إسلام ويب

كيف نودع رمضانللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لابد لكل مسرور بقدومه أن يحزن على فراقه، فالمسلمون يفرحون بقدوم شهر رمضان ثم لم يطل فرحهم كثيراً، بل يأتي عليهم يوم يحزنون فيه على فراقه، والناس في رمضان أصناف، فمنهم السابق بالخيرات المستغل له، ومنهم من يعرف الله فيه ثم ينكص على عقبيه عند انتهائه، ويجب على المؤمن مواصلة العمل بعد رمضان واستغلال المواسم التي تأتي بعده، ولا يكن رمضانياً فقط

    1.   

    وداع رمضان والحزن على فراقه

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:

    فإن كل مسرور بقدومه، محزون على فراقه، وإن هذا الشهر الكريم يسر المسلمون بقدومه وينتظرونه، وقد كان السلف يسألون الله تعالى ستة أشهر من السنة أن يبلغهم شهر رمضان، ويسألونه في الأشهر الأخرى أن يتقبل منهم ما فعلوا فيه وما وفقهم له في هذا الشهر، لذلك فإن السرور بقدوم شهر رمضان لا يعدله إلا الحزن لفراقه؛ لأن كثيراً من الناس يوشك ألا يأتي عليه رمضان آخر، وقد أتيحت له فرصة المغفرة والعتق من النار في هذا الشهر.

    وأيضاً باعتبار معايير الدنيا فإن كثيراً من الناس يأنس من السعادة ويشتاق إليها، وإنه في هذا الشهر قد نال فرصةً عظيمةً للسعادة، فكثير من الناس إذا قارن حياته بالسنة، وأيامه المعدودة في هذا الشهر ولياليه فسيجد فرقاً شاسعاً بين هذه الأيام التي يعيشها في هذا الشهر، وأيامه في السنة الأخرى، فهذه الأيام يجد أن علاقته بالله سبحانه وتعالى قد تحسنت وتطورت، وأن الوقت الذي يمضيه وهو في بيت من بيوت الله تغشاها رحمة الله تعالى، وتنزل عليه السكينة، وتحفه الملائكة، وهو صائم لربه، أو قائم في الليل بين يديه، أو قارئ لكتاب الله تعالى في بيوت من بيوت الله، أو يخدم إخوانه ويسعى من أجل إيصال النفع إليهم، كل ذلك يجد به سعادةً في نفسه لا يعدلها شيء.

    تلحظون هذه السعادة في أنفسكم، وتلاحظون أن كثيراً منكم يشتاق إلى رمضان قبل أن يأتي، ويستعد له ليس إخلاصاً، فكثير منا يعرف من نفسه ما فيها من الأمراض، ولكنه يشتاق إليه لتلك السعادة التي يجدها، أما من كان مخلصاً لله تعالى فسعادته أكبر، وشوقه إلى رمضان أكثر، كل هذا مدعاة لأن يحزن على فراق هذا الشهر؛ ولأن ينتهز ما بقي منه للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى؛ وللتزود بشحنة يمكن أن تكون خاتمةً لهذا العمر الذي لا ندري متى ينقضي.

    1.   

    الحرص على استغلال الإنسان لما تبقى من رمضان

    هذه الأيام الباقية من هذا الشهر فرصة عظيمة، قد جعلت في متناول أيديكم، وبين نواصيكم، وهي فرصة سيتمناها الناس كلهم يوم القيامة، ولذلك تقرءون في كتاب ربكم سبحانه وتعالى في أحوال أهل الآخرة أنهم جميعاً يتمنون العودة إلى هذه الدار الدنيا، أما المحسنون فيتمنون ذلك لزيادة إحسانهم، وأما المسيئون فيكفره ويبدل السيئات بالحسنات، واقرءوا ذلك إن شئتم في أحوال أهل الجنة وفي أحوال أهل النار، يقول تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:10-11].

    وفي أحوال أهل النار جاء التصريح بذلك في قول الله تعالى: قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ [المؤمنون:99-101].

    ونظير هذه الآية في القرآن كثير في أحوال الذين يتمنون الرجعة والعودة إلى هذه الدنيا، والرسول صلى الله عليه وسلم ضرب مثلاً من نفسه لذلك، فقد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: ( ولوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل، ثم أحيا فأقاتل فأقتل، ثم أحيا فأقاتل فأقتل )، وهذا هو الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أطلعه الله على ما أعد له في الجنة، ومثلت له الجنة في عرض حائط في قبلة لمسجد حتى رأى ما له فيها، وأدخل الجنة في كثير من نوماته، ومنامات الأنبياء وحي، فرأى ما فيها، ومع ذلك يرغب في الزيادة وتضعيف الأجر، ومضاعفة العمل الذي يقرب من الله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا.

    وكذلك فإن عمرو بن الجموح رضي الله عنه حين قتل شهيداً يوم أحد تمنى على الله تعالى أن يرده إلى هذه الدنيا ليقاتل فيقتل مرةً أخرى، لينال الشهادة مرةً أخرى، لم يتمن العودة إلى الدنيا ليتزود من ملذاتها وشهواتها، ولا ليقيم الحجة على المنافقين الذين خاطبهم عندما انعزلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرهم أنهم قد خسروا الدنيا والآخرة، وأنهم قد خذلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في هذا الموقف الذي تدعو الحاجة فيه إلى نصرته فيه، فتمنى على الله تعالى أن يعيده إلى هذه الدنيا ليقتل مرةً أخرى في سبيل الله؛ حتى يتضاعف له أجر الشهادة لما رأى من ذلك، ولذلك قص الله علينا أحوال هؤلاء الشهداء الذين قتلوا في معركة أحد، ومنهم عمرو بن الجموح الذي ذكرنا بوصف يشوق من لم ينل شرف هذه المنزلة التي نالها، فضلاً عمن قص علينا أخبارهم ممن قد تجاوزوا القنطرة، وشاهدوا ما يوعدون، فقال تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ [آل عمران:169-171]، فهم يستبشرون بنعمة من الله وفضله زيادةً على ما هم فيه، فما هم فيه في هذا البرزخ وإن كان فيه استقبال الباري سبحانه وتعالى لهم، وتشريفهم بأن يريهم مقاعدهم من الجنة، وأن يبين لهم درجاتهم فيها، وإلحاقهم بلائحة الذين رضي الله عنهم وأحل عليهم رضاه الأكبر الذي لا سخط بعده، الماحي لكل ما سبق، وأيضاً بما بشرهم به من التمكين لرسوله صلى الله عليه وسلم، ومن التمكين لإخوانهم الذين عاشوا بعدهم، كل هذا يستبشرون بعده بأمور أخرى مستقبلية.

    1.   

    ما يودع به رمضان من الأعمال

    فهذا البرزخ لا ينالون فيه جزاءهم، وإنما الجزاء الكامل في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

    إننا الآن على أعتاب هذا الشهر، وقد وقف بثنية الوداع وهمّ قبلي مزنه بالإقلاع، فهو الآن يودع، ويقول: يا رب! أقوام قد انتهزوا فرصتي فقطعت بهم مراحل، ويا رب أقوام قد زالت هذه الفرصة من بين أيديهم بعد تمكنهم منها سيأسفون ويندمون على ما فاتهم، ويا رب أقوام عميت قلوبهم عن انتهاز الفرصة ثم لم يشعروا بالغبن عند نهاية رمضان.

    إن هذا الشهر ستطوى صفحته بعد أيام، ويذهب بما فيه من خير وشر، ولكن بماذا نودعه؟ وماذا سيبقى معنا من ذكرياته؟ هذا موضوعنا الذي ينبغي أن نفكر فيه جميعاً، وليس موضوعاً علمياً يقرأ في صفحات ويتلى ويملى بقدر ما هو موضوع تفكيري يفكر فيه الذين يعيشون في رحاب رمضان، فكل شخص منا يفكر الآن: بماذا يودع رمضان؟ قد أوصله الله تعالى في هذا الشهر بنعمته وفضله إلى كثير من وسائل التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى مستوى إيماني يحسه في نفسه، كل شخص منا لو قارن نفسه في هذا اليوم الخامس والعشرين من شهر رمضان بنفسه في اليوم الخامس والعشرين من شهر شعبان مثلاً، أو غيره من الشهور التي انصرمت وانقضت فسيجد أن مستواه الإيماني وما تقرب به وما أعين عليه من الطاعة بعده مفيد، وأنه قد ازداد به درجةً، وارتقى به منزلاً، ولذلك ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أن رجلين ماتا وكان بين وفاتهما أيام، فأثنى الناس على الأول منهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريكم لعل صلاة الآخر في الأيام التي قضاها بعد موت صاحبه تبلغ به منزلةً ). فهذه الأيام التي عاشها هذا الشخص بعد موته صاحبه كان يصلي فيها الصلوات الخمس، وهي كفارة لما بينها، شهد فيه الجمعة، ويمكن أن يكون وفق فيه لقراءة شيء من القرآن، أو لذكر الله تعالى، أو لتقديم خير أو صدقة، أو غير ذلك من أوجه الخير التي لا حصر لها، فهذه الأيام التي عاشها رغم قلتها يمكن أن تبلغ به منزلةً يحسده صاحبه عليها، فكثير ممن وفق لأن ينتهز وقتاً ولو يسيراً يمضيه في هذه الحياة الدنيا سينال به منزلةً وتقريباً يحسده عليه من لم يصل إلى تلك الدرجة، ولهذا قال أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبيات له:

    إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا

    ندمت على ألا تكون كمثله فترصد للموت الذي كان أرصدا

    الشخص الذي كان في هذه الدنيا مع أشخاص لا يزيدون عليه في خلقهم بأعضاء، ولا يزيدون عليه في عقلهم وتفكيرهم بمساحات، ولا يزيدون عليه في طاقاتهم وأوقاتهم بسعة غير ما يجده، فوجدهم قد زادوا فيها قرباً إلى الله سبحانه وتعالى، سيشعر بحزنه هو وأسفه على ما مضى.

    1.   

    أنواع الناس في رمضان

    إن ما أحرزناه في هذا الشهر، وما حاولنا به التقرب رغم ضآلته وقلته، هل ينبغي أن نقف عنده، وألا نطور أنفسنا بعد رمضان وننتظر رمضان آخر قد لا نصله؟ أو أن مستويات الإيمان لا بد أن تزداد؟

    المحاسب لنفسه المواصل لسيره إلى الله

    لا بد للمؤمن إذا مرت عليه فترة أو وحدة زمنية أياً كانت أن يحاسب نفسه، وأن يحاول ألا يأتي فلق الصباح في اليوم الموالي وهو في نفس المستقر الذي كان فيه، فهذا العمر إنما هو مراحل في سفر إلى الله سبحانه وتعالى، كل يوم تطلع فيه الشمس يقرب من الموت، ويقرب من الآخرة، فهو بمثابة الرجل الجاد في السفر وله مسافة معينة، هذه المسافة لتكون مثلاً لو عاش ستين سنة نقدر أنه سيقطع ستين كيلو، أو ستمائة كيلو، إذا عاش مائة سنة على تقدير بعيد فإنه سيقطع مائة كيلو مثلاً، وهو سائر في هذا الاتجاه وفي كل يوم يأتي سيقطع جزءاً من هذه المسافة، لا يمكن أن يعطل سير عمله في المسافة التي سيقطعها، لا بد أن يقطع في أيامه ولياليه جزءاً من هذه المسافة التي يسير إليها، إذا كان الأمر كذلك فإن من خرج يشتد عدوىً من الصباح إلى المساء فأصبح في نفس المكان الذي كان فيه بالأمس، فإنه مبتلىً بالتيه، معناه أن عمله ضائع، خرج يشتد عدوىً، وقطع مسافةً أتعبته، ولكنه عندما طلع الفجر وجد نفسه في نفس المكان الذي خرج منه بالأمس، فهذا لا شك أنه باعتبار التجار قد خسر أربعاً وعشرين ساعة من العمل الدءوب، وخسر أيضاً طاقةً بذلها، وجهداً كبيراً قد قدمه، ومع ذلك لم يزدد شيئاً مما كان ينبغي أن يزداد به، فهذا خاسر في صفقته.

    إذا كان الأمر كذلك فمعناه أن كل يوم يمر من هذه الأيام ينبغي أن نحاول على الأقل أن نزيد فيه ولو سنتيمتراً واحداً في التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، نحاول تطوير مستوانا وتحسينه، هذا لأهل الهمم، ولجماعة المسجد، ولأهل الخير.

    الناكص على عقبه بعد رمضان

    ثمة درجة أخرى من الناس يسعدها كثيراً أن تبقى تراوح أقدامها في نفس المكان الذي كانت فيه؛ لأنها معرضة للنكوص على أعقابها، والرجوع إلى الوراء، فكثير من الناس يصل في مستواه الإيماني في رمضان لأن يريق مدامعه من خشية الله، وأن يستطيع سماع كتاب الله، وأن يستطيع في كل يوم تطلع فيه الشمس أن يمد يديه الطاهرتين إلى المصحف فيفتح صفحاته ويقلبها بلباقة أصابع، فيقرأ آيات من كتاب ربه، يستطيع أن يشهد الصلوات الخمس في المسجد، وأن يصوم صوم المسلمين، وأن يصلي قيام الليل ما استطاع، ولكنه بعد رمضان يغفل عن نفسه، ويغفل عن حسه، وعما كان فيه في رمضان، فتأتي الأيام والليالي وهو يزداد رجوعاً إلى الوراء، حتى إذا جاء رمضان إن أتيحت له فرصة أخرى لعهد جديد جدد، وإلا بقي يتقهقر على أعقابه، ولذلك قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: بئس عبد لا يعرف الله إلا في رمضان.

    العارفون لله في رمضان دون بقية الشهور

    من الناس من لا يعرف الله إلا في رمضان، لا تراه في المسجد، لاحظوا وجوهاً تشهدونها في المساجد في شهر رمضان، نسأل الله ألا تكون من بيننا، لكن نراها في غير شهر رمضان تطرق أبواب المساجد أبداً، لماذا؟ المدح والشكر في قدومه على المسجد في شهر رمضان ليس راجعاً إلى أنفسها، بل هو راجع إلى نعمة الله تعالى بتصفيد شيطانها، شيطان الشخص وقرينه الذي يحول بينه وبين دخول المسجد مصفد الآن، فلذلك استطاع أن يأتي إلى المسجد، لكن ما إن يفك أسر شيطانه، وينزع القيد أو الصفد من يديه حتى يمنعه من دخول المسجد مدةً أخرى إلى أن يأتي شهر رمضان آخر.

    المنفقون والمتصدقون في رمضان الجامعون للمال في غيره

    كذلك نجد كثيراً من الناس يتصدق وينفق، ويفطر الصائمين، ويحرص على ذلك في شهر رمضان، ولكنه يظن أن هذا الشهر فقط هو شهر الإنفاق، أما ما سواه فشهر الاكتناز والجمع، فهذا ليس إنساناً كامل الإنسانية، بل هو بمثابة النمل، فالنمل يجمع في السنة كلها أرزاقه، ولا يأكلها إلا في الخريف، يجمعها ويدخلها ويحصنها ولكن لا يأكلها إلا في الخريف، كثير من الناس كذلك يجمع في الأشهر الأخرى، فإذا جاء شهر رمضان تصدق، فهذا لا يفكر بعقلية سليمة؛ لأنه لو افتتح الآن الجمع في شوال هل سيصل إلى رمضان؟ من يضمن له ذلك؟ أيضاً فإن التوفيق للعمل لا يكون إلا بتقديم ما يقربه إلى الله تعالى، والله تعالى له ملائكة في اليوم والليلة يتعاقبون في الناس، فينزل ملائكة في المساء يحضرون صلاة العصر مع الناس، ويتعاقب معهم آخرون كانوا في النهار في صفوف الناس وكذلك يجتمعون في صلاة الفجر، فإذا ارتفعوا إلى ربهم فإنهم يقدمون تقريراً عاماً عن الناس وهو تقرير عن أهل الخير سببه الشفاعة لهم، فالملائكة فطرهم الله تعالى على حب الشفاعة لبني آدم، وقد أذن الله لهم في أن يشفعوا لأهل المساجد فيقولون: ( يا رب! أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون )، ولا يتكلمون في مقام الشفاعة عما بين الصلاتين، ( أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون )، ما بين هذين الحالين ما بين الصلاتين قد يكونون المصلون فيه قد اقترفوا كثيراً من الأعمال المخالفة للصلاة، ولكن الملائكة لأنهم شفعاء يريدون الشفاعة لا يذكرون العيوب، الذي يريد أن يشفع لا ينبغي أن يذكر العيب بين يدي شفاعته، بل يذكر الخير والوجه الصحيح؛ ليكون ذلك مدعاةً لقبول شفاعته.

    ولكن ثمة ملائكةً آخرين مكلفون بمهمة تختلف عن هذه الشفاعة، ملائكةً يقدمون تقارير إلى الله تعالى في الصباح والمساء، فهؤلاء الملائكة إذا أتوا فقالوا: يا رب! عبدك فلان في شهر رمضان أصبح صائماً، وبات قائماً، وتصدق، وتقرب إليك بالذكر وتلاوة القرآن، ثم في شهر شوال قالوا: عبدك الذي عرفناه في المساجد تكتبه الملائكة التي هي على أبواب المساجد في مقدمة اللائحة، أو على الأقل في لائحة رواد المسجد قد نكص على عقبيه، والآن يكتبه ملائكة أخرى على أبواب أمور أخرى لا ترضي الله تعالى، فهذا الانتكاس والتذبذب وصف نفاقي، وصف من أوصاف المنافقين، والله تعالى يقول في المنافقين: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً [النساء:143].

    المؤمنون المنتفعون من شهر رمضان

    أما المؤمنون الذين انتفعوا من مدرسة رمضان فكل شخص منهم في آخر رمضان يعقد العزم الذي لا يتزحزح ولا يتبدل على أنه وصل الآن إلى مرتبة إيمانية معينة، فيعاهد الله تعالى على أنه يحاول جاهداً ألا ينزل عنها، إما أن يزيد ويرقى حتى يكون من الذين يقال لهم يوم القيامة: ( اقرأ وارق )، فقارئ القرآن في الدنيا إنما ينال منزلته عند آخر تلاوته، فيقال له: ( اقرأ وارق، فإن منزلتك عند آخر قراءتك )، آخر آية ترتلها هي التي تنال منزلتك عندها.

    فكذلك مسيرة المؤمن هنا في حياته، يحاول جاهداً أن يعقد العزم التام على تصرفه في العيد، أول يوم بعد رمضان هو يوم الفطر، بماذا سنستغل هذا اليوم؟ هل سنجعله فقط يوماً للتكالب في الدنيا، والتنافس على المظاهر المخالفة لما نحن فيه الآن في رمضان؟ رمضان شهر تقشف وشهر زهادة، لا يتنافس الناس فيه كثيراً في المآكل والمشارب والملابس والأمور هذه، هل سنتناقض مع أنفسنا في أول يوم يأتي بعد رمضان؟ هل سنلجم أنفسنا عن النظر إلى الملاهي المحرمة، والأمور التي لا ترضي الله تعالى في شهر رمضان وفي أول يوم من شوال نخالف فنقع فيما كنا ألجمنا أنفسنا عنه؟

    إذاً لا بد أن نعقد العزم من الآن على أن أول يوم يأتينا بعد رمضان -وهو يوم العيد- يكون يوماً خالصاً لله، أن نكون صادقين فيه مع الله إذا قرأنا قول الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]، لا بد أن نكون صادقين إذا قرأنا هذه الآية في حياتنا.

    لا بد كذلك أن نعقد العزم على أننا بعد رمضان نجعل أوقاتنا كلها أو على الأقل جزءاً كبيراً منها موافقاً لذكرياتنا في شهر رمضان، فبعد رمضان نصوم ستاً من شوال لتتم لنا أيام السنة، ( من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله )، نصوم ستة أيام من شوال ثقةً بوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق؛ ولتتم بذلك السنة كلها؛ لأن ( الحسنة بعشر أمثالها )، ورمضان إن شاء الله تعالى والله أعلم ربما يكون ثلاثين يوماً، فإن كان كذلك فإنه يأتي بثلاثمائة يوم من السنة، وتبقى ست من شوال تقابل ستين يوماً وهي بقية السنة، وبذلك يكون الشخص قد ضرب له اليوم الواحد بعشرة، ( والحسنة بعشر أمثالها )، فيكون كأنما صام الدهر كله، ثم بعد ذلك تشرئب أنفسنا لموسم آخر من مواسم الخير.

    1.   

    الأعمال الفاضلة بعد رمضان

    بعد رمضان مباشرةً ندخل في الأشهر الحرم، التي يقول الله تعالى فيها: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة:36]، أول الأشهر الحرم شهر شوال، ثم شهر ذي القعدة، ثم شهر ذي الحجة، هذه ثلاثة من الأشهر الحرم جاءت بعد شهر رمضان لتعيننا على أن نتمسك بالقدر الذي كان لدينا من الأعمال الصالحة، هذه الأشهر الحرم ينبغي ألا نقع فيها فيما لا يرضي الله تعالى، كذلك قال: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة:36].

    الحج إلى بيت الله تعالى

    في شهر شوال بعد الصيام تأتي فرصة أخرى وهي فرصة الحج لمن كتب الله له ذلك وأعانه عليه، وهو المستطيع من وجد الزاد والراحلة والسبيل السابلة، هذا الآن له فرصة بعد رمضان تشرئب نفسه إليها مباشرةً، فبعد رمضان مباشرةً يدخل في أشهر الحج، الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197]، وتبدأ ببداية شهر شوال، إن كان الشخص قادراً مستطيعاً فبها ونعمت، فليحج فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( حجوا قبل ألا تحجوا. قالوا: يا رسول الله! وما للحج؟ قال: يجلس أعرابها على أعقاب أوديتها، فلا يصل إلى البيت أحد ).

    وكذلك ورد عنه صلى الله عليه وسلم في حديث أخرجه أبو داود في السنن -وإن كان في إسناده رجل ضعيف- أنه قال: ( بادروا بالحج؛ فإنه قد تعرض الحاجة، ويمرض المريض، وتضل الراحلة )، وهو مقوىً بالشاهد الذي سبق وهو الذي أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح.

    ثم بعد ذلك يحاول الشخص المستطيع للحج حتى ولو كان قد أدى فريضته أن يكون مؤدياً لفرض كفاية على الناس، قال الله فيه: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97]، هذه الآية ليست لفرض الحج فرض عين، وإنما هي لفرض الحج فرض الكفاية على الناس، ولذلك قال: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97]، (من استطاع إليه سبيلاً) فاعل الحج، فمعناه أن الله فرض على الناس أن يحج البيت من استطاع إليه سبيلاً، فالفرض هنا على الناس بمعنى العموم لا على الأفراد، ولذلك أردفه بقوله: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97]، ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول على المنبر: لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هؤلاء الأمصار فلينظروا من فيهم ممن استطاع الحج فلم يحج، فليفرضوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين.

    استغلال العشر الأوائل من ذي الحجة

    إن كثيراً منا قد لا يستطيع الحج، وليس ذلك عيباً، بل هو راجع إلى الرفق، ولكن العيب أن يكون الشخص يبلغ أوان الحج فلا تشرئب نفسه إليه، ولا يبادر بالأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة التي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها: ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله منه في أيام العشر )، ولياليها على الراجح هي التي أقسم الله تعالى بها في كتابه في قوله: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2]، فقد قيل: هي العشر الأواخر من رمضان، ولكن الراجح أنها عشر ذي الحجة، وفيها يوم واحد يحتسب بصيامه سنتان كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إني لأحتسب على الله بصيام يوم عرفة أن يكفر ذنوب سنتين ).

    زكاة الفطر والأضحية في العيدين

    كذلك هناك يوم العيد الآخر، الذي شرع الله فيه الضحية مثلما شرع في هذا العيد المقبل بين أيدينا زكاة الفطر، وزكاة الفطر أيضاً فيها شكر لنعمة الله تعالى علينا في هذا الشهر بأن وفقنا لصيامه، وأنفق علينا فيه حتى صمنا بتوفيقه، وأفطرنا على رزقه، ولذلك نقول في دعاء الإفطار: اللهم بك صمت، وبك آمنت، وعلى رزقك أفطرت.

    فالشخص بالإضافة إلى أنه صام بتوفيق الله أفطر أيضاً برزق الله، فلهذا شرع لنا أن نقدم زكاة الفطر طيبة بها نفوسنا في يوم الفطر، ووجوبها يبتدئ من غروب الشمس، ومن ولد له ولد قبل غروب الشمس في آخر يوم من رمضان، أو تزوج زوجةً عقد عليها ولو لم يدخل بها في آخر يوم من رمضان قبل غروب الشمس، فإنه تجب عليه زكاة فطر من تجدد عليه، ومن لم يولد له المولود إلا بعد غروب الشمس، أو لم يتزوج ولم يعقد عقد النكاح إلا بعد غروب الشمس فلا تجب عليه فطرة ذلك الجديد الذي أنضاف إلى عياله.

    وتجب هذه الزكاة في هذا الوقت، ولكن إخراجها موسع فيه قبل ذلك، فالأفضل أن يخرجها الشخص في هذه الليالي الباقية من شهر رمضان أن يكتب له أنه قد عزم على أداء هذا الخير، وليسارع فيه حتى يكون من الذين يسارعون إلى الخيرات، وبذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوظف بعض أصحابه لرعاية زكوات الفطر في الأيام الثلاثة الأخيرة من رمضان، وكان منهم أبو هريرة رضي الله عنه، ( فقد كانت تفرش الفرش والبسط في مؤخرة المسجد، فيأتي الناس بزكواتهم ويصبونها على هذه الفرش، فإذا جاء يوم الفطر أخرج الرسول صلى الله عليه وسلم زكوات الناس )، وهذا يحقق لنا كثيراً من المصالح:

    أهمها: الظهور بمظهر موحد للمسلمين، فلو أن المسلمين كانوا بيوتاً متفرقة، وكل شخص منهم يخرج زكاة فطره بنفسه، فمعناه أنهم ليسوا أمةً واحدة، لكن إذا كانت زكواتهم تجتمع في مكان واحد، وتفرق بحسب الأوليات في مكان واحد، ويتولى توزيعها وتفريقها أقوام بأعيانهم، فهذا مظهر من مظاهر توحدهم واتفاقهم واجتماع كلمتهم.

    كذلك مظهر آخر: وهو مظهر إظهار شعائر الإسلام وشرائعه وإيضاحها للناس، وهذا أشد غيظاً للشيطان وأوليائه من كثير من المظاهر الأخرى، أن يأتي المسلمون فيجمعون هذه النفقات في المسجد في مكان عبادتهم ومنطلق دعوتهم، ومنطلق جهادهم، ومنطلق عهدهم مع الله تعالى، فتجتمع فيه صدقاتهم، فيعرف الفقراء إلى أين يتجهون، الفقراء إذا حدد لهم مكان الاتجاه وأنه المسجد، سترتبط قلوبهم به، فلا يذهبون إلى المنظمات الكنسية، ولا إلى الأماكن المخالفة، وإنما تتعلق قلوبهم بالمساجد؛ لأنها التي تجتمع فيها هذه الصدقات.

    كذلك من مصالح جمعها: أن يكون التوزيع توزيعاً عادلاً؛ لأن كثيراً منا قد يعرف بعض الفقراء الذين هم من المتعففين الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، ولكن بعض الفقراء يكون مشهور الفقر أمام الناس يعرفه الجميع، فهذا المعروف لدى الناس كلهم هو الذي سيخرج كثير من الناس زكواتهم إليه، ويبقى آخرون هم في نفس الحاجة أو قد تكون حاجتهم أمس لا يعرفهم كثير من الناس، فأولئك إنما تعرفهم جماعة المسجد المعتنية بأمر المسلمين، المطلعة على أحوالهم، المنقبة عنها، فهي التي تخرج الزكوات إليهم.

    كذلك مصلحة أخرى وهي: لئلا يستغني أقوام من زكوات الفطر في حال يحرم فيها آخرون منها، واستحقاقهم متساوي، فإذا كان الذي يوزعها يعرف هل فلان أخذ نصيبه أو لا، مثلاً أنا هنا في هذا المسجد عندي لائحة، المؤذن مثلاً أو الإمام مسئول عن توزيع زكوات الفطر على المصلين في هذا المسجد، وجاءته زكوات الفطر هنا، فاجتمعت لديه، فلديه لائحة فلان الفلاني يعرف أنه أخذ نصيبه، فلذلك لا يتكرر أخذه على حساب آخرين؛ لأن ما يأخذه سيكون مقابلاً لنصيب آخرين، فيكون بذلك أخذ حصتين ومنع غيره من حصته، فإذاً: يكون هذا منظماً، ويكون العدل فيه بارزاً.

    كذلك مسألة أخرى فائدتها راجعة إلى الفرد، وهي: أن الفرد عندما يمارس إخراج زكاته بنفسه قد يظن أنه قد أحسن إلى هذا الشخص، أو أنه تقرب إليه، أو أنه على الأقل وصل رحمه، أو أن زكاة الفطر تنوب وتسد مسد بعض النفقات التي كان يمكن أن يقدمها، والواقع أن بعض الناس أيضاً إذا قدمت إليه زكاتك أو زكاة فطرتك امتدحك على ذلك، والزكاة آتية من عند الله مباشرةً، ليس فيها حظ لمخرجها، فليست من ماله، هذه الزكاة ليست خارجةً من يدك أنت لهذا الشخص، تريد بها مرضاته وتقربه، إنما هي رزق ساقه الله إليه رغم أنفك، انتزعه الله منك بالقوة، وأمرك أن تخرجه، فلذلك إذا كنت لا تمارس ولا تباشر إخراجها إلى الفقراء، ويتولى ذلك غيرك فهذا مدعاة لئلا يدخل إليك الرياء ولا العجب ولا السمعة، وأيضاً ألا يجد الفقراء أنك قد أحسنت إليهم، فهم يعرفون أن هذا الإحسان جاء من مصرف عام، إذا وزع إليهم زكوات الفطر يعرفون أنها ليست من بيت المؤذن، وإنما هي زكوات المسلمين، وهي مال عام، فإن أتتهم لا يجدون فيها مناً ولا منةً، وبذلك يأخذونها مع عزتهم، والله تعالى شرع لنا عزة المسلمين، فالصدقة قد تكسر قلوب المتصدق عليهم؛ لأن ( اليد العليا خير من اليد السفلى )، ولكن إذا كان يعلم أنها من مال عام، وأنها ليست منتها لشخص بعينه لا ينكسر قلبه، وبذلك لا يجد ذلةً فهو مسلم، والمسلم عزيز، فالله تعالى يقول: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون:8]، كل مؤمن مهما كان فيه من الفقر والبؤس والحاجة فهو عزيز، ومقامه عند الله مرتفع، فلذلك لا ينبغي أن نشارك في حط درجته، ولا في كسر نفسه، ولا في نقص عزته، بل أمر الله تعالى بأن نخفي الصدقات، لماذا؟ لئلا يكون في إعطاء الشخص أمام الناس مذلةً له ومسكنة، فإذا أعطيناه خفيةً ولم يره أحد حين أخذ هذه الصدقة، فإنه لا تنتقص عزته ومنزلته عند نفسه، وهذا مقصد شرعي واضح، فمن أجله شرعت الوكالة في إخراج الزكاة.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756342928