إسلام ويب

شرح زاد المستقنع مقدمة كتاب الطلاق [6]للشيخ : محمد مختار الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • هناك ألفاظ يطلقها الزوج ويختلف الأثر المترتب عليها باختلاف نيته وقصده، وهذه الألفاظ يكثر السؤال عنها وتعم بها البلوى، ولهذا بحث العلماء رحمهم الله هذه الألفاظ وما يتعلق بها.

    1.   

    حكم تحريم الزوج زوجته على نفسه

    قال رحمه الله تعالى: [فصل: وإن قال: أنت عليَّ حرام أو كظهر أمي؛ فهو ظهار ولو نوى به الطلاق].

    هذه المسألة تعرف بمسألة تحريم الزوجة.

    أولاً: ما هو لفظ التحريم؟ وما هي صورته التي يقع بها؟

    لفظ التحريم يقع عاماً ويقع خاصاً. يقع عاماً فيقول: ما أحل الله لي فهو حرام علي، أو الحلال حرام علي، هذا اللفظ يعتبر لفظاً عاماً، ويسمونه: لفظ تحريم عام، والزوجة داخلة تحت هذا العموم.

    الحالة الثانية: أن يخص ويخاطب الزوجة، فينقسم إلى التعريف والتنكير، فالتنكير كخطابه لزوجته وقوله لها: أنت حرام، زوجتي حرام، حرمت. هذه كلها بألفاظ النكرة، والتعريف كقوله: أنت الحرام، عليَّ الحرام منك، ما أحل الله لي منك فهو الحرام عليَّ، أو الحلال حرام بالعموم كأن يقول: الحلال منك حرام عليَّ، هي حرام. ونحو ذلك، هذه كلها ألفاظ تحريم، وهذا اللفظ حكمه في الشرع أنه زور وإثم على صاحبه -والعياذ بالله- لأن الله حرم على المسلم أن يحرم ما أحل الله له، وأجمع العلماء على أنه آثم، والدليل على ذلك:

    أولاً: قوله: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [النحل:116]، فهو يقول: (حرام) في موضع حلال، فيفتري على الله الكذب، فجعل ما أحل الله حراماً وما حرمه حلالاً. فكيف يجعل الحلال حراماً والحرام حلالاً؟! فكان هذا افتراء وكذباً على الله.

    ثانياً: ما ثبت عند أحمد في مسنده وهو حديث صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أحل أشياء فلا تحرموها، وحرم أشياء فلا تحلوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها) فقال: (أحل أشياء فلا تحرموها) فأحل الله له زوجته، والزوجة حلال له بحكم الله عز وجل، قال تعالى: إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ [الأحزاب:50]. فإذا ثبت أنها حلال له وقال: أنت حرام عليَّ، حرمتك، الحرام يلزمني. فإنه في هذه الحالة جعل ما أحل الله له حراماً، وقد عاتب الله نبيه في هذه المسألة، فقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1]، والاستفهام في قول الجماهير من المفسرين استفهام يتضمن المعاتبة والإنكار؛ كأنه أنكر على نبيه ذلك، فدل على أنه يحرم على المسلم أن يقول هذه الكلمات. هذه المسألة الأولى: عرفنا ما هو الحرام، وعرفنا الحكم الشرعي فيه، والواجب على كل طالب علم سمع رجلاً يقول: عليَّ الحرام، زوجتي حرام، أنتِ حرام. أن يقول له: اتق الله واستغفر الله من هذا الذي تقول، فإن الله لم يأذن لك أن تحرم ما أحل لك، كما لم يأذن لك أن تحل ما حرم عليك. فلا يجوز لك هذا، وتنصح وتقول له: هذا حرام عليك.

    توجيه العلماء وأئمة المذاهب لقول الرجل لزوجته: أنت علي حرام

    مسألة إذا قال لامرأته: أنت عليَّ حرام، أنت حرام، حرمتك، فما الحكم؟!

    هذه المسألة فيها تفصيل وكلام طويل، فهناك ما يقرب من عشرين قولاً للعلماء رحمهم الله في هذه المسألة التي هي من أطول المسائل، والكلام فيها مستفيض، فقد حكى فيها الإمام القرطبي -من أئمة التفسير- وغيره في كتب أحكام القرآن، وتكلم الإمام ابن القيم رحمة الله عليه، عليها في أعلام الموقعين وفي الهدي أيضاً، وأجاد فيها وأفاد كعادته رحمه الله برحمته الواسعة، وتكلم عليها شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى كلاماً نفيساً، واختار ما رجحه بدليله. فهذه المسألة من مشهورات المسائل والتي طال فيها الكلام بين العلماء، لكن الذي يهمنا هو ما ذكرته المذاهب المشهورة، والتي هي المذاهب الأربعة ومذهب الظاهرية رحمة الله على الجميع؛ لأن هذه المذاهب في الغالب احتوت خلاف الصحابة، وجعل الله لهذه المذاهب من القبول ما لم يجعله لغيرها؛ لأنها شملت أكثر الأقوال، فقل أن تجد مسألة يخرج فيها الخلاف عن هذه الخمسة الأقوال، وقد يوجد لكن يندثر مع طول الزمان، لكن الله عز وجل أبقى هذه المذاهب واعتنى بها لحكمة يعلمها سبحانه، فلله عز وجل في ذلك الحكمة، وهو أعلم بما جعل لعباده.

    فالمقصود أننا نقتصر على المشهور، قال الحنفية: لو أن الرجل قال لامرأته: أنت حرام، علي الحرام، الحلال منك عليَّ حرام. قالوا: إما أن ينوي طلاقاً أو ينوي ظهاراً أو ينوي يميناً أو ينوي لغواً وكذباً، وفي حكمه ألا ينوي شيئاً. قالوا: إذا قال: زوجتي حرام، أنت عليَّ حرام، حرمتك، قاصداً الطلاق، سألناه: هل تقصد طلقة؟!! فإن أراد واحدة فواحدة رجعية، وإن أراد طلقتين فاثنتين، وإن أراد ثلاثاً فثلاثاً، وتحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره، هذا إذا نوى الطلاق. وأما إذا نوى الظهار، فعندهم قولان: قيل: يكون ظهاراً، وقيل: لا يكون ظهاراً. والخلاف كان بين الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف من جهة، ومع الإمام محمد بن الحسن من جهة أخرى، والمذهب مع قول الإمام أبي حنيفة أنه إذا نوى الظهار صار ظهاراً، فإذا قال: أنت عليَّ حرام، يعني: لا أطؤك. يعني: كظهر أمي، فيحرم وطؤها، ويجعلها كأمه لا يستمتع بها، فإذا نوى ذلك فظهار.

    الحالة الثالثة: أن تكون نيته اليمين، فيقول: نويت أن يكون يميناً، فحينئذ تلزمه كفارة اليمين.

    الحالة الرابعة والأخيرة: أن يقول لها: أنت عليَّ حرام، أنت حرام، وينوي اللغو أو الكذب، فعندهم فيه وجهان: قيل: إنه لغو مطلقاً، وقيل: لغو، وإن رفع إلى القضاء وقال: ما نويت شيئاً أو قصدت الكذب أو قصدت اللغو، فإننا في هذه الحالة نلزمه أن يحلف اليمين ليصدق قوله، وليس عليه شيء، وهذا حاصل ما ذكره فقهاء الحنفية.

    والشافعية وافقوا فقهاء الحنفية في هذا التفصيل، والفرق بين الحنفية والشافعية في الحالة الأخيرة إذا لم ينو شيئاً، فعند الشافعية يُكفر كفارتين، وتنعقد يميناً، وعند الحنفية لا تنعقد شيئاً. فالشافعية يوافقون الحنفية إلا في مسألة عدم النية.

    القول الثالث: قول المالكية، فرقوا بين النكرة والمعرفة. في التنكير إذا قال: أنت حرام، حرمتك. فإنه طلاق بالثلاث، وتحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره. وأما إذا قال: أنت حرام، وهناك عرف، فننظر إلى العرف الذي هو فيه؛ فإن جرى العرف الذي هو فيه أنه طلاق، فيحتسب بحسب ذلك العرف، إن كان رجعياً فطلاق رجعي، وإن كان بائناً فبائن.

    وأما بالنسبة للحنابلة رحمهم الله فأقفلوا الباب في المسألة نهائياً، فقالوا: من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام، أنت الحرام، حرمتك؛ فإنه ظهار مطلقاً، حتى ولو نوى به الطلاق أو اليمين فظهار.

    والذي دعا العلماء إلى هذا الاختلاف كما قرره الإمام القرطبي وغيره من جهابذة العلماء في بيان أن السبب في اختلاف الأقوال وتعددها: أنه ليس هناك نص لا في الكتاب ولا في السنة يبت في هذه المسألة وفي وجوهها، وإن كانت آية التحريم في جانب من الجوانب تقوي بعض هذه الأقوال، لكن بالنسبة لقضاء الصحابة اختلف، فعن علي رضي الله عنه وأرضاه أنه جعل (أنت عليَّ حرام) طلاقاً بالثلاث يوجب البينونة الكبرى، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، والسبب في هذا أنه إذا قال لزوجته: أنت عليَّ حرام، فالمرأة لا تكون حراماً على زوجها إلا بالثلاث. فهذا قضاء علي رضي الله عنه والخليفة الراشد المأمور باتباع سنته.

    أما عثمان رضي الله عنه، فإنه كان يرى أن (أنت عليَّ حرام) ظهار، وسبب هذا الاختلاف راجع إلى الأدلة وفهم النصوص، فليس هذا الخلاف عبثاً، والصحابة من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم اختلفوا، فـعلي رضي الله عنه عندما جعله ثلاثاً نظر إلى كلمة (حرام) فالشرع لا يحرم الزوجة إلا بالثلاث؛ لأنه لو قال: واحدة؛ لم تكن حراماً، فهو بينه وبين الله جعل امرأته حراماً، فأخرجها من عصمته كما لو قال لها: أنت طالق بالثلاث، هذا قضاء علي . فإذا نظرت إلى قضاء علي رضي الله عنه، فإن علياً نظر إلى اللفظ والمتلفظ -الذي هو الزوج- وأما عثمان فنظر إلى المحل، فالمحل -المرأة- تعلقت به صفة التحريم، ولذلك وجد في الشريعة جانبان:

    تحريم خاص: وهو تحريم الاستمتاع، وتحريم عام وذلك بالتطليق ثلاثاً، فقال: اليقين عندي أن آخذ بأقل التحريم؛ لأن الأصل أنها زوجته، فأقول: أحرم عليك فقط وطأها ويكون ظهاراً، وهو قول عثمان رضي الله عنه وأرضاه، فكلٌ ينظر إلى جانب، إما أن تنظر إلى محل اللفظ، وإما أن تنظر لدلالة اللفظ، فإن نظرت إلى دلالة اللفظ أنه حرمها وأخرجها من عصمته، فلا تحرم ولا تخرج من عصمته إلا بالثلاث، وإن نظرت إلى أن المحل في حكم الشرع تعلق به تحريم، فالشرع يحرمه بالثلاث، ويحرمه بالظهار، وأيضاً يحرمه بالإيلاء، وذلك باليمين.

    وقد قضى ابن عباس أنها يمين، ونظر إلى ما يتعلق به التحريم من جهة اللفظ في حلف الرجل المولي فقال: حكمه حكم اليمين، وجعله يميناً.

    والحنفية يعملون قول ابن عباس رضي الله عنه في جعله يميناً في بعض الأحوال، ويجعلونه إلى حد الأربعة الأشهر، ويسري عليه حكم الإيلاء من هذا الوجه، هذا بالنسبة لمن قال: إنه ظهار، ومن قال: إنه ثلاث طلقات، ومن قال: إنه يمين.

    أما الظاهرية فقالوا: هذا لغوٌ ولا شيء فيه، وما دليل الظاهرية؟ ولماذا قال الظاهرية بهذا؟

    قول الظاهرية هو رواية عن ابن عباس ، فشركوا الأئمة الأربعة بأن قولهم له أصل أيضاً من الصحابة، وإن كان أصل من قال بالثلاث ومن قال بالظهار أقوى في الصحابة؛ لأن عثمان وعلياً ليسا كـابن عباس رضي الله عنه، ولأن منزلة عثمان وعلي في الأمر باتباع سنتهم تجعل رجحان المروي عنهما أكثر من ابن عباس رضي الله عنه.

    فالشاهد أن الظاهرية قالوا: إنه لغو، وهو رواية عن ابن عباس رضي الله عنه وقال به بعض أئمة السلف كـمسروق رحمه الله، واحتجوا بأدلة منها إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) فوجدنا أن قوله: (أنت علي حرامٌ) لا يستقيم مع الشرع ألبتة، فالشرع جعلها حلالاً، وهو يقول: إنها حرام، فقالوا: في هذه الحالة صار من البدع، ومن المعارض للشرع فهو لغو، ووجوده وعدمه على حدٍ سواء، هذا مذهب الظاهرية ومسلكهم.

    والذي يترجح -والعلم عند الله- القول بالنية، فإن القول بالنية من القوة بمكان؛ لأن الرجل حينما قال لامرأته: أنت علي حرام، فهناك شيءٌ بينه وبين الله، فإن قصد به الثلاث فثلاثٌ كما قضى علي رضي الله عنه، وإن قصد به الظهار صار للمحل؛ والأصل في الشريعة الرجوع إلى اللفظ والمتأثر؛ وهي زوجته، والله جعل الطلاق له، واللفظ صادر منه، فلا يصار إلى المحل -كما اختار بعض العلماء وبعض السلف رحمهم الله- إلا بعد وجود الشبهة التي توجب الانصراف عن المتلفظ؛ لأن الأصل في الشريعة في باب ألفاظ الكنايات إذا وجدت مسألة خلافية أن ترجع إلى أصلها، (فأنتِ حرام) ليس من الصريح، وإنما هو من الكنايات، وباب الكنايات الأصل فيه النية؛ ولذلك مذهب الشافعية في اعتبار النية في الكنايات هو الذي تطمئن إليه النفس.

    وهنا نطبق الأصل الذي رجحناه أننا ننظر إلى نيته فنقول: إذا قال لها: أنت علي حرام، وقصد طلاق الثلاث فكيف نجعله ظهاراً؟ لا يمكن، لأن الرجل فيما بينه وبين الله قصد أن يطلق امرأته طلقة أو طلقتين أو ثلاثاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)فنص على أن من نوى الشيء كان له، فنقول: هذا متردد بين الظهار واليمين والتحريم والطلاق ثلاثاً واللغو، فنعتبر نيته.

    يبقى السؤال: إذا كنا نرجح أنه ينظر إلى نيته، لو قال لنا: لا نية لي، فنقول: إن أصح الأقوال في هذا أيضاً مذهب الشافعية أنه يكفر كفارة اليمين؛ لأن الله قال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [التحريم:1-2] فكفر عنه عليه الصلاة والسلام بكفارة اليمين، فدل على أن من حرم يكفر كفارة اليمين إن قصد التحريم الموجب لليمين كما ذكرنا إن نواه يميناً، وإن لم ينوه يميناً بقي موجب التحريم الذي أخذ به عليه الصلاة والسلام وألزم بكفارته.

    وهذا حاصل ما يقال في مسألة التحريم، والخلاصة: أن من قال لامرأته: حرمتك أو أنت علي حرام، ولم تكن له نية معينة عند قوله ذلك فالراجح أنه يكفر كفارة يمين، كما يحصل في عرف بعض الناس ويكون معتاداً عندهم أن يقول أحدهم: علي الحرام، زوجتي حرام، أو حرمت، وهذا لا شك أنه منكر ولا يجوز، وهذه الكلمة تقال إذا جاء الضيف: علي الحرام إلا أن تطعم، علي الحرام إلا أن تفطر، علي الحرام إلا أن تتعشى، فجعل الحرام يلزمه، لكنه لا يقصد يميناً، ولا يقصد ظهاراً، ولا يقصد طلاقاً، وإنما لسانه أخذ على هذا، وينبغي زجر من يقول ذلك، ويقول بعض العلماء: من كان مكثراً من لفظ الطلاق لم يأمن أن يعيش مع امرأته على الزنا -والعياذ بالله- لأنه لا بد أن يغفل، ولا بد أن يقع في الغفلة، فتقع الغفلة في طلقة لم ينتبه لها، ثم تقع الغفلة الثانية، ثم تقع الغفلة الثالثة، فإذا بامرأته حرام عليه وهو يعاشرها -والعياذ بالله- بالحرام، هذا أمر ينبغي أن يُتنبه له، لا ينبغي أن نجعل الأمور المعظمة شرعاً محل التساهل أو محل اللعب، بل علينا أن نعظم ما عظمه الشرع، وأن نتقي الله عز وجل فيما عظمه من شرائع.

    1.   

    حكم قول الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أمي، ناوياً الطلاق

    قال رحمه الله: [ وإن قال: أنت علي حرام أو كظهر أمي فهو ظهارٌ ولو نوى به الطلاق، وكذلك ما أحل الله علي حرام ]

    جمعها كلها في مسألة واحدة، أنت علي حرام، أو أنت علي كظهر أمي، أما قوله: أنت علي كظهر أمي، فهذا ظهار، وبالإجماع أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي، أنه ظهار، وإن كان هناك خلاف في مسألة: أنت علي كيد أمي، كرأس أمي، كعين أمي، بذكر أعضاء غير الظهر، وفي حذف الظهر كلية كقوله: أنت كأمي، وهناك خلاف إذا ذكر غير الأم: أنت كأختي، أنت كعمتي، كخالتي ونحو ذلك، فهل يكون ظهاراً، كل هذا -إن شاء الله- سنفصله في مسائل الظهار.

    1.   

    حكم قول الرجل: ما أحل الله علي حرام

    قال رحمه الله: [وإن قال: ما أحل علي حرام ]

    ما أحل الله علي من امرأتي سواء عموماً أو خصوصاً، عموماً: ما أحل الله علي، وخصوصاً: ما أحل الله علي من امرأتي.

    قال رحمه الله: [ أعني به الطلاق، طلقت ثلاثاً، وإن قال: أعني به طلاقاً، فواحدة ]

    قوله: (أعني به الطلاق) (ال) للاستغراق، إذا قال: أعني به الطلاق، أي: إني أطلقها؛ فإنها لا تكون حراماً عليه إلا بالثلاث، فأعمل الحنابلة في هذا قضاء علي رضي الله عنه يجعل تحريم المرأة طلاقاً ثلاثاً، فقالوا: هذا قضاء من الصحابة رضوان الله عليهم فتطلق عليه ثلاثاً؛ لأنه قصد الطلاق بالاستغراق، لكن لو قصد مطلق الطلاق، قال: أعني به طلاقاً، فتكون طلقة واحدة فيفرق بين قوله: (أعني به الطلاق) الذي يدل على الاستغراق، (وأعني به طلاقاً) الذي يدل على طلقة واحدة.

    1.   

    حكم من شبه زوجته بالميتة أو الدم أو نحو ذلك

    قال رحمه الله: [ وإن قال: كالميتة والدم ولحم الخنزير؛ وقع ما نواه من طلاق وظهارٍ ويمين، وإن لم ينو شيئاً فظهار].

    هذه المسألة الخلاف فيها بين المالكية والحنابلة، إذا قال لها: أنت علي كالميتة، أو كالخنزير، أولاً: هذا إثم ومنكر وزور من القول؛ لأن الله كرم بني آدم، ولا يجوز تشبيه الآدمي بالحيوان، ولا يجوز ذلك إلا للكافر إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان:44] فالأنعام أفضل من الكافر؛ لأن الأنعام تعرف الله، لذلك لو نظرت إلى البهيمة وهي في المخاض تريد أن تضع حملها، تجدها ترفع بصرها إلى السماء، كأنها تستجير بالله سبحانه وتعالى، وتدعو ربها وتستغيث بالله سبحانه وتعالى، وفيها من التوحيد والإيمان والالتجاء والرجوع إلى الله ما لا تجده عند الكافر الذي كفر نعمة الله، ففضلت لهذا، ولذلك الكافر إذا أخذ في الأسر ضرب الرق عليه في الإسلام، وكان حاله أسوأ من البهيمة -أكرمكم الله- فيباع ويُشترى؛ لأنه كفر نعمة الله، فخرج عن آدميته، وهذا المعنى ينبغي أن ينتبه له، أنه لا يجوز تشبيه المسلم والمسلمة بالبهيمة.

    ولذلك القاضي لو ارتفع إليه مسلمٌ شبه أخاه المسلم ببهيمة قال له مثلاً: أنت كالشاة، أو كالبقرة، أو كذا، فإنه يعزره ويؤدبه بما يليق بحاله وحال من خاطبه بهذا، فلا يجوز تشبيه المسلم أو المسلمة بالبهيمة، فالعلماء لما قالوا: إن قال: كالميتة؛ لا يعني أن هذا جائز، فإن هذا لا يجوز بالإجماع، والله تعالى يقول: وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة:237] ولم يبح للزوج إهانة المرأة، ولم يعطه أن يستبد، وأن يخرج عن طوره إلى ما حرم الله عز وجل عليه، ولذلك حينما يستبد ويخرج عن طوره؛ فإنه يقع في الإثم، والمسلم لا يتعدى حدود الله عز وجل، فلا يجوز قول مثل هذا الكلام؛ لأنه من أشنع ما يكون في إهانة المرأة، فالميتة نجسة، وهذه مسلمة، فلا يجوز تشبيه الطاهر بالنجس، ولا يجوز تشبيه الآدمي بالبهيمة كما ذكرنا، فاللفظ محرم بالإجماع، لكن لو قال لها ذلك؛ كأنه يقول: أنت عليَّ كالميتة، هذا أصل التقدير، والمالكية يجعلونها مطلقة ثلاث تطليقات؛ لأنه شبهها بأقصى درجات التحريم، فإنه إذا قال لها: كالميتة؛ معنى ذلك أنها لا تحل له ألبتة، فقالوا: في المشبه به وصف يقتضي أنها لا تحل له أبداً.

    وعلى هذا يقولون: إنها في الأصل ليست بحلال، فالمرأة حرام عليه إلى الأبد، فإذاً كأنه يقول: حرام عليَّ إلى الأبد، وليس هناك تحريم إلى الأبد، وإنما هناك تحريم في حكم العدد وهو تحريم الثلاث، فأعطوه غاية التحريم وهو الثلاث.

    قوله: (وقع ما نواه من طلاق وظهار ويمين)

    الحنابلة خففوا في هذه المسألة وقالوا: إن شبهها بهذا رجع إلى نيته، إن قصد اليمين فيمين، وإن قصد تحريم الظهار فظهار، وإن قصد تحريم الثلاث فثلاث، وإن قصد به عدداً من الطلاق فبحسب ما نوى.

    قوله: (وإن لم ينو شيئاً فظهار) لأنه أشبه قوله: أنت علي حرام، فأنت كالميتة كالخنزير كالدم اشتركت هذه الألفاظ مع التحريم من جهة كونها كلها محرمة على المكلف.

    1.   

    حكم من قال: حلفت بالطلاق، وكذب

    قال رحمه الله: [ وإن قال: حلفت بالطلاق، وكذب؛ لزمه حكمه ]

    أي: إذا قال الزوج للقاضي أو قال لأهل امرأته: حلفت بالطلاق، وهو لم يحلف بالطلاق، فإنه يؤاخذ بظاهره، هذا ما ذكرناه عند كلامنا عن طلاق الديانة وطلاق الحكم، وطلاق الظاهر وطلاق الباطن، كل هذا من هذا الباب؛ لأنه قد تطلق المرأة ديانة فيما بين الإنسان وبين الله، كأن يطلقها وهو جالسٌ لوحده، فيطلقها الطلقة الثالثة والأخيرة ولم يخبرها، فهي حرام عليه ويصبح -والعياذ بالله- زانياً، ولو اعترف عند القاضي لرجمه؛ لأنه وطئها وهي محرمة عليه كالأجنبية، وقد أحصن فيرجم.

    فهنا ينفذ الطلاق ديانة، وفي الظاهر ما أحد يعلم؛ لأنه كتمه ولم يخبر به؛ فهي حرام عليه ديانة، فلو أخبر القاضي تحرم عليه ديانة وقضاءً.

    والعكس: فتحرم عليه قضاءً، ولا تحرم عليه ديانة؛ كأن يقول لها: أنت طالقة، وقصد طالعة، فسبق لسانه وقال: طالقة، فشهد الشهود أنه قال لامرأته: أنت طالقة، وقال: قصدت طالعة، فأخذ القاضي بالظاهر وطلقها عليه، فإنها تطلق حكماً ولا تطلق ديانة، فلو وطئها فإنه يطأ حلالاً عليه، لكن لو ارتفع للقاضي أنه وطئها، وكانت الطلقة الأخيرة وشهد الشهود، وقضى القاضي أنها طلقة، فطلقت عليه قضاءً، فجاء وعاشرها بعد تطليق القاضي له، فإن علم القاضي رجمه، ويصبح في هذه الحالة شهيداً كالذي شُهد عليه بالزنا ظلماً وقتل، فالقاضي يحكم عليه بحكم الزاني ويرجمه، ولكن أمره إلى الله عز وجل، فهذا معنى الحكم قضاءً والحكم ديانة.

    فهنا إذا قال: حلفت بالطلاق وهو كاذب، وهذا ليس بصحيح، وأخبره بشيء لم يقع؛ فحينئذٍ لا تطلق ديانة وتطلق قضاءً.

    1.   

    قول الزوج لزوجته: أمرك بيدك

    قوله: [ وإن قال: أمرك بيدك؛ ملكت ثلاثاً ولو نوى واحدة ]

    أي: لا يكون أمر المرأة بيدها من كل الوجوه إلا بالثلاث، ولذلك لو طلقت نفسها ثلاثاً طلقت عليه ثلاثاً، وإن قال لها: أمرك بيدك، ونوى واحدة فلذلك صور:

    الصورة الأولى: أن يقول: أمرك بيدك وينوي الثلاث طلقات ثلاثاً، ولو نوى واحدة وطلقت ثلاثاً فثلاثاً، هذه بالنسبة لقضية (أمرك)، فصوب إليها الأمر، وفيه قضاء عن الصحابة رضوان الله عليهم، وأن الرجل إذا قال لامرأته: أمرك بيدك؛ فقد فوض الأمر إليها، وأنها إذا طلقت في هذه الحالة قضوا بأنها تطلق عليه.

    قوله: [ ويتراخى ما لم يطأ أو يطلق أو يفسخ ]

    بقي السؤال: إذا قال لها: أمرك بيدك فهل يختص ذلك بالمجلس، فإذا قام عن المجلس ولم تطلق ولم يحدث شيء انتهى التفويض، أم أن (أمرك بيدك) يبقى متراخياً حتى لو بعد المجلس بيوم أو يومين أو ثلاثة الجواب: إذا جاءت وقالت: طلقت نفسي منك أو أردت الطلاق، وأريد الطلاق فطلقت؛ فإنها تطلق عليه ولو متراخياً.

    الفرق بين قوله: (أمرك بيدك) وبين قوله: (اختاري نفسك )

    قوله: [ ويختص: اختاري نفسك بواحدة وبالمجلس المتصل ]

    الفرق بين التفويض -كقوله: أمرك بيدك- والتخيير: أن التخيير يختص بواحدة، وقد خير النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:28] هذا الخيار الأول، والخيار الثاني: وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:29] وعظيماً من الله ليست بالهين، فخيرهن بين أن يبقين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصبرن على ما هو عليه من اختيار الله له من الآخرة، وضيق الدنيا، وبين أن يخترن السراح والفراق، فلما ابتدأ بـعائشة رضي الله عنها قال لها عليه الصلاة والسلام: (لا تقولي شيئاً حتى ترجعي إلى أبويك) يعني: إلى أبيك وأمك، فبدأ بها رضي الله عنها، فقالت: وما ذاك، فأعطاها الخيار امتثالاً لأمر الله عز وجل أن يخيرهن، فلما أعطاها الخيار رضي الله عنها وأرضاها قالت: (أفيك أستخير يا رسول الله؟!)

    أي: هل هذا الأمر يحتاج أن أقوله لوالدي؟! رضي الله عنها وأرضاها، وهذا من مناقبها، فإنها ما ترددت ولا شاورت، وفي الحديث ما يدل على كمال منزلتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم علم علم اليقين أنها لو سألت والديها ما ترددا في بقائها معه، وأنها تكون عنده وأنها تختاره عليه الصلاة والسلام، فخشي صغر سنها وخشي أن يكون ضيق الحال مؤثراً عليها فتعجل، فقال عليه الصلاة والسلام: (حتى ترجعي إلى أبويك) فردها إلى أبويها، فدل على أنه يحبها، وأن لها منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لا يحب أن تذهب عنه أو تختار غيره عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على صدق الزوجية وصدق المحبة، وأنه مع كمال نبوته كان يعطي الزوجة حقها من الحب الصادق، ولنا فيه أسوة عليه الصلاة والسلام، في كمال حبه لأزواجه وإكرامه لهن، حتى في المواقف الحرجة حينما قذفت رضي الله عنها واتهمت بالإفك جاء وجلس معها وقال: (يا عائشة ! إن كنت أذنبت ذنباً؛ فتوبي إلى الله واستخيريه)

    فكمال الحب للزوج كان للنبي صلى الله عليه وسلم منه أكمل الحظ وأكمل نصيب؛ لأن هذا من أصدق ما يكون في العشرة والإسلام، ولا يليق بالمسلم أن يكون مع زوجته يأخذ منها حظ الشهوة والوطر وهو يعلم أنها مجبولة على المحبة، وفطرة النساء في المحبة أقوى من الرجال، فيقتصر فقط على قضاء حاجته ونهمته وشهوته، دون أن يعطي من الكلمات والأفعال والتصرفات والمواقف ما يدل على الإلف والحب، وما يدل على صدق المودة التي شهد الله عز وجل أنها الفطرة بين الزوج والزوجة، وجعلها منة من فوق سبع سماوات فقال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21] فأهل العقول وأهل البصائر السوية حينما ينظرون في سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يجدونه عليه الصلاة والسلام منحصراً فقط في العبادة، بل كان هديه أكمل الهدي حتى في المعاشرة والمشاعر، حتى إذا جاء المتبجحون من أهل الهوى والمجون والعشق وجاءوا بالغرام الساقط، وجاءوا بالعبارات البذيئة البشعة؛ جئت بالإسلام وقلت لهم: إن الإسلام هذب الفطرة، وهذب الشهوة، فهو يعترف بالشيء الموجود، فلا يدخل عليك الإباحي ويقول لك: أنت تكتم الغريزة، تقول له: كذبت وفجرت ولقمت الحجر، فالإسلام لم يكتم الغريزة ولكن هذبها، وجعلها في مكانها ونصابها، وقدرها فيما أحل الله، ثم جعل لها من البواعث، ومن السياج ما يحفظ ود الزوج مع زوجته، وهذا لا يكون ولن يكون إلا بالمشاعر الصادقة، فحتى في المواطن الحرجة، في حال التخيير، وهذه من أصعب المواقف التي امتحن فيها عليه الصلاة والسلام، ولو جئت تنظر إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لوجدت أنها ما خلت من محنة حتى في أمور البيت والزوجية، امتحن في كل شيء صلى الله عليه وسلم، في نفسه وماله، حتى في ولده في فقد العزيز عليه، جميع أنواع وصنوف البلاء كلها عليه الصلاة والسلام صبت عليه؛ لأنه في أعلى المقامات من الحب، والله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فجعل الله لنبيه من الابتلاء أعلاه، ومن ذلك مسألة التخيير التي نعرف، فكان فيها الأحكام والفوائد والأسرار والحكم، ويحتاج الإنسان أن يقرأ سورة الأحزاب، ويقرأ ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيره في مسألة التخيير، وكلام العلماء على ذلك، وأيضاً في سيرة ابن هشام في تخييره عليه الصلاة والسلام لزوجاته، وكيف كان حاله عليه الصلاة والسلام، تقول عائشة رضي الله عنها: ما أرى الله عز وجل إلا أنه يكتب لك ما ترضى، يعني الشيء الذي تحبه، ولذلك يقول له: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا [البقرة:144] فعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد هذا الشيء، فلما علم أن نبيه يحب ذلك حقق له ما يحبه.

    ولما كان يحب عائشة رضي الله عنها ابتدأ بتخييرها وكان يحبها، فجعلها الله عز وجل طوعاً له، وجعلها الله عز وجل فوق ما كان يظن، يقول لها: (اجعلي الأمر إلى والديك، قالت: يا رسول الله! أفيك أختار!) تعني: أفيك أستخير؟! من هذا الذي أستخيره فيك! رضي الله عنها وأرضاها، وسرها الله كما سرت نبيه رضي الله عنها، فحق على المسلم أن يترضى عنها، وأن يدعو الله أن يجزيها عن نبيه خير الجزاء، بل وعن الإسلام والمسلمين، بخٍ بخٍ هذه النعمة العظيمة التي امتن الله بها على الصديقة، والله عز وجل أعلم حيث جعل الخيرة، فاختار لنبيه الأمهات الطاهرات العفيفات، وصدق الله إذ يقول في كتابه: وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ [النور:26] فرضي الله عنهن وأرضاهن، وجعل أعلى الفردوس مدخلهن ومثواهن، والشاهد من هذا: مسألة التخيير أن الزوج إذا خير زوجته تكون لها طلقة واحدة؛ لأنه يكون بها الخيار، وأيضاً يختص التخيير بالمجلس، فلو قامت عن المجلس، انقطع الخيار لها، ويرجع الأمر إلى الزوج.

    قال رحمه الله: [ ما لم يزدها فيهما ]

    يقول لها: لك طلقتان، لك ثلاثاً، فعلى الأصل لها طلقة واحدة، (ما لم يزدها فيهما) أي: في المجلس، وعلى هذا فإنه إذا زادها زادها في المجلس وزادها في العدد، (يزدها فيهما) أي: يزيدها في المجلس في الزمان، وفي العدد، فيقول لها: لك الخيار إلى منتصف الليل، فيكون زادها عن المجلس بالزمان، أو لك الخيار ما دمت في البيت، وهما جالسان في غرفة فتقوم إلى غرفتها، فيكون زاد الخيار في المكان، وزاد الخيار في الزمان، وأما زيادة العدد فيقول: لك أكثر من واحدة، فلك أن تختاري أن تطلقي نفسك اثنتين إن اخترت، أو ثلاثاً، فيزيدها على الواحدة.

    حالات انقطاع الخيار للزوجة في تطليق نفسها

    قال رحمه الله: [ فإن ردت ] إن قالت: أريدك، فحينئذٍ يبطل خيارها؛ لأن التخيير خير الأمرين، فإذا حدد أحدهما إما الطلاق وإما البقاء انقطع التخيير وتحتاج إلى تخيير ثانٍ.

    قال رحمه الله: [ أو وطئ ]مكنته من نفسها أن يطأها، فمعنى ذلك أنها قد اختارت أن تبقى معه.

    قال رحمه الله: [ أو طلق ] قبل أن يقع منها التخيير.

    قال رحمه الله: [ أو فسخ ] أي: فسخ النكاح قبل أن يقع التخيير.

    قال رحمه الله: [ بطل خيارها ] لأنه فات محل الخيار.

    وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755831824