إسلام ويب

فقه المواريث - تكملة العول وأول التصحيحللشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأصول التي تعول أصل اثني عشر، ويعول ثلاث عولات، وتراً لا شفعاً، وآخر الأصول التي تعول أصل أربعة وعشرين ويعول عولاً واحداً بثمنه، وبعد بيان مسائل العول يأتي بيان كيفية تصحيح المسائل وهو قسمة الأسهم على عدد الرؤوس دون كسر، والانكسار قد يقع على فريق واحد، وقد يقع على أكثر من ذلك.

    1.   

    تابع الأصول التي تعول

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

    اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    كنا نتدارس الأصول التي تعول، ونستعرض مسائلها، وتقدم معنا أن مسائل الأصول من غير عول على وجه الإجمال خمسٌ وثلاثون مسألة، وأما الأصول التي تعول وهي الثلاثة فلها أربعٌ وعشرون مسألة، والمجموع إذاً تسعٌ وخمسون مسألة، وأما الصور فكثيرةٌ جداً، بعضها أحصينا صورها مما هي محددة قليلة، وبعضها كثير، فتركنا الصور.

    تقدم معنا أن الأصول التي تعول ثلاثة: أصل ستة، يعول أربع عولات وتراً وشفعاً، إلى سبعة وثمانية وتسعة وعشرة، فيعول بمقدار سدسه، وبمقدار ثلثه، وبمقدار نصفه، وبمقدار ثلثيه، وقلت: لذلك ثلاث عشرة مسألة، ولها نيف وثمانون صورة، انتهينا من هذا الأمر.

    العول الثاني لأصل اثني عشر

    الأصل الثاني: أصل اثني عشر، ويعول ثلاث عولات، وتراً لا شفعاً، أي: إلى ثلاثة عشر، وخمسة عشر، وسبعة عشر، ويعول بمقدار نصف سدسه، يعني بمقدار الواحد، وبمقدار ربعه، وبمقدار ربعه وسدسه إلى سبعة عشر، وله أربع مسائل:

    المسألة الأولى: أن يوجد ربعٌ وسدسان وثلثان، كما لو ماتت عن زوج وأبوين وبنتين، الزوج سيأخذ الربع لوجود الفرع الوارث، والأبوان سيأخذ كل واحدٍ منهما السدس لوجود الفرع الوارث.

    إذاً المسألة من اثني عشر؛ بين الربع والثلث مباينة، وبين الثلاثة والستة مداخلة، ألغينا الثلاثة، بين الأربعة والستة موافقة في النصف، خذ نصف أحدهما واضربه بكامل الآخر، نصف الستة ثلاثة في أربعة اثني عشر، نصف الأربعة اثنان في ستة اثني عشر، ربعها ثلاثة للزوج، السدس أربعة للأبوين، صار معنا سبعة، ثلثاها ثمانية المجموع خمسة عشر، الآن عالت إلى خمسة عشرة.

    المسألة الثانية: أن يوجد ثلثٌ وثلثان وربع، كما لو مات الزوج عن زوجته وأختين شقيقتين، وأخوين لأم، الزوجة لها الربع لعدم الفرع الوارث، والأختان الشقيقتان لهما ثلثان، والأخوان لأم لهما الثلث، بين الثلاثة والثلاثة تماثل نكتفي بواحد، بين الثلاثة والأربعة تباين، ثلاثة في أربعة اثني عشر، الزوجة لها ثلاثة، والأختان الشقيقتان ثمانية: إحدى عشر، والأخوان لأم أربعة، عالت إلى خمسة عشر.

    المسألة الثالثة: أن يوجد ربعٌ ونصفٌ وثلاثة أسداس، كما لو ماتت عن زوجٍ وبنتٍ وبنت ابنٍ وأبوين، هذه صار ثلاثة أجداد، الزوج له الربع لوجود الفرع الوارث، والبنت لها النصف؛ لأنها لا معصبة ولا مشاركة، وهذان شرطان لإرثها النصف، بنت الابن السدس تكملة الثلثين، للأبوين لكل واحدٍ منهما السدس، والأب له مع السدس التعصيب ولم يستفد منه؛ لأن المسألة عائلة، فصارت المسألة من اثني عشر تعول إلى خمسة عشر.

    بين الستة والستة والستة تماثل نكتفي بواحد، بين الاثنين والأربعة والاثنين والستة تداخل نكتفي بالكبير ويلغى الصغير، إذاً نجمع على ستة وأربعة فقط، توافق في النصف، ويصبح معنا اثني عشر، الزوج له ثلاثة، والبنت ستة، وبنت الابن اثنان، والأب اثنان، والأم اثنان، صار المجموع خمسة عشر.

    المسألة الرابعة: أن يوجد ربع ونصف وثلث وسدس، كما لو مات عن زوجةٍ وشقيقةٍ وأمٍ وأخوين لأم.

    الزوجة لها الربع؛ لعدم الفرع الوارث، والأخت الشقيقة لها النصف؛ لوجود أربعة شروط: لا مشارك، ولا معصب، وليس هناك فرعٌ وارث، ولا أصلٌ وارثٌ من الذكور، الأم لها السدس؛ لوجود جمعٍ من الإخوة، وأخوان لأم لهما الثلث، فصار معنا ربعٌ ونصفٌ وثلثٌ وسدس. بين الاثنين والأربعة تداخل، نكتفي بالأربعة، بين الثلاثة والستة تداخل نكتفي بالستة، بين الأربعة والستة توافق، أصل المسألة اثنا عشر، الزوجة لها ثلاثة، والشقيقة لها ستة صار تسعة، والأم لها سهمان، والإخوة لأم أربعة، عالت إلى خمسة عشر.

    العول الثالث لأصل اثني عشر

    لا زلنا في أصل الاثني عشر، فهو يعول عولاً ثالثاً إلى سبعة عشر، أي: بمقدار ربعه وسدسه، ولذلك مسألتان فقط:

    المسألة الأولى: أن يوجد ربعٌ وثلثٌ ونصفٌ وسدسان، كما لو مات عن: زوجةٍ، وأمٍ، وأخوين لأم، وأختٍ شقيقة وأختٍ لأب، الزوجة لها الربع لعدم الفرع الوارث، والأم لها السدس؛ لوجود جمعٍ من الإخوة، الأخوان لأم لهما الثلث، لأنهما أكثر من واحد، وليس هناك فرعٌ وارث، ولا أصل وارثٌ من الذكور، الأخت الشقيقة لها النصف، الأخت لأب لها الثلث تكملة للثلثين، فصار عندنا ربع وسدسان وثلثٌ ونصفٌ.

    بين الستة والستة تماثل، نكتفي بواحد، بين الثلاثة والستة تداخل فنكتفي بالأكبر، بين الاثنين والستة وبين الاثنين والأربعة تداخل نلغي الاثنين، بين الأربعة والستة توافق، المسألة من اثني عشر، ربعها ثلاثة، سدسها اثنان، ثلثها أربعة، لكل أخٍ اثنان، الأخت الشقيقة النصف ستة، الأخت لأب السدس اثنان، سيخرج معك سبعة عشر.

    المسألة الثانية: أن يوجد سدسٌ وربعٌ وثلثٌ وثلثان، كما لو مات عن زوجةٍ وأم وأخوين لأم وأختين شقيقتين.

    الزوجة لها الربع لعدم الفرع الوارث، والأم لها السدس، وأخوان لأم لهما الثلث، والأختان الشقيقتان ثلثان. بين الثلاثة والثلاثة تماثل، بين الثلاثة والستة تداخل نكتفي بالستة، بين الستة والأربعة توافق، أصل المسألة من اثني عشر، ربعها ثلاثة، سدسها اثنان، ثلثها أربعة، لكل أخٍ اثنان، ثلثاها ثمانية لكل أخت، اجمع سيخرج معك سبعة عشر.

    ومثل هذه المسألة المسألة المعروفة في الفرائض بالدينارية الصغرى، وتسمى بأم الأرامل وأم الفروج، وأم الفروخ كما تسمى بالسبعة عشرية، والسبب في ذلك أنه وجد فيها سبع عشرة امرأة، وورثت كل امرأةٍ منهن ديناراً، ولذلك سميت بالدينارية الصغرى، وصورتها أن يموت ميتٌ عن جدتين وثلاث زوجات وأربع أخواتٍ لأم، وثمان أخوات شقيقات.

    الجدة لها السدس، اثنان لكل واحدة واحد، الزوجات الربع ثلاثة لكل زوجة واحد، الأربع أخوات لأم لهن الثلث أربعة لكل واحدة واحد، ثمان أخوات شقيقات ثلثان ثمانية، لكل واحدة واحد، هذه هي الدينارية الصغرى.

    لكن هذه ليست الأولى، وأنا وهمت، تلك ليست الدينارية، هنا ترك سبعة عشر ديناراً، وكل واحدةٍ أخذت ديناراً، يعني الأخت الشقيقة أخذت ديناراً، والأخت لأم أخذت ديناراً، والزوجة أخذت ديناراً، والجدة أخذت ديناراً.

    أصل أربعة وعشرين

    الأصل الثالث وهو آخر الأصول التي تعول: أصل أربعة وعشرين، يعول عولاً واحداً بثمنه، أي: إلى سبعة وعشرين، ولذلك مسألتان، كل منهما ينبغي أن يكون الزوج هو المتوفى؛ لأن أصل أربعة وعشرين لا يمكن أن يوجد إلا إذا كانت الزوجة وارثة وتأخذ الثمن، ما يمكن أن نخرج هذا الأصل إلا بذلك، وعليه الزوج ميت في المسألتين:

    المسألة الأولى: مات عن أبوين وابنتين وزوجة، وهذه التي قال سيدنا علي رضي الله عنه عنها: صار ثمنها تسعا كما تقدم معنا.

