إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [314]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم قص بعض الشعر في الحج والتوكيل في رمي الجمرات

    السؤال: من الله علي وأديت فريضة الحج، أسئلتي: عندما تحللت من إحرامي في اليوم العاشر من ذي الحجة بعد رمي الجمرة الكبرى قصرت بعض شعري، ولم أكن أعلم بأن المقصود هو تقصير كل الشعر؟

    نقطة أخرى: في اليوم الحادي عشر وبعد رمي الجمرات الثلاث أرهقت إرهاقاً شديداً لا أستطيع معه السير، وخاصةً بأن صحتي ضعيفة لست مريضاً، ولم أكن أستطيع السير على الأقدام إلا بوضع الثلج فوق رأسي، وفي اليوم الثاني عشر وهو اليوم الثاني لرمي الجمرات الثلاث، أفادني أصحابي بأنني لا أستطيع رمي الجمرات لشدة الزحام والحر، وهذا فيه مشقة كبيرة علي خوفاً من أن يحدث لي مثل ما حدث بالأمس، فوكلت أحد أصحابي برمي الجمار نيابةً عني، وبعدها ذهب إلى طواف الوداع ثم إلى المدينة المنورة لزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والسؤال: هل حجي صحيح وهل يجب علي هدي لعدم تقصير الشعر، علماً بأنني لم أعلم بأن المقصود بتقصير الشعر هو الشعر كله، وإذا كان هناك هدي فكيف أذبحه ومتى، وبالنسبة لتوكيلي أحد أصحابي برمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، نظراً لما شرحته في ظروف صحتي، هل هو صحيح أم ماذا أفعل؟

    الجواب: أما ما يتعلق بتقصير شعر الرأس حيث إنك لم تقصر إلا جزءاً يسيراً منه جاهلاً بذلك ثم تحللت، فإنه لا شيء عليك في هذا التحلل لأنك جاهل، ولكن يبقى عليك إتمام التقصير لشعر رأسك.

    وإنني بهذه المناسبة أنصح إخواني المستمعين إذا أرادوا شيئاً من العبادات ألا يدخلوا فيها حتى يعرفوا حدود الله عز وجل فيها، لئلا يتلبسوا بأمرٍ يخل بهذه العبادة، فإنه كما قيل: الوقاية خير من العلاج! وخير من ذلك قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108] ، وقوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:9] ، فكونك تعبد الله عز وجل على بصيرة عالماً بحدوده في هذه العبادة، خير بكثير من كونك تعبد الله سبحانه وتعالى على جهل، بل مجرد تقليد لقوم يعلمون أو لا يعلمون.

    وما أكثر ما تقع هذه المشاكل من الحجاج والصوام والمصلين، يعبدون الله عز وجل على جهل ويخلون بهذه العبادات، ثم بعد هذا يأتون إلى أهل العلم ليستفتوهم فيما وقع منهم، فلو أنك تعلمت حدود الحج قبل أن تتلبس به لزال عنك إشكالات كثيرة، ونفعت غيرك أيضاً فيما علمته من حدود الله سبحانه وتعالى.

    وأعود فأقول: بالنسبة للتقصير يمكنك الآن أن تكمل ما يجب عليك فيه، لأن كثيراً من أهل العلم يقولون: إن التقصير والحلق ليس له وقت محدود، ولاسيما وأنت في هذه الحال جاهل، وتظن أن ما قصرته كافٍ في أداء الواجب، وأما بالنسبة لتوكيلك في اليوم الثاني عشر من يرمي عنك، فإذا كنت على الحال الذي وصفت في سؤالك: لا تستطيع أن ترمي بنفسك لضعفك وعدم تحملك الشمس، ولا تستطيع أن تتأخر حتى ترمي في الليل وترمي في اليوم الثالث عشر، ففي هذه الحال لك أن توكل، ولا يكون عليك في ذلك شيء، لأن القول الصحيح: أن الإنسان إذا جاز له التوكيل لعدم قدرته على الرمي بنفسه لا في النهار ولا في الليل، فإنه لا شيء عليه، خلافاً لمن قال: إنه يوكل وعليه دم، لأننا إذا قلنا بجواز التوكيل صار الوكيل قائماً مقام الموكل.

    وقول السائل: إنه بعد ذلك زار النبي صلى الله عليه وسلم، ولي على هذه الجملة ملاحظة: وهي أن الزيارة تكون لقبر النبي صلى الله عليه وسلم، أما النبي عليه الصلاة والسلام فإنه بعد موته لا يزار وإنما يزار القبر، ثم إن الأفضل لمن قصد المدينة أن ينوي بذلك الذهاب إلى المسجد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى )، فلا ينو قاصد المدينة السفر إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذا من القصود المنهي عنها إما تحريماً وإما كراهة، ولكن ينوي بذلك زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه، لأن الصلاة في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام خير من ألف صلاةٍ فيما عداه إلا المسجد الحرام.

    ثم بعد ذلك يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان معه في المكان أبو بكر و عمر ، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم على أبي بكر ثم على عمر ، ويزور كذلك البقيع وفيه قبر أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وقبور كثيرٍ من الصحابة، وكذلك يزور قبور الشهداء في أحد، وكذلك يخرج إلى مسجد قباء فيصلي فيه، فهذه خمسة أماكن في المدينة: المسجد النبوي.. قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبرا صاحبيه.. البقيع.. شهداء أحد.. مسجد قباء، وما عدا ذلك من المزارات في المدينة فإنه لا أصل له، ولا يشرع الذهاب إليه.

    1.   

    دعاء الإنسان لنفسه عندما يعتمر لغيره

    السؤال: أولاً أشكر الله سبحانه وتعالى على أن من علي بالحج، وبإذن الله سوف أقوم بتأدية العمرة، فبماذا تنصحونني في جميع أداء مناسك العمرة وواجباتها، علماً بأنني سوف أؤدي بمشيئة الله سبحانه وتعالى عمرة ثانية لوالدي المتوفى بعد أداء العمرة الخاصة بي، يقول: وهل يجوز الدعاء لنفسي أثناء تأديتي عمرة لوالدي؟

    الجواب: يجوز أن يدعو لنفسه في هذه العمرة ولأبيه ولمن شاء من المسلمين، لأن المقصود أن يأتي بأفعال العمرة لمن أرادها أفعاله، أما مسألة الدعاء فإنه ليس بركن ولا بشرطٍ في العمرة، فيجوز أن يدعو لنفسه ولمن كانت له هذه العمرة ولجميع المسلمين.

    1.   

    حكم تعليق الآيات القرآنية على الجدران

    السؤال: نرى كثيراً ما توضع لافتات ولوحات سواء أكانت من الورق أو القماش أو اللوحات الخشبية، ومكتوب عليها جميعاً آيات قرآنية، وتوضع على أبواب المساجد والعمائر والشوارع العامة، مما يعرض كلام الله سبحانه وتعالى للإهانة لا سمح الله بسبب سقوط هذه اللوحات على الطرق والمحلات القذرة، نرجو التوجيه من فضيلتكم بشأن هذا الموضوع الهام، لحماية كلام الله من التعرض للخطأ؟

    الجواب: هذا الأمر الذي أشار إليه السائل، وهو تعليق الآيات القرآنية على الجدران وأبواب المساجد وما أشبهها، هو من الأمور المحدثة التي لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح الذين هم خير القرون، كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم )، ولو كان هذا من الأمور المحبوبة إلى الله عز وجل لشرعه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن كل ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم فهو مشروع على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو كان هذا من الخير لكان أولئك السلف الصالح أسبق إليه منا.

    ومع هذا فإننا نقول لهؤلاء الذين يعلقون هذه الآيات: ماذا تقصدون من هذا التعليق: أتقصدون بذلك احترام كلام الله عز وجل؟ فإن قالوا: نعم، قلنا: لسنا والله أشد احتراماً لكتاب الله سبحانه وتعالى من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يعلقوا شيئاً من آيات الله على جدرانهم وجدران مساجدهم، وإن قالوا: نريد بذلك التذكير والموعظة، قلنا: لننظر إلى الواقع، فهل أحد من الناس الذين يشاهدون هذه الآيات المعلقة يتعظ بما فيها، قد يكون ذلك ولكنه نادر جداً، وأكثر ما يلفت النظر في هذه الآيات المكتوبة حسن الخط أو ما يحيط بها من البراويز أو ما أشبه ذلك والزخارف، ونادر جداً أن يرفع الإنسان رأسه إليها ليقرأها فيتعظ بما فيها.

    وإن قالوا: نريد التبرك بها، فيقال: ليس هذا طريق التبرك، والقرآن كله مبارك لكنه بتلاوته وتفقه معانيه والعمل به، لا بأن يعلق على الجدران ويكون في المتاحف، وإن قالوا: أردنا بذلك الحماية والورد، قلنا: ليس هذا طريق الحماية والورد، فإن الأوراد التي تكون من القرآن إنما تنفع صاحبها إذا قرأها، كما في قوله صلى الله عليه وسلم فيمن قرأ آية الكرسي في ليله: ( لم يزل عليه حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح ) .

    ومع هذا فإن كثيراً من المجالس التي تكتب فيها هذه الآيات قد يكون فيها اللغو، بل قد يكون فيها الكلام المحرم أو الأغاني المحرمة، وفي ذلك من امتهان القرآن المعنوي ما هو ظاهر.

    ثم إن الامتهان الحسي الذي أشار إليه السائل بأن هذه الأوراق قد تتساقط في الأسواق وعلى القاذورات وتوطأ بالأقدام هو أمر آخر أيضاً مما يجب أن ينزه عنه كلام الله عز وجل.

    والخلاصة: أن تعليق هذه الآيات إلى الإثم أقرب منه إلى الأجر، وسلوك طريق السلامة أولى بالمؤمن وأجدر، على أنني أيضاً رأيت بعض الناس يكتب هذه الآيات بحروف أشبه ما تكون زخرفة، حتى إني رأيت من كتب بعض الآيات على صورة طائر، أو حيوان، أو رجلٍ جالسٍ جلوس التشهد في الصلاة أو ما أشبه ذلك، فيكتبون هذه الآيات على وجه التصوير الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله.

    ثم إن العلماء رحمهم الله اختلفوا: هل يجوز أن ترسم الآيات برسم غير الرسم العثماني أو لا يجوز؟ اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال:

    منهم من قال: إنه يجوز مطلقاً بأن ترسم على القاعدة المعروفة في كل زمانٍ ومكانٍ بحسبه، ما دامت بالحروف العربية.

    ومنهم من يقول: إنه لا يجوز مطلقاً، بل الواجب أن ترسم الآيات القرآنية بالرسم العثماني فقط.

    ومنهم من يقول: إنه يجوز أن ترسم بالقاعدة المعروفة في كل زمانٍ ومكانٍ بحسبه للصبيان، لتمرينهم على أن ينطقوا بالقرآن على الوجه السليم، بخلاف رسمه للعقلاء الكبار، فيكون بالرسم العثماني، وأما أن يرسم على وجه الزركشة والنقوش أو صور الحيوان فلا شك في تحريمه.

    فعلى المؤمن أن يكون معظماً لكتاب الله عز وجل محترماً له، وإذا أراد أن يأتي بشيء على صورة الزركشة والنقوش فليأت بألفاظ أخر من الحكم المشهورة بين الناس وما أشبه ذلك، وأما أن يجعل ذلك في كتاب الله عز وجل فيتخذ الحروف القرآنية صوراً للنقوش والزخارف، أو ما هو أقبح من ذلك بأن يتخذها صوراً لحيوان أو للإنسان، فإن هذا قبيح محرم والله المستعان.

    مداخلة: نشاهد البعض من الناس يضعون الوريقات على سياراتهم وعلى أبوابهم كدعاء الخروج.. دعاء الجلوس، الأدعية التي عن الرسول أيضاً؟

    الشيخ: هذا لا أظن فيه بأساً لأنه تذكير للناس، وكثير من الناس لا يحفظون هذه الأدعية، فإذا كتبت أمامهم سهل عليهم تلاوتها وقراءتها، ولا حرج في هذا، مثل أن يكتب الإنسان في مجلسه دعاء كفارة المجلس حتى ينبه الجالسين إذا قاموا أن يدعوا الله سبحانه وتعالى بذلك، وكذلك ما يكون في الملصقات الصغيرة أمام الراكب في السيارات من دعاء الركوب والسفر، فإن هذا لا بأس به.

    1.   

    حكم استخدام السبحة

    السؤال: هل السبحة تعتبر بدعة، وهل هي بدعة حسنة أم بدعة ضلالة؟

    الجواب: السبحة ليست بدعة دينية، وذلك لأن الإنسان لا يقصد التعبد لله بها، وإنما يقصد ضبط عدد التسبيح الذي يقوله أو التهليل أو التحميد أو التكبير، فهي وسيلة وليست مقصودة، ولكن الأفضل منها أن يعقد الإنسان التسبيح بأنامله، أي: بأصبعه؛ لأنهن مستنطقات، كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن عد التسبيح ونحوه بالمسبحة يؤدي إلى غفلة الإنسان، فإننا نشاهد كثيراً من أولئك الذين يستعملون المسبحة، فنجدهم يسبحون وأعينهم تدور هنا وهناك، لأنهم قد جعلوا عدد الحبات على قدر ما يريدون تسبيحه أو تهليله أو تحميده أو تكبيره، فتجد الإنسان منهم يعد هذه الحبات بيده وهو غافل القلب يلتفت يميناً وشمالاً، بخلاف ما إذا كان يعدها بالأصابع فإن ذلك أحفظ لقلبه غالباً.

    الشيء الثالث: أن استعمال المسبحة قد يدخله الرياء، فإننا نجد كثيراً من الناس الذين يحبون كثرة التسبيح يعلقون في أعناقهم مسابح طويلة كثيرة الخرزات، وكأن لسان حالهم يقول: انظروا إلينا فإننا نسبح الله بقدر هذه الخرزات! وأنا أستغفر الله أن أتهمهم بهذا لكنه يخشى منه.

    فهذه ثلاثة أمور كلها تقضي بأن يتجنب الإنسان التسبيح بالمسبحة، وأن يسبح الله سبحانه وتعالى بأنامله.

    ثم إن الأولى أن يكون عقد التسبيح بالأنامل في اليد اليمنى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه، واليمنى خير من اليسرى بلا شك، ولهذا كان الأيمن مفضلاً على الأيسر، ونهى النبي عليه الصلاة والسلام أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بشماله، وأمر أن يأكل الإنسان بيمينه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( يا غلام! سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك )، وقال: ( لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشربن بشماله، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله )، فاليد اليمنى أولى بالتسبيح من اليد اليسرى اتباعاً للسنة وأخذاً باليمين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله.

    وعلى هذا: فإن التسبيح بالمسبحة لا يعد بدعة في الدين، لأن المراد بالبدعة المنهي عنها هي البدعة في الدين، والتسبيح بالمسبحة إنما هو وسيلة لضبط العدد، وهي وسيلة مرجوحة مفضولة، والأفضل منها أن يكون عد التسبيح بالأصابع.

    1.   

    تقييم كتاب أبي الليث السمرقندي

    السؤال: قرأت كتابًا عن عقوبة أهل الكبائر لمؤلفه أبي الليث السمرقندي ، ومن ضمن ما قرأته الأربع صفحات الأخيرة من الكتاب وهو موضوع مواصفات الجنة وأهوال يوم القيامة، مما جعلني أبكي من شدة ما سمعت ولا أستطيع شرح ما قرأته لأنه طويل، ولكن ربما مر عليكم هذا الكتاب يا فضيلة الشيخ وقرأتموه، فما رأيكم في هذا الكتاب، وهل ما ورد فيه صحيح؟

    الجواب: هذا الكتاب فيه الكثير من الأشياء التي لا تصح، ولهذا لا أنصح إخواني بقراءته إلا رجلًا كان عنده علم شرعي يميز الصحيح من الضعيف والسقيم من السليم فلا بأس، وفي هذه الحال يحسن إذا قرأه أن يعلق على الضعيف منه وعلى السقيم، ويبين ضعفه وسقمه حتى لا يغتر الناس به، وهكذا نقول في كل كتابٍ يكون فيه الصحيح والضعيف: لا ننصح أحداً بقراءته إلا رجلاً كان عنده علم شرعي فلا حرج أن يقرأه، ولكن ينبغي أن يعلق على الضعيف والسقيم حتى لا يغتر الناس به.

    ولست بقولي هذا أتحجر على الناس ألا يقرءوا الكتب، ولكني أقول لإخواني المسلمين: إن في الكتب المعتمدة الصحيحة ما فيه الكفاية والاستغناء عن هذه الكتب التي تشتمل على هذه الأشياء الضعيفة، وليعلم أن كثيراً من كتب الوعظ تشتمل على كثير من الأحاديث الضعيفة، وذلك استناداً إلى قول ما ذهب إليه بعض أهل العلم من التساهل في الأحاديث الضعيفة في باب الفضائل أو الزواجر، نظراً إلى أنها إذا كانت في الفضائل تزيد الإنسان رغبة في الخير، وإذا كانت في الزواجر تزيده رهبةً من الشر.

    ومع ذلك فإن هؤلاء الذين يرخصون في الأحاديث الضعيفة من أهل العلم يشترطون لها شروطاً: وهي ألا يكون الضعف شديداً، وألا يعتقد الإنسان أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها، وأن يكون لها أصل ثابت في الشرع، مثال ذلك: لو ورد حديث فيه التخويف من الزنا وهو حديث ضعيف، فعند هؤلاء العلماء لا بأس من ذكره بشرط ألا تعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، وذلك لأن الزنا ثبت التحذير منه في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، فذكر هذا الوعيد فيه يزيد الإنسان نفورًا منه، والنفور من الزنا أمر مطلوب للشرع، ثم إن ثبت هذا العقاب للزاني فإنه يكون قد فعل هذه الفاحشة على بصيرة، وإن لم يثبت فإنه لم يزدد إلا نفوراً من هذا الفعل المحرم وذلك لا يضره، كذلك لو جاء حديث ضعيف يرغب في صلاة الجماعة، فإن أجر صلاة الجماعة ثابت بالسنة الصحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام والأمر بصلاة الجماعة ثابت في كتاب الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756003623