إسلام ويب

دراسة موضوعية [16]للشيخ : عبد الرحيم السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من عقيدة أهل السنة توقير الصحابة رضي الله عنهم واعتقاد فضلهم ورعاية حقهم، وإنزالهم المنزلة اللائقة بهم، والترضي عنهم، وعدم انتقاص أحد منهم، ويجانبون طريقة الشيعة الضلال الذين يكرهون الصحابة ويطعنون فيهم.

    1.   

    اختيار الصديق الصالح والحذر من قرين السوء

    قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في كتابه حلية طالب العلم: [الفصل الرابع: أدب الزمالة.

    الأدب الثالث والعشرون: احذر قرين السوء.

    كما أن العرق دساس، فإن أدب السوء دساس، إذ الطبيعة نقالة، والطباع سراقة، والناس كأسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض، فاحذر معاشرة من كان كذلك، فإنه العطب، والدفع أسهل من الرفع].

    يعني: دفع أي صفة، أو أي طبع من الطباع الرديئة قبل أن تحصل في الإنسان في البداية، أسهل وأخف من رفعها بعد أن تصبح جزءاً أساسياً في حياته، فمثلاً: أدب من الآداب السيئة، سواء في صديق تلازمه، أو في بيئة تعيش فيها، أو نحو ذلك، فدفعها عنك قبل أن تحصل في نفسك أسهل من رفعها بعد أن تتمكن في نفسك؛ لأن الدفع أسهل بكثير من الرفع.

    قال رحمه الله: [وعليه، فتخير للزمالة والصداقة من يعينك على مطلبك، ويقربك إلى ربك، ويوافقك على شريف غرضك ومقصدك، وخذ تقسيم الصديق في أدق المعايير].

    لا شك أن للصداقة دوراً كبيراً في الصفات، والأخلاق، والآداب..، ونحو ذلك؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يكون دقيقاً في اختيار الأصدقاء والأصفياء والأوفياء، وهذا الاختيار يعود إلى حسن فراسة الإنسان في الأشخاص، وإلى حسن اختياره للأصدقاء؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يختار من الأصدقاء من تتحقق فيه الصفات المفيدة التي ينتفع الإنسان بها، وليحذر من الأشخاص الذين لديهم صفات سيئة ورديئة.

    مثال ذلك: قد يبتلى الإنسان في بعض الأحيان بصديق يُكثر النقد والذم والسب لأهل العلم، فتجد أنه بدل أن يذكر الله عز وجل، وبدل أن يشتغل بالعبادة، وبدل أن يشتغل بما ينفعه، يشتم ويسب وينقد من هو أكبر منه علماً وفضلاً، ولهذا إذا صاحبت مثل هذا الشخص فإنك بعد زمن ستشعر أنك مثله؛ لأن الصديق يدفع صديقه من حيث لا يشعر إلى محاكاته، وإلى التشبه به.

    واختيار الصديق موضوع كبير، ويندر أن تجد الصديق الصادق، إذ لا تكون معايير الإنسان في اختياره للأصدقاء مثالية، فإن المجتمع كما تلاحظون مليء بالأخطاء، ومليء بالزلات؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يختار من يجد فيه أفضل المقاييس بالنسبة للواقع الذي يعيش فيه، وإلا فإن الصديق الوفي -كما يقولون- أندر من الكبريت الأحمر، الكبريت الأحمر معدن نفيس نادر لا يكاد يوجد، فالصديق الوفي الذي تتوفر فيه الأوصاف التامة الكاملة نادر جداً.

    بل أنت إذا نظرت إلى نفسك ستجد أن عندك تقصيراً وعندك خطأ؛ ولهذا المطلوب من الأصدقاء أن يعين بعضهم بعضاً على الخير، لكن هناك حد أدنى من الآداب ينبغي أن تكون في أي صديق:

    أولاً: أن يكون إنساناً صالحاً يدفعك إلى الذكر.

    الأمر الثاني: أن يكون مشتغلاً مثلاً بطلب العلم، ومشتغلاً بما ينفعه.

    الأمر الثالث: أن يكون بعيداً عن الطعن في الناس، وخصوصاً أهل العلم، فلا يطعن في أهل العلم ولا يذكر المثالب والعيوب..، ونحو ذلك، وينبغي أن يكون الصديق أيضاً حسن الأخلاق في التعامل معهم، وهكذا يعين الأصدقاء بعضهم بعضاً على الخير.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وخذ تقسيم الصديق في أدق المعايير:

    1- صديق منفعة.

    2- صديق لذة.

    3- صديق فضيلة.

    فالأولان منقطعان بانقطاع موجبهما، المنفعة في الأول واللذة في الثاني.

    وأما الثالث فالتعويل عليه، وهو الذي باعث صداقته تبادل الاعتقاد في رسوخ الفضائل لِدى كل منهما.

    وصديق الفضيلة، هذا عملةٌ صعبة يعز الحصول عليها.

    ومن نفيس كلام هشام بن عبد الملك المتوفى سنة (125هـ) قوله: ما بقيَ من لذات الدنيا شيءٌ إلا أخ أرفع مئونة التحفظ بيني وبينه انتهى.

    ومن لطيف ما يقيد قول بعضهم: العزلة من غير عين العلم زلة، ومن غير زاي الزهد علة].

    المقصود هو ما أشرت إليه سابقاً من أهمية اختيار الصديق صاحب الخلق الحسن والصفات الطيبة، بحيث إنه يمكن للإنسان أن يعين صديقه على الارتفاع عن سفاسف الأمور، وعلى الارتفاع عن الأخلاق الرديئة، وعلى الارتفاع عن زلات اللسان والطعن والذم في أهل العلم، وعلى التأدب قدر المستطاع بأدب النبوة..، وهكذا.

    وما أشار إليه نقله من كتاب العزلة للخطابي ، والعزلة معناها: الانعزال عن الناس من غير علمٍ، يعني: إذا انعزلت عن الناس بدون علم، فالعزلة من غير عين العلم زلة، يعني: أنت تأخذ العزلة، فإذا حذفت العين منها تجد أنها زلة، ووجد أن العلم هو الوصف الذي يضبط هذه العزلة إذا حصلت بالنسبة للإنسان، ومن غير زاي الزهد علة، فلا بد إذاً للعزلة من أمرين وهما: العلم، والزهد.

    1.   

    الابتعاد عن مفسدات الصداقة والزمالة

    من الآداب فيما تتعلق بالزمالة أن يجتهد الإنسان إذا زامل أخاً له، في الابتعاد عن مفسدات الصداقة والزمالة، مثل الحسد؛ فإن الحسد -والعياذ بالله- يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، فهو مفسد للعلاقة ويسبب الغموم والهموم، وهو الذي يفرق الناس إلى أحزاب وشيع، فتجد الشخص إذا حسد أحداً يقترف من الأعمال الرديئة الشيء الكثير.

    أولاً: الطعن في الناس، فتجد أنه يحب أن يطعن في هذا الشخص، ويحب أن يقلل من قدره.

    الأمر الثاني: أنه يحب أن يضايقه وأن يؤذيه بأي أسلوب من أساليب الإيذاء.

    الأمر الثالث: تجد أنه يحترق من الداخل عندما تحصل لمن يحسده نعمة، أو تحصل له كرامة، أو يحصل له خير، أو يحصل له فضل معين؛ ولهذا:

    كل العداوات قد ترجى مودتها إلا عداوة من عاداك عن حسد

    ويقول الآخر:

    وإذا الفتى بلغ السماء بمجده جاءتك أعداد النجوم عداه

    ولهذا ينبغي للإنسان أن يبتعد عن الحُّساد، كما أنه ينبغي أن يزيل هذه الصفة الرديئة من نفسه، وأن لا يكون حاسداً لإخوانه، بل ينبغي أن نجتهد في أن نتمنى لإخواننا الخير أكثر وأكثر، فإن الحسد من أعظم الأمور التي تفرق الكلمة وتفرق المسلمين وتجعلهم شيعاً وأحزاباً وجماعات كل منها لا تثق بالأخرى، ولا تريد لها الخير، ولا تريد لها النجاح، ولا تريد لها الفلاح؛ بل قد يسعى بعض الأفراد إلى إفساد دعوة أو إفساد خير أو شيء من الأمور المشروعة بسبب هذا المرض، خصوصاً فيما يتعلق بالأقران.. حتى إن بعض أهل العلم قال: إن كلام الأقران في بعضهم يطوى ولا يروى؛ لأنه في الغالب يكون دافعه إما العلو والاستكبار، أو دافعه الحسد فيما بين هؤلاء الأقران، والحسد والعلو كلاهما من الصفات الرديئة المذمومة التي ينبغي البعد عنها.

    1.   

    من آداب الطالب في حياته العلمية: كبر الهمة في طلب العلم

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [الفصل الخامس: آداب الطالب في حياته العلمية.

    كبر الهمة في العلم:

    من سجايا الإسلام التحلي بكبر الهمة].

    الهمة: هي صفة وغريزة تكون عند الإنسان، قد ينميها فتكون صفة مرتفعة وعالية وكبيرة في نفسه، وقد يضعفها فتكون حقيرة ودنيئة؛ ولهذا ليست أوصاف الناس سواءً، تجدون الشجاع والجبان، وتجدون البخيل والكريم، وتجدون صاحب الإحسان والشخص الذي يسيء إلى الخلق، وتجدون أوصافاً متعددة، ومن ذلك أنك قد تجد إنساناً كبير الهمة عالي الإرادة، وتجد في المقابل شخصاً دنيء الهمة ضعيفاً يتتبع سفاسف الأمور ومحقرات الأشياء.

    وأنت في الحقيقة بإمكانك أن ترفع همتك، بحيث إنك تتجاوز الأمور الصغيرة والبسيطة، وأضرب لكم مثالاً:

    بعض الناس إذا كان لديه مشروع أو كان لديه عمل، أو كان لديه فكرة، أو كان لديه إرادة في طلب العلم، أو كان لديه دعوة، ينظر إلى نفسه بنظرة ضعيفة وهزيلة وحقيرة إلى درجة كبيرة جداً، ويقول: من أنا حتى أغيَّر هذا المجتمع؟ ويقول: من أنا حتى أستطيع أن أؤثر في طبقة من الطبقات العليا في المجتمع؟ ويقول: هل تتصورون أنني فعلاً سيكون لي دور كبير، بحيث إني أكون مؤسساً لأعمال دعوية كبيرة؟

    أقول: ينبغي أن نربي أنفسنا على علو الهمة، فبإمكانك أن تصنع كل ما تجعله أمام عينيك إذا اعتمدت على الله عز وجل، واتخذت الأسباب، واجتهدت.

    وهناك فرق بين علو الهمة والمثالية:

    فالمثالية معناها: أن الإنسان يتخيل أنه يمكن أن يطبق أشياء لا يمكن تطبيقها في الواقع، كأن يقول: أنا إن شاء الله خلال هذه السنة سأجمع الدول الإسلامية كلها وأجعلها قوية، ولها جيش واحد قوي، يواجه أمريكا ويواجه الدول الأوروبية كلها ويكتسحها، ويخرج الأمريكان من ديارهم في سنة واحدة! فهذه مثالية غير ممكنة في الواقع؛ لأننا نعرف طباع الناس، ونعرف أحوال المجتمعات؛ وهي فالمثالية هي الأفكار غير الواقعية، يعني: التي لا يمكن تطبيقها في الواقع بهذه الصورة، وقد يمكن تطبيق الفكرة لكن تحتاج إلى فترة طويلة من الزمن، فربما تحتاج أربعين سنة، خمسين سنة، مائة سنة، مائتين سنة؛ لأن بناء المجتمعات يحتاج عمراً طويلاً.

    لكن هناك علو همة، افترض أن شخصاً يضع سير أعلام النبلاء أمامه، أو يضع فتح الباري أمامه ويقول: هل تتصور أني من الممكن أن أقرأ هذا؟ نقول: ممكن أن تقرأه، وأن تقرأه أكثر من مرة، فليس هناك مانع، لأن هذا أمر ممكن في الواقع، لكنه عالٍ؛ فكثير من الناس لا يربي نفسه على العلو.

    من أسباب ضعف علو الهمة

    ومما يجعل الهمة تضعف عند كثير من الناس: تعظيم الآخرين إلى درجة، فبعض الناس قد يعظّم شيخه، أو يعظّم عالماً من العلماء، أو قائداً من القواد، أو شخصاً من الأشخاص، فيرى أنه لا يمكن أن يصل إلى مرتبته، مع أنه بإمكانه أن يصل إلى مرتبته وأكثر إذا كان عنده همّة عالية، وكان عنده تنظيم لوقته، وكان عنده قدرة على ترتيب أحواله.

    مما يسبب انخفاض الهمة وضعفها: أن بعض المربين سواء الآباء أو الأساتذة أو المشايخ يستخدم أسلوباً معيناً يغرس في نفس من يرافقه أنه سيبقى بهذا المستوى إلى الموت! وأن أعلى مستوى يمكن أن يصل إليه الإنسان هو هذا المستوى، أو هو مستوى فلان أو مستوى فلان! وهذا غير صحيح، وهذا الكلام غير واقعي أيضاً.

    وبعضهم لديه توجيه معين، كأن يكون أستاذاً في مدرسة أو في معهد، أو مشرفاً على مؤسسة، أو لديه أي عمل من الأعمال الإشرافية على الأشخاص، فيجب أن لا يجعل ذاته هو المحور، فبعض الناس لا يهمه إلا ذاته ومدح الناس له، فهو يحاول أن يجعل مستواهم منخفضاً، حتى ينظروا إليه أنه أفضل إنسان! وهذا ظلم للأمة، فيجب أن نفجر طاقات الناس قدر ما نستطيع، وبعض الأحيان قد تضعف همتي فلا أستطيع أن أصل إلى مرتبة كبيرة، لكن تلميذاً من تلاميذي همّته تصل إلى أعلى بكثير من همتي، فهمتي أنا ضعفت وهمته علت؛ ولهذا كان العلماء القدامى يربون تلاميذهم، فالذين كانوا يدرسون ابن تيمية رحمه الله مجهولون غير معروفين، فهم معروفون بأسماء محدودة ولم يقدموا من الأعمال ما قدمه ابن تيمية ، تخيلوا لو أن ابن تيمية وهو يدرس على هؤلاء يجد التحطيم منهم، ويجد الرد والنقد اللاذع منهم، ويجد الاستحقار والاستهانة والإشعار بالدونية؛ فهل تتصورون أن النفسية هذه ستتحمل الصعاب التي واجهها ابن تيمية رحمه الله وصار على مستوى عالٍ جداً؟

    لن تتحمل، ولهذا فمن أخطائنا نحن على مستوى المربين، وعلى مستوى المدرسين، وعلى مستوى أي موجه أو أي مشرف هو أن الإنسان ينظر إلى ذاته، ويريد من الآخرين أن يكونوا تحته، ويجب أن يكونوا هكذا! وهذا ظلم وعدوان، فيجب علينا أن نزيل مثل هذه المظاهر، لكن ليس بالشغب، أو ترك أعمال جماعيةٍ أو أعمال خيّرة أو فاضلة يجتمع فيها الدعاة والصالحون، أو المدارس بعضها مع بعض، أو تضطر أن تكون جريئاً على أستاذك فتتكلم عليه بكلام سيئ؛ لكن بالمناصحة، وأن يكون لدينا من الشجاعة الأدبية ما نستطيع أن نواجه به مثل هذه الأخطاء القائمة.

    إذاً: ينبغي على المشرفين على أي عمل من الأعمال أن يفجّروا طاقات المجموعات، كأن يفجّر من نفوس هؤلاء أن يكونوا قادة، وقد ذكر أن دكتوراً في جامعة من الجامعات كان يُدَرِّسُ مرحلة البكالوريوس، وكان هذا الدكتور يدرس مادة المنطق، وغالب طلاب البكالوريوس لا يعرفون هذا العلم، ويعتبر علماً مجهولاً بالنسبة لهم؛ فيتساءلون: كيف يدرسون هذا العلم؟ وكان هذا الأستاذ في أول محاضرة من محاضراته يدرس المجموعة الجديدة الصغيرة التي لا تعرف علم المنطق الجديد، وكان بإمكانه أن يصور لهم العلم بأسلوب سهل جداً، ويبين لهم أن الموضوع سهل، وبإمكانهم أن يتعلموه، ويشجعهم على هذا الأمر! لكن انظروا ماذا فعل؟

    فالدكتور معروف في شخصيته أنه يحب من الطلاب أن يرفعوه ويعطوه مكانة كبيرة ويمدحوه ويثنوا عليه، وله بضاعة من العلم فيها خير، وله مذكرة تدرس في الدراسات العليا، فقال له طالب من الطلاب: يا أستاذ! لماذا لا تأتي بالمذكرة التي تدرس في الدراسات العليا، وتجعلنا نطّلع عليها لننظر ما فيها؟ فقال له: كيف تقولون ذلك وأنتم ما زلتم في مرحلة بكالوريوس! فأنت لو تقرأ هذه المذكرة التي تدرس في الدراسات العليا فإن عقلك سيكل ولن تفهم شيئاً!

    فالطالب حين يجد الاستهزاء من أستاذه بهذه الطريقة سيقتنع بذلك، خصوصاً إذا كان يرى أن هذا الأستاذ محترم وأنه المتخصص في هذا الباب، وله مكانة كبيرة! وسيتحطم داخلياً، وأنه لا يمكن أن يفهم هذا العلم أبداً إلا هو؛ علماً أن المسألة أبسط من هذا بكثير، فقد اكتشف هؤلاء الطلاب أن فهم هذا الأستاذ لهذا العلم محدود، وأنه بإمكان هؤلاء الشباب الصغار أن يفهموا هذا العلم ويتجاوزوه وينقدوه.

    ومن اللطائف: أن أحد الطلاب كان من الأذكياء، وأثناء تدريس المادة كان يعترض على الدكتور مع أنه صغير، فكان الدكتور يقول له: أنت تذكرني بنفسي لما كنت صغيراً، وهذه نظرة غريبة، فهذه العقلية يفكر بها أعداد غير قليلة ممن يتولى التدريس في المدارس، أو يتولى أي عمل من الأعمال، فتجد أنه يحطم همة الآخرين.

    فهذه زاوية من الزوايا الموجودة في إضعاف الهمة، مع أن الواجب على الإنسان أن لا يعتمد على الغير دائماً في تقوية الهمة، يعني: لا تعتمد دائماً على أستاذك في تقوية همتك! بل قوِّ همتك ذاتياً، فيكون عندك عمل ذاتي في تقوية الهمة وتشجيع النفس بغض النظر عن الآخرين، سواء أثنى عليك أو لم يُثنِ عليك، أو سواء شجعك أو لم يشجعك، فلا يهمك هذا.

    1.   

    عقيدة أهل السنة في الصحابة

    والصحابة: جمع صحابي، والصحابي: هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مؤمن به ومات على ذلك.

    فنلاحظ أن أركان هذا التعريف ثلاثة:

    أولاً: أن يلقى النبي صلى الله عليه وسلم، واللقيا لا يشترط فيها أن يراه بعينه، فالأعمى إذا لقي النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يكون من الصحابة.

    والأمر الثاني: أن يلقاه وهو مؤمن به، فإذا لقيه وهو كافر لم يعتبر من الصحابة.

    والأمر الثالث: أن يموت وهو مؤمن، فإذا لقيه ثم كفر ومات على الكفر فإنه لا يعتبر من الصحابة.

    فهذه ثلاثة ضوابط في الصحابة، فمن لقي النبي صلى الله عليه وسلم ولو مرة واحدة فإنه يعتبر من الصحابة.

    والدليل على أن من لقي النبي صلى الله عليه وسلم ولو مرة واحدة يعتبر من الصحابة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف النسوة اللاتي التقين بيوسف عليه السلام لمرة واحدة بأنهن صواحبه، وذلك عندما قال لـعائشة رضي الله عنها: (إنكن صواحب يوسف) فالصحبة يمكن أن تطلق حتى وإن كانت اللقيا لمرة واحدة؛ فينبغي التنبه لهذا الأمر.

    قال ابن أبي داود رحمه الله تعالى:

    [وقل إن خير الناس بعد محمد وزيراه قدماً ثم عثمان أرجح

    ورابعهم خير البرية بعدهم علي حليف الخير بالخير منجح

    وإنهم الرهط لا ريب فيهم على نجب الفردوس بالنور تسرح

    سعيد وسعد وابن عوف وطلحة وعامر فهر والزبير الممدَّحُ

    وسبطي رسول الله وابني خديجة وفاطمة ذات النقاء تبحبحوا

    وعائش أم المؤمنين وخالنا معاوية أكرم به ثم امنح

    وأنصاره والهاجرون ديارهم بنصرهم عن ظلمة النار زحزحوا

    ومن بعدهم والتابعون بحسن ما حذوا حذوهم قولاً وفعلاً فأفلحوا

    وقل خير قول في الصحابة كلهم ولاتك طعاناً تعيب وتجرح

    فقد نطق الوحي المبين بفضلهم وفي الفتح آي للصحابة تمدح]

    هذا المقطع هو في باب الصحابة، ونلاحظ أنه اشتمل على مجموعة من المسائل سيأتي الحديث عنها إن شاء الله.

    أولاً: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم عدول وثقات وممدوحون بحكم القرآن، كما قال:

    فقد نطق الوحي المبين بفضلهم وفي الفتح آي للصحابة تمدح

    والمقصود بهذه الآية التي قال إنها في سورة الفتح قوله: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا [الفتح:29] تلاحظون أن المدح هنا عام يشمل الصحابة جميعاً، قال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ [الفتح:29] فهي ليست خاصة بفئة، فيدخل فيها المتقدمون من الصحابة الذين أسلموا في بداية دعوته، ومسلمة الفتح، ويشمل أيضاً الطلقاء، الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، فإن هؤلاء عندما أسلموا في بداية الأمر كانوا أضعاف الإيمان، ثم حسن إسلامهم، حتى صاروا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان بعضهم حدثاء عهد بكفر، وهذا لا يعيب أحداً؛ لأن الإنسان حين يسلم يكون حديث عهد بكفر، ثم يحسن إسلامه بعد ذلك، ثم يتدرج في مراتب الأعمال الصالحة، وفي مدارج الإيمان حتى يبلغ مراتب عالية؛ ولهذا فإن آية الفتح تشمل مدح جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دون تفصيل، قال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا [الفتح:29] وصفهم بخمسة أوصاف، ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ [الفتح:29]، ثم ذكر مثلهم في الإنجيل: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29] والمقصود بالكفار في هذه الآية: الذين يدفنون الذرة عند الحراثة، فالكفر هو التغطية، كما قال أهل العلم، ثم ختم الآية بقوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح:29] فهذه الآية في مدح عموم الصحابة.

    والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) ولو راجعتم صحيح البخاري لوجدتم فيه كتاب المناقب، وتجدون فيه فضائل الصحابة، وكذلك صحيح مسلم ، والسنن الأربع، وأفرد بعض أهل العلم كتباً خاصة في فضائل الصحابة ومناقبهم، مثل: ابن مندة ، والإمام أحمد بن حنبل رحمه الله له كتاب خاص في فضائل الصحابة طُبِعَ في مجلدين.

    تفاضل الصحابة رضوان الله عليهم فيما بينهم

    وهذا يدل على أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم من أهل الفضل والخير، لكن بعضهم أفضل من بعض، وأهل الفضل قد يتفاضلون في المعنى فضلوا من أجله، فالصحابة الذين أسلموا قبل الفتح أفضل من الذين أسلموا بعد الفتح، كما هو وارد أيضاً في سورة الفتح؛ والمقصود بالفتح صلح الحديبية، فكل من أسلم قبل صلح الحديبية فهو أفضل ممن أسلم بعد صلح الحديبية، ثم الذين أسلموا قبل الفتح يتفاضلون فيما بينهم؛ فأفضلهم على الإطلاق هم المهاجرون، والمهاجرون أفضل من الأنصار؛ لأنهم أقدم إسلاماً، وناصروا النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجروا معه صلى الله عليه وسلم، فهذه ثلاثة أشياء جعلتهم أفضل من الأنصار؛ بينما الأنصار لم تحصل منهم الهجرة، فالهجرة عمل إضافي فاضل بالنسبة لهؤلاء المهاجرين ففضلوا به.

    وقد ورد تقديمهم في سورة الحشر: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحشر:8] فقُدِّموا على الأنصار، ثم جاءت الآية الثانية في الأنصار: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9] إذاً: الأولى في المهاجرين، الثانية في الأنصار، ثم في الثالثة: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر:10].

    ولهذا سيأتي معنا عند التعليق على هذه الآية أن من صفة أهل الإيمان أنهم يثنون على المؤمنين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، ويحبونهم ويقدرونهم، ولا يسبونهم ولا يتكلمون فيهم بأي نوع من أنوع الكلام.

    ثم أفضل المهاجرين العشرة الذين جُمِعُوا في حديث واحد وبشروا بالجنة، وأفضل هؤلاء العشرة هم الخلفاء: أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي بهذا الترتيب.

    قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: [وأصحابه خير أصحاب الأنبياء عليهم السلام].

    الدليل على أن الصحابة خير من أتباع الأنبياء جميعاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خير القرون)، وهذا يشمل القرون من عهد آدم عليه السلام إلى اليوم، (خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، فهذا يدل على أنهم خير القرون، ولهذا فضِّل أبو بكر على مؤمن آل فرعون مع فضله ومكانته.

    قال: [وأفضل أمته أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين، لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنا نقول والنبي صلى الله عليه وسلم حي: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره)].

    هذا الحديث أصله في صحيح البخاري .

    فأفضل الخلق هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، وليس في رواية البخاري (وهو حي) ولا ذكر علي رضي الله عنه.

    ثم رواه غير البخاري ، وممن رواه الترمذي وفيه زيادة: (وهو حي) وهذه الزيادة صحيحة.

    وأما ذكر علي في هذا الحديث فإنه غير موجود في روايات الحديث، ويبدو أنه خطأ من النُّساخ، وإنما كانوا يقولون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل الناس أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان . بل ورد في بعض الأحيان: ثم نسكت، لكن أجمع أهل السنة على أن أفضل الناس بعد عثمان هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وستأتي الإشارة لهذا الكلام في العقيدة الواسطية إن شاء الله.

    قال: [وصحت الرواية عن علي رضي الله عنه أنه قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، ثم عمر ولو شئت لسميت الثالث].

    هذا الحديث حديث صحيح، وقد روي عنه أنه قال هذا القول وهو على أعواد المسجد الذي كان بالكوفة، وفي هذا رد صريح على الشيعة الذين يفضلون علي بن أبي طالب رضي الله عنه على أبي بكر وعمر ؛ فكيف بالذين يطعنون في خلافة أبي بكر وعمر ؛ وكيف بالذين يسبون أبا بكر ، وعمر ؛ وكيف بالذين يكفِّرون أبا بكر وعمر ، ولهذا لو أن إنساناً فضّل علياً رضي الله عنه على أبي بكر وعمر فإنه يعتبر مبتدعاً ضالاً بمجرد التفضيل؛ لأنه مخالف لإجماع المسلمين، ومخالف لما تواتر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: خير هذه الأمة أبو بكر ، ثم عمر ؛ فكيف لو زعم أن خلافة أبي بكر وعمر غير صحيحة! هذا يكون ضالاً وضلاله أشد، فإذا سبهم فإن انحرافه أكبر، فإذا كفرهم فلا شك في كفره.

    قال رحمه الله: [وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما طلعت الشمس ولا غربت بعد الأنبياء والمرسلين على أفضل من أبي بكر).

    وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لفضله وسابقته، وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع الصحابة على تقديمه ومبايعته، ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة، ثم من بعده عمر رضي الله عنه لفضله، وعهد أبي بكر إليه].

    هذا بالنسبة للخلافة، وهناك فرق بين الفضل والخلافة، فالخلافة هي على الترتيب التالي: أجمع المسلمون على أن الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر ، ثم عمر بتولية أبي بكر له، وبإقرار الأمة وتفويضها لـأبي بكر في ذلك، ثم عثمان لاختيار أهل الشورى له، ثم علي بن أبي طالب ؛ لأنه هو أفضل من بقي من أهل الشورى، وبايعته الأمة واستقرت خلافته بدون إشكال، ففي الخلافة هكذا يكون الترتيب بالإجماع، وأما بالنسبة للفضل فالإجماع يقف عند عمر ، فأفضل الصحابة أبو بكر ، ثم عمر ، وقد وقع خلاف بين أهل السنة في أيهما أفضل: عثمان أم علي ؟

    والصحيح أن عثمان أفضل ثم علي بعده، لحديث ابن عمر السابق، لكن بعض أهل العلم رأى أن علي بن أبي طالب أفضل، وذكر بعض مناقب علي بن أبي طالب ، ولا شك أنهم كلهم من أهل الفضل، وأنهم كلهم من أهل المناقب؛ فمثل هذا الخلاف لا يبدع فيه المخالف، فلو أن إنساناً قال: إن علي بن أبي طالب أفضل من عثمان ! لا نعتقد بأنه مبتدع، لكن لو قال: إن علي بن أبي طالب قبل عثمان في الخلافة، وإن خلافة عثمان ليست صحيحة! فهذا يصير ضالاً، فموضوع الخلافة والمجمع عليه أن عثمان قبل علي ، وأن خلافة عثمان صحيحة مجمع عليها، وأما الفضل ففيه خلاف، والصحيح أن عثمان أفضل، رضي الله عنهم جميعاً، وإذا وجد من يقول بأن علياً رضي الله عنه أفضل من عثمان ! فإنه لا يضلل في مثل هذه الحالة.

    قال رحمه الله: [ثم عثمان رضي الله عنه، لتقديم أهل الشورى له، ثم علي رضي الله عنه لفضله وإجماع أهل عصره عليه.

    وهؤلاء الخلفاء الراشدون المهديون، الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ)، وقال صلى الله عليه وسلم: (الخلافة من بعدي ثلاثون سنة) فكان آخرها خلافة علي رضي الله عنه].

    إن حديث: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) لم يحدد فيه من هم هؤلاء الخلفاء؟ لكن إذا جمعت بينه وبين حديث: (الخلافة من بعدي ثلاثون سنة) عرفت أن المقصود بهؤلاء الخلفاء هم الأربعة الذين جاءوا من بعده، لأن قوله: (الخلافة من بعدي ثلاثون سنة) حديث صحيح رواه أحمد والترمذي ، وحسن إسناده الشيخ الألباني رحمه الله تعالى، وهو آية من آيات النبوة؛ لأن الخلافة الراشدة استمرت ثلاثين سنة، ثم حصلت المحنة والفتنة بين الصحابة بعد ذلك، ثم بدأ الملك من زمن معاوية رضي الله عنه، ثم بعد ذلك ورَّثَ هذا الملك لابنه يزيد ، مع أن الواجب أن تكون شورى، ثم حصل بعد ذلك أن انتقلت من حالة الخلافة إلى حالة الملك العادل، وإن كان ليس في مستوى الخلافة.

    1.   

    موقف أهل السنة من الفتن التي وقعت بين الصحابة

    وهنا نحب أن نشير إلى مسألة مهمة: وهي أن ما شجر بين الصحابة رضوان الله عليهم، وما وقعوا فيه من الفتنة المشهورة، يجب على الإنسان فيه عدة أمور:

    الأمر الأول: عدم الخوض فيها، وترك ما شجر بين الصحابة.

    وهذا هو الذي اتفق عليه علماء أهل السنة والجماعة، لأن قراءة ما شجر بين الصحابة رضوان الله عليهم قد تدعو الإنسان إلى أن يقع في عرض أحد الصحابة رضوان الله عليهم، وإذا كانت غيبة الناس محرمة، فغيبة هؤلاء أشد.

    الأمر الثاني: اعتقاد أن الصحابة رضوان الله عليهم كلهم فضلاء حتى الذين وقعوا في الفتنة، وإن كان بعضهم أفضل من بعض، فعندما حصلت الفتنة فأفضل الناس في تلك الفترة هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم جميعاً هم من فضلاء الصحابة، لكن علي بن أبي طالب أفضل منهم؛ لأن معاوية وعمرو بن العاص أسلما بعد صلح الحديبية؛ بينما علي بن أبي طالب من السابقين الأولين في الإسلام.

    وأصح موقف من المواقف فيما يتعلق بالفتنة هو موقف الذين أمسكوا عن الفتنة؛ فالناس انقسموا إلى ثلاثة أقسام: أهل العراق مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان معهم عبد الله بن عباس رضي الله عنه، وعمار بن ياسر ، وعدد من الصحابة.

    وأهل الشام، وكان على رأسهم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وعمرو بن العاص رضي الله عنه وعدد من الصحابة.

    وطائفة أخرى أمسكت عن الفتنة، وكان من هؤلاء الممسكين سعد بن أبي وقاص ، ولهذا تمنى علي بن أبي طالب أن يكون وقف موقف سعد بن أبي وقاص ؛ لأن سعد بن أبي وقاص استدل بأحاديث كثيرة أخبر فيها صلى الله عليه وسلم عن وقوع الفتن بين المسلمين، وأن الواجب هو الإمساك عن هذه الفتن؛ يعني: عندما تقع فتنة بين المسلمين، بحيث يقتل المسلم أخاه فإنه يجب على الإنسان أن يعتزل هذه الفتن، وأن لا يدخل مع أي طرف من الأطراف، مع أنه عند التحقيق فإن أصوب الطائفتين طائفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لأنه أولاً هو الخليفة، وثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكر عمار بن ياسر قال: (تقتله الفئة الباغية) يعني: الفئة التي تعتدي، والأمر الثالث: أن علي بن أبي طالب ومن كان معه هم أفضل في الجملة من أهل الشام، لكن ينبغي أن ندرك أن ما حصل من الفتنة لا يخلو من حالتين: أن يكون اجتهاداً، أو أن يكون زلة ومعصية.

    فإذا كان اجتهاداً! فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المصيب من المجتهدين له أجران، والمخطئ له أجر، فكيف يعنَّف ويسبّ ويشتم من كان له أجر! هذا ظلم وعدوان.

    الأمر الثاني: أن نقول: إن بعضهم ارتكب معصيةً واعتدى وبغى وظلم، وهذه المعصية التي فعلها هذا الصحابي الجليل تذوب وتضيع في فضائل حسناته، كما قال الذهبي رحمه الله عمَّا وقع بين الصحابة من الفتنة: إن الماء إذا بلغ قلتين لا يحمل الخبث.

    عندما تأتي لبحر من الفضل، ثم تلقي فيه كأساً من القاذورات، هل يتكدّر هذا البحر الكبير بسبب هذا الكاس؟ بل يضيع الكأس مع هذا البحر، ولهذا فإن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه مع أن مجموعته أخطأت، فهم ما بين مجتهد له أجر، وما بين مخطئٍ تضيع زلته في حسناته، إلا أن معاوية رضي الله عنه يكفيه من الفضل فضل الصحبة ومكانتها، وكونه كان كاتباً لوحي النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما حكم عشرين سنة لم يحصل في عهده إلا جرائم محدودة أقيم فيها الحد الشرعي، يعني: كان معاوية رضي الله عنه مثالاً ظاهراً للعدل وللخوف من الله عز وجل، ولو تقرءون سيرة معاوية رضي الله عنه، عندما يأتيه بعض الصحابة يعظه، يبكي حتى يسقط من على كرسيه الذي هو عليه خوفاً من الله سبحانه وتعالى.

    ولهذا ينبغي أن ندرك هذا الموقف من أحداث الفتنة، وأن لا يشغل الإنسان نفسه فيما شجر بين الصحابة؛ لأن كثيراً من هذه المرويات رواها الشيعة الروافض، وهم من أكذب الناس، مثل: أبي مخنف لوط بن يحيى ، وقد ألف كتاباً سماه صفِّين والجمل، ملأه وحشاه بكثير من الكذب، ولهذا يجب على الإنسان أن يكون محترزاً فيما يتعلق بهذه المسائل.

    قال: [ونشهد للعشرة بالجنة كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة)].

    يعني: سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد .

    قال: (و عبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة) وكل من شهد له النبي صلى الله عليه بالجنة شهدنا له بها، كقوله: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) وقوله لـثابت بن قيس : (إنه من أهل الجنة)].

    وأيضاً نشهد بأن عائشة رضي الله عنها من أهل الجنة، وأن خديجة من أهل الجنة، فقد جاء جبريل وقال: إن الله يقرئ خديجة السلام ويقول: بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، وأيضاً أعداد من الصحابة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم من أهل الجنة، فكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة، فنحن نشهد له بذلك.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله به في قوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10] وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه).

    ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم، ويفضّلون من أنفق من قبل الفتح -وهو صلح الحديبية- وقاتل، على من أنفق من بعد وقاتل، ويقدّمون المهاجرين على الأنصار، ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر: (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)، وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة، ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة وثابت بن قيس بن شمّاس وغيرهم من الصحابة].

    يعني هذه الأعداد الكبيرة مثل أهل بدر، وأيضاً من بايع تحت الشجرة، تأملوا موقف الشيعة الروافض قبحهم الله من هذه المجموعات الكبيرة وهم يكفرونهم ويذمونهم ويسبّونهم ويشتمونهم، ماذا يبقى من دين الإسلام إذا كان هؤلاء عند الشيعة كفاراً؟ وليس عند الشيعة إلا مجموعة محدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة يعتبرونهم مسلمين من الصحابة، ولهذا إذا رجعتم إلى كتب الشيعة لا تجدون فيها أحاديث كثيرة إلا عن مجموعة محدودة، هم عن علي بن أبي طالب ، وأبناؤه كـالحسن والحسين ، وعن سلمان الفارسي ، وعن المقداد بن الأسود ، وعن عمار بن ياسر ، وأما البقية بالذات أحاديث أبي هريرة وعائشة هذه كلها عندهم مكذوبة وكلها موضوعة؛ ولهذا تجدون أن النصوص التي عندهم كلها من كلام الأئمة، ويعتبرون كلام أئمتهم مثل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثل الوحي المنزل من السماء؛ لأن الإمام معصوم، وكلام الإمام عندهم تكميل للشريعة، يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بجزء من الشريعة وأعطاها الناس، والبقية أعطاها علي بن أبي طالب فأنزل ما يحتاجه الناس في تلك الفترة، ثم أعطاها الذي بعده، وهكذا حتى انتهى الأئمة الإثنا عشرية، حتى دخل السرداب محمد بن حسن العسكري وإلى الآن لم يخرج ولن يخرج.

    وهو لم يدخل السرداب أصلاً، بل هي خرافة تلاعبوا بالناس فيها، والحسن العسكري أصلاً لم يعقِّب، يعني: ليس له ولد كما ذكر ذلك المؤرخون، ولهذا فإن دينهم مبني على الكذب والخرافة، ومبني على المعاملات الغريبة فليس لهم عقل ولا نقل كما قال ابن تيمية رحمه الله، وهم من أخطر الطوائف في هذه الأيام على أهل السنة، كما هو معلوم في العراق، نسأل الله عز وجل أن يحفظ أهل السنة من هؤلاء المجرمين، ونسأل الله عز وجل أن يعيذهم من هؤلاء.

    ومع الأسف أن أهل السنة صفوفهم في العراق وفي غير العراق غير مرتبة وغير منظمة، تراهم مفرقين ومبعثرين، لكن الشيعة تجد صفوفهم منظمة ومرتبة؛ ولهذا أحرقوا المكتبات، وبالذات مكتبة الأوقاف العراقية، كان فيها من المخطوطات والكتب ما لا يقدر بثمن، وكلها كتب أهل السنة، أما كتب الشيعة فهي أقل من القليل، وأيضاً المكتبة الوطنية العراقية دُّمرت عن بكرة أبيها، وأيضاً مكتبة البصرة، وما الداعي لأن تحرق الكتب بهذا الأسلوب؟

    وأكثر الذين دخلوا العراق وصاروا ينهبون ويسرقون هم الذين كانوا في مدينة صدام كما ذكرت الأنباء، وقد سموها الآن مدينة الصدر ، وفيها ما لا يقل عن اثنين مليون من الشيعة، ومن كذب الإعلام قوله: إن ستين في المائة من أهل العراق شيعة، فهذا كذب كله، والشيعة أقل من أهل السنة في العراق، لكن أهل السنة ليسوا منظمين، والشيعة منظمون على شكل أحزاب، ولديهم حوزات علمية معينة، ولديهم ترتيبات معينة، ولديهم تسليح قوي، بينما أهل السنة مفرقون مثل عامة المسلمين الذين ترونهم في الشوارع.

    قال: [ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره، من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ، ويثلثون بـعثمان ويربعون بـعلي رضي الله عنهم، كما دلت عليه الآثار، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة، مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر ، أيهما أفضل؟ فقدم قوم عثمان وسكتوا، وربعوا بـعلي ، وقدم قوم علياً ، وقوم توقفوا، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي ، وإن كانت هذه المسألة -مسألة عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة، وذلك أنهم يؤمنون أن الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله].

    نكتفي بهذا القدر، ونكمل إن شاء الله في اللقاء القادم ما بقي من باب الصحابة، ونأخذ معه كرامات الأولياء، ويبقى عندنا باب مستقل يتعلق بصفات أهل السنة ومنهجهم وسلوكهم.

    1.   

    الأسئلة

    الإرادة صفة ذاتية

    السؤال: هل الإرادة صفة ذاتية أم فعلية؟

    الجواب: كون الله سبحانه وتعالى مريداً، هذه صفة ذاتية، والفعل ينتج من الإرادة مع القدرة؛ فاختلاط الإرادة مع القدرة ينتج الفعل، فالفعل نتيجة للإرادة، لكن الإرادة في حد ذاتها صفة ذاتية.

    الفرق بين الرب والإله

    السؤال: ما الفرق بين الرب والإله؟

    الجواب: الرب معناه: المدبر الخالق المالك، والإله معناه: المعبود.

    فهي جميعاً تدل على أوصاف الله سبحانه وتعالى، لكن الرب تدل على وصف الملك والخلق، والإله: تدل على وصف التعبد؛ ولهذا فإن الإله بإجماع أهل النحو واللغة بمعنى المعبود، يقولون: إله على وزن فِعَال.

    وفِعال تأتي لمعنيين: الأول: فَاعِل، وهذه صفة العبد، والثاني: مفعول، يعني: معبود؛ ولهذا يقول رؤبة بن العجاج :

    لله در الغانيات المُدّه سبحن واسترجعن من تأله

    فجعل التسبيح والترجيع من التأله.

    إرادة العباد على أفعالهم

    السؤال: هل للعباد إرادة على أفعالهم؟

    الجواب: نعم، لهم إرادة على أفعالهم، ولا يمكن أن يعتبر الفعل للعبد إلا إذا تكوَّنَ من إرادة العبد وقدرته، فالعبد له أعمال وسيحاسب عليها يوم القيامة، هذه الأعمال والأفعال نسبها الله تعالى إليه في القرآن، قال تعالى: وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ [المؤمنون:63]، فهم يعملون ولهم كسب يكسبونه، وأعمالهم هم مسئولون عنها.

    العبد مسيَّر في أشياء ومخيَّر في أشياء

    السؤال: هل العباد مسيَّرون أم مخيرون؟

    الجواب: هذه مسألة سبقت في باب القدر، وقلنا: إن الإنسان مسير في أشياء ومخير في أشياء، فهو مسير مثلاً في خلقه، أي كونه ولد في هذا الزمان، ولم يولد مثلاً في زمن الصحابة رضوان الله عليهم، وكون لونه أبيض أو أسمر أو أسود، أو كونه قصيراً أو طويلاً، أو كون أبيه فلاناً أو فلاناً..، هذه الأشياء هو غير مخير فيها؛ لكن الأشياء التي يخير فيها العبد هي الأفعال الاختيارية التي يفعلها بمحض إرادته، بمعنى: أنه قادر على فعلها، وقادر على تركها، وهنا يكون الثواب والعقاب، أما الأفعال غير الاختيارية فلا يترتب عليها ثواب ولا عقاب، ولهذا فإن ابن الزنا لا يعاقب، ولهذا فإن عائشة رضي الله عنها عندما سمعت حديث أن ولد الزنا شر الثلاثة أنكرته، وقالت: يقول الله عز وجل: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] لأنه لا ذنب لهذا الابن.

    أهم شيء في النذر أن يحصل مقتضاه

    السؤال: نذرت يوماً من الأيام على تحقيق أمنية إذا تحققت أن أذبح ذبيحتين، فتحققت الأمنية ولله الحمد، ولكن راودني الشك في النذر، هل أنا نذرت أن أفعلها في وقت واحد أم لا، أو في مكان واحد أم لا؟ وكذلك في جنس النذر، هل هو اثنان من الماعز أم من الضأن؟

    الجواب: إذا شك الإنسان في أي أمر من الأمور فإنه يتحرى أي الأشياء التي نواها، فإن لم يجد واستغلق عليه الأمر فإنه يذبح ذبيحتين أياً كان وصفها، في أي مكان، وبأي حال، أهم شيء هو أن يحصل مقتضى النذر، والمفترض أن لا يحصل النذر أصلاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وقال: (إنما يستخرج به من البخيل).

    وجوب النصيحة للمسلمين وتذكيرهم خاصة إذا كانوا ذوي قربى

    السؤال: والدي لا يصلي بعض الصلوات في المسجد، ولكنه يصلي في البيت، وأريد أن تنصحني، ماذا أقول له؟

    الجواب: انصحه، وذكِّره أن صلاة الجماعة واجبة، وأن ترك الجماعة فيه إثم، وذكره بقول الله عز وجل: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43] وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر برجل أن يصلي بالناس، ثم أذهب أنا ورجال معي إلى قوم لا يشهدون الصلاة جماعة فأحرِّق عليهم بيوتهم)، وهذا يدل على خطورة ترك صلاة الجماعة؛ فينبغي أن تذكره بذلك، وأن تحرص على نصيحته.

    حكم قولك للرجل: أنت صوفي أو أنت شيعي

    السؤال: ما حكم القول لرجل: أنت صوفي، أو أنت شيعي، وتراه يصلي مثل صلاتهم، ويفعل مثل أفعالهم؟

    الجواب: مجرد الاتفاق في الفعل لا يقتضي أن تصفه بهذا الوصف، لكن إذا تأكدت أنه شيعي في أصولهم وعقائدهم فلا بأس أن تذكر هذا الأمر، وأن تذكر أنه على هذا الحال.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755995421