    الأبوان لكل واحدٍ منهما السدس لوجود الفرع الوارث، والأب يضاف إليه التعصيب إن بقي شيء أخذه فهو أولى العصبات، والبنتان الثلثان، والزوجة الثمن، بين الثلاثة والستة تداخل، وبين الستة والستة تماثل، وبين الستة والثمانية توافق في النصف، نضرب نصف الثمانية أربعة في ستة: أربعة وعشرين، ونصف الستة ثلاثة في ثمانية: أربعة وعشرين، السدس أربعة، والسدس أربعة للأم، والبنتان ستة عشر لكل واحدة ثمانية، والثمن ثلاثة، المجموع سبعة وعشرون.

    المسألة الثانية: أن يوجد معنا ثمنٌ ونصف وثلاثة أسداس، مثل: زوجة أب وأم، بنت، وبنت ابن.

    الزوجة لها الثمن، والأب له السدس مع التعصيب، والأم لها السدس، والبنت لها النصف، وبنت الابن لها السدس تكملة للثلثين، يعني هناك كان الفروض أربعة وهنا صارت خمسة.

    بين ستة وستة وستة ثلاثة نكتفي بواحد، بين الاثنين والستة تداخل، بين الستة والثمانية توافق، المسألة من أربعة وعشرين، ثمنها ثلاثة، سدسها أربعة، سدسها أربعة، نصفها اثني عشر، سدسها أربعة، اجمع سيخرج معك سبعة وعشرون.

    يقال للمسألة الأولى: منبرية، وحيدرية، ويقال لها: الحيدرية المنبرية، الحيدرية نسبة إلى علي رضي الله عنه، ويقال له: حيدرة، ويقال لها: البخيلة لقلة عولها؛ لأنها لا تعول إلا عولاً واحداً، ومنبرية لأنه قال على المنبر: صار ثمنها تسعاً؛ لأن ثلاثة من سبعة وعشرين تسع، وليس ثمناً.

    1.   

    تصحيح المسائل

    تقدم معنا أن الحساب يشتمل على التأصيل، وعلى العول، وعلى تصحيح المسائل، وإذا انتهينا نختم بقسمة التركات إن شاء الله.

    تقدم معنا تعريف التصحيح لغةً واصطلاحاً، وقلنا: معناه في الاصطلاح: استخراج أقل عددٍ يتأتى منه نصيب كل مستحقٍ للإرث أو للوصية من غير كسر.

    وعليه إذا انقسم نصيب كل فريق عليهم قسمةً صحيحة فلا داعي للتصحيح، فثلثان سواءٌ كانت المسألة عائلة أو لا، فإن كانت عادلة فالأصل يعتبر أصلاً ومصحاً، فلا داعي للتصحيح، وإن كانت عائلة فعولها يعتبر تصحيحاً لها ولا داعي لتصحيحها مرةً ثانية، إذا كانت السهام منقسمة على الرءوس فلا تحتاج إلى تصحيح، وتصح من أصلها، أو من مبلغ عولها.

    أما إذا لم تصح المسألة من أصلها، أو من مبلغ عولها فتحتاج إلى تصحيح، وهذا يكون عند انكسار السهام على الرءوس، ولك أن تقول: يكون عند انكسار نصيب الفريق عليهم، ولا بد من وضع معالم قبل بيان كيفية التصحيح، وهي خمسة معالم، وهذه المعالم لا بد من ضبطها وتعريفات لبعض الأمور في عملية التصحيح.

    الجماعة المشتركة في الفرض والتعصيب

    أولها: إذا اشترك جماعةٌ في فرضٍ أو تعصيب، كثلاث زوجات أو عشرة بنين فيطلق عليهم عشرة أسماء، فاجمع هذه المصطلحات واعرف مدلولها، أي اسمٍ جاء معك في كتاب الفرائض لا يلتبس عليك، فيسمون: فريقاً وفرقةً، بعض كتب الفرائض تعبر بهذا وبعضها بهذا، ويسمون حزباً، وحيزاً، وجنساً، ونوعاً، وصنفاً، وجماعةً، وطائفةً، ورءوساً.

    هذه عشرة أسماء للجماعة الذين اشتركوا بفرض أو في تعصيب، وأكثر ما هو جاري فريق ورءوس، والحيز مستعمل لكن بقلة، لكن هذه كلها معناها واحد.

    الانكسار ومتى يكون

    المعلم الثاني: يراد بالانكسار عدم انقسام نصيب جماعةٍ من الورثة عليهم انقساماً صحيحاً، والانكسار ألا ينقسم نصيب جماعةٍ من الورثة عليهم، فخرج بذلك أمران:

    الأول: الوارث الواحد نصيبه منقسم عليه قطعاً وجزماً، مهما كان نصيبه، وخرج بذلك ما يقسم من السهام على مستحقيه فلا انكسار فيه.

    إذاً: لابد أن يكون أكثر من واحد والسهام لا تنقسم عليهم، فهنا يقال: انكسار، وتحتاج إلى تصحيح.

    إذاً الوارث الواحد لا ينكسر عليه سهامه، سهامه لا تنكسر عليه، تقسم عