إسلام ويب

شرح زاد المستقنع الشروط في النكاحللشيخ : محمد مختار الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الشروط بين المتعاقدين منها ما هو شرعي ومنها ما هو جعلي، وقد أجاز الشرع للمتعاقدين في عقد النكاح أن يشترطا شروطاً من عندهما، وهذه الشروط تسمى شروط في النكاح، إلا أن هذه الشروط منها الصحيح، ومنها الفاسد في نفسه، ومنها المفسد للعقد، وعليه فيثبت الخيار للزوجين عند انتفاء الشرط الصحيح.

    1.   

    الشروط في النكاح

    قال رحمه الله تعالى: [ باب الشروط والعيوب في النكاح ]

    الشروط تنقسم إلى قسمين -كما تقدم معنا في البيوع-: شروط شرعية وشروط جعلية، وتقدم تعريف الشروط، والمراد من هذا أن هناك شروطاً نص عليها الشرع: كالولي، والشاهدين، ورضا الزوجين، وغير ذلك مما ذكرناه في شروط صحة النكاح، لكن الكلام هنا في الشروط التي يجعلها أحد الطرفين المتعاقدين، إما الزوج أو الزوجة أو الولي.

    وفي الحقيقة عندنا سؤال مهم، يعتبر كمدخل فقط ندخل به في مسألة الشروط وهو: لو سألك سائل وقال لك: كيف يقول المصنف: باب الشروط والعيوب، ونحن إلى الآن ما دخلنا في تفصيلات كتاب النكاح؟ يعني: كان المفروض أن تكون مسائل الشروط في آخر كتاب النكاح.

    والجواب عن ذلك: أن ترتيب المصنف ترتيب صحيح، وفي علم المناسبات فإنه على حسب الأصول التي ذكرها العلماء يقوى ترتيب المصنف، توضيح ذلك: أن المصنف ذكر مقدمات النكاح، فذكر الخطبة، وذكر من تخطب، وصفات المرأة المخطوبة، وأحكام الخطبة، وما يتعلق بها، ثم ذكر أركان عقد النكاح، والصيغة، والعاقدين، إلى آخره، ثم ذكر شروط صحة عقد النكاح، فبعدما توفرت هذه المقدمات تسأل: من المرأة التي تحل لي فأتزوجها، والمرأة التي لا تحل لي فلا أتزوجها؟

    فإذا عرفت المرأة التي تحل والمرأة التي لا تحل، ماذا تفعل؟

    مباشرة ستعقد، وقد تقدمت مقدمات العقد، وفي أثناء العقد ستذكر الشروط، فتذكر ما لك من شروط على المرأة، والمرأة تذكر ما لها من شروط على الزوج، فإذاً ناسب أن يذكر باب الشروط بعد المحرمات من النساء من أجل أن يبين ما الذي يمكن أن يوضع في عقد النكاح.

    وأيضاً يرد إشكال آخر وهو: إذا كانت الشروط لها هذه المناسبة فأنا مسلّم وهذا صحيح، لكن العيوب، إما أن تكون في مقدمات النكاح: لا تتزوج كذا، ولا تتزوج كذا، وإما أن توضع في آثار النكاح.

    والواقع أن ترتيب المصنف صحيح، فإن الشروط في الحقيقة من ناحية فقهية وتنظير فقهي تعتبر من الخيارات، يعني: إذا تم العقد بين الطرفين هناك شيء يسمى: الخيار وهو: أن يدخل أمراً أو يشترطا شرطاً يوجب الخيار لأحدهما أو كليهما -كما تقدم معنا في البيوع- وفي الواقع أن الشروط في الأصل توضع في العقود ويقصد منها الخيار، بحيث لو اشترط أن المرأة على صفات معينة وتبين أنها ليست على تلك الصفات كان له الخيار، فمعنى ذلك: أن الشروط متصلة بالعقد من حيث الأساس والتركيب، ومتصلة بالخيار من حيث الثمرة، فإذاً هي في التنظير في باب الخيارات، فالتصقت العيوب بها؛ لأن الشرط والعيب والغرر والعتق كلها من خيارات النكاح، إذ هناك أربعة أشياء مما يوجب الخيار في النكاح: الشرط، العيب، العتق، الغرر، أو وجود الغبن ونحو ذلك، هذه أربع من موجبات الخيار، فناسب أن يلحق العيوب بالشروط، وعلى هذا فتنظير المصنف رحمه الله تنظير صحيح.

    سنذكر باختصار مسألة أنواع الشروط.

    أقسام الشروط في النكاح

    الشروط في النكاح تنقسم إلى قسمين: شروط معتبرة شرعاً يجب الوفاء بها، وشروط غير معتبرة شرعاً وفيها تفصيل، فأما الشروط المعتبرة شرعاً فإنه يجب على الزوج أن يفي بها، ويجب على الزوجة أن تفي بها، وهي الشروط التي أحلها الله ورسوله على الصفة التي سنذكرها -إن شاء الله- وهي تتضمن مصلحة، ولا تضاد شرع الله، ولا تخالف شرع الله عز وجل، وليست مما حرم الله، فهذه الشروط جعلية معتبرة، اشترطت المرأة مثلاً: أن يكون مهرها من الذهب، أو اشترطت: أن يكون مهرها من الفضة، أو اشترطت: أن يكون متاعها من نوع معين، هذه كلها شروط معينة لا تعارض الشرع ولا تضاده.

    لكن الشروط التي تخالف الشرع تنقسم إلى قسمين:

    شروط توجب فساد العقد فيفسد الشرط والعقد، وشروط يحكم ببطلانها ويبقى العقد صحيحاً فلا يجب الوفاء بها.

    فأما الشروط التي يحكم ببطلانها وبطلان العقد كقوله: زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك، وهذا نكاح الشغار، أو: زوجتك ابنتي سنة، أو زوجتك ابنتي شهرين، أو ثلاثة شهور، أو زوجتك ابنتي مدة إقامتك عندنا، وهذا نكاح المتعة، أو زوجتك ابنتي على أنك إذا وطئتها وحلت لزوجها الأول طلقتها، فهذا الشرط لاغٍ والنكاح فاسد، وهو شرط يوجب فساد العقد، وهناك شروط تصحح فيها العقود وتلغى هذه الشروط، فلو تزوجها على أن لا مهر لها فحينئذٍ نلغي هذا الشرط؛ لأنه خلاف كتاب الله حيث قال الله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً [النساء:24] ، فالله عز وجل فرض على المسلم أن يعطي المرأة حقها، فإذاً لو أنه اشترط أن لا مهر لها نسقط هذا الشرط، ونقول: لها مهر مثلها، وأما بالنسبة لتفصيلات هذه الشروط وبيانها فسيفصلها المصنف رحمه الله فيما يأتي.

    1.   

    الشروط الصحيحة في النكاح

    شرع المصنف رحمه الله في الشروط التي يرى صحتها؛ لأن الشروط اختلف العلماء رحمهم الله فيها، فتارة يحكم بصحة الشرط واعتباره ولزوم الوفاء به، وتارة يحكم بعدم اعتباره وعدم وجوب الوفاء به، فتختلف أقوال العلماء رحمهم الله في هذا النوع من الشروط ويتكلمون على مسائله في هذا الموضع.

    اشتراط طلاق الزوجة الأولى

    فقال المصنف رحمه الله: [ إذا شرطت طلاق ضرتها ] صورة المسألة: أن تقول المرأة: رضيت به زوجاً بشرط أن يطلق زوجته، فتارة يكون الزوج الذي يريد أن يتزوج عنده زوجة واحدة وتارة تكون عنده أكثر من زوجة، فإذا كان عنده زوجة واحدة تقول: أشترط أن يطلق زوجته فلانة، أو تقول: أشترط أن يطلق زوجته السابقة ولا تسمي فهذه صورة، ومن صورها أن تقول إذا كان عنده أكثر من زوجة: أشترط أن يطلق جميع نسائه، وتارة تقول: أشترط أن يطلق بعض نسائه أي: الأول، فسواءً اشترطت طلاق زوجة أو طلاق زوجتين أو أكثر فإن هذا الشرط للعلماء فيه قولان:

    فقال بعض العلماء بصحته كما درج عليه المصنف رحمه الله، واختاره أبو الخطاب من الأصحاب، وغيرهم رحمة الله عليهم، وعللوا ذلك بأن فيه مصلحة للزوجة، وأن الزوجة تخاف من الضرر بوجود الضرة، كأن تكون شديدة الغيرة، إلى آخر ما ذكروه، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: (إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج) قالوا: فهذا الحديث يدل على أنه يجب الوفاء بالشرط؛ لأن شرط النكاح أحق ما يوفى به.

    وذهب طائفة من العلماء إلى أنها لو شرطت عليه طلاق ضرتها فالشرط باطل ولا يلزمه الوفاء به، ولو حدث نكاح ورفع إلى القاضي فإنه يحكم ببطلان الشرط وبقاء النكاح على صحته، وهذا هو الصحيح وعليه المذهب كما أشار إلى ذلك صاحب الإنصاف، وصححه في المذهب، أنه ليس من حقها أن تشترط هذا الشرط؛ لما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ولا تسأل المرأة طلاق ضرتها) وكذلك في اللفظ الآخر: (لا تسأل المرأة طلاق ضرتها لتنكح) وفي اللفظ الآخر: (نهى أن تسأل المرأة طلاق ضرتها لتكفأ ما في صحفتها) فدل هذا على أنه لا يجوز للمرأة أن تشترط طلاق المرأة قبلها.

    وهذا هو الذي نميل إليه: أنه ليس بشرط شرعي، وأنه لا يلزم الوفاء به، فإن اعترض معترض وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج) نقول: جوابه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) فكيف وقد نص على بطلان مثل هذا الشرط في قوله: (لا تسأل المرأة) ونهى عنه، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، فهذا أمر حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان محرماً فكيف نقول بمشروعيته؟ وكيف نقول بلزوم الوفاء به؟ فالصحيح أنه شرط غير معتبر.

    وعلى هذا فإننا نقول: لا يصح للمرأة أن تسأل طلاق ضرتها؛ لكن يعتذر للعلماء الذي قالوا بأنه صحيح بأنه يحتمل أنهم لا يقصدون مطلق الشرط وإنما قصدوا شيئاً معيناً -والله أعلم- كما لو اشترطت المرأة طلاق امرأة شريرة قبلها أو طلاق امرأة فاجرة تخاف من فجورها وضررها، فصار هناك مسوغ وهو دفع الضرر، فتقول: أنا لا أتزوج منك وفلانة في عصمتك، طلقها ثم انكحني، ففي هذه الحالة ممكن أن يشترط هذا الشرط، أما أن يكون شرطاً معتبراً بإطلاقٍ فلا.

    والضرة سميت ضرة لأنها تضار، وغالباً مع وجود الغيرة يحصل الضرر.

    اشتراط عدم التسري على الزوجة

    قال رحمه الله:[ أو لا يتسرى عليها ] السرية: هي الأمة التي تنكح بملك اليمين، فتقول له: أرضاك زوجاً بشرط ألا تطأ أو لا تتسرى عليَّ، أي: ما يطأ النساء اللاتي في ملك يمينه، وهذا الشرط للعلماء فيه وجهان:

    صححه طائفة كما ذكرنا، وأبطله طائفة، والصحيح أنه باطل، وذلك لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ [التحريم:1] فالله أحل له أن يطأ سريته، والمرأة تحيض ويأتيها العذر ويأتيها المرض الذي يعيقه من إعفاف نفسه فيبقى معلقاً عن حلال أحله الله له، فهذا من تحريم ما أحل الله وليس من جنس الشروط التي يجب الوفاء بها.

    اشتراط عدم الزواج على الزوجة

    قال رحمه الله: [ ولا يتزوج عليها ]

    وهذا أشد وأعظم؛ لأن الرجل بهذا يمتنع مما أحل الله له، ومع ما فيه من مصلحة الأمة، ومصلحة الجماعة والأفراد، وصورة المسألة أن تقول له: أرضاك زوجاً بشرط ألا تتزوج عليَّ، فمثل هذا الشرط اختلف فيه العلماء رحمهم الله سلفاً وخلفاً:

    فأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعمرو بن العاص وسعد بن أبي وقاص ، وكذلك قال به طاوس بن كيسان تلميذ ابن عباس ، وقال به الأوزاعي فقيه الشام وطائفة كـإسحاق بن راهوية من أهل الحديث أن هذا الشرط صحيح ويجب عليه أن يفي للمرأة بما التزم به، فإن قالت: أشترط أن لا تكون لك سابقة ولا لاحقة ولا تتزوج عليَّ، فإنه يجب عليه الوفاء، واحتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام: (إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج)

    وذهب طائفة من العلماء كما هو مذهب جمهور العلماء سلفاً وخلفاً إلى أن هذا الشرط باطل، وأنه ليس من حقها أن تحرم عليه ما أحل الله له، واحتجوا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ [التحريم:1] وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل)، والذي في كتاب الله الندب والاستحباب لزواج الثانية والثالثة والرابعة: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3] فندب الله الأمة إلى تكثير سوادها وحصول الإعفاف لنساء المؤمنين، وهذه المرأة تحرم ما أحل الله لمصلحتها الذاتية، وكونها ذات غيرة فإن هذه الغيرة ضرر خاص بها لا تستضر به جماعة المسلمين، وكم من مطلقة وأرملة تحتاج إلى من يعفها ويسترها وقد تكون ابنة عم وقد تكون ابنة خال وقريبة فلا يستطيع أن ينكحها لوجود هذا الشرط.

    ومن تأمل الواقع وجد أن الشرع يؤكد أن هذا الشرط باطل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ألغى الشرط الذي يعارض كتاب الله عز وجل، فهو يقول: (كل شرط ليس في كتاب الله) والذي في كتاب الله: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3] ولا يستطيع الشخص أن يدرك خطر هذا الشرط إلا إذا نظر إلى رجل عنده امرأة تزوجها ونكحها وأنجب منها أولاداً، فإذا قلنا بصحة الشرط وثبت أن للمرأة هذا الشرط فمعناه أنه متى نقض الشرط كان لها الخيار، فإذا نقض الشرط وقالت: لا أريده، تنفسخ مباشرة، ولا يستطيع إرجاعها إلا بعقد جديد، وهذا معروف عند من يعمل بهذا الشرط، فوجدنا هذا الضرر وهذه المفاسد العظيمة، فمن كان عنده أولاد لا يستطيع أن يتزوج الثانية لعلمه أن أولاده سيستضرون بطلاق هذه وانفساخ عقدها فهذا كله مما يعارض هذا الشرط.

    والأصل حل نكاح الثانية والثالثة والرابعة، فالمرأة إن أرادت أن تتزوج اشترطت شروطاً لا ضرر فيها قبلنا، وإلا رددنا كل ما صادم كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأوجب الحرج على المسلمين، فضيق ما وسع الله على عباده، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أحل أشياء فلا تحرموها، وحرم أشياء فلا تحلوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان) فلا يليق بالمسلم أن يحرم ما أحل الله له ابتغاء مرضات النساء والأزواج كما نص الله عز وجل على تحريم ذلك.

    اشتراط عدم خروج الزوجة من دارها أو بلدها

    قال رحمه الله: [ أو لا يخرجها من دارها ]

    إذا اشترطت عليه أن لا يخرجها من دارها أو من بلدها، فهذا الشرط اختلف فيه العلماء رحمهم الله أيضاً سلفاً وخلفاً:

    فعن عمر بن الخطاب رواية بكلا القولين: روي عنه أنه أقر هذا الشرط، وروي عنه أنه أبطل هذا الشرط، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أبطل هذا الشرط، ولما رفعت إليه قضية المرأة التي اشترطت على زوجها ألا يخرجها من بلدها قال رضي الله عنه: كتاب الله أسبق، أي: أن الله عز وجل أحل للرجل أن ينقل امرأته حيثما انتقل؛ لكي تعفه عن الحرام وتصونه عن الآثام بإذن الله عز وجل.

    وقال طائفة من السلف: إنه يشرع هذا الشرط، وإذا اشترطت عليه المرأة ذلك فإنه لا يخرجها من دارها ويجب عليه الوفاء؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: (إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج) وفي الحقيقة القول بجوازه أقوى؛ لأن هذه المسألة ليست كالمسألة السابقة، والضرر في هذه ليس كالضرر في سابقتها، وكثير من النساء يشترطن ألا يخرجن من دورهن خوفاً على الوالدين ولمصالح ذاتية، والغالب أن المرأة لا تشترط مثل هذا الشرط إلا وهناك ما يؤثر عليها ويضر بها إضراراً معتبراً خاصة في حق والديها وقرابتها، فنقول: هو أقوى، وفرق بين قولنا: أرجح وأقوى، وقد نبهنا على ذلك غير مرة.

    قال: [ أو بلدها ]

    كذلك الحكم في البلد، وقد تكون هناك مبررات، فقد تكون المرأة صغيرة السن فيقول والدها: أشترط عليك ألا تخرجها من المدينة؛ لأنه يعلم أن ابنته في هذا السن يخشى عليها وأن بيئته أو جماعته أو مدينته فيها مفاسد، فمثل هذا أنا لا أشك في اعتباره، وأنها شروط شرعية؛ لأنه يقصد منها مقصود شرعي، أما إذا قصد التضييق على الرجل فهذا شيء آخر، لكن من حيث النظر في غالب الأحوال فهذا الشرط يقصد به تحقيق مصالح ودرء مفاسد، ومثل هذا لا يشك في اعتباره والعمل به.

    اشتراط نقد معين في المهر أو اشتراط زيادته

    قال رحمه الله: [ أو شرطت نقداً معيناً ]

    قالت: أشترط أن يكون صداقي مائة ألف ريال من الفضة القديمة، أو أشترط أن يكون صداقي -مثلاً- ثلاثين ألف ريال من الورق، أو أشترط أن يكون صداقي مائة جنيه من الذهب السعودي مثلاً أو غيره، فهذا كله اشتراط نقد معين، فهذا يجب الوفاء به، فإنه استحل فرجها بهذا الشرط، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج) .

    قال: [ أو زيادة في مهرها صح]

    لأنه يجوز لها أن تشترط في المهر القليل والكثير، فليس هناك محظور شرعي.

    قال: [ فإن خالفه فلها الفسخ ]

    (خالفه) الضمير عائد إلى الشرط (فلها الفسخ) لها أي: تملك الفسخ، وهذا كما ذكرنا أن الشروط في العقود من موجبات الخيار، وإذا قلنا: لها الفسخ، ففرق بين الفسخ والطلاق، فالمرأة إذا كان لها الفسخ فمعنى ذلك أنها إذا اختارت الفسخ فإنه لا يستطيع أن يعود لها إلا بعقد جديد، ولكن إذا قلنا: تطلق، فقد تطلق وتكون رجعية كما لو كانت الطلقة الأولى ويمتلك ارتجاعها بدون رضاها، وإنما قلنا: لها الفسخ؛ لأننا لو قلنا بدون الفسخ بأن قلنا مثلاً: إنها تكون في حكم المطلقة لأمكنه أن يطلقها ثم يعيدها بعد ذلك فيفوت المقصود من الشرط، ولذلك يقول: (لها الفسخ) أي أنها إذا قالت: لا أريد ولست براضية، يقال لها: أنتِ بالخيار إما أن ترضي بهذا الواقع الذي هو فيه وإما أن تفسخي نكاحكِ، فتفسخ نكاحها ولا يرجع عليها بمهر؛ لأن المهر يكون بما استحل من فرجها.

    1.   

    الشروط المبطلة للعقد

    النوع الثاني من الشروط: هي الشروط الباطلة التي توجب بطلان العقد، فهي فاسدة ومفسدة للعقد. والشروط على أقسام: النوع الأول: الشروط الصحيحة التي يجب الوفاء بها، وإن كنا قد استثنينا بعضها لمصادمته للكتاب والسنة، الشروط الممنوعة، وتنقسم إلى قسمين:

    شروط ممنوعة توجب فساد العقد وهو الذي شرع به الآن فانتقل من الأعلى إلى الأدنى.

    نكاح الشغار

    قال رحمه الله: [ وإذا زوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ففعلا ولا مهر بطل النكاحان ]

    إن شرط أن يزوجه موليته أو ابنته، فقال: زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك فهذا نكاح الشغار، مأخوذ من قول العرب: شغر الكلب رجله إذا رفعها ليبول -أكرمكم الله-، فكأنه يقول: لا تستمتع بموليتي بشغر الرجل -وضع الجماع- حتى أستمتع بموليتك، فكأنه جعل البضع عوضاً عن البضع، وهذا النوع من النكاح كان نكاحاً جاهلياً، والشريعة لما جاءت لأنكحة الجاهلية أقرت وأبطلت وفصلت، فهناك أنواع أبطلتها بالكلية وهناك أنواع أقرتها، وهناك أنواع فصلت في أحكامها كما سيأتي -إن شاء الله- في أنكحة الكفار.

    فالنكاح الذي ألغته نكاح الشغار، وكان من أنواع الأنكحة التي يظلم فيها النساء، والظلم في نكاح الشغار يقع بصورتين:

    الصورة الأولى: أن الرجل يقول: ابنتي بابنتك ولا مهر، فيجعل البنت مقابل البنت والبضع مقابل البضع، فلا يستمتع حتى يستمتع الآخر، وهذا من أبشع الظلم؛ فإنه قد يكون أحدهما غير مرضي، وقد يكون الاثنان غير مرضيين، فكل منهما يخون أمانته ويضيع حق موليته طلباً لربحه ومنفعته، فكأنه يطلب حظ نفسه في نكاح الثانية بالإضرار بابنته، والآخر يضر بابنته، فقد يكونان كبيرين في السن وقد تكون فيهما من العاهات والآفات ما لا يقبل معه مثلهما زوجاً، ولكن يضحي كل منهما بحق موليته لمصلحته في مولية الآخر، فهذا الظلم الأول.

    النوع الثاني من الظلم: أن يكون لا مهر، فيضران بالمهر، فيخفف من مهر هذه لقاء مهر تلك أو يسقطان المهر كلية. وأياً ما كان فنكاح الشغار بتلك الصورتين سواءً كان هناك مهر -على الصحيح من أقوال العلماء- أو لم يكن هناك مهر -بإجماع العلماء رحمهم الله في الصورة الثانية- لا يصح وهو نكاح فاسد، وإذا ثبت هذا فكل من زوج أخته أو ابنته أو موليته أياً كانت بمولية الآخر فالنكاح فاسد؛ لما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه (نهى عن نكاح الشغار).

    وأما قول الراوي: أن يزوجه موليته على أن يزوجه موليته ولا مهر بينهما كما اختاره المصنف فهذا على الصحيح أنه من قول نافع وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وليس بتفسير مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ومن أضرار الشغار: أنه إذا تزوج هذه بهذه فإنه متى ظلمت هذه ستظلم هذه ويصبح وسيلة للإضرار، فالمرأة ضحية في كل هذه الصور، ولذلك يعتبر من سماحة الإسلام ويسره ورحمته للمرأة تحريم هذا النوع من النكاح، فلا يجوز نكاح الشغار سواءً وجد المهر أو لم يوجد.

    لكن لو أن رجلاً خطب ابنة رجل فزوجه وبعد أسبوع أو بعد شهر دون مواطأة ودون وعد وبدون ترتيب خطب الآخر ابنته فإنه يصح، فإذا لم يكن بمواطأة ولم يكن بمقابلة فإنه يجوز ولا بأس بذلك، خاصة إذا لم يكن فيه ظلم، كرجل تزوج أخت رجل فأراد الآخر أن يتزوج أخته، وهذا يقع كثيراً، فإن الرجل يأتي إلى البيت ويرغب في بنت من بناته، فإذا شوهدت البنت ورغب فيها وعقد النكاح تعارفت الأسرتان فنظرت أم هذه المنكوحة إلى بنت من بنات أرحامهم فأعجبتها ورضيتها لابنها الذي هو أخ للزوجة المنكوحة، فخطبتها دون اتفاق ودون ترتيب، فمثل هذا لا بأس به ولا حرج فيه، بل إنه لا يسلم منه كثير من المجتمعات، ويكون -غالباً- نوعاً من التواد والتواصل ويتحقق به شيء من الألفة.

    وعلى هذا فنكاح الشغار نكاح محرم، وقد أجمع العلماء رحمهم الله أنه من الأنكحة المنهي عنها شرعاً.

    قال: [ فإن سمي لهما مهر صح ]

    هذا على ما اختاره المصنف وطائفة من أصحاب الإمام أحمد، والصحيح ما ذكرناه من أنه سواء سمي المهر أو لم يُسَمَّ ما دام أنه قال له: ابنتي بابنتك، أو أختي بأختك، أو زوجني فلانة أزوجك فلانة؛ فهذا كله من نكاح الشغار، وجد المهر أو لم يوجد؛ لأنه بضع ببضع وامرأة بامرأة.

    نكاح التحليل

    قال رحمه الله: [ وإن تزوجها بشرط أنه متى حللها للأول طلقها].

    قوله: (وإن تزوجها بشرط أنه متى حللها للأول طلقها) هذا نكاح المحلل وهو التيس المستعار كما قال صلى الله عليه وسلم: (أتدرون من التيس المستعار؟ هو الرجل ينكح المرأة حتى يحلها للأول) ولعن المحلل والمحلل له، وهذا يسميه العلماء نكاح المحلل، وصورته: أن تطلق المرأة ثلاثاً من زوج سابق فيتزوج اللاحق هذه الزوجة لأجل أن يحللها للأول، وهذه على صورتين:

    الصورة الأول: أن يكون ذلك بشرط واتفاق وتمالؤ، فهذا باتفاق جماهير العلماء أنه لا يجوز، والنكاح فاسد ويعتبر من الأنكحة المحرمة التي لا تصح.

    والصورة الثانية: أن يكون في نيته أن يحللها للأول، فقد جاء عن حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً جاءه وقال: يا ابن عم رسول الله! إن عمي طلق امرأته ثلاثاً وإن نفسه قد تبعتها وإني أخشى عليه، أفأنكحها حتى أحلها له؟ قال: أي بني! إن الله لا يُخادع. يعني: هذا من الخديعة، فأنت لا تريد نكاحها ولكنك في الحقيقة تريد أن تحللها لعمك، فالله لا يخادع فهو مطلع على السرائر والضمائر.

    فقالوا: الباطن كالظاهر، يعني: سواءً أظهر أو أبطن فإنه لا يجوز ذلك، لكن لو أن المرأة حنت لبعلها الأول ورغبت في زوجها الأول لم تلم على ذلك، يعني: إذا رضيت بالزوج الثاني ووطئها ثم لم ترده فهذا من حقها؛ لأن امرأة رفاعة لما وطئها عبد الرحمن بن الزبير حنت لزوجها الأول وجاءت واشتكته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: (أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟) وهذا في الصحيحين، فصرح لها بمكنون نيتها، ثم قال: (لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتكِ)

    فالمرأة غير الرجل؛ لأن المرأة أصل مشروعية دخول الزوج الثاني أن تعرف قيمة الأول وأن ترجع إلى صوابها ورشدها، وانظر إلى حكمة الشريعة، فالطلقة الأولى رجعية، والطلقة الثانية رجعية، فقد يغلط الإنسان المرة الأولى والمرة الثانية ويخطئ، لكن لا يعطى مهلة ثالثة، فالمرة الأولى يتأدب بها ثم يرجعها: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228] فإن طلقها الثانية كذلك أعطي مهلة، فقد تكون الطلقة الأولى غلطة منه وتكون الطلقة الثانية غلطة منها.

    وقد يقول قائل: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، فالطلقة الواحدة كافية، فنقول: نعم، الطلقة الواحدة كافية؛ لأنه ربما كانت الخطيئة منه والغلطة منه فاستعجل فطلق، لكن قد تكون هناك غلطة من المرأة فتأتي الطلقة الثانية لاحتمال أن تكون الطلقة بسبب المرأة، فإن كانت الطلقة الأولى والثانية بسبب الرجل نفسه تعنتاً منه وأذية فطلق الثالثة ندم أشد الندم وعرف مقدار هذا الطلاق، فأصبح إذا تزوج امرأة ثانية يتحاشى الطلاق، وإذا عادت له عادت له وقد عرف قيمة هذه المرأة، وحينما يتزوجها غيره ويطؤها ترغم نفسه ويناله من الألم والأسى والحزن ما الله به عليم، مما يعينه على إصلاح نفسه لو عادت له بعد طلاقها من الثاني.

    فانظر كيف تهذب النفوس وتقوم، وكيف تتحقق المصالح وتدرأ المفاسد، فكأنه إذا تزوجت المرأة من زوج ثانٍ مقصود الشرع أن يتأدب كلا الزوجين، فالمرأة إذا تزوجها الثاني تنظر في هذا الثاني، فلو أن الثاني كان رجلاً كريماً محسناً فلا يمكن أن تفرط فيه؛ لأنها لما جربت الأول ووجدت الثاني أفضل منه لا يمكن أن ترجع للأول، هذا بالنسبة للمرأة، وأما إذا كان على خلاف ذلك في عشرته أو على خلاف ذلك في طبعه وأخلاقه فمن حقها أن تدفع الضر عن نفسها وتحن للأول؛ لأن القلوب لا تمنع.

    فأياً ما كان إذا دخل الرجل بنية أن يحلل المرأة للأول فلا، سواءً صرح بذلك عن طريق العقد أو لم يصرح بأن خبأ تلك النية وكانت في مكنونه، وأثر عن بعض الصحابة والسلف رضوان الله عليهم كـالحسن وغيره أنهم خففوا في ذلك، وخفف فيه بعض التابعين إذا غيب النية في قلبه، وأن نكاح المحلل المراد به أن يضع ذلك شرطاً أو يتمالأ عليه فيأتي ولي المرأة ويقول: يا فلان! تزوج ابنتي وحللها لفلان، أو يأتي الزوج لصديقه ويقول: حلل لي فلانة، فهذا ملعون -نسأل الله السلامة والعافية- وملعون من أمره بذلك ورغبه أو دعاه إلى ذلك سواءً كان ولياً أو كان زوجاً.

    النكاح المعلق

    قال رحمه الله: [ أو قال: زوجتك إذا جاء رأس الشهر ]

    هذا النكاح المضاف إلى المستقبل، واختلف فيه العلماء، فمنهم من أجازه ومنهم من أبطله، فبعض العلماء يقول: يجوز أن يقول له: زوجتك إذا جاء رأس الشهر وهو نكاح معلق كالطلاق المعلق، فكما أن العصمة تبين تعليقاً وتنفصل تعليقاً كذلك النكاح يثبت تعليقاً، وقالوا: أياً ما كان إذا قال له: إذا جاء رأس الشهر فقد زوجتك فإنه قد تم الإيجاب والقبول معلقاً فيبقى معلقاً حتى يأتي أول الشهر، ورد قوم -وهو اختيار المصنف وطائفة من أصحاب الإمام أحمد - بأن النكاح إنما هو على البت، وإذا قال: إلى غد أو بعد غد أو بعد وقت فإنه يغرر به فلا ندري هل يبقى الزوجان أو لا يبقيان وهل يحدث شيء كأن يتغير حال الزوج، أو يتغير حال الزوجة، فقالوا: إنه لا يصح من أجل هذا الوجه، وكلا القولين له وجهه.

    قال: [ أو إن رضيت أمها ]

    كذلك إذا قال: (إن رضيت أمها) مجهول؛ لأننا لا ندري أترضى أو لا ترضى، فأثناء العقد ليس هناك بت، وعندهم أنه إذا أسند العقد أو أضيف إلى شيء مجهول صار من عقود النكاح المشتملة على الغرر، هذا وجهه، فيغرر به ويقول له: زوجتك إن رضيت أمها، وما ندري أمها ترضى أو لا ترضى، فهو زواج وليس بزواج، زواج إن رضيت وليس بزواج إن لم ترضَ فيقولون: هذه الإضافة تؤدي للتردد الموجب للغرر فلا يصح العقد إلا بالبت، فيرون أن النكاح على البت وليس فيه تعليق.

    نكاح المتعة

    قال رحمه الله: [ أو إذا جاء غد فطلقها أو وقته بمدة بطل الكل]

    هذا نكاح المتعة، أن يقول له: أزوجك إلى غدٍ فإن جاء غد فطلقها، أو يقول: أزوجك إلى شهرٍ فإن جاءت نهاية الشهر فطلقها، أو يقول: أزوجك مدة إقامتك معنا فإن رجعت إلى بلدك فطلق ابنتي أو طلق أختي، كل ذلك من نكاح المتعة، فنكاح المتعة هو تحديد النكاح بأمد، وكان مباحاً في أول الإسلام وذلك لوجود الحاجة، فقد تمتع الصحابة رضوان الله عليهم متعة النساء؛ لأنهم كانوا يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستضرون بعدم وجود النساء معهم؛ لأنهم كانوا في القتال والجهاد يخافون السبي فإذا غزوا ومعهم النساء وخسروا فإن النساء يؤخذن وهذا معروف في عادة العرب أنهم يخشون من الغزو بالنساء خشية الاسترقاق؛ لأنهم إذا انكسروا وهزموا أُخذ النساء أسارى وحينئذٍ يكن من السبي وتسترق المرأة.

    ففي بعض الأحيان -كهذه الحالة- تأتي ظروف لا يستطيع الإنسان أن يسافر بامرأته، كالمرأة الحامل أو نحو ذلك، فأجيز في أول الأمر نكاح المتعة، ثم حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نكاح المتعة، والتحريم ثابت في الأحاديث الصحيحة في عام خيبر، كذلك أيضاً ثبت عنه عليه الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع أنه خطب الناس وحرم نكاح المتعة، وقد كانت خطبة حجة الوداع قبل وفاته بزمن يسير، وهذا يدل على أن إباحته من الأمر الأول، ولذلك قال أبو ذر رضي الله عنه وأرضاه كما في الصحيح: ( متعتان لا تصلح لنا إلا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: متعة الحج، ومتعة النساء ) ومراده بمتعة الحج وجوب فسخ الحج بعمرة، وقد بينا هذا في كتاب مناسك الحج، وأن متعة النساء كان مما اختص به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسخت الإباحة.

    حكم الزواج بنية الطلاق

    لكن يبقى السؤال: لو تزوج المرأة وفي نيته أن يطلقها، كرجل يسافر إلى بلد ومكث فيه الشهور لعمل أو وظيفة أو نحو ذلك، فمذهب طائفة من السلف والعلماء رحمهم الله جواز ذلك وأن الرجل يجوز له أن يتزوج المرأة وفي نيته ألا تستمر معه وذلك لخوف الضرر والوقوع في الزنا، والأصل في هذا أنهم قالوا: إن الرجل وإن نوى الطلاق فالعقد في ظاهره صحيح، ونيته في باطنه مترددة؛ وربما أعجبته المرأة فبقيت معه، وهذا موجود، ولذلك لو كان هذا محرماً أو من المتعة كان بمجرد مضي المدة وجب عليه التطليق، وبالإجماع أنه لا يجب عليه أن يطلقها، فلو تزوجها وفي نيته أن يطلقها بعد شهر فبالإجماع أنه لا يجب عليه تطليقها بعد شهر، ولو غير نيته جاز بالإجماع، وعلى هذا قالوا: إنه ليس من نكاح المتعة في شيء.

    ونص طائفة من أهل العلم ومن أئمة المذاهب الأربعة على جواز ذلك ومشروعيته، وهو مشروع، خاصة في زماننا؛ فإن الرجل تكون زوجته مع الأطفال وترتبط بمدينتها أو بلدتها، والرجل يسافر إلى بلد محتم عليه السفر إليه، أو تقتضي ظروف عمله أن يسافر إلى هذا البلد، فإن قلنا له: لا تتزوج، فإنه سيقع في الحرام، وربما وقع في الزنا، خاصة إذا كان في أماكن فيها فتن ومغريات، فلو قيل له: لا تتزوج، لما استطاع ولربما وقع في الحرام، ولو قلنا له: تزوج، مطلقاً، فإنه بإمكانه أن يتزوج ويأتي بها، لكن إذا كانت المرأة لا يمكن أن تأتي معه وفي نيته أنه إذا انتهى منها تركها لأهلها وهي راضية بذلك فإنه لا بأس.

    ومن تأمل أحوال السلف والأئمة والناس في عصور الإسلام السابقة يجد أن الرجل كان يسافر للتجارة وينزل في البلد الشهر والشهرين، ولا يمكث اليوم واليومين حتى يتزوج وينجب ثم يسافر ويترك امرأته ويطلقها ويسافر، وكان هذا معروفاً بين المسلمين؛ لأن الرجل -خاصة التاجر- تجده يوماً هنا ويوماً هناك، وإذا أراد السفر فغالباً أنه لا يستطيع أن ينقل امرأته معه، خاصة في القديم حيث كانت الأضرار والخوف، بل حتى المرأة لا ترضى أن تسافر معه.

    فزواج المرأة بنية التطليق، أولاً: نصوص الشرع من حيث العموم دالة على جوازه، فإنه نكاح مستوفٍ للشروط مستوفٍ للأركان، وخذها قاعدة: أن أي مسألة من مسائل النكاح إذا اختلف فيها في صحة النكاح وفساده فانظر إلى أركانه وشروطه، فإن توفرت الأركان والشروط فقل: الأصل صحته وحله حتى يدل الدليل على فساده، فإن اعترض بأن هذا الزواج تم بنية الطلاق، فيجاب بأنه قد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما أمرت أن آخذ بظواهر الناس وأن أكل سرائرهم إلى الله) فإن قال قائل: إن المحلل في نيته أن يحلل، قلنا: إن هذه نية غير شرعية؛ لأنه نوى مضادة الشرع ولذلك قال ابن عباس : إن الله لا يخادع، ففرق بين شيء في أصله محظور وبين شيء في أصله مباح، فإن نكاح المرأة وتخليتها مباح، لكن أن ينكح المرأة من أجل أن تنكح لزيد ولا ينكحها من أجل أصل النكاح -وهو الاستمتاع- كما هو الحال في المحلل فلا، فافترقت تلك الصورة عن صورة المحلل، وقياسها على المحلل ضعيف، فإنه إذا تؤمل الأصل والفرع وجد الفارق بينهما جلياً، فنكاح المحلل واضح فيه أنه ما نكح للنكاح ولا نكح للعفة ولا نكح للاستمتاع لنفسه ولا نكح من أجل أن يعف المرأة، ونحوها من مقاصد الشرع المعروفة الشرعية، ولكنه نكح من أجل أن يحلل، والشريعة كأنها حرمت نكاح هذه المرأة حتى تنكح زوجاً غيره فتعيش معه، فترى مره وحلاوته فتحن للأول، فإذا جاء المحلل ينكحها اليوم واليومين ويطلقها فإنه لا يحصل مقصود الشرع، فكأنه يهدم مقصود الشرع بالتطليق المباشر، لكن من تزوج وفي نيته أن يطلق تزوج من أجل أن يعف نفسه عن الحرام، بل إنه ما وقت النكاح لحاجته والوقت الذي هو فيه إلا من أجل أن يعف نفسه عن الحرام، فهو يخاف على نفسه الزنا، فقال في نفسه: إنه في مدة إقامته يفعل ذلك، وهذه النية ليست بقطع، ويحتمل أن يلغي هذه النية ويغير نيته.

    فإن قال قائل: إن المرأة تستضر، قلنا: إن المرأة إذا ضحت وبذلت وتحببت إلى زوجها وقامت كما ينبغي أن تقوم الزوجة لا يمكن أن يفرط فيها، بل إن الرجل يضحي بأهله وبلده من أجل المرأة -وهذا معروف- إذا ملكته المرأة بإحسانها وفضلها فأياً ما كان فالفرق بينهما واضح، وأصول الشريعة تقوي صحة ما ذكرناه، وعلى هذا فإنه يجوز أن يتزوجها مؤقتاً.

    1.   

    الشروط الفاسدة مع بقاء صحة العقد

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ فصل: وإن شرط أن لا مهر لها أو لا نفقة أو أن يقسم لها أقل من ضرتها أو أكثر أو شرط فيه خياراً أو إن جاء بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح بينهما بطل الشرط وصح النكاح ]

    هذا النوع الثالث من الشروط -وهو النوع الثاني من الحالة الثانية-: أن يصح العقد ويبطل الشرط، فتصحح العقد وتقول: هذا الشرط باطل.

    اشتراط عدم المهر

    قال رحمه الله: [وإن شرط أن لا مهر لها] فهذا شرط لاغٍ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [النساء:24] وأمر بإعطاء المهر إلى النساء فريضة، وعلى هذا فإنه إذا شرط أن لا مهر يكون قد خالف شرع الله، فألغي هذا الشرط وصحح العقد، ويصحح العقد بمهر المثل، وهذا مما يرجع فيه إلى القاعدة المعروفة: العادة محكمة، وهي إحدى القواعد الخمس المشهورة في الفقه الإسلامي وهي: الأمور بمقاصدها، والمشقة تجلب التيسير، والضرر يزال، واليقين لا يزال بالشك، والعادة محكمة، أي: العرف، فنحن إذا أبطلنا هذا الشرط وقلنا: إنه لابد في النكاح من المهر فيرد السؤال: كم نعطيها من المهر؟

    نقول: نرجع إلى مهر مثلها، فينظر إلى المرأة من حيث نسبها ووضعها في بيئتها، فلو كان مهر أرفع النساء الأبكار ثلاثين ألفاً، وكان مهر الوسطى عشرين ألفاً، وكان مهر عامة الناس ومن لا ميزة له عشرة آلاف، فإنها إن كانت من الأعلى فثلاثون، وإن كانت من الأسفل فعشرة، وإن كانت بينهما فعشرون، وهكذا يكون لها مهر المثل.

    اشتراط عدم النفقة على الزوجة

    قال رحمه الله: [ أو لا نفقة ]

    لو قال: أتزوجكِ بشرط أن لا أنفق عليكِ، قالت: قبلت، فإن تزوجها ودخل بها فإن الشرع يلزمه بالنفقة عليها، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) وهذا يتضمن شرط الضرر والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا ضرر ولا ضرار) فهذا شرط فيه مضرة ومخالفة لشرع الله عز وجل؛ فإن الرجال عليهم نفقة النساء والقيام بحقوقهن.

    اشتراط عدم المساواة بين النساء في القسم

    قال رحمه الله: [ أو أن يقسم لها أقل من ضرتها أو أكثر ]

    كذلك إذا شرط أن تكون لها ليلة من أربع ليالٍ وليس عنده إلا ضرة، فيجعل ثلاث ليالٍ لتلك وليلة لهذه، فهذا ليس في كتاب الله، والذي في كتاب الله العدل بين الزوجات في القسم والمبيت.

    اشتراط الخيار في المهر والنفقة

    قال رحمه الله: [ أو شرط فيه خياراً ]

    علق ما سبق على خيار، بأن قال لها مثلاً: أنا بالخيار إن شئت وطئتكِ وإن شئت لم أطأ، أو إن شئت أنفقت عليكِ وإن شئت لم أنفق عليكِ، فجعل الخيار له، كل ذلك ليس من حقه والشرط باطل؛ لأنه يهدم ما أمر الله به، ويناقض شرع الله فلا يعتد به.

    اشتراط الولي على الزوج الإتيان بالمهر في وقت معين وإلا فسخ العقد

    قال رحمه الله: [ أو إن جاء بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح بينهما ]

    إذا قال له: زوجتك، وقال: قبلت فقد تم العقد، فإن قال له: إن جئت بالمهر قبل الشهر فالنكاح صحيح، وإن تم الشهر ولم تأتني به فلا نكاح بيننا، فإنه يلغى هذا الشرط ويترك الأمر بالمهر على سنن الشرع كما سيأتي في باب المهر، من أنه لا يدخل حتى يقدم شيئاً منه، ويكون ذلك موجباً لفساد الشرط دون العقد فالعقد باقٍ.

    قال: [ بطل الشرط وصح النكاح ]

    قوله: (بطل الشرط) لأنه ليس في كتاب الله، والسنة دالة على بطلانه، وكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم لا تتفق نصوصهما مع هذه الشروط فتبطل، ويصح النكاح؛ لأن الأصل صحته، وقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] وهناك قاعدة قررها العلماء على هذه الآية تقول: تصحيح العقود ما أمكن، وفرع أيضاً عليها قاعدة تقول: الإعمال أولى من الإهمال، فإعمال العقود وإمضاؤها أولى من إلغائها وإهمالها وإبطالها، فمثلاً عندنا رجل قال لآخر: زوجتك ابنتي وتم النكاح بشروطه المعتبرة وأركانه المعتبرة، ثم قال الرجل: لا أنفق عليها، فنقول: العقد الذي وقع وهو قوله: زوجتك ابنتي، وقوله: قبلت، صحيح والشرع يلزم بالوفاء به، وهذا الشرط شيء ممنوع دخيل على شيء مشروع، فنلغي الممنوع ونبقي المشروع، وهذا معنى: تصحيح العقود ما أمكن والإعمال أولى من الإلغاء وأولى من الإهمال.

    1.   

    شروط الكمال في النكاح

    اشتراط الإسلام في الزوجة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وإن شرطها مسلمة فبانت كتابية ]

    هنا يدخل في مسألة شروط الكمال، وهي شروط شرعية يشترطها غالباً الرجل على المرأة، كأن يشترط جمالاً، أو يشترط مالاً، أو يشترط حسباً، أو يشترط نسباً، أو يشترط ديناً، أو يشترط صفات من كتابة وتعلم أو وظيفة أو نحو ذلك فهذه تسمى شروط الكمال.

    قال: [وإن شرطها مسلمة فبانت كتابية].

    هنا الخيار للرجل قال له: زوجتك ابنتي، قال: بشرط أن تكون مسلمة، فبانت كافرة فإنه لا يصح حينئذٍ أن يلزم بهذا، لكن لو بانت كتابية فإنه يجوز نكاح نساء الكتابيات، لكن هو اشترطها مسلمة ففي هذه الحالة نقول: لك الفسخ، يعني: أنت بالخيار إن شئت أمضيت العقد ورضيت بهذا النقص فلا إشكال، وإن شئت ألغيت العقد فمن حقك الفسخ.

    اشتراط البكارة والجمال والنسب في المرأة

    قال رحمه الله: [ أو شرطها بكراً ]

    أو شرطها بكراً فبانت ثيباً، قال: زوجتك ابنتي أو أختي قال: أشترط أن تكون بكراً قال: هي بكر، ثم تبين أنها ثيب، أو قال له: أشترط أن تكون لم تتزوج وتبين أنها قد سبق وأن تزوجت أو قال: أشترط أن تكون دون العشرين، فبان أن سنها عشرون فأكثر، فالمهم أن يشترط شرطاً معيناً لمصلحته يريده هو، ويسمونها شروط الكمال.

    قال: [ أو جميلة ]

    فبانت غير جميلة، فإنه في هذه الحالة من حقه الفسخ.

    قال: [ أو نسيبة ]

    أي: لها نسب فبانت غير نسيبة، فله الفسخ.

    اشتراط نفي العيب الغير مؤثر في النكاح

    قال رحمه الله: [ أو نفي عيب لا ينفسخ به النكاح فبانت بخلافه فله الفسخ ]

    لأن العيوب نوعان: نوع منها يفسخ النكاح، كالجنون والجذام والبرص -نسأل الله العافية- وهذه هي العيوب المؤثرة وسيأتي بيانها، والمرأة إذا كان بها عيب ولم يتبين للرجل إلا بعد الدخول بها وبعد العقد فله الفسخ، وهذا يسمونه خيار العيب.

    وأما هنا فالخيار من جهة الشرط، لأن عندنا خيار عيب وخيار شرط، فخيار الشرط مثل أن يشترط شرطاً أو تشترط المرأة شرطاً، ويثبت الخيار إذا لم يتحقق الشرط، وأما خيار العيب فإذا وجد العيب فإننا ننظر فيه، فإذا كان مؤثراً ثبت الخيار فيفسخ النكاح إن شاء أو يبقيه إن شاء كما سيأتي.

    فهناك فرق بين كونه له خيار العيب وبين كونه له خيار الشرط، فهنا من خيار الشرط أن يشترط سلامتها من عيب لا يوجب مثله الفسخ، مثلاً: الجهل، كأن تكون المرأة أمية لا تكتب ولا تقرأ فهذا عيب مثلاً في عرفه أو عرف جماعته فقال: أشترط أن لا تكون أمية، بمعنى: أن تكون متعلمة، ثم تبين أنها أمية فله الفسخ، وهذا معنى قوله: (عيب لا يوجب الفسخ)، أما لو كان عيباً يوجب الفسخ فسواء اشترط أو لم يشترط؛ لأنه لو قال: (عيب يوجب الفسخ) لفُهم أن العيوب التي توجب الفسخ ما توجب الفسخ إلا بالشرط، ومن هنا من دقة المصنف قال: (عيب لا ينفسخ به النكاح)

    (فله الفسخ) [ فله أي: يملك خيار الفسخ.

    ثبوت خيار الفسخ للمعتقة تحت عبد

    قال رحمه الله: [ وإن عتقت تحت حر فلا خيار لها بل تحت عبد ]

    هذه الكتب ما كانت تؤلف وهذه المتون أصلاً ما كان يعترف لأحد من أهل العلم أن يضعها إلا إذا كان له شخصيته الفقهية والعلمية، وحتى المتن لا يشتهر ولا يشرح إلا إذا كان مثله أهلاً، وكذلك كتابنا رحمة الله على مؤلفه.

    الآن عندنا خيار الشرط وخيار العيب، والمصنف قال: باب الشروط والعيوب في النكاح، لكن مسألة عتق المرأة ليس لها علاقة لا بالشروط ولا بالعيوب، إلا أن بعض العلماء يقول: خيار العتق دخل في العيب من جهة أنه إذا كانت أمة عند عبد فعتقت الأمة فإنه من النقص لها والعيب أن تكون تحت عبد، هذا من حيث نظرتهم، لكن الواقع أن المصنف قصد إدخالها من جهة التبعية، مثلما يدخلون أحكام السواك في الوضوء من جهة أن الوضوء طهارة لأعضاء البدن والسواك مطهرة للفم، فناسب ذكر الطهارة الخاصة مع الطهارة العامة، وهنا نقول: ذكر الخيار الخاص مع الخيار العام.

    ونقول: إن الخيار في النكاح يأتي من جهة العيب، ويأتي من جهة الشرط، ويأتي من جهة العتق، فعندنا ثلاثة أشياء: خيار الشرط إذا لم يتحقق الشرط، وخيار العيب: إذا وجد في الرجل عيب فمن حق المرأة أن تفسخ وكذلك العكس بالنسبة للمرأة مع الرجل، وخيار العتق: فإذا كانت مملوكة ثم عتقت تحت عبد فإنه يكون لها الخيار؛ لثبوت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فإنه لما عتقت بريرة -وكانت تحت مغيث مولى بني مخزوم- طلبت الفسخ، وكان مغيث يحبها حباً جماً فتعلق بها وكان مشغفاً بها، وسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترجع إليه فقالت: (يا رسول الله! أتأمرني أو تشفع؟) أي: هل تأمرني فأعود أو أنت شافع؟ قال: (إنما أنا شافع) فلم تعد إليه؛ لأنه ما دام شافعاً فلا تلزم طاعته، ولا شك أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أحرى أن تقبل، لكنه عليه الصلاة والسلام لا يلزم الناس ولا يكرههم.

    الشاهد: دليلنا على إثبات الخيار بالعتق هذا الحديث الصحيح، فيكون للمرأة الخيار إذا عتقت بشرط أن يكون زوجها رقيقاً، فإن كان زوجها غير رقيق أي: كان حراً، وعتقت وهي تحته فلا خيار في هذه الحالة، وهذا النوع من الخيار فيه عدل، فالله سبحانه وتعالى جعل هذا الخيار للمرأة؛ لأنها وهي أمة ليست كحالها وهي حرة، فإن الرق سببه الكفر ولذلك فيه نقص؛ لأنه لا رق إلا بسبب الكفر، ونظراً لوجود هذا النقص، فإن عتقت أعطيت حقها، فإن شاءت بقيت وإن شاءت فسخت النكاح.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718662

    عدد مرات الحفظ

    755942179