إسلام ويب

تفسير سورة الصف [2]للشيخ : مصطفى العدوي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حكى الله في هذه السورة موجز ما حدث لاثنين من أولي العزم من الرسل عليهم السلام، وهم موسى وعيسى؛ فموسى أوذي وعيسى بلغ بقومه الطغيان إلى أن تجرءوا على قتله فرفعه الله إليه، وهكذا هم بنو إسرائيل قتلة للأنبياء وعبدة للطاغوت، ولكن البشرى لأهل الإيمان بنصرة الله تعالى، وقد كان لنا مثل في عيسى مع الحواريين لما نصروا الله فأيدهم على عدوهم وأصبحوا ظاهرين، وهكذا هي العقبى لأهل الإيمان في كل زمان ومع كل نبي إن هم صبروا ونصروا.

    1.   

    معاناة موسى من قومه وأذيتهم له

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم.

    أما بعد:

    فيقول الله تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [الصف:5].

    في قول موسى عليه الصلاة والسلام: يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ، خطاب لقومه؛ فموسى صلى الله عليه وسلم إسرائيلي النسب، أي: ينتهي نسبه إلى إسرائيل وهو يعقوب عليه الصلاة والسلام، فيعقوب صلى الله عليه وسلم هو إسرائيل، وهو المذكور في قوله تعالى: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ [آل عمران:93]، فإسرائيل هو يعقوب عليه الصلاة والسلام، وبنوه كانوا من المفضلين على العالمين، كما قال الله جل ذكره في شأن بني إسرائيل -وهم أولاد يعقوب وذريته-: وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ [الدخان:32]، وقال سبحانه: وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة:47]، فكانت هذه القبيلة التي هي سلالة وذرية إسرائيل عليه الصلاة والسلام أفضل الأمم في زمانها بنص الكتاب العزيز: وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ .

    قال موسى عليه الصلاة والسلام لقومه: يَا قَوْمِ فهم قبيلته.

    لِمَ تُؤْذُونَنِي ، وقد تقدم أن الأذى كان أذى في العقيدة، وأذى شخصياً أيضاً، فاجتمع له أذى في شخصه، وأذى في صلب الدين، كما في قولهم: اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف:138]، وكما في قولهم في شأن العجل: هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ [طه:88]، وكانوا يؤذونه في عموم الدين عليه الصلاة والسلام كما ذكر الله سبحانه وتعالى في جملة مواطن إذ قالوا لموسى: َاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة:24].

    وآذوه أيضاً في شخصه فاتهموه باتهامات ذكرها المفسرون، منها: أنهم اتهموه بعدم كمال الخَلق في جسده، فقالوا: إنه آدر، أي: عظيم الخصية، واتهموه أيضاً بأنه زنا بامرأة أرسلها له قارون كما في بعض الآثار، واتهموه بأنه هو الذي قتل هارون عليهما السلام.

    فيقول لهم: لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُون و(قد) هنا للتحقيق، فهم يعلمون أنه رسول الله إليهم؛ إذ أنجاهم الله على يديه من فرعون.

    وقوله تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ، أي: لما سلكوا طريق الزيغ سُهل لهم هذا الطريق، وقد تقدمت المباحث في هذا، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ .

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل...)

    قال تعالى: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ [الصف:6].

    إن قال قائل: لماذا قال موسى: يا قوم، وقال عيسى: يا بني إسرائيل؟ فالإجابة واضحة: لأن عيسى لم يكن من بني إسرائيل، فهو عليه السلام ولد من غير أب صلى الله عليه وسلم، أما موسى عليه الصلاة والسلام فهو إسرائيلي كما أسلفنا.

    فقه دعوة الناس بما يحبونه

    وفي قوله: (يا بني إسرائيل) فقه الدعوة إلى الله، فقد تقدم أنك تهيج الناس بمآثر آبائهم الصالحين، كما تقول: يا ابن الشجاع! بارز الأبطال، يا ابن العلماء! تعلم، يا ابن المحسنين! تصدق، فعيسى عليه السلام يقول لقومه: يا أولاد هذا الرجل الصالح الطيب! يا أبناء هذا النبي الكريم إسرائيل! فإذا ذكرهم بأبيهم الصالح إسرائيل هاجوا لفعل الخير إن كان فيهم صلاح، كما تأتي أنت الآن إلى رجل من أهل بلدك تقول له: أبوك كان عاقلاً، وكان محسناً، أنشأ مسجداً، وأنشأ مستشفى، وأنشأ مدرسةً؛ فتصدق مثله، حينئذ إذا ذكرته بمآثر أبيه الصالح دفعته إلى الخير دفعاً، وعلى العكس من ذلك، إذا قلت له: أبوك كان لصاً، أو مجرماً، أو غادراً، قطعاً لن يستجيب لك بحال من الأحوال.

    فتهييج الناس بما فيهم من الخير عليه جملة من الأدلة من كتاب الله ومن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ [الإسراء:3]، فيخاطبنا ربنا بقوله: يا ذرية القوم الصالحين المحمولين مع نوح كونوا صالحين، فإنه ما حمل مع نوح إلا صالح.

    رسل الله يصدق بعضهم بعضاً

    قال الله: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ (مصدقاً لما بين يدي): أي لما سبقني، ومصدقاً للتوراة التي سبقتني، فمجيئي شاهد بصدق التوراة، فالتوراة قد أخبرت بعيسى وبمحمد عليهما الصلاة والسلام، فمجيء عيسى ومجيء رسول الله صلى الله عليها وسلم تصديق للتوراة، فلو لم يأت عيسى ولو لم يأت محمد لكان في التوراة إخبار بما لم يكن؛ فيتهم من تلاها بالكذب، لكن مجيء عيسى محمد صلوات الله وسلامه عليهما وبعثتهما دليل على صدق التوراة التي أخبرت بمجيئهما، وأيضاً ما جاء به عيسى من الدعوة إلى توحيد الله، وما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام من الدعوة إلى توحيد الله، يصدق ما في التوراة؛ إذ الذي في التوراة الدعوة إلى توحيد الله، والإنجيل والقرآن يصدقان التوراة، والتوراة كذلك تصدق الإنجيل وتصدق القرآن، فكل كتب الله سبحانه يصدق بعضها بعضاً.

    قال عيسى عليه الصلاة والسلام: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ، لست بإله.

    مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَد [الصف:6]، وهنا جملة من المباحث:

    أسماء الرسول عليه الصلاة والسلام

    اسم الرسول صلى الله عليه وسلم محمد، والآية تقول: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَد ، فكيف يدفع الإشكال بين هذا وذاك؟

    أمثل ما قيل في هذا لدفع الإشكال: هو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر، وأنا العاقب)، فقد ذكر الله سبحانه نبينا محمداً عليه الصلاة والسلام في كتابه العزيز باسم محمد وباسم أحمد، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ [الفتح:29].

    وأحمد: من الحمد، أي: أحمد الناس لربهم، وأكثرهم حمداً لربهم هو عليه الصلاة والسلام محمد.

    ومحمد بمعنى: محمود يحمده غيره، فتحمده الملائكة في الملأ الأعلى، ويحمده من آمن به عليه الصلاة والسلام، فالمادة واحدة، فأحمد من: أحمد الناس لربهم سبحانه، ومحمد من: المحمود، وهو المحمود ممن آمن به، ومحمود من ملائكة الله عليهم السلام.

    فلا إشكال؛ فأحمد هو محمد كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، وكما قال ربنا سبحانه.

    من أحكام الأسماء في الشرع

    وقول عيسى عليه الصلاة والسلام: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَد نحتاج إلى وقفة تتعلق بالأسماء، فللأسماء فقه متسع، ولا يسوغ لك أن تسمي كما تشاء، بل لزاماً عليك كمسلم أن تتقيد بالقيود الشرعية التي جاءت في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الأسماء.

    فالأسماء منها أسماء مستحبة، ومنها أسماء مكروهة، ومنها أسماء محرمة لا يحل لك أن تتسمى بها ولا أن تسمي أبناءك بها.

    وابتداءً التسمية من حق الأب، ولكن اتفاق الأب مع الأم على الاسم فيه اتساع، هذا شيء.

    ومتى يسمى الطفل؟

    يجوز أن تسميه فور ولادته، ويجوز أن تسميه في اليوم السابع، ويجوز أن تسميه بعد ذلك، ويجوز أن تسميه قبل أن يولد.

    أما التسمية قبل أن يولد: فإن الله سبحانه وتعالى قال لزكريا عليه السلام: يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى [مريم:7]، وقال سبحانه: فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا [هود:71-72] فكانت البشارة بإسحاق وبيعقوب عليهما السلام قبل أن يولد إسحاق وقبل أن يولد يعقوب، وكانت تسمية يحيى قبل أن يولد يحيى عليه السلام.

    أما التسمية فور الولادة فلقول النبي صلى الله عليه وسلم (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام)، وكذلك قال أبو موسى رضي الله عنه: (ولد لي غلام فذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنكه وسماه عبد الله).

    وكذلك تجوز التسمية في اليوم السابع لحديث النبي عليه الصلاة والسلام: (كل غلام مرتهن بعقيقته، تعق عنه يوم سابعه، ويسمى) وقد روي هذا الحديث بلفظ: (ويدمى)، وهو خطأ، والصواب: (ويسمى) أي: ويسمى يوم سابعه، والأمر في هذا واسع.

    والأسماء كما أسلفنا منها المستحب، ومنها المحرم، ومنها المكروه.

    والأسماء المستحبة تنقسم إلى الآتي:

    القسم الأول: أحبها على الإطلاق: وهي ما أخرجه مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحب الأسماء إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن)، وقد ورد في غير مسلم زيادة: (وأصدقها الحارث وهمام)، والتحرير يقتضي أن هذه الزيادة ضعيفة، وقد حسنها بعض أهل العلم لكونها مما لا يتعلق بالأحكام، لكن التحرير أن زيادة: (وأصدقها الحارث وهمام) متكلم فيها. أما الثابت فهو ما في صحيح مسلم: (أحب الأسماء إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن)، فهذان هما أحب الأسماء إلى الله على الإطلاق.

    القسم الثاني: كل ما عُبِّد لله سبحانه فهو مستحب، مثل: عبد الرحيم، عبد الكريم، عبد العظيم، ونحو ذلك.

    أما حديث: (خير الأسماء ما عُبِّد وما حمد)؛ فحديث ضعيف لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    القسم الثالث: أسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فالتسمي بأسماء الأنبياء مستحب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولد لي الليلة غلام؛ فسميته باسم أبي إبراهيم عليه السلام).

    وقد ورد حديث بلفظ: (تسموا بأسماء الأنبياء)، وهو بهذا اللفظ متكلم فيه، والراجح عدم ثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنما يؤيد التسمي بأسماء الأنبياء قوله عليه الصلاة والسلام: (تسموا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي)، فحث عليه الصلاة والسلام على التسمي بمحمد، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم عن شأن مريم فهي ابنة عمران، وموسى هو ابن عمران، ومريم أخت هارون، وموسى هو أخٌ لهارون، فكيف يلتئم هذا مع البون الشاسع والزمن البعيد بينهما؟

    فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنهم كانوا يتسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين منهم)، فكان اسم عمران من أسماء الصالحين في بني إسرائيل، وكان اسم هارون من أسماء الصالحين من بني إسرائيل، فيستحب التسمي بأسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ويستحب كذلك التسمي بأسماء الشهداء وأهل الفضل، فإن الشخص يحن إلى من تسمى باسمه.

    القسم الرابع: تستحب التسمية بالأسماء ذات المعاني الحسنة الطيبة، فإن الاسم له مدلول على المسمى، ولما قدم سهيل بن عمرو في صلح الحديبية كي يتفق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام -فيما رواه البخاري من طريق عكرمة مرسلاً- : (قد سهل لكم من أمركم) أي: كان متفائلاً باسم سهيل بن عمرو ، وقال عليه الصلاة والسلام في القبائل: (أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله ورسوله) ؛ فللمسمى صلة بالاسم حتى في الرؤيا، قال عليه الصلاة والسلام: (رأيت وأنا في دار عقبة بن رافع، فأتي لنا برطب من رطب ابن طاب، فأولتها أن الرفعة لنا في الدنيا، والعاقبة في الآخرة، وأن ديننا قد طاب)؛ فللاسم صلة بالمسمى، ويتفاءل بالأسماء الحسنة حتى في الرؤى.

    القسم الخامس: الأسماء المحرمة: مثل التسمي بشاهنشاه أي: ملك الأملاك، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (إن أخنع اسم عند الله سبحانه وتعالى رجل تسمى بشاهنشاه، أي: ملك الأملاك).

    وألحق بعض العلماء بهذا الاسم ما كان على وزنه ومعناه: كسيد السادات، وسيد الناس، إلى غير ذلك مما كان على هذه الشاكلة.

    وكذلك الأسماء المعبدة لغير الله سبحانه وتعالى تحرم: كعبد الحسين، وعبد المسيح، وعبد العزى ونحو ذلك، فكلها أسماء محرمة؛ لكونها عبدت لغير الله سبحانه وتعالى.

    كذلك أسماء الكافرين التي هي خاصة بهم: كاسم جورج، وبطرس، وزرجس، وغير ذلك من الأسماء التي أصبحت خاصة بالكافرين، فيحرم على المسلم أن يتسمى بها.

    كذلك التسمية بأسماء الأصنام: كشخص يسمي ولده اللات، أو العزى، إلى غير ذلك من مسميات الأصنام.

    كذلك التسمي بأسماء الله التي هي خاصة بالله سبحانه وتعالى: ككون شخص يسمي ولده الرحمن، فالرحمن لا يليق إلا بالله، ولذلك وسم مسيلمة الكذاب بأنه كذاب مع ادعاء غيره للنبوة، لكن لم يوسم أحد بهذه الصفة وتلازمه هذه الملازمة الطويلة كما لازمت مسيلمة ؛ لكونه لقب نفسه برحمان اليمامة، فلما نازع الرب سبحانه وتعالى في هذا الاسم؛ لحقه العار إلى يوم القيامة.

    القسم السادس: أسماء مكروهة ومستنكرة: وهذه قد ذكرها العلماء، منها: تلكم الأسماء التي تثير السخرية كأسماء الحيوانات؛ كمن يسمي ولده: البغل! أو الجحش! أو يسمي ولده: الحمار! فكل هذه أسماء مستقبحة ومستهجنة وليست بلائقة أبداً.. بل فيها إهانة لمن تسمى بها.

    كذلك الأسماء التي لا معنى لها: كاللوح، أو برج، أو حائط، ونحو ذلك، فهي أسماء كذلك مستهجنة ومستقبحة.

    كذلك هذه الأسماء المائعة الرخوة التي هي إلى الميوعة والتخاذل والتهافت أقرب: كزوزو، وفيفي، وسوسو، ونحو ذلك، فهي أسماء متخاذلة متهافتة مائعة.

    كذلك هذه الأسماء المتتركة التي أخذت من الترك: كجودت، وشوكت، ورأفت، وحكمت ونحو ذلك، فهي في الأصل عربية إلا أنها زيدت فيها التاء، وأصبحت بهذه التاء التي ألحقت بها متتركة، كما أسلفنا في رأفت، وجودت، وحشمت، وحكمت، ونحو هذه الأسماء.

    كذلك هذه الأسماء المختومة بالياء: كفوزي، ووجدي، ومجدي، ورجائي، ونحو هذه الأسماء فكرهها أيضاً كثير من السلف؛ لعدم عربيتها.

    كذلك أسماء الكافرات: كزاكالين، وأنديرا، وسوزان، وجيهان، ونحو هذه الأسماء، فهي أيضاً أسماء كرهها كثير من أهل العلم؛ إذ هي في معانيها غير عربية، فذكر كثير من العلماء أن سوزان معناها: الإبرة!

    القسم السابع: أسماء تافهة لا تقرها أذواق العرب: كفانيا نانسي، وغير هذه الأسماء التي لا يستحبها العرب، إنما هي إلى الرخاوة والميوعة أقرب، كما قال القائل:

    أمن عوز الأسماء سميت فانيا فشر سمات المسلمين الكوافر

    فالاسم يدل على مدى إيمان الذي سماه، فرجل سمى ابنته نانسي، ما هو حجم عقله إذ قاده إلى أن يسمي بهذا الاسم التافه؟ أو يسمي بزوزو، أو سوسو، أو فيفي، أو نوزين، أو شرين، أو شريهان، أو غير ذلك من الأسماء.

    كذلك أسماء أهل الظلم والجور، فإن التشبه بأسماء أهل الجور والظلم محرم في كثير من الأحيان، ومكروه في أحيان أخر وبحسب الحال، فلا شك أن من سمى ولده بفرعون أو هامان أو قارون أنه قد أساء إلى ولده غاية الإساءة.

    ومن سمى ولده أو ابنته باسم ممثل فاسق أو ممثلة فاسقة، أو راقصة ماجنة، فكذلك له من الإثم والوزر نصيب، إذا كان يقصد التشبه.

    وكذلك الأسماء التي تحمل معاني ليست بلائقة: كشادي، وشادية، وغير ذلك، فقد ذكر البعض أن شادية بمعنى المغني، وأن شادي بمعنى القرد!

    فهذه أسماء كلها ينبغي أن يمعن الشخص النظر فيها، ويسمى ولده باسم يحبه الله ويرضاه، ويحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرضاه.

    ومن أهل العلم من كره أيضاً كل اسم ألحقت به كلمة (الدين): كشهاب الدين، وهو أشد كراهية؛ إذ أن الشهاب من النار، وكره فريق منهم: نور الدين، وعلم الدين، وتقي الدين، ومحيي الدين؛ لأنه اسم عظيم فيه وصف للشخص أكثر مما يستحق.

    وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم زينب إذ كان اسمها برة ، فقيل: تزكى - أي تزكى بهذا الاسم - ويقال: دخل عند برة وخرج من عند برة ، فغير النبي صلى الله عليه وسلم برة إلى زينب صلوات الله وسلامه عليه.

    كذلك التسمي بالأسماء التي لها معاني سيئة أو معان تجلب النكد والحزن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما التقى بـحزن جد سعيد بن المسيب قال له: (ما اسمك؟ قال: حزن. قال: بل أنت سهل، قال: لا أغير اسماً سمانيه أبي). قال: فما زالت الحزونة فينا. أي -لازمتنا الحزونة لهذا الاسم-، فالذي يسمي ولده بـهم، أو حزن، أو نكد، أو غير ذلك من أجل أن يعيش بزعمه، فقد اقترف سوءاً وإثماً في حق ولده، والله أعلم.

    كذلك كره فريق من العلماء التسمي بأسماء الملائكة: كجبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل.

    أما الذي يجوز من أسماء الملائكة ما جوز في زمان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كمالك، فمالك كان على عهد الرسول كـمالك بن الحويرث ، ومالك هو خازن النار، كما قال تعالى: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ [الزخرف:77].

    ولا يحتج بما ورد من أسماء مستهجنة لبعض الصحابة؛ إذ الذين سموهم أو الذين أطلقوا عليهم هذه الأسماء هم آباؤهم في الجاهلية: فاسم كلب، أو جحش، أو حمار لا يحتج بها على المسلمين؛ إذ هذه الأسماء سميت في الجاهلية، ومن المعلوم أن الشخص إذا اشتهر باسم وعرف به سيقر عليه للمشقة التي ستحدث من وراء تغيير هذا الاسم إذا لم يكن بالاستطاعة تغييره.

    وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسماء، فقال: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب)

    وللعلماء قولان في اسم عبد المطلب ، وهل هو جائز أو غير جائز؟

    وكرهه أكثر العلماء، والتحرير يقتضي أنه خاص فقط برسول الله؛ لأنه عرف به، ولأن المطلب ليس من أسماء الله الحسنى، فلا يليق بشخص أن يسمي ولده بـعبد المطلب .

    فالحاصل: أنه يجدر بالشخص أن يختار اسماً مناسباً لأولاده؛ لأنه يسبب لهم إما سعادة وتباهياً بهذا الاسم، وإما هماً ونكداً وتخاذلاً؛ فكم من شخص يستحي إذا ذكر اسمه أمام الناس، أو إذا ذكر اسم أبيه أمام الناس، فتخيل أن اسم ولدك أو والدك البغل! أو الحمار! هل تستطيع أن تجهر بهذا الاسم؟ وهل إذا رآك شخص في الرؤيا هل يتفاءل بك؟

    وقد ورد أن بعض الخلفاء أراد أن يؤمر رجلاً يقال له: ظالم بن سراق ، فلما سمع باسمه امتنع من تأميره، قال: لأن له من الاسم نصيب، فـظالم بن سراق جمع السوأتين: الظلم والسرقة!

    اتهام بني إسرائيل لعيسى بالسحر

    يقول الله سبحانه وتعالى: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ [الصف:6] أي: بالحجج الدالة على صدقه ونبوته.

    وتفسير هذه البينات كما قال تعالى: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ [آل عمران:49].

    فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا قالوا: مقالة الكافرين السابقين للأنبياء، ومقالة الكافرين اللاحقين للأنبياء، قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ .

    كما قال الله سبحانه: كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات:52] ، وكما قال تعالى في شأن موسى وهارون وقومهما: قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ [القصص:48].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب...)

    قال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ [الصف:7]، صيغة: (ومن أظلم) وردت في هذا الموطن؛ لتفيد: أنه لا أحد أبداً أظلم ممن افترى على الله الكذب، ولكن جاءت هذه الصيغة في مواطن أخر، كقوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [البقرة:114]، وحديث: (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؛ فليخلقوا حبة، أو ليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا شعيرة)، ونحو هذا كثير، فكيف يجمع بين هذه الأشياء؟ وأيهما أظلم: هل أظلم الناس من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه أو أظلم الناس من افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم، أو أظلم الناس من ذهب يخلق كخلق الله؟

    لقد جمع العلماء بين هذه النصوص بعدة أوجه، منها:

    أنهم قد يكونون كلهم في الظلم سواء، وكلهم في الدرجة العليا من الظلم، أي: ينزل على الاختصاص، بمعنى: لا أحد من المانعين أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، ولا أحد من الكاذبين أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم، ولا أحد من المصورين أظلم ممن ذهب يخلق كخلق الله ويباهي بخلق الله؛ فينزل على الاختصاص.

    وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ ، توجه له الدعوة بالخير وهو يأبى، ويقلبها إلى جحود وكفر!

    قال الله: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الصف:7]، الإجابة على قوله: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ كما تقدم في قوله: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ .

    لكن قد يرد إشكال: كيف هذا والله قد هدى بعض الظالمين، بل كثيراً منهم؟ فكيف يلتئم قوله: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ مع الواقع الذي فحواه: أن من الظالمين من هداه الله؟

    فالإجابة من وجهين:

    الوجه الأول: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، الذين سبق في علم الله أنهم سيموتون على الكفر، هؤلاء لن يهديهم الله، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ [يونس:96-97].

    الوجه الثاني: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، ما داموا قائمين على ظلمهم ولم يسلكوا سبل الهداية. هذان هما الوجهان، والله أعلم.

    ويراد بالظلم هنا: الشرك، وإطلاق الظلم على الشرك وارد في كتاب الله، قال الله سبحانه وتعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82] أي: بشرك، كما فسرها الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].

    وقد تقدم مراراً أن أهل السنة والجماعة على وجود ظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، وكفر دون كفر، وشرك أكبر وشرك أصغر، ونفاق عمل ونفاق اعتقاد، وتقدم تقرير ذلك.

    1.   

    إكمال الله نوره وإتمامه لدينه

    قال تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8]، (يريدون) أي: أهل الكفر، وما المراد بنور الله في هذه الآية الكريمة؟

    للعلماء فيها أقوال خمسة:

    القول الأول: أن المراد بنور الله: القرآن.

    القول الثاني: أن المراد بنور الله: الإسلام.

    القول الثالث: أن المراد بنور الله: محمد عليه الصلاة والسلام.

    القول الرابع : أن المراد بنور الله: حجج الله، وآيات الله سبحانه، وأدلة القرآن الكريم التي يستدل بها في كتاب الله وفي السنة.

    القول الخامس: أن هذا مثل مضروب لمن أراد أن يذهب الخير بفيه.

    قال سبحانه: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف:9].

    هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ الرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم، بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ أي: ليعليه، فالظهور هو العلو، ومنه قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم؛ حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).

    لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، والدين هنا المراد به: كل الأديان.

    1.   

    التجارة مع الله

    قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الصف:10]، ذكر بعض العلماء سبباً لنزول في هذه الآية الكريمة وهو: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تساءلوا فيما بينهم: لو علمنا أي الأعمال أحب إلى الله سبحانه وتعالى لتقربنا إلى الله سبحانه وتعالى بـه، فنـزل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الصف:10-11].

    ثم فكيف قيل لهم: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الصف:11] وهم في الأصل مؤمنون؛ إذ صدر الخطاب لهم بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا [الصف:10]؟ فكيف يقال لهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ، ثم يقال لهم: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الصف:11]؟

    فالإجابة كالإجابة في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا [النساء:136]، فمعنى قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا [النساء:136]، أي: اثبتوا على إيمانكم أو زيدوا من الإيمان، فهذا من هذا الباب.

    فإذا كان على هذا التأويل الثاني: زيدوا من إيمانكم، ففيه دليل على زيادة الإيمان، وزيادة الإيمان من معتقد أهل السنة والجماعة، وجمهورهم على أن الإيمان يزيد وينقص، قال تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُم [محمد:17]، لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ [الفتح:4]، إلى غير ذلك من الأدلة.

    أنواع الجهاد في سبيل الله

    وقوله تعالى: وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ [الصف:11]، هذه الآية تبين أن مفهوم الجهاد لا يتمثل فقط في الجهاد بالسيف.

    وهذا من المسائل التي أخطأ فيها المترجمون الذين ترجموا معاني مفردات القرآن وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فمن الترجمة الخاطئة أن يترجم الجهاد بمعنى (trajel) فقط، ويحصر مفهوم الجهاد في القتال.

    وهذا مفهوم قاصر، فالجهاد أعم من القتال، ولذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (الجهاد ماض إلى يوم القيامة؛ فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن) ، وهناك صور من صور الجهاد غير القتال، كالجهاد بالمال، والجهاد بالكلمة، ومنها حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (أفضل الجهاد: كلمة حق عند سلطان جائر).

    ومن هذا الباب: مجيء الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: (يا رسول الله! إني أريد الجهاد معك، فقال له عليه الصلاة والسلام: أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد)، فهناك مجاهدة بصور متعددة؛ فترجمة الجهاد إلى (trajel) بمعنى القتال، تفسير قاصر، وترجمة قاصرة من المترجم الذي قام بها.

    ولذلك قال كثير من العلماء المعصرين: إن التفاسير التي ترجمت الآن من بعض الإخوان وإن كانوا على درجة من الخلق الحسن والصلاح، لكن لقلة علمهم بالمدلولات الشرعية أخطئوا في كثير من الألفاظ حين ترجموها، ولكن استدركوا على مثل هذه الترجمة القاصرة بعموم سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، وبعموم سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا بين أن من الجهاد جهاد بالنفس قضى هذا البيان على حصر الجهاد في الجهاد بالسيف.

    وهنا يقول الله سبحانه: وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ [الصف:11]، وكذلك في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111]، فقدم الجهاد بالمال في بعض الآيات على الجهاد بالنفس، وفي بعض الأحيان يقدم الجهاد بالنفس على الجهاد بالمال كل بحسبه؛ فلذلك إذا سمعت حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (الجهاد ماض إلى يوم القيامة) ؛ فلا تظن أنه انتهى بعدم وجود المعارك.. بل عليك أن توقن بحديث نبيك محمد عليه الصلاة والسلام وأنه مراده به كل أنواع الجهاد.

    وفي الحقيقة أن هذا باب مفتوح لمن أراد أن يجاهد الآن، فلا تركز على مطعمك ومشربك ومنكحك وبيتك وتهمل الدعوة إلى الله، وتهمل نصرة كتاب الله وسنة رسول الله، فباب الدعوة لهذا الغرض مفتوح ومتسع، ويستنزف كل أموالك، بل كل حياتك، حتى إذا اشتريت مائة شريط في السَنة ووزعتها على سائقي السيارات، تبث من خلالها كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنشر بها خيراً، أو تنشيء مصالح خيرية، أو تساعد في مصالح خيرية؛ فإن الجهاد بالمال ماض أيضاً إلى يوم القيامة، وهو أحد أقسام الجهاد.

    كذلك كلمة الحق التي أخذها الله سبحانه منك، ومن كل من تعلم وأوتي نصيباً من العلم، كما قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [آل عمران:187]، فإذا خصصت جزءاً من حياتك للتفقه في دينك، وجزءاً من مالك لنشر كتاب ربك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم؛ فإنك مجاهد حينئذ، وأنت على ثغر من الثغور وإن كان لا يشعر بك أحد من الناس.

    قال الله: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ [الصف:11-12]، ومعنى عدن: إقامة، عدنت في مكان كذا، أي: أقمت في هذا المكان، أي: هي جنات إقامة وخلود لا يخرج منها الشخص، فإن الموت يذبح كما في الصحيح وغيره، قال عليه الصلاة والسلام: (يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح، فيوقف على قنطرة بين الجنة والنار، فينادى: يا أهل الجنة! هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم. هذا الموت، وينادى: يا أهل النار! هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم. هذا الموت، فيذبح الموت على قنطرة بين الجنة والنار، ثم تلا الرسول عليه الصلاة والسلام وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [مريم:39-40])؛ فجنات عدن: أي جنات إقامة.

    وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا [الصف:12-13] أي: وبشارة أخرى تلحقكم إذا أنتم آمنتم وجاهدتم بالأموال وبالأنفس.

    ما هي هذه الأخرى التي تحبونها؟

    نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ [الصف:13]، في الحياة الدنيا، وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [الصف:13]، ما المراد بالفتح القريب؟

    قال فريق من أهل العلم: إن المراد بالفتح القريب هو فتح مكة.

    وقال آخرون: هو أعم من ذلك، وهو عموم الفتوحات التي فتحها الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الصحابة الذين جاهدوا معه، ومن بعده.

    وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [الصف:13]، البشارة إذا أطلقت فهي بشارة بالخير، وإذا قيدت البشارة فعلى حسب ما قيدت به، فإذا قلت: أبشر يافلان، فهذه البشرى معناها بشرى بالخير، لكن إذا قيدت فعلى حسب ما قيدت به، كما قال سبحانه: وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:3]، فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:17-18]، وللبشرى فقه وأحكام متسعة وليس المقام مقامها.

    قال سبحانه وتعالى: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [الصف:13]، يؤخذ من هذا استحباب التبشير بالخير.

    أما التبشير بالشر وبما يكره، هل يستحب أو يكره؟ الظاهر أن له فقهاً وأحوال، فقد تدافع علي والزبير رضي الله عنهما لما قتل حمزة ، ومثل به، وشقت بطنه، واستخرجت كبده، فجاءت أخته صفية تبحث في القتلى عن أخيها حمزة ، وعن الذي أصابه، فرآها علي والزبير، فقال علي للزبير: أخبر أمك بشأن أخيها حمزة ، وقال الزبير لـعلي : بل أخبر عمتك أنت؛ إني أخاف على عقلها ...، الحديث إلى آخره.

    فهل البشارة بالسوء يتحفظ فيها الشخص؟

    نعم. اللهم إلا إذا قوي إيمانك وإيمان من سيلقى إليه الخبر، فلهذه المسائل فقه، ولها أحوال، والله سبحانه أعلم.

    أما البشارة بالخير فقد بشر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم، كما في حديث: (ائذن له وبشره بالجنة)، إلى غير ذلك.

    وجوب نصرة الله

    قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا في هذا أيضاً تهييج للمؤمنين ومخاطبتهم بصفة يحبونها.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ [الصف:14] من العلماء من قال: هنا مقدر محذوف، والمعنى: كونوا أنصار دين الله، أي: انصروا دين الله، وانصروا كتاب ربكم وسنة نبيكم، وملة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

    كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّين [الصف:14]، من العلماء من قال: إن الآمر بالكون هو الرسول عليه الصلاة والسلام، فقدروا حينئذ مقدراً محذوفاً فقالوا: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا نبيكم إذ قال لكم: كونوا أنصار الله كما أطاع الحواريون عيسى بن مريم لما قال لهم: كونوا أنصار الله.

    والمقدرات تأتي في كتاب الله في مواطن وتستاغ، وتأتي في مواطن أخر وتكون مرجوحة، وبحسب السياق الذي وردت فيه يحكم عليها بما تستحق.

    كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ [الصف:14] أي: من ينصرني في بلاغي لدين الله؛ فعلى هذا يجوز للنبي أو للرجل الصالح أن يطلب مساعدة قومه له كي يبلغ الدين، يجوز للنبي عليه الصلاة والسلام، ويجوز للشخص الصالح أن يطلب المعاونة والمؤازرة من قومه وأتباعه وأحبابه لتبليغ هذا الدين، وفي هذا الباب يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (ألا هل من رجل يؤويني حتى أبلغ رسالة ربي عز وجل؟ ألا هل من رجل يؤويني حتى أبلغ رسالة ربي عز وجل؟) فطلب مثل هذا لا يكره ولا يخدش في توكل الشخص على الله، بل هو من باب الأخذ بالأسباب.

    قال عيسى للحواريين: من أنصاري إلى الله؟ والحواريون المراد بهم: الأنصار، وهذا الرأي الراجح في تفسير الحواري، ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام: (لكل نبي حواري، وحواري الزبير بن العوام )، فالحواري هو الناصر، والحواريون هم الأنصار.

    وثم أقوال أخرى في سبب تسميتهم بالحواريين: منها: أنهم سموا بالحواريين لبياض ثيابهم، وقال آخرون: سموا بالحواريين لبياض عمائمهم، وهذه الأقوال كلها وردت بها آثار عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين، لكن لا يثبت فيها خبر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

    كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ أي: يختبر ما عندهم، قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ [الصف:14] من أهل العلم من المفسرين من أورد هنا أثر ابن عباس الذي روي عنه بإسناد صحيح عند ابن أبي شيبة وغيره: (أن عيسى عليه الصلاة والسلام خرج على أصحابه الحواريين ذات يوم فقال لهم: من يلقى عليه شبهي ويكون معي في الجنة؟ يعني: انتدبهم، فقال شاب: أنا يا رسول الله! فسكت عيسى عليه الصلاة والسلام، ثم قال: من يلقى عليه شبهي ويكون معي في الجنة؟ فسكت القوم، وقال نفس الشاب: أنا يا رسول الله! فسكت، ثم قال: من يلقى عليه شبهي ويكون معي في الجنة؟ قال: أنا يا رسول الله! فأغفى القوم كلهم إغفاءة -أي: أخذتهم سنة من النوم- وألقي شبه عيسى على هذا الغلام، ورفع الله سبحانه وتعالى عيسى إليه)، كما قال تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء:158]، وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء:157]، فرفع عيسى عليه الصلاة والسلام وألقي شبهه على هذا الغلام، فدخل اليهود الذين كانوا قد أصدروا حكماً بصلب عيسى على الحواريين، فرءوا هذا الشاب وقد تصور بصورة عيسى، وألقي عليه شبه عيسى كما قال تعالى: وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ، فأخذوه وصلبوه، وادعوا أنهم صلبوا عيسى.

    فاختلف الحواريون الجلساء في الأمر، فقال فريق منهم: هو الله كان بيننا ما شاء أن يكون ثم صعد، وقال آخرون: لا، بل هو ابن الله أرسله الله سبحانه كي يذبح أو يصلب تكفيراً لخطيئة آدم، وقال آخرون: هو عبد الله ورسوله.

    فالطائفة التي قالت: هو الله. هم اليعقوبية، والطائفة التي قالت: هو ابن الله. هم النسطورية، والطائفة الثالثة هي الطائفة المسلمة، فتعاضدت الطائفتان الكافرتان على الطائفة المسلمة التي قالت: هو عبدالله ورسوله فقاتلوها، فمنهم من ثبت في القتال وقاتل حتى قتل، ومنهم من هرب إلى الفيافي والقفار والصوامع يعبد الله سبحانه وتعالى، وما زال الأمر مطموساً إلى أن أيد الله سبحانه وتعالى هذه الفئة المؤمنة ببعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا عند طائفة من المفسرين هو المراد بقوله تعالى: فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا أي الذين آمنوا بعيسى أيدناهم ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام إليهم، فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ أي: فوق عدوهم، وذلك ببعثة الرسول عليه الصلاة والسلام، قال الله : وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا [النساء:157]، وهذا كلام ربنا سبحانه، وهذا الفارق بين الإسلام والنصرانية، وهو من أقوى الفوارق بعد قضايا التوحيد الكبرى، وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ، هذا كلام الله سبحانه، فكل من ادعى أن المسيح قد صلب فهو كذاب أشر، مخالف لكلام الله ومخالف لكلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    وثم وجه آخر من أوجه التأويل: أن التأييد والظهور بالحجة والغلبة والبيان، وأن: التأييد سيكون بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان، كما قال ربنا سبحانه في كتابه الكريم: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [الزخرف:61].

    قوله: وَإِنَّهُ ، للعلماء فيها قولان:

    الأول: أنها راجعة إلى عيسى، وأن نزوله من علامات القيامة، وأن مبعثه ومخرجه علامة على اقتراب الساعة.

    الثاني: من العلماء من قال: هي راجعة إلى الرسول، لكن القول الأول هو الأشهر.

    وقال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده! ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً، فيقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها)، والقلاص هي الإبل.

    والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755974505