إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [105]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    ما يلزم من طلب منه أن يأتي بحجر أو تراب أو ماء من مكة

    السؤال: رجل يريد أن يحج وقد طلب منه مجموعة من الناس أن يأتي لهم بشيء من مكة والمدينة مثل حجر أو ماء أو قليل تراب أو ما شابه ذلك فكيف يصنع وفقكم الله؟

    الجواب: هذه الوصايا التي أشار إليها أن يأتي إلى من أوصوه بتراب أو ماء أو أحجار من الحرم لا يلزمه أن يفي بها، وله أن يردها عليهم، ولو كانت وصاياهم بأن يدعو الله لهم في هذه المشاعر لكان ذلك أولى وأجدر، إذا استبدل هذه الوصايا بأن يدعو الله لهم في هذه المشاعر بما فيه خيرهم في دينهم ودنياهم كان ذلك أولى وأجدر وأحسن.

    1.   

    حكم التوكيل في رمي الجمار يومي الثالث عشر والرابع عشر بحجة تعجيل السفر

    السؤال: حجينا العام الماضي من الكويت لكن لم نبق في منى إلا يوم العيد واليوم الثاني، وأجرنا من يرمي عنا اليومين الباقيين وسافرنا بعد الوداع طبعاً، وننوي هذه السنة أن نعود إلى ما ذكرنا لكن في أنفسنا شيء مما صنعنا العام الماضي فما حكم هذا العمل وهل نعود هذه السنة؟

    الجواب: العمل الذي فعلوه ليس بصحيح ولا بجائز أيضاً، فإن الواجب على المرء أن يبقى في منى بعد يوم العيد ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر ويوم الثالث عشر إلى أن تزول الشمس، فيرمي الجمرات ثم إن شاء أنهى حجه وتعجل وإن شاء بقي إلى اليوم الثالث عشر فرمى بعد الزوال ثم نزل، وكثير من العامة يظنون أن معنى قوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:203] ، يظنون أن يوم العيد داخل في هذين اليومين فيتعجل بعضهم في اليوم الحادي عشر، وهذا ظن لا أصل له، فإن الله يقول: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة:203] ، والأيام المعدودات هي أيام التشريق، (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) يكون ذلك التعجل في اليوم الثاني عشر؛ لأنه هو ثاني اليومين (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ).

    وأما ما فعله الأخ فإنه يفعله بعض الناس أيضاً ويتعجلون قبل اليومين، فمنهم من يوكل من يقضي عنه بقية حجه كما في هذا السؤال، ومنهم من يزعم أنه يكفيه أن يذبح فدية عن المبيت وفدية عن الرمي ويخرج، وهذا أيضاً ليس بصحيح، والفدية ليست بدلاً عن ذلك على وجه التخيير بينها وبين هذه العبادات، وإنما هي -أي: الفدية- جبر لما حصل من الخلل بترك هذه العبادات، فيكون فعلها جابراً لهذه السيئة التي فعلها وهي تركه لهذا الواجب، وليست -أي: هذه الفدية- قبيلاً معادلاً لفعل واجب، وعليه في العام المقبل إن شاء الله أن يبقى في اليوم الحادي عشر وفي اليوم الثاني عشر، وإذا رمى في اليوم الثاني عشر بعد الزوال فإن شاء تعجل ونزل وطاف للوداع ومشى وإن شاء بقي إلى اليوم الثالث عشر ورمى بعد الزوال ثم نزل وطاف للوداع وسافر.

    مداخلة: إذاً نقول: يجب عليه أن يبقى يوم العيد وهو اليوم العاشر واليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر، هذا واجب للبقاء وإن أراد أن يتعجل في اليوم الثاني عشر فليتعجل؟

    الشيخ: بعد الزوال حتى تزول الشمس ويرمي.

    1.   

    حكم تشغيل شريط القرآن والاشتغال عن سماعه بأي عمل

    السؤال: إذا كنت مشغولاً بأداء واجب مدرسي وفتحت المذياع ووجدت فيه قرآناً يتلى، فأقع في حيرة إن استمريت في أداء واجبي والقرآن يتلى فإن هذا تساهل عن القرآن، وإن أغلقت المذياع كان هذا أمراً لا أرتاح له لأنه إعراض عن ذكر الله سبحانه، هل أترك واجباتي وأستمع أم ماذا وفقكم الله؟

    الجواب: لا تترك واجباتك وتستمع، بل لا بأس أن تغلق المذياع وتوقف القراءة، فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه استمع إلى قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حتى وصل إلى قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا [النساء:41]، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: حسبك)، وأوقفه عن القراءة، فيجوز للإنسان إذا استمع إلى القرآن أن يغلقه ويقتصر على ما استمع منه إذا لم يكن ذلك ناشئاً عن كراهته للقرآن، وإنما أوقفه لغرض مقصود شرعاً كما في سؤال هذا السائل.

    وكونه يقول أيضاً: لا أحب أن أبقيه يقرأ وأنا منشغل بواجباتي فهذا صحيح، فإن من الخطأ ما يفعله بعض الناس يجعلون القرآن يتلى بواسطة المذياع وهم يتكلمون ويمزحون ويخوضون أو يطالعون في أمور أخرى أو يكونون في دكاكينهم وفي محلاتهم يبيعون ويشترون والمسجل يقرأ القرآن أو الراديو، فإن هذا لا ينبغي، وهو خلاف قول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204] ، فنقول: إما أن تنصتوا للقرآن وإما أن تغلقوه ولا حرج عليهم، وقد رأيت كثيراً من محبي الخير وهم يفعلون هذا يتكلمون ويبيعون ويشترون في محلاتهم والقرآن يتلى، وهذا خطأ منهم لا ينبغي لهم ذلك.

    1.   

    الزكاة عن مال الضمان الاجتماعي لو دارت عليه السنة ولم يستلم

    السؤال: نرجو إفتاءنا عن الضمان الاجتماعي هل فيه زكاة لو بقي مع صاحبه المستلم من الضمان ودارت عليه سنة هل يصح فيه زكاة أم لا؟

    الجواب: نعم يجب فيه الزكاة إذا مضى عليه الحول وهو في يد المستفيد، ولكن بهذه المناسبة أود أن أحذر الأخذ من الضمان الاجتماعي من هم ليسوا في حاجة إليه، فإن الضمان الاجتماعي مخصص للمحتاجين فقط وليس لكل أحد، فهو ليس كالراتب الذي تقرره الحكومة، وإنما هو لدفع الحاجة، فمن لم يكن محتاجاً فإنه لا يجوز له أن يأخذ منه شيئاً. والذي فهمته من سؤال السائل أنه ليس بمحتاج إليه؛ لأنه بقي عنده إلى تمام السنة، ومعنى ذلك أنه ليس في حاجة إليه، وعلى هذا فلا يجوز له أخذه، وعلى المرء أن يستغني بما أباح الله له عما حرم الله عليه حتى يبارك له في ذلك، فإنه كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن من أخذ المال من غير وجهه كان كالذي يأكل ولا يشبع ولم يُبارك له فيه).

    مداخلة: مثل الآن الذين يأخذون من الزكاة وهم أغنياء يأخذون من الضمان وهم أغنياء عنه يعتبرون ذلك من بيت المسلمين ويقولون: نحن من المسلمين؟

    الشيخ: ليس بصحيح، هذه الحقيقة إما جهل أو تجاهل منهم، فالضمان الاجتماعي مخصص، ولهذا فيه لجنة لتقصي الحقائق وهل هو مستحق أو غير مستحق؟ ولو كان لعموم الناس بدون قيد حاجة محدودة لما وضع هذه اللجنة التي تفحص وتنظر.

    1.   

    ما يلزم من حلف على الامتناع من شيء ثم تناوله

    السؤال: يقولان: هل إذا حلفت عن شيء وأخذته هل فيه إثم أم لا؟

    الجواب: الحلف بالله سبحانه وتعالى لا ينبغي للإنسان أن يكون ديدناً له، بل يجب عليه أن يكون معظماً لله عز وجل، وألا يحلف إلا إذا كان ثمة حاجة، وإن كان الحلف يجوز بدون حاجة من للاستحلاف لكان الأولى ألا يكثر؛ لقوله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] ، فإن بعض المفسرين يقولون المراد: لا تكثر اليمين بالله سبحانه وتعالى، ولكن مع ذلك إذا حلف على شيء وخالف ما حلف عليه، فإن كان قد قال: إن شاء الله في حلفه فلا ضرر عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله لم يحنث)، وإن كان لم يقل: إن شاء الله في يمينه فإنه إذا فعل ما حلف عليه وجبت عليه الكفارة، إذا كان عالماً ذاكراً مختاراً، والكفارة هي: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة، وليعلم الأخ السائل أن اليمين على الماضي ليست بيمين منعقدة، مثل لو قال: والله ما صار هذا الشيء، ثم تبين أنه قد صار فإنه ليس عليك كفارة، بل نقول: إذا حلفت على شيء ماضٍ فإن كنت صادقاً فلا شيء عليك، وإن كنت كاذباً فعليك إثم الكذب واليمين الكاذبة، وليس فيها كفارة؛ لأن الكفارة لا تكون إلا على يمين قصد عقدها على مستقبل.

    مداخلة: لكن هذا فيه إثم التلاعب بالحلف بالله عز وجل إذا حلف على شيء أنه لم يقع وهو يعرف أنه قد وقع وهو يعلم أنه لا كفارة عليه وإنما حلف ليرضي خصمه.

    الشيخ: هو على كل حال فيه إثم الكذب وإثم اليمين في هذا.

    مداخلة: أشرتم إلى أن الشخص إذا حلف وقال: إن شاء الله، هذا قد لا يكون يميناً لأنه ليس في منزلة اليمين؛ لأنه في حل من أمره إن أراد سمع وإن أراد لم يسمع؟

    الشيخ: ولكنه يمين، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( من حلف على يمين فقال: إن شاء الله لم يحنث)، وهو يمين في الحقيقة لأنه قسم بالله ولكنه يمين علق بمشيئة الله، فكأن الإنسان قد تبرأ من حوله وقوته وجعل الأمر إلى الله، فلما جعل الأمر إلى الله صار إذا خالف فقد خالف بمشيئة الله ولا شيء عليه، ولهذا اختلف العلماء إذا قال: إن شاء الله للتبرك أو للتعليق، إذا قال للتبرك هل تنفعه أو لا تنفعه؟ اختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنها تنفعه مطلقاً لعموم الحديث فمثلاً: قد يقول الحالف: والله إن شاء الله لأفعلن كذا ويقصد بقوله: إن شاء الله تحقيق الأمر والتأكيد دون التعليق بمشيئة الله، فمن العلماء من يقول: إذا لم يقصد التعليق فإنه يحنث؛ لأنه ما رد المشيئة إلى الله، وإنما أكد ذلك لكونه بمشيئة الله، ومنهم من يقول: إنه إذا قال: إن شاء الله مطلقاً سواء قصد التحقيق أو التعليق فإنه لا شيء عليه وهذا الأخير اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية لعموم الحديث.

    1.   

    حكم إهمال الدواب وعدم العناية بها بعد الاستغناء عنها بالسيارة

    السؤال: الناس استغنوا بالسيارات عن الدواب وتركوها هل يأثمون بتركها أم مكلفون بإطعامها؟

    الجواب: ليسوا مكلفين بإطعامها إلا إذا كان الحيوان مملوكاً للإنسان فإنه يجبر إما على إطعامه أو بيعه أو ذبحه أو تأجيره.

    المهم إذا كان مسئولاً عنه وجب عليه قوته وإلا فليس عليه شيء في ذلك.

    بناءً على الكلام لو فُرض أن إنساناً أراد أن يسيب هذه البهيمة التي استغنى عنها فإنه لا حرج عليه في ذلك؛ لأن حديث جابر رضي الله عنه في جمله الذي أعيا قال: (فأردت أن أسيبه)، فدل هذا على جواز تسييب الحيوان إذا لم يكن فيه مصلحة ومنفعة يتركه يرعى حتى يقضي الله عليه ما يقضي، وكذلك أيضاً صاحبة الهرة التي قال فيها الرسول عليه الصلاة والسلام: ( عذبت امرأة في هرة لها حبستها لا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض)، دل هذا على أنها لو أرسلتها تأكل من فتات الأرض برأت من عهدتها، وهكذا أيضاً هذه الحيوانات لو استغنى الناس عنها وسيبوها في البراري ترعى وتأكل لم يكن عليهم في ذلك بأس إلا إذا أرسلوها في مواطن تضر الناس، لو جعلوها بين المزارع بحيث تؤذي المسلمين فهذا لا يجوز لهم.

    مداخلة: الطرقات الآن أصبحت مثلاً البلاد ممتدة فيها طرق السيارات ويتعرض المسافرون إلى هذه الحيوانات وتحدث حوادث رهيبة؟

    الشيخ: صحيح ما قلت، وعلى هذا فإذا أرادوا أن يسيبوها لا يكون حول هذه الطرق.

    مداخلة: لكن أليس من الأفضل القضاء على هذه الحيوانات قبل تسيبها؟

    الشيخ: ما أدري مادام أنها تقدر أن تعيش، نعم لو وصلت إلى حالة لا تعيش فيها وهو لا يمكن أن ينتفع بها في المستقبل، فحينئذ نقول بجواز إتلافها؛ لأن بقاءها بدون إنفاق عليها تعذيب لها، والإنفاق عليها بدون جدوى لا حاضراً ولا مستقبلاً إضاعة للمال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، فذبحها هنا لإراحتها لا حرج فيه فيما أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756265492