إسلام ويب

علم البلاغة [2]للشيخ : عبد العزيز بن علي الحربي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد كان للوحيين وفصيح الشعر العربي أكبر الأثر في علم البلاغة، كما أن من أكبر المؤثرين في علم البلاغة الجاحظ والزمخشري وعبد القادر الجرجاني الذي صار من بعده عالة عليه، ونظراً لتأثر البلاغة بعلم الفلسفة نشأت حركة تجديدية فيه. هذا وقد ذهب علماء البلاغة في موضوع علم البلاغة من حيث اللفظ والمعنى إلى مذاهب.

    1.   

    نشأة علم البلاغة والمؤثرات فيه

    الحمد لله رب العالمين، الحمد لله علم القرآن، خلق الإنسان علمه البيان، والصلاة والسلام على خير من نطق بالضاد، الذي أعطي جوامع الكلم، القائل: (إن من البيان لسحراً)، صلى الله عليه وآله وسلم.

    أما بعد:

    فإن البلاغة نشأت وتطورت وحولها مؤثرات كثيرة.

    تأثير القرآن الكريم والحديث النبوي والشعر الفصيح في علم البلاغة

    ويعد أول شيء أثر في هذه البلاغة القرآن الكريم، بلا شك؛ ولذلك كتب كثير من العلماء في إعجاز القرآن وبيان فصاحته وبلاغته، وكذلك الحديث النبوي كان هو المؤثر الثاني في تطور علم البلاغة، ومما أثر فيها أيضاً شعر الشعراء وكلام الفصحاء، وهذه الشواهد النثرية والشواهد الشعرية كلاهما أثر في تدوين البلاغة.

    تأثير كشاف الزمخشري في علم البلاغة

    وكذلك تفسير المفسرين للقرآن الكريم أيضاً فهو مما أثر في البلاغة؛ فلا شك أن الزمخشري عندما كتب كتابه الكشاف وهو توفي سنة 538هـ، عندما كتب كتابه هذا ملأه بجواهر بلاغية، ونكات ولطائف في هذا الباب استقاها من بعده، واستلها من هذا الكتاب وجعلها شروحاً وفوائد ولطائف، ولو قرأتم الكتب المطولة والمبسوطة التي كتبت في البلاغة سوف تجدون الزمخشري فيها، أو تجدون كلامه من غير عزو إليه، تجدونه موجوداً في هذه الكتب؛ لذلك الذين عنوا بالبلاغة درسوا أول ما درسوا هذا الكتاب، فدرسوا التفسير ودرسوا البلاغة من خلال هذا الكتاب.

    إلا أن مسائل البلاغة مفرقة وموزعة في هذا الكتاب، وتحتاج إلى جمع، ولا يمكن أن تجمع في كتاب واحد؛ لأنها ليست تحت أبواب خاصة، بل هي بحسب المناسبات المتعلقة بالآيات.

    والرجل كان معتزلياً فمن شأن ذلك أن ينفر الناس عن قراءة هذا الكتاب، لكن الناس كانوا مضطرين، ولابد من قراءة هذا الكتاب، واستظهار إعجاز القرآن من خلاله، وجاء بعض العلماء وحذف المسائل الإعتزالية، أو علق عليها ونبه عليها واستخرجها كما قيل بالمنقاش! فأصبح الكتاب مصفىً من هذه الناحية، لكن الذين خدموه من هذه الناحية هم قوم من الأشاعرة، فلم يكن لدينا تفسير مصفى جمع فيه هذه الفوائد البلاغية وهو لواحد من أهل السنة الذي لا تشوبه شائبة من باب الاعتزال ولا من باب الأشعرية.

    فاختصره صاحب أنوار التنزيل، وهو البيضاوي، وهو أشعري معروف، وهذا الكتاب عليه أكثر من مائتي حاشية؛ لأنه كتاب مختصر، فهو خلاصة ما في الكشاف، وحذف أيضاً ما في الكشاف من اعتزاليات، ولم يزد عليه إلا شيئاً قليلاً أو غيّر في بعض العبارات.

    والنسفي أخذ من أنوار التنزيل وأخذ من الكشاف، ولكنه أيضاً كذلك أشعري، وحينما كنا نشتغل بهذا الكتاب وبتحقيقه، وكنا عدداً من الباحثين نبهنا على هذه المسائل، وطالب العلم يستطيع أن يعرف ما هي المزالق التي يحذر الوقوع منها، وهي مسائل بسيطة، يستطيع أن يعرفها من خلال دراسته للعقيدة، وبعد ذلك ما دام معه النور الذي يمشي بين يديه فلا يحتاج إلى أن يحذر من أي شيء؛ فلا يغرنك أو لا يخدعنك ما يقوله بعض المحذرين من قراءة كتاب أنت تستطيع أن تعرف ما فيه من مزالق، إن كان لديك السلاح الذي تتسلح به والسراج الذي تستنير به.

    تأثير الفلسفة في علم البلاغة

    كان أيضاً من المؤثرات على البلاغة الفلسفة؛ فإنها أثرت في البلاغة تأثيراً بليغاً؛ بحيث إن كثيراً من الذين اشتغلوا بالفلسفة اشتغلوا بالبلاغة؛ كـالسكاكي وعصام والشريف الجرجاني والطيبي وغيرهم من العلماء، هؤلاء أشربوا حب الفلسفة والعلوم الكلامية فدخلت على أساليبهم عبارات المنطقيين والفلاسفة، وهذا أمر ينبغي أن نخرجه من البلاغة، وسوف أذكر بعد ذلك ما هي الأشياء التي ينبغي أن نصفي البلاغة منها، منها هذه الأشياء، ومنها التعريفات، في علم البلاغة وفي كل علم؛ فإننا نجد أن التعريفات الاصطلاحية جرينا على قراءتها ودراستها وتدريسها في كل فن من الفنون؛ في الفقه وفي الفرائض وفي الأصول وفي الاعتقاد وفي البلاغة، وفي غير ذلك من العلوم.

    ولاشك أن العلوم الإسلامية تحتاج إلى تنقية، وتحتاج إلى تيسير، وتحتاج إلى تهذيب، وهناك أشياء واصطلاحات لا نحتاج إليها، وهنالك فرق انقرضت وانتهت، نحن ليس عندنا الآن جهمية، وليس عندنا كرامية، هنالك فرق كثيرة انقرضت وانتهت، لا حاجة إلى أن ندرسها دراسةً مفصلة، ويكفي أن نعرفها كتاريخ، الذي بقي معنا الآن من المعتقدات المخالفة لمذهب أهل السنة هو الذي نحتاج إلى أن نعرفه، كذلك ما يتعلق بالتعريفات كما ذكرته لكم نحتاج إلى أن نحذف مثل هذه التعريفات، ونحتاج إلى أن نخرج الاصطلاحات المنطقية التي ملئت بها البلاغة، والتي ملئ بها أصول الفقه، والتي ملئت بها كتب الفقه، وكذلك التفسير نحتاج إلى تفسير مصفى، تفسير ابن كثير لا يكفي يحتاج معه إلى شيء آخر يكمله، تفاسير نحتاج إلى أن نخرج منها الإسرائيليات، وتفاسير نحتاج إلى أن نخرج منها أقوال الفلاسفة والمتكلمين التي لا فائدة فيها، وتفاسير أخرى ليست من التفسير في أي شيء، وإنما هي موسوعات ومبسوطات يرجع إليها الإنسان إذا احتاج إلى مسألة نحوية، أحياناً كنت أجد فيها الحل لمسائل نحوية بالتفصيل، ولا أجدها في كتب النحو؛ لأن هذه الكتب المبسوطة كأنما ألفت في النحو، ولم تؤلف في التفسير.

    هنالك تعريفات اصطلاحية لا نحتاج إليها، والانتقاد عليها من جهتين: إما أننا لا نحتاج إليها، وإما أن هذا التعريف تعريف بأسلوب منطقي لا يكسبنا معرفة، ولكنه يكسبنا تعقيداً؛ فلا نستطيع أن نتوصل إلى ما نحتاج إلى معرفته بأسلوب سهل، وقد مر بكم هذا كثيراً؛ كمثل تعريف الشرط، وتعريف المانع، وتعريف السبب، وتعريف الأشياء المعروفة، يعرفون الشرط بأنه: (ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته)؛ وأنا أذكر حينما درست هذا التعريف وكان يشرحه لنا أستاذ لم يستطع أن يفهم الطلاب معنى هذا التعريف إلا بعد مشقة وصعوبة، وعندما جاء إلى كلمة (لذاته) وهي كلمة أعقد من ذنب الضب لم يستطع أن يفهمها هو، والأستاذ أو الشيخ إذا كان يشرح لعدد من الناس مسألة من المسائل ولم يفهمها أحد منهم فاعلموا أنه ليس بفاهم؛ لأن الذي يفهم ما يقول يستطيع أن يفهم؛ لابد أن يفهم، لابد أن يكون هناك من يفهم، إلا إذا كان جميع الحاضرين ليس لهم عقل؛ فهذا أمر آخر، أما من كان له عقل وإدراك - أي إدراك - فإنه إذا فهمته بأي أسلوب من الأساليب ولم يفهم، وانتقلت إلى أسلوب آخر ولم يفهم، وأسلوب ثالث ولم يفهم؛ فالعلة إما أن تكون فيك وإما أن تكون فيه، ولابد، وهكذا في تعريفات كثيرة، ذكرتها في كتاب صغير اسمه جدوى التعريفات الاصطلاحية في علوم الشريعة والعربية.

    وقد هجم هجمة شرسة شيخ الإسلام ابن تيمية على الذين يعنون بالتعريفات المنطقية، وعلى مسألة الحد وبناء المعارف على التعريفات، هنالك جزئيات ينبغي أن نتخلص منها في كتبنا وعلومنا في أشياء كثيرة جداً، يعني مثلاً الفرسخ، له حد معروف ومسافة معروفة، والفرسخ كذا وكذا من الأميال، والميل كذا وكذا من الأذرعة، والذراع قالوا بعد ذلك: إن الذراع هو كذا وكذا من الأصابع، وكل إصبع كذا وكذا من حب الشعير، وكل شعيرة بمقدار سبعين شعرة، وهذه الشعرات لابد أن تكون من بغل من البغال، يعني شعرات بغل، وبعد أن انتهى هذا الذي حد لنا هذا الحد وفصل لنا هذا التفصيل، تبرع واحد من العلماء فنظمها أيضاً، وجاء إنسان آخر فشرحها لنا، فانظروا كم ضاع من الوقت! ضيع وقته، وضيع وقت غيره، وضيع وقتنا، وضيع الصفحات التي كتب فيها مثل هذا الكلام الذي لا نحتاج إليه؛ فعليك أن تعرف ما هي الطرق المختصرة التي توصلك إلى العلم؟

    لو تقرأ تعريف الاستعاذة، الاستعاذة التي هي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هنالك تعريف مطول، لو قرأته ما عرفت ما هي الاستعاذة، أما كان لهذا المعرف أن يقول لنا: إن الاستعاذة هي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟! أما كان يكفي أن يقول: الاستعاذة هي كذا وكذا؟! كان يكفيه هذا، ولكن القوم مغرمون بمثل هذه التعقيدات، ألفوها ثم إنهم بعد ذلك لا يستسيغون إلا ما كان على هذا المنوال، وقل كذلك في تعريف الأشياء الطبيعية، هل هناك حاجة إلى تعريف الحب الذي أنت تشعر به؟! وأي تعريف في الدنيا لا ينفعك بشيء، ولا يزيدك حباً، ولا يزيدك شيئاً في هذا الباب، هل تحتاج إلى هذا التعريف؟! هل تحتاج إلى تعريف الغضب الذي قالوا: إنه غليان دم القلب لإرادة الانتقام؟! هذه التعريفات هي التي جعلتهم بعد ذلك يحرفون في صفات المولى عز وجل؛ لأنهم عرفوا الغضب بهذا المعنى، وهذا المعنى ينبغي أن ينطبق على كل غضب، غليان دم القلب لإرادة الانتقام.

    تعريفات الأشياء الإلزامية لا يحتاج إليها، الحب هو الحب، والغضب هو الغضب، والنوم هو النوم، كذلك الأمور العادية، والأمور المطعومة والمشروبة، وكل العالم يتعاملون ويتبايعون ويشتري بعضهم من بعض، وليس هنالك أحد يحتاج إلى تعريف شيء من الأشياء؛ فلماذا نحن إذا جئنا إلى كتاب البيع عرفناه، وإلى كتاب كذا عرفناه؟! إن كان هنالك تعريف اصطلاحي خاص عرفياً أو شرعياً فإننا حينئذ ربما نحتاج إليه، ونأتي بهذا التعريف، ولنا شرط أيضاً في هذا التعريف، وهو أن يكون بأسلوب سهل، وليس على طريقة المنطقيين والفلاسفة.

    1.   

    التأليف في علم البلاغة وأثر عبد القادر الجرجاني فيه

    أول تأليف وصل إلينا من التأليفات التي هي في البلاغة كتاب موجود في السوق ومعروف اسمه مجاز القرآن، لـأبي عبيدة، هذا توفي سنة 210 هـ أو قبل ذلك بقليل، على خلاف بين المؤرخين، وكتب الفراء كتاباً اسمه معاني القرآن، ذكر فيه شيئاً من اللطائف البلاغية والفوائد البيانية.

    وكتب بعد ذلك الجاحظ -الذي هو أمير البلاغة في وقته- كتابه العظيم النفع البيان والتبيين، هذا الكتاب يكفيك أن تقرأه حتى تنتفع بأسلوبه، وبطريقته في الكلام وفي التركيب، اقرأ هذا الكتاب وكل كتاب من شأنه أن يكون معنياً بالألفاظ والتراكيب البلاغية؛ فإنك سوف تنتفع الآن أو بعد ذلك، لا تستعجل النتيجة؛ فإن الذهن يخزن المعلومات، ثم بعد ذلك عند الحاجة إليها، إما أن يعطيك إياها كما هي وإما أن يكسبك معرفة تستطيع بعد ذلك أن تولد منها شيئاً آخر، أو أن تعبر عن ذلك الشيء بصورة أخرى، وربما أن الإنسان إذا قرأ كثيراً في شعر الشعراء وحفظ ولو حفظاً ركيكاً، إذا كانت قراءته صحيحة وكان ذهنه سليماً فإن ذلك ينعكس بعد ذلك على موهبته، فيتذوق الشعر كتابة أو فهماً، وكذلك يتعود لسانه على النطق الصحيح.

    تميز الجرجاني في علم البلاغة ومؤلفاته فيه

    نقفز بعد ذلك إلى العصر الذي جاء فيه القاضي عبد القاهر الجرجاني، هذا الذي قهر من بعده فيما كتبه وفيما استنبطه، وفيما أبدعه من الكلام في هذا الباب، كتب كتابه المشهور المعروف دلائل الإعجاز، وكتب أيضاً كتابه الآخر أسرار البلاغة، هذان كتابان كبيران عظيمان، كتابان مهمان ينبغي لطالب العلم أن يقرأهما قراءة متفحصة، فإنه سوف ينتفع انتفاعاً كبيراً بهما.

    ركز عبد القاهر في كتابه دلائل الإعجاز على مسألة معاني النحو، هو يرى أن البلاغة معرفة معاني النحو؛ وكذلك علم المعاني هو معرفة معاني النحو، وحينما جاء السكاكي حذف كلمة النحو، واكتفى بكلمة معاني، ركز على ذلك في أبوابه وفي شرحه للعناوين التي ذكرها في الأبواب، ركز على ذلك وشرحها شرحاً مفصلاً بأسلوب بعيد عن الأساليب التي جاءت بعد ذلك من السكاكي إلى القزويني إلى التفتازاني ، إلى غيرهم من العلماء الذين كتبوا على هذا المنوال.

    من المباحث البلاغية التي درسها عبد القاهر الجرجاني

    هو يكتب لمعاني النحو بما يتعلق بالتقديم والتأخير، وما يتعلق بالحذف والإثبات، تارة الإنسان يحذف الفاعل، ويأتي بنائب الفاعل، لماذا؟ لماذا يقول: كسر القلم؟ لأي شيء؟ هل قال ذلك لأنه يريد أن يختصر والمقام مقام إيجاز؟ يمكن، السياق الحال القرائن هي التي تجعلنا نستطيع أن نحدد لماذا فعل ذلك، لماذا قال: كسر القلم ولم يقل: كسر فلان القلم؟ لماذا لم يذكر اسمه؟ لعله أراد الاختصار، شيء آخر: لعله لأنه يعلم من الذي كسره فلا يحتاج إلى أن يذكره، وكذلك المخاطب يعلم من الذي كسر القلم فلا يحتاج إلى أن يقول: كسر زيد القلم؛ لأن حذف ما يعلم جائز، وهي قاعدة معروفة، والحذف أبلغ إذا كان الشيء معلوماً، إلا إذا كان لك نكتة أخرى من النكات الكثيرة؛ كأن يكون لك مقصد في مخاطبة هذا الإنسان، تريد أن تعلمه بأنك عالم بأنه عالم بأن زيداً هو الذي كسر القلم، مثلاً؛ كما سوف نعرفه فيما بعد في لازم الفائدة في الإسناد الخبري.

    قد يكون تعبيرك بقولك: كسر القلم؛ لأنك تجهل، لا تعرف من الذي كسره، فقد يكون الحذف للعلم بالشيء، وقد يكون للجهل بالشيء، وقد يكون لأمر آخر: لأنك تخاف منه، تخاف إن ذكرته أن يعاقبك بعد ذلك أو أن يعاديك أو أن يضمر في نفسه عليك شيئاً، فحذفته، لا تريد أن تذكر من الذي كسره؛ لأنك تخاف عليه من العقوبة، ولكن أردت أن تخبر المخاطب بأن أمراً ما قد حصل وهو كسر القلم، كسر القلم، والسلام! لا تريد أن تذكر من الذي كسر القلم، تريد أن تخبر بأنه قد كسر القلم، وأما العلة فهي في بطن الشاعر، في قلبك أنت، لأنك تعلمه، تجهله، تخاف عليه، تخاف منه.. إلخ، أشياء سوف نعرفها فيما بعد.

    تقدم المفعول لماذا؟ لماذا تقول: زيداً ضربته، لماذا نقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة:5]، لماذا لم يكن الكلام: نعبدك ونستعينك مثلاً؟ لماذا: لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ[آل عمران:158]؟ لماذا: وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ[الأعراف:177]؟ لماذا يحذف المفعول أيضاً؟ لماذا يقدم المبتدأ؟ لماذا يقدم الخبر؟ لماذا نأتي بـكأن ولا نأتي بالكاف؟ لماذا في الكلام مثلاً نحذف (رب)؟ لماذا نأتي بها في بعض الأحيان؟ كل هذه الأشياء درسها ونبه عليها عبد القاهر الجرجاني رحمه الله في هذا الكتاب.

    ولأن علم المعاني هو الركن الركين انطلق منه وجعله هو الأهم، أما الأشياء التي بعد ذلك المتعلقة بالبيان؛ كالتشبيهات والاستعارات وغير ذلك وما يتعلق بالتحسينات، فهذه أشياء نحتاج إليها، لكن هناك أمر مهم وهو المعاني، أضرب لكم مثلاً: هذا المسجد أصل مادته هو مبني من حجارة وحديد وإسمنت، هذه بمنزلة علم المعاني، وبناؤه على هذه الهيئة كونه كبيراً أو كونه صغيراً بمنزلة الإيجاز والإطناب، وكونه يتسع لنفس المصلين فيه فقط هذا بمنزلة المساواة، وكل ذلك معروف في علم المعاني.

    لكن ما يتعلق بهذه القبة، وما يتعلق بالمآذن، هذه بمنزلة علم البيان، بمنزلة التشبيهات والاستعارات.

    والطلاء الذي في الخارج والزخارف، سواء كانت في الداخل أو في الخارج هذه أشياء تحسينية؛ كالتحسينيات التي نعرفها، وهذه كعلم البديع الذي ندرسه في علم البلاغة؛ فقد رأيتم أن أهم شيء في بناء هيكل البلاغة هو علم المعاني الذي سوف نركز عليه كثيراً.

    علاقة مفتاح السكاكي وتلخيص القزويني بمؤلفات الجرجاني

    نطوي الكلام الكثير في عبد القاهر المتوفي سنة 471ه وننتقل إلى السكاكي الذي جاء بعده بقليل فألف كتابه المشهور مفتاح العلوم، مفتاح العلوم هذا كتاب اختصر فيه ما قاله عبد القاهر في باب المعاني، وما قاله أيضاً في أسرار البلاغة، وقسّم أيضاً البلاغة إلى معان وبيان، ولكنه أدخل عليها كثيراً من الكلام الذي هو بأسلوب الفلاسفة والمنطقيين.

    فلما مرت بعد ذلك سنين جاء القزويني، فأراد أن يصفي هذا الكتاب وأن يختصره وأن يدخل عليه شيئاً من نصوص عبد القاهر، فألف كتابه تلخيص المفتاح، وهذا الكتاب هو الذي دوخ الدنيا بعد ذلك! ودوخ البلاغيين، وانطلق الناس بعده منه إلى هذا العصر، وهم على أقسام؛ منهم من ذلل هذا الطريق، ومنهم من عقده وصعبه وجعل الطريق شائكاً وعراً على كثير من الناس.

    وجاءت بعد ذلك شروح كثيرة كـ التفتازاني، وهناك المختصر، وهناك المطول، وهناك الأطول لـعصام، وهناك شرح للأبرقي وهناك للمغربي، وهنالك شرح للسبكي، وهنالك شرح معاصر، لواحد من المعاصرين الذين هم من تلامذة محمد عبده اسمه شرح التلخيص، وهو عبد الرحمن البرقوقي ، هذا أحسن الشروح من حيث السهولة لا من حيث الجمع، شرح سهل وميسر وهو موجود في المكتبات، إذا أردتم أن تفهموا التلخيص فيمكن أن تستعينوا بهذا الكتاب، وهنالك رسالة كتبت قبل خمسين عاماً لأستاذ قدير من الأساتذة الذين لهم يد طولى في البلاغة هو الدكتور أحمد مطلوب له رسالة دكتوراه اسمها شروح التلخيص، تقصى فيها جميع الشروح التي تعرضت لهذا الكتاب، وهنالك من نظم، وهنالك من شرح تلك المنظومات، منها نظم عقود الجمان للسيوطي، وهو نظم معروف، وهو مطبوع ومشروح، وهنالك معاني التبيان لـعلي عبد الرازق، وهنالك منظومات أخرى، فالجوهر المكنون هو نظم تصور أن التلخيص يحتاج إلى تلخيص فلخصه في هذا النظم الذي هو حوالي أربعمائة بيت.

    1.   

    التجديد المعاصر لعلم البلاغة والتيسير فيه

    هذه هي نشأة البلاغة إلى هذا العصر، هذا العصر حينما استيقظ كثير من العلماء النابهين على هذه الكتب ووجدوا أن فيها شيئاً من التعقيب ذللوا البلاغة في كتب سهلة وميسرة، لكن من سهولتها أحياناً الكتاب السهل يقرأ بعزيمة سهلة، عزيمة ضعيفة، فلا يستطيع الإنسان أن يتقنه إتقاناً كاملاً، ولا ينتفع انتفاعاً كاملاً، فيقف دون أن يكون عارفاً بهذا العلم؛ علم البلاغة.

    من الكتب المعاصرة السهلة كتاب البلاغة الواضحة، هذا كتاب سهل بأمثلته، وسهل في شرحه، ودرستموه في المدارس، وهو كذلك سهل في طرحه وسهل في قواعده؛ لأنه يختتم بعد ذلك بالقواعد، لكنه لم يتقص جميع مسائل البلاغة؛ ولهذا إذا كنت جاداً في دراسة علم البلاغة دراسة قوية فلتدرسه من خلال كتاب التلخيص؛ كما درسه العلماء، ولكن تستعين فيه على ذلك بالشروح الميسرة التي تيسر لك هذا العلم، والبلوغ إليه.

    هنالك كتاب اسمه كتاب جواهر البلاغة أيضاً للهاشمي، وكتاب علم البلاغة أيضاً للمراغي، وكتب أخرى، هنالك أيضاً علم المعاني في جزء صغير، وعلم البيان في جزء صغير، وعلم البديع في جزء صغير في ظني أيضاً لرجل اسمه بكري شيخ أمين، أيضاً تناول البلاغة بأسلوب سهل.

    وهنالك كتاب اسمه فن البلاغة، لا أتذكر الآن مصنفه لكنه أيضاً من الكتب السهلة، وهو كذلك كتاب نافع وسهل، كان مقرراً في الجامعة الإسلامية قديماً، اسمه المنهاج الواضح، لرجل اسمه حامد عون، في خمسة أجزاء، هذا كتاب واسع، جمع فنون البلاغة.

    ومن المنظومات التي في البلاغة الجوهر المكنون، وعقود الجمان، وهنالك منظومة لـابن السحمة، كان من المقررات في الأزهر، في المرحلة المتوسطة، وهو في مائة بيت، تقصّى فيها خلاصة التلخيص، ورءوس المسائل.

    1.   

    المدارس في موضوع علم البلاغة

    اختلف الناس في البلاغة، هل هي في اللفظ أم في المعنى، أم هي في كليهما؟ ، ما الذي يحتاج إليه الإنسان، هل هو التعبير بالألفاظ أم يحتاج إلى أن يحلق بذهنه أولاً يبحث عن المعاني والتشبيهات ثم بعد ذلك يعبر عنها في قالب الكلام؟

    مدرسة تغليب اللفظ على المعنى

    المدرسة الأول: وأصحاب هذا المدرسة يغلبون الألفاظ على المعاني، ويعتبر الجاحظ رائد هذه المدرسة، حيث يقول: (إن المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العجمي والعربي، والبدوي والقروي، وإنما الشأن في إقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج، وهي صحة الطبع وجودة السبك) هذا كلام لأحد أئمة البلاغة، وهو الجاحظ، يقول: المعاني مطروحة في الطريق، هذا كلام صحيح؛ لأنه معنى من المعاني، أي معنىً، كطلعت الشمس، إنسان أراد أن يعبر عن هذه الشمس عندما تكون في وقت الأصيل، والجو صاف، قال:

    والشمس كالمرآة في كف الأشل

    الشمس كالمرآة في كف الأشل، الأشل: الذي يده مشلولة وترتعش، أنت أحياناً عندما تكون السماء صافية في وقت الأصيل تنظر إليها كأنها تهتز كالمرآة، هذا الذي صور ولقط هذه الصورة بهذا الأسلوب، صورها في هذا الكلام وقال: (والشمس كالمرآة في كف الأشل)، لو جئت بإنسان آخر هل يستطيع أن يؤدي هذا المعنى ولو على سبيل التشبيه ربما يصفها بشيء آخر، فلا يستطيع أن يؤدي هذا المعنى.

    وقال أحدهم لرجل أعور، الأعور هو من فقد إحدى عينيه، قال:

    له عين أصابت كل عين وعين قد أصابتها العيون

    ما هذا الكلام؟ هذا سحر، أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ[الطور:15]، يقول: له عين أصابت كل عين، يعني أنها عين جميلة، أصابت كل عين نظرت إليها يعني وجدت ألماً بعد ذلك في قلبها من الجمال الذي اتصف به ذلك الإنسان، وعين أخرى أصابتها العيون؛ يعني العين الأخرى العوراء أصابتها عين فبعد ذلك سلبتها نورها؛ فأصبح أعور، هل يستطيع أحد أن يعبر عن مثل هذه الصورة بمثل هذا التعبير؟ قل أن يستطيع أحد، ولو جئنا بإنسان يعبر عن هذا المعنى لا يعبر عنه بتعبير مثل هذا التعبير، لابد أن يكون الناس متفاوتون في التعبير.

    إنسان آخر قال في أعور أيضاً، قال:

    خاط لي عمرو قِباء ليت عينيه سواء

    هو أعور، عندما قال: ليت عينيه سواء، ماذا يريد؟ يريد أن يكون مبصراً أم يريد أن يكون أعمى؟

    هو أعور، فقال: ليت عينيه سواء، يمكن هذا ويمكن هذا، هذا اسمه التوجيه، سوف نعرفه فيما بعد، مثل هذه الصورة واللقطة التي توصل إليها هذا الشاعر لا يستطيع آخر أن يعبر عنها.

    لو جئنا بإنسان وقلنا له: صف حالتك التي حصلت لك مع محبوبتك مثلاً، وحالك تشبه حال علي بن زريق البغدادي صاحب القصيدة العينية المعروفة، هل يستطيع أن يعبر عن حاله كما عبر عنها علي بن زريق البغدادي، له قصيدة أربعينية، أربعون بيتاً. قالوا: إن من حفظها، وتختم بالعقيق، وقرأ لـأبي عمرو البصري فقد صار من الكاملين قال فيها:

    لا تعذليه فإن العذل يولعه قد قلت حقا، ولكن ليس يسمعه

    جاوزت في لومه حداً أضر به من حيث قدرت أن اللوم ينفعه

    فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً من عنفه فهو مضنى القلب موجعه

    فهل يستطيع آخر أن يعبر بمثل هذا؟ قد يستطيع أن يعبر تعبيراً أحسن منه، لكن لا نستطيع أن نقول: إن الناس على درجة واحدة في مسألة الألفاظ، الناس متفاوتون في تعبيراتهم.

    هذه اللفتة من الجاحظ لا أشك في أنه لم يقصد منها أن الإنسان يهمل المعاني؛ لا، ولكن أظنه أراد أن يرجح اعتبار الألفاظ على اعتبار المعاني، أراد ذلك، ولم يرد إهمال المعاني؛ لأن هذا لا يمكن أن يكون في عقل الإنسان، لكن أحياناً يكون المعنى صحيح جداً غلا انه لا قيمة له، وليس فيه فائدة، يعني حينما يقول الشاعر:

    كأننا والماء من حولنا قوم جلوس حولهم ماء

    ما هذا الكلام؟ هذا جاء بألفاظ طيبة، لا بأس بها، لكن المعنى تافه، فلا فائدة في هذا! وكذلك الذي قال:

    الليل ليل والنهار نهار والبغل بغل والحمار حمار

    والديك ديك والدجاجة مثله وكلاهما طير له منقار

    قال ابن حزم عن هذا الكلام: هذا حمق وملح.

    لكن عندما يقول الشاعر:

    ألف السقم جسمه والأنين وبراه الهوى فما يستبين

    لا تراه الظنون إلا ظنيناً وهو أخفى من أن تراه الظنون

    هذا كلام بليغ! مع أنه كله كذب، لكنهم يقولون: أعذب الشعر أكذبه، فإذا كان عذباً وصادقاً فهو في الذروة. هذه المدرسة طبعاً تأثر بها أبو مالك العسكري ونقل كلام الجاحظ ووسعه وانطلق منه، وكذلك ابن خلدون ، وقال: إن المعاني كالشيء الواحد، كالبحر يأتي إنسان ويغرف من البحر، بآنية من ذهب وآخر يأتي بآنية من فضة، وآخر بآنية من زجاج، وآخر يأتي بآنية من الخزف، وآخر من الفخار، وهذه متفاوتة في القيمة، فيقول: إن هذه الأشياء التي تغرف بها وتستقي بها هي بمنزلة الألفاظ، فالمعنى شيء واحد، لكن الخلاف أو الكلام إنما هو عن ما هي المادة التي تستقي بها؟ ما هي؟ قد تكون من فضة، وكذلك الكلام، الألفاظ، قد يكون الكلام من فضة، وقد يكون من ذهب، وقد يكون من زجاج.. وهكذا.

    من المعاصرين أيضاً من تأثر بهذا وهو رجل يحب كتاباته، واسمه أحمد حسن الزيات، صاحب الرسالة، معروفة، مجلة الرسالة، وموجودة الآن يمكن في الموسوعات، الموسوعة الشاملة أو في غيرها، مجلة عريقة، كانت الكتابة في تلك الحقبة مركزة وفيها علم وفائدة، فهو أيضاً كذلك تأثر بمثل هذه المدرسة وقررها في كتاب أيضاً اسمه البلاغة، له كتاب صغير في البلاغة، وممن ذهب إلى هذا القول أكثر الكتاب الغربيين، وأمراء النثر في فرنسا وفي غيرها يقولون: إن الأسلوب هو الأهم، وإن الألفاظ هي الأهم.

    مدرسة تغليب المعنى على اللفظ

    أما المدرسة الثانية: فهي مدرسة المعنى، العناية بالمعنى، ويتربع على عرش هذه المدرسة رجل من فلاسفة اللغويين، فيلسوف النحو واللغة، اسمه ابن جني ، هذا له كتاب الخصائص، كتاب معروف، وعقد باباً في الرد على من زعم أن العرب كانت ترجح الألفاظ على المعاني، هو يرى أن الألفاظ ما هي إلا خدم للمعاني، تخدم المعنى.

    مدرسة اعتبار اللفظ والمعنى

    مدرسة ثالثة: وهي مدرسة عبد القاهر الجرجاني ، يقول: (المعنى واللفظ يسيران كفرسي رهان، كلاهما سواء، لابد من الاعتناء بهما على السواء)، وبيّن ذلك وشرحه كثيراً في كتابيه: أسرار البلاغة، ودلائل الإعجاز، والذي أنا أرجحه أنه لابد من الأمرين، ولكن العناية يجب أن تكون باللفظ أكثر من العناية بالمعنى، المعنى لابد منه، المعنى حاصل، والإنسان لا يحيط نفسه في مسألة المعنى، ولكن عليه أن يختار الألفاظ المناسبة، ثم إن ذهنه حينما ينتقل إلى لفظ من الألفاظ لابد أن يعطيه معنىً زائداً؛ لأن في هذا اللفظ ما ليس في ذلك اللفظ، وهل الألفاظ واحدة؟ عندما ذهنك يتقلب في صفحات الألقاب، هذا لفظ له معنى وهذا لفظ له معنى، وإن كان معنى هذا قريباً من معنى هذا، لكنهما ليسا بمستويين، فحينما يقفز ذهناً إلى لفظ من الألفاظ فلابد أن يعثر على معنىً من المعاني حينئذ، فيضيفه إلى ما يريد أن يصوره في كلامهم.

    فالعناية بالألفاظ مهمة، ولذلك تجدون كثيراً من الناس لا يستطيعون أن يعبروا عما يريدون، كلام كثير في نفس أحدهم يريد أن يعبر عنه، ولكنه ما قدر أن يعبر عنه، لم يستطع أن يعبر عنه، عبر عنه بأسلوب قاصر، ما عبر عنه بتعبير يرضيه أو يؤثر في السامع، وكثير من الناس يستطيع أن يتوصل إلى الألفاظ بسرعة ويطبقها على المعاني التي في نفسه ويؤدي المقصود، وغيره كما قالت العرب: يسافر إلى المعاني أو يسافر إلى الألفاظ وهي بين يديه، يستطيع أن يستعملها، ولكن ذهنه ينتقل إلى شيء آخر، هذا تجده حتى عند العباقرة، ليس قصوراً في الإنسان، فإن المبرد أبا العباس، صاحب الكامل قال كلاماً غريباً عجيباً في هذا الكتاب، قال: إنه ليس أحد بين الخافقين، والخافقان ما هما؟ الشرق والغرب.

    والخافقان الشرق والغرب الفرات ودجلة من رافدين هو آت

    الفرات ودجلة هما الرافدان، والشرق والغرب هما الخافقان.

    ليس أحد بين الخافقين تشكل عليه مسألة من المسائل إلا ودنى إليّ، يسألني عنها؛ ما معنى هذه الكلمة؟ أو ما معنى هذا البيت؟ لأنني عالم ومتعلم وحافظ وكاتب وشاعر، ولكنني في كثير من الأحيان أريد أن أتوصل إلى أن أعبر عن معنىً من المعاني في اعتبار أو في شكر فلا أستطيع، وهو استطاع أن يؤلف، لكنه في باب الاعتذار أو في باب شكر أو في باب المجاملة، أو في أي باب من الأبواب الأخرى يقول: إنه لا يستطيع، حتى إن عبيد الله بن سليمان بلغني أنه ذكرني بجميل عند ملأ من الناس فأخذت القلم، وأردت أن أكتب له رقعة شكراً على هذا الموقف، فأخذت القلم فأردت أن أعبر عما في نفسي فلم أستطع أن أتوصل إلى تعبير يرضيني؛ فكلما كتبت شيئاً مزقته، كلما كتبت شيئاً مزقته، فعرف بعد ذلك أن هذه الأمور أو هذه الأشياء ملكة، يستطيع بعض الناس أن يعبر عنها وبعضهم لا يستطيع أن يعبر عنها، ولو كان عالماً فذاً من كبار العلماء.

    والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756532140