إسلام ويب

زيد بن عمرو موحد في الجاهليةللشيخ : محمد المنجد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أيها الإخوة: ضمن سلسلة من قصص الصحابة في عهد النبوة، يتناول الشيخ في هذا الدرس أحد المؤمنين الموحدين وهو زيد بن عمرو بن نفيل، فيذكر جانباً من سيرته ورحلته في طلب الدين الحق ثم يذيلها ببعض المسائل المستفادة من هذه القصة.

    1.   

    سيرة زيد بن عمرو بن نفيل

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    ففي هذه السلسلة الجديدة -أيها الإخوة- من قصص الصحابة في عهد النبوة، نتناول واحداً من المؤمنين الموحدين الذي ربما يدخل في شرط هذه السلسلة، وربما لا يدخل، ولكنه -على أية حال- رجل من الموحدين ينبغي التعريف به، ومعرفة سيرته التي اعتنى الإمام البخاري رحمه الله تعالى من بين أصحاب الكتب التسعة جميعاً بذكر سيرته، حتى لا يكاد يوجد في كتابٍِ غير صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل مثل هذه الروايات المجموعة، وهذا الرجل هو زيد بن عمرو بن نفيل رحمه الله تعالى ورضي الله عنه وأرضاه.

    روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدم له النبي صلى الله عليه وسلم سفرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد : إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه، وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض؛ ثم تذبحونها على غير اسم الله!!) إنكاراً لذلك وإعظاماً له.

    وعن ابن عمر رضي الله عنهما: [أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه -قبل البعثة النبوية- فلقي عالماً من اليهود، فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلِّي أن أدين بدينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال زيد : ما أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئاً أبداً، وأنى أستطيعه! فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا، قال زيد : وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم؛ لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا يعبد إلا الله، فخرج زيد ، فلقي عالماً من النصارى، فذكر مثله، فقال النصراني: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله، قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئاً أبداً، وأنى أستطيع! فهل تدلني على غيره، قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً، قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم؛ لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا يعبد إلا الله، فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام، خرج، فلما برز رفع يديه، فقال: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم].

    وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: [رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائماً مسنداً ظهره إلى الكعبة، يقول: يا معشر قريش! والله ما منكم على دين إبراهيم غيري، وكان يحيي الموءودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها، أنا أكفيك مؤنتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت، قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤنتها].

    هذا الرجل زيد بن عمرو بن نفيل هو والد سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة، وزيد بن عمرو بن نفيل هو ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، كان ممن طلب التوحيد، وخلع الأوثان، وجانب الشرك، لكنه مات قبل البعثة النبوية.

    قال زيد بن عمرو : إني خالفت قومي، واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان، وكانا يصليان إلى هذه القبلة، وأنا أنتظر نبياً من بني إسماعيل يبعث ولا أراني أدركه -هذا إحساسه- وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي.

    فمن قبل البعثة يشهد أنه نبي؛ لأنه قد علم أنه سيبعث، لكنه ما بعث، فأشهد الله والناس أنه يؤمن ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرفه.

    قال زيد بن عمرو لـعامر بن ربيعة: "وإن طالت بك حياةٌ، فأقرئه مني السلام". أنا أحس يا عامر أني لن أدركه، فإذا أدركته أنت، فأقرئه مني السلام.

    قال عامر : فلما أسلمت أعلمت النبي صلى الله عليه وسلم بخبره، قال: فرد عليه السلام وترحم عليه، وقال: (ولقد رأيته في الجنة يسحب ذيولا) مما أسبغ الله عليه من الثياب والنعيم.

    زيد بن عمرو يبحث عن الحقيقة

    كان من خبر زيد ما روى البزار والطبراني من حديث سعيد بن زيد ولده، قال: خرج زيد بن عمرو وورقة بن نوفل يطلبان الدين -يبحثان عن الحق، وعن الدين الصحيح قبل البعثة- حتى أتيا الشام، فتنصر ورقة بن نوفل -دخل في دين النصارى- لكن على دين التوحيد -أي: تابع عيسى بن مريم- وامتنع زيد ، فأتى الموصل فلقي راهباً، فعرض عليه النصرانية ، فامتنع.

    وقد سأل سعيد بن زيد هو وعمر بن الخطاب ؛ باعتبار أن عمر ابن عمه، يهمه أمره أيضاً، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد ؟ فقال: (غفر الله له ورحمه، فإنه مات على دين إبراهيم).

    وعن عروة قال: [بلغنا أن زيداً كان بـالشام ، فبلغه مخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل يريده، فقتل بمضيعة من أرض البلقاء ].

    قال ابن إسحاق : لما توسط بلاد لخم قتلوه، وقيل: إنه مات قبل البعثة بخمس سنين عند بناء قريش للكعبة.

    هل زيد بن عمرو من الصحابة؟

    بناءً على ما تقدم فإن هذا الرجل يحتمل أن يكون من الصحابة ويحتمل ألا يكون. لماذا؟

    لأنه إذا جاء على أحد الاحتمالين في تعريف الصحابي دخل وإلا فلا.

    أما تعريف الصحابي، فهو: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك.

    من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، هل يشترط في كونه مؤمناً به أن تقع رؤيته له بعد البعثة، أم لا؟

    الآن: زيد بن عمرو لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، لكنه لا يعرف أن هذا هو النبي، لقي النبي صلى الله عليه وسلم وجلس وتحدث معه ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث بعد، لكنه لقيه وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن هناك نبيٌ سيبعث هو رسول الله ولم يكن يعلم أنه هو، فهل يشترط في الصحابي أن يكون قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به بعد البعثة؟ أو أنه يكفي أن يراه قبل البعثة وهو يؤمن أنه سيبعث؟

    فعلى الأول: لا يدخل في تعريف الصحابي، وعلى الثاني يدخل في تعريف الصحابي.

    ولا شك أنه كان حنيفاً مؤمناً موحداً رحمه الله ورضي عنه، فإنه كان قد رفع يديه يقول: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم.

    وقد جاء عن أسامة بن زيد عن أبيه أنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار من أيام مكة ، وهو مردفي- أنا وراءه- فلقينا زيد بن عمرو ، فقال له: يا زيد : ما لي أرى قومك سبقوك، فقال: خرجت أبتغي هذا الدين، فذكر الحديث المشهور باجتماعه مع اليهودي وقوله: لا تكن من ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله، واجتماعه مع النصراني وقوله: لا تكن من ديننا حتى تأخذ نصيبك من لعنة الله.

    وفي آخر الأثر: [ إن الذي تطلبه قد ظهر ببلادك -قد بعث نبيٌ طلع نجمه- وجميع من رأيت في ضلال ].

    فهذا يعني: أنه رحمه الله قد مات على التوحيد، وهو يؤمن بالنبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    موقف زيد بن عمرو مما ذبح لغير الله

    الحديث الأول: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح).

    قوله: بلدح : مكان في طريق التنعيم ، ويقال: هو وادٍ، التقى فيه زيد بن عمرو بن نفيل بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، فقدّم إليه النبي صلى الله عليه وسلم سفرة قبل أن يكون نبياً؛ وهي: المائدة التي عليها الطعام، وقيل: إن السفرة كانت لقريش قدموها للنبي صلى الله عليه وسلم، فقدمها هو لـزيد بن عمرو ، واللحم الذي في السفرة ذبحه القرشيون وكانوا مشركين، ذبحوه على عادتهم وهي الذبح على الأنصاب والأوثان والأصنام، فلما قدم اللحم لـزيد بن عمرو بن نفيل رفض أن يأكله، وقال: إنا لا نأكل ما ذبح على أنصابكم. والأنصاب جمع نصب: وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها.

    قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل مما كانوا يذبحون عليها، ويأكل ما عدا ذلك، وإن كانوا لا يذكرون اسم الله عليه؛ لأن الشرع لم يكن نزل بعد.

    فالطعام الذي قُدّم لـزيد بن عمرو بن نفيل كان قد ذبح على النصب، وكان زيد يعلم كيف يذبحون، وكان موحداً لا يعبد إلا الله ويفهم أن الذبح عبادة، وأنه ما دام ذبح على النصب، فلا يجوز أن يؤكل لأنه شرك، وهو موحد على ملة إبراهيم، ولذلك رفض زيد بن عمرو بن نفيل أن يأكل، وكان يقول: عذت بما عاذ به إبراهيم، ثم يخر ساجداً للكعبة. لا يعرف كيف الصلاة، ولا الركعات، ولا الأوقات، لكن يعرف أن السجود تعظيم، وأنه يعبد الله، فكان يسجد للكعبة التي بناها إبراهيم لله عز وجل، ساجداً لله عز وجل إلى جهة الكعبة.. هكذا كان يفعل.

    فمر زيد بن عمرو بـزيد بن حارثة والنبي صلى الله عليه وسلم وهما يأكلان فدعياه، فقال: يا بن أخي! لا آكل مما ذبح على النصب.

    قال زيد بن حارثة : [ فما رئي النبي صلى الله عليه وسلم يأكل مما ذبح على النصب من يومه ذلك ].

    وجاء أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه وكان على بقايا دين إبراهيم الذي كان في قريش، وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة، وتحريم ما ذبح على النصب، فكان زيد يفهم أنه لا يجوز له أكلها؛ ولذلك امتنع عن أكلها.

    وكذلك كان من أَمرِه أنه خرج يسأل عن التوحيد؛ فلقي عالماً من اليهود كما جاء في القصة وسأله، وكانت هذه القصة مما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم سمعها من زيد بن عمرو ، وقال له: (مالي أرى قومك قد سبقوا عليك -أي: أبغضوك، النبي صلى الله عليه وسلم يسأل زيداً قبل البعثة- قال: خرجت أبتغي الدين، فقدمت على الأحبار فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به) لقي اليهودي قال: لن تدخل في ديننا حتى تأخذ بنصيبٍ من غضب الله، ولقي عالماً من النصارى، وفي رواية: قال لي شيخٌ من أحبار الشام : إنك لتسألني عن دينٍ ما أعلم أحداً يعبد الله به إلا شيخاً في الجزيرة، قال: فقدمت عليه، فقال: إن الذي تطلبه -التوحيد- قد ظهر ببلادك، وجميع من رأيتهم في ضلال.. وفي رواية: وقد خرج في أرضك نبيٌ أو هو خارج، فارجع وصدقه وآمن به- قال زيد : فلم أحس بشيء بعد.

    إذاً: هذا يدل على أن زيداً رجع إلى الشام حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع به، فرجع فمات، لكنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا عندما بحث عنه في الشام ، لما برز وخرج من أرضهم، قال: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم.

    وكان يقول لقريش: ما منكم على دين إبراهيم غيري، وفي رواية كان يقول: إلهي إله إبراهيم، وديني دين إبراهيم، وكان قد ترك عبادة الأوثان، وترك أكل ما يذبح على النصب، وفي رواية ابن إسحاق أنه كان يقول: اللهم لو أعلم أحب الوجوه إليك لعبدتك به. أي: لو أعلم أحب الطرق التي تحب أن تعبد بها، وكيفية عبادة معينة، ووجه معين من أوجه التعبد لعبدتك به، ولكني لا أعلمه، ثم يسجد على الأرض براحته.

