الجواب: قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ [آل عمران:7]، قسم الله تبارك وتعالى القرآن الكريم إلى قسمين: محكم ومتشابه، والمراد بالمحكم هنا الواضح البين الذي لا يخفى على أحدٍ معناه، مثل: السماء والأرض والنجوم والجبال والشجر والدواب وما أشبهها، هذا محكم، لأنه لا اشتباه في معناه، وأما المتشابهات فهي الآيات التي يشتبه معناها ويخفى على أكثر الناس، ولا يعرفها إلا الراسخون في العلم، مثل بعض الآيات المجملة التي ليس فيها تفصيل فتفصلها السنة، مثل قوله تعالى: أَقِيمُوا الصَّلاةَ [البقرة:43]، فإن إقامة الصلاة غير معلومة، والمعلوم من هذه الآية وجوب إقامة الصلاة فقط، لكن كيف الإقامة؟ هذا يعرف من دليل آخر.
والحكمة من أن القرآن نزل على هذين الوجهين الابتلاء والامتحان، لأن من في قلبه زيغ يتبع المتشابه، فيبقى في حيرةٍ من أمره، وأما الراسخون في العلم فإنهم يؤمنون به كله متشابهه ومحكمه، ويعلمون أنه من عند الله، وأنه لا تناقض فيه، ومن أمثلة المتشابه قول الله تبارك وتعالى: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23]، مع قوله: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا [النساء:42]، فيأتي الإنسان ويقول: هذا متناقض! كيف يقول: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23]، ثم يقال عنهم: إنهم لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا [النساء:42]، فيضرب الآيات بعضها ببعض ليوقع الناس في حيرة، لكن الراسخين في العلم يقولون: كل من عند الله ولا تناقض في كلام الله، ويقولون: إن يوم القيامة يومٌ مقداره خمسون ألف سنة، فتتغير الأحوال وتتبدل، فتنزل هذه على حال، وهذه على حال.
الجواب: معنى هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى يحول بين المرء وقلبه، فيريد الإنسان شيئاً ويعزم عليه وإذا به ينتقض عزمه ويتغير اتجاهه، فيكون الله تعالى حائلاً بين المرء وقلبه، وفي هذا تحذيرٌ للعباد من أن يحول الله تعالى بين العبد وقلبه فيزل ويهلك، فعلى المرء أن يراقب قلبه دائماً وينظر ما هو عليه حتى لا يزيغ ويهلك.
الجواب: معنى مفاتيح الأرض أن الله سبحانه وتعالى سوف يكتب له النصر حتى يملك مفاتيح الأرض، وتكون خزائن الأرض بيده، وهذا هو الذي وقع؛ فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتح مدائن الفرس والروم على يد الخلفاء الراشدين المتبعين له، فحصل له مفاتيح الأرض.
الجواب: أسأل الله تعالى لها الشفاء العاجل، وأن يثيبها ويأجرها على ما يصيبها من هذه المصيبة، وليس عليها جناحٌ ولا حرج إذا كشفت وجهها حال الصرع، لأنها تكشفه بدون قصد ولا إرادة، وكذلك لو أن الأطباء احتاجوا إلى كشف وجهها للنظر والعلاج فلا حرج في هذا، ولكن لا بد أن يكون معها محرم بحيث لا يخلو بها الطبيب، أو يكون مع الطبيب رجلٌ آخر أو ممرضة أو ما أشبه ذلك، المهم أنه لا يجوز للأطباء أن يخلو واحدٌ منهم بالمرأة بدون محرم.
الجواب: لا يحل لإنسان أن يجلس مجلساً فيه منكرات، إلا إذا كان قادراً على إزالتها، فيجب عليه أن يبقى حتى تزول، أما إذا كان غير قادر فالواجب عليه مغادرة المكان؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ [النساء:140]، يعني: إنكم إن قعدتم فإنكم مثلهم -أي: في الإثم- والواجب على المرء إنكار المنكر بقدر ما يستطيع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان )، والإنكار بالقلب لا يمكن مع بقاء الإنسان في محل المنكر أبداً، لأن الإنكار بالقلب هو كراهة المنكر ومغادرة المكان إذا لم يستطع أن يغير المنكر.
الجواب: الصحيح أنه لا يكون بصوتٍ واحد، وإنما يكبر كل إنسانٍ لنفسه، كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه: إنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع منهم الملبي ومنهم المكبر، فكل إنسانٍ يكبر بنفسه على حسب اللهجة التي يريدها، وأما الاجتماع على التكبير بصوتٍ واحد فلا أعلمه في السنة.
الجواب: الظاهر أنه للكراهة، إلا إذا علمنا أن الشخص الآخر يتأذى بذلك فإنه يكون للتحريم، وما يفعله بعض الناس اليوم من كونه كلما لاقى الإنسان قبله لا أصل له من السنة كما في هذا الحديث، وإنما المشروع المصافحة فقط، لكن لو أراد أحدٌ أن يقبل رأس شخص تعظيماً له، كأبيه وأمه وأخيه الكبير وشيخه وما أشبه ذلك فلا حرج، لكن كونه كلما رآه صافحه وقبل رأسه هذا ليس من السنة، نعم. لو قدم أحدهما من سفر ولقيه الآخر بعد هذا السفر فلا حرج، وهنا شيء آخر وهو ما اعتاده كثير من الناس اليوم إذا لاقى الإنسان أخذ برأسه وقبله بدون مصافحة، وهذا لا شك أنه خلاف السنة، يقول بعض الناس: إنني أريد أن أقبل رأسك فنقول: نعم، تقبيل الرأس، لا بأس به، لكن صافح أولاً حتى تأتي بالسنة، ثم قبل الرأس ثانياً، أما أن تأخذ بالرأس مباشرةً فهذا ليس من السنة.
الجواب: إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يستخرج الحكم بنفسه من الكتاب والسنة، فما عليه إلا التقليد؛ لقول الله تبارك وتعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، ومن المعلوم أن العامي لا يمكن أن يستخلص الحكم من الأدلة لأنه عامي، فما عليه إلا أن يقلد، وفي هذه الحال يجب عليه أن يقلد من يرى أنه أقرب إلى الصواب؛ لسعة علمه وقوة دينه وأمانته، ولا يحل لإنسان أن يقلد على وجه التشهي، بمعنى أنه إذا رأى القول السهل الميسر تبعه، سواءٌ كان من فلان أو من فلان، فهذا ربما يقلد عشرة أشخاص في يومٍ واحد حسبما يقتضيه مزاجه، والواجب اتباع من يرى أنه أقرب إلى الصواب لعلمه وأمانته.
أما التزام التمذهب بمذهبٍ معين يأخذ برخصه وعزائمه على كل حال، فهذا ليس بجائز، وذلك لأنه فيه طاعة غير الله ورسوله على وجه الإطلاق، ولا أحد تجب طاعته والعمل بقوله على وجه الإطلاق إلا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الجواب: أولاً: يجب أن نعلم أن النذر أقل أحواله أن يكون مكروهاً، ومن العلماء من حرمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه وقال: ( إنه لا يأتي بخير )، وقال: ( إنه لا يرد قضاءً )، فالنذر ليس هو الذي يجلب الخير للإنسان، ولا هو الذي يدفع الضرر عنه، ( وإنما يستخرج به من البخيل )، كما جاء في الحديث، ولهذا حرم النذر طائفةٌ كبيرة من أهل العلم، وما أكثر الذين يسألون عن النذر فتجدهم ينذرون ثم يماطلون في الوفاء بالنذر، وربما يتساهلون فلا يوفون، وهؤلاء على خطرٍ عظيم؛ لقول الله تبارك وتعالى في المنافقين: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77]، فأكرر لإخواني المسلمين النهي عن النذر، أي: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه، وأقول: احذروا النذر، احذروه، ومن نذر أن يطيع الله فليطعه، هذا الرجل نذر أن يذبح ذبيحة لحصول أمرٍ ما يتصدق بها على الفقراء، وهذا النذر نذر طاعة، ولا فرق بين أن يوفيه في بلده أو في بلدٍ آخر، إلا إذا عين البلد فيتعين ما عينه هو.
الجواب: المقصود من زيارة الموتى هو الدعاء لهم، والدعاء لهم واصلٌ في أي مكانٍ كان الداعي؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )، فأنت ادع الله لوالدك في أي مكانٍ كنت، بعيداً كنت أم قريباً، ولا حاجة إلى زيارة قبره، نعم لو كنت جلست في البلد جئت لحاجة وذهبت تزور أباك فهذا لا بأس به، أما أن تشد الرحل إلى قبره لتزوره، فهذا منهيٌ عنه.
الجواب: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر:38]، أي: مرهونة محبوسة على ما كسبت، وأما قوله: إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ [المدثر:39]، فإلا هنا ليست استثناءً، بل هي بمعنى (لكن) فهو استثناءٌ منقطع، والمعنى كل نفسٍ بما كسبت رهينة، أصحاب اليمين وغير أصحاب اليمين، ثم قال: لكن أصحاب اليمين في جناتٍ يتساءلون عن المجرمين، فإلا هنا بمعنى لكن، لأن الاستثناء منقطع.
الجواب: مراد السائلة فيما يظهر أنه إذا غسل الثوب النجس في هذه الغسالات التي تدور على الكهرباء، هل يطهر أم لا؟
والجواب: أن ذلك يطهر؛ لأن هذا الماء ينقي، والمقصود من إزالة النجاسة هو أن تزول عينها بأي مزيل، حتى لو فرض أن الإنسان نشر ثوبه على السطح، ثم نزل المطر وطهره يكون طاهراً، لأن إزالة النجاسة لا يشترط لها النية.
الجواب: التخلص من ذلك يكون بأمرين؛ الأمر الأول: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؛ فإن الشيطان يوسوس في صدور الناس، ويشككهم في أمور دينهم، بل حتى في غير أمور الدين، يتسلط على الإنسان حتى يبقى الإنسان دائماً ليس على يقين من أمره، فيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
الأمر الثاني: أن يعرض عن هذا بقلبه ولا يلتفت إليه، وكأنه لم يكن، وبذلك يزول عنه هذا الوسواس الذي يصيب كثيراً من الناس، وعليه فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ولينته وليعرض عن هذا نهائياً، حتى لو فرض أن الرجل في صلاته قلق وقال: لعلي نقصت ركعة أو لعلي لم أكبر تكبيرة الإحرام أو لم أقرأ الفاتحة وما أشبه هذا، فلا يلتفت لهذا إطلاقاً، وكأن شيئاً لم يكن، وحينئذٍ يزول عنه بإذن الله.
الجواب: لا. ليست كل رؤيا يراها الإنسان في الميت تكون صحيحة، قد تكون صحيحة وقد تكون غير صحيحة، وذلك أن الشيطان يستطيع أن يضرب مثلاً بالميت فيراه النائم وكأنه صاحبه وليس إياه، لأن كل واحدٍ من بني آدم يمكن أن يتمثل به الشيطان إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الجواب: الأفضل أن يدعو الإنسان للميت دون أن يتصدق عنه، أي: لو جاءنا سائل يقول: هل الأفضل أن أدعو لأبي بالمغفرة والرحمة أو أن أتصدق له بألف ريال؟ قلنا: الأفضل أن تدعو له بالمغفرة والرحمة، ولكن إذا أراد الإنسان أن يتصدق عن الميت فلا يمنع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر سعد بن عبادة حينما تصدق عن أمه بمخرافه، أي: ببستانه، لكننا لا نأمر الإنسان بهذا، أي: لا نقول: تصدق عن والديك، ولا صل لهما ركعتين، ولا صم لهما يوماً ولا حج عنهما ولا اعتمر عنهما، لا نأمره، ولكن لو فعل لا ننهاه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا، وهو أعلم بشريعة الله من غيره، وأنصح الخلق للخلق، أرشدنا إلى أن ندعو للميت لا أن نعمل له عملاً صالحاً.
الجواب: السبب أولاً: الجهل، لأنهم لا يعلمون بهذا الحديث الذي ذكرت ولا ينبهون له. ثانياً: العاطفة، يظنون أننا إذا تصدقنا عن الميت فكأنما هو نفسه تصدق، مع أنه قد يكون في حال حياته بخيلاً لا يتصدق أبداً، فمن أجل هذا صار الناس فيهم عاطفة على أمواتهم يعملون لهم.
الجواب: الوالد الذي سألت عنه المرأة يترك بعض الصلاة، ويصلي أحياناً، من العلماء من يرى أنه كافر، وإذا كان كافراً فإنه لا يجوز أن يدعى له بالمغفرة ولا بالرحمة ولا يتصدق عنه ولا شيء، والقول الراجح أنه لا يكفر إذا كان يصلي ويخلي، القول الراجح عندي أنه لا يكفر، وإنما يكفر من ترك الصلاة تركاً مطلقاً، وحال الرجل الذي سألت عنه المرأة تقتضي على القول الراجح ألا يكون كافراً، فإذا دعت له بالمغفرة والرحمة، وأكثرت من ذلك فإنه يرجى بأن الله ينفعه بهذا.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر