ومنه الحديث الذي في السنن: (أن أعرابياً قال: يا رسول الله! جهدت الأنفس وجاع العيال، وهلك المال، فادع الله لنا، فإنا نستشفع بالله عليك ونستشفع بك على الله، فسبح رسول الله حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، وقال: ويحك أتدري ما تقول؟ شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع به على أحد من خلقه). وذكر تمام الحديث فأنكر قوله: (نستشفع بالله عليك)، ومعلوم أنه لا ينكر أن يسأل المخلوق بالله أو يقسم عليه بالله، وإنما أنكر أن يكون الله شافعاً إلى المخلوق، ولهذا لم ينكر قوله: (نستشفع بك على الله) فإنه هو الشافع المشفع.
وهم لو كانت الحكاية صحيحة إنما يجيئون إليه لأجل طلب شفاعته صلى الله عليه وسلم? ولهذا قال في تمام الحكاية: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ [النساء:64] الآية، وهؤلاء إذا شرع لهم أن يطلبوا منه الشفاعة والاستغفار بعد موته فإذا أجابهم فإنه يستغفر لهم، واستغفاره لهم دعاء منه وشفاعة أن يغفر الله لهم.
وإذا كان الاستشفاع منه طلب شفاعته، فإنما يقال في ذلك: استشفع به فيشفعه الله فيك، لا يقال: فيشفعك الله فيه، وهذا معروف الكلام، ولغة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسائر العلماء، يقال: شفع فلان في فلان فشفع فيه، فالمشفع الذي يشفعه المشفوع إليه هو الشفيع المستشفع به، لا السائل الطالب من غيره أن يشفع له، فإن هذا ليس هو الذي شفع، فمحمد صلى الله عليه وسلم هو الشفيع المشفع.. ليس المشفع الذي يستشفع به.
ولهذا يقول في دعائه: يا رب! شفعني فيشفعه الله، فيطلب من الله سبحانه أن يشفعه لا أن يشفع طالبي شفاعته، فكيف يقول: واستشفع به فيشفعك الله؟
وأيضاً: فإن طلب شفاعته ودعائه واستغفاره بعد موته وعند قبره ليس مشروعاً عند أحد من أئمة المسلمين، ولا ذكر هذا أحد من الأئمة الأربعة وأصحابهم القدماء، وإنما ذكر هذا بعض المتأخرين، ذكروا حكاية عن العتبي أنه رأى أعرابياً أتى قبره وقرأ هذه الآية، وأنه رأى في المنام أن الله غفر له، وهذا لم يذكره أحد من المجتهدين من أهل المذاهب المتبوعين الذين يفتي الناس بأقوالهم، ومن ذكرها لم يذكر عليها دليلاً شرعياً ].
حكاية العتبي أنه رأى أعرابياً أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ هذه الآية، وأنه رأى في المنام أن الله غفر له، هذه حكاية حتى لو ثبتت لم تكن دليلاً على البدعة أو الاستشفاع الممنوع، فأولاً: كون الأعرابي أتى إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، هذا غلط، والأعرابي ليس قدوة ولو كان إماماً في الدين لما سمي أعرابياً، لأن الإمام في الدين وإن كان أصله من البادية لا يقال: إنه أعرابي، فهذا أعرابي جاهل لم يجد من يعلمه، ثم يزعمون أنه أتى إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم إنه رأى في المنام أن الله غفر له.
فمن يصدق أنه رأى، ثم إذا كان رأى فيحتمل أنه لبس عليه الشيطان.
وقال الشيخ: (وهذا لم يذكره أحد من المجتهدين من أهل المذاهب المتبوعين الذين يفتي الناس بأقوالهم...) إلى آخره، المهم أن الحكايات مثلها كثير.. صلوات ابتدعت، أعمال التمسح بالقبور، تعلق بالأموات والأحياء، كذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، ابتداع في أعمال الحج، ابتداع في الصيام، أعمال في الزكاة، وكلها ابتداع من الناس وكثير منها من أمثال هذه الحكاية، حيث يأتي إنسان جاهل فيفعل فيتبعه غيره، ثم يدعي آخر أو يدعي هو أنه رأى رؤيا تصدق فعله، ثم يأتي الشيطان فيرد على كثير من الناس فتتواتر الرؤيا بزعمهم، فتكون الرؤيا سبيل فتنة، أو يتناقلون أشياء ليس لها أصل وتتواتر عندهم كأنها دليل حقيقي، أو يفتنون بقول عالم ما تأمل المسألة وأخطأ فيها، فتتراكم الأمور الملبسة ما بين رؤى، وزلات علماء وشهرة القصة، والثقة بالشخص القائل، وتناقل الشائعات، فتكون البدع من هذا الباب.
أقول هذا لأنه كثر عندنا هذا النوع من البدع، بدع في الرقى، بدع في علاج السحر، في علاج الأمراض، وأكثرها بدع حول الأعياد، وبدع حول بعض الأعمال التي يظن الناس أنها من أعمال البر، فكثر في الناس هذا النوع حتى تعلقوا بأشياء كثيرة ثم تتواتر عندهم الرؤى أو تكثر حتى تتعلق نفوسهم بهذا الأمر وهو في الأصل بدعة.
يقصد بهذا الإمام، الإمام مالك .
قال رحمه الله تعالى: [ ولكن هذا اللفظ الذي في الحكاية يشبه لفظ كثير من العامة الذين يستعملون لفظ الشفاعة في معنى التوسل، فيقول أحدهم: اللهم إنا نستشفع إليك بفلان وفلان، أي نتوسل به.
ويقولون لمن توسل في دعائه بنبي أو غيره: قد تشفع به، من غير أن يكون المستشفع به شفع له ولا دعا له، بل وقد يكون غائباً لم يسمع كلامه ولا شفع له.
وهذا ليس هو لغة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعلماء الأمة، بل ولا هو لغة العرب، فإن الاستشفاع طلب الشفاعة، والشافع هو الذي يشفع للسائل فيطلب له ما يطلب من المسئول المدعو المشفوع إليه ].
هناك صورة لا أدري هل سيوردها الشيخ أو لا يوردها؛ وهي مسألة أنه قد يقصد بالشفاعة أحياناً معنى صحيح لكنه بعيد، وهو أن يقصد بالاستشفاع بالشخص الاستشفاع بدعائه مع دعاء المستشفع، كما إذا طلبت من أحد ممن ترجى إجابة دعوته أن يدعو لك، ادع فكأنك شفعت دعاءه مع دعائك، فهذا المعنى صحيح لكنه بعيد وملبس بحيث إنه لا يحتج به على تسمية التوسل شفاعة من كل وجه.
نعم قد يكون أصلها صحيحاً، ويكون مالك ].
يعني: قد يكون أصلها صحيحاً لكنها حرفت، بمعنى أنه قد يكون للحكاية أصل دون هذه المعاني والألفاظ البدعية، وهذا كثير مما ينقل عن الأئمة مما قد يكون له أصل لكن يزيد عليه الناس من أهل الأهواء والبدع والجهلة، وأيضاً بسبب النسيان وطول الأمد قد يزيد بعض الناس أشياء لم تحدث في القصة، أو يعبر عنها كما فهمها ويكون فهمه خاطئاً أو نحو ذلك، بمعنى أن الشيخ احتاط فيقول: حتى ولو لم تثبت بسند فقد يكون لهذه الحكاية أصل؛ لكن ليست هذه ألفاظ تليق بـمالك وأمثاله من أئمة الدين؛ لأنها لا تصح شرعاً ولا تصح لغة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ نعم، قد يكون أصلها صحيحاً ويكون مالك قد نهى عن رفع الصوت في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم? اتباعاً للسنة، كما كان عمر رضي الله عنه ينهى عن رفع الصوت في مسجده، ويكون مالك أمر بما أمر الله به من تعزه وتوقيره ونحو ذلك مما يليق بـمالك أن يأمر به ].
وهذا واقع لطوائف من الناس من أهل الكلام والفقه والنحو والعامة وغيرهم.
وآخرون يتعمدون وضع ألفاظ الأنبياء وأتباعهم على معان أخر مخالفة لمعانيهم، ثم ينطقون بتلك الألفاظ مريدين بها ما يعنونه هم، ويقولون: إنا موافقون للأنبياء.
وهذا موجود في كلام كثير من الملاحدة المتفلسفة والإسماعيلية ومن ضاهاهم من ملاحدة المتكلمة والمتصوفة، مثل من وضع المحدث والمخلوق والمصنوع على ما هو معلول وإن كان عنده قديماً أزلياً، ويسمي ذلك الحدوث الذاتي. ثم يقول: نحن نقول: إن العالم محدث وهو مراده.
ومعلوم أن لفظ المحدث بهذا الاعتبار ليس لغة أحد من الأمم، وإنما المحدث عندهم ما كان بعد أن لم يكن ].
أقرب مثال لما ذكر عن ملاحدة المتكلمة والمتصوفة في وضعهم بعض الألفاظ على غير وضعها الشرعي الصحيح تسميتهم لبعض صفات الله عز وجل بأنه محدث كصفة الكلام، فيقولون: بأن كلام الله حادث، ومع ذلك يدعون بأن أصل كلام الله أزلي، بمعنى أنه قد تشتبه ألفاظهم ببعض ما عند أهل السنة، لكن عند التفصيل نجد أنهم يقصدون بالحادث المعنى الأزلي، وهذا من باب العبث في استعمال الألفاظ لاسيما متكلمة ومتصوفة الجهمية.
طبعاً أهل الفلسفة وكثير من المتكلمين والعقلانيين ورثة أهل الكلام من المعاصرين ينزعون هذه النزعة، فعلى سبيل المثال كثير منهم الآن يطلقون على الملائكة نوازع الخير، يقولون: الملائكة ليست خلقاً مستقلاً بالخلقة وبالأخلاق وبالأعمال، إنما هي نوازع الخير الموجودة في البشر، والجن والشياطين نوازع الشر، وهذا قول فلسفي استمدوه من الفلاسفة والمتكلمين ومن سلك سبيلهم.
تنبيه: بعض الناس قد يعترض على كلمة (عقلانيين)؛ لأن العقل ليس بمذموم، أقول: بلى، العقل إذا تجاوز حده فإن صاحبه مذموم، فالذين استعملوا العقل على غير وجهه الصحيح هم عقلانيون بهذا الاعتبار، أي: بسبب الشهرة في الكلمة، فالعقلانية ليست مدحاً، إنما هي مدح على الوجه السليم الصحيح.
والعقل الفعال عندهم عنه يصدر كلما تحت فلك القمر، ويعلم بالاضطرار من دين الأنبياء أنه ليس من الملائكة عندهم من هو رب كل ما سوى الله، ولا رب كل ما تحت فلك القمر، ولا من هو قديم أزلي أبدي لم يزل ولا يزال.
ويعلم أن الحديث الذي يروى: (أول ما خلق الله العقل) حديث باطل عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع أنه لو كان حقاً لكان حجة عليهم، فإن لفظه (أول ما خلق الله العقل) بنصب الأول على الظرفية، (فقال له: أقبل، فأقبل. ثم قال: أدبر، فأدبر. فقال: وعزتي ما خلقت خلقاً أكرم علي منك، فبك آخذ، وبك أعطي، وبك الثواب، وبك العقاب)، وروي: (لما خلق الله العقل).
فالحديث لو كان ثابتاً كان معناه أنه خاطب العقل في أول أوقات خلقه، وأنه خلق قبله غيره، وأنه تحصل به هذه الأمور الأربعة لا كل المصنوعات ].
قال رحمه الله تعالى: [ والعقل في لغة المسلمين: مصدر عقل يعقل عقلاً، يراد به القوة التي بها يعقل، وعلوم وأعمال تحصل بذلك، لا يراد بها قط في لغةٍ جوهٌر قائم بنفسه، فلا يمكن أن يراد هذا المعنى بلفظ العقل.
مع أنا قد بينا في مواضع أخر فساد ما ذكروه من جهة العقل الصريح، وأن ما ذكروه من المجردات والمفارقات ينتهي أمرهم فيه إلى إثبات النفس التي تفارق البدن بالموت، وإلى إثبات ما تجرده النفس من المعقولات القائمة بها، فهذا منتهى ما يثبتونه من الحق في هذا الباب ].
لكنهم يقصرون ويقصرون عن إثبات كثير من الحق، ولذلك يلتبس أمر الفلاسفة على كثير من القراء والمثقفين حيث يعترف الفلاسفة بمبادئ الأصول، يقولون مثلاً: نؤمن بالله ونؤمن بالملائكة، هكذا يقول كثير من الفلاسفة الإسلاميين إن صح التعبير، فيظن الناس أنهم يؤمنون به على الوجه الحق، وهم يؤمنون بهذه الأمور على الوجه الباطل، وقد يصلون إلى إثبات شيء من الأمور التي توافق الشرع؛ لكن عند التفصيل يخالفون مخالفة صريحة، بل كل الفلاسفة وقعوا في شركيات ووقعوا في إلحاد عندما أرادوا أن يفصلوا في معنى إيمانهم، ومن الأشياء التي خلفوا فيها العقل والشرع زعمهم أن العقل جوهر، أي: جسم له ذات، فمعنى هذا أنهم يرون أن العقل له كيان مستقل عن المخلوقات الأخرى يدبر بها، وهذا هو الذي جعلهم يعتقدون أن العقل مدبر مع الله عز وجل.
ولذلك قال بعضهم: إن العقل جوهر، يوجد ضمن الملائكة وضمن الكواكب وضمن الأجرام والمخلوقات الأخرى. ومنهم من قال: العقل كيان مستقل.
ولهذا فليس عندهم إلا التخرص.. والخيال.. والأوهام، وهذا الكلام ينبذه العقل أو التفكير، إذ كيف نقول: إن العقل له كيان ونحن نعرف أن العقل ليس إلا موهبة أعطاها الله الإنسان يفكر بها.
وهم لا يقصدون آلة العقل من المخ والقلب.. إلى آخره، ولو قصدوه لكان الأمر سهلاً، ولقلنا: هذا من باب التوسع في الاصطلاح أو التوسع في المفهوم لكنهم قصدوا أن العقل وثن يعبد من دون الله عز وجل؛ لكنه وثن غير منظور، وجعلوه رباً يدبر الكون مع الله هذه خلاصة قولهم.
ويزعمون أنهم يؤمنون بالملائكة، وإذا فسروا الملائكة فسروهم بما ذكر الشيخ، وإنما يظهرون الإيمان بهم خشية من العوام، فيقول أحدهم: أنا أومن بوجود الجن والشياطين، لكن يفسرها بتفسير إلحادي فيقول: الجن هم نوازع الشر في الإنسان، ولذلك ذهب بعض المتأخرين من تلامذة مدرسة محمد عبده إلى مذهب شيخه وقرر هذا في تفسير سورة الجن، فزعم أن الجن ما هم إلا طائفة من البشر ينقسمون إلى نوعين: النوع الأول: مستضعفو البشر يقول: أغلب الجن من مستضعفي البشر، فعلى هذا أكثر البشرية جن عنده، وجبابرة البشر شياطين، وهذا امتداد للمدرسة الفلسفية ومدرسة محمد عبده العقلانية ثم أصبح هذا الآن من مقررات كثير من العقلانيين؛ لكن أكثرهم لا يجرؤ على إظهاره.
ومن جرأ وأعلن هذا ولم يكن عنده في ذلك تحفظ مثل: الدكتور البهي .
لاشك أن إنكار الجن أصلاً بدون ما يؤولهم أسهل ممن يؤول، لكن مع ذلك مآل التأويل الإنكار؛ لأنه سيضطر إلى إنكار نصوص صريحة في وصف الملائكة والجن؛ فإن الله عز وجل وصفهم بأنهم أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، فكيف تكون نوازع الخير لها أجنحة مثنى وثلاث ورباع، ولذلك فإن من يعتقد ذلك ناقض العقل منكر نص القرآن المتواتر، نقول لو ناقشناه: كيف تكون الملائكة نوازع الخير والله عز وجل وصفهم بأن لهم أجنحة ووصفهم بأنهم يعرجون وينزلون، ووصفهم بأعمال ظاهرة حسية؟ فيصعب عليه أن يؤول جميع النصوص، وإذا أولها تأويلاً لا يقتضيه المقام فهو مثل الإنكار؛ لكنه إنكار الجبناء، والله أعلم!
الجواب: لا ينافيه إذا كان قليلاً، وأما الإكثار منه فهو يضعف التوكل.
الجواب: أما من لا يلقي للرؤيا بالاً فليس عليه حرج، أما من يتعلق بها فلاشك أن هذا يضعف توكله ويقع في إشكالات، والأمر وسط، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وضع لنا قاعدة الرؤى وقال: (الحلم من الشيطان والرؤى من الله، فمن رأى منكم رؤيا يكرهها فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم وينفث على يساره ثلاثاً، فإنها لا تضره)، ومع ذلك إذا غلب على ظنه أنها ليست أضغاث أحلام، فإن كانت مما يسوءه من أمر يزعجه فالأولى ألا يلتفت إليها، فذلك خير له؛ لأنه ورد في حديث آخر (أن الرؤيا على جناح طائر) فإن أولتها وقعت، فإن تأويل الرؤيا غالباً يكون فتنة وابتلاء، بينما الإعراض عنها والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم والاستعاذة منها ومن شرها يجعلها لا تضره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا وعد حق والحديث صحيح.
فإذا كانت الرؤيا مزعجة له فلا يتعلق بها، أما إن كانت خيراً فليستبشر بها ولا يخبر بها إلا صديقاً كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، هذه قاعدة في الرؤى، لكن أغلب الرؤى من المزعجات وأغلب الأحلام من المزعجات فالأولى ألا يلتفت إليها الإنسان، وإن خاف أن يتعلق بها قلبه فليعمل بالسنة فيستعيذ ثلاثاً وينفث على يساره، وليتوكل على الله عز وجل ...
صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لأصحابه: (من رأى منكم رؤيا)، لكن هل منا من يكون كالنبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الرؤيا.
ثم إن هذه ليست قاعدة مطردة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم اليومية، وإنما حدثت مرات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ربما كان يبحث عن مبشرات في أمور تتعلق بالجهاد أو غيره، أو مبشرات تتعلق بأفراد المسلمين.
إذاً: مبدأ السؤال عن الرؤيا لا بأس به لكن ينبغي للمسلم أن يعمل بالضابط الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم.
فمن المعلوم أنه لا يجوز للمسلم أن يحتفل بعيد غير عيدي الفطر والأضحى، هذه قاعدة متفق عليها عند جمهور الأمة، بل مجمع عليها عند سلف الأمة قديماً وحديثاً فكيف إذا كان بعيد للكفار وكيف إذا تعلق به الناس على هذا النحو من تقليد ما يحدث عند الكفار في عيد الحب من ألبسة وتهانٍ ووسائل وأساليب يتعامل بها طوائف من نسائنا، هذا أمر خطير ولم نعرفه إلا في السنين الأخيرة.
ولذلك ينبغي أن تبذلوا جهودكم في النصح كل بقدر ما يستطيع في بيته وذويه وجيرانه وحيه، وفي عمله ومع أصدقائه ومع الناس في المساجد، فنبهوا أئمة المساجد على مثل هذه الأمور الخطيرة، فإنه ينبغي أن نبذل الجهد في المناصحة، وإن شاء الله نجد لذلك ثمرة أو على الأقل نعذر فالإعذار أمام الله مطلوب لئلا تشملنا عقوبة الله، نسأل الله السلامة، ونسأل الله أن يحمينا جميعاً من البدع والأهواء ومضلات الفتن.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر