؟ فيقولون: هذا، فيأخذه على جنب بهدوء ويقول: أطفئ شريط الأغاني الماجنة لو سمحت، أنا من قواد الانتفاضة -عمره سبع سنوات- جئتك منذراً، ضع أناشيد إسلامية إن شئت، ضع محاضرة عن حقوق الزوجة والعروسين إن شئت، الأغاني ممنوع، لك إنذار ساعة، فيقوم الوالد ويأخذ الشريط ويبدله ولا يوجد بيت يعاند، والذي يعاند يصبون عليه جام غضبهم ويجعلونه عبرة لمن يعتبر.
هذا في الضفة وفي غزة وفي معظم القرى الفلسطينية، لماذا لا تنقل أجهزة الإعلام هذا؟ لأنها عميلة، لأنها تستقي أخبارها من وكالات أنباء تتعامل مع أمريكا وروسيا والصهيونية العالمية واليهود.
هل سمعتم مذ بدأت الانتفاضة مجاهداً يجري خلف اليهود ويقول: الله أكبر الله أكبر؟ لا. لا تستمعون هذا أبداً.
خامساً: يوم الأحد (17/9/) إضراب شامل في ذكرى مجازر صبرا وشاتيلا .
سادساً: يوم الخميس (21/9/) يوم صيام تضامناً مع سجنائنا الذين يقبعون في أقبية الزنازين منذ أربعة أشهر مع الدعاء والابتهال إلى الله تعالى أن يفرج كربهم وكرب شعبنا الصابر.
سابعاً: تاريخ (28-29/9/) أيام مواجهات شاملة مع قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين.
ثامناً: يوم السبت (30/9/) إضراب شامل احتجاجاً على استمرار الاتصالات مع أمريكا ، والدور المشبوه التي تقوم به بعض الأنظمة العربية.
تاسعاً: (3-4/10/) أيام للشعارات والأعلام الفلسطينية المزينة بلا إله إلا الله، ولتستمر الانتفاضة حتى النصر: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40] والحمد لله والله أكبر.
حركة المقاومة الإسلامية حماس- فلسطين.
وجاءتني صورة هدية من أحد أبطال الانتفاضة قتل المجرمون من أسرته ما قتلوا، وكانت زوجه حاملاً فولدت وإذا بها تلد ثلاثة ذكور -إن الله يحارب اليهود بالقنبلة الذرية المتفجرة من الأرحام- وأرسل لي الصورة يقول: نذرتهم لله وللجهاد في سبيل الله، وللمسجد الأقصى، وقل لهم إنك تحبهم في الله.
أيها الأحباب الكرام: وهذه ليست الأسرة الأولى والأخيرة، الولادة في مستشفيات الولادة هناك مائة ولادة خمسة وسبعون منها ذكور، أسأل الله أن يهيئ لهذه البلاد ما لا يهيئه لغيرها، قال تعالى: اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200].
وجاءتني صورة من المغرب العربي أيام ما كانت تعقد مؤتمرات اليهود هناك، جاء جراد اجتاح الأخضر واليابس، وإذا بالناس يتفحصون الجراد وإذا جناح اليمين مكتوب عليه (جنود الله) بالعربي، وإذا الجناح الثاني مكتوب عليه (سنت الله) التاء مفتوحة كما هي مكتوبة في المصحف الشريف، والصورة عندي، وإذا هناك صحيفة تريد نشر هذه الصورة فهي موجودة، فجنود الله لا يعلمها إلا الله: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31].
اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم سدد رميهم، واجبر كسرهم، وفك أسرهم، واغفر ذنبهم، وحقق بالصالحات آمالنا وآمالهم، إنك على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ؛ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.