إسلام ويب

الأمانات المضيعةللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحكم بما أنزل الله أمانة عظيمة، وقد وقف الشيخ معها وقفات مستنيرة، بيّن فيها حقيقة المنافقين وكشف خداعهم وزيفهم، وتعرض لقضية نبض الأمة (فلسطين) موضحاً كيف سلمتها الخيانة سهلة رخيصة لليهود وأعداء الله. وقد عرج الشيخ على موضوع القتال والخطط العسكرية في القرآن، وركز كثيراً على التفريق بين القتال في سبيل الله والقتال في سبيل الشيطان.

    1.   

    أحوال أهل الجنة وأحوال أهل النار

    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً [الطلاق:2].

    اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التسليم إلا لك، ومن التفويض إلا إليك، ومن التوكل إلا عليك، ومن الرضا إلا عنك، ومن الطلب إلا منك، ومن الصبر إلا على بابك، ومن الذل إلا في طاعتك، ومن الرجاء إلا لما في يديك الكريمتين، ومن الرهبة إلا لجلالك العظيم.

    اللهم تتابع برك، واتصل خيرك، وكمل عطاؤك, وعمت فواضلك، وتمت نوافلك، وبر قسمك، وصدق وعدك، وحق على أعدائك وعيدك، ولم تبق حاجة لنا إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم انصر إخواننا المجاهدين.

    اللهم أكرم الشهداء، وثبت الغرباء، وأطلق السجناء من إخواننا المسلمين.

    اللهم أرنا في اليهود وأعوانهم عجائب قدرتك، وفي النصارى وأنصارهم، والشيوعيين وأشياعهم، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم رد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً.

    نسألك لأمة محمد قائداً ربانياً، يسمع كلام الله ويسمعها، وينقاد إلى الله ويقودها، اللهم آمن روعاتنا، واستر عوراتنا، وخفف لوعاتنا، اللهم أنت ملاذنا ومعاذنا ونصيرنا وظهيرنا وحسبنا ومولانا، فنعم المولى ونعم النصير، مُنـزل الكتاب ومنشئ السحاب، ومجري الحساب، وهازم الأحزاب، اهزم أحزاب الباطل، وانصر حزب الحق يا رب العالمين!

    اللهم رحماك بالأطفال اليتامى على أرض لبنان وفلسطين والأفغان والفليبين وآسام، وكل أرض يذكر فيها اسم الله، رحماك رحماك بالأطفال اليتامى، والنساء الثكالى، والشباب الحيارى، برحمتك يا أرحم الراحمين.

    أما بعد:

    عباد الله: الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ينقلنا إلى فئتين من الناس، فئة في النار، وفئة في الجنة، ثم يبين أسباب دخول هذه النار المرعبة، ويبين أيضاً الأعمال التي أهَّلت أصحاب الجنة أن يصلوا إلى رحمة الله التي بها دخلوا جنات النعيم.

    ففي سورة النساء من الآية (56) يقول سبحانه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كلما انظر إلى التكرار والاستمرار والخلود في العذاب تحمله كلمة: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً [النساء:56] الجلود التي نضجت واحترقت وتحمشت وشويت ومر عذابها الطويل، وأصبحت الآن محروقة لا تكاد تحس بالحريق، تحس بشيء آخر، تحس بالسلخ، تحس بالنـزع، تحس بالتبديل، إذ يُنـزع الجلد الذي نضج، ويعاد جلداً جديداً يستقبل العذاب من جديد: بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيما .

    الصورة الثانية تنقلنا إلى جنات النعيم قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ليست جنة إنما هي جنات: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وهذا التأكيد يكفي: خَالِدِينَ فِيهَا لكنه تأكيد وراء تأكيد فيقول سبحانه: خالدين فيها أَبَداً لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ [النساء:57] وإذا بالزوجة التي تعاني في الدنيا من طمث وحيض ودماء ونفاس وبقايا الإنسان العفن الناقص العاجز المريض الذي هو مملوء بالعيوب، تنتقل تلك المرأة إلى امرأة مطهرة تطهيراً مادياً وتطهيراً معنوياً، فلا غل ولا غيرة ولا حسد ولا غيبة ولا مكر: وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً [النساء:57] وهل يحتاج أهل الجنة إلى ظل ظليل، الجنة ليس فيها شمس محرقة، الجنة ليس فيها شمس ملتهبة، إنما فيها نور الرحمن، وهل يحتاجون إلى ظل ظليل ليحميهم من نور الرحمن؟

    لا والذي نفسي بيده، إنما ظلها من جنس آخر، ظلها الظليل ليس هروباً من حر إلى ظل، إنما هو انتقال من لذة إلى لذة، ومن متعة إلى متعة، ومن أُنسٍ إلى أُنس، ومن جمالٍ إلى جمال: وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً [النساء:57].

    1.   

    ضياع أمانة الحكم بما أنزل الله

    بعد هذين الفريقين يبسط الله الآيات التالية التي تؤدي إما إلى أهل الجحيم أو إلى أهل النعيم، آيات عجيبة، أولها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً [النساء:58] تلاحظ في هذه الآية أداة التأكيد (إن) تتكرر أكثر من مرة، ويأتي بعدها لفظ الجلالة (الله) وهل هناك أعظم من أن يؤكد الله هذا الحق باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى، ماذا يؤكد الله بأداة التأكيد وباسمه الأعظم:

    القضية الأولى: أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، والأمانات كثيرة، ولكنني أذكِّر ببعض الأمانات الضائعة:

    أولها الحكم بما أنزل الله، وهي الأمانة التي ذكرها الله أول ما ذكر: وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْل [النساء:58] وإلا فالأمانات كثيرة: أمانة مع الله في توحيد ألوهيته، أمانة مع الله في توحيد ربوبيته، أمانة مع هذا الكتاب تدبراً وعملاً، أمانة في رفع راية الجهاد في سبيل الله، أمانة في حق النفس والزوجة والجار والمسلم والمحارب والمسالم، عهود وأمانات والودائع للمسلمين تردها كما أخذتها أمانات، لكن الله ابتدأ بقضية الحكم؛ لأن أول ما يفصم من عرى الإسلام الحكم بما أنزل الله، وآخر ما يفصم من عرى الإسلام الصلاة، وأكثر من سبعين دستوراً في العالم كُتب في صفحاته الأولى: دين الدولة الإسلام، وكُتب على صفحة الواقع والعمل: لا إسلام، حتى تعرف الإشارة العظيمة إلى هذه القضية الخطيرة.

    إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ [النساء:58] كل الناس دون تفصيل للون أو لغة أو قومية أو أرض أو جنس أو عشيرة أو قبيلة أو عائلة، أو طول أو غنى أو فقر، ما دام أنه يحمل جنس الناس كل الناس في كل الأرض، يجب أن يعاملوا تحت عدل ومظلة الإسلام، لا امتيازات، لا محسوبيات، لا رشاوي ولا طبقية أَنْ تَحْكُمُوا كما يقول الله سبحانه وتعالى: بِالْعَدْلِ ولا عدل إلا من خلال منهج الله.

    1.   

    ضياع أمانة فلسطين السليبة

    ومن الأمانات التي سُلبت ويجب أن ترد إلى أصحابها هي قضية فلسطين ، يوم أن كان الشعب الفلسطيني يحمل السلاح ويجاهد العدو، وقد قارب من النصر واستعادة الأرض، جاءه من قال له: ألقِ السلاح وسلِّم السلاح، وأنا الذي أحمل الأمانات عنك، وأقاتل عنك بجيوشي الجرارة وجحافلي المرارة، فلما صدق هذا الشعب المسكين وألقى السلاح وسلم الأمانة بأعناق جيوش ودول، كانت الخيانة الكبرى، وإذا هو التآمر العميل، وإذا هي الخيانة لأمانة الله، هنا يأمر الله، لا يأمر أحداً سواه سبحانه، أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، واستمرت خيانة الأمانة ليس فقط من إسقاط السلاح من يد المقاتل، وإنما قتل المقاتل كما يحدث على أرض لبنان ، وفي غير لبنان ، قتله وذبحه إمعاناً في الخيانة، وإهداراً للأمانة التي طالب الله بها من حملها.

    وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً [النساء:58] لجميع المؤامرات التي تحاك وراء الكواليس، والشعارات المزيفة واستبزاز القضية سنين طويلة وحلبها حلباً مادياً. إن الله سميع بصير لا يفوته شيء من آهات الأطفال، وأنات الأمهات، وحنين الأولاد عبر السجون، والشيوخ الذين دكت أعقابهم بأعقاب البنادق، والشباب الحيارى الذين يصب عليهم العذاب صباً، والمهاجرين الذين يهاجرون من شارع إلى شارع، ومن بيت إلى بيت يشربون من مستنقعات الأرض، ويسكنون ركاماً من الحجارة والحديد و(الإسفلت) الذين لا يجدون شربة ماء، والأنهار تجري من تحتهم، هؤلاء وأمثالهم الله سبحانه وتعالى بهم سميع وبصير، فكل من تآمر عليهم لا يفوت عن سمع الله ولا عن بصره سبحانه وتعالى، فإن كان يمهل الآن المتآمرين فإن أخذه أليم شديد، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

    1.   

    وقفات مع الحكم بغير ما أنزل الله

    قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] وكما وجه القيادة لأداء الأمانة، وجه القاعدة لطاعة الله وطاعة رسول الله أولاً، ثم طاعة أولي الأمر، وحدد هويته أنه منكم يا أهل الإيمان والإسلام، وليس التشريق والتغريب في شريعتنا، فأولي الأمر هم منكم، وإلا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

    فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ [النساء:59] ولا بد من التنازع كبشر، لكن الذي يأتينا بالحلول السلمية أو الحلول الحربية هو الله ورسوله من خلال هذا المنهج العظيم، لا أن نستمد الحلول من الأعداء والمجالس، وإنما نستمدها من الله: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [النساء:59] الله أكبر! وإذا وجد الإيمان وجد الإسلام بالله وباليوم الآخر، ويثبت ذلك أننا نرد الأمر والتنازع إلى الله ورسوله وإلا فلا إيمان بالله ولا باليوم الآخر، مهما كُتب في شهادة الميلاد مسلم، وفي شهادة الوفاة مسلم: إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59].

    ثم يضرب الله لنا مثلاً نتعجب منه لهذا الصنف العميل: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ [النساء:60] انظر إلى التبجح وقلة الأدب وقلة الحياء! يعلنون أنهم آمنوا بما أنزل إليك أي: القرآن، وما أنزل من قبلك أي: جميع الأديان السماوية، هذا إعلان مكتوب: آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ [النساء:60] نعم تعالوا، لنرى الواقع بعد هذا الإعلان.

    يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ [النساء:60] ليس عن جهل، فهم يعرفون الحلال من الحرام، والحق من الباطل، والعدل من الظلم، والخير من الشر، والنور من الظلام، فالله أمرهم أن يكفروا بالطاغوت، فأطاعوا الشيطان وكفروا بالله.

    قال تعالى: وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً [النساء:60] الحق بين أيديهم ولكن الشيطان يقودهم إما إلى الشرق وإما إلى الغرب، ضلالاً بعيداً بعيداً، والحق بين أيديهم مبسوط: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا [النساء:61] وكلمة تَعَالَوْا فيها إنقلاع من والتبعية (تعالى) من العلو، اصعد وارفع نفسك من الطين والوحل والتبعية والتراب والذل والهوان، تعالوا إلى العلو الإيماني الإسلامي: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ [النساء:60] ألم تقولوا: إنكم آمنتم بما أنزل إلى الرسول وما أنزل من قبله! هيا: تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً [النساء:61].

    قال تعالى: فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ [النساء:62] لا تظن أن الله يتركهم هكذا يستمتعون، إنما تنـزل عليهم المصائب وتتزعزع العروش من تحتهم بما قدمت أيديهم.

    ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً [النساء:62] يحلفون بالله: نحن ما ذهبنا إلى الشرق أو إلى الغرب إلا للتوفيق والإحسان ومراعاة للحقوق الدولية، والقوانين الإنسانية، يتباكون عليها، قال تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً * وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً [النساء:63-64]. فَلا وَرَبِّكَ [النساء:65] يقسم الله: بذاته العلية فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] حتى هذا الحرج وهذا الإحراج المزعوم، لماذا لا تطبقون الشريعة؟ نعوذ بالله نطبقها! نقطع يد السارق! لماذا؟! لأنهم كلهم لصوص يخافون أن تقطع أيديهم، نزني فيأتي الشرع بحد الزنا ثم تريدونا أن نطبق شرع الله! فيكون أول مرجوم أولئك المنافقون، الإسلام يعريهم، لهذا يقول الله سبحانه وتعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً [النساء:65] ماذا نقول للدول الراقية المتقدمة؟

    الإسلام يقطع يد السارق، هذه وحشية، هذه همجية في عصر التقدمية، لا. لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] عند ذلك يظهر مقدار الإيمان والإسلام في قلوبهم، وإلا فلا إسلام قسماً برب السماوات والأرض: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النساء:65].

    ثم انظروا إلى رحمة الله سبحانه وتعالى.

    يقول عز وجل: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ [النساء:66] يسر الدين وما جعل فيه من حرج، هل أمرنا أن نذبح أنفسنا؟! هل أمرنا أن نخرج من بيوتنا وديارنا؟!

    لو أمر الله بذلك فمن يطيق أن يفعله، ولكن الله رحيم يسر الدين ورفع الحرج، ومع هذا يحرجون أنفسهم أمام الله بأخذ مناهج البشر وترك منهج الله رب العالمين، قال تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً * وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [النساء:66-69] ماذا تريدون أكثر من هذه الرفقة؟

    مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً [النساء:69] من يزهد عن رفقة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وسلم؟

    لماذا تجعلون الرفقاء لينين واستالين وجيفارا وغيرهم، وتتركون هذه الرفقة الطيبة المباركة في جنات النعيم؟!

    اللهم إنا نسألك رفقة الأنبياء والصالحين والشهداء والصديقين، فإنك على ذلك قدير وبالإجابة جدير، اللهم أعنا على أداء الأمانة إنك على ذلك قدير، اللهم أعنا على الحكم بما أنزلت إنك على ذلك قدير، اللهم اجعلنا للمسلمين هينين لينين برحمتك يا أرحم الراحمين!

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

    1.   

    الخطط العسكرية القرآنية في قتال الكفار

    الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ [النساء:70-71] أي: على شكل حرب عصابات، وهذه الآية تبين أن القرآن يخطط للعمليات العسكرية، لا يظن الجيل المسلم أن القرآن كتاب عبادات فقط، فالقرآن يرسم المعارك كما يرسم السياسات، وكما يرسم الاقتصاد والتعليم، إنه كتاب الله: تابعوا الخطط العسكرية التي رسمها القرآن والانتصارات التي بعدها مباشرة؛ لأن الذي يخطط ويرسم المعارك هو الله رب العالمين.

    قال سبحانه وتعالى في آيات أخرى: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ [الأنفال:57] هذه خطة عسكرية، أي: اضربهم ضربة عسكرية.

    كذلك يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً [التوبة:123]هذه خطة عسكرية مرسومة كما أن هذه هي الاستراتيجية للمعركة الإسلامية، وتنقسم إلى قسمين:

    إما حرب عصابات، كما هو الآن موجود في أفغانستان وقد داخ الشيوعيون منهم .

    وإما على شكل حروب نظامية عسكرية تلتقي فيها الجيوش مع الجيوش، الله يقول في كتابه الكريم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ [النساء:71] أي: جماعات أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً [النساء:71] أي: في جيش واحد.

    وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ [النساء:72] هذه الطائفة التي تبث الأراجيف وتهبط الهمم هم الطابور الخامس المتداخل معنا في الصف، وهو أخطر من العدو المكشوف: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ [النساء:72] انظر إلى الكلمة .. ثقيلة a= 6000564>لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً[النساء:72] يفرح إذا قتل المسلمون على سلامته هو، ويعتبر الشهادة خسارة.

    وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً [النساء:73] إذا كانت غنائم وأموال، يقول: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً إنما الفوز العظيم: هو الشهادة عند الله رب العالمين.

    حرام بن ملحان تأتيه ضربة على رأسه فيسيل الدم، فيأخذ الدم ويمسح وجهه، ثم يقول: فزت بها ورب الكعبة.

    أحد المجاهدين الأفغان جاءته ضربة في ساقه فقطعت، فسال الدم، فأخذ الدم بيده ومسح وجهه وقال: اللهم إني أسألك الشهادة، فجاءت قذيفة فقطعت رأسه، وإخوانه ينظرون.

    إنها كرامة الله للمجاهد عندما يخلص الدعاء لله رب العالمين.

    1.   

    القتال في سبيل الله لا سبيل الشيطان وأوليائه

    قال تعالى: فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ [النساء:74] لا نقاتل من أجل قومية أو عصبية أو نحو ذلك، وإنما نقاتل في سبيل الله، يؤكدها أكثر من ثلاث مرات: فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [النساء:74] أي: يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة: وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ [النساء:74] ويقدم القتل على الغلبة، لأن القتل في سبيل الله مكسب، وما ترك الجهاد في لبنان وفي فلسطين إلا من أجل حب متاع الدنيا وشهواتها، يخافون أن تزول تلك العروش، وجعلت الجيوش للمهرجانات والتلميع، والله سبحانه يجعل القتل في سبيله مكسب من أعظم المكاسب، فيقول: وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً * وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ [النساء:74-75] كما هم الآن على أرض لبنان وفي طرابلس ، كل الطوائف الظالمة قسمت أرض لبنان وأخذت نصيبها وحددت حدودها، وما بقي إلا المسلم لا والي له ولا نصير.

    الدول التي تحكمها طوائف وأحزاب لا تراعي القوانين الدولية التي تقول: لا يحق لنا أن نتدخل في حدود دولة، وأن الحروب الهجومية محرمة، وأن هذا من سيادة الدولة، والتدخل في شئون الدولة السياسية ممنوع دولياً، هذه كلها ألقيت تحت النعال وفوق التراب عند الأحزاب والطوائف الحاكمة للدول، ودخلت بدباباتها وأسلحتها واجتاحت المسلمين في أرض لبنان، وقسمت أرض لبنان وحددت حدودها، والتائه الحائر الذي يدور وتتقاذفه القذائف هو المسلم والفلسطيني على أرض لبنان.

    يقول الله لهم ولجيوشهم: وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا [النساء:75] أتعرفون ما هي هذه القرية التي ذكرت في هذه الآية؟ إنها مكة ، والذي اعتبر أرض مكة أرض حرب هم المهاجرون رضي الله عنهم، هم أهل مكة أنفسهم، لما هاجروا إلى المدينة ما قالوا: إن هذه مكة وطننا ويجب أن نراعي سيادتها وحرمتها، وأن نراعي البيت الحرام الذي فيها، لا. ما دام أن هناك ظلماً واضطهاداً وولداناً ونساءً وشيوخاً يعذبون ويجرون إلى الرمضاء، ويسلبون الحقوق، وجميع الأعراف الدولية تتكسر عند نصرة المظلوم فالحرب الحرب، قال الله سبحانه وتعالى يقول: وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً [النساء:75] والفلسطيني على أرض لبنان والمسلم لا ولي له.

    يقول سبحانه وتعالى: الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [النساء:76-77] يريدون أن يستمتعوا بملذات الدنيا وينتظروا أجلهم القريب وهو الموت الطبيعي، موت العجائز على الفرش بين الغانيات، لا يريدون أن يموتوا في الخنادق بين المجاهدين، إنها ملذات الدنيا وشهواتها التي جعلتهم يقعدون مع القاعدين، الله سبحانه وتعالى يقول: قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:77-78] أو قصور مزخرفة فإن الموت يأتيكم هناك وأنتم محصنون.

    وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً [النساء:78-79].

    أحبتي! استمعوا إلى هذا الختام المؤثر الذي يبين أثر طاعة الله وطاعة رسوله، وإن الذي يدير المعارك الإسلامية هو الله، والذي ينكل بالأعداء والذي له بأس شديد هو الله، لا تخشوا الناس، لا تخشوا الشرق أو الغرب، إنما الخشية لله رب العالمين، فاستمعوا إلى هذا الختام العظيم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً * وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً * أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً * وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً * فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً [النساء:80-84] والآية تظهر في نهايات المعارك يوم أن يتخلى الجميع عن الله وعن الإسلام والجهاد، من بقي في الساحة يجاهد؟

    محمد صلى الله عليه وسلم: لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ [النساء:84] ولو بقيت وحدك أيها المسلم فحدث نفسك بالجهاد.

    من سأل الله الشهادة صادقاً مخلصاً بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه.

    اللهم أنت أشد بأساً وأشد تنكيلاً، أرنا بأسك وتنكيلك الشديد في أعدائك وأعدائنا المتآمرين على الأقصى وفلسطين ، المتآمرين على المسلمين، الذباحين للأبرياء، الهتاكين لأعراض النساء، المهدرين للدماء، الناهبين للأموال.

    اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم جمد الدماء في عروقهم، وأخرجهم مجانين إلى الطرقات يتلاعب بهم الصبيان، اللهم مزقهم شر ممزق، واجعلهم أحاديث في الأرض إنهم يتسلطون على عبادك، اللهم أرنا فيهم بأسك الشديد، اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا مؤمناً إلا ثبته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا سوءاً إلا صرفته, ولا عيباً إلا سترته وأصلحته، ولا مسافراً إلا حفظته، ولا غائباً إلا رددته، ولا مجاهداً في سبيلك إلا نصرته، ولا عدواً إلا قصمته وأخذته.

    اللهم آمن روعاتنا، وثبتنا يوم الفتنة، وأطعمنا يوم الجوع، واسقنا يوم الظمأ، واسترنا يوم العورة، وآمنا يوم الفزع، وصبرنا يوم الجزع، واجمعنا يوم الشتات، وارحمنا يوم اليأس، إنك على ذلك قدير.

    ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755962639