إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (931)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    مشروعية فسخ النكاح إذا كان بغير رضا المرأة

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى قضايا هذه الحلقة قضية بعث بها مستمع من السودان هو (أ. ب. م) من محافظة الدويم، أخونا يقول عن هذه القضية: تزوج رجل امرأة برضاها وبعقد صحيح بولي وصداق وشهود، وحينما طلب الدخول بها امتنعت وادعت أنها مجبرة على الزواج منه، وعند إحالة المسألة إلى القضاء أمر القاضي بفسخ العقد وتزوجت المرأة بزوج آخر دون رضا الزوج الأول، وأسئلتي تتلخص في القضايا التالية:

    هل فسخ القاضي للنكاح صحيح؟ هل زواجها من الرجل الآخر جائز؟ ماذا يفعل الزوج الأول؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول! وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت) ، وفي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها) ، فإذا كانت مجبرة فالنكاح غير صحيح، وما فعله القاضي هو الصواب، جزاه الله خيراً وأثابه.

    وزواجها صحيح، زواجها الأخير صحيح إذا كان قد استوفى الشروط الشرعية؛ لأنه لا عدة عليها، النكاح فاسد ولم يدخل بها، ولو طلقت قبل الدخول ما عليها عدة، فكيف بنكاح فاسد.

    1.   

    حكم تأخير زكاة عروض التجارة

    السؤال: الرسالة التالية رسالة وصلت إلى البرنامج من اليمن الشمالي صنعاء، وباعث الرسالة أخ لنا من هناك يقول: عبد الله محمد هسلة ، له مجموعة من القضايا في قضيته الأولى يقول: عندي دكان لبيع أدوات سيارات، ولكن لم أملك نقوداً لكي أزكي في الوقت الحاضر، ذلكم أني لم أبع شيء وإنما البضاعة مطروحة، فهل أزكي عندما تكون لدي فلوس ولو بعد رمضان أفيدونا مشكورين؟

    الجواب: نعم، متى أيسرت تزكي ولو بعد الحول، إذا تم الحول وعندك نقود تخرج الزكاة منها في رمضان أو في غيره، متى تم الحول وجب عليك إخراج الزكاة، فإذا كنت معسراً بالمال ما عندك إلا عروض فلا مانع من الانتظار حتى يتيسر بيع شيء من العروض ثم تخرج الزكاة؛ لأن الله يقول: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280].

    وإن أخرجت من العروض بقدر الزكاة لبعض الفقراء صح ذلك في أصح قولي العلماء، كأن تخرج ملابس أو بطانيات أو ما أشبه ذلك بالقيمة السائدة في السوق المعروفة تعطيها بعض الفقراء بنية الزكاة صح ذلك في أصح قولي العلماء؛ لأن الزكاة مواساة وقد واسيت مما عندك.

    1.   

    توجيه لمن ابتلي بالوسوسة في الطهارة

    السؤال: أخونا يقول: إنه عندما يتوضأ يشعر وكأن به سلس ويشعر بقطرات من الماء، كيف توجهونه وتوجهون أمثاله شيخ عبد العزيز لو تكرمت؟

    الجواب: كثير من الناس قد يبتلى بهذا عن وسوسة لا عن حقيقة، فنصيحتي لهذا وأمثاله أن لا يلتفت إلى هذا الشيء وأن يعرض عنه ما دام عنده شك ولو قليلاً ولو واحد في المائة، ولو واحداً في المائة أنه ما خرج منه شيء فلا يلتفت إلى هذا؛ لأن التفاته إلى هذا يجره إلى الوسواس المستمر، فينبغي الإعراض عن ذلك.

    أما إذا جزم وتيقن مائة في المائة أنه خرج منه شيء فإنه يستنجي يعيد الاستنجاء والوضوء الشرعي، ولا يصلي وقد خرج منه بول إذا كان يقيناً مائة في المائة.

    ويستحب له أن يرش موضع الفرج بعد فراغه من الوضوء، يرشه بالماء حتى يحمل ما قد يقع له من وساوس على هذا الماء، وبهذا ينتهي الوسواس وينقطع إن شاء الله.

    1.   

    حكم مصافحة ومحادثة الأجنبية في نهار رمضان وغيره

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع: محمد يوسف من جدة، أخونا له جمع من القضايا في إحداها يقول: سماحة الشيخ! ما الحكم فيمن صافح امرأة أجنبية أو تحدث معها في نهار رمضان وهو صائم وأيضاً هي صائمة؟ هل هذا يفسد الصوم أو يجرحه؟ نرجو توجيهنا جزاكم الله خيرا، وهل من كفارة؟

    الجواب: أولاً: المصافحة للمرأة الأجنبية لا تجوز؛ لأن الرسول عليه السلام قال: (إني لا أصافح النساء) ، وقالت عائشة رضي الله عنه: (ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام) يعني: النساء الأجنبيات غير المحارم، أما المحرم كأخته وعمته فلا بأس أن يصافحها.

    وأما المكالمة للأجنبية فلا بأس بها إذا كانت مكالمة مباحة ليس فيها تهمة ولا ريبة، كي يسألها عن أولادها يسألها عن أبيها يسألها عن حاجة من حوائج الجيران أو الأقارب لا بأس بذلك.

    أما إن كانت المكالمة للتحدث فيما يتعلق بالفساد والزنا ومواعيد الزنا أو عن شهوة أو عن كشف منها له، بأن يرى محاسنها يرى وجهها يرى محاسنها كل هذا لا يجوز.

    أما إذا كانت المحادثة مع التستر ومع الحجاب ومع البعد عن الريبة، وليس عن شهوة فإنه لا حرج عليه في ذلك، وقد تحدث النبي صلى الله عليه وسلم إلى النساء وتحدث النساء إليه ولا حرج في ذلك والصوم صحيح، لا يضره المصافحة ولا تضره المحادثة إلا إذا كانت عن شهوة وخرج المني، فإنه يبطل الصوم بخروج المني عن شهوة، وعليه أن يعيد الصوم على من خرج منه ذلك أن يعيد الصوم.

    أما مجرد التحدث ولم يخرج شيء فإنه لا يضر الصوم، وهكذا لو خرج مذي المذي لا يبطل الصوم على الصحيح، وإنما يبطله خروج المني عن شهوة في نهار الصوم.

    والواجب على المؤمن أن يحذر ما حرم الله عليه، وأن لا يصافح امرأة لا تحل له، وأن لا يتحدث إليها عن شهوة أو ينظر إلى محاسنها، والله يقول جل وعلا: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30] فالتحفظ من أسباب الشر واجب على المؤمن أينما كان، نسأل الله لنا وللمسلمين جميعاً السلامة.

    1.   

    حكم الغش في الامتحانات

    السؤال: قضية أخرى يسأل فيها أخونا محمد يوسف من جدة ويقول: ظهرت طريقة سيئة بين تلاميذ المدارس هذه الأيام، وهي الاعتماد الكلي على الغش في الامتحانات، ويفعلون ذلك حتى في نهار رمضان، وعندما أخبرتهم أن هذا لا يجوز استناداً للحديث الشريف: (من غشنا فليس منا) إلا أنهم يعتذرون بأن الغش أفضل وسيلة للنجاح، علماً بأن البعض منهم يحصل على أعلى الدرجات عن طريق الغش وينجحون بتفوق، وهذا ما يجعلني دائماً متأخراً في دراستي لأنني اعتمد على نفسي، فهل أنا على خطأ؟ أم أن القول المأثور صحيح حيث يقولون: إن الضرورات تبيح المحظورات؟ أرجو من سماحتكم الإجابة الشافية جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: الغش في الامتحان محرم ومنكر كالغش في المعاملات، وقد يكون أعظم من الغش في المعاملات؛ لأنه قد يحصل له وظائف كبيرة بأسباب الغش، فالغش محرم في الامتحانات في جميع الدروس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من غشنا فليس منا) ولأنه خيانة والله يقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27].

    فالواجب على الطلبة في أي مادة أن لا يغشوا، وأن يجتهدوا في الاستعداد حتى ينجحوا نجاحاً شرعياً.

    وأما أنت فقد أحسنت في عدم الغش، وعليك أن تجتهد وعليك أن تسلك الطريق السوي ولو تأخرت في بعض المواد، فالحق أحق بالاتباع وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة.

    وإذا صدقت في الاستعداد والعناية يسر الله أمرك كما قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2] وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:3] ويقول سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4] ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا .. [الأنفال:29] الآية، والفرقان النور والعلم والهدى.

    فاجتهد في طلب العلم من طريقه الطيب واحرص على بذل الجهد في تحصيل العلم، وأحسن ظنك بالله واسأله التوفيق، وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة، ولا تغتر بالغشاشين ولا تغبطهم على غشهم لأنهم قد ارتكبوا كبيرة من الكبائر وحصلوا على خطر عظيم، نسأل الله السلامة.

    1.   

    حكم المطلقة ثلاثاً إذا مات مطلقها قبل انقضاء عدتها

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من اليمن الشمالي وباعثها أحد الإخوة يقول: (ع. ع. ح) أخونا له سؤالان في سؤاله الأول يقول: رجل طلق زوجته ثم راجعها، ثم طلقها الطلقة الثانية ثم راجعها، ثم طلقها الثالثة وقبل أن تكمل العدة توفي هذا الزوج، فهل عليها عدة المتوفى عنها زوجها؟ وهل ترث من مال زوجها الذي طلقها الطلقة الثالثة ولكنها لم تكمل العدة بعد؟

    الجواب: إذا كان الواقع كما قال السائل فليس عليها عدة وفاة، وإنما عليها أن تكمل عدة الطلاق وليس لها إرث؛ لأنها بالطلقة الأخيرة الثالثة بانت من زوجها.

    فإذا مات بعد الطلقة الأخيرة فإنها لا ترث منه ولا تعتد منه عدة الوفاة، ولكنها تكمل عدة الطلاق إذا كانت طلقات المذكورة طلقات شرعية واقعة.

    1.   

    حكم إرث القاتل من المقتول إذا عفى ولي الدم عن القاتل

    السؤال: يقول في قضية أخرى: إذا قتل رجل أخاه وعفا الأب عن هذا القاتل فهل يرث القاتل من المقتول؟

    الجواب: لا يرث القاتل من المقتول إذا كان قتله عمداً وعدواناً فإنه لا يرث منه، وهكذا لو كان خطأً أوجب عليه الدية أو الكفارة فإنه لا يرث منه للحديث (ليس للقاتل من الميراث شيء).

    وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن القاتل لا يرث من المقتول، إذا كان قتلاً مضموناً ولو عفا الأب، لكن إذا سمح الورثة الباقون أن يشركوه فلا حرج عليهم، إذا كانوا مكلفين مرشدين وسمحوا بأن يرث معهم هذا القاتل فلا بأس، أو كان الوارث الأب أبا المقتول وأبا القاتل وسمح أن يرث من المقتول لكن سمح والده أن يرث من المقتول فالحق له إذا كان القاتل له إرث بأن قتل مثلاً أخاه والوالد لا يرث لكونه رقيقاً أو كافراً والقتيل مسلم.

    أما إذا كان القتيل مسلم والأب مسلم، أو القتيل كافر والأب كافر، فإن الإرث للأب يحجب الإخوة.

    الحاصل: أنه إذا كان القاتل يرث لولا القتل وسمح الورثة له بالمشاركة وهم مكلفون مرشدون فلا بأس بذلك، الحق لهم.

    1.   

    قيام الليل.. صفته ووقته وفضله

    السؤال: رسالة من أحد الإخوة المستمعين يقول: صالح أحمد عالي الغامدي أخونا له جمع من الأسئلة في سؤاله الأول يقول: كم عدد ركعات صلاة الليل؟ وهل هي سرية أم جهرية؟ وهل تصح جماعة؟ وما هو وقتها؟ علماً بأنني أصليها بعد منتصف الليل، وأوقات أصليها قبل ذلك، وأصلي أربع ركعات ثم أوتر بركعة، أرجو التوضيح والتوجيه جزاكم الله خيرا.

    الجواب: صلاة الليل ليس لها عدد محصور، ولو صلى مائة ركعة وأوتر بواحدة أو أكثر من ذلك لا بأس بذلك، ليس لها عدد محصور، الله جل وعلا ندب إلى صلاة الليل وحث عليها سبحانه وتعالى في كتابه العظيم قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل:1-4] ، وقال سبحانه وتعالى في وصف عباده المتقين: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17-18] ، وقال عن عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64].

    لكن الأفضل أن يوتر بمثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة أو ثلاث عشرة يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل.

    وإذا أوتر بأكثر من ذلك بعشرين أو بأربعين أو بأكثر من ذلك وختم بواحدة فلا بأس بذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة) هذا يدل على أن صلاة الليل ليس لها حد، ولهذا قال: (صلاة الليل مثنى مثنى) ولم يحد بحد عشر أو أكثر أو أقل، قال: (فإذا خشي أحدكم الصبح فليصل ركعة واحدة توتر له ما قد صلى) هذا هو المشروع في هذا الباب.

    ثم وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، بعد صلاة العشاء وسنة الراتبة إلى طلوع الفجر كله محل تهجد بالليل.

    وأفضل ذلك آخر الليل الثلث الأخير هذا أفضل ذلك. وإن أوتر في أول الليل أو من وسطه فلا بأس، قد فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا كله، قد أوتر من أول الليل عليه الصلاة والسلام وأوتر من وسطه وأوتر من آخره كما قالت عائشة رضي الله عنها، ثم استقر وتره في السحر عليه الصلاة والسلام.

    ولا مانع أن يصليها جماعة في بعض الأحيان مع أهله، أو مع زواره من غير أن يتخذها عادة، لكن إذا صادف ذلك أنه زاره بعض إخوانه فصلوا جماعة لا بأس، وقد زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء في بعض الليالي وصليا جماعة في الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم زار محل أنس وصلى الضحى بهم جماعة عليه الصلاة والسلام.

    فالمقصود أنه إذا صلى النافلة جماعة في بعض الأحيان من غير اتخاذها ذلك عادة راتبة فلا بأس بذلك، ولا حرج في ذلك.

    والوتر أقله واحدة، ولا حد لأكثره، لكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة هذا هو الأفضل، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

    المقدم: من أسئلته سماحة الشيخ: هل هي سرية أم جهرية؟

    الشيخ: سرية وجهرية، يجوز أن يجهر ويجوز أن يسر، تقول عائشة رضي الله عنها: (كل ذلك قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم)، ربما جهر بالقراءة وربما أسر عليه الصلاة والسلام.

    فالمؤمن يفعل ما هو أصلح لقلبه وما هو أخشع له، فإذا كانت قراءته جهرة أخشع لقلبه جهر، وإذا كانت السرية أخشع لقلبه وأرفق به فعل ذلك سرية.

    المقدم: جزاكم الله خيرا؛ للبرنامج بعض الأسئلة حول قيام الليل شيخ عبد العزيز .

    الشيخ: نعم.

    المقدم: رأيكم في الصوارف عن قيام الليل وما أكثرها في هذا الزمان؟

    الشيخ: المؤمن ينبغي له أن يبذل وسعه في قيام الليل، وإذا خشي أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر عند مسلم : (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل) خرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوتر من أول الليل وأوتر من وسطه وأوتر من آخره فالأمر واسع، وقد أوصى عليه الصلاة والسلام أبا الدرداء وأبا هريرة بالوتر أول الليل، والسر في ذلك والله أعلم أنهما كانا يدرسان الحديث فربما شق عليهما القيام في آخر الليل، فأوصاهما بالإيتار قبل النوم.

    فالمؤمن يجاهد نفسه في هذا والحمد لله ليس بفريضة إنما هو سنة، سنة مؤكدة وكان يفعله النبي في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، كان في السفر والحضر يوتر ويتهجد بالليل عليه الصلاة والسلام.

    فمن فعل هذا فقد أحسن وله أجر عظيم ومن ترك ذلك فلا حرج عليه لكنه ترك أمراً عظيماً وسنة كبيرة، نعم.

    المقدم: صلاة الرجل بأهل بيته، كيف يكون التوجيه بخصوصها شيخ عبد العزيز ؟

    الشيخ: إن شاء فعل وإن شاء ترك، النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده، ما كان يصلي بأهل بيته، كان يصلي وحده صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء الوتر أيقظ عائشة لتوتر.

    فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان فيما علمنا يصلي وحده عليه الصلاة والسلام في تهجده بالليل، فإذا تهجد الإنسان بالليل وحده فلا بأس، وإن صلى بأهله أو بجماعة زاروه فلا بأس.

    المقدم: شيخ عبد العزيز ، المرغبات كثيرة في ديننا حبذا لو تفضلتم بذكر بعض منها ولاسيما فيما يخص صلاة الليل؟

    الشيخ: مثلما تقدم صلاة الليل عبادة عظيمة ومن سنة الأنبياء ومن دأب الصالحين، وهي مثلما في الحديث تكفر السيئات، وقربة إلى الله عز وجل، وهي من دأب الصالحين قبلنا.

    فينبغي للمؤمن أن يعتادها وأن يفعلها تأسياً بالأنبياء والأخيار، كما قال سبحانه في عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64] ، وقال في المتقين: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17-18] ، وقال سبحانه في أهل الصلاح والخير: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16-17] والله جل وعلا في كتابه العظيم رغب فيها كثيراً، وهكذا نبيه عليه الصلاة والسلام.

    فينبغي للمؤمن أن يستكثر من ذلك وأن يعتاد ذلك، وأن لا يخل بذلك لا سفراً ولا حضراً، نعم.

    المقدم: جزاكم الله خيرا، أعود مرة أخرى للصوارف عن قيام الليل؟

    الشيخ: من الصوارف السهر، يعني السهر في القيل والقال، والأحاديث التي لا فائدة فيها، أو في مشاغل الدنيا كالصناعة والجشع والحرص على المال، يعمل ليلاً ونهاراً لجمع المال والحرص على المال، فإذا سقط في الفراش سقط سقوط الميت، لا يستطيع أن ينهض للعبادة، وربما ترك صلاة الفجر ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    فينبغي للمؤمن أن ينام مبكراً ويجتهد في ذلك، حتى يستطيع أن يقوم من آخر الليل، أو يصلي من الليل ما تيسر قبل أن ينام، ثم ينام مبكراً، حتى يستطيع القيام لصلاة الفجر ويصليها في الجماعة، فمن فعل ذلك فقد أحسن، ومن تساهل وقع فيما وقع فيه المنافقون، من فوات الخير والحصول على الشر والندامة، قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142].

    فالمؤمن ينبغي له البعد عن التشبه بهم في جميع الأحوال.

    المقدم: جزاكم الله خيرا. أرجو أن نعود إلى البحث والمناقشة حول هذه القضية في حلقات قادمة شيخ عبد العزيز .

    الشيخ: نرجو ذلك.

    1.   

    الأمور المعينة على حفظ القرآن الكريم

    السؤال: السؤال الثاني لأخينا صاحب البحث والمناقشة في قيام الليل يقول: أرجو من سماحتكم بيان أفضل الطرق التي يتم بها حفظ كتاب الله؟ علماً أنني حريص على ذلك والحمد لله، وحفظت حتى الآن ثلاثة أجزاء؟

    الجواب: من أفضل الطرق ومن أحسنها وأنفعها أن يكون له وقت يتحفظ فيه وأن يكون الوقت مناسباً ليس فيه مشاغل، إما في أول النهار بعد صلاة الفجر أو في الليل أو في أي وقت يراه أنسب له وأفرغ لقلبه، حتى يدرس فيما تيسر ويتحفظ فيما تيسر.

    ومع ذلك يستعين بالله، يسأله التوفيق والإعانة ويجتهد في ذلك، ومن ذلك أيضاً البعد عن المعاصي والحذر منها، فإن المعاصي من أسباب فوات الخير وحصول الشر.

    يقول الشافعي رحمه الله:

    شكوت إلى وكيع يعني: شيخه.

    شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

    وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يؤتاه عاصي

    فالمعاصي من أسباب حرمان الخير .. حرمان الطاعات .. حرمان حفظ القرآن .. حرمان خير كثير، فمن أعظم الأسباب في حفظ القرآن الكريم العناية بالأوقات المناسبة والمواظبة على ذلك، والبعد عن المعاصي والسيئات مع الضراعة إلى الله وسؤاله سبحانه أن يعينك وأن يوفقك وأن يمنحك حفظ كتابه، ومع الإخلاص في ذلك وأنك تقصد بهذا الحفظ وجهه الكريم، والانتفاع بكتابه، والتزود مما فيه من الخير، هذا كله من أسباب التوفيق والهداية.

    وإذا تيسر لك زميل طيب يساعدك على حفظ القرآن فهذا أيضاً من الأسباب الطيبة.

    إذا حصلت زميلاً طيباً يعينك على الحفظ، ويوافق على الأوقات المناسبة فهذا أيضاً من أكبر العون.

    المقدم: جزاكم الله خيرا، ما أثر عن الإمام علي بن أبي طالب بخصوص هذا شيخ عبد العزيز، ما هو قولكم..؟

    الشيخ: ليس بمحفوظ الدعاء الذي ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه علياً وأمره أن يركع أربع ركعات إلى آخره، ليس بمحفوظ.

    المقدم: ليس بمحفوظ؟

    الشيخ: لكن لو دعا بالدعوات التي فيه ما فيه شيء دعوات طيبة.

    المقدم: الدعوات طيبة؟

    الشيخ: لا بأس بها نعم.

    المقدم: جزاكم الله خيرا.

    سماحة الشيخ في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وتوجيههم ونصحهم، فجزاكم الله خيرا.

    الشيخ: وفق الله الجميع.

    المقدم: اللهم آمين.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    من الإذاعة الخارجية سجل هذا اللقاء زميلنا مطر محمد الغامدي ، شكراً لكم جميعاً وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755929848