أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وهو الذي يجمع المسلمين على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا مذهبية ولا طائفية ولا حزبية، وإنما قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم.
وها نحن مع الربا وأحكامه:
[ثالثاً: حكمة تحريمه] ما حكمة تحريم الربا؟ [من الحكم الظاهرة] البينة الواضحة [في تحريم الربا زيادة على الحكمة العامة في جميع التكاليف الشرعية وهي امتحان إيمان العبد بالطاعة فعلاً وتركاً، فإنها] أي: حكمة الربا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم )].
( اتقوا الظلم ) أي: اجتنبوه واجعلوا بينكم وبينه وقاية ( فإن الظلم ظلمات يوم القيامة )، ومن مشى في الظلمات يوم القيامة وصل إلى جهنم ( واتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم ) وأراقوها ( واستحلوا محارمهم ) والعياذ بالله، هذه تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم.
( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم ) بع الذهب بالفضة، كيلو ذهب بخمسمائة قنطار فضة ولا حرج، بع قنطار قمح بخمسمائة قنطار شعير ولا بأس ( إذا كان يداً بيد ).
قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم: [وقاس أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة -رحمة الله عليهم- كل ما اتفق مع هذه الستة في المعنى وفي العلة من كل مكيل أو موزون مطعوم مدخر، وذلك كسائر الحبوب والزيوت والعسل واللحوم. قال سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى: لا ربا إلا فيما كيل أو وزن مما يؤكل أو يشرب].
الستة أصناف أضاف إليها أهل العلم من الصحابة والتابعين كل ما اتفق معها في المعنى والعلة من كل مكيل أو موزون مطعوم مدخر، وذلك كسائر الحبوب والزيوت والعسل واللحوم ونحوها، كلها تابعة للربا لا تباع إلا يداً بيد، ومثلاً بمثل، وإذا اختلفت فلا بأس بالزيادة.
لا يدخل الربا بيعاً اختلف فيه الثمن والمثمن إلا أن يكون أحدهما نسيئةً، وهو غير النقدين، فيجوز بيع الذهب بالفضة متفاضلاً، وبيع البر بالتمر أو الملح بالشعير متفاضلاً إذا كان يداً بيد، أي: لم يكن أحدهما نسيئة] أي: متأخر [لقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا اختلفت هذه الأشياء فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ).
كما لا ربا فيما بيع من الربويات بنقد حاضر أو غائب، وسواء غاب الثمن أو السلعة، فقد اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم جمل جابر بن عبد الله في السفر ولم يسدد له ثمنه إلا بالمدينة.
كما أن السلم أجازه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: ( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم ) والسلم يقدم فيه الثمن نقداً، ويتأخر المثمن إلى أجل بعيد].
إذاً: الربويات ستة، لا تباع إلا يداً بيد، ولا يفاضل بينها إلا إذا اختلفت: تمر مع شعير لا بأس، ملح مع تمر لا بأس، ذهب مع فضة لا بأس بالزيادة، أما إذا كان ذهب بذهب وملح بملح فيجب التساوي ويجب أن لا يتأخر أحدها.
أما إن جئت بنقد واشتريت بعيراً أو اشتريت بستاناً أو اشتريت تمراً إلى أجل فلا حرج كما اشترى الرسول صلى الله عليه وسلم البعير من جابر .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
سائل يقول: ما حكم شراء السيارة بالتقسيط وبيعها وقضاء الحاجة بثمنها؟
الجواب: هذه ورطة من الورطات العظيمة التي وقع فيها إخواننا في هذه البلاد، فإذا احتاج إلى نقود ليتزوج أو ليعمل تجارة، فإنه يذهب إلى بائع السيارات بالتقسيط ليشتري سيارة بخمسين ألفاً -مثلاً- ثم يبيعها في نفس المكان أو في مكان آخر بأربعين ألفاً -مثلاً- وينتفع بتلك الأربعين، ويتحمل هو عشرة آلاف، هذه المعاملة جائزة، ولكن لِـمَ تتورط يا عبد الله؟!
فإذا أردت أن تتزوج أخر زواجك وصم واعبد الله، وإذا أردت أن تعمل تجارة فابحث عن أخ لك عنده مال وستعمل معه تجارة وتنجح بإذن الله إن صدقت في ذلك.
أما هذه العملية فهي جائزة، وقد أفتى بها كبار علمائنا ولا حرج، ولكن فيها تبعات أنه يصبح مديناً، فيلاحق، ويطارد ويبقى مكروباً محزوناً، ووالله لئن أبقى جائعاً أعاني أحب إلي من أن أبقى مطالباً من فلان وفلان، أليس كذلك؟!
فتركها أولى، وأي شيء يحملني على أن أشتري سيارة بسبعين وهي لا تساوي إلا أربعين، أي: بزيادة الثلث، ثم بعد ذلك أبيعها بقيمة رخيصة، فيترتب علي دين كبير، وكيف أعيش مع هذا الدين؟
والله تعالى أسأل أن يوفق إخواننا للأخذ بهذا الطريق السليم.
الجواب: يجوز أن تشتري الذهب مؤجلاً بالنقود، وعندما تشتريه تذهب إلى الصائغ فيقصر فيه أو يزيد، حتى لو لم تدفع ريالاً واحداً يجوز أن تشتري سواراً بألف ريال مؤجلة؛ لأنه بنقد ليس ذهب بذهب، فهو في ذمتها، وإذا كانت الحلي واسعة ذهبت إلى الصائغ فيصوغه صياغة أخرى تتناسب معها، أو تبيعه وتشتري حلياً صغيرة.
وتقدم أننا نشتري بالنقد شيئاً مؤجلاً، فقد اشترى الرسول صلى الله عليه وسلم البعير من جابر مؤجلاً، وما دفع القيمة إلا في المدينة، فهي تشتري هذا الذهب مؤجلاً، وبعد ذلك أصبح طويلاً أو قصيراً تستعمله بالطريقة الأخرى حتى يكون مثل وجهها، هذا الذي أراه، والله أعلم.
الجواب: هذه تجارة، والتجارة عندنا أنا عندي مال وأنت عندك صحة وعقل، فأقول: خذ هذا المليون واتجر به والربح بيننا أنصاف أو أثلاث أو أرباع، فتأخذ المليون وتبذل جهدك، وإن حصل بقضاء وقدر نقص في رأس المال فالعامل لا شيء عليه، بل يكفيه وقته وجهده الذي ضاع، هذا هو الإقراض في المضاربة، ليس فيه وجه آخر.
فإذا قال الشريك: أنا أتجر وأبيع وأشتري وأبني وأهدم وأعطيكم الأرباح من التجارة فهذا يجوز، إن كانت أرباحاً أعطاكم، وإن لم يكن أرباحاً وكان خاسراً ينقصكم أيضاً.
الجواب: لا بأس، يقول: أنا أعمل الآن بالمدينة، فأجد شخصاً يريد أن يعود إلى بلدي فأعطيه ألف ريال على أن يعطي قيمتها تماماً هناك إلى أهلي، فيبيع العملة بعملة البلد ثم يعطيها لأهله، وهذا يجوز ولا حرج.
والذي لا يجوز هو أن تعطيه دراهم هنا أو ريالات فيعطيها هناك بالعملة بدون ما يعرضها على السوق ويعرف قيمتها، فلابد وأن يعرف قيمتها كم تساوي ويعطيهم القيمة التي تساويها، أو يكون يداً بيد، بأن يشتري هذه العملة من المدينة ويعطيها له ويصرفها في بلاده، وإذا لم يجد -كما قدمنا- أعطاه له ألف ريال مثلاً ويقول له: اشتر بها من السوق عملتنا وأعطها لأمي أو أبي، ولا حرج.
الجواب: هذا شرط إن اشترى بدل وإن لم يشتر له الحق، ليس ملزماً.
مداخلة: لكن هل يبدل الذهب أو يشتريه منه ثم يبيعه؟
الشيخ: يشتريه منه ويبدله بغيره.
الجواب: يجوز. وبعد ..
مداخلة: يريد أن يشتري من عنده ذهباً جديداً.
الشيخ: يشتري من عنده بالنقود التي في يده ما شاء أن يشتري من أنواع الذهب.
مداخلة: ثم اشترى بمبلغ أكثر من الذي باع به؟
الشيخ: هذا شأنه يشتري أكثر وإلا أقل.
مداخلة: هو باع الذهب لكنه لم يقبض المال.
الشيخ: إذا باع الذهب لابد وأن يستلم نقوده، وبعد ذلك يشتري ذهباً آخر.
مداخلة: أخذ الفلوس وزاد عليها.
الشيخ: نعم. إذا كانت نقوده قليلة يزيد عليها إذا أخذ الذهب الكثير.
الجواب: يوجد صندوق خاص بالمسجد النبوي توضع فيه اللقطات، فإذا ما عرفت أو ما استطعت تصدق بهذا المبلغ، أو اذهب به إلى صاحب المحطة وقل له: هذا المبلغ وجدته عندك وسلمه له واسترح، أو احتفظ به حتى تتأكد من صاحب هذا المبلغ فإن وجدته كان بها، وإن مضت السنة ولم تجده فهو لك، هذا حكم اللقطة في أي مكان، تُعرَّف سنة.
