إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 7للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من سنة الله في خلقه أنه إذا انقطع الوحي، وتطاول العهد على الناس جهلوا وضلوا، وقد كان العرب على الحنيفية، وأول ما بدأ فيهم الشرك أنهم كانوا إذا خرجوا من الحرم أخذوا معهم أحجاراً من أحجار الحرم فإذا نزلوا منزلاً نصبوها وطافوا بها، فلما تصرمت الأجيال الأولى جاءت بعدهم أجيال نظرت إلى هذه الأحجار على أنها آلهة، وأما الأصنام والتماثيل فأول من جاء بها إلى أرض العرب عمرو بن لحي فعبدت الأصنام من يومها إلى أن جاء الإسلام.

    1.   

    الحالة الدينية في بلاد العرب قبل الإسلام

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد.

    فيقول المؤلف غفر الله له ولكم، ورحمه وإياكم وسائر المؤمنين: [الحالة الدينية في بلاد العرب] أي قبل البعثة النبوية، وقبل طلوع الشمس المحمدية.

    قال: [إن مما لا شك فيه أن هاجر أم إسماعيل] وقد عرفنا من هي هاجر ومن هو إسماعيل [كانت مسلمة] لما أهداها ملك مصر إلى سارة -زوج إبراهيم عليه السلام وابنة عمه- أهدتها هي إلى زوجها إبراهيم، وهل يمكن أن تبقى كافرة وهي تعيش في دار النبوة؟ هذا لا يعقل ولن يكون [وأن ولدها إسماعيل كان مسلماً كأبيه إبراهيم وكأمه هاجر، وأن الله تعالى نبأه وأرسله] أي: نبأ إسماعيل لما بلغ سن التكليف، وأرسله لما بلغ -سنة الله في الإرسال- أربعين سنة، فهو نبي ورسول [رسولاً إلى أهل بيته من زوجة وولد، وإلى أخواله وجيرانه من قبيلة جرهم اليمانية] وقد عرفنا كيف نزلت هذه القبيلة من أجل الماء -ماء زمزم- وأصبحت من أهل الدار، فالرسالة للجميع إذاً، لكن لم تخرج عن دائرة هذه المنطقة، فما أرسل عليه السلام إلى آخرين.

    قال: [وأن دين الله -وهو الإسلام- قد عمهم وانتظم حياتهم زمناً طويلاً لا يُعرف منتهاه] ما استطاع مؤرخ أن يقول: بعد ما مضى ثلاثمائة سنة -مثلاً- انقطع النور النبوي من إسماعيل، ولا يدري أحد، وعلى كلٍ كان زمن غير قصير وهم يعيشون على النبوة والوحي والإسلام.

    قال: [وكما هي سنة الله تعالى في الناس، إذا انقطع الوحي عنهم جهلوا وضلوا] هذه سنة الله في البشرية، إذا انقطع الوحي، وانقطع رجاله وأهله والعالمون به انتظم الناس الجهل، وأصيبوا بالشرك والكفر [كالأرض إذا انقطع عنها الغيث -المطر- أمحلت وأجدبت، وتحولت خضرتها ونضارتها إلى قترة وظلام يجهل فيه الإنسان ذاته ويتنكر فيه لعقله] إذا لم يوجد في القرية عالم ومضى عليها أعوام وهي كذلك فإن أهلها يصابون بالجهل والظلام، كالأرض التي انقطع عنها المطر فإنها تجدب. ولو عرف الكافرون والمشركون ذواتهم ما أدخلوها في جهنم، ولا باعوها رخيصة للشيطان، ولكنه الجهل.

    ذكر أول ما بدأ الشرك في العرب المستعربة من ولد إسماعيل

    قال: [وأول ما بدأ الشرك في العرب المستعربة من ولد إسماعيل، أنهم كانوا إذا خرجوا من الحرم لطلب الرزق، أخذوا معهم حجارة من الحرم] يتوسلون بها، أو حتى لا ينسوا أنهم من جيران الحرم [فإذا نزلوا منزلاً وضعوها عندهم وطافوا بها طوافهم بالبيت، ودعوا الله عندها، وإذا رحلوا أخذوها معهم، وهكذا] من زين لهم هذا؟ إنه الشيطان حسّن لهم هذا العمل، فكانوا يأخذون الحجارة من الحرم يتوسلون بها إلى ربهم، ويضعونها حيث نزلوا، ويطوفون بها كما يطاف بالبيت. وما هو الفرق؟ بل هذا يدل على عمق إيمانهم، فكانوا إذا رحلوا أخذوها معهم، وهذا كله من وحي الشيطان وتزيينه. وكانت هذه هي بداية الفتنة.

    قال: [وبموت من أحدث لهم هذا الحدث، وبمرور الزمان -نشأ جيل جاهل ينظر إلى تلك الأوثان من الحجارة وأنها آلهة يتقرب بها إلى الله رب البيت والحرم. فكان هذا مبدأ الوثنية في أولاد إسماعيل من العدنانيين] هذه هي البداية؛ ولكن كم كان بينها وبين زمن إسماعيل عليه السلام؟! الله أعلم.

    ذكر أول من أتى بالأصنام والتماثيل إلى الديار الحجازية

    قال: [أما الأصنام والتماثيل] التي وجدت عند العرب [فإن أول من أتى بها من الشام إلى الديار الحجازية هو عمرو بن لحي الخزاعي ] عليه لعائن الله، والأصنام تكون في شكل إنسان أو حيوان، وأول من جاء بها إلى أرض العرب عمرو بن لحي الخزاعي من الشام [إذ سافر مرة من مكة إلى الشام، فرأى أهل الشام يعبدون الأصنام. فسألهم قائلاً: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا: نعبدها، نستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا. فقال لهم: أفلا تعطوني منها صنماً فأذهب به إلى بلاد العرب فيعبدوه؟ فأعطوه صنماً يقال له: هُبل، وهو الذي نصبوه حول الكعبة وبقي حولها إلى يوم الفتح الإسلامي، حيث حطم مع ثلاثمائة وستين صنماً] والذي حطمها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة [وأُبعدت، فطهر البيت الحرام، وطهرت مكة والحرم منها والحمد لله رب العالمين. وكان عمرو بن لحي الخزاعي محترماً في مكة مقدساً عند أهلها] فلهذا قبلوا هديته، وأذعنوا لما قدم لهم [يشرع لهم فيقبلون شرعه، ويبتدع لهم فيحسنون بدعته، فكان أول من بدل دين إبراهيم وإسماعيل في الحجاز].

    أول من بدل دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في الحجاز هو هذا الطاغية: عمرو بن لحي الخزاعي فكيف هو مصيره؟!

    قال: [ويشهد بهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح: ( رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار )].

    الرسول صلى الله عليه وسلم عرضت عليه الجنة والنار عدة مرات، أما الجنة فقد وطئها بأقدامه الشريفة، والنار لم يدخلها ولكنها تعرض عليه عرضاً، وآخر عرض كان هنا في المسجد النبوي، قبل أن تعرف الدنيا شاشة التلفاز أو الفيديو، كان ذلك -والله العظيم- وهو يصلي بالمؤمنين بذاك المحراب، فإذا به يتقدم ويقول بيديه هكذا. ثم في الركعة الأخرى يتراجع القهقرى ويشيح بوجهه هكذا، فسألوه بعدما انتهت الصلاة، فقال: ( عرضت علي الجنة ).

    ولا يكذب بهذا الآن إلا أحمق ولا وجود له؛ لأن التلفاز الآن تشاهد فيه أمريكا من بيتك، يقول صلى الله عليه وسلم: ( عرضت علي الجنة، ورأيت قطوفاً من العنب فهممت أن آخذ منه، ولو أخذته لأكلتم منه الدهر كله )؛ لأنه غير قابل للفناء، شأنها شأن الدار الآخرة، ( وعرضت علي النار ) ولكن ليست كالتلفاز باردة، وإنما لهبها، فكان يشيح بوجهه من شدة الحر، قال: ( ورأيت أكثر أهلها النساء )، بشراكن يا بنات آدم! وصدق أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، فالجرائم والموبقات والشر والفساد عوامله الدينار والمرأة، ومن أراد أن يتحدى الشيخ يتفضل في مجلس غير هذا. وليس معنى هذا: أن كل المؤمنات في النار، لا أبداً، وإنما قليل أولئك الصالحات.

    إذاً: هذا العرض النبوي الشريف كان في محرابه هذا، ولو نطق الآن لأخبركم.

    قال صلى الله عليه وسلم: ( رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه ) أي: أمعاءه ومصارينه، فبطنه كان مسلوخاً مكشوفاً وهو يجره في النار.

    قال: [( إنه كان أول من غير دين إسماعيل فنصب الأوثان )].

    أول من غير وبدل دين إسماعيل هو عمرو بن لحي ، فرئي في النار وهو يسحب أمعاءه أمامه؛ لأنه أول من بدل الدين الحق.

    قال: [( وبحر البحيرة، وسيب السائبة، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي .. )] وهذه كلها طقوس أو بدع شرعها الشيطان على لسان عمرو بن لحي .

    فالبحيرة: هي الناقة أو الشاة تلد عشرة أولاد أو عشرة أبطن، فيقول لهم الشيطان: هذه يكفيها وخلوها للآلهة، شقوا أذنيها واتركوها فلا تركبوا ولا تحلبوا. هذه هي البَحيرة وليست البُحيرة.

    والسائبة هي: الإبل أو الغنم تلد أعداداً من المواليد .. فيقولون: سيبوها للآلهة، لا تحلبوا ولا تركبوا.

    والوصيلة هي: التي تصل كذا ولد بولد، فيقولون: هذه واصلت كذا، فاتركوها للآلهة.

    والحام هو: الجمل الكبير؛ يحمونه للآلهة أيضاً، فإذا طرق كذا أنثى وأنجب بطرقه كذا.. قالوا: هذا خلوه للآلهة، فيحمونه، لا يركبونه ولا يبيعونه ولا يأكلونه. لم؟ لأنه للإله، وهذا قد جاء في سورة المائدة، إذ قال تعالى: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [المائدة:103].

    ذكر الأصنام في بلاد العرب وبيان أسمائها ومواقعها والقبائل التي كانت تعبدها

    قال: [وبمقتضى بدعة عمرو بن لحي في جلب الأصنام إلى الحجاز من الشام انتشرت الأصنام في بلاد العرب، وهذا بيان أسمائها ومواقعها والقبائل التي كانت تعبدها، كما ذكر ذلك ابن إسحاق وغيره من المؤرخين: أولاً: سواع].

    وسواع ذكر في سورة نوح عليه السلام، قال الله عز وجل: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح:23] أي: كيف تتركون آلهتكم من أجل هذا الرجل؟ [بِرهاط] مكان يقال له بِرهاط [بساحل ينبع، تعبده قبيلة هذيل المضرية] هذا هو إلهها الخاص.

    [ثانياً: ود]. وُد أو وَد فيه قراءتان [بدومة الجندل شمال المدينة قريباً من الشام، تعبده كلب القضاعية] هذا كان بدومة الجندل تعبده كلب القضاعية.

    [ثالثاً: يغوث: بـجُرش يعبده أهل جرش، وهم بمخاليف اليمن جنوب مكة المكرمة] وإلى الآن يقال فلان الجرشي، فجرش معروفة.

    [رابعاً: يعوق: بأرض همدان من أرض اليمن، تعبده قبيلة خيوان، وهم بطن من همْدان] أو همَدان [وفيه يقول قائلهم:

    يريش الله في الدنيـا ويبري ولا يبري يعوق ولا يريش]

    هذا رجل عرف الحق فكفر بهذا الإله الباطل، قال: لا يريش ولا يبري، والله هو الذي يريش ويبري.

    [خامساً: نسر: بأرض حمير من اليمن، وتعبده قبيلة ذو الكلاع من حمير].

    هذه هي الخمسة أصنام التي كانت على عهد نوح عليه السلام.

    [سادساً: عميانس] وقيل هو تحريف عمّ أنس، أو عم أنس، ركبوها بهذا التركيب [بأرض خولان، تعبده قبيلة خولان اليمانية، وهم الذين قسموا له أنعامهم وحروثهم، ونزل الله فيهم قول الله تعالى من سورة الأنعام: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الأنعام:136]] أي: قبُح هذا الحكم.

    وهذه انتقلت إلى بلاد الإسلام، فعندنا الرجل إذا أراد أن يغرس نخلاً أو زيتوناً، فلابد وأن يقول: هذه لسيدي فلان، أو إذا أراد أن يتجر في الغنم فإنه يشتريه ثم يقول: هذه نعجة سيدي فلان، بل حتى المرأة إذا أرادت أن يفقس بيض الدجاجة فإنها تعلِّم على أحد البيض بالسواد وتقول: هذه بيضة سيدي فلان؛ حتى يباركها.

    فإذا أثمرت النخلة التي وُهبت للسيد عبد القادر أو لغيره فإنه يعطيها لعبدة السيد، وإذا لم تثمر فإنه قد يعوضها، أما في الجاهلية إذا قالوا: هذه شاة هُبل، أو هذه زيتونته أو نخلته، فإنهم يجعلون لله شيئاً مقابل الصنم، أما نحن فلا.

    مثال آخر: إذا اشترى الرجل منا قطيعاً من الغنم في آخر الشتاء؛ نظراً إلى الخصوبة والعام الجيد، عسى أن تلد هذه الغنم وتصبح المائة مائتين، فإنه يقول: هذا شاة سيدي عبد القادر أو البدوي أو العيدروس أو حسن أو فاطمة حسب من كان عندهم من الأولياء، ولا يجعل لله مقابلاً فيقول: وهذه لله، أبداً!

    أو إذا غرس خمسمائة نخلة -مثلاً- فإنه يقول: هذه النخلة لسيدي فلان، وبالمقابل فإنه لا يقول: هذه النخلة لله.

    إذاً: مشركو الجاهلية أفضل من مشركي الإسلام، عقلاً وفهماً. فهؤلاء أمامكم: لا يجعلون لله نخلة جعلوا مثلها للصنم، والمشرك يقول: هذه لله وهذه للات!!

    وانظر كيف عابهم الله، من حيث إذا كان الذي جعلوه لله أنتج والذي جعلوه للآلهة ما أنتج، فإنهم يحولون الذي لله إلى الآلهة، وإذا الذي جعلوه لله ما أنتج وأنتج الذي للآلهة فإنهم لا يحولونه لله، فعابهم الله في هذا، وتأملوا الآية: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ [الأنعام:136] لأن الله لم يشرع هذا وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ [الأنعام:136] ثم قال الله: سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الأنعام:136] أي: هذا حكم باطل.

    والحمد لله! انتشرت دعوة التوحيد وانتهت هذه الظلمات، وإلا -والله- كان الوضع كما تسمعون.

    [سابعاً: سعد: بأرض ملكان بن كنانة المضرية وتعبده قبيلة مِلكان، وفيه يقول شاعرهم:

    أتيانا إلى سعد ليجمع شملنا فشتتنا سعد فلا نحن من سعد

    وهل سعد إلا صخرة بتنوفة من الأرض لا تدعو لغي ولا رشد].

    هذا رجل جاء بإبله وأراد أن يباركها عند سعد، فجمع إبله كاملة حول الصنم، فلما رأت الإبل ما رأت من الذبائح حوله والدماء ملطخة به -لأنه يُعبد- شردت، وما كاد أن يجمعها صاحبها إلا بعد أربع وعشرين ساعة؛ فمن ثم أنشد فقال:

    أتيانا إلى سعد ليجمع شملنا فشتتنا سعد فلا نحن من سعد

    أي: تبرأنا منه.

    وهل سعد إلا صخرة بتنوفة من الأرض لا تدعو لغي ولا لرشد؟!

    والتنوفة: هي قطعة الأرض الخالية.

    [وذلك أن هذا الشاعر أقبل بإبل مؤبلة] أي: كبيرة كثيرة مجموعة [ليقفها على سعد (الصنم) رجاء بركته، فلما رأته الإبل -وكان ملطخاً بدم القربان- نفرت الإبل وشردت فذهبت كل مذهب، فأخذ صاحبها حجراً -وهو غضبان- وضرب سعداً الصنم، وقال له: لا بارك الله فيك نفرت عليَّ إبلي، ثم طلب إبله وجمعها بعد تفرقها، ثم أنشد يقول: أتيانا إلى سعد ليجمع .. إلخ].

    وهذا مثل أعرابي آخر كان له إله في شعب من الشعاب، أو في وادٍ من الأودية يأتيه عند الحاجة، فجاء يوماً مكروباً عليه ديون أو كذا، فلما دنا -قرب- من الصنم وجد ذئباً أو ثعلباً شاغراً رجله يبول على صنمه، فوقف طويلاً يفكر ثم قال:

    أرب يبول الثعلبان برأسـه لقد ذل من بالت عليه الثعالب!

    أي: والله ما أرجع إليك. وتركه الدهر كله.

    [ثامناً: ذو الخلصة] وهذا له شأنه [بتبالة جنوب مكة ببلاد اليمن، وكانت تعبده دوس وخثعم وبَجيلة] هذا صنم عظيم يشترك فيه ثلاث قبائل هي: دوس وبجيلة وخثعم [وهذا الصنم بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي فهدمه عندما نصر الله دينه ورسوله والمؤمنين فلله الحمد رب العالمين].

    [تاسعاً: إساف ونائلة: وهما صنمان كانا بالكعبة، ثم وضعا على الصفا والمروة كانت تعبدهما قريش]، أخرجوهما من الكعبة ووضعوا واحداً على الصفا والثاني على المروة [من جملة أصنامها] المئات [ويروى أن أصلهما كان رجلاً وامرأة من جرهم] القبيلة التي كانت تسكن الحرم [فَجَرَا في داخل الكعبة] زنى الرجل بالمرأة في داخل الكعبة، وليس هناك غرابة في هذا أبداً، فكم من امرأة الآن تشتكي أن هناك من يؤذيها وهي تطوف.

    [فمسخهما الله تعالى، فالرجل يدعى: إسافاً ، والمرأة تدعى: نائلة . ولما جاء الإسلام تحرج أناس من السعي بين الصفا والمروة لمكان إساف ونائلة منهما] كيف يسعون بين صنمين [فرفع الله ذلك الحرج بقوله عز وجل من سورة البقرة: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158]] أي: وإن كان هناك صنمان لا يحل عبادتهما، فالمقصود: هو السعي بين الصفا والمروة. فأذهب الله ما وجد بعض الناس من مضايقة نفسية وحرج.

    [عاشراً: العزى: وكانت بنخلة عن يمين الصاعد إلى العراق من مكة، وكان سدنتها وحجابها بنو شيبان من سليم حلفاء بني هاشم، وكانت تعبد وتقدس تقديس البيت الحرام.

    الحادي عشر: اللات: وكانت بالطائف، وكانت ثقيف تعبدها، ومنهم سدنتها وحجابها.

    الثاني عشر: مناة: وكانت على ساحل البحر من ناحية المشلل قرب قديد، وتعبدها قبيلتا الأوس والخزرج، ومن دان بدينهم من أهل يثرب] أي: المدينة [ولما جاء الإسلام وانتصر التوحيد على الشرك، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان أو علي بن أبي طالب رضي الله عنهما فهدمها.

    الثالث عشر: فِلس] ليس الفِلس المعروف، وإنما هو صنم على صورة إنسان بجبل [بجبلي طيء، وهما سلمى وأجا من أرض طيء شمال الحجاز، قريباً من حائل المدينة المعروفة اليوم، كانت تعبده طيء بأنواع من العبادات كالهدي إليه، والاستسقاء به، والائتمان بساحته. وبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فهدمه، وكان شبه إنسان لاصق بجبل أجا].

    [الرابع عشر: رئام: وهو بيت لحمير بصنعاء من اليمن يعظمونه وينحرون عنده، وتكلمهم الشياطين عنده؛ لفتنتهم] أي: تشجعهم على الباطل بالكلام معهم.

    [الخامس عشر: رُضاء: وهو ببيت أيضاً لبني ربيعة بن كعب بن زيد مناة بن تميم. ولما جاء الإسلام هدمها المستوغر بن ربيعة وهو يقول:

    ولقد شددت على رُضاء شدة فتركتها قفراً بقاع أسحما].

    [السادس عشر: ذو الكعبات: وهو بيت لبكر وتغلب ابني وائل وإياد ، وكان بسنداد، وهي منازل لـإياد أسفل أسوار الكوفة، وفيه يقول أعشى بن قيس بن ثعلبة :

    بين الخورنق والسدير وبارق والبيت ذي الكعبات من سنداد]

    والخورنق هو بيت أو قصر بني للنعمان حاكم تلك البلاد، ولما بني له كان أبدع بناء عُرِف، فخاف أن يبني من بناه له لغيره، فأخذه ورماه من أعلاه إلى أسفله فقتله؛ فلهذا يقال: جزاه جزاء سنمار ؛ لأن الباني هذا أو المهندس كان يقال له سنمار ، فلما خاف النعمان أن يبني للفُرس أو لغيره من الأعاجم مثله قال لعماله: خذوه وارموه به من أعلى إلى أسفل وقولوا: سقط. فأجري هذا مجرى المثل: جزاه مجازاة سنمار .

    1.   

    عمل العرب مع أصنامهم

    قال: [عمل العرب مع أصنامهم: أكثر ما يعمله العرب مع أصنامهم أن أحدهم إذا أراد السفر توجه إلى صنمه فتمسح به، ثم سافر. وإذا عاد من سفره أول ما يبدأ به يتمسح بصنمه ثم يدخل على أهله] هذا ما كانوا يستفيدونه من الصنم، التمسح والوقوف عليه والزيارة، وكانوا أيضاً يذبحون له الذبائح تقرباً إليه.

    1.   

    نتائج وعبر من الحالة الدينية في بلاد العرب قبل الإسلام

    [نتائج وعبر: إن لهذه المقطوعة من السيرة العطرة لها نتائج وعبراً نوجزها فيما يلي: ]

    أولاً: بيان منشأ الشرك في العرب المستعربة

    [أولاً: بيان منشأ الشرك في العرب المستعربة، وهو نقلهم الحجارة من الحرم للتبرك بها والطواف] ويوجد الآن بعض الحجاج يأخذون الحجر من الحرمين إلى بلادهم، وقد أنكر عليهم أهل العلم ذلك، ماذا تصنع بحجر تأخذه من مكة أو المدينة؟! قد يتسبب في الشرك بمرور الزمن.

    [ولذا وجب سد هذه الذريعة فلا ينقل شيء للتبرك به، حتى إن عمر رضي الله عنه قطع شجرة بيعة الرضوان؛ مخافة أن تعبد بمرور الزمان]، والشجرة تلك نِعم الشجرة، جلس تحتها الرسول صلى الله عليه وسلم، وبايع ألفاً وأربعمائة رجل، وفي القرآن الإشادة بها: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح:18] لكن لما جاءت خلافة عمر ومر فشاهد الناس يتسابقون إليها أمر بقطعها رضي الله عنه، وهذا هو باب سد الذرائع.

    [اللهم إلا ما كان من آثار النبي صلى الله عليه وسلم كشعره أو ثوبه أو سلاحه] هذا أجازه الصحابة، وتنافسوا فيه، فعندما حلق أبو طلحة في منى للنبي صلى الله عليه وسلم، أعطاه الرسول ذاك الشعر هدية، وقال له: وزعه، فأسعدهم من ظفر بشعر النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك ثوب الرسول (البردة)، تناقلها الخلفاء حتى انتهت إلى العثمانيين، وسيفه كذلك صلى الله عليه وسلم.

    فأي: آثار للنبي صلى الله عليه وسلم محمودة، لا ينازع فيها أحد، كيف لا وهو إذا تفل تلقى أصحابه تفالته بأيديهم ومسحوا بها وجوههم؟! أما ما عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يؤخذ منه قلم ولا ثوب ولا نعل ولا غير ذلك .. لما يتسبب فيه من عبادة غير الله.

    [ولم يبق من ذلك شيء لمرور الزمان الطويل].

    ثانياً: طاعة عمرو بن لحي وتعظيمه والغلو فيه هو الذي جرأه على نقل الأصنام

    [ثانياً: طاعة عمرو بن لحي وتعظيمه والغلو فيه هو الذي جرأه على نقل الأصنام لهم وأمرهم بعبادتها، ولذا وجب التحذير من الغلو في المشائخ، وعدم قبول قولهم وطاعة أمرهم إلا ببرهان من كتاب أو سنة يدل على ذلك ويأمر به] وقد عُبد مشائخ الطرق عندنا، يُسجد لهم سجوداً، وسبب هذا هو الجهل.

    ثالثاً: عبادة العرب لآلهة قوم نوح بعد مرور القرون الطويلة أمر عجب

    [ثالثاً: عبادة العرب لآلهة قوم نوح بعد مرور القرون الطويلة أمر عجب] ذكرنا: يغوث، ويعوق، وود، ونسر بين أصنام العرب على ما بينهم وبين قوم نوح من قرون عديدة [إلا أنه لا عجب] عندما عبد يعوق ونسر [مع خبث الشياطين، ومكرهم ببني آدم لإغوائهم وإهلاكهم، إنهم -كما زينوا لقوم نوح عبادتهم فعبدوهم- زينوا كذلك للعرب عبادتهم فعبدوهم. ولا عجب، فإننا في ديار القرآن والإسلام، وزين الشيطان لإخوان لنا عبادة يعوق ونسراً] وهذا في خارج القرية التي ولدنا فيها وعرفناها بحوالي كيلو متر واحد [إذ كان لأهل قرية صغيرة تلان أحدهما يسمونه يعوق، والثاني نسراً] لكنهم كانوا يقولون: يعوب، أي: يقلبون القاف باءً، فإذا انقطع المطر وأجدبت الأرض خرجوا بنسائهم وأطفالهم ولحومهم وطعامهم، وأقاموا هناك موسماً يصرخون فيه ويستغيثون وينادون، ثم يعودون فيمطرون، فإذا سُقوا قالوا: سقينا بيعوق ونسر، واستمر ذلك حتى جاء الشيخ الطيب من المسجد النبوي -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- وحارب الشرك والوثنية، فاستحوا بعد ذلك ونسوهم، ولم يبق من يعرف كيف يُعبدون، لكن المكان موجود، فيعوق ونسر جبلان.

    فلا عجب أن الشيطان الذي أغوى آدم وحواء، وأخرجهما من دار السلام، وحُكم عليه بالخسران الأبدي من أجلهما، ألا يتساهل مع بني آدم ويسمح لهم أن يعبدوا الله فيدخلوا الجنة! وقد قالها في صراحة أمام الله عز وجل: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص:82]، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [الحجر:40]، وهل يكون العبد مُخْلِصاً أو مخلَصاً بدون علم؟! تقرر وأصبح من الضروريات أن ولاية الله عز وجل لا تتحقق لعبد جاهل أبداً، لا يمكن أن يكون لله ولي جاهل. لم؟ ما هي العلة؟

    لأنه ما اتخذ الله ولياً جاهلاً إلا علَّمه؛ لأن ولاية الله تتحقق بالإيمان الصحيح والعمل الصالح، مع اجتناب الشرك والمعاصي، فالجاهل الذي لا يعرف كيف يعبد الله، وبمَ يعبده، ولا يعرف ما حرم الله ولا ما كره، أنى له أن يتقرب إلى الله بشيء؟! فمن المستحيل أن يكون الجاهل ولياً الله، ولهذا طلب العلم فريضة، ولا يحل لمؤمن أو مؤمنة أن يعيش زمناً وهو لا يعرف محاب الله ومكارهه.

    [وكانوا إذا انقطع المطر عليهم وقحطوا خرجوا إليهما، وقدموا لهما شيئاً قرباناً واستغاثوا بهما؛ فإذا أمطروا -بقدر الله- قالوا: مُطرنا باستغاثتنا بيعوق ونسر].

    رابعاً: بناء الأضرحة والقباب على قبور الأولياء والصالحين تركة موروثة عن الجاهلية

    [رابعاً: بناء الأضرحة والقباب على قبور الأولياء والصالحين تركة موروثة عن الجاهلية قبل الإسلام] اخرج إلى الشام، أو اذهب إلى العراق أو اليمن أو مصر إلى أقصى المغرب؛ تجد القباب والأضرحة أعلام في كل بيت، وفي كل مدينة وقرية!! من أمرنا بهذا؟ من أوحى به إلينا؟ إنه الشيطان! هو من أمر، وهو الذي أوحى.

    [زينتها الشياطين وحملت الجهال على بنائها، ثم عبادتها بأنواع العبادات، كالنذر لها] وقد سمعت بأذني أمي عندما كان أخوها يختصم مع زوجته في المحكمة -وكان هناك قبة على جبل- فقالت: يا سيدي فلان! إذا انتصر أبو بكر -تقصد أخاها- سأفعل لك كذا وكذا.

    وأعظم من هذا الرجل يزني فلا يمر بالولي ويقول: كيف أمر بسيدي فلان وأنا علي جنابة زنا؟! بينما تجده يعصي الله ويفجر بعباده ولا يخاف، إلى هذا الحد! ما علة هذا؟ إنه -والله- الجهل بمحاب الله ومساخطه، وقد عرف المسلمون هذا وأبوا أن يتعلموا؛ ليبقوا على ظلمتهم.

    [والاستغاثة بها وتقديم الشاة والبقرة لها] ونحن نسمع هذا من قديم، يقال: عجل سيدي البدوي !! وهذا في مصر [وإيقاد الشموع عليها] وما بقي الآن شموع؛ لوجود الكهرباء، وإلا قبل كان الشمع غالياً، فتجد الضريح -وخاصة ليلة الاثنين والخميس والجمعة- من غروب الشمس إلى الفجر والضوء فيه، مع العلم أنه ليس هناك من يصلي أو من ينام داخله، وإنما يوقدونه فقط تقرباً إلى الولي، أنه إذا سخر الله لي كذا أو كذا أجعل لك كذا يا سيدي فلان من الشموع.

    [وتجميرها] والتجمير من الجمر أي: يبخرونها، فالجمر هو الذي يوضع عليه العود.

    وأعطيكم حكاية عن العلامة الشيخ محمد الدسوري الإبراهيمي الجزائري خريج المسجد النبوي؛ هذا الرجل الذي لا تعرفون عنه شيئاً، كان على عهده نخلة في الحَصبة الأولى، وكان يأخذ غلة هذه النخلة ويستفيد منها الآغاوات أيام العثمانيين، فبيتها الشيخ ليلة: وجاء بكيس ومنجل، فلما أغلقوا المسجد أخذ يطلع عليها كالديدبان، ويقطع القنو ويهبط ليجعله في الكيس حتى استوفاها، ثم وضعه عن ظهره ونام وراء الباب، وما أن فتح الآغاوات الباب آخر الليل حتى خرج بالتمر كله، وظل يأكل التمر في بيته والحكومة والدنيا قائمة على من أكل نخلة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل هذه النخلة يأكلها الرسول أو تأكلها فاطمة ؟ ولكنهم يبيعون التمر بدينار للزوار والحجاج.

    وهذا البشير الإبراهيمي رحمة الله عليه ذهب إلى الهند فسألوه -في بداية الثورة الجزائرية ضد فرنسا- عن الشعب الجزائري، فقال الجزائري يأكل الهندي ويحرق الجاوي، أعوذ بالله! كيف هذا؟! والله كما أقول لكم!

    لأن الهندي هو البرشومي؛ يسمونه عندنا الهندي؛ لأنه جاء من ديار الهند، والذي يبيعه ويدلل عليه في الشارع يقول: الهندي والموسا من عندي، أي يقطع لك هو الحبة، والجاوي هو البخور يعرف بالجاوي؛ لأنه يأتي من جاوى فيسمونه الجاوي.

    إذاً: فرفشت عليكم لأنه طال بكم الألم والتعب.

    قال: [إلى غير ذلك من الحلف بها وتعظيمها وشد الرحال إليها] والله إن القاضي ليصدر الحكم على فلان بأن يحلف عند السيد فلان، فيمشى معه إلى الولي مسافة مائة كيلو أو أكثر ليحلف عند الضريح، ولو قيل له: احلف بالله لحلف سبعين مرة ولا يبالي، لكنه لا يستطيع أن يحلف بالولي، وقد لمُنا القضاة وقلنا لِم هذا؟ فقالوا: حفاظاً على حقوق الناس، فلو قلنا له: احلف بالله سيحلف سبعين مرة، فماذا نصنع؟!

    هذه هي مظاهر الجهل التي هبطت بأمة الإسلام من علياء السماء إلى حضيض التراب و يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ [يس:26].

    أما زلنا لم نعرف أن الجهل هو مصيبتنا، وهو الذي فرق كلمتنا، وشتت شملنا، ومزق جمعنا، وأوغر صدورنا على بعضنا البعض، وجعلنا نعيش على أمراض يتنزه عنها المسلم، كالكبر والحسد والغل والغش والنفاق وما إلى ذلك، كيف نعالج هذه الأمراض؟! والله لا تعالج إلا بالعودة إلى قال الله وقال رسوله. وأين ذلك؟ في بيوت الرب سبحانه وتعالى، لا في المدارس والكليات، ولكن في بيوت الله فقط.

    فلو أن أهل القرية اجتمعوا كل ليلة بنسائهم وأطفالهم ورجالهم في بيت ربهم من غروب الشمس إلى صلاة العشاء، وذلك طوال العام فهل يبقى بينهم من لا يعرف؟! والله لا يبقى، وأهل المدن كذلك.

    إن الكفار إذا غابت الشمس تركوا العمل وذهبوا إلى المقاهي والملاهي، أفلا نترك نحن العمل ونذهب إلى بيت الله؛ لنستمطر رحمته، بنسائنا وأطفالنا؟! يومئذٍ نكون قد اتحدنا وقوينا وقدرنا، وسمونا، وتحققت ولاية الله لنا، وأعطانا ما وعدنا، هذا الكلام لا يريدون أن يسمعوه؛ لأن الله ما زال قاض بهذا القضاء، فمتى نعود؟ الأمر إلى الله.

    إن كتاب المسجد وبيت المسلم أنموذجاً -والله- صالحاً لأن يجتمع عليه النساء والأطفال والرجال، ولكن العلماء لم يحملوا هذه الرسالة، ولو نفخوا في أهل القرى والمدن والأحياء على أن يجتمعوا على كتاب الله وسنة رسوله وجمعوهم -والله- لتغير وضعنا في أربعين يوماً، ولكن ما زلنا نائمين النوم الكامل.

    والله أسأل أن يوقظنا وأن يرد إلينا حياتنا، إنه ولينا. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756000651