إسلام ويب

شرح ألفية ابن مالك [66]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إذا نسبت العرب إلى قبيلة أو بلدة أو شخص جاءت بياء مشددة في آخر الاسم المنسوب إليه، ويلزم أن يكون ما قبل ياء النسب مكسوراً، وإذا كان قبلها ياء مشددة حذفت لتبقى ياء النسب، وقد فصل النحاة في أحكام ألف وتاء التأنيث والحروف الزائدة في المنسوب إليه.

    1.   

    النسب

    تعريف النسب

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [النسب

    ياء كيا الكرسي زادوا للنسب وكل ما تليه كسره وجب].

    قوله: (النسب) ويقال: النسبة، ويقال: الإضافة، ومعناه: أن تنسب الشيء إلى الشيء، إما باعتبار القبيلة، وإما باعتبار البلد، وإما باعتبار العلم، وإما باعتبار الصنعة والمهنة، وما أشبه ذلك.

    فقولنا: مكِّي، نسبة إلى البلد، وقرشي إلى القبيلة، ونحوي إلى العلم. وحرفي إلى الحرفة والصناعة، وعلى هذا فقس.

    المهم أنه إضافة شيء إلى شيء لينسب إليه، سواء كان ذلك قبيلة أو بلداً أو ما أشبه ذلك.

    وله صيغتان: الصيغة الأولى: أن تحوله إلى ما يشبه صيغة المبالغة، كنجار، وحداد، وما أشبه ذلك، وهذا في المنسوب إلى الحِرَف كما قال الحريري في ملحة الإعراب:

    وانسب أخا الحرفة كالبقال ومن يضاهيه إلى فَعَّال

    الصيغة الثانية: أن تزيد ياءً في آخره، وهذه الياء يتعلق بها أحكام كما سيأتي.

    قوله: (ياءً كيا الكرسي زادوا للنسب):

    زادوا: فعل وفاعل.

    ياءً: مفعول مقدم. والفاعل في قوله: (زادوا) يعود إلى أهل اللغة؛ لأن النحويين ليس لهم حق في صياغة الألفاظ وإنما الحق لأهل اللغة.

    وقوله: (للنسب) اللام للتعريف، أي: لأجل أن ينسب المضاف إلى ما اشتق منه المنسوب إليه.

    وأشار المؤلف بقوله: (كيا الكرسي) إلى أن ياء الكرسي ليست للنسب، وهو كذلك؛ لأن ياء النسب إذا حذفتها فإن المنسوب إليه يكون له معنىً قائم بنفسه، فمثلاً: مكِّي، إذا حذفنا ياء النسب، قلنا: مكة، فله معنىً قائم بنفسه، وكذلك قرشي، إذا حذفنا ياء النسب قلنا: قريش، لكن كرسي إذا حذفنا الياء قلنا: كُرس، فليس له علاقة بكرسي، فإن (كرسي) كلمة وضعت لما يجلس عليه.

    وقوله: (كيا الكرسيّ) وجه المشابهة بينهما أن كلاً منهما ياءٌ مشددة تظهر عليها علامة الإعراب.

    قال: (وكل ما تليه كسره وجب) هذا من الأحكام التي تحدث بعد النسبة، أن كل ما تليه يجب كسره، مثال ذلك: إذا قلت: تميم، الميم الأخيرة في تميم غير مكسورة، لكن إذا نسبت إلى تميم وجب فيها الكسر، فتقول: تميميٌ، وتقول: نحويٌ، وتقول: مكيٌ، وعلى هذا فقس.

    كذلك من الأحكام: أن الإعراب ينتقل عما قبلها إليها، فبدلاً من أن يكون الإعراب على آخر المنسوب إليه يكون الإعراب على ياء النسبة، كأن تقول: جاء تميمٌ، ورأيت تميماً، ومررت بتميمٍ، لكن إذا نسبت انتقل الإعراب إلى ياء النسبة، فنقول: جاء تميميٌ، ورأيت تميمياً، ومررت بتميميٍ.

    حذف الياء المشددة من آخر الاسم المنسوب

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [ومثله مما حواه احذف وتا تأنيث او مدته لا تثبتا].

    قوله: (مثله) أي: مثل ياء الكرسي (مما حواه احذف) أي: إذا حوى المنسوب إليه ياءً كياء الكرسي وجب حذفها حتى لا تجتمع ياءان شبيهتان أو مِثلان في كلمة واحدة، مثاله: الشافعي ، اسمه محمد بن إدريس الشافعي ، نسبة إلى شافع، عندما تنسب رجلاً من أهل العلم إلى مذهب الشافعي تقول: الشافعيّ، فالياء التي في المنسوب الشافعي ليست هي الياء في المنسوب إليه، بل الياء في المنسوب إليه حذفت، فإذا قلت: أحمد بن علي بن حجر الشافعي، فالياء في الشافعي ليست هي الياء التي في قولك: محمد بن إدريس الشافعي؛ لأن الياء التي كانت في المنسوب إليه حذفت، وحلت ياء النسب محلها.

    حكم تاء التأنيث وألفه في آخر الاسم المنسوب

    قوله: (وتا تأنيث او مدته لا تثبتا) مما يحذف تاء التأنيث، فيجب حذفها عند النسبة فمكة نقول فيها: مكي، ونحذف التاء، وفي تجارة نقول: تجاري، وفي وردة: وردي.

    إذاً: تاء التأنيث تحذف، سواء كانت رابعة أو أكثر.

    قوله: (أو مدته) أي: مدة التأنيث، وهي ألف التأنيث المقصورة فتحذف كذلك، ولهذا قال: (لا تثبتا)، فعند النسبة إلى سلمى نقول فيها: سلمي، ونحذف الألف.

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [وإن تكن تربع ذا ثان سكن فقلبها واواً وحذفها حسن].

    قوله: (وإن تكن) الضمير يعود إلى ألف التأنيث لا إلى تاء التأنيث، (تربع) أي: إذا جاءت رابعة، لكن النظم يضيق على الإنسان فقد يعبر الناظم بشيء خفي عادلاً عما هو واضح من أجل الضرورة.

    (ذا ثان سكن) أي: ما ثانيه ساكن، (فقلبها واواً وحذفها حسن).

    مثاله: حبلى، الألف فيها رابعة، والحرف الثاني منه ساكن، إذاً تنطبق على قوله: (وإن تكن تربع ذا ثان سكن) يقول المؤلف: (فقلبها واواً وحذفها حسن) فتقول في النسبة إلى حُبلى: حبلويٌّ، فهذا قلبها واواً، وتقول: حُبْليٌّ، وهذا حذفها.

    إذاً: إذا كانت ألف التأنيث رابعة فيما ثانيه ساكن جاز فيها وجهان: قلبها واواً، وحذفها، والأصل الذي يبنى على القاعدة هو الحذف؛ لأن المؤلف قال فيما سبق: (أو مدته لا تثبتا).

    حكم ألف الإلحاق في الاسم المنسوب

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [لشبهها الملحق والأصلي ما لها وللأصلي قلب يعتمى].

    قوله: (لشبهها) أي: شبه ألف التأنيث، (الملحق) أي: الذي يلحق بألف التأنيث، وهي ألف يسمونها ألف الإلحاق، فليست ألف التأنيث وليست أصلية، مثل: علقى، الألف فيها للإلحاق.

    فالألف التي للإلحاق يقولون إنه يثبت لها حكم ألف التأنيث، ولهذا قال: (ما لها وللأصلي قلب يُعتمى) أي: الألف الأصلية التي هي رابعة فأكثر فيما ثانيه ساكن يجوز فيها وجهان كما سبق، لكن القلب في الأصل يعتمى، أي: يختار، والأمثلة ستكون في الشرح.

    أفادنا المؤلف الآن أن الألف المقصورة تكون على ثلاثة أوجه: للتأنيث، وللإلحاق، وأصلية. فألف التأنيث الأصل فيها الحذف، ويجوز فيما كانت فيه رابعة مما ثانيه ساكن وجهان: الحذف والقلب.

    وألف الإلحاق حكمها حكم ألف التأنيث، فتحذف إلا إذا كانت رابعة فيما ثانيه ساكن فيجوز فيها وجهان.

    والألف الأصلية نقول فيها ما نقول في ألف التأنيث، إلا أن المؤلف يقول: إن القلب هو الذي يختار.

    ثم قال رحمه الله تعالى:

    [والألف الجائز أربعاً أزل كذاك يا المنقوص خامساً عزل].

    قوله: (والألف) مفعول مقدم لقوله: أزل، (الجائز) صفته، ومعنى (الجائز أربعاً) أي: الذي تجاوز أربعة أحرف، فالألف إذا تجاوز أربعة أحرف فإنه يحذف بكل حال، سواء كان للتأنيث، أو أصلياً، أو للإلحاق، فنقول مثلاً في مصطفى: مصطفِيٌّ؛ لأنه ألف جاوز أربعة.

    حكم ياء المنقوص في الاسم المنسوب

    قوله:

    (كذاك يا المنقوص خامساً عُزل).

    ياء المنقوص إذا كان خامساً فأكثر فإنه يُعزل، أي: يحذف، وانظر إلى المؤلف رحمه الله من أجل ضيق النظم يعبر بتعبيرات مختلفة، ولو جاء بهذه كلها في عبارة واحد وقال: تحذف، لكان أسهل، لكن مشكلة النظم هي التي تلجئه إلى مثل ذلك.

    فكلمة (أزل) وكلمة (عُزل) وكلمة (لا تثبتا) كلها معناها: احذفها، لكن نظراً لضيق النظم عبر بهذه الألفاظ.

    فالمنقوص إذا كان ياؤه خامساً فإنه يحذف، مثاله: مهتدِ، الياء كانت خامسة، فإذا نسبت إلى مهتدٍ تقول: مهتديّ، بالياء المشددة، وهذا مهتديُّ القومِ؛ مثلاً.

    إذاً: الذي يحذف: الياء التي تشبه ياء النسب، وتاء التأنيث مطلقاً، ومدة التأنيث، إلا إذا كانت رابعة فيما ثانيه ساكن فيجوز الوجهان، ومدة الإلحاق والمدة الأصلية حكمها حكم مدة التأنيث، إلا أن الأولى في الأصلية القلب فيما تجاوز أربعة فأكثر.

    وياء المنقوص إذا كانت خامسة فأكثر فإنها تحذف، فنقول في مهتدٍ: مهتديّ، لكن فرق بين مهتدٍ ومهتديّ، فنقول: جاء مهتديٌّ، وجاء مهتدٍ، فقط؛ لأنها منقوصة.

    قال رحمه الله تعالى:

    [والحذف في اليا رابعاً أحق من قلب وحتم قلب ثالث يعن].

    إذا كانت الياء رابعة فحذفها أحق من قلبها واواً، فتقول في قاض: قاضيّ، وقد تقلب واواً فتقول: قاضوي.

    وإن كانت الباء ثالثة قلبت واواً وفتح ما قبلها، فتقول في شجٍ: شجَوي.

    النسبة إلى الثلاثي المكسور العين

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [وأول ذا القلب انفتاحاً وفعِلْ وفُعِلٌ عينهما افتح وفِعِلْ].

    قوله: (وأول ذا القلب) (ذا) قد تكون اسم إشارة، وقد تكون بمعنى صاحب، أي: صاحب القلب، (انفتاحاً) أي: اجعل ما قبله مفتوحاً، وعلى هذا فنقول: أول: فعل أمر، والفاعل: مستتر وجوباً.

    ذا: مفعول به مبني على السكون في محل نصب، إذا قلنا إنه اسم إشارة، وإن المعنى: وأول هذا القلب.

    وإن جعلنا (ذا) بمعنى صاحب فنقول: مفعول به منصوب بالألف نيابة عن الفتحة، لأنه من الأسماء الخمسة.

    انفتاحاً: المفعول الثاني لأولِ.

    وإذا كانت ذا اسم إشارة فالقلب بدل، وإن كانت بمعنى صاحب فهي مجرورة بالإضافة.

    وانفتاحاً: مفعول ثان، ومعنى (أوله انفتاحاً) أي: اجعله يلي انفتاحاً.

    أي: أن ما قبله يجب أن يكون مفتوحاً، فإذا قلبنا وجب أن نفتح ما قبله بكل حال، فنقول في: شجي -شين جيم ياء- نقول في النسبة إليها: شجوي، فنحن الآن قلبنا الياء واواً؛ لأنها ثابتة، ويجب أن نفتح ما قبلها ولو كان مكسوراً، فنقول: شجَوي، هذا معنى قوله: (وأولِ ذا القلب انفتاحاً)، وعلى هذا فمتى قلب حرف العلة واواً وجب فتح ما قبله بناء على هذه القاعدة.

    قوله: (وفَعِلْ وفُعِل عينهما افتح وفِعِل) يقول المؤلف: فَعِل، وفُعِل، وفِعِل، هذه ثلاث كلمات كل منها على ثلاثة أحرف، لكن الأولى مفتوحة الفاء، والثانية مضمومة الفاء، والثالثة مكسورة الفاء، إذا نسبت إلى هذه الثلاثة يقول: (عينهما افتح) وفاؤهما تبقى على ما هي عليه، إن كانت مضمومة فهي مضمومة، وإن كانت مكسورة فهي مكسورة، وإن كانت مفتوحة فهي مفتوحة، لكن عينهما افتح.

    عين: مفعول مقدم لـ (ا فتح)

    فقوله: (وفَعِل) إذا نسبت إليها تقول: فَعَلي، مثاله: نَمِر، فالنون مفتوحة والميم مكسورة، عندما ننسب إليها نقول: نَمَري.

    و(فُعِل) مثاله: دئل، نقول: دؤلي، ومنه أبو الأسود الدؤلي .

    لأن المؤلف يقول: إذا نسبت إلى فُعِل فافتح العين.

    (وفِعِل) مثاله: إبل، إذا أردنا أن ننسب شخصاً إلى الإبل نقول: إبلي.

    إذاً: في كل من (فَعِل، وفُعِل، وفِعِل) نفتح العين، وأما الفاء فتبقى على ما هي عليه، وأما اللام فقد تقدم أن ما قبل ياء النسبة يجب أن يكون مكسوراً.

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [وقيل في المرمي مرموي واختير في استعمالهم مرمي].

    سبق لنا أن المنسوب إلى الياء المشددة تحذف منه الياء الأولى ويؤتى بدلها بياء النسبة جديدة، كالنسبة إلى الشافعي، وهكذا (مرمي) النسبة إليه: مرميّ، هذه القاعدة، لكن مع ذلك جاء عن العرب أنهم قالوا في المرمي: مرموي، لكن انظر إلى قوله: (قيل في المرمي)، فهو يدل على التضعيف، ولهذا قال: (واختير في استعمالهم مرمي) فتقول: جاء المرموي، وتقول: جاء المرمي، نسبة إلى مرمي.

    النسبة إلى ما آخره ياء مشددة مسبوقة بحرف واحد

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [ونحو حي فتح ثانيه يجـب واردده واواً إن يكن عنه قلب].

    كلمة (حي) الياء الأولى، لا تحذف بل تبقى، لكن تقلب الثانية واواً، فيقال في حي: حيوي، أما الياء الثانية فقد قلبت إلى واو على القاعدة السابقة؛ لأنها ثالثة، أما الياء الأولى فقد حصل فيها تغيير وهو الفتح، فقد كانت ساكنة، لكن لما نسبنا يقول: (ونحو حي فتح ثانيه يجب) فتقول: حَيَوي.

    قوله: (واردده ياء إن يكن عنه قلب) أما إذا كان ياء وأصله الياء فيبقى على حاله، ولا يرد إلى الواو، وكلمة (حي) مأخوذة من الحياة، فالياء الثانية فيه أصلية تقول: حيي زيد، ولا تقول: حوي زيد، وتقول: حيي الشجر، ولا تقول: حوي الشجر، إذاً الياء أصلية، فتبقى الأولى على أصلها، والثانية تقلب واواً كما سبق، فنقول: حيوي.

    فقول المؤلف: (واردده واواً إن يكن عنه قلب) أي: إن كانت الياء الأولى في نحو حي قد قلبت عن واو فإنها ترد إلى أصلها، مثل: طي، فيه ياء مشددة بعد الحرف الأول وهي مثل حي، لكن الياء الأولى في طي منقلبة عن واو، فعندما ننسب إلى طي نقول: طووي، فعندنا الآن واوان:

    الأولى: رددناها إلى أصلها، والياء الثانية من الأصل تقلب واواً عند النسب.

    وإذا نسبنا إلى (لي) نقول: لووي، لأن (لي) أصله من لوى يلوي لياً.

    وإذا نسبنا إلى (شي) من شي اللحم نقول: شووي؛ لأنها من شوى يشوي، فأصل الياء الأولى واو.

    كذلك نوى اسم لبلد، نقول في النسبة إليها: نووي، وإذا نسبنا إلى نواة التمر، كواحد يبيع نوى التمر، فنقول: نووي.

    النسبة إلى ما آخره علامة تثنية أو جمع

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [وعلم التثنية احذف للنسب ومثل ذا في جمع تصحيح وجب].

    قوله: (علم التثنية) بمعنى: علامة التثنية.

    (احذف للنسب) أي: إذا نسبت.

    فإذا نسبت إلى مثنى وجب أن تحذف علامة التثنية، فتقول في النسبة إلى زيدان: زيدي، وتحذف الألف والنون، وفي النسبة إلى البحرين: بحري، ولا تقول: بحريني بحراني.

    والمسألة فيها خلاف، فهناك من يرى أنك تبقيها، وتقول: بحراني، وبحريني إذا نسبت إلى المنصوب.

    قوله: (ومثل ذا في جمع تصحيح وجب) أي: حذف العلامة في جمع التصحيح واجب، مثلاً: المسلمون، ننسب إليها ونقول مسلمي، ولا نقول مسلموني، وفي مسلمات: مسلمي، وشجرات: شجري، وهكذا.

    إذاً: علامة الجمع وعلامة التثنية يجب أن تحذف؛ لأنها على تقدير الانفصال؛ إذ هي علامة زائدة على بنية الكلمة فوجب أن تحذف.

    وبالنسبة للبحرين، هناك من يقول إنه لا يعرب إعراب المثنى، وإنما يعرب بالحركات على النون، وعلى هذا الرأي لا نحذف العلامة، فمثلاً يقولون: سكنت البحرينَ، وسافرت إلى البحرينِ، وسار في البحرينِ، فيعربون بالحركات، وعلى هذا الرأي ننسب إليها بدون حذف فنقول: بحريني؛ لأننا جعلنا النون كأنها أصلية حيث جعلناها تعرب بالحركات.

    النسبة إلى نحو طيب

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [وثالث من نحو طيب حذف وشذ طائي مقولاً بالألف]

    قوله: (وثالث من نحو طيب حذف).

    ثالث: مبتدأ، وهو نكرة، لكن سوغ الابتداء بالنكرة أنه موصوف بقوله: (من نحو طيب)، وجملة (حذف): خبر المبتدأ.

    وقوله: (حذف) الذي حذفه هم أهل اللغة.

    وكلمة (طيب) مكونة من أربعة أحرف، الثالث منها ياء مكسورة أدغمت فيها ياء قبلها، فيجب أن تحذف الياء الثانية، وهي ثالثة الحروف، فبالنسبة للكلمة ككل هي الثالثة، فتقول في طيب: طَيِْبي، وتقول في جيد: جَيْدِي، وعلى هذا فقس، كلما أتت الياء مشددة ثانية، فإنها تحذف الياء الثانية من هذه المشددة.

    وعلى هذا نقول في طيء: طيئي، لكن أهل اللغة يحكمون ولا يحكم عليهم، وهم يقولون: فلان الطائي، ولا يقولون فلان الطيئي، فيجعلون الياء ألفاً، فإن أحد من العرب جاء وقال: فلان الطائي، فلا نخطئه؛ بل: نقول: هو الحاكم علينا، لكن كيف قال: (وشذ طائي)؟

    ولابد أن نعرف الفرق بين ندر وبين شذ: فشذ باعتبار القواعد، وندر باعتبار استعمال العرب، فاللغة القليلة يقال فيها ندر، واللغة المشهورة الكثيرة لكنها خارجة عن قواعد النحو يقال: شاذ؛ لأنه فرض نفسه باستعمال العرب له، لكن خالف القواعد فيكون شاذاً، فهو شاذ يعمل به ولا يقاس عليه، والشاذ في الحديث لا يعمل به؛ لأنه ضعيف، لكن الشاذ في اللغة العربية يعمل به، ولا يقاس عليه.

