الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكون مجتمعاً تسوده المحبة والإخاء في ذات الله تعالى، كما وصفهم سبحانه بقوله: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54]، وكما وصفهم سبحانه وتعالى بقوله: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29].
ونصلي ونسلم على عبد الله ورسوله محمد بن عبد الله الذي أرسله هدى للعالمين، فكان مثلاً يقتدى به في أخلاقه وفي سلوكه، كما قال عز وجل عنه: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]، فقد تربى على تلك الأخلاق التي رباه الله عليها، فقاد أمة استحقت قيادة هذا العالم، بسبب ما حباها الله فيه من محبة وإخاء وتعاطف.
أيها الإخوة! إن الحديث عن العلاقات الاجتماعية في القرآن أو في الإسلام طويل، ويكفينا حينما نقرأ القرآن أننا نجد كثيراً من الصفات التي يدعونا الله عز وجل إلى الأخذ بها؛ حتى نكون مسلمين حقاً، ولعل الآيات التي في أول سورة البقرة ما يبين لنا صفات المجتمع المسلم، وذلك في قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة:3-5]، وكثيراً ما نجد في القرآن الكريم تربية عالية للأمة الإسلامية، ولو قرأنا سورة الحجرات لوجدنا فيها كثيراً من الصفات الراقية التي يجب أن يتحلى بها المسلم؛ وحينئذ يكون مسلماً حقاً.
فكان الواحد منهم يشعر بالخجل حينما يبشر بأنه ولدت له بنت، فيسود وجهه أمام القوم، ثم يذهب إلى ابنته ليدسها في التراب -أي: ليدفنها- وهي حية، إلى أن جاء الإسلام فحاسب أولئك، وأفاد بأنهم يوم القيامة سيسألون عما فعلوا، كما قال عز وجل: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9]، بل كانوا يقتلون حتى الأولاد الذكور في كثير من الأحيان، فإذا كان الرجل قليل ما في اليد -أي: ليس عنده مال- فإنه يقتل أولاده خشية الفقر، ويقول: إن ماله لا يكفي لأولاده؛ وهذا لأنهم فقدوا الاعتماد على الله أولاً؛ ولأنهم فقدوا العاطفة التي منحها الله عز وجل حتى للحيوان، فيخبر الله تعالى عنهم أنهم يقتلون أولادهم خشية الفقر، أو خشية الإملاق، ثم جاء الإسلام فأبدل هذه الخشية بالاعتماد على الله تعالى، وتكفل برزق الأبناء مع رزق الآباء، كما قال تعالى: نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151]، بل قدم رزق الأولاد على رزق الآباء في آية أخرى فقال سبحانه: نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء:31]، وعلى هذا فلا يجوز في الإسلام أن يعتمد الإنسان على ماله أو على قوته، ولذا أخبر الله عز وجل أنه سيحاسب أولئك الذين قتلوا أولادهم خشية الفقر.
هذه هي العلاقة الجاهلية بين الأب وأولاده، وإن كان هناك من يتغنى بالأولاد، ويكمل التعطف عليهم، كما قال بعضهم:
إنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني من الغمض
لكن ذلك خلاف ما جاء من عادة النسبة لعادات الجاهلية، بل إن القرآن الكريم هو الذي أخبرنا بوضعهم مع أولادهم.
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا
ولكنها بالنسبة للقبيلة الأخرى كانت أيضاً علاقة سيئة، ونحن نقرأ في التاريخ الجاهلي تلك الحروب الدامية التي خاضها العرب مع بعضهم في سبيل أشياء تافهة؛ لأنهم فقدوا الوازع، وفقدوا الضمير، وفقدوا الإنسانية، فأصبحوا أقل مستوى من الحيوان، فمثلاً: نجد أن حرب البسوس التي دامت ما يقرب من أربعين عاماً تطحن في العرب كان سببها تافهاً، وهكذا كانت كثير من الحروب التي كادت أن تكمل العرب، لولا أن الله تعالى تداركهم بالإسلام فأنزل هذا القرآن لينقذهم مما كانوا عليه، ولذلك فإن الله يأمرنا بشكر نعمته فيقول: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:103]، وعلى هذا فإننا نعتبر الإسلام نعمة كبرى من الله تعالى، لا على المسلمين فحسب؛ ولكن على العالم أجمع، فقد أخرجهم به من الظلمات إلى النور.
ويبدأ ذلك من اختيار الزوجة الصالحة، واختيار الزوجة الصالحة سبب في صلاح هؤلاء الأولاد؛ لأنها هي التربة التي توضع فيها هذه البذور، وحينئذٍ فإن هذا الأب مطالب باختيار الزوجة الصالحة أولاً، ثم اختيار الاسم الحسن، ثم بالتربية بعد ذلك؛ بحيث لا يرفع سوطه عنهم أبداً، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: (ما نحل والد ولده أفضل من خلق حسن).
ولهذا فإننا نجد تربية الأولاد تشغل جانباً وحيزاً كبيراً في القرآن العظيم وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كقوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]، ثم يبين أن صفات المؤمنين أنهم يؤدبون أولادهم، ثم بعد ذلك يمدون أكف الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى بأن يصلح هذه الذرية، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74]، ولكن ذلك يكون بعد العمل.
ثم أيضاً نجد أن الله تعالى يتكفل بعد ذلك لهؤلاء الآباء الصالحين الذين بذروا بذوراً حسنة في هذه الأرض وفي المجتمع الإسلامي بأن يهب لهم الأولاد الصالحين.
وحينما يحصل صلاح الأبناء وصلاح الآباء فإن الله تعالى يرفع الأبناء يوم القيامة درجة، ولا يخفض الآباء هذه الدرجة، فيرفع الأبناء حيث يصلون إلى درجة آبائهم، فتقر حينئذٍ عيونهم بهذه الذرية الصالحة، يقول الله عز وجل: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الطور:21]، أي: رفعناهم إلى درجة الآباء في الجنة، وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ [الطور:21]؛ لأن تنزيل الآباء عن الأبناء شيء من الظلم بالنسبة للبشر، ولكنها بالنسبة لله سبحانه وتعالى ليست ظلماً؛ لأن الله عز وجل منزه عن الظلم، فهو يرفع الأبناء إلى درجة الآباء، ولا يخفض الآباء إلى درجة الأبناء حينما يكون الأبناء أقل صلاحاً من الآباء.
ثم بعد ذلك يبين الله تعالى أن السعادة وقرة العين إنما تكون حينما يصلح الآباء مع الأبناء، فيقول الله عز وجل: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:23-24]، هذا إضافة إلى ما يناله الأب من البر بالنسبة لهؤلاء الأولاد الصالحين، وما تناله الأم أيضاً من البر بالنسبة لهؤلاء الأولاد الصالحين.
أما بالنسبة لحياة البرزخ فإن فيها سعادة لهذا الأب الذي يربي هؤلاء الأولاد؛ فإن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له)، فحينئذ يكون الإسلام قد طالب الأبناء بالنسبة لآبائهم، أو الآباء بالنسبة لأبنائهم في هذا الجانب.
ثم أيضاً على هؤلاء الآباء وعلى هذه الأمهات أن يكونوا عوناً لأبنائهم على البر، وذلك بحسن المعاملة والرقة وحسن العشرة والعدل، والعدل هو أكثر ما يحبب الآباء إلى الأبناء.
وكثيراً ما يقرن الله عز وجل حق الوالدين بحقه كما في هذه الآية، وكما في آيات أخر كقوله سبحانه: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، والرسول صلى الله عليه وسلم استأذنه رجل في الجهاد في سبيل الله فقال له: (أحي والداك؟ فقال: نعم، قال: ففيهما فجاهد).
ومعنى البر بالنسبة للأبناء: أن يحسنوا علاقاتهم بآبائهم، وأن يقوموا بما أوجب الله عليهم من الطاعة في حدود طاعة الله تعالى، أما إذا كانت طاعة الوالدين أو أي مخلوق مخالفة لطاعة الله تعالى؛ فإنه لا طاعة حينئذٍ لمخلوق في معصية الخالق؛ ولذلك يقول الله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [العنكبوت:8]، ولقد نزلت هذه الآية حينما أسلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فغضبت أمه، وكانت على الكفر، فقالت: يا سعد ! والله لا أكلمك أبداً، ولا آكل طعاماً حتى تكفر بمحمد! فصار يتودد إليها مرة بعد أخرى لتأكل الطعام، وهي مصرة، حتى كادت تخرج روحها من شدة الجوع، ولكنه لا يريد أن يترك دينه، فلما رآها على هذا الوضع قال: (يا أماه! والله لا أترك ديني، ولو كانت لك مائة نفس فخرجت كل واحدة بعد الأخرى ما تركت ديني، فإن شئت كلي، وإن شئت فلا تأكلي)! فحينئذٍ يئست منه فأكلت، فأنزل الله تعالى قوله: وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [العنكبوت:8]، بعد أن قال في أول الآية: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا [العنكبوت:8].
وإهمال حق الوالدين خطر كبير، ولذلك فإن الله تعالى نهى عن التأفف في وجوههما فقال: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا [الإسراء:23]، وإذا كان هناك من الآثام والمعاصي للوالدين أكثر من ذلك فإنه أكثر خطراً وأعظم إثماً.
وعلى هذا فإن المرأة قد أخذت هذا الميثاق الغليظ على هذا الرجل، وهذا الميثاق الغليظ تجب المحافظة عليه، وحينئذٍ فإن للعلاقات الزوجية شروطها وآدابها؛ لتكون هذه العلاقة وثيقة ومتينة، وذلك حينما يكون الزواج بتراضٍ، ويا حبذا لو كان بنظر إلى المخطوبة! وهكذا توافر الصفات التي دعا إليها الإسلام، وحينئذٍ تبنى العلاقات الزوجية على المودة والرحمة، كما قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21]، وإذا لم تبن على هذين الأمرين جميعاً فعلى الأقل على الرحمة، فإذا فقدت المودة فلن تفقد الرحمة، وأما حينما تفقد المودة وتفقد الرحمة فهناك وسائل يجب أن يسلكها الزوجان: من الإصلاح، والتغاضي عن العيوب، وحينما لا يمكن ذلك يأتي دور الحكمين، كما قال عز وجل: فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء:35]، وحينما لا يكون السبيل إلى ذلك يأتي دور الفراق: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا [النساء:130].
هذه العلاقة تستحق الوفاء بالشروط التي اشترطت بين الرجل والمرأة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج)، والمراد بالفروج: العلاقة الزوجية.
ثم بعد ذلك تأتي العشرة وحسن العشرة، فيشعر الرجل بأن له مثلما عليه؛ لأن الله تعالى يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]، ثم يقول: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، ويقول: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، فالعشرة بالمعروف حق للزوجة، كما أنه حق للزوج على الزوجة، وهناك حق كبير للزوج على الزوجة أجمله الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) وذلك لما له عليها من الحقوق.
وكذلك يجب للزوجة حسن المعاشرة، والعاطفة والمحبة من الرجل؛ حتى تكون المحبة والعاطفة متبادلة بين الطرفين.
ويقول عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره)، ويقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)، ويقول: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن من لم يأمن جاره بوائقه)، أي: غدراته وخيانته.
ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثبت الحق للجار مهما كان هذا الجار، حتى ولو كان كافراً فإن له حق الجوار؛ فإن الجيران ثلاثة: جار له ثلاثة حقوق، وجار له حقان، وجار له حق واحد، أما الجار الذي له ثلاثة حقوق فالجار المسلم ذو القرابة؛ فله حق الجوار، وله حق الإسلام، وله حق القرابة، وأما الذي له حقان فهو الجار المسلم؛ فله حق الجوار، وله حق الإسلام، وأما الذي له حق واحد فهو الجار غير المسلم.
وعلى المسلمين أمر يقابل هذا الأمر، فعليهم الطاعة لهذا الحاكم في حدود طاعة الله تعالى، فإذا لم تكن هناك طاعة لله في طاعته فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر