إسلام ويب

الإرهاب الغربيللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الصور المخزية والمجازر الوحشية التي ترتكب ضد المسلمين اليوم لتدمع لها العيون، وتتفطر لها الأكباد، وتنهد لها الجبال! والأدهى والأمر أن يبرر الإرهاب الغربي كل ما ارتكبه من مجازر، ويلقي ثوب الفضيحة والرذيلة على المسلمين، ويلبسهم لباس التطرف والإرهاب والبربرية، ولو قرءوا التاريخ ونظروا في حياة المسلمين لوجدوا أن دين الإسلام هو دين السماحة والأمن والأمان، وأن الإسلام بريء من كل ما رموه واتهموه به.

    1.   

    صور مخزية من إرهاب الغرب

    إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة، فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الآباء الفضلاء، وأيها الإخوة الأحباب الكرام الأعزاء، وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا الذي جمعني مع حضراتكم في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله: الإرهاب الغربي، هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك، وكعادتنا حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا فسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية: أولاً: صور مخزية من إرهاب الغرب. ثانياً: صور مشرقة للتسامح الإسلامي. ثالثاً: لا تيئسوا من روح الله. رابعاً: طريق النجاة. فأعيروني القلوب والأسماع، فإن هذا الموضوع الآن من الأهمية بمكان، فإنني أدين لله جل وعلا بأن هذا ينبغي أن يكون أهم الموضوعات، فإن العلماء والدعاة موضوعاتهم اليوم في واد، وأمتهم بجراحها وآلامها في واد آخر، والله أسأل أن يجعلنا من الصادقين في القول والعمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أولاً: صور مخزية من إرهاب الغرب.

    تشويه الإعلام الغربي لصورة الإسلام وإلصاق تهمة الإرهاب بالمسلمين

    أحبتي الكرام: إن الصراع بين الحق والباطل قديم بقدم الحياة على ظهر الأرض، والأيام دول كما قال ربنا جل وعلا: وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140]، ولا شك أن الدولة الآن للغرب الذي كسب الجولة الأخيرة وهزم الأمة المسلمة عسكرياً واقتصادياً وأمنياً ونفسياً، وذلك بعد أن تخلت الأمة عن أسباب النصر، بانحرافها عن منهج ربها ونبيها صلى الله عليه وسلم، مصداقاً لقول الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11] وذهب الغرب المنتصر -أيها الأحبة الكرام- يسوم الأمة المهزومة سوء العذاب، ويمارس عليها كل أشكال الإرهاب الفكري والنفسي والعلمي والعسكري. ففي الوقت الذي يمارس فيه الإعلام الغربي عامة والأمريكي خاصة لوناً قذراً من ألوان الإرهاب الفكري، بوسم الإسلام والمسلمين بالإرهاب والتطرف والوحشية، والبربرية والجمود والرجعية، والتخلف والتأخر.. إلى آخر هذه التهم المعلبة الجاهزة التي لم تعد تنطلي إلى على السفلة والرعاع؛ أقول: في الوقت الذي يمارس فيه الإعلام الغربي هذا اللون القذر من ألوان الإرهاب الفكري، شاء الله جل وعلا أن تسقط ورقة السوء، وأن تتمزق خيوط العنكبوت التي طالما وارى بها النظام الغربي والأمريكي عوراته الغليظة، سقطت ورقة التوت، وتمزقت خيوط العنكبوت يوم أن قرر داعر البيت الأبيض بل كلنتون -الذي شاء الله أن يفضحه على رءوس الأشهاد ليغطي على أنباء فضيحته في أنحاء الدنيا- ضرب السودان وأفغانستان، لماذا؟ بحجة محاربة الإرهاب، إنا لله وإنا إليه راجعون، والذي فعلته زعيمة العالم في الإرهاب أمريكا ليس من الإرهاب في شيء، فـ: قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر ويقطع الإرسال الإعلامي العالمي ليخرج علينا إرهابي البيت الأبيض، ليزف إلى العالم الغربي والعربي والإسلامي المهزوم نبأ الغارات الجوية على السودان وأفغانستان، بنفس الطريقة التي خرج بها على العالم من قبله سلفه جورج بوش ليزف للعالم نبأ فتح العراق، وبنفس الطريقة التي خرج بها سلفهما ريجن ليزف للعالم نبأ الغارات الجوية على ليبيا. مسلسل متكرر، مسلسل متصل والضحايا من الموحدين لله جل وعلا، من المسلمين الذين أصبحت دماؤهم أرخص دماء على وجه الأرض ولا حول ولا قوة إلا بالله! يضرب السودان ذلكم البلد الإسلامي الوديع الآمن، وجريمته أنه قال لشرع الله: على العين والرأس.. سمعنا وأطعنا، جريمة السودان أنه أعلن تطبيق شرع الله، جريمة السودان أنه رفض الهيمنة الأمريكية، ورفض أن يذوب في السياسة الغربية الأمريكية وقال لشرع الله: سمعاً وطاعة، وقال للنظام الشرقي الملحد وللقانون الغربي الكافر: لا.. لا، وردد مع المؤمنين الأولين: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. يفرض الحصار الاقتصادي على السودان، بل وحاول الغرب وعلى رأسه أمريكا أن يدخل مصر والسودان في صراع دموي قاتل لصالح العالم الغربي والأمريكي، ولكن الله سلم، وتعاملت مصر -وأسأل الله أن يحفظها بحفظه- مع الكيد الغربي الشيطاني بغاية الحكمة والذكاء. ويضرب أفغانستان ذلكم البلد الإسلامي الشامخ الذي مرغ أنف الدب الروسي الغبي في التراب والطين، يوم أن رفع أبناؤه راية الجهاد في سبيل الله، فلما تخلوا عن راية الجهاد في سبيل الله وقع ما نعلمه فيما بينهم، وهذه سنة ربانية لا تتبدل ولا تتغير، ليعلم الجميع أن الله لن ينصر إلا من نصر دينه، فإن نصبت نفسك وحرصت على كرسي زائل ومنصب فانٍ وكل الله الجميع إلى بعضهم البعض، فلولا أن أهل أفغانستان رفعوا راية الجهاد في سبيل الله جل وعلا لما وضعوا أنف الدب الروسي الغبي الوقح في الوحل والطين والتراب.

    من هو الإرهابي الحقيقي

    تضرب السودان وأفغانستان بحجة محاربة الإرهاب، وما جعلته زعيمة الإرهاب من ذبح للسودان وأفغانستان بالصواريخ والطائرات ليس من الإرهاب في شيء ما دام هذا السفك بأيد أمريكية، وما دام الحصار يفرض على العراق وعلى ليبيا وعلى الصومال بأيد أمريكية، فما دام القول والفعل من نصف العالم الآن الذي يخون بيده الخبيثة الطويلة الآثمة كل مسلم هنا وهنالك على مرأى ومسمع من العالم الغربي، وعلى مرأى ومسمع من العالم الإسلامي المهزوم، ما دام هذا الصنيع على يد الأمريكان فلا يعد من الإرهاب في شيء، ولا ينبغي لرجل عاقل أن يصف هذا القول والفعل بالإرهاب والتطرف. أما إن تكلم مسلم كلمة يذب بها عن دين الله، ويبين بها الإرهاب الغربي فهو الذي يوصف بالإرهاب، كما يسم الإرهاب الغربي المسلمين في كل مكان بالتطرف والأصولية والإرهاب والوحشية، والبربرية والجمود، والرجعية والتأخر.. إلى آخر هذه التهم المعلبة، يقتل عشرات الآلاف من الأفغان، وفي كل عام يقتل ما يزيد على خمسين ألف طفل من العراق، لماذا؟ لأن النظام الغربي وعلى رأسه أمريكا يفرض حصاراً اقتصادياً على العراق وعلى ليبيا وعلى السودان وعلى الصومال! لماذا لا يقال بأن هذا هو الإرهاب الحقيقي؟ لماذا لا يقال بأن هذا هو التطرف الحقيقي؟ أين مجلس الأمن الذي يتبجح كل يوم بوجود تطبيق القرارات على العراق، مع أنه هو الذي أصدر ما يزيد على خمسين قراراً في حق إسرائيل، ومع ذلك لم يطالب مجلس الأمن مطالبة عملية واقعية أن تطبق إسرائيل قراراً واحداً من هذه القرارات؟! وسنرى أن الإرهاب اليهودي الآن قد استطال في أرض فلسطين وفي جنوب لبنان وفي هضبة الجولان، فأين أمريكا من هذا الإرهاب اليهودي؟ أين مجلس الأمن؟ وأين أمريكا التي تقول: إننا سنحارب الإرهاب في كل مكان؟! لماذا لا تكف إرهابها عن العالم العربي والإسلامي؟ وأين مجلس الأمن؟ وأين المنظمة العالمية لحقوق الإنسان؟ أين النظام العالمي؟ أما له أثر، ألم تنعق به الأبواق! أين السلام العالمي؟ لقد بدا كذب السلام وزاغت الأحداق يا مجلس الأمن المخيف إلى متى؟! يا مجلس الأمن المخيف الذي في ظله قد ضيع الميثاق يا مجلس الأمن المخيف أوما يحركك الذي يجري لنا أوما يثيرك جرحنا الدفاق وحشية يقف الخيال أمامها متضائلاً وتمجها الأذواق يا مسلمون: أنادي كل علمانيي العرب في الأمة كلها أن يقفوا الآن على حقيقة الإرهاب، وأن يقفوا على حقيقة التطرف، وأن يعلموا من هم الإرهابيون الحقيقيون، وأن يعرفوا لله حقيقة الغرب، هذا هو الغرب الذي لا يكيل بمكيالين كما يريد العلمانيون أن يقنعوا أمثالنا، فالغرب لا يكيل إلا بمكيال واحد، إنه مكيال العداء للإسلام، ولمحمد عليه الصلاة والسلام، هذه حقيقة يجب أن تستقر في قلوبنا، وفي قلوب أبنائنا وبناتنا ونسائنا، الغرب لا يكيل إلا بمكيال واحد، إنه مكيال العداء للإسلام.. قالوا لنا ما الغرب قلت صناعة وسياحة ومظاهر تغرينا لكنه خاوٍ من الإيمان لا ير عى ضعيفاً أو يسر حزينا الغرب مقبرة المبادئ لم يزل يرمي بسهم المغريات الدينا الغرب مقبرة العدالة كلما رفعت يد أبدى لها السكينا الغرب يكفر بالسلام وإنما بسلامه الموهوم يستهوينا الغرب يحمل خنجراً ورصاصة فعلام يحمل قومنا الزيتونا كفر وإسلام فأنى يلتقي هذا بذلك أيها اللاهونا أنا لا ألوم الكفر في تخطيطه ولكن ألوم المسلم المسجونا وألوم أمتنا التي رحلت على درب الخضوع ترافق التنينا وألوم فينا نخوة لم تنطفئ إلا لتضربنا على أيدينا يا مجلس الأمن المخيف إلى متى تبقى لتجار الحروب رهينا وإلى متى ترضى بسلب حقوقنا منا وتطلبنا ولا تعطينا لعبت بك الدول الكبار فصرت في ميدانهن اللاعب الميمونا يا مجلساً غدا في زي عالمنا مرضاً خفياً يشبه الطاعونا شكراً -لمجلس الأمن- لقد أبرزت وجه حضارة غربية لبس القناع سنينا شكراً لقد نبهت غافل قومنا وجعلت شك الواهمين يقينا يا مجلس الأمن انتظر إسلامنا سيريك ميزان الهدى ويرينا إني أراك على شفير نهاية ستصير تحت ركامها مدفونا إن كنت في شك فسل فرعون عن غرق وسل عن خسفه قارونا

    إرهاب تباشره أمريكا

    أين المنظمات العالمية من الإرهاب الأمريكي ومن الإرهاب الغربي الذي يمارس بكل وحشية وعنجهية واستعلاء، في الوقت الذي يفرض فيه الإعلام الغربي غطاءً من خيوط العنكبوت على أن المسلمين هم أهل الإرهاب وهم أصل التطرف، وهم زعماء التطرف والإرهاب في العالم؟! يا مسلمون! أدركوا من الذي أباد هيروشيما ونجازاكي بالقنابل النووية. هل هم المسلمون أم أمريكا؟! من الذي أباد شعب الهنود الحمر: المسلمون أم أمريكا؟! من الذي فرض الحصار الاقتصادي وقتل عشرات الآلاف من أنصار المسلمين في العراق وليبيا: المسلمون أم أمريكا؟! من الذي ضرب السودان وضرب مصنع الدواء الذي يخرج هذا الدواء للفقراء والجياع: المسلمون أم أمريكا؟! من الذي حاصر السودان من أجل السيطرة على منابع النيل لتصل مياه النيل إلى إسرائيل: المسلمون أم أمريكا؟ فلنفق، يجب أن يفيق كل مسلم، ولتعلم أمريكا أن المسلمين أصبحوا الآن يعلمون كل شيء، ويعرفون كل شيء، لقد انتقل جل المسلمين من مرحلة أزمة الوعي إلى مرحلة وعي الأزمة. أيها المسلمون! لا بد أن نتساءل إذا كانت أمريكا تعلن حرب الإرهاب في أنحاء العالم فلماذا لم تحارب أمريكا إرهاب اليهود في في الأرض المقدسة؟! لماذا لم تحارب أمريكا رائدة العالم الغربي الإرهاب اليهودي في فلسطين وفي لبنان وفي الجولان؟ إن نتنياهو يضرب بكل الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية عرض الحائط، حتى المبادرة الأمريكية الأخيرة للسلام رفضها، ولم يحترم قانوناً ولا ميثاقاً، ولا نظاماً عالمياً ولا دولياً، وراح ليؤكد بناء المستوطنات اليهودية في الجولان، وفي الخليج، وفي القدس، يريد أن يغير هوية المدينة المقدسة بأي سبيل، ويعربد في المنطقة كلها كيف شاء، أين رائدة الحضارة الغربية من الإرهاب والتطرف اليهودي؟ وأين هي من عربدة نتنياهو ؟ ولله در القائل: عربد كما شئت يا هذا النتنياهو ما عاد في البيت مرب فتخشاه ما ضر لو تحتسي في الصبح قهوتنا على الأريكة في كبر عهدناه ما ضر لو تسرق الأنفاس من رئتي وتستبي حلماً في الليل أحياه ما ضر لو توأد الأشعار إن صرخت وتكنس البحر لو يفضي بمثواه لا تخش من سيفنا فالسيف قد صدئت أنصاله فانزوى والغمد واراه ما عاد كالأمس مزهواً بصنعته فآثر الخلد والتذكار سلواه أما الجواد الذي قد كنت تحسبه متن السباق إذا المضمار ناداه فقد تخلى عن الميدان منهزماً فعاد منسحباً والعجز أعياه وأمتي لا تخف منها فقد هرمت والشيب في رأسها قد خط مجراه حليبها لم يعد يروي لنا ظمئاً فضرعها جف مذ ماتت خلاياه عربد كما شئت يا هذا النتنياهو فأمتي تعشق الشجب وتهواه إن عم خطب بها فالكل ألسنة للشجب يا صاحبي والكل أفواه يا أمة عجزها قد صار قائدها وضعفها لم يعد في الدرب إلا هو يا أمة في خليط العمر نائمة تلوك ماض لها في القبر مثواه هانت على نفسها فاستعدمت وونت وسلمت كنزها للص يرعاه آسادها روضت في الأسر طائعة فأسدها دون أسد الأرض أشياه يا قدس هذا زمان الليل فاصطبري فالصبح من رحم الظلماء مسراه يا قدس لا تقلقي فالحق منتصر وصاحب الحق ليس يرده الله ما دام في القلب دين قد حفظناه وفي اليمين كتاب ما تركناه

    الإرهاب الصربي

    أين رائدة العالم الغربي من الإرهاب اليهودي، من التطرف اليهودي في الأرض المقدسة.. في الجولان.. في جنوب لبنان، ثم أين رائدة العالم الغربي أمريكا التي ستحارب الإرهاب في كل أنحاء العالم؟ أين هي من الإرهاب الصربي.. من التطرف الصربي؟ إن الصرب منذ سنوات يبيدون المسلمين في البوسنة وكوسوفو إبادة جماعية، نرى تطهيراً عرقياً واسع النطاق، ونرى ذبحاً للمسلمين كذبح الخراف، أين أمريكا؟ أين مجلس الأمن؟ أين هيئة الأمم؟ أين المنظمة العالمية لحقوق الإنسان من التطهير العرقي والإبادة الجماعية في البوسنة وكوسوفو إلى يومنا هذا؟ كوسوفو تباد والعالم كله خسة وخيانة ونفاق كوسوفو من دولة المجد عثمان أبوها والفاتح العملاق كوسوفو من قلب مكة بالتوحيد يعلو لواؤها الخفاق تركوها وحولها من كلاب الصرب طوق من خلفه أطواق قدمتها الصلبان للصرب قرباناً وللصرب كلهم عشاق ووالله لو فعلنا بالصرب ما فعلوه لرأينا مثل الذي رآه العراق أين رائدة الحضارة الغربية التي ستحارب الإرهاب في كل مكان في العالم، ولكنها لا تحارب إلا الإسلام والمسلمين ونحن نعلم ذلك مهما فرض الإعلام الغربي غطاءً هشاً من خيوط العنكبوت على الممارسات الإرهابية المتطرفة للعالم الغربي وعلى رأسه أمريكا. الصرب يذبحون المسلمين ذبح الخراف، وينطلقون ليحولوا ملحمتهم الشعرية التي تسمى بإكليل الجبل، إلى واقع عملي، تقول الملحمة الصربية: (سلك المسلمون طريق الشيطان، دنسوا الأرض ملئوها رجساً، فلنعد للأرض خصوبتها، ولنطهرها من تلك الأوساخ، ولنبصق على القرآن، ولنقطع رأس كل من يؤمن بدين الكلاب ويتبع محمداً، فليذهب غير مأسوف عليه)، هذه الملحمة الصربية القذرة التي انطلق الصرب ليحولوا كلماتها الخبيثة إلى واقع عملي، فأين رائدة الحضارة الغربية من هذا الإرهاب الفكري والعسكري والاقتصادي والنفسي الذي يمارس على المسلمين في البوسنة في كوسوفو.. في العراق.. في ليبيا.. في السودان.. في أفغانستان.. في الصومال.. في كشمير على أيدي عباد البقر. ففي كل بلد على الإسلام دائرة ينهد من هولها رضوى وثهلان ذبح وصلب وتقتيل بإخوتنا كما أعدت لتشفي الحقد نيران يستصرخون ذوي الإيمان عاطفة فلم يغثهم بيوم الروع أعوان فهل هذه غيرة أم هذه ضيعة للكفر ذكر وللإسلام نسيان

    لماذا لا تحارب أمريكا التطرف اليهودي

    وإذا سألتموني: لماذا لم تحارب أمريكا التطرف اليهودي والإرهاب الصربي في كل أنحاء العالم؟ سأجيب على حضراتكم بكلمات قليلة وأقول: لأن الكفر ملة واحدة، وبكل أسف لقد بين لنا ربنا في قرآننا الذي يتلى على مسامعنا في الليل والنهار، بين لنا عقيدة القوم، تدبر قول الله جل وعلا: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]؛ لكننا -بكل أسف- منا من لا يصدق ربنا جل وعلا، إن صدق بلسانه فإن قلبه يكذب وإن واقعه ينكر. وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51] ، وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [آل عمران:118]، وقال جل وعلا: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ [البقرة:109]، وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ [الممتحنة:1]. آيات كثيرة يبين الله فيها خطر عقيدة الكفر، وأن عقيدة الكفر واحدة، وأن ملة الكفر واحدة في كل زمان وكل مكان.

    1.   

    صور مشرقة للتسامح الإسلامي

    وفي مقابل هذه الصور المخزية للإرهاب الغربي أؤكد لرائدة الحضارة الغربية أمريكا وللعالم الغربي -وتمنيت من كل قلبي أن لو أسمعت العالم الغربي كله هذه الكلمات- أن الإسلام دين الأمن، دين التسامح، دين لا يقر الإرهاب مهما كان لونه ومهما كان زمانه، ومهما كان مكانه ومهما كان جنسه، لا يقر الإسلام إرهاباً ولا تطرفاً على الإطلاق من أي جنس كان، وفي أي زمان كان، وفي أي مكان كان، بل أنا أؤكد للغرب وللمسلمين وللعلمانيين العرب بصفة خاصة أن اليهود والنصارى ما ذاقوا نعمة الأمن والأمان والاستقرار إلا في كنف دين محمد بن عبد الله.. إلا في ظلال الإسلام، ولا زالت صفحات التاريخ مفتوحة بين أيدينا. فلنرجع إلى التاريخ لنقرؤه، ولنرى أن الإسلام العظيم قد جعل الناس جميعاً في كل أنحاء الأرض سواء لا اختلاف ولا تمايز بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13]، وهذا هو عنصرنا الثاني: (صور مشرقة للتسامح الإسلامي). اسمع إلى خطبة الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث الذي رواه أحمد والبيهقي بسند صحيح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (خطبنا رسول الله في وسط أيام التشريق خطبة الوداع، وكان من بين ما قاله المصطفى: أيها الناس! ألا إن ربكم واحد، ألا إن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]). هل طبق الإسلام هذه المناهج العظيمة، أم أن الإسلام قد جعلها مناهج نظرية باهتة باردة؟ لا، اقرءوا التاريخ لتروا أن الإسلام قد حول هذه المبادئ السامية إلى واقع يتألق سمواً وروعة وعظمة وجلالاً.

    أمان عمر بن الخطاب لأهل إيليا

    هذا فاروق الأمة عمر بن الخطاب الذي خرج من المدينة ليتسلم مفاتيح بيت المقدس، وجاء عمر بن الخطاب في موكب مهيب لكنه يتكون من رجلين اثنين، من عمر وخادمه، على ظهر دابة واحدة، يركب فاروق الأمة تارة، وينزل ليركب خادمه تارة أخرى، وينزل الخادم لتمشي الدابة وحدها تارة ثالثة. وما أن وصل عمر إلى بيت المقدس إلا وكانت النوبة لخادمه، فأصر الخادم أن ينزل ليركب أمير المؤمنين، فرفض عمر وركب الخادم، وانطلق عمر بن الخطاب ليجر الدابة لخادمه وهو أمير المؤمنين، فلما أقبل أبو عبيدة بن الجراح قائد الجيوش في القدس في بلاد فلسطين ورأى عمر بن الخطاب يفعل ذلك قال: يا أمير المؤمنين! والله ما أحب أن القوم قد استكرهوك، لا أحب أن يراك القوم وأنت بهذه الحالة، وأنت في طريقك لاستلام مفاتيح بيت المقدس، فالتفت فاروق الأمة القوي إلى أبي عبيدة فقال: (أوه يا أبا عبيدة لو يقولها غيرك! يا أبا عبيدة ! لقد كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله). ويقف عمر بن الخطاب أمام بيت المقدس على أرض فلسطين ليكتب لهم الأمان الذي يسمى في التاريخ بالعهدة العمرية، ماذا قال عمر؟ قال: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أهل إيليا -أي: أهل بيت المقدس- من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم، فكنائسهم لا تسكن ولا تهدم، ومن أراد من أهل إيليا أن يخرج فعليه الأمان حتى يبلغ مأمنه، على ما في هذا العهد أقر عمر، فعليه ذمة الله ورسوله والخلفاء والمؤمنين). ووقع على هذا العهد العمري: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان ، في العام الخامس عشر من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، أعطى عمر للنصارى أماناً على أموالهم وأنفسهم وكنائسهم.

    صلاح الدين يرسل طبيبه لمعالجة عدوه

    ولو رأينا وقرأنا ما فعله صلاح الدين الأيوبي يوم أن انتصر على الصليبيين في موقعة حطين، عاملهم معاملة سيظل التاريخ يقف أمامها وقفة إعجاب وإجلال وإكبار، كما صرح كتابهم هم من الشرق والغرب، لقد مرض ريتشارد قلب الأسد الذي كان قائداً قوياً عنيداً لـصلاح الدين ، فلما مرض أرسل له صلاح الدين الأيوبي طبيبه الخاص بدواء من عنده، هل في تاريخ الحضارات مثل ذلك؟

    محمد الفاتح يعطي الأمان للنصارى

    ولما فتح البطل الشاب محمد الفاتح القسطنطينية ودخل كنيسة آياصوفيا العملاقة، ماذا فعل محمد الفاتح بالنصارى؟ أعطاهم الأمن والأمان، وعاشوا في كنف محمد الفاتح في ظلال الإسلام، وفي غاية الاستقرار.

    عمر بن الخطاب يقتص للقبطي من محمد بن عمرو بن العاص

    وكلكم يعلم قصة اليهودي الذي سرق درع علي ، وكلكم يعلم قصة القبطي الذي سابق محمد بن عمرو بن العاص. قبطي من أرض مصر يسابق محمد بن عمرو بن العاص فيسبقه القبطي، فيضرب ابن والي مصر القبطي الضعيف، وهو يقول له: خذها وأنا ابن الأكرمين، ويتلقى القبطي الضربة من سوط محمد بن عمرو بن العاص، وينطلق على الفور إلى الأسد القابع في مدينة المصطفى، إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليدخل عليه المسجد النبوي وهو يقول: هذا مقام العائذ بك يا أمير المؤمنين! فيقول له عمر : من أنت؟ فيقول: أنا قبطي من أهل مصر. ما الذي جاء بك من مصر إلى المدينة؟ قال: سابقت محمد بن عمرو بن العاص فسبقته، فضربني بالسوط وهو يقول: خذها وأنا ابن الأكرمين، فقال له عمر : اجلس هنا، وأرسل مع البريد رسالة عاجلة كتب فيها: (من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى والي مصر عمرو بن العاص ، إن انتهيت من قراءة رسالتي فاركب إلي مع ولدك محمد). فيركب عمرو بن العاص مع ولده محمد ليدخل على عمر رضي الله عنه، فيقول عمر : أين القبطي؟ فيقول: هأنا يا أمير المؤمنين، فيقول: أقبل، خذ السوط واضرب ابن الأكرمين، قبطي يضرب ابن عمرو بن العاص ! فيضربه، فيقول عمر : أدر السوط أو الدرة على صلعة عمرو بن العاص ، فوالله ما ضربك ولده إلا بسلطان أبيه، فقال القبطي: لا يا أمير المؤمنين قد ضربت من ضربني، فقال عمر : والله لو ضربت عمرو ما حلنا بينك وبين ذلك، ثم التفت عمر إلى عمرو وقال قولته الخالدة: (يا عمرو ! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً). هل في حضارات الدنيا مثل هذا؟! هذا هو تسامح الإسلام العظيم.

    قصة عمر بن عبد العزيز مع أهل سمرقند

    وأنا أعجب يوم أن فتح المسلمون سمرقند في عهد عمر بن عبد العزيز، وأرسل أهل سمرقند رسالة إلى عمر رضي الله عنه، وقالوا بأن الفتح الإسلامي لسمرقند فتح باطل؛ لأن الجيوش دخلت سمرقند عنوة، ولم تدعها إلى الإسلام، ولم تفرض عليها الجزية. فما كان من عمر بن عبد العزيز إلا أن يرسل إلى قاضي قضاة المسلمين ليحقق في هذا الأمر، ويرسل القاضي إلى عمر رضي الله عنه بأن الفتح الإسلامي لسمرقند فتح باطل، فيصدر عمر الأوامر إلى قائد الجيوش المسلمة في سمرقند بالانسحاب فوراً، ثم يدعو أهل سمرقند إلى الإسلام فإن أبوا فليفرضوا عليهم الجزية، فإن أبوا فالقتال! فلما خرج الجيش عن بكرة أبيه، خرج أهل سمرقند بين يدي الجيش الفاتح العظيم المنتصر على نفسه، وهم يقولون: نشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أن محمداً رسول الله. هذه أخلاق الإسلام، وهذه أخلاق جنوده.

    تعامل أبي عبيدة مع أهل حمص ودمشق

    ولما فتح الجيش الإسلامي حمص والعراق والشام، وعلم القادة بقيادة أبي عبيدة أن هرقل قد جمع لهم جيشاً جراراً، خرج القادة يخاطبون أهل دمشق وأهل حمص وقالوا لهم: لقد سمعنا أن هرقل قد جمع لنا جموعاً، وإننا لا نستطيع أن نحميكم وأن ندافع عنكم، وهذه جزيتكم التي دفعتموها لنا في مقابل حمايتكم. فلما رأى الناس ذلك من أهل حمص ومن أهل دمشق طارت عقولهم وخرجوا بين يدي الجيش المسلم يقولون: والله لعدلكم أحب إلينا من جور الروم وظلمهم، مع أنهم على دين واحد. إن الإسلام دين الأمن، دين التسامح، دين الأمان، وما ذاق اليهود والنصارى نعمة الأمن والاستقرار إلا في كنف الإسلام، وفي ظلال دين محمد عليه الصلاة والسلام. إخوتي الكرام: وأخيراً (لا تيأسوا من روح الله)؛ وأوفر الحديث عن هذا العنصر والذي يليه بعجالة إلى ما بعد جلسة الاستراحة، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    لا تيأسوا من روح الله

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام: أرى رياحاً عاتية من القنوط واليأس تجتاح نفوس كثير من المسلمين، فإن هذه الهزيمة النفسية وهذا اليأس والقنوط هل تعتقدون أن السبب كله منكم لأمريكا، أم أنه منكم ومن الخالق العظيم، يتصرف فيه كيف شاء؟ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:26]. إخوتي الكرام، إن زعيمة الإرهاب في العالم، وإن العالم الغربي كله إلى جوار قدرة الله وقوته وعظمته ما هم إلا حشرات ستموت وستسقط كما سقطت الحشرات الشيوعية، ستسقط الحشرات الغربية كما سقطت الحشرات الشيوعية المركزية، لموعود الله جل وعلا، ولموعود الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم. أيها الإخوة: إذا كان الاستيلاء لأهل الإيمان سنة جارية ثابتة، فإن أخذ الله للظالمين سنة جارية ثابتة، وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]، أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:6-14]. أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل:1-5] أخذ الله للظالمين سنة ثابتة، وسنة جارية لا تتبدل ولا تتغير. يا إخوتي الكرام؛ أين فرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، الذي قال: ما علمت لكم من إله غيري، الذي قال لقومه: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي [الزخرف:51]، فأجراها الله من فوقه؟! أين هامان ؟ أين قارون ؟ أين ثمود؟ أين عاد؟ أين الظالمون؟ بل أين التابعون لهم بالغي؟ أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم في الورى ظلم وطغيان هل خلد الموت ذا عز لعزته أو هل نجا منه بالسلطان إنسان لا والذي خلق الأكوان من عدم الكل يفنى فلا إنس ولا جان لا تيأسوا من روح الله فإن جيل الله قادم! إن جيل الله قادم! هل تصدقون الله جل وعلا؟ هل تصدقون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ اسمع لربك ونبيك، قال جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36]، وقال جل وعلا: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف:8-9]، وقال جل وعلا: وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:21]. ويكفي أن نعلم أنه في نفس الأسبوع ابتلى الله أمريكا بإعصار مكلف لها مئات الملايين من الدولارات، اللهم إنا مغلوبون فانتصر لنا يا رب العالمين! الله جل وعلا يقول: حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ [يوسف:110]. ويذكرنا الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم فيقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي من حديث ثوبان : (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها)، وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره من حديث حذيفة ، قال عليه الصلاة والسلام: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة). وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم! يا عبد الله! ورائي يهودي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود). إخوتي الكرام: هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدد أرض المعركة؟ نعم، لقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم أرض المعركة الفاصلة بين المسلمين واليهود، ففي رواية البزار بسند رجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي، أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أنتم شرقي الأردن وهم غربيه)، ولم تكن هناك يومئذ دولة تعرف بدولة الأردن، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم:3-5]. وفي الحديث الذي رواه أحمد وغيره بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمرو قال: (سئل رسول الله يوماً: يا رسول الله! أي المدينتين تفتح أولاً: القسطنطينية أم روما؟ فقال الصادق الذي لا ينطق عن الهوى: القسطنطينية تفتح أولاً)، وأنتم تعلمون أن القسطنطينية قد فتحت على يد البطل الشاب محمد الفاتح بعد البشارة النبوية بثمانية قرون ونصف، ويبقى الشطر الآخر للبشارة النبوية وعد لا يخلف، ألا وهو فتح روما بإذن الله، وبموعود رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    طريق النجاة

    ولكن -أحبتي الكرام- هذا الأمل كما أقول ينبغي أن يدفعنا إلى العمل، وهذا هو عنصرنا الأخير من عناصر اللقاء: (طريق النجاة). طريق النجاة على مستوى الأمة أن ترجع الأمة إلى الله جل وعلا، وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعودة إلى القرآن والسنة ليست نافلة ولا اختياراً، بل إن الأمة أمام شرط الإسلام وحد الإيمان، قال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65]. ثم لترفع الأمة راية الجهاد في سبيل الله، فأنا أدين لله أنه لا شرف ولا عز للأمة إلا بالجهاد في سبيل الله، كما قال المصطفى: (إذا تبايعتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، وتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)، ثم لتلتقي وقد آن لها أن توحد الصف، وأن تلتقي على كلمة سواء، فإن العالم الآن لا يحترم إلا الأقوياء. والعمل على مستوى الأفراد: أن نصحح في قلوبنا من جديد عقيدة الولاء والبراء، وأن نعلم نساءنا وأنفسنا وأبناءنا وبناتنا من نوالي ومن نهادن، من نحب ومن نبغض، فهذه خطوة عملية حتمية على الطريق، ثم تحول الإسلام في حياتك إلى واقع عملي وإلى منهج حياة، وأن تحمل هم الدين في قلبك، وأن تتحرك ولو بكلمة طيبة، لتعبر عما بداخلك لنصرة هذا الدين العظيم. ثم لتنطلق في خطوة ثالثة حتمية، ألا وهي دعوة الغير إلى دين الله جل وعلا، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجب علينا أيضاً -أيها المسلمون في كل مكان، يا من تستمعون إلي الآن! ويا من ستستمعون إلي عبر شريط الكاست- خطوة عملية يستطيعها كل مسلم: أن يعلن المقاطعة لجميع البضائع والمنتجات الأمريكية واليهودية، كلنا يستطيع ذلك في خطوة عملية دقيقة على الطريق، والله ستحدث أثراً، ولكننا -وللأسف- كل واحد منا يقول: ماذا أصنع أنا؟! وما قيمة دوري أنا؟! فيتخلى عن دوره، ويتخلى ذاك عن دوره، فلا يصبح للمسلمين أي دور. فخذ أنت على الطريق دوراً، وأنا وغيري، وأختي وأختك، وامرأتي وامرأتك، وولدي وولدك، لنعبر عن هذه الغضبة في صدورنا لله ولدين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووالله ثم والله لو بصق المسلمون جميعاً على وجه الأرض بصقة في آن واحد لأغرقوا اليهود، لكن كل مسلم يقول: ما قيمة دوري أنا؟! وماذا أصنع أنا؟! افعل أي شيئاً، عبر عن هذا الدين، تحرك لهذا الدين، احمل هم الدين في قلبك، المهم أن تسأل نفسك ماذا قدمت لدين الله؟! وما الذي يجب عليك أن تبذله لدين الله جل وعلا؟! اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد. اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، يا ربنا! إنا مظلومون فانتصر، اللهم إنا مظلومون فانتصر، اللهم إنا مظلومون فانتصر، اللهم عليك باليهود والأمريكان، اللهم عليك باليهود والأمريكان، اللهم أرنا فيهم يوماً كيوم عاد وثمود، بقدرتك وعظمتك يا رب العالمين! اللهم إنا ضعفاء وأنت تعلم ضعفنا فقونا، اللهم ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، واستر عيبنا، وفك أسرنا، وتول أمرنا، واختم بالصالحات أعمالنا، اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ميتاً لنا إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين! اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً، اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان، وجميع بلاد المسلمين، اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم ارفع عن مصر الغلاء والوباء والبلاء وجميع بلاد المسلمين، اللهم انصر المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين! واشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام وعز الموحدين. أحبتي الكرام: هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم، ولا أنسى أن أذكر الإخوة بالحق الذي عليهم لله جل وعلا، فلا تنسوا التبرع لهذا البيت المبارك، والله أسأل أن يجعل المال في أيدينا لا في قلوبنا، وأن يتقبل منا ومنكم جميعاً صالح الأعمال.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755792737