    إذاً: القاعدة من هذا البيت: كل اسم رباعي ثانيه ياء مشددة نحذف الياء الثالثة عند النسبة.

    فإذا قال إنسان: ما تقولون في قول العرب: طائي؟ نقول: هذا شاذ وخارج عن القياس.

    النسبة إلى فَعيلة وفُعيلة

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [وفَعلي في فَعلية التزم وفُعلي في فُعيلةٍ حتم].

    قوله: (وفعلي في فعيلة التزم) الأصل أن النسبة إلى فعيلة: فعلي، مثل: جريدة: جردي، صحيفة: صحفي، ما الذي حصل؟

    لو أننا أبقينا حروف المنسوب إليه على ما هي عليه فسنقول في النسبة إلى صحيفة: صحيفي، وفي جريدة: جريدي، وفي غريسة: غريسي، وفي غليظة: غليظي.

    إذاً: غليظي غلط، والصواب: غلظي، وفي عقيدة نقول: عقدي، ولا نقول: عقيدي؛ لأن فعيلة تحذف ياؤها، وتحذف عينها، فنقول كلما نسبنا إلى فعيلة: فعلي، ولهذا قال: (فعلي في فعيلة التزم) أي: التزم لغة لا شرعاً.

    قوله: (وفُعَلي في فُعيلة حتم) إذا جاءت كلمة على وزن (فُعيلة) ونسب إليها فلابد أن تحذف الياء مثل ما قلنا في عنيزة: عنزي، وفي بريدة: بردي، وفي جهينة، جهني، وعلى هذا فقس.

    قال المؤلف رحمه الله:

    [وألحقوا معل لام عريا من المثالين بما التا أوليا].

    المثالان هما: فَعيلة وفُعيلة، قوله: (وألحقوا معل لام) (معل لام) أي: الذي آخره حرف علة (عريا) أي: ليس في آخره تاء؛ لأن فَعِيْلة فيها تاء، وفُعَيلة فيها تاء.

    (ألحقوا بما التا أوليا) أي: ألحقوا بما فيه التاء، فالمعلل اللام إذا عري من التاء فإنه يلحق بما فيه التاء، وينسب إليه على فَعلي، أو فُعلي، مثاله: تقول في عدي: عدوي، ولو أبقيناها على أصلها لقلنا: عديوي، ولكن ما نسب إليه يكون كفعلي، وتقول في قصي: قُصوي، كفُعلي.

    فأفادنا المؤلف رحمه الله أن ما خلي من التاء -أي: ما كان على وزن فَعيل أو فُعيل- وكان معتل اللام فحكمه حكم ما فيه التاء، أي أنه ينسب على فَعلي أو على فُعلي.

    ويؤخذ من قوله: (معل لام) أنه إذا كانت لامه صحيحة ونسب إليه على فعلي فإنه يكون شاذاً، فمثلاً: قريش، نقول: قرشي، وهذا استعمال العرب لها، لكنه على قاعدته شاذ.

    كذلك في ثقيف نقول: ثقفي، واللام في ثقيف صحيحة، ومع ذلك العرب يقولون: ثقفي، ومقتضى ما قعده ابن مالك لذلك أن نقول: ثقيفي، إذاً يكون قولنا في النسبة إلى ثقيف: ثقفي، شاذاً، وإلى قريش: قرشي كذلك يكون شاذاً، وهذا رأي سيبويه قال: إن هذا شاذ، فيحفظ ولا يقاس عليه.

    وفي صهيب نقول: صهيبي، ولا نقول: صهبي؛ لأنه ما سمع، فما دام أنه لم يسمع نمشي على القاعدة، ولكن بعض النحويين قال: إن (قريش وثقيف)، وما أشبهها مما كان العرب ينسبون إليه على فَعلي أو فُعلي يدل على أن هذا قياس وليس سماعاً، وعلى هذا فيكون مطرداً لا شاذاً، فيجوز لي أن أنسب إلى صهيب بصهيبي وصهبي؛ لأن العرب قالوا في قريش: قرشي، وهذا مطرد عنهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756272936