إسلام ويب

شرح العقيدة الواسطية [4]للشيخ : عبد الله بن محمد الغنيمان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من عقيدة أهل السنة إثبات علو الله على خلقه، وهذه صفة ذاتية لله عز وجل، وَإثبات استوائه سبحانه على العرش، وهي صفة فعلية، وقد دلت الأدلة السمعية والعقلية على إثبات علو الله على خلقه، واستوائه على عرشه.

    1.   

    إثبات علو الله تعالى

    1.   

    قوله تعالى: (يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ)

    قوله رحمه الله: [ وقول الله تعالى: يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [آل عمران:55] ] هذا خطاب من الله جل وعلا، وإذا جاءت ياء النداء فلا يحتمل إلا الكلام المسموع الذي يلفظ به ويسمع، ولابد أن يكون بحروف وأصوات، لا يحتمل الأمر غير هذا، فلهذا صار هذا من أعظم النصوص وأوضحها في إثبات كلام الله جل وعلا، ومن أعظم ما يرد على أهل الباطل الذين أنكروا كلام الله.

    يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ الوفاة هنا جاء تفسيرها بتفسيرين عن السلف، أحدهما: متوفيك أي: قابضك، وليس القبض هنا المقصود به الموت، بل من باب قبض الشيء إذا قبضه كاملاً وذهب به.

    الثاني: متوفيك أي: منيمك ثم رفعه نائماً، وهو صلى الله عليه وسلم حي لم يمت، وقد جاءت الأخبار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سينزل ويحكم بهذا الشرع، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويبذل المال حتى لا يأخذه أحد، فتكون السجدة يومئذٍ خير من الدنيا وما فيها)، يعني: عند الناس، وهذا من أشراط الساعة الكبرى، فإنه إذا نزل يكون قد خرج الدجال قبله؛ لأنه ينزل ليقتله، فهو الذي يقتل الدجال.

    والمسيح مسيحان: مسيح في الخير والهدى، ومسيح في الضلالة والردى، فمسيح الضلالة هو الدجال الأعور الكذاب، أعظم كاذب على وجه الأرض، وفتنته أعظم الفتن، وهو من اليهود، واليهود ينتظرونه، ومن علامات خروجه اجتماعهم في فلسطين، فهم ينتظرونه لأنه على مذهبهم وعلى نحلتهم، وهم أخبث خلق الله جل وعلا، بل هم أعداء الله، وقد جاء في صحيح مسلم : (أنه يخرج من خلة بين الشام والعراق، ويتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفاً على رءوسهم الطيالس)، وجاء في وصفه أنه أول ما يخرج يدعي أنه مصلح، وأنه سيقضي على الفساد في الأرض، فيفتتن به خلق كثير ويتبعونه، ثم إذا تمكن بعد ذلك يدعي أنه نبي، فيفارقه كثير من أتباعه عند ذلك، ثم يتمادى به الأمر ويدعي أنه رب العالمين، ولما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن سرعة مسيره قال: (كالغيث إذا استدبرته الريح)، يعني: مثل السحاب الذي استدبرته الريح الشديدة التي تهب بسرعة.

    وأخبر أن مكثه أربعون يوماً فقط، وأنه يطأ كل بلاد الأرض إلا مكة والمدينة، يكون عليهما ملائكة يذودونه عنهما، ومع ذلك يأتي إلى قرب المدينة ويضرب خيامه، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، ويخرج إليه المنافقون والمنافقات ويتبعونه، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سمع به منكم فلينأ عنه) يعني: ليبتعد عنه (فإن الرجل يأتيه واثقاً بنفسه، فلا يزال حتى يتبعه ويؤمن به؛ لما معه من الفتن).

    وهذه الأيام الأربعون: يوم منها كسنة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع، وبقية أيامه كهذه الأيام، ولهذا السبب جاء في صحيح مسلم : (ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: الدابة، والدجال، وطلوع الشمس من مغربها)، فجعل الدجال من العلامات التي إذا جاءت لا ينفع الإيمان، ولا تنفع التوبة، والسبب في هذا هو ما جاء في هذا الحديث أن أيامه يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع، فهذا إيذان باختلاف الكون، وأنه يختل وسينتهي عن قرب، فهي آيات تضطر النفس حينئذٍ إلى الإيمان بالله جل وعلا المتصرف بها، فإذا جاءت الآيات التي تضطر الإنسان إلى الإيمان، يصبح الإيمان بالغيب لا مزية له، وصار إيمان بالمشاهد، والإيمان بالمشاهد لا يفيد.

    معنى قوله: (ورافعك إليّ)

    الرفع باتفاق أهل اللغة الذهاب إلى العلو، كما في قوله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ، والضمير لله جل وعلا، فهذا نص لا يحتمل التأويل، يدل على أن الله فوق.

    وقوله تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء:158] هذا أيضاً في عيسى، وهو رد لما تقوله اليهود والنصارى، فاليهود يزعمون أنهم قتلوه، وقد كذبهم الله جل وعلا في ذلك، فقال: وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء:157-158]، وذلك أنه شبه لهم، فعندما أرادوا قتله، كان في بيت، وأحاطوا به، فمكر الله جل وعلا بهم وهو خير الماكرين، فألقى شبهه على رجل منهم فأخذوه وقتلوه، وقد رفع إلى السماء، فهو حي في السماء، وبعض العلماء يقول: إنه توفي نوع وفاة، ولكن هذه الوفاة قريبة من النوم، ولم يتوف الوفاة التي يكون فيها خروج الروح، وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية ، فهو حي وسينزل، فحياته متصلة من ذلك الوقت إلى الآن، وإلى أن يموت بعد أن ينزل.

    وأما النصارى فهم يقولون: إنه ابن الله أو إنه هو الله، وهذا معنى قولهم: إن اللاهوت دخل في الناسوت، يعنون أن الإله دخل في الإنسان، تعالى الله وتقدس، وهذا من الحلول الباطل.

    1.   

    قوله تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب)

    وقوله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:10]، إِلَيْهِ : الضمير هنا يعود إلى الله جل وعلا، والصعود نص في الذهاب إلى العلو، لا يحتمل غيره، أما أصعد ويصعد فمعناه: الإمعان في الهرب والإبعاد فيه، ومنه (تصعدون) يعني: تهربون عنه، وتبتعدون عنه، أما صعد فلا يحتمل إلا العلو، فهو نص في علو الله جل وعلا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ، والكلم الطيب: هو ما اصطفاه الله جل وعلا إما من كلامه وإما من التسبيح والتهليل، وذكر أوصافه، وما أشبه ذلك، فهذا هو الكلام الطيب، فهو يصعد إلى الله إذا قبله.

    وقوله: وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ : اختلف في ضمير قوله: (يرفعه) هل يعود إلى الكلم أو أنه يعود إلى الله، ويكون الكلام مستأنفاً؟ أي: والعمل الصالح يرفعه الله أيضاً، فيكون دليلاً آخر على علو الله جل وعلا، فمرة جاء بلفظ الصعود، ومرة بلفظ الرفع أو أن العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب؟ كلا المعنيين صحيح.

    1.   

    قوله تعالى عن فرعون: (يا هامان ابن لي صرحاً)

    وقوله عن فرعون -جازاه الله بما يستحق- يخاطب وزيره: يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً.. [غافر:36] وفرعون: اسم لكل من ملك مصر كافراً، كما أن النجاشي اسم لكل من ملك الحبشة كافراً، وكسرى اسم لمن ملك الفرس، وقيصر اسم لمن ملك الروم من الكفار، وكل هذا لا يكون علماً على رجل واحد، بل كل من كان ملكاً منهم يكون له هذا الاسم؛ ولهذا اختلف في اسم فرعون الذي أرسل إليه موسى؛ لكثرة الفراعنة.

    فقوله: يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً [غافر:36-37] يدلنا صراحة على أن موسى عليه السلام أخبر فرعون بأن الله في السماء، والآية صريحة في ذلك، فلهذا أمر أن يبنى له بنيان؛ لتوهيم الناس وإضلالهم والتلبيس عليهم بأنه يستطيع أن يصعد في هذا البناء وينظر إلى ما أخبره به موسى عليه السلام؛ ولهذا قال: وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً يعني: في خبره الذي قال: إن الله في السماء.

    فالدليل في هذا من جهتين:

    الجهة الأولى: أن موسى أخبر بذلك.

    الثاني: أن هذا عام جاءت به الرسل، وهذا في الواقع تضافرت عليه أدلة الوحي، وأدلة العقل، وأدلة الفطرة، فكل هذه الأدلة شاهدة عليه.

    فمن أدلة العقل أن يقال: من المعلوم قطعاً أن الخالق غير المخلوق، ومن لم يعتقد هذا فهو كافر بالله جل وعلا، فإذا كان المخلوق له ذات معينة، والخالق له كذلك ذات معينة تتعالى وتتقدس أن تختلط بالمخلوق، فالمخلوق وجد بعد أن لم يكن.

    فيقال لهؤلاء الضلال: حينما خلق الله جل وعلا الخلق أين خلق الخلق؟ هل خلقهم في ذاته أي: داخل ذاته؟ تعالى الله وتقدس، فإن قالوا ذلك فقد كفروا؛ لأنهم لم يميزوا بين خالق ومخلوق، وإن قالوا: خلقهم منفصلين عنه بائنين عنه، فيقال: هل يجوز أن يكون المخلوق أعلى من الخالق؟ لا يجوز قطعاً.

    إذاً: لابد من القول: بأن الله عال على خلقه، وأن خلقه تحته، وأنه فوقهم قاهر لهم، هذا من ناحية العقل والنظر، ونحن لا نصير إلى العقل إذا كان العقل مخالفاً للوحي، وإنما نقول به إذا كان موافقاً له ومتفقاً معه، والوحي لا يأتي بمخالفة العقول السليمة الصحيحة، ولكن يأتي بما تحار فيه العقول ولا تدركه؛ لأن العقول لها حدود لا تستطيع أن تصل إلى كثير من الأشياء التي تكون بقدرة الله جل وعلا.

    معنى قوله: (لعلي أبلغ الأسباب)

    الأسباب المقصود بها هنا: الأشياء التي يتوصل بها إلى المطلوب، فهنا جعل السبب البناء العالي المرتفع، فليس عندهم صواريخ ورافعات، إنما عندهم البناء، والبناء ما يعدو الأرض، ولا يمكن أن يعدو طور قدرة الإنسان المحدودة فهو تمويه زائد، تمويه لا ينطلي إلا على السفهاء أشباه البهائم والأنعام، الذين هم أتباع كل ناعق، وإلا فكل من عنده عقل يدرك غطرسته وكذبه وتزويره، وكونه يبني بناء يصل به إلى السماء مستحيل، ولكن إذا كان الإنسان له رئاسة وله قهر وسلطة، فإنه يُصدَّق بالشيء الذي يكون مستحيلاً، فلهذا اتبعوه على ذلك وصدقوه بهذا التصديق الظاهري فقط، أما بالقلوب والعقول فلا يمكن أن يصدقوه.

    وكلمة أسباب تطلق على الحبال، كقوله جل وعلا: مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ [الحج:15] المقصود بالسبب هنا الحبل؛ لأنه يقول: ثُمَّ لِيَقْطَعْ [الحج:15] يعني: يضع حبلاً في السقف ثم يضعه في رقبته، ثم ليعجل بموته، يعني: من كان يظن أن الله لا ينصر رسوله، وكان هذا يغيظه، فليعجل بهلاك نفسه بأن يضع سبباً يعني: حبلاً في سقف بيته، ثم ليضعه في رقبته، ثم ليزهق بذلك نفسه، فإن نصر الرسول لابد أن يأتي، فالحبل يسمى سبباً.

    ومنه السبب الذي يخرج به الماء وهو الدلو.

    ومنه أيضاً الباب كما في هذه الآية: يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ [غافر:36-37] المقصود بأسباب السماوات أبواب السماء، وهذا -كما قلنا- تمويه وكذب، وإلا فإنه لم يصل إلى أبواب السماء، ولم يعد قدره.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء)

    وقوله تعالى: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ [الملك:16] المقصود أأمنتم عذاب من في السماء، والعذاب نوعه مختلف، إما أن يكون خسفاً كما فعل بـقارون وغيره، أو يكون رجماً كما في الآية الآتية أو يكون بغير ذلك، فإذا كان كذلك فكيف تخالفونه وتكفرون به؟

    و(في) هنا بمعنى على، أو أن السماء يقصد بها مجرد العلو، وليست السماء المبنية، وكله معنى صحيح، إما أن تكون (في) بمعنى على، وهذا قد جاء في اللغة كثيراً كقوله تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ [الأنعام:11] ليس المعنى يدخلون في جوف الأرض، بل يسيرون عليها، وكقوله تعالى في قصة موسى: وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه:71]، ومعلوم أنه لن يدخلهم في الجذوع، وإنما يصلبهم على الجذوع، وكثيراً ما تأتي (في) بمعنى على، وهي في هذه الآية بمعنى على، وإن كانت على بابها، فيكون المراد بالسماء العلو، فيكون المعنى: أأمنتم من في العلو، وهو الله جل وعلا، وكلا الأمرين صحيح، كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (بينما كان رجل يمشي بحلتين متبختراً -يعني: متكبراً- إذ خسف الله جل وعلا به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة) يعني: يتحرك ويهبط غير مستقر، فتبقى الأرض تمور به، يعني: تضطرب وتبتلعه، وكل شيء مطيع لله جل وعلا، إذا أمره امتثل لأمره.

    ثم قال جل وعلا: أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:17] (أم) معناها: بل، يعني: أمنكم وجد، ما خفتم الله جل وعلا، ولا خشيتم عقابه، فحري أن يصيبكم الله جل وعلا بهذا العقاب، والخطاب لنا وليس لغيرنا، فالخطاب للسابقين قد انتهى، وإنما المقصود نحن، فيجب على الإنسان أن يتنبه، وأن يخاف ربه، وأن يفارق الأفعال التي تكون سبباً لغضب الله جل وعلا وعذابه.

    أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ الأمن هو ضد الخوف والمراقبة، والمعنى: خافوا عذاب الله وراقبوه، فإن من خافه وراقبه فإنه يؤمنه، بخلاف من أمن مكره وعذابه فإن هذا من أعظم أسباب الأخذ والتعذيب.

    أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً [الملك:17] الحاصب هو: الحجارة التي تحصب، كما أرسل حاصباً على قوم لوط وغيرهم، وقد جاء في صحيح البخاري أنه سيقع في هذه الأمة رجم ومسخ وخسف، الأنواع الثلاثة ستقع فيها، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن زمن ذلك قال: (إذا استحل الحر والحرير والخمر والمعازف)، إذا استحلت هذه الأمور وقع ذلك، والحر: هو عبارة عن إحلال الزنا وكثرته، وأما الحرير فهو معروف، أي: أن الرجال يلبسون الحرير ويستحلونه، وأما المعازف: فهي آلات اللهو والطرب والغناء، فإذا كثرت -كما هو الواقع اليوم- فليرتقبوا هذه العقوبات، نسأل الله العافية! والخسف بأن يخسف بهم في الأرض، والمسخ بأن يمسخوا قردة أو خنازير، والرجم من السماء، حتى إنه جاء: (أن الناس يتحدثون فيما بينهم ويقولون: البارحة خسف بآل فلان، والبارحة مسخ آل فلان، والبارحة رجم آل فلان)، وهذا دليل على أن الناس حينئذٍ لا يبالون، يرون العذاب ويقعون في المعاصي؛ لأن الرين استولى على قلوبهم وغطاها، فأصبحوا لا يتعظون بمواعظ، ولا يزدجرون بالكوارث إن رأوها وشاهدوها.

    وقوله: أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ [الملك:17] هذا توعد شديد، يعني: كيف إنذاري، وهل هو يتخلف أو لا؟ إنذاره جل وعلا إذا جاء لا يرد، فيجب أن يخاف ويحذر منه، والنذارة تكون لأمر مخوف متوقع الحصول، فمعنى ذلك أن هذا مخوف ومتوقع الحصول.

    1.   

    إثبات علو الله بالأدلة السمعية والعقلية

    وفي هذه الآيات أدلة واضحة على أن الله جل وعلا في العلو، وصفة العلو صفة ذاتية، ودلائله عقلية وسمعية وفطرية.

    أما الأدلة السمعية فهذا شيء منها، وإلا فهي كثيرة جداً، حتى قال ابن القيم : إنها تزيد على ألف دليل، يعني: من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن كثرة الأدلة وتنوعها لا تفيد إلا من يريد الحق، أما الذي أشرب قلبه بالباطل وأحبه، فإنه لا يزداد بذلك إلا قيام الحجة عليه.

    أما العقلية فذكرنا نوعاً منها، وأنواعها كثيرة أيضاً.

    وأما الفطرية فقد فطر الله جل وعلا جميع خلقه أنهم إذا سألوا ربهم يمدون أيديهم إلى السماء، ويجدون في أنفسهم دافعاً يدفعهم إلى أن يطلبوا ربهم من فوق، ولا يلتفتون يميناً ولا شمالاً ولا تحت، وإنما يسألون ربهم من فوق، وهذا موجود عند كل إنسان إذا اضطر وسأل ربه أنه يسأله من العلو، ولهذا لما كان أحد أئمة الأشاعرة يقرر هذا المبدأ -يعني: أن الله ليس فوق- في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو إمام الحرمين عبد الملك الجويني ، وكان يقول للناس وهو على كرسي: كان الله ولا مكان، وهو الآن على ما كان عليه قبل خلق المكان.

    فقال له رجل: أيها الشيخ! دعنا من هذه الأمور التي تذكر، وأخبرني عن ضرورة أجدها في نفسي أنا وغيري وأنت وكل الخلق، إذا قلت: يا الله! أجد دافعاً يدفعني من الداخل أني أطلب ربي من فوق، كيف أصرف هذه الضرورة؟ كيف أمنعها؟ ما أستطيع، فوضع يده على رأسه ثم نزل من على الكرسي وصار يبكي ويقول: حيرني الرجل، ما أدري ماذا أقول؟! وما أدري ماذا أعتقد؟! لماذا؟ لأنه بنى عقيدته على غير أساس، بناها على هذيان مثل هذا الهذيان: كان الله ولا مكان، وهو الآن على ما كان عليه قبل خلق المكان؛ وترك النصوص الجلية التي تتفق مع الفطر ومع العقل، فهذا دليل الفطرة، وقد قال الله جل وعلا: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [الأعراف:172-173]، وتفسير هذه الآية الذي عليه المحققون: أن هذا الميثاق هو الفطرة التي فطروا عليها، فإن الله فطرهم على معرفته، وهذا دليل على وجوب عبادتهم لله؛ ولهذا علل ذلك بشيئين:

    أحدهما: ألا يغفلوا عنه، وهذا موجود كامن في النفوس لا أحد يغفل عنه، أي: الفطرة.

    الثاني: ألا يتبعوا آباءهم وغيرهم مقلدين لهم؛ لأن الفطرة موجودة في كل واحد على أن الله ربه، وإذا كان ربه الذي خلقه وهو فقير إليه وجب أن يعبد ربه.

    1.   

    أنواع العلو

    العلو لله جل وعلا ثابت بمعانيه الثلاثة: علو القهر، وعلو القدر، وعلو الذات.

    أما علو القهر وعلو القدر فليس فيهما خلاف بين الناس، حتى أهل البدع يقرون بهما، ويقولون: نثبت له علو القهر وعلو القدر، ويقولون: ومعنى أنه فوق خلقه كما تقول: الذهب فوق الفضة، وهذا في الواقع من الكلام السخيف، كيف يقال: إن الله فوق خلقه بمعنى أنه أحسن منهم وأرفع منهم قدراً تعالى الله وتقدس؟! قال الشاعر:

    ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا

    هذا بين المخلوق والمخلوق، فكيف بين خالق ومخلوق؟! تعالى الله وتقدس.