الجواب: لا والله ما هي بفضة ولا ذهب، النقود من ورق أو حديد، اختلفت مع الأصل.
الجواب: يجوز.. يجوز، فقط لا تستنجي به، ولا تغسل به النجاسة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( طعام طعم ) والطعام لا يجوز أن يستنجى به.
الجواب: لا يجوز.. لا يجوز.. لا يجوز، هذا هو الربا الذي حرم الله، ولن ينفعك هذا المال، ولا هذا البيت الذي تبنيه.
الجواب: لا بأس، إذا لم يكن عنده حتى يأتي الغد، لا بأس.
الجواب: ما قال أحد من أهل العلم بالاستثناء بل هو عام، فلا يحل لمؤمنة أن تكرر الزيارة وإلا تُلعن، لكن الزيارة في الشريعة: أخوها ميت وهو مدفون ومرت من طريق أو كذا كما زارت عائشة قبر أخيها .... لا بأس.
أما الزيارة فتكرارها منها حرام: ( لعن الله زوارات القبور ).
الجواب: يجوز.. يجوز.. يجوز ولا حرج.
الذي لا يجوز عند أهل العلم هو إمام يصلي بأهل القرية ثم يُجمع له المال من المصلين، فهذا لا ينبغي، أما إن كان تطوعاً منهم فجعلوا له راتباً فبها ونعمت، أو أعطوه وقفاً من الأوقاف فبها ونعمت، أما أن يجمعوا له كل شهر من المصلين فلا يجوز.
الجواب: يذهب إلى بائع الذهب ويقول له: عندي عشرة آلاف ريال، كم تساوي بالذهب فيعطيه القيمة، فإن كانت تساوي سبعين جراماً فقد وجبت فيها الزكاة، أو مائة جرام أو كيلو جرام يجب فيها الزكاة (2.5%).
الجواب: تكون النوافل إذا طلعت الشمس وارتفعت مقدار رمح فوق الأرض، ومن ثم باب النافلة مفتوح حتى تقف الشمس في كبد السماء (وسط السماء) قبل أن تزول، ثم إذا زالت عن كبد السماء بدأت النافلة إلى ما بعد صلاة العصر، فإذا صليت العصر ما بقي وقت للنافلة، ويبقى المنع حتى تغرب الشمس ويدخل المغرب ومن ثم النافلة مفتوحة الباب إلى قبل طلوع الفجر بدقائق، فالليل كله نافلة.
الجواب: هذا الذي أقول بجوازه، وهذا هو الصحيح السليم، أن تقرأ الجزء أو الجزئين، أو الحزب أو الحزبين ثم ترفع يديك يا رب! يا رب! اغفر لأبي وارحمه -متوسلاً إليه بهذه القراءة-.
أما الذين يقرءون ويقولون: اجعل ثواب هذا لأبي أو لأمي فهذا باطل ليس من السنة، وإنما تقرأ لوجه الله، فإذا فرغت ادع الله لميتك فيستجيب الله لك.
الجواب: لا شيء عليك؛ لأنك غير متعمد ولا قاصد له.
الجواب: أقرضته ألف ريال، فلابد أن ترد الألف ولو ارتفعت إلى كذا وكذا، الأصل الذي اقترضته ترده إليه، هبط أو زاد ما هو مهم عندك، أقرضته قرضاً يرده بكامله كما هو، ارتفعت القيمة أو نقصت ما في ذلك بأس.
هيا نرفع أكفنا إلى ربنا سائلين ضارعين أن يشرح صدورنا، ويطهر قلوبنا، ويؤتينا هداه وتقواه، اللهم آت نفوسنا هداك وتقواك يا رب العالمين.
اللهم إنا عبيدك أبناء عبيدك نواصينا بيدك، ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء حزننا وهمومنا وغمومنا.
اللهم إنا عبيدك فاغفر لنا وارحمنا، اللهم ألطف بنا في جميع أحوالنا، اللهم وحد كلمة المسلمين، واجمع صفوفهم على عبادتك يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا جميعاً وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم آت نفوسنا هداها وتقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
يا رب يا رب توفنا وأنت راض عنا، يا رب يا رب أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهم ارض عنا وأرضنا واعف عنا وعافنا ولا تبتلينا بما لا طاقة لنا به، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك، اللهم زك نفوسنا، واجمعنا على الحق يا رب العالمين، وصلِّ على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر