إسلام ويب

تفسير سورة الشمسللشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أقسم الله تعالى في سورة الشمس أقساماً عظيمة بأشياء عظيمة من خلقه، على أن كل من زكى نفسه وطهرها بالأعمال الصالحة والبر والطاعة فهو من المفلحين الناجين في الدنيا والآخرة، ومن دساها وأهلكها بالذنوب والمعاصي والسيئات فهو من الخائبين الخاسرين في الدنيا والآخرة، وذكر من أولئك الخاسرين قوم ثمود، وهم الذين أرسل الله إليهم نبيه صالحاً عليه السلام، فدعاهم إلى الله فكذبوه ولم يؤمنوا بما جاء به، وعقروا الناقة التي أرسلها الله تعالى لهم آية، فأهلكهم الله تعالى شر هلاك، وأعد لهم في الآخرة عذاباً أليماً.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (والشمس وضحاها)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إن سورتنا الليلة لسورة مباركة ميمونة، إنها سورة (والشمس).

    وتلاوة آيات هذه السورة المباركة الكريمة بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا * كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا [الشمس:1-15].

    معاشر المستمعين والمستمعات! بين يدي الدرس أقدم لكم بشرى سارة، وهي سقوط عاصمة البلاشفة الشيوعيين كابول، وقد دخلها الموحدون، وانتهت مشكلة الشيوعية والشيوعيين حيث لا يرجعون، واسألوا الله تعالى لإخوانكم أن يجمع قلوبهم على تقواه، وأن يوحد صفوفهم على إقامة شرع الله، وأن يجنبهم الصراع الداخلي.

    اللهم جنبهم الخلاف، واجمعهم على التقوى، وأرنا فيهم ما يسرنا، إنك ولينا ووليهم، وصل اللهم على نبينا محمد وآله وسلم.

    والآن مع سورة والشمس، إنها مكية، وقد عرفتم الكثير عن السور المكية.

    وآياتها خمس عشرة آية، كل آية تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وكل آية هي علامة على أنه لا إله إلا الله وعلى أن محمداً رسول الله، إذ الآية معناها: العلامة.

    لما نقول: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1] هذه آية. من أنزلها؟ الله. إذاً: الله موجود، وقد شهد أنه لا إله إلا هو.

    من نزلت عليه؟ محمد بن عبد الله. إذاً: والله إنه لرسول، إذ كيف ينزل عليه القرآن وليس برسول؟!

    كل آية من ستة آلاف ومائتين ونيف آية، كل آية دلالتها قطعية في أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والسورة مفتتحة بهذه الأقسام.. بهذه الأيمان.. أعظم أيمان في القرآن الكريم لله تعالى.

    أولاً: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1] حلف بأي شيء؟ بالشمس ونورها وضوئها وضيائها وضحاها.

    الشمس كوكب ناري أكبر من الأرض بمليون مرة ونصف مليون مرة، حلف بها وبضوئها.

    ونور الشمس أيضاً هين؟ لا. بل هو من أعظم الآيات.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (والقمر إذا تلاها...)

    قال تعالى: وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا [الشمس:2]. القمر كوكب مشرق، منير، حجمه أقل من حجم الشمس، ويبدو أنه أكبر من حجم الأرض.

    هذا القمر الذي حلف الله به إذا تلا الشمس، أي: إذا غابت طلع هو، في هذه الليلة وليلة الغد، الليالي البيض تغيب الشمس ويتلوها القمر. أي: يخلفها.

    وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا [الشمس:2-3]، أقسم بالنهار إذا جلى الظلمة وزحزحها وأبعدها.

    هل هذه الكائنات من خلق الإنسان؟

    هل يقدر الإنسان على إيجاد شمس أو قمر، أو ليل أو نهار؟

    من الخالق؟ الله.

    وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا [الشمس:4] أيضاً، النهار يجلي والليل يغطي. سبحان الله العظيم! النهار يجلي الظلمة، والليل يغطيها، البسيطة كلها.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (والسماء وما بناها والأرض وما طحاها)

    قال تعالى: وَالسَّمَاءِ [الشمس:5] العليا التي فوقنا وَمَا بَنَاهَا [الشمس:5] يا راضي ! يا طلاب العلم! اتركوا العوام على حدة.

    يصح أن تكون (ما) مصدرية: والسماء وبنيانها، ويصح أن تكون (ما) بمعنى من: والسماء ومن بناها وهو الله، حلف بنفسه أيضاً.

    وَالأَرْضِ [الشمس:6] هذه أمنا، التي دائماً الأحياء على ظهرها والأموات في بطنها وجوفها.

    هذه الأرض أمرها هين هذه؟ لا. من بسطها؟ من جمع ترابها؟ من غرز فيها جبالها؟ من.. من؟

    فقط نطأطئ رءوسنا ونسكت؟ الله. لا إله إلا الله، آمنا بالله.

    وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا [الشمس:6] من بسطها؟ إذاً: والأرض والذي بسطها، أي: والله عز وجل. أو: والأرض وطحوها.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها)

    قال تعالى: وَنَفْسٍ [الشمس:7] وهي كل نفس، وإن كان المتبادر نفس الإنسان المطالب بالتوحيد والإيمان.

    وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا [الشمس:7] ومن سواها، أي: الله. ونفس وتسويتها، النفس شيء وكونك مركباً من عينين وشفتين وأذنين ويدين ورجلين وقلب ورئتين و.. و.. من سواك؟ الله. النفس شيء ومسوياتها، وهكذا أعظم أقسام الله في هذه السورة. عدوها:

    أولاً: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1].

    ثانياً: وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا [الشمس:2].

    ثالثاً: وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا [الشمس:3].

    رابعاً: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا [الشمس:4].

    خامساً: وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا [الشمس:5].

    سادساً: وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا [الشمس:6].

    سابعاً: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا [الشمس:7].

    لمَ يحلف الله؟ لمَ يحلف؟ قولوا: رحمة بنا، حتى تسكن نفوسنا وتطمئن قلوبنا إلى هذا الخبر العظيم الذي سيلقيه علينا، فاحمدوه.

    الله يحلف؟ إي نعم. هل هناك من يعترض على حلف الله؟ لا أبداً. إلا أن بعض الغافلين يقولون: ما حلف بشيء، ما حلف إلا بنفسه.

    كيف؟ (والشمس) أي: ورب الشمس، (ونفس) أي: ورب النفس، (والسماء) أي: ورب السماء.

    ويقولون: ما يحلف بشيء. وهذا خطأ، لله أن يقسم بما يشاء، لا حجر عليه، أما نحن العبيد والإماء فلم يسمح لنا أن نحلف بغيره، ومن حلف بغير الله فقد زلت قدمه وأخطأ وارتكب كبيرة.

    إذاً: إخواننا وأبناؤنا والمؤمنات ممن كانوا يحلفون بغير الله من الليلة انتهى الحلف بغير الله، لا بعيني ولا رأسي ولا الملح ولا الطعام، ولا سيدي فلان ولا حياة فلان، ولا الكعبة، ولا المصحف، ولا الأمانة، ولا.. ولا.. ولا.. ما عندنا إلا إله واحد، لا إله إلا هو، فلا يحلف إلا به؛ لأن الحلف بغيره تعظيم للمحلوف، ومعناه: إشراك المخلوق في عظمة الخالق، فلهذا الرسول يحدث أصحابه ويقول: اسمعوا! ( من حلف بغير الله فقد أشرك ).

    الغافل يقول: أشرك في أي شيء؟ العظمة لله، الله أكبر، فإذا حلفت بفلان فقد عظمته وجعلته شريكاً لله في العظمة ( من حلف بغير الله فقد أشرك ).

    فيا مؤمنون ويا مؤمنات! إياكم أن يسمعكم الله ترفعون إلى مقامه من مخلوقاته أحداً وتحلفون به كما تحلفون بالله، ومن يجري على لسانه ما لا يقصد فعليه بالكفارة، إذا حلف قال: وحق سيدي فلان، يقول بعدها: لا إله إلا الله تمحها على الفور. والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بهذا.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها)

    والآن هذا اليمين.. هذه الأقسام العظيمة، من أجل ماذا؟ من أجل قوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].

    لا إله إلا الله. دائماً نقول: هذه تبين لنا تقرير المصير.

    ما هي الآية المقررة لمصير الإنسان في القرآن؟ هي هذه.

    ما هي الآية القرآنية التي تعلن عن تقرير مصير الإنسان؟ هي هذه. ما هذه؟ ما تحفظونها؟ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].

    أنت يا ابن المرأة الذي تقرر مصيرك بيدك إن زكيت نفسك نجوت، وإن دسيتها خبت وخسرت، لا دخل لأحد، أنت الذي تقرر مصيرك بنفسك.

    قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].

    كيف عرفنا أنها نفس؟ لأنه قال: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:7-8] بالفجور تتدسى، بالتقوى تتزكى، فإن اتقيت زكيت، وإن فجرت دسيت.

    قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10] والنفس الله يزكيها، الذي ألهمها فجورها وتقواها يزكيها أو يدسيها.

    واسمعوا دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: ( اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من عين لا تدمع، ومن قلب لا يخشع، ومن دعوة لا يستجاب لها ).

    وقوله: ( اللهم آت نفسي تقواها ) تستعين بالله، تطلبه أن يعطي نفسك تقواها فيجعل نفسك تسير في طاعة الله فتتقيه وبذلك تزكو نفسك.

    وقوله: ( وزكها أنت خير من زكاها ) نعم. لولا الله عز وجل وضع لنا هذه العبادات التي نزكي بها أنفسنا وأقدرنا على العمل بها والإخلاص فيها والإتيان بها على وجهها كيف نزكي أنفسنا؟!

    الله هو الذي يزكي. أحببت أن تفهموا أنه لا فرق بين أن أقول لك: زك نفسك يا عبد الله، وبين قول: اللهم زك نفسي أو زك نفس فلان، إذ الله خالق كل شيء: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96].

    لما تقول: اللهم زك نفسي يا خير من يزكي! ليس معناه أنك لا تصوم ولا تصلي ويزكي نفسك.

    ليس معناه أنك تكفر وتلحد ويزكي نفسك!

    هذا لا يقوله عاقل ولا يقبله إنسان، كل ما في الأمر أن تعلن حاجتك إلى الله وافتقارك إليه بأنه يزكي نفسك، وأن يعطيها تقواها، فتصبح كلما طلبت الخير وجدته، وكلما قرعت باباً انفتح لك، وكلما رغبت في عبادة قمت بها، وهذا كله من تسخير الله وتسهيله.

    فقط لا تفهم أنك تسأل الله أن يزكي نفسك ولا تستعمل أدوات التزكية، فهذا قبح وسوء فهم وباطل وصاحبه يستحق الحرمان.

    ما دام وضع بين يديك الماء العذب الصالح ووضع بين يديك الصابون المطهر وأعطاك القدرة بيديك وتقول: يا رب! طهر ثيابي وزك جسمي، استعمل الأدوات.

    هذه الآية هي آية تقرير المصير، قد وكل الله الأمر إليك يا ابن آدم، إن زكيت نفسك وزكت كنت من أهل دار السلام، مع الأبرار في جنات النعيم، وإن دسيتها ودسستها وخبثتها بما أفرغت عليها من أطنان الذنوب وقناطير الآثام فأنت المسئول، أنت مع أصحاب النار، فلا تلم إلا نفسك.

    ما زال في ذهني بعض الأسئلة، قد يقول القائل: لم الرسول يقول: ( رب! آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها ) وأنت تقول لنا: زكوا أنفسكم؟

    الجواب: أسأل الله تعالى أن يؤتي نفسك تقواها. أي: يقودك إلى التقوى ويرشدك إليها، وأسأله أن يزكي نفسك بأن يجعل صلاتك وصيامك ورباطك وصدقاتك وذكرك وفعلك الخير عاملاً يزكي نفسك، إذ لو يشاء الله أن تصلي مائة سنة وصلاتك باطلة ما تزكو بها النفس.. ما تقبل عند الله، ولا ندعي أن الأمر لله ولا نفعل شيئاً، نحن مأمورون بالدعاء ومأمورون بالعمل، ولا تفهم أنك أنت الذي وحدك زكيت نفسك، لولا الله ما زكت لك نفس أبداً: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96].

    قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].

    معاشر المستمعين والمستمعات! النفس البشرية تزكو بالإيمان وصالح الأعمال، وتتدسى وتخبث بالشرك والمعاصي، هذا هو الطريق.

    أربع خطوات تخطوها تدخل الجنة:

    الخطوة الأولى: إن تحقق لك إيماناً.

    الخطوة الثانية: أن تعمل صالحاً. خطوتان إيجابيتان.

    والسلبيتان: اترك الشرك واترك المعاصي؛ لأنك إذا لم تترك الشرك والمعاصي عندما تزكي نفسك الآن تدسيها بعد ساعة، تغسل ثوبك ثم تغمسه في الحمام، ماذا استفدت؟ تبذل جهدك وتصوم حتى المساء وجاء الليل تفجر؛ ذاك الصيام انمحى.

    لا بد إذاً من إيمان وعمل صالح مع الابتعاد الكامل عن الشرك والمعاصي، ومن زلت قدمه واقع التوبة فباب الله مفتوح، على الفور ابك واصرخ ينمحي الأثر ويعود لك طهرك وصفاؤك.

    قال تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا [الشمس:11] انتهينا من هذه القضية، أعظم قضية في قضايا الإنسان هي هذه لو عرفها العقلاء.

    يا شيخ! النفس تزكو على أي شيء؟ على العبادات.

    ما هي العبادات؟ هي الصيام والصلاة والرباط والجهاد والحج والعمرة.

    كيف نعملها؟ نحتاج إلى العلم، فلهذا لا بد من العلم.

    ما تستطيع أن تزكي نفسك بدون معرفة كيف تستخدم أدوات التزكية والتطهير.

    كم من مصل يغني.. كم من مزك مراب.. كم من صادق خائن، فلهذا نستعين الله عز وجل ونبذل جهدنا في تزكية أنفسنا.

    نعرف كيف نعبد، ونعبد الله بما شرع، والرجاء في الله أن تزكو نفوسنا.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (كذبت ثمود بطغواها)

    والآن قال تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا [الشمس:11] ثمود قبيلة نبيها ورسولها صالح عليه السلام، ديارهم ديار ثمود.. مدائن صالح.

    كذبت ثمود بسبب ماذا؟ كذبت رسول الله صالحاً.. كذبت بالآية العظمى الناقة.. كذبت بالوعد والوعيد.

    ما سبب هذا التكذيب؟ إنه الطغيان، هنا ضعوا الرحال، انتبه يا عبد الله! هل قرأتم من سورة العلق قول الله تعالى: إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى [العلق:6]. متى؟ أن رأى نفسه استغنى.

    الآن هاتوا علماء النفس.. علماء الاجتماع.. علماء التربية.. علماء الحيوان، ماذا يقولون؟

    إن الإنسان -ونحن من أفرادهم- إذا لم يدخل المستشفى الرباني وتنزع له الزائدة فهذا هو طبعهم، ما إن يشعر بالاستغناء حتى يرتفع.

    أعطني أفقر واحد منا، أغرر به، أكتب له شيك بخمسة ملايين ريـال، وغداً تعالوا انظروه كيف هو؟

    هل يحضر معكم أو لا؟

    إِنَّ الإِنسَانَ [العلق:6] قبل دخول المستشفى واستئصال الزائدة لَيَطْغَى [العلق:6] والله!

    متى رأى نفسه استغنى، وما دام يشعر بالحاجة فهو متطامن مثلي، لكن إذا شعر أنه ليس في حاجة إلى أحد يصل إلى عنان السماء إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34]، كان عمر يقول: اللهم اغفر لي ظلمي أو كفري.

    إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [المعارج:19-21] نعوذ بالله من هذا المخلوق.

    لو تبيت معه ليلة يفتنك، لو تسافر معه يا ويلك! لأنه في الحالين: إذا مسه الشر يبيت يصرخ ويأكل في وجهك!

    إذا مسه الخير: ابعد.

    كيف تنتفع من هذا المخلوق؟ هذا هو الإنسان، فدلوه على المستشفى الإلهي.. المستشفى الرباني يستأصل الزائدة فقط.

    تعرفون الزائدة هذه؟ استأصلناها، إذا استؤصلت فاز.

    وصفة فيها ثمانية أرقام من واحد واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة، إذا استعملتها تحت إشراف أطباء وخرجت معافى لو تعطى الدنيا وما فيها والله ما تطغى، لو تملك على أهل الأرض ما يتبدل شيء، تبقى أنت الراكع الساجد الباكي الخاشع، وإذا لم تعالج يا ابن الإسلام فأنت كما أخبر تعالى.

    تعرفون الأرقام الثمانية من سورة المعارج، كررناها عشرات المرات، إليكموها، قال تعالى: إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج:22-23] هذا رقم واحد. أدم الصلاة، لا تقطعها أبداً تكتسب مناعة، لكن ما تكفي.

    وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:24-25]، أثبت أن عليك حقاً في مالك، ليس المال لك وحدك، فيه حقوق اعترف بها وأدها. هذا الرقم أيضاً يفعل العجب في كمالك.

    ثالثاً: وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [المعارج:26] إيمانك بيوم القيامة، بالبعث والجزاء، هذا الرقم ذو قيمة أيضاً، يهذبك، يعالجك.

    رابعاً: وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ [المعارج:27-28]، عش دائماً خائفاً من الله، ما تدري كيف تفاجأ، ما تدري كيف تزول النعمة، كيف تتحول النقمة أو تنزل النقمة، عش خائفاً. هذا الرقم مهم جداً، صاحبه دائماً خائف لا يعصي الله.

    خامساً: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المعارج:29-30] احفظ فرجك. يا فحل! احفظ فرجك، يا مؤمنة! احفظي فرجكِ من شيئين: من النظر إليه ومن إتيان الفاحشة. هذا الرقم ذو قيمة، فالزناة -والعياذ بالله تعالى- لا خير فيهم، محطمون مهشمون.

    سادساً: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المعارج:32] كالراعي يرعى الإبل والبقر والغنم، دائماً عصاه في يده وعيناه مفتوحتان، إذا ائتمن أمانة يرعاها طول الليل والنهار، إذا عهد إليه بعهد لا يخونه، يرعاه حتى الموت. هذا الرقم أيضاً ذو فعالية عظيمة؛ لأن العبادة كلها أمانة عندك أنت فترعاها.

    سابعاً: وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ [المعارج:33] دائماً شاهدة قائمة معتدلة، لا حيف، لا ميل، لا جحود، ولا نكران. هذا الرقم أيضاً يفعل العجب في صحتك الروحية.

    وأخيراً: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المعارج:34] محافظة دقيقة كاملة، غير الإدامة والمداومة. أيما رجل أو امرأة يحقق هذه الأرقام في نفسه إلا كمل، وما أصبح ظالماً لنفسه ولا كافراً ولا طاغية ولا جزوعاً ولا هلوعاً ولا ولا ولا؛ لأنه تداوى وسلم. هل إخوانكم المسلمون عالجوا هذه الأمراض؟ قولوا، ولا واحد في المائة. كيف إذاً؟ علموهم، قالوا: شغلتهم عنها الدنيا، زهدوهم في الدنيا، قبحوهم لها وجه القبيح. احتالوا عليهم، إذ ما في علاج إلا هذا.

    والآن كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا [الشمس:11]، بسبب ماذا؟ بِطَغْوَاهَا [الشمس:11]، لولا المال والسلطان والقوة والعنترية ما يكذبون، هذا هو السبب. إذا آمنوا قال: هاتوا الزكاة، آمنوا صلوا، آمنوا ما تغنوا، آمنوا ما يفعلون. إذاً: ما نريد، فيعلنون عن التمرد والكفر بالطغيان. والدليل: من هم الذين آمنوا في مكة؟ أليس الفقراء أول من آمن؟ نعم؛ لأنهم فارغون. أما المشغول.. الذين صفقوا للشيوعية منهم؟ الأغنياء؟ الرأسماليون؟ من؟ الفقراء، العمال، الشغيلة، جاءتهم الجنة، خدعوهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إذ انبعث أشقاها)

    قال تعالى: إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا [الشمس:12] انبعث، بعثه فانبعث كالصاروخ.

    هذا أشقى البشرية، وما زال العرب يقولون: أشقى من قدار ، فلان أشقى من قدار بن سالف .

    هذا الرجل يقال له: قدار بن سالف . قدار على وزن غراب فعال، ابن سالف .

    رسم أبو القاسم صلى الله عليه وسلم له صورة، الرسول عنده كاميرا؟ هو شاهد؟ يفتح له يرى؟ وصفه وصفاً دقيقاً: قصير، أحيمر، قزم، عيناه زرقاوتان، هذا الشقي، هذا أشقى القوم.

    إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا [الشمس:12] أشقى ثمود، أشقى القبيلة. وكيف انبعث؟ لأنه أخذ منهم موافقة جماعية، يأتي إلى صاحب الدكان، إلى صاحب المزرعة، يأتي إلى الكاتب، إلى فلان: توافق أو لا؟ موافقون، نريد أن نعقر هذه الناقة وننظر ماذا يحدث؟ هذا الذي يهددنا كل يوم. أخذ موافقة جماعية فانبعث، فعقرها. أصل العقر يضرب البعير بسكين أو سيف في رجله، لما يجرح يسقط، لما يسقط يذبحه، هذا العقر.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها)

    قال تعالى: فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ [الشمس:13] من هو هذا الرسول؟ صالح.

    ماذا قال لهم؟ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا [الشمس:13] هذا منصوب على التحذير، احذروا ناقة الله.

    نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا [الشمس:13] أي: الماء الذي تشربه.

    وهذا الماء عين للمدينة بكاملها، قسم الله هذا الماء بين الناقة وبين أهل البلاد.

    لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الشعراء:155] السبت عندنا والأحد عندهم، الإثنين عندنا والثلاثاء عندهم.. طول الأسبوع.

    وإياكم! ناقة الله لا تتعرضوا لها، وسقياها كذلك، خلوها يوم الماء لها. وسبحان الله! العجيب أن الماء يتحول إلى لبن، والله ما تستطيع مصانع أمريكا ولا تقدر أن تحوله، تشربه اليوم وغداً تقف عند كل باب وتخرج الخادمة الكافرة المشركة بالقعب والسطل تحلب فتحلب، هذه ناقة صالح وتتعنتر والناقة مسكينة، مادة عنقها تمشي، تتجول في القرى، احلبوا. آية من آيات الله!

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فكذبوه فعقروها...)

    قال تعالى: فَكَذَّبُوهُ [الشمس:14] فيما جاء به من أنه لا إله إلا الله، وأن صالحاً رسول الله، وأن الله يجب أن يعبد بما شرع، والعابدون ناجون، والكافرون هالكون، كذبوه.

    فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا [الشمس:14] عرفتم العقر أو لا؟ ترتب العقر على التكذيب أو لا؟ لو آمنوا به رسول الله فكيف يعقرون ناقته؟

    لو نجد بغلة الرسول نحملها على رءوسنا، لكن كذبوا فلهذا عقروها، فلما عقروها على الفور فَدَمْدَمَ [الشمس:14] هذه الفاءات تفيد انه لا فواصل فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ [الشمس:14] دمدم أطبق العذاب بلا انقطاع، وقد عرفتم من كتاب الله أنها ثلاثة أيام فقط قَالُوا يَا صَالِحُ [هود:62] ما في أدب، فيقولون: يا شيخ صالح! يا نبي الله صالح، بل قالوا يَا صَالِحُ [هود:62] نعم قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا [هود:62] كنا نظن أنك ستكون عمدة البلاد ونور الأمة، لأنك من أسرة، آدابك، أخلاقك، كنا نرجو فيك رجاءً كبيراً، والآن تواجهنا بهذه المواجهة؟ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ * وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ * فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ [هود:62-65] الأربعاء، الخميس، الجمعة، أخذتهم الصيحة صباح السبت وهم مشرقون، انخلعت قلوبهم، ودعهم وهم جاثمون على الركب.

    يا قومي! فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ [الأعراف:93].

    إذاً: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ [الشمس:11-13] احذورها وَسُقْيَاهَا [الشمس:13] كذلك.

    فَكَذَّبُوهُ [الشمس:14] أرأيتم التكذيب ماذا يفعل؟ لو آمنوا ما فعلوا، ولو صدقوا ما فعلوا.

    كذبوه، فنجم عن ذلك وترتب أن عقروها.

    كم واحد عقر الناقة؟ واحد. كيف ينسب إليهم العقر جميعاً؟ فَعَقَرُوهَا [الشمس:14] لأنهم موافقون، وفي هذا يقول لنا الله عز وجل، اسمعوا يا غافلون: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25]، إذا أخذت الفواحش تظهر والرجال والنساء يطأطئون رءوسهم والحكام ينحنون ويسكتون، فترة من الزمن ويطغى الفحش والمنكر وتأتي النقمة، ما يخير الله فلان وفلان فيقول: أبعدوهم، لا. بل خذوهم كلهم؛ لأن الساكت راض، نعم، تكلم وإلا اهرب، اهجر البلاد أو القرية، أما أن تبقى وتقول: أنا ما فعلت، ما يضرني شيء، لا والله. لما تأتي النقمة تأتي على الكل.

    فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ [الشمس:14] جميعاً رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ [الشمس:14] آه!

    عرفتم الذنب الآن ماذا يفعل؟ من أين يؤخذ الحيوان؟ من ذنبه أو لا؟ من أين يؤخذ الناس؟ بذنوبهم.

    الذنب ما هو؟ مخالفة شرع الله، الله قال: قف فتقول: نمشي. الله قال: اسكت فتزغرد. قال الله: نم، فتقول: أنا قاعد. هذا هو الذنب. اصدق قال: نكذب، لا تشرب الخمر والحشيش، قال: كيف نعيش؟ لا تتكبر قال: كيف نهون للعوام يدوسونني بنعالهم، نتكبر.

    هذه هي الذنوب. وأقسم بالله! ما نزلت بقوم نازلة ولا حلت بهم مصيبة إلا بذنوبهم.

    انتهت مشكلة الأفغان أو لا؟ كم سنة؟ أحد عشر عاماً.. عشر سنوات.. أربعة عشر، فهل ظلمنا الله في شيء من هذا؟

    والله لذنوبهم. دارت المعارك في الجزائر سبع سنين بسبب ماذا؟ ذنوبنا.

    دارت في اليمن سبع سنوات أخرى بسبب من؟ بذنوبنا.

    دارت في فلسطين.. في لبنان في.. وهي دائرة، والله ما ظلمنا الله.

    ويكذبكم من يوعز أو ينسب شيء لغير الله، وها نحن أيضاً وهي تنتقل من بلد إلى بلد بذنوبنا، ولن يسلم إلا من سلم من الذنب؛ لأن الذنب إذا تريدون التفسير الحقيقي متفجرات، من أذنب تفجرت هكذا في جسمه، وفي ماله وحياته.

    والذنب مخالفة الشرع، فهيا نتوب إلى الله، فلا نعصيك يا ربنا، لا ترى بيننا زانياً ولا فاجراً، لا ترى فينا مرابياً ولا غاشاً ولا كاذباً، لا ترى فينا تاركاً للصلاة ولا مهملاً للزكاة ولا ولا.. عطوه الوعد، نعم.

    تصبحون كالملائكة، والله لو اجتمع أهل الأرض كلهم على أن يزحزحوكم ما زحزحوكم، ما يصح، هم ما يجتمعون، الله ما يجمعهم، قلوبهم بيده، وإن فرضنا اجتمعوا فأراكم الله آية والله ما يزحزحونكم.

    إذاً: هذا كلام الله أو لا؟ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ [الشمس:14] بسبب ماذا؟ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا [الشمس:14].

    ما معنى سواها؟ ما ترك بيت فلان لا بأس، الأسرة الفلانية لا بأس، أو سوى بينها؟ كلهم في الدمار ، حالهم واحد، إلا الجماعة المؤمنة خرجت مع صالح قبل نزول البلاء، أذن لهم

    (فَسَوَّاهَا): في النقمة.. في العذاب.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولا يخاف عقباها)

    قال تعالى: وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا [الشمس:15] هل ترد الضمير لـقدار بن سالف ؟ لا. عيب هذا. الله هو الذي لا يخاف تبعة أحد .. دمر أمة كاملة .. أهلكها في ساعات.

    هل يخاف أن يترتب عليه شيء؟!

    هل يخاف التبعية والمسئولية؟ لا.. لأنه هو المالك الحق والعدل الكريم، استوجبوا العذاب فعذبهم.

    وَلا يَخَافُ [الشمس:15] أي: الله تعالى عاقبتها وعقباها. أي: ما يترتب على ذلك. لأنه المالك الرب، عصوه فأدبهم، فلا تعصوه فيؤدبكم، بل أطيعوه يرفعكم، أقبلوا عليه يعزكم، وهكذا.. والله ما ظلمنا الله شيئاً، كل الذي ينزل ببلاد المسلمين إنما هو من ذنوبنا.

    وهل يعترفون بهذه الحقيقة؟

    الجواب: لا، لأن وقت التوبة ما آن، ما حان الوقت، وإلا أمورها واضحة كالشمس.

    هذا والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756324928