    1.   

    زيد بن عمرو وموقفه من وأد البنات

    كان من كريم أخلاق هذا الرجل أنه كان يحيي الموءودة كما جاء في الحديث، والمقصود بإحياء الموءودة، أي: إبقاؤها حية، وإلا فلا يحيي من العدم إلا الله، ومعنى يحيي الموءودة: أي: يبقيها على قيد الحياة، يفتديها أن تقتل، ويمنع عنها القتل، ووأد الشيء: إذا أثقله، وأطلق على دفن البنات وهن على قيد الحياة.

    سبب وأد البنات في الجاهلية

    يقال: إن أصل وأد البنات كان نتيجة الغيرة على البنت؛ لأن بعض العرب سبيت ابنته عندما أغار عليه رجل من العرب وسبى ابنته وأخذها، فاستفرشها ووطئها وصارت عنده، فلما أراد أبوها أن يفتديها منه، خيرها الذي سباها، قال: أتريدين أن ترجعي إلى أبيك أو تمكثي عندي؟

    فاختارت الذي سباها -كل هذا الكلام في الجاهلية- فحلف أبوها عندما رأى هذا الأمر ليقتلن كل بنتٍ تولد له، قال: ما دام أن هذه البنت استغنت عني واختارت الذي سباها، فإن كل بنت تأتيني سأقتلها -جاهلي- فتبعه العرب على هذا المبدأ. يعني: هذه كانت بداية وأد البنات عند العرب نتيجة -كما قيل- لهذه القصة.

    ثم إن منهم من كان يفعل ذلك من إملاق؛ أي: خوف الفقر، ولذلك قال الله عز وجل: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] فكان العرب يئدون بناتهم خشية الفضيحة، وخشية الإملاق.

    ويقولون: الذكر والولد يدافع عن نفسه وأهله ويعين أباه، ويعمل ويكسب ويصيد، لكن البنت ضعيفة، فإما أن تسبى فتصبح عاراً علينا، أو أنها تكون عالةًً علينا، فإما عار وإما عالة، فالحل قتل البنات وإزهاق أرواحهن.

    1.   

    طرق الجاهلية في وأد البنات

    كانت العرب تقتل البنات بطريقتين:

    الطريقة الأولى: أن تأتي المرأة الحامل على وشك الوضع إلى حفرة -تحفر فتكون عند الحفرة- وتأتي القابلة التي تستلم المولود، فتولد المرأة، فإذا خرج ذكراً أبقته، وإذا خرجت أنثى ألقتها في الحفرة مباشرة.

    الطريقة الثانية: أن بعضهم كان يتأني بها وينتظر ولا يدفنها مباشرة، فإذا بلغت سبع سنين، قال لأمها: زينيها؛ لأزور بها أقاربها، فإذا زينتها وجملتها أخذها في الطريق إلى بئرٍ، ثم قال: انظري فيه، فإذا نظرت دفعها من الخلف فوقعت على رأسها وطم عليها الحجارة والتراب وتموت، قال الله: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [النحل:58-59] وجاء الله تعالى بالإسلام، وحرَّم وأد البنات وقتل الأولاد عموماً، قال تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9] وسؤالها يوم القيامة ليس سؤال محاسبة؛ لأنها صغيرة غير مكلفة، لكن تسأل توبيخاً لمن قتلها، فتسأل الوليدة: لم قتلت؟ والمقصود بالسؤال توبيخ القاتل؛ وهو أبوها: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9] وبالإضافة إلى ذلك جاء الإسلام بالأجر العظيم لمن أحسن تربية البنات: (من عال جاريتين أو ثلاثاً وأطعمهن وكساهن من جذته -من ماله ومما أعطاه الله- وصبر عليهن، كن له ستراً من النار).

    وجاء في فضل تربية البنات، وأجر تربية البنات ما لم يأتِ في أجر تربية الذكران؛ لأن النفوس قد تثقل عليها البنت، وبعض الناس يكرهون البنات، وربما إذا كانت المرأة قائمةً فجاءها خبر ولادة بنت من أحد أهلها قعدت، أو دعت عليها مباشرة أن يعجل الله أخذها، وترى بعضهم إذا سأل الآخر: ماذا أتى لك؟ فإذا قال: أتاني ذكر، جعل يهنئه ويظهر الفرح والاستبشار بقدوم المولود الذكر لصاحبه، وإذا قال: جاءتنا بنت؟ قال: يا الله! الحمد لله على سلامة الأم، أي: المهم أن الأم سلمت، ولا يظهر الفرح بالبنت والاستبشار مثلما يظهر للولد، ولذلك نهينا عن تهنئة الجاهلية: بالرفاء والبنين.

    لماذا نهينا عن هذه التهنئة؟

    الرفاء هو: الالتحام والارتفاق والتوافق؛ وهذا جيد ولا بأس أن تدعو للمتزوج بالرفاء، فليست المشكلة في قولهم: بالرفاء، لكن المشكلة والمصيبة في قولهم: بالبنين؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يكرهون البنات، فأي إنسان من المتزوجين الجدد يقال له: بالرفاء والبنين، لماذا البنين؟ جمع ابن؛ لأنهم يكرهون البنات، فيقولون: الرفاء والبنين؛ هذه التهنئة الجاهلية انتقلت إلينا، مع أنه قد ورد النهي عنها، فتجد بعض الناس إذا كتب بطاقة تهنئة لمتزوج قال: بالرفاء والبنين.

    إذاً: كل ما أتى من عند الله، فحياه الله ومرحباً وأهلاً وعلى الرحب والسعة، واحتساب الأجر في الإنفاق على البنات ربما يفوق الإنفاق على الذكور؛ بحسب ما ورد في الأحاديث من فضل الإنفاق على البنات.

    وكان هذا الرجل يقول للعربي الجاهلي إذا جاءته بنت: أنا أكفيك مؤنتها، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن زيد ؟ فقال: (يبعث يوم القيامة أمةً وحده بيني وبين عيسى بن مريم).

    وكان زيد بن عمرو بن نفيل يذكر أشعاراً في مجانبة الأوثان، وكان يدعو كفار قريش إلى التوحيد، وقد فارق قومه واتبع ملة إبراهيم، وكان ينتظر نبياً من ولد إسماعيل، ولكن شاء الله وقدَّر أن يموت قبل ذلك، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ترحم عليه، وبشَّر أهله أنه من أهل الجنة.

    هذا طرف من سيرة هذا الرجل رحمه الله ورضي عنه وأرضاه.

    1.   

    الدروس المستفادة من قصة زيد بن عمرو

    يؤخذ من هذه القصة فوائد متعددة:

    أولاً: أهمية البحث عن الحق، وأن الإنسان ما دام أنه يبحث عن الحق فإنه مأجور.

    ثانياً: ركوب المشاق للبحث عن الحق، ولذلك سافر ورجع، وسافر مرة أخرى، وكلما دله شخص على شخص ذهب إليه وسافر إليه يبحث عن الحق.

    ثالثاً: استعمال مخاطبة العقول في الدعوة، ولذلك كان يقول لكفار قريش: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله؛ على اسم هبل واللات والعزى ومناة، تذبحون هذه الشاة على أسماء الأوثان، واعجباً لكم!! وكان ينكر ذلك جداً.

    رابعاً: أن من عُرِضَ عليه شيء منكر فلا يقبله، فهذا زيد بن عمرو من سلامة فطرته لما قال له اليهودي: لا تكن على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله؛ لأنهم قوم مغضوب عليهم، رفض، ولم يقل: أدخل في دينكم وإنما قال: ما أفر إلا من غضب الله؛ أنا فررت من غضب الله تريديني أدخل في غضب الله!!

    وكذلك النصراني لما عرض عليه أن يدخل في دينه على أن يأخذ بنصيبه من لعنة الله، قال: ما أفر إلا من لعنة الله، كيف أدخل في لعنة الله؟!!

    خامساً: أن الإنسان إذا عثر على الحق تمسك به، فقصار ما وصل إليه أن دين إبراهيم هو التوحيد، إذاً يبقى على دين إبراهيم لا يغير الإنسان الحق الذي يعثر عليه بل يبقى عليه ويتمسك به ولا يتركه.

    سادساً: أن الإنسان يحارب المنكرات الاجتماعية الموجودة عنده في بني قومه، فهذا زيد بن عمرو كان يحارب المنكرات الاجتماعية كوأد البنات.

    1.   

    واجب الداعية نحو المنكرات الاجتماعية

    يوجد عندنا كثير من المنكرات الاجتماعية، فيجب على الدعاة والمصلحين، ويجب علينا جميعاً محاربة المنكرات الاجتماعية التي تكون موجودة في المجتمع، كان عندهم وأد البنات؛ وهي من المنكرات الاجتماعية، وهي خصلة ذميمة جداً، فيقوم هذا الرجل المصلح بأخذ البنت، وإنقاذها من أبيها، وإحيائها بعد أن كادت تموت وتدفن حية.

    فمن وظيفة المصلح: أن ينظر في المنكرات الاجتماعية فيتولى إصلاحها؛ لأن المجتمع -يا إخوان- تنتشر فيه انحرافات بسبب بعد الناس عن الدين، وقد يكون شخص واحد هو سبب الانحراف.

    الآن هذا العربي الأول الذي أُخذت ابنته واختارت أن تبقى عند الذي سباها، فغضب وأخذته الحمية، وعاهد نفسه أن يقتل كل بنتٍ تأتيه، واحد هو الذي سبب المنكر، واخترعه ثم فشا في المجتمع.

    كثير من المنكرات الموجودة، قد يكون الذي دعا إليها واخترعها شخص واحد، ثم انتشرت في المجتمع، ووظيفة الدعاة والمصلحين هي مجابهة المنكرات الموجودة، ودعوة الناس إلى تركها، وبيان خطرها، وإنقاذ الموقف، فتجد -مثلاً- في المجتمع أشياء كثيرة من أنواع الفواحش، أو أشياء من التقصير في الحجاب، أو أشياء من انتشار الخمر أو المخدرات، سوس من السوس الذي ينخر في عظم المجتمع.

    فوظيفة الداعية إلى الله سبحانه وتعالى أن يقوم بالمواجهة.

    ومشكلة المنكرات الاجتماعية أن الناس قد تآلفوا عليها، وأن عليها خلقٌ كثير، فتكون المواجهة صعبة؛ لأنك تواجه عدداً كبيراً لا تواجه شخصاً واحداً.

    ومشكلة المنكرات الاجتماعية أن الذي يرتكبها يحتج بالأغلبية وينطلق من منطلق الأغلبية؛ فإذا أتيت وأنكرت على واحدٍ منهم، يقول: كل العالم يفعلون هذا، وهذه الحجة التي ابتلينا بها، كلما دعوت شخصاً إلى شيء يقول: كل العالم هكذا، بعض منكرات الأعراس من المنكرات الاجتماعية تفشت، مثلاً: إدخال الرجل على النساء.. تصوير النساء، تفشت. فإذا أتيت تنكر، يقولون: كل الأعراس هكذا.. كل الناس يفعلون هذا.

    ولذلك فينبغي علينا الصبر، وأن نبين للناس أن الأكثرية ليست دليلاً على الحق؛ وهذا مبدأ مهم جداً، ولذلك يقول الله تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، ويقول الله عز وجل: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116] فعمر الأكثرية ما كانت دليلاً على الحق، بالعكس الأكثرية في الأرض كفار، انظر إلى التعدادات، كم مليون نصراني؟ كم مليون بوذي؟ كم مليون هندوسي؟ كم مليون مشرك؟ حتى من المحسوبين على المسلمين، كم منهم من المبتدعة أصحاب البدع المكفرة؛ الخارجين عن الدين، كـالقاديانية ، والبهائية ، والبابية ، والإسماعيلية ، والأغاخانية ، والباطنية ، وفرق الباطنية كلهم محسوبون على المسلمين، حتى في بعض البلدان يكتب: مسلم قادياني، مسلم باطني، مسلم إسماعيلي، مسلم دورزي، مهزلة، فإذا حذفت هؤلاء وجئت بعد ذلك إلى المحسوبين على المسلمين، وأيضاً تصفي منهم الذين يطوفون بالقبور، والأضرحة، ويسألون الأموات، ويستشفعون بالموتى، ويطلبون من الميت ما لا يقدر عليه إلا الله؛ إذا صفيت هؤلاء، ماذا يبقى؟!!

    ولذلك قال ابن القيم رحمه الله: "أهل الإسلام في الأرض غرباء، وأهل السنة في المسلمين غرباء، والداعين إلى السنة.. المطبقين للسنة.. الحريصين على السنة، أهل الحديث وأتباع الدليل غرباء، كلما نشدت الحق الصافي ضاقت الدائرة".

    ليست الأكثرية أبداً معياراً للتوصل إلى الحق؛ وهذه حجة باطلة أن أكثر الناس يفعل ذلك، خصوصاً عندما يتنفس في المجتمع المنكرات والانحرافات، ولو كنا في مجتمع الصحابة، لقلنا: والله أكثر أهل المدينة هكذا، الاحتجاج بعمل أهل المدينة ، كان ذلك في عصر من العصور؛ عصر النقاء والصفاء، عصر المجتمع الإسلامي الأول الذي أسسه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

    لو قلت: أكثر أهل المدينة كذا، لكن الآن لا يمكن أن تحتج بأكثرية الناس على شيء، ولذلك كان المذهب الغربي الفاسد قضية التعيين بالأغلبية، واختيار القوانين بالأغلبية، وسن التشريعات بالأغلبية، واختيار الانتخاب بالأغلبية؛ هذا مبدأ فاسد، لأن الأغلبية أصحاب هوى، وإذا ترك الناس أن يشرعوا بالأغلبية لا شك أنهم سيشرعون الكفر المحض.

    أقول: إن مواجهة المنكرات الاجتماعية يجب أن يبين الشخص للناس قضية الاحتجاج بالأغلبية؛ لأن المنكرات الاجتماعية من طبيعتها كثرة توالي الناس عليه وعلى اتباعها، كذلك فإن إنكار المنكرات الاجتماعية يحتاج إلى تكوين بيئات صالحة لتقاوم هذه المنكرات الاجتماعية، فعندما يكثر في المجتمع مثلاً: البيئات الصالحة التي لا توجد في بيوت أهلها أجهزة اللهو المحرمة، ولا الشاشات.. البيئات الصالحة التي يحرص فيها أهلها على إتيان المساجد مع أولادهم، أو تحفيظ القرآن لأبنائهم، أو عندما ينتشر الحجاب؛ وينتشر الغطاء الشرعي، والقفازات والجوارب.. ونحو ذلك؛ هذا فيه مقاومة ومزاحمة للشر، وكذلك عندما يكثر الملتزمون بالسنة الحريصون عليها يكون فيه مزاحمة للمتساهلين بها.. وهكذا ينتشر الخير، فهذه وسيلة أخرى: تكوين البيئات الصالحة، لأن مواجهة الأكثرية التي جانبت الصواب بدعوات فردية من هنا ومن هنا لا تكاد تنجح، أما مواجهتها بتأسيس بيئات قوية هي بذاتها تكون دعوة بالقدوة، وعندما يرى الناس أن نموذجاً مطبقاً فهذا خير دعوة، وأحسن من ألف خطبة، وألف كتاب، وألف شريط، وألف شخص يتكلمون.

    ثم إن هذه البيئات النظيفة تستقطب من فيهم بذرة خير يأتون إليها، ولذلك خذ مثلاً: مراكز تحفيظ القرآن الكريم للنساء على سبيل المثال، عندما توجد البذرة يوجد المجتمع.. يقوم مجتمع مصغر فيه العلم، وتحفيظ القرآن، والوعظ والتذكير؛ هذا هو الذي يصلح الناس.. يصلحهم إقامة البيئات التي تجذبهم، وتصهرهم.. إقامة البيئة التي تحتويهم وتحميهم.. إقامة البيئة التي تعلمهم وتساندهم وتقويهم إذا اهتدوا، فيجد الشخص سنداً، عنده اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو عشرة من المتدينين على مثل حاله، فعند ذلك سنشد عضدك بأخيك، وعند ذلك تكون المواجهة قوية مثمرة، وإلا فإننا نجلس على أفراد وعلى كلام، فهذا لا يكون من المقاومة ولا من الاستمرار على الحق إلا أمر في غاية الصعوبة.

    فـزيد بن عمرو بن نفيل واحد، ورقة بن نوفل واحد، قس بن ساعدة واحد، كانوا آحاداً فلم يعملوا شيئاً من ناحية التغيير، ولم يستطيعوا أن يصلوا إلى التغيير، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث أقام المجتمع الإسلامي الذي ترابط أفراده، وتعاقدوا وتعاهدوا وتعاونوا على البر والتقوى، الذين أقاموا الدين في أنفسهم، وبرهنوا للناس ولمجتمع قريش أن الإنسان يتغير، وكانوا يرونهم نماذج أمامهم، عندما ترى المرأة المشركة التي جعل خبيب عندها أسيراً في بيتها ترى ولدها يدب الرضيع إلى خبيب ؛ خبيب سيُقتل حتماً، محكوم عليه بالإعدام، وهذا الطفل هذا ولد المشركة جاء إلى خبيب فأخذه خبيب وأقعده في حجره وجلس يلاطفه، فلما انتبهت المرأة فزعت؛ لأنه كان بيد خبيب موسى يستحد بها -الاستحداد هو حلق شعر العانة- فهو استعار الموسى ليستحد بها؛ وهذه من سنن الفطرة، فبقيت عنده الموسى وهو موثق، فدب إليه الولد فأقعده عنده وبيده الموسى، فلما انتبهت فزعت ورعبت.. هذا محكوم عليه بالإعدام، والآن فرصة لينتقم، وبيده الموسى وهذا الولد، لكنه ألغى هذه الفكرة من رأسه، أتظن أنه سيقتله؟ كلا، قالت: والله ما رأيت أسيراً خيراً من خبيب ؛ كان بـمكة يأكل قطفاً من عنب وما في مكة عنب؛ وهذه من كرامات أولياء الله.

    إذاً: الناس عندما يرون النموذج يتأثرون ويقتنعون وقد لا يُطبق في البداية، ولكن تبقى المشاهدة في نفسه بانتظار الوقت المناسب، تظهر وعلى شكل تنفيذ لما استقر في النفس من التأثر المسبق.

    والحمد لله رب العالمين.

    1.   

    الأسئلة

    مفهوم التمتع في الحج

    السؤال: شخص ينوي أداء العمرة بعد العيد، ويرجع إلى المنطقة الشرقية وعنده نية أداء الحج. هل يعتبر متمتعاً؟

    الجواب: التمتع ينقطع بالعودة إلى بلده، فإذا اعتمر في شوال؛ وشوال من أشهر الحج، فإن التمتع ينقطع إذا رجع إلى بلده.

    أول ليالي العشر

    السؤال: أول ليالي العشر هل هي بعد غدٍ؟ أم بعدها؟

    الجواب: ليلة واحد من ذي الحجة هي أول ليالي العشر؛ فإذا انتهت العشر الأول تبدأ العشر الثانية، وآخر العشر الثانية يوم عشرين، وأول العشر الثانية يوم الحادي عشر، وأول العشر الثالثة ليلة واحد وعشرين.

    السترة في الصلاة

    السؤال: هل يجوز أن يكون خط السجاد الذي أمامي سترة؟

    الجواب: السترة من طبيعتها وصفتها: أنها مرتفعة عن الأرض، والسنة أن تكون مثل مؤخرة الرحل وأعلى، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام يستتر وراء الجدار في الصلاة؛ يصلي وراء الاسطوانة، فالسنة ألا تنزل عن مؤخرة الرحل؛ وهو المرتفع الذي يكون في آخر الرحل الذي يوضع على الدابة.

    البنين أم البنون

    السؤال: بالرفاء والبنين؟ أم بالرفاء والبنون؟

    الجواب: بالرفاء والبنين؛ لأن البنين معطوفة على الرفاء؛ والرفاء مجرورة بالباء. فكأنه يقول: بالرفاء وبالبنين.

    حكم من اختل عقله بمرض ونحوه

    السؤال: أصيب الوالد بنزيف في الدماغ وهو الآن طريح الفراش، وعقله ليس كاملاً، وأحياناً يكون في حالة جيدة، وأحياناً في حالة سيئة، فهل يصلي أم لا؟

    الجواب: إذا رجع إليه عقله صلى، وإذا كان يستطيع الصيام صام، وإذا غاب عنه العقل، فإنه ليس بمكلف، فلا يجب عليه لا الصلاة ولا الصيام.

    صحة حديث: ( شيبتني هود وأخواتها )

    السؤال: ما صحة هذا الحديث: (شيبتي هود وأخواتها) ومن أخوات هود؟

    الجواب: حسن بعضهم الحديث بمجموع طرقه، وبعضهم قال: إنه ليس بصحيح.

    وأخوات هود هي: المرسلات، وعم، وإذا الشمس كورت.

    العقيقة

    السؤال: ما هي العقيقة؟

    الجواب: العقيقة: هي ذبيحة تذبح اليوم السابع شكراً لله على نعمة المولود، وفكاً لأسر الشيطان وتأثيره عن المولود. قال صلى الله عليه وسلم: (كل غلام مرتهن بعقيقته) مرتهن أي: أن الشيطان له نوع من التسلط على المولود، فينفك التسلط ويضعف تأثير إبليس بذبح العقيقة.

    غير أنها طعمة للمساكين؛ يهدى منها إليهم، وإذا احتاج إلى كسر عظامها كسرها، وقال بعض العلماء: إنها لا تكسر، والحديث الذي فيه النهي عن كسرها ليس بصحيح، وذهب بعض العلماء إلى أنها تقاس على الأضحية، فتثلث أثلاثاً.. يأكل الثلث، ويهدي الثلث، ويوزع الثلث ويتصدق به على الفقراء.

    الحجة قائمة على قريش بدين إبراهيم

    السؤال: هل يؤخذ من قصة زيد بن عمرو بن نفيل أن الحجة قائمة على قريش قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن من مات منهم مشركاً بالله دخل النار؟

    الجواب: نعم، هذه من الحجج، أن قريشاً قد أقيمت عليهم الحجة، وأن دعوة إبراهيم الخليل معروفة عندهم، وأن التوحيد معروف عندهم، ولذلك كان أبو طالب وعبد المطلب وأبو النبي صلى الله عليه وسلم وأمه في النار؛ لأنهم لم يموتوا على التوحيد، فكفار قريش الذين ماتوا قبل البعثة كان التوحيد معروف عندهم، ولكنهم اختاروا الشرك وكان فيهم دعاة التوحيد، منهم: زيد بن عمرو بن نفيل ، وكانت دعوة التوحيد موجودة عنده ومعروفة، لكنهم قالوا: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف:23].

    متابعة الإمام في الصلاة

    السؤال: رجل صلى خلف إمام الصلاة الرباعية وسلم الإمام ناسياً في التشهد الأول، هل يقوم المأموم ويكمل الصلاة؟ أم يسلم مع الإمام؟

    الجواب: لا يسلم، ولا يقوم، وإنما يسبح حتى يقوم الإمام يكمل الصلاة فيكملها معه، فإن أبى الإمام إكمال الصلاة أكمل هو الصلاة.

    ورقة بن نوفل قبل البعثة

    السؤال: ما حال ورقة بن نوفل ؟

    الجواب: هو في الجنة؛ لأنه مات على التوحيد، أي: دخل دين النصرانية على التوحيد، وهو الذي أحس ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم، قال: وإن أدرك يومك أنصرك نصراً مؤزراً؛ إذا بعثت أنت وأنا حي فإنني أتعهد بنصرتك، قال: هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى، يعني: ورقة بن نوفل أدرك أول الوحي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع يقول: (زملوني زملوني) رجع مرتعداً مما رآه؛ من منظر جبريل، ولما أمسكه وضمه حتى بلغ منه الجهد، رجع النبي صلى الله عليه وسلم، وقامت خديجة إلى ورقة بن نوفل فأخبرته، فجاء وصدقه بما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذا أول النبوة، وأول الدين، لكن ورقة ما نشب أن توفي قبل أن يقوم النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة.

    العمرة بغير نية مسبقة

    السؤال: رجل كان يقيم في الطائف إقامة مؤقتة، فنزل إلى مكة فاعتمر عمرة لنفسه، وبعد ذلك ذهب إلى مدينة جدة، فأراد أن يصلي الجمعة في مكة ، فقام بأخذ عمرة عن صاحبٍ له قد مات، ولم ينو إلا من جدة، فهل عمرته صحيحة؟

    الجواب: نعم. لأنه لم ينوِ إلا في جدة .

    حكم الجوائز في المسابقات

    السؤال: ما حكم السيارة التي ربما تأتي جائزة في مسابقة ما؟

    الجواب: هذه الجائزة ليست وصفاً لحكم، إنما يضعونها مكافأة أو مقابلاً، لكن إذا كان يشترطون لها اشتراطاً، وكان فيها دفع مال وأخذ كوبون ويتم عليه السحب، فهو نوع من الميسر.

    حكم إخراج الزكاة إلى خارج البلد

    السؤال: ما حكم إرسال زكاة الفطر إلى خارج البلد؟

    الجواب: لا يجوز، بل يغني بها فقراء بلده، فإذا لم يوجد فقراء في بلده يخرجها إلى خارج البلد.

    حكم السلام على غير المسلمين

    السؤال: ما حكم السلام على غير المسلمين، مثل: الهندوس؟

    الجواب: إذا كان اليهود والنصارى الذين هم أحسن من الهندوس لا يجوز إلقاء السلام عليهم، فما بالك بالهندوس؛ الذين إذا وجد الواحد منهم حذاء أخيه عند زوجته ترك البيت ورجع والعياذ بالله، يعني: عندهم وطء للمحارم، ووطء زوجة الأخ شيء عادي، وأن الأخ إذا جاء إلى بيته ووجد أخاه نائماً عند زوجته تركه ورجع، لا يجوز عندهم أن يقلق راحة أخيه عند زوجته.

    ويكفي أنهم يقولون: إن الله- تعالى الله عن قولهم- حل في بقرة، لكن لا ندري في أي بقرة؟

    ضاعت البقرة، الحل أننا نعبد جميع البقر لأن واحدة من البقر هي الإله.

    فلذلك هؤلاء عباد البقر، وهؤلاء الذين احتج بهم الآغاخان، لما قيل له: إن طائفة يعبدونك؟

    قال: إذا كانت الهندوس يعبدون البقر، ألست أحسن من البقر؟

    أي: أنا أولى بالعبادة من البقر؛ هؤلاء كلهم في ضلال مبين.

    فالشاهد: أن هؤلاء لا يجوز إلقاء السلام عليهم أبداً.

    ومعروف اضطهادهم وقتلهم للمسلمين، وهدمهم لمساجد المسلمين، واعتداؤهم على المسلمين، واستغفالهم للمسلمين في بلدهم، ولذلك فهم أعداؤنا أعداء الله.

    أما اليهود والنصارى فلا يجوز لنا أن نبدأهم بالسلام، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام).

    الفطر في السفر

    السؤال: أراد رجل أن يسافر بعد العصر في رمضان. هل يجوز له أن يفطر بعد الظهر؟

    الجواب: كلا. لا يجوز له أن يفطر إلا بعد أن يغادر البلد، فإذا فارق بنيان البلد أفطر، وقبل ذلك لا يجوز له أن يفطر، هذا مذهب جمهور أهل العلم، وكذلك الذي دلَّ عليه حديث جابر في إفطار النبي صلى الله عليه وسلم بـعسفان بعد أن خرج من المدينة .

    حكم من حاضت بعد دخول وقت الصلاة

    السؤال: أنا امرأة استيقظت وقت صلاة الفجر، ولكن نمت بعد ذلك تقريباً نصف ساعة، وعندما أردت أن أتوضأ لصلاة الفجر أحسست بأن الدورة قد نزلت عليَّ، ولو أني قمت على الوقت لما نزلت عليَّ، فهل أقضي أم لا؟

    الجواب: إذا كانت تقول: إنه قد طلع عليها الفجر وهي طاهرة ولكنها لم تبادر إلى الصلاة فوراً؛ وانتظرت نصف ساعة ثم حاضت، فهل تقضي أم لا؟

    العلماء في هذه المسألة لهم ثلاثة أقوال:

    - منهم من يقول: إذا دخل وقت الصلاة على المرأة وهي طاهر ثم حاضت، فإنها تقضي بعد ذلك تلك الصلاة الذي دخل عليها وقتها وهي طاهر، وحاضت أثناء الوقت.

    - ومنهم من يقول: إنها لا تقضي.

    - ومنهم من يقول: إنها إذا تراخت وأخرت الصلاة، ونزلت الدورة في آخر الوقت، ولم تصلِ، فعليها القضاء.

    وأما إذا جاءت الدورة في أول الوقت فليس عليها القضاء، وكأن شيخنا الشيخ عبد العزيز قد مال إلى هذا في بعض فتاويه.

    الجن المؤمنون يدخلون الجنة

    السؤال: هل الجن المسلمون في النار مع الشياطين؟

    الجواب: كيف والله تعالى يقول: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم:35-36] هؤلاء في الجنة لا شك.

    حكم استخدام الجن في العلاج

    السؤال: هل يجوز استخدام المسلمين للجن في العلاج؟

    الجواب: إن كان يستخدمهم في أمر مباح جاز، ولكن إن أثبت لنا أنه يستخدمهم على نحوٍ مباح في أمر مباح؟ هنا المشكلة.

    استحباب الوضوء عند كل صلاة

    السؤال: هل يلزم الوضوء عند كل أذان لكل صلاة؟

    الجواب: لا. لكن يستحب.

    حكم من دخل عليه رمضان وعليه صيام من رمضان الأول

    السؤال: ما حكم من كان عليه صوم في رمضان، وأتى عليه رمضان الثاني دون أن يقضي ما عليه؟

    الجواب: عند ذلك يلزمه الصوم وكفارة للتأخير: إطعام مسكين نصف صاع من قوت البلد، مثلاً: كيلو ونصف من الأرز، يطعم مسكيناً كفارة للتأخير مع القضاء.

    المدة الطبيعية للعادة الشهرية

    السؤال: امرأة تأتيها العادة الشهرية أكثر من عشرة أيام، فنرجو توضيح ذلك؟ وما هي المدة الطبيعية للمرأة؟

    الجواب: أكثر ما يكون عند النساء ستة أو سبعة أيام وهذا في الغالب، ولكنها قد تزيد، فما لم تبلغ خمسة عشر يوماً، فهي عادة، فلو أن امرأة عادتها إحدى عشر يوماً.. اثنا عشر يوماً.. ثلاثة عشر يوماً.. أربعة عشر يوماً؛ هذه عادة، فإذا زادت على خمسة عشر يوماً، فهذه استحاضة فترجع إلى عادتها الأصلية، وإن لم يوجد فترجع إلى عادة نسائها، كأمها وعمتها وخالتها وأختها.. ونحو ذلك.

    حكم تقسيم الميراث قبل الموت

    السؤال: هل يجوز للإنسان أن يقسم ميراثه قبل وفاته على أولاده؟

    الجواب: نعم. لا بأس، يعطي الثمن لزوجته ولِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11].

    دخول أرواح المؤمنين الجنة عند الموت

    السؤال: عند موت الصالحين والأنبياء والشهداء هل يدخلون الجنة بأرواحهم وأجسادهم؟ أم بأرواحهم فقط؟

    الجواب: بأرواحهم، فأرواح الشهداء مراتب، والمؤمنون مراتب؛ وهناك مؤمنون أرواحهم في حواصل طيرٍ خضرٍ تسرح في الجنة وتأوي إلى قناديل تحت العرش، تسرح في الجنة وتأكل من ثمر الجنة.

    وهناك مؤمنون أرواحهم تعلق في شجر الجنة.

    وهناك نوع من الشهداء أدنى منزلة من الشهداء الأولين أنهارهم عند بارق نهر بباب الجنة.

    فالأرواح تذهب وتأتي وتطير وتدخل الجنة، أما دخول الأرواح مع الأجساد، فلا يكون إلا بعد قيام الساعة (أما إنك ستدخله ولكن ليس الآن) كما جاء في الرؤيا.

    الاهتمام بالمظهر وأخذ الزينة

    السؤال: زوجي دائماً لا يهتم بمظهره ولبسه أمام الناس، فإذا قلت له: لماذا لا تهتم؟ قال: هذا شيء عادي بالنسبة لي، ويعلم الله أني أتضايق منه بسبب هذا الإهمال الزائد، ولكنه مهمل في شخصيته، وبيني وبينه مشاكل، إذا فتح باب الشقة، يشتم ويسب ويرفع صوته مع أنه يأتي الدروس والمحاضرات؟

    الجواب: يجب على المرأة أن تطيع زوجها، وألا تغضبه وتتسبب في ثوران أعصابه، ويجب على الرجل أن يكون معاشراً لها بالمعروف، وأن لا يسبها ولا يشتمها، وأن يعتني بمظهره، وهي تقول: إنه يأتي الدروس والمساجد والمحاضرات، والله عز وجل يقول: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755947646