إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (205)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم من سها في الصلاة ولم يسجد للسهو

    المقدم: أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات نور على الدرب.

    في هذا اللقاء يسرنا أن نكون بصحبة صاحب السماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ليتفضل سماحته بالإجابة على أسئلتكم واستفساراتكم.

    ====

    السؤال: وأولى رسائل هذه الحلقة وردتنا من المستمع (ع. م. م) من الرياض، يقول فيها: إذا سهوت في الصلاة ولم أسجد سجود السهو، وسلمت ونسيت سجود السهو، فماذا يجب علي أن أفعل؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد أبان النبي صلى الله عليه وسلم الحكم فيما يتعلق بالسهو، وذكر عليه الصلاة والسلام أنواعاً من ذلك قولاً وفعلاً عليه الصلاة والسلام، فمن ذلك: ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماماً كانتا ترغيماً للشيطان) خرجه مسلم في صحيحه.

    فإذا شك الإنسان هو صلى ثنتين أم ثلاث يجعلها ثنتين، يبني على الأقل وهو اليقين، وإن شك أنها ثلاث أو أربع جعلها ثلاثاً ثم كمل، ثم بعد هذا يسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم.

    وهكذا لو سها عن قول: (سبحان ربي العظيم) في الركوع، أو عن (سبحان ربي الأعلى) في السجود أو عن قول (رب اغفر لي) بين السجدتين، أو سها عن قول (ربنا ولك الحمد) عند ارتفاعه من الركوع، أو سها الإمام أو المنفرد عن قول: (سمع الله لمن حمده) كل هؤلاء يشرع لهم بل يجب عليهم سجود السهو: سجدتان قبل أن يسلم، وهكذا لو سلم من ثلاث في الظهر أو العصر أو العشاء، أو سلم من ثنتين في المغرب مثلاً، أو سلم من واحدة في الفجر أو الجمعة ناسياً فإنه يسجد للسهو، لكن في هذه الحالة إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر فإنه يكون سجوده بعد السلام أفضل؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه سلم مرة من ركعتين فنبه وكمل صلاته ثم سلم ثم سجد للسهو سجدتين، ومرة سلم من ثلاث عليه الصلاة والسلام فنبه فكمل صلاته ثم سلم، ثم سجد سجدتين للسهو ثم سلم.

    هذا هو المشروع للمؤمن والمؤمنة في السهو، فإذا نسي السجود فصلاته صحيحة، إذا نسي سجود السهو فصلاته صحيحة، لكن متى ذكر سجد سجدتي السهو سواء في المسجد أو في بيته، وقال بعض أهل العلم: إذا طال الفصل سقطت، ولكن الأحوط والأولى أنه متى ذكرها ولو طال الفصل سجد سجدتين بنية السهو، سواء في المسجد أو في بيته.

    1.   

    حكم غلبة النعاس في صلاة الصبح

    السؤال: يغلبني النعاس أحياناً في صلاة الصبح فلا أعلم ما قلت ولا ما فعلت كالقراءة والتحيات، ولكنه ليس بالنوم العميق الذي يخشى من نقض الوضوء معه فماذا أفعل، أفيدوني بارك الله فيكم؟

    الجواب: مادام شعورك معك وتعقل الصلاة وأنك تتابع الإمام فصلاتك صحيحة، فالأصل أنك أديت ما يفعله الإمام، هذا هو الأصل وهو الظاهر من عملك مع الإمام حتى تعلم خلاف ذلك، إذا علمت أنك لم تقرأ التحيات مع الإمام تأتي بها ثم تسلم، وإن كنت علمت أنك تركت الفاتحة من ركعة من الركعات فالأمر في هذا واسع؛ لأن الإمام يتحمله عنك عند سهوك، وعند جهلك، وعند عدم علمك بما وقع منك، يتحمل الإمام عنك ذلك إن شاء الله.

    1.   

    هجر العاصي والمبتدع

    السؤال: حصل بيني وبين أخي مناظرة ومناصحة وبعدها تقاطعنا بسبب أني نهيته عن فعل منكر، فهل يعتبر هذا هجراً؛ لأني سمعت حديثاً بمعناه: (لا يهجر المسلم أخاه ثلاثاً) أفيدوني بارك الله فيكم؟

    الجواب: الحديث: (لا يهجر المسلم أخاه فوق ثلاث) أما الثلاث فإنها رخصة، لكن هذا الهجر فيما يتعلق بأمور الدنيا، إذا صار بينه وبين أخيه خصومة.. نزاع.. دعاوى، فله أن يهجره ثلاثاً فأقل، وليس له أن يهجره فوق ثلاث، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.

    أما إذا كان الهجر لله للمعاصي فهذا لا يتقيد بثلاث ولا بأربع ولا بأكثر، بل يجوز الهجر ويشرع الهجر لمن أظهر المعاصي ولو أكثر من ثلاثة أيام ولو سنة ولو سنتين، ولو أكثر منها، حتى يتوب العاصي، حتى يقلع، حتى يرجع عن ضلاله ومعصيته.

    وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ثلاثة من الصحابة خمسين ليلة لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر شرعي، هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بهجرهم، حتى مضى عليهم خمسون ليلة ثم تاب الله عليهم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام عليهم وأعلن توبتهم عليه الصلاة والسلام.

    فالمقصود: أن الهجر للمعاصي والبدع لا يتقيد بثلاثة أيام، بل ذلك يتقيد بحال صاحب البدعة صاحب المعصية التي أعلنها، فمتى تاب وأقلع عن معصيته وعن بدعته سلم عليه إخوانه، ومتى أصر على المعصية الظاهرة أو البدعة الظاهرة استحق أن يهجر، وشرع هجره حتى يتوب إلى الله من ذلك، إلا إذا كان هجره يزيد الشر ويترتب عليه مفاسد أكثر، فإنه لا يهجر حينئذ دفعاً للمضرة الكبرى والشر الأكبر على حسب قاعدة الشريعة في ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما، وفي تحصيل أعلى المصلحتين ولو بفوات الدنيا منهما.

    والحاصل: أنه مقام عظيم يتفاوت فيه الناس، فمتى كان الهجر أصلح للعاصي والمبتدع هجر المدة التي يبقى فيها مصراً على المعصية والبدعة، فإذا تاب وأعلن رجوعه سلم عليه إخوانه المسلمون، ومتى كان الهجر يزيد الشر ويزيد الفتنة ويترتب عليه شر أكثر من معصيته وبدعته على المسلمين أو هو يزداد شره وبلاؤه فإنه حينئذ لا يهجر ولكن ينصح ويوجه دائماً، لعله يرجع إلى الصواب، ويبين له خطؤه، ويظهر له من إخوانه الكراهة لعمله والاستنكار لعمله حتى يرجع من ذلك، مع العناية بما يدفع شره، ويقلل شره، ويسبب سلامة الناس منه.

    1.   

    حكم الاستعاذة عند التثاؤب

    السؤال: في آخر رسالته يقول: هل يلزمني عند التثاؤب في الصلاة أو في غيرها أن أتعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟

    الجواب: التثاؤب لم يرد فيه التعوذ فيما نعلم، ولكن يشرع لمن أصابه التثاؤب أن يكظم ما استطاع، أن يكظم فمه مهما استطاع، وأن يضع يده على فيه، ولا يقول: ها، لا يتكلم بشيء، بل يجاهد نفسه حتى يكظم ويضع يده على فيه؛ لأنه إذا فغره صار له منظر مستكره، فينبغي له في هذا كما جاءت به السنة أن يضع يده على فيه؛ لأن الرسول أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، قال: (إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع، وليضع يده على فيه، ولا يقول: ها، فإن الشيطان يضحك منه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

    فينبغي للمؤمن إذا أصابه التثاؤب أن يكظم ما استطاع وأن يضع يده على فيه، وأما أنه يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فلا نعلم أنه ورد في هذا شيء، ولكن بعض الناس يفعل هذا لعلمه بأنه من الشيطان، فلهذا كثير من العامة يفعلون ذلك؛ لأنهم علموا أن هذا من الشيطان فلهذا فعلوه، وإلا فلا نعلم شيئاً في السنة جاء في هذا الباب، ولا شك أن التثاؤب من الشيطان، نعم يشرع للمؤمن عند الكسل وعندما يحصل له ما يضره من عدو الله يشرع له التعوذ بالله من الشيطان والإكثار من ذكر الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا نعلم أنه ورد في هذا شيء معين في هذه المسألة، فإذا تعوذ بالله من الشيطان عند التثاؤب لعلمه بأنه من الشيطان فلا حرج في ذلك، لكن لا نقول: إنه سنة لعدم الدليل.

    1.   

    حكم الائتمام بالمسبوق

    السؤال: وهذه رسالة وردتنا من مستمع ذيلها بتوقيع طالب عالم، يقول في أول رسالته: إذا وجدت الإمام قد سلم ولا يزال بعض المأمومين ممن فاته بعض الركعات مع الإمام يقضي، فهل يجوز لي أن أصلي خلفه مؤتماً به لجماعة ثانية أم لا؟

    الجواب: الأمر في هذا واسع، إن صليت وحدك فهو أحوط وأولى خروجاً من خلاف العلماء، وإن كان معك جماعة فالأولى والأفضل أن تصلوا جميعاً ولا تصلوا مع المسبوق، وإن صليت مع المسبوق وجعلته إماماً لك فلا حرج في ذلك على الصحيح، والصلاة صحيحة إن شاء الله، لكن الأفضل والأولى لك أن تصلي وحدك؛ لأن كثيراً من أهل العلم لا يرى صحة إمامة المسبوق الذي قام ليقضي ما عليه، فإن صليت معه فلا حرج، كما لو دخلت مع إنسان يصلي وحده وجعلته إماماً لك وصليت معه فإنه لا حرج في ذلك، والجماعة مطلوبة.

    1.   

    حكم الجهر للمسبوق في الصلاة الجهرية ومقداره

    السؤال: يقول أيضاً: إذا قمت لإكمال ما فاتني من الصلاة مع الإمام في صلاة جهرية كالفجر مثلاً، فهل أجهر بالقراءة أم أسر بها؟

    الجواب: الأفضل الجهر؛ لأن الصلاة الجهرية السنة فيها الجهر، لكنه جهر لا يؤذي من حوله من المصلين والمهللين، فيكون جهراً خفيفاً لا يتأذى به من حوله من المصلين.

    1.   

    من سلم قبل الإمام سهواً

    السؤال: يقول أيضاً: إذا سلم بعض المأمومين تسليمة واحدة عن اليمين قبل الإمام سهواً، فهل تبطل صلاته؟

    الجواب: لا تبطل صلاته، لكنه يسلم بعده ثانياً.

    1.   

    أثر نزع الخف الممسوح على الوضوء

    السؤال: يقول: إذا مسحت على الخف فقط، وأنا قد لبسته ولبست تحته جورباً، فلما أردت الصلاة خلعت الخف الذي مسحت عليه وصليت في الجورب فما الحكم في ذلك؟

    الجواب: إذا كان قد أحدث فلا يمسح حينئذ؛ لأنه خلع الممسوح عليه فبطل الوضوء، أما إذا كان لم يحدث بل خلعه وإنما مسح على الخف مسح وضوء نافلة وتطوع لم يحدث فيه وإنما هو وضوء تجديد لم يحدث فيه فإنه يمسح على الجورب الأخير إذا كان ساتراً؛ لأن طهارته التي لبس عليها لا تزال باقية، إذا كانت الطهارة باقية التي لبس عليها الجورب والخف ثم توضأ وضوءاً يعني: تجديداً على غير حدث بل لمجرد التجديد والنشاط فإنه يمسح على الجورب الذي لبسه على طهارة، أما إذا كان قد أحدث، فإنه يخلع حينئذ ويجدد الطهارة ثم يلبس بعده إذا شاء.

    المقدم: ثم يقول: ما الحكم لو خلعهما جميعاً؟

    الشيخ: إذا خلعهما جميعاً فإنه يبطل الوضوء إذا كان قد أحدث، أما إذا كان ما أحدث وكان على طهارته الأولى التي لبس عليها الجورب والخف فطهارته على حالها صحيحة، لا يخل بها خلع الجورب والخف؛ لأنه لم يحدث.

    المقدم: ثم يقول: هل يصح أن يمسح لفرضين أو ثلاثة ثم يخلعهما عند النوم ويستأنف الطهارة من الغد؟

    الشيخ: لا بأس، ليس لازماً أن يبقى فيها يوماً وليلة، لو لبس الخفين ومسح عليهما فرضاً أو فرضين ثم خلعهما لا بأس.

    1.   

    سنية قراءة دعاء الاستفتاح في الفرض والنافلة

    السؤال: يقول أيضاً: هل يقرأ دعاء الاستفتاح في الفرض والنافلة أم في الفرض فقط؟

    الجواب: السنة في الجميع، يقرأ دعاء الاستفتاح في الجميع، في الفرض والنفل جميعاً، هذا ظاهر الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    من ترك سجدة في صلاته سهواً

    السؤال: ما الحكم إذا سها المصلي عن سجدة في صلاته، سواءً علم وهو في الصلاة أم لم يعلم إلا بعدها؟

    الجواب: إذا نسي سجدة بطلت الركعة التي ترك منها السجدة وقامت الثانية مقامها، فمتى ذكر يأتي بركعة بدل الركعة التي ترك منها السجدة، وسجد للسهو إذا كان إماماً، أما إذا كان مأموماً فإنه يقضي بعد تسليم إمامه يقوم يأتي بركعة بدل الركعة التي ترك منها السجود ويكفيه وتصح صلاته إن شاء الله بذلك؛ لأنه فاتته ركعة في المعنى بسبب السجدة التي تركها.

    أما إن كان إمام أو منفرداً فإنه يأتي بركعة بدل الركعة التي ترك السجدة منها ويسجد للسهو بعد ذلك.

    أما المأموم الذي نسي السجدة ولم يفطن لها إلا بعدما مضت الركعة، وقام إلى الركعة الثانية وشرع في القراءة فإنه إذا سلم إمامه يأتي بركعة بدل الركعة التي ترك منها السجود، فإن ذكرها حين قيامه رجع وسجدها وتمت صلاته من غير حاجة إلى زيادة ركعة إذا تذكرها في الحال حين قيامه إلى الركعة التي بعدها، أو بعد قيامه قبل الشروع في القراءة فإنه يرجع ويأتي بالسجدة وتجزئه ركعته، لكن لو نسي واستمر النسيان فإنه يأتي بركعة بعد ذلك، والأقرب والله أعلم أنه يسجد للسهو سجدتين؛ لأنه صار في هذا حكمه حكم المسبوق.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، وإذا لم يعلم إلا بعد الصلاة مثلاً يعيد الصلاة؟

    الشيخ: لا. يأتي بركعة إذا كان الوقت قصيراً قريباً، يأتي بركعة فقط ويسجد للسهو، أما إذا طال الفصل عرفاً بأن نسي ولم يذكر إلا في اليوم الثاني أو الثالث أو بعد طول الفصل فحينئذٍ يعيد الصلاة كلها.

    1.   

    حكم من اقترض بفائدة مئوية

    السؤال: وهذه رسالة من السائل عمر أحمد الكتوتابي من السودان، يقول: ما حكم رجل استلف قدراً من المال بنسبة مئوية هل في هذا ربا أم لا؟

    الجواب: إذا اقترض شيئاً من المال بنسبة مئوية فائدة فهذا من الربا، فإذا اقترض من أخيه مثلاً ألف ريال على أنه يرد عليه ألفاً وخمسين ريالاً فهذا ربا، أو اقترض مائة على أنه يرد مائة وريالين.. مائة وثلاثة، فهذا ربا، لا خلاف في هذا بين أهل العلم، ولا يجوز له هذا، بل يرد رأس المال فقط؛ إذ لا يلزمه إلا رأس المال.

    1.   

    أولوية مفتي البلدة وقاضيها بالنظر في قضايا الطلاق

    السؤال: الرسالة الرابعة في حلقة هذه الليلة وردتنا من السودان أيضاً، من السائل عبد الله قادم أحمد، يقول الأخ عبد الله في رسالته: مشكلتي أنني طلقت زوجتي ثلاث طلقات على النحو التالي، في بداية زواجنا سافرت لبلد آخر وكتبت لي إحدى أخواتي بسوء معاملة زوجتي لوالدي، فأرسلت لها خطاباً بأنها مطلقة، وعند عودتي رأيت بأن هذا كذب، فقلت لها: أنت راجعة دون أن أعطيها نظير ذلك مالاً، أو أن أحضر شخصاً يشهد على ردها، وبعد سنتين من المرة الأولى غضبت مني والدتي وادعت أنني أقول لزوجتي أن تعاملها معاملة سيئة وبذلك غضبت فطلقت حتى يتحسن جو المعاملة بيني وبين والدتي، وأخيراً: رأيت ظروف أولادي الصغار وقلت لها: أنت راجعة دون أن أعطيها مالاً أو أن أشهد واتفقنا على ذلك، ثم حصل نقاش أسري أدى إلى خصومة الأسرتين وأغضبني الأمر فطلقتها بعد إصرار والدي على أن أطلقها، فعند ذلك لم أتمكن من تركيز أعصابي وغضبت غضباً شديداً فطلقتها وانتهى الأمر؛ ولظروف أولادي الأربعة من هذه الزوجة؛ ولأنني لم أجد من يعولهم إذا أخذتهم منها، ولا أطمئن على حالهم عندها، فأنا أسأل الآن هل يمكن أن أعيدها إلى عصمتي أم لا؟

    الجواب: تراجع فضيلة مفتي البلد لديكم أو المحكمة أنت وولي المرأة حتى ينظر في الواقع على بصيرة، وحتى يفتي فيه أو يحكم فيه على بصيرة، فينظر في الواقع.. في المرات الثلاث ويفتيكم إن شاء الله بما يتضح له.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، يعني: لابد من حضور الطرفين عند القاضي.

    الشيخ: لأن الطرف الآخر قد يصدقونه وقد يكذبونه، لابد أن يحضروا معه، تحضر المرأة ووليها معه عند المفتي أو عند القاضي حتى ينظر في كلامهم جميعاً.

    1.   

    حكم بيع أفلام وأجهزة الفيديو

    السؤال: أنا شاب وأملك جهاز فيديو، وتعلمون أن هذا الجهاز لا يجلب إلا شر -والعياذ بالله- مما يعرض فيه من أفلام ساقطة خليعة؛ ولعلمي بذلك فقد قررت بيعه مستعيناً بالله، فهل يجوز ثمنه أم أن أهديه لشخص غير مسلم كمسيحي أو بوذي، أم أحرقه، أم أتلفه، ماذا أفعل؟

    الجواب: لاشك أن الفيديو فيه خطر كبير على المسلمين بسبب الأفلام الخبيثة التي فيه، فإذا كانت الأفلام كما أشار السائل رديئة، فالواجب إحراقها، أو عمل ما يزيل ما فيها مما سجل فيها بأشياء طيبة؛ لأنه بلغني أنه إذا سجل فيها شيء أزال ما قبله وسلم الشريط لصاحبه ينتفع به، فإذا أمكن أن يزال ما فيها من الشر بإملاء وتسجيل شيء طيب فالحمد لله، وإلا وجب إحراقها، وليس لك أن تبيعها وليس لك أن تهديها؛ لأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان.

    هذا بالنسبة للأفلام.

    أما الجهاز نفسه فيباع؛ لأنه يوجد فيه الشر والخير، مثل الراديو وأشباهه.

    1.   

    حكم إطالة الثياب

    السؤال: يقول: ما حكم من أطال ثوبه تحت كعبه وجره من غير خيلاء ولا كبر، هل هذا حرام خاصة أن كثيراً من الناس لا يقصدون ذلك؟

    الجواب: جر الثياب جر الملابس منكر مطلقاً ولو زعم صاحبه أنه ما أراد الكبر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا نهياً مطلقاً، وإذا كان عن كبر صار الإثم أعظم وأشد، والغالب أن هذا الذي يجر ينشأ عن خيلاء وعن كبر وعن تعاظم في نفسه ولو زعم خلاف ذلك؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إياك والإسبال فإنه من المخيلة) سمى الإسبال مخيلة؛ لأن الغالب على أهلها الغالب على أهل الإسبال هو الخيلاء، وقال عليه الصلاة والسلام: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار)، ولم يقل: (إذا كان عن تكبر) بل أطلق، رواه البخاري في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) رواه مسلم في الصحيح، ولم يقل: (إذا كان عن كبر)، فدل ذلك على تحريم الإسبال مطلقاً، فجر الملابس تحت الكعب من سراويل أو إزار أو قميص أو بشت كله منكر، ولو زعم أنه ما أراد التكبر، ولو كان في نفس الأمر ما أراد ذلك، فالواجب عليه رفعها؛ لأن سحبها من وسائل الكبر، ومن وسائل تنجيسها وتقذيرها، وهو إسراف أيضاً وتبذير وإضاعة للمال بغير حق.

    فالواجب على المسلم أن يرفع ثيابه وملابسه كلها حتى لا تكون أسفل من الكعب، عملاً بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم وإرشاده عليه الصلاة والسلام، وأما ما جاء في الحديث أنه قال لـأبي بكر لما قال: (إن إزاري يرتخي. قال: لست ممن يفعل ذلك) يعني: كبراً، فهذا ليس معناه الإذن في جر الملابس، وإنما مراده صلى الله عليه وسلم أنه إذا استرخى منك أنت يا أبا بكر ليس من الكبر وإنما يغلبه، يسترخي منه فلا يضره ذلك؛ لأنه شيء يعرض ثم يتلافاه فيصلحه، فهكذا المؤمن إذا ارتخى ثوبه لخلل عرض له ثم تلافاه واجتهد في رفعه فلا يضره ذلك، بخلاف من يتعمد سحبه فإن هذا يحمله الكبر والخيلاء أو مقاصد أخرى خبيثة رديئة، وأما ما أراد أو ما زعم أنه ما أراد الخيلاء فإن مظهره مظهر خيلاء؛ مظهر كبر ومظهر منكر فلا يجوز، وقد دلت الأحاديث على أن جنس هذا يسمى خيلاء وإن لم يقصد صاحبه ذلك: (إياك والإسبال فإنه من المخيلة) هكذا جاء في حديث جابر بن سليم وهو حديث صحيح.

    1.   

    كفارة اليمين المتكررة على شيء واحد

    السؤال: اختلفت أنا وإخواني وغضبت منهم، فأقسمت بالله عدد ما في الأرض وعدد ما في السماء، وكررت ذلك أن لا أكلمهم ولا أدفع لهم مالاً، ولكن الآن أنا ندمت وأريد أن أعود لهم فلا أدري كيف أكفر هذا القسم؟

    الجواب: عليك -يا أخي- كفارة يمين فقط ولو كررته مائة مرة؛ لأنه قسم على شيء واحد وهو عدم تكليمهم، فعليك أن تكفر عن ذلك كفارة واحدة، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإذا أطعمت عشرة عشيتهم أو غديتهم أو أعطيت كل واحد نصف صاع من التمر أو من الأرز كفى ذلك، وإن كسوتهم كفى ذلك؛ لأن مقصودك منع الكلام معهم، فإذا فعلت هذا كفى، سواء فعلته قبل الكلام أو بعد الكلام.

    كذلك إذا دفعت لهم مالك تصير كفارة ثانية، كفارة عن الكلام وكفارة عن دفع المال فيصير كفارتان.

    المقدم: لكن قوله: عدد ما في الأرض وعدد ما في السماء؟

    الشيخ: ولو ما يضر هذا، لو قال: والله ثم والله، ولو كرر؛ لأن الشيء المحلوف عليه واحد.. هو الكلام وعدم المال.

    1.   

    حكم أخذ البائع الزيادة على الثمن المتفق عليه بينه وبين المشتري

    السؤال: قمت ببيع محصول زراعي بشكل جملة على ثلاثة بقالين، والمفروض أن يعطوني الثمن دفعة واحدة، إلا أنهم أعطوني كل واحد على حدة، وعندما ركبت السيارة وقمت بعد المال وجدت زيادة، ولما أخبرت السائق لم يأبه للتأكد ولو رجع لأعطيتهم الزيادة، فأكلت الزيادة فهل هي حرام أم حلال؟

    الجواب: نعم، عليك أن ترد الزيادة، وليس لك أن تأكلها إذا أعطوك الثمن وزاد الثمن فقد غلطوا، فعليك أن ترد الزيادة إليهم إذا عرفتهم، فإن لم تعرفهم وذهب عليك العلم بهم بعد الاجتهاد تصدقت بها عنهم في الفقراء والمساكين، أما إذا عرفتهم فعليك أن تردها إليهم إما بنفسك وإما برسول ثقة يذهب بها إليهم.

    إذاً: لابد أن يعيد الزيادة؛ لأنها دخلت عليه بغير حق، غلطاً منهم.

    1.   

    التحريم في الرضاع على الراضع دون غيره

    السؤال: إن جدتي قد أرضعت إخوتي الأكبر مني فقط ولم ترضعني، والسؤال: ما هي حالة الحلال والحرام في هذه الحالة، وما هو حظي من بنات أعمامي؟

    الجواب: مادامت جدتك لم ترضعك فلا حرج عليك أن تنكح من بنات أعمامك، لا بأس وإنما إخوانك لا ينكحون منهم، فإذا كان الرضاع خمس مرات فأكثر في حال كونهم في الحولين، أما أنت فلم ترضع فلا حرج عليك أن تنكح من بنات عمك.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، يعني: التحريم على الراضع فقط؟

    الشيخ: نعم.

    1.   

    معنى الأنصاب والأزلام

    السؤال: وهذه رسالة وردتنا من الأخوين (ص. م. ح) وأحمد عبد ربه سالم، يمنيي الجنسية مقيمين في الرياض، يقولان في رسالتهما: قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] السؤال: ما معنى الأنصاب والأزلام؟

    الجواب: الأنصاب والأزلام، الأنصاب: شيء ينصب يذبح عليه المشركون ويتقربون لأصنامهم بالذبائح، والأزلام: أشياء يقسمون بها، أشياء يقال لها: السهام، من أنواع الخشب يكتبون عليها افعل ولا تفعل، والثالث يكتبون عليه غفل ما عليه شيء، لا يكتب عليه شيء، فإذا أرادوا أن يسافروا أو يفعلوا شيئاً عندهم فيه اشتباه أجالوها، أعطوها أحد يعني: يخرجوها واحداً واحداً، أو هو نفسه يخرجها واحداً واحداً من محلها، فإن خرج (افعل) نفذ، وإن خرج (لا تفعل) ترك، وإن خرج الغفل الذي ما فيه شيء أعاد إجراءها، خلطها ثم أعاد إخراجها، فإن خرج (افعل) فعل، وإن خرج (لا تفعل) ترك، وإن خرج الغفل أعادها وهكذا، هذه سنة لهم وطريقة جاهلية، فشرع الله سبحانه وتعالى لعباده بدل استعمال الأزلام صلاة الاستخارة، فالمشروع للمؤمن إذا هم بأمر يشكل عليه كالزواج أو السفر أو ما أشبه ذلك صلى ركعتين، يصلي ركعتين ثم يستخير الله جل وعلا ويدعو بدعاء الاستخارة المعروف الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله ولي التوفيق.

    المقدم: بهذا -أيها الإخوة المستمعون الكرام- نأتي إلى ختام هذه الحلقة، والتي استعرضنا فيها أسئلة الإخوة (ع. م. م) من الرياض، ورسالة الأخ طالب علم لم يذكر عنواناً، ورسالة عمر أحمد من السودان، ورسالة عبد الله قادم أحمد من السودان أيضاً، ورسالة (س. م. ن) من الرياض، ورسالة محمد أحمد عباس من جمهورية مصر العربية.

    نشكر لسماحة شيخنا ما تفضل به، ونشكر لكم حسن متابعتكم، وإلى أن نلتقي بكم على خير نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756215536