إن وراء أي لعبة وخبث سياسي أصابع يهودية تسوس اللعبة وتقودها لما يخدم مصالحها، وهاهي تعيث في فلسطين خراباً، ولكن مع هذا الخراب قد دب الخوف إلى قلوبهم.
من يخيفهم؟ الانتفاضة، من كشف مخططاتهم؟ الانتفاضة، من تصدى لهم؟ الانتفاضة، ولكن كيف بدأت هذه الانتفاضة؟ وإلى ماذا تحولت؟ وما هي آثارها؟
ماذا قال الشعراء عنها؟ وكيف كانت ردة الفعل اليهودي تجاهها؟ وقبل ذلك كيف كانت فلسطين قبل الانتفاضة؟ هذا ما بينه الشيخ في هذه المادة.
-
ذهب الصليب وأتى دور النجمة
الحمد لله رب العالمين، الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء وهو على كل شيء قدير.
الحمد لله الذي جعل القدس والأقصى انطلاقاً وعزاً وانتصاراً وجهاداً لأمة الإسلام، كلما خبت فيها أرواح المجاهدين حيت من جديد، وانتعشت لصيحة الله أكبر.
الحمد لله الذي جعل الحجارة التي بلا ثمن أفتك وأضر على اليهود من الطائرة التي تشترى بالملايين.
أحبتي في الله: إن كان اليهود اليوم يكسرون أطراف المسلمين في فلسطين ، فقد سبقهم أولياؤهم من قبل في الحملة الصليبية ، حيث ذبحوا سبعين ألفاً من المسلمين في القدس الشريف، وخاضت الخيل بدمائهم، وظلت أشلاء القتلى في كل مكان، فقيَّض الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة صلاح الدين فوحد صفوفها وجيوشها وقياداتها، وزحف إلى القدس تناديه أبيات من الشعر على لسان الأقصى الأسير:
فصاح صلاح الدين لبيك لبيك يا أقصى!
وجاء بجحافله، وحاصر القدس، وقام الصليبيون بتشكيل لجنة للتفاوض والصلح معه، وسبق ذلك أن قدموا الرشوة إلى أحد قادته، حتى إذا ما تفاوضوا معه للصلح تقدم ذلك الرجل يؤيدهم.
قالوا: يا صلاح الدين! إن دينك يأمرك بالسلام، ونحن ندعوك إلى السلام، لا تدخل هذه الأرض المقدسة عنوة وفتحاً وجهاداً وإنما ادخلها صلحاً وسلاماً احتراماً للأديان الثلاثة، فقال القائد الذي أخذ الرشوة، ويوجد في كل أمة وفي كل جيش ضعفاء النفس أمام لمعان الذهب والإغراء المادي، قال: صدقوا يا صلاح الدين ! فالله يقول:
وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
[الأنفال:61].
فقال له: خسئت يا عدو الله!!
هكذا بدون ألقاب، وبدون رتب، وبدون نياشين، يرد عليه هذا الرد الحازم القوي: خسئت يا عدو الله! أنت عربي وأنا كردي، ولكني أفهم منك لكتاب الله، فإن الله يقول لمثل حالنا وموقفنا هذا، ونحن نحاصرهم ونحن أقوياء:
فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
[محمد:35].
فالمسلم عندما يكون قوياً، وحكومته قوية، وهو فاتح، وأعداؤه أصبحوا أذلة مستضعفين، لا يصالحهم حتى يأخذ ما أخذوه منه عنوة بالقوة، فإن للقوة روحاً تسري في قلوب الجنود المكسورة المجروحة، إن استشهاد سبعين ألف مسلم في القدس لا يشفيها معاهدة سلام أبداً، لهذا دخل صلاح الدين جهاداً وفتحاً.
ومرت الأيام بعد الأيام، وأعاد التاريخ نفسه، والأمة اليوم يذبحها اليهود أولياء النصارى، كما يقول الله في كتابه الكريم:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
[المائدة:51].
الدور الأول قام به النصارى هناك، والدور الثاني يقوم به اليهود اليوم، يذبحون الأطفال، ويجهضون النساء، ويكسرون الأطراف، وبعد مرور أربعين عاماً على قضية فلسطين من (48م) إلى (88م) ولدت الانتفاضة من جديد.
ورقم الأربعين رقم حساس بالنسبة لليهود، فقد كان فيه التيه في أرض سيناء، وبلغني أنه في التوراة موجود: بعد أربعين من استقرارهم في فلسطين سيتعرضون إلى ملحمة، وهذا الملحمة أخبر عنها حيي بن أخطب وهو على خندق الذبح في أسواق المدينة ، بعد أن عرض عليه للمرة الأخيرة الإسلام فأبى، حيث سأل عن قيادات يهودية فقالوا له: قتلوا، قال: ما قيمة الحياة وما طعم الحياة بعد هؤلاء، فشق جيبه من يمين، ومن شمال حتى لا ينتفع بثوبه الجديد، كطبيعة يهودية موجودة منذ القدم إلى الآن، دائماً يخربون بيوتهم بأيديهم حتى لا ينتفع بها، قال: اقتلوني إنها ملحمة كتبت على بني إسرائيل. فهم يعلمون أنها ملحمة، ولكن عليَّ وعلى أعدائي. هكذا هم يفكرون.
الحرب العالمية الثانية: الأصابع التي كانت تعمل في الخفاء، لو نظرت إليها لوجدتها أصابع يهودية.
الحرب العالمية الثالثة والتسلح الرهيب، لو بحثت لوجدت هناك حكومات خفية تعمل في الظلام، وتنظيمات سرية يهودية تحت أستار وأسماء مختلفة حتى يدمروا الأرض، ولكن الله جعل توازن القوى في هذه الأرض رحمة منه سبحانه، ويخبر الناس:
وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ
[العنكبوت:22] فمهما بلغوا من التسلح في الأرض والتسلح في السماء فالأرض بيد الله لا بأيديهم، والسماء بيد الله لا بأيديهم.
-
مولود الانتفاضة الحامل راية الجهاد
الجهاد في
فلسطين انطلاقته كانت عجيبة، هيأ الله له ظرفاً فذاً أشبه ما يكون ببطولات الرعيل الأول، يوم أن قام صاحب عملية النسر، طار بطائرة شراعية تخفق في ظلام الليل في أجواء الفضاء والبرد قارس، تجمدت أطرافه وهو يعتنق رشاشه، ويدير طائرته بقضيبين صغيرين من الحديد البارد المتجمد، في ظلام الليل يخرق أسماع النائمين الظالمين على حريرهم، ويهبط على اليهود في مخيمهم، ثم يطلق عليهم وابل نيرانه، ويموت وليس عنده طلقة واحدة، فلما تم تفتيشه كما ذكر مدير جامعة الخليل -أخبرني بنفسه- قال: وجدوا في جيبه اليمين مصحفاً، وفي جيبه اليسار شهادته الدراسية.
وزاد التهاب المجاهدين هناك يوم أن قام شابٌ فلسطينيٌ بطعن تاجر يهودي، فقام قريب التاجر وركب شاحنته واجتاح سيارتين للفلسطينيين وقتل منهم أربعة وجرح تسعة، فثار الناس وأخذوا الجثث، وحاول اليهود بكل قواتهم أن يحجبوا بين الناس وبين جثث الشهداء، فتفانى الشهداء والأبطال على تحصيل هذه الجثث، وأخذوها خطفاً من اليهود، وساروا بها على ما بها من دماء وجراح يرددون: الله أكبر لا إله إلا الله، والتقى أهل الضفة مع أهل غزة مع أهل جباليا، وبدأت الانتفاضة مسيرتها بإذن الله رب العالمين.
في أولها انتفاضة، ثم بعد ذلك ارتقت إلى ذروة سنام الإسلام؛ إلى الجهاد في سبيل الله.
والشعراء لهم في هذا المجال إبداع، والله تعالى يقول:
وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً
[النساء:84].
أصبحت كل الأمهات في غزة أم طفل الحجارة، إذا ألقى اليهودي عليه القبض تقدمت أي امرأة تسير في الشارع واشتبكت مع اليهودي واليد الأخرى تنزع الطفل منه، تدفعه وتنزع الطفل منه، يشتمها .. يضربها .. يهينها، فتجتمع معها الثانية والثالثة والرابعة، فيحتار اليهودي فيدور حوله ثم يلتفت فلا يرى الطفل، وقد انطلق هناك عبر الأفق لا ليأوي إلى صدر أمه، أو يأخذ حلاوة كعادة أطفال اليوم، إنما يعود مرة ثانية إلى الجبال يتلمس بيديه الأرض، فإذا ما وقعت على حجر ثمين لا يقدَّر بثمن عاد مرة ثانية يطبع بدماء أنامله بصمات الخلود والشهادة عند الله رب العالمين.
فاضطر اليهود إلى تكسير أطرافهم وأيديهم وأرجلهم، ثم أطلقوهم بعد ذلك، وقد شاهدنا الأعاجيب؛ مشلول كسَّروا وجهه ورأسه فعاد يدرب يده الأخرى على الكاراتيه لكي يقاتل بها، إن هذه البطولات النادرة كنا نقرأ عنها في تاريخنا البعيد، يوم أن قام أبو مجلز في معارك القادسية بعد أن فتحوا بطنه بضربة رمح، واندلقت أقتابه على الأرض، حملها وأمسك بها وانطلق إلى جيش الفرس يقول: الله أكبر. حتى سقط دونه شهيداً.
روح الإيمان والجهاد بدأت تنبعث من بيوت الله يوم أن تحررت، وبقيت ملايين المساجد معتقلة.
المصحف المحبوس في المساجد انطلق الآن، وأخذ المسجد دوره الجهادي الذي كانت تنطلق منه جحافل خالد وسعد وسعيد وشرحبيل وعمرو.
عاد الناس الآن يوجِّهون المجاهدين في الليل والنهار من مكبرات الصوت في المساجد، فإذا هجم اليهود بأسلحتهم المطاطية والذخيرة الحية، وقنابل الغاز والرصاص المتفجر داخل الجسم؛ بدأت مكبرات الصوت من هذه القرية تنادي القرية التي أمامها: عندكم سيارة إسعاف أنجدونا عندنا جرحى، وتأتي سيارة الإسعاف يفتح لها طريق خاص لكثرة تراكم الحجارة، والحجارة لها دور حساس، ليس فقط ترمى بالمقلاع أو باليد، بل إن آليات اليهود الآن عاجزة أمام حواجز الحجارة التي يجرها الشباب ليلاً، فأصبحت الآليات المجنزرة لا تستطيع العبور من أمام حواجز وجدران الحجارة عبر الطرق.
ونشر في القبس سؤال لأحد المجاهدين: لم لا تستخدمون المسامير وشظايا الحديد لتعطيل عجلات السيارات؟
قال: إنهم الآن لا يأتوننا بسيارات، إنهم الآن يأتوننا بمجنزرات، والمجنزرات لا تعرقلها إلا كتل الحجارة الكبيرة، فنحن في الليل نتعاون بالحبال على جر الحجارة، معوقات أمام تقدم اليهود دفاعاً عن عرضنا وأرضنا، وإذا بثثنا المسامير فسيارات الإسعاف لا تصل إلينا.
فالحجارة التي ستنادي: يا مسلم .. يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، أصبح دورها الآن يظهر في بدء الجهاد الحقيقي في فلسطين، حجارة تمنع تقدم الآليات، حجارة تنزف وجه اليهودي، حجارة تطير من يد مجاهد صغير؛ فيطير معها الرعب، وإن كانت تسقط عند قدم اليهودي فإن الرعب يخترق قلبه، وهذه جيوش لا يقدر عليها أحد وتأتي من قاعدة: كن فيكون من الله رب العالمين:
سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ
[الأنفال:12].
قذائف الحق عندما تنزل بأيد صادقة متوضئة يكون لها دور عظيم:
نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ
تصيبه في الدماغ:
فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ
[الأنبياء: 18].
أحبتي في الله: إن لهذه الانتفاضة المباركة آثار إيجابية كثيرة، منها:
1- أن أسطورة الحدود الآمنة التي يدندن حولها اليهود وينشدونها انتهت الآن، فليس هناك حدود آمنة ما دام قلب فلسطين ملتهباً، وهل إذا التهب جسم الإنسان من الداخل ينجو خارجه؟ لا.
تطَّلع على قلوبهم كما أخبر الله سبحانه وتعالى عن حال الكافرين في النار، من بركة هذه الانتفاضة قضية التعايش السلمي التي أصبحت الشعوب تدجَّن بها انتهت حتى داخل فلسطين.
فالشباب بعد (67م) ظن اليهود أنهم تحت ضغط الضرورة والحاجة وطلب الخبز عملوا في مصانع اليهود، أنتجوا منتجات اليهود، لبسوا الجنز، خالطوهم في مدارسهم وفي جامعاتهم، فقالوا: قضينا على الشعب الفلسطيني، لكن لما جاءت الصحوة الإسلامية هناك ونظَّمت نفسها، واستعانت على إنجاح خططها بالكتمان، ما إن عاد أولئك الشبان من مصانعهم إلى بيوت الله راغبين راهبين، حتى عادوا خلقاً جديداً، وروحاً جديدة تسري في جسد فلسطين كله.
فعطاء الإيمان سريع، وعطاء القرآن نفاث، أما سمعتم عمير بن الحمام أمام خطبة النبي القصيرة صلى الله عليه وسلم، والأعداء كثرة مالاً وسلاحاً وطعاماً -ومعهم فرقة ترفيه في بدر-:(من قاتل المشركين اليوم صابراً محتسباً اليوم أدخله الله الجنة) عمير بن الحمام لم ينتظر أمامها أكل تمرة وألقاها من يده، وقال: [لئن صبرت حتى آكلك إنه لزمن بعيد] كسر غمده، وجرد سيفه، وانطلق ركضاً لا مشياً:
وقاتل واستشهد في الحال.
فدفق الإيمان وفيضه سريع يوم أن يؤدي المسجد دوره، المسلم عندما يسمع خلف الإمام آيات الجهاد كأنها تتنزل الآن، ويعلم أن أرضه مغصوبة وعرضه مهدد، ولقمة العيش مسلوبة، فيكون للحرف القرآني نحت داخل قلبه لا ينمحي، لا يستوي من يستمع إلى القرآن وهو قرير العين، مملوء البطن، هادئ البال منعماً مترفاً، ومن يسمعه وهو يفترش الحصى وشوك القتاد، كما يقول الشاعر المسلم، وهو يصف حال المجاهدين هناك في فلسطين:
ظهر الجيل الثالث في فلسطين يدوخ اليهود بعد أن ظنوا أنهم قد قضوا عليهم.
2- الانتفاضة أعادت الثقة لهذا الدين، وأن المستقبل لهذا الدين، وأنه إذا وجد الرجال قامت دولة الإيمان والإسلام.
3- الانتفاضة بينت أهمية العمل من الداخل قبل العمل من الخارج، والرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل حصون خيبر من داخلها، قال:
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ
[القمر:45] جمع اليهود سيهزم من الداخل لا من الخارج.
4- ومن بركات هذه الانتفاضة نجاح التجربة العملية وترك الكلام والخطب الكثيرة عبر سنين طويلة، كذلك تشجيع بعض الجبناء والمترددين في قضية الجهاد وتحرير فلسطين كلها، وبعضهم الآن لا يزال يلوك العبارات القديمة الميتة.
5- ومن بركات هذه الانتفاضة أنها كشفت كثيراً من الحقائق، ورفعت كثيراً من الأقنعة، وعرت تماماً أناساً اكتسوا الزيف.
6- هذه الانتفاضة أعلنت فشل التطبيع، وسقوط المعاهدات.
7- هذه الانتفاضة أوجدت الإيثار والجود والتكافل الإيماني الإسلامي بين الناس، فالمحن تجمع بين الناس.
8- هذه الانتفاضة بينت أن الشعب الفلسطيني الآن أصبح محصَّناً، والأخطار تُحَصِّن، والابتلاءات تفتن ذَهَبَ الناس حتى يعدو خالصاً.
9- هذه الانتفاضة الآن ستمنع الهجرة من الخارج إلى الداخل، وهم يحاولون تهجير مائتين وخمسين ألف يهودي من روسيا إلى فلسطين، ولا أظن أنه سيوافق يهودي واحد بعد أن سمع وشاهد ما حدث في فلسطين أن يهاجر إليها.
والاتفاقيات بين يهود العالم المبثوثين في العالم الإسلامي أو غير الإسلامي سيقدمون رِجلاً الآن ويؤخرونها، وأما الذين في الداخل وبالأخص أصحاب روءس الأموال سيفكرون ألف مرة كيف يسربون أموالهم من فلسطين إلى خارجها ليتبعوها بعد ذلك، بماذا حصل هذا؟
بطفل وحجر!
10- وكذلك تبين أن هذه الانتفاضة ألغت ما يسمى الفرق بين اليهودية والصهيونية، فالصهيوني هو اليهودي، واليهودي هو الصهيوني، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يفصل هذا الفصل الخدَّاع الذي جعل كثيراً من الناس المسلمين والعرب يقولون: اليهود أحبابنا خاصة إذا كانوا من حزبنا يسارياً أو اشتراكياً أو إلى آخره! لا.
والرسول صلى الله عليه وسلم حدد هوية المسلم: يا مسلم! يا عبد الله! في أي قضية؟ في قضية المقاتلة التي ليس فيها ذمية، هذا الحديث ألغى الذمية ساعتها: (تقاتلون اليهود فتقتلونهم) ولم يقل: تأسرونهم، لم يقل: تفادونهم، في هذه المرحلة التي يتحدث عنها الحديث لا ينفع اليهود إلا القتل؛ لأنهم لا يعرفون معك إلا القتل: (تقاتلونهم فتقتلونهم حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم .. يا عبد الله! هذا يهوديٌ خلفي تعال فاقتله) فاقتله لا فأسره، معاهدة (جنيف) لا دور لها حينها، كما لا دور لها الآن في فلسطين.
كسِّرت أطرافهم، بقرت بطون النساء، سقطت الأجنة من الأرحام، ومعاهدة (جنيف) ليس لها دورٌ أبداً، إنما هي جهاز تخدير فقط: (هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا شجر الغرقد فإنه من شجر يهود) امتدت العمالة حتى إلى عالم الأشجار، فما بالك بما تبقى من عالم الإنسان، وأصبح الحجر الجماد يتكلم يوم أن صمت الجميع فتحولوا إلى جبهة صموت وتردي.
ماذا يقول شعراء الأقصى في هذه القضية، أطلت عليكم كثيراً كثيراً، لكني أختار لكم وأقتطف بعض القصائد، يقول الشاعر:
ويقول الشاعر أيها الأحباب الكرام:
-
مخاوف اليهود من الانتفاضة وأقوالهم فيها