    علو القدر هو التعظيم الذي يكون في قلوب العارفين، ليس في قلوب المنكرين، أما المنكر فعنده الرب والمربوب سواء! تعالى الله وتقدس.

    فعلو القدر: هو قدره الذي يجب أن يكون في قلب عبده، كما قال الله جل وعلا: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الزمر:67]، مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً [نوح:13]، يعني: تعظيماً وتقديراً.

    المقصود: أن إثبات هذا الشيء متفق عليه، أما تفسيره فهم يختلفون فيه.

    أما المعنى الثاني وهو: علو القهر وهذا أيضاً لا خلاف فيه إلا في بعض الجزئيات، كقول القدرية: إن الله جل وعلا لا يقدر على أن يخلق مثل أفعال العباد تعالى الله وتقدس، وهذا ضلال وكفر؛ لأنه تعجيز لله جل وعلا.

    أما عند أهل السنة وأهل الحق فعلو القهر بمعنى أنه فوق عباده قاهر لكل أحد، ولا يمكن لأحد أن يخرج عن مراده وعن قدره وقهره، وكل من في السماوات ومن في الأرض يأتيه ذليلاً عبداً خاضعاً؛ لأنه هو القاهر القهار جل وعلا.

    أما علو الذات: فهو الذي فيه الكلام، وهو الذي يستدل العلماء على إبطال قول المخالفين فيه.

    يجب على الإنسان أن يعلم أن الهدى والنور والحق في كتاب الله، وأن ما خالف كتاب الله يجب أن يرد، ولا يقبل من أقوال الناس -مهما كانت- إلا ما وافق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والكتاب والسنة صنوان لا يفترقان، وكلاهما حق وهدى ونور، كما أنه يجب على المسلم أن يعتقد اعتقاداً جازماً أن رسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين، ولم يترك شيئاً مما يحتاجه المسلم من العقيدة أو العمل إلا وبينه ووضحه.

    ويجب عليه أن يعتقد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أفصح الناس وأبلغهم، وأقدرهم على البيان، وأنصحهم للناس، فإذا اجتمعت هذه الأمور فلابد أن يقتنع الإنسان بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قال قولاً وجب تصديقه وقبوله، ولا يجوز التشكك فيه، والبحث عن أوجه اللغة الغريبة، وصرفه إلى ذلك الغريب؛ لأن هذا في الواقع نوع من التكذيب ونوع من الرد، والهداية بيد الله جل وعلا.

    1.   

    حرمة القول على الله بلا علم

    سبق أن ذكرنا مسألة المحرمات، وقلنا: إنها رتبت على أربع مراتب، بدأ الله بأسهلها، ثم ثنى بما هو أعظم، ثم ثلث بما هو أعظم، ثم ربع بما هو أعظم، والثالث: هو الشرك، والرابع: هو القول على الله بلا علم، فيكون القول على الله بلا علم أعظم من الشرك، فما هو السبب في هذا؟

    الجواب: أن القول على الله بغير علم يتضمن الشرك وزيادة، وقلنا: إن المؤلف أراد بهذا أن القول على الله في صفاته وفي أفعاله في خلقه وفي شرعه يتضمن الشرك وزيادة، فهو أعظم من الشرك، أما كونه يتضمن الشرك فلأن الذي يقول على الله بخلاف صفاته يكون معطلاً ما وصف به نفسه، ومن عطله فقد ألحقه بالناقصات، فيكون ممثلاً له من هذه الناحية، وهذا شرك لكونه شبه الله جل وعلا بالمخلوقات.

    وأما في أفعاله فكذلك لكونه يلحقه بالمخلوقين مشابهاً لهم؛ ولهذا يقول أهل العلم: إن الجهمية والمعتزلة لا ينفكون عن الشرك، ووقوعهم في الشرك كثير، حتى أحياناً في الأمور الظاهرة الجلية، مثلاً يقول أحدهم إذا نفى كلام الله: إن الذي يتكلم ملك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينزل إلى السماء الدنيا إذا بقي ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟) يقولون: هو ملك، أي: المنادي، فنقول: هل الملك يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يستغفرني فأغفر له؟ هل الملك يغفر؟! تعالى الله عن ذلك.

    وكذلك كثير من أقوالهم مثل هذا، وهذا مما يبين أن القول على الله بلا علم يتضمن الشرك وإبطال الشرع، ومن هنا كان القول على الله بلا علم أعظم من الشرك، فهو أعظم المحرمات، وليس ذلك غريباً، فقد استغرب بعض الناس كيف يكون القول على الله بلا علم أعظم من الشرك، والله جل وعلا أخبر أنه لا يغفر أن يشرك به قال: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]؟! والجواب ما سمعتم.

    1.   

    الأسئلة

    صفة العلو ذاتية وصفة الاستواء فعلية

    السؤال: هل صفة العلو صفة فعلية؟

    الجواب: هي صفة ذات، فإنه لا يمكن أن يكون الله جل وعلا أسفل متدنياً؛ بل هو عالٍ دائماً، ولا يمكن أن يكون شيء من خلقه فوقه، فمخلوقاته جل وعلا كلها تحته، وهو فوق مخلوقاته كلها؛ لأنه أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأعلى من كل شيء، له العلو المطلق، وله العظمة المطلقة، وهو الكبير المتعال، ومن هنا امتنع أن تكون هذه الصفة فعلية؛ لأنها ملازمة للذات أبداً، وأما الأخبار التي جاءت في القرآن وفي الأحاديث من أنه جل وعلا يأتي يوم القيامة إلى الأرض لفصل القضاء بين خلقه؛ لأن الناس يكونون على الأرض واقفين، فيأتي إليهم، كقوله الله جل وعلا: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ * وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [الزمر:68-69]، فإشراق الأرض بنوره إذا جاء لفصل القضاء، وقوله جل وعلا: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ [البقرة:210]، وقوله جل وعلا: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً [الفجر:22]، هذا كله دليل على أنه يأتيهم إلى الأرض، وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله ينزل عشية عرفة إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الموقف الملائكة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينزل إلى السماء الدنيا إذا بقي ثلث الليل الآخر، فيقول: هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل من سائل فيعطى؟)، وفي رواية: (لا أسأل عن عبادي غيري)، فهذه الأدلة كلها تدل على النزول إلى السماء الدنيا، والنزول إلى الأرض، ينزل وهو فوق العرش، ولا يكون شيء فوقه، لا سماء، ولا عرش، ولا غيرهما، فهو جل وعلا لا سماء تظله، ولا شيء يقله بمعنى يحمله، بل هو الغني بذاته عن كل ما سواه، لا يحتاج إلى شيء.

    والمقصود أنه يجب أن يعلم العبد أن الله أكبر من كل شيء، والسماوات على سعتها يقبضها ربنا جل وعلا بيده، ويطويها بيمينه، وتكون حقيرة صغيرة ليست شيء بالنسبة إليه، فكيف يتصور أن شيئاً من المخلوقات يكون أكبر منه تعالى وتقدس؟! ولهذا شرع للإنسان أن يقول: الله أكبر عندما يرى شيئاً عظيماً، أو إذا ارتفع على مرتفع أو غير ذلك؛ لأن الله أكبر من كل شيء.

    فهذا وجه كون صفة العلو ذاتية، وإنما الفعلي هو الاستواء، والاستواء خاص ثبت بالأدلة الشرعية، أما هذا فهو عام.

    وجه صحة تقسيم الصفات إلى ذاتية وفعلية

    السؤال: ما صحة تقسيم بعض العلماء الصفات إلى صفات ذاتية وصفات فعلية، وصفات لازمة وصفات متعدية، وما هو الفرق بينهما؟

    الجواب: التقسيم إذا لم يفد شيئاً لا يصار إليه، ولكن هذا التقسيم كله صحيح، ولكن يجب أن يفهم المراد، من تقسيم الصفات إلى ذاتية وفعلية، وإلى صفات اختيارية وغير اختيارية.

    الله جل وعلا لا يوصف بغير ما يصف به نفسه، ولا أحد يلزم الله بشيء تعالى الله وتقدس، والوصف الاختياري هو الذي يتعلق بمشيئته، ويقابل هذا الصفات الذاتية، فلا يقال: إنها على حسب المشيئة، وقد مثلنا لها بالحياة، السمع، البصر، العلم، فلا يجوز أن يقال: إن الحياة -مثلاً- تتعلق بمشيئة إذا شاء حيي، وإذا شاء لم يحي، تعالى الله وتقدس عن هذا، هذا لا يمكن، ومن هنا جاء التقسيم.

    فالتقسيم يراد به التفريق بين المعاني، وإلا فهو ثابت لله جل وعلا، وقد علم أن الصفات لا تثبت إلا بالسمع، والعقل لا يثبت به شيء، ولكن السمع هو الذي ينبه العقل على ذلك، ويكون العقل موافقاً له، فهذه التقسيمات صحيحة، وإذا أراد الإنسان بالتقسيم التفرقة بين المعاني صار إليه، وإلا فلا يلزم الناس به، ولا يقال: لابد أن تعرف هذه الأقسام، لا يلزم أحد بذلك، واللازم هو أن يؤمن بما جاء عن الله وجاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وفاة عيسى عليه السلام

    السؤال: ما حكم من ينكر القول بأن التوفي في الآية على ظاهره؛ لأن الواو في الآية لا يقتضي الترتيب؟

    الجواب: قيل هذا، ولكن هذا بعيد، وقد قاله بعض العلماء، وإن كانت الواو لا تقتضي الترتيب، فقد جاء ما يدل على الترتيب.

    معنى قول الله في عيسى: (إني متوفيك)

    السؤال: هل يصح أن نقول في قول الله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ [آل عمران:55]: هي الوفاة الحقيقية ثم يحييه الله عز وجل فينزل ويحكم بشريعة الإسلام؟

    الجواب: لا يمكن؛ لأن الله جل وعلا أخبر أنه رفعه إليه، ثم قال: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء:159]، فالإنسان ما يموت مرتين، لا يموت إلا موتة واحدة، فأخبر أن من أهل الكتاب الموجودين في وقته يؤمنون به قبل موته، وموته: الضمير يعود على عيسى عليه السلام.

    متى حصل الاستواء؟

    السؤال: فضيلة الشيخ! قلت: إن الاستواء وقع قبل خلق السماوات والأرض، فما الدليل؟

    الجواب: لا، ما قلت هذا، استواء الله وقع بعد خلق السماوات والأرض؛ لأنه جل وعلا يقول: إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54]، و(ثم) تقتضي الترتيب مع التراخي، يعني: الاستواء على العرش جاء مرتباً، وجاء هذا الترتيب بلفظة (ثم) مما يدل على أنه ليس قبل، أما السؤال المقدر الذي قد يقول السائل فيه: هل كان الله مستوياً على العرش قبل خلق السماوات؟

    فنقول: العلم عند الله، علينا أن نؤمن بالشيء الذي أخبرنا الله جل وعلا به، أما الشيء الذي ما أخبرنا به فنقف، وقد علم أن الله لا يحتاج إلى العرش، فهو غني عن العرش وعن غيره، واستواؤه لأمر يتعلق بمشيئته وحكمته، والله أعلم، وإنما علينا أن نؤمن بالشيء الذي أخبرنا الله به.

    اسم النجاشي لملوك الحبشة غير مستمر بعد الإسلام

    السؤال: هل يطلق على ملك الحبشة المسلم نجاشي؟

    الجواب: المسلم لا يسمى النجاشي، بل هو ملك مسلم، كما أن المسلم الذي يملك مصر لا يسمى فرعون، كذلك المسلم الذي يكون على المجوس لا يسمى كسرى، فهذا خاص بمن كان في الجاهلية قبل الإسلام، أما بعد الإسلام فذهبت هذه الأسامي.

    إسلام النجاشي

    السؤال: هل كان النجاشي كافراً قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم أم كان على النصرانية الحقة؟

    الجواب: النجاشي الذي اسمه أصحمة يعني: عبد الله ، آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مسلم، ولا فائدة في بحث ما ذكر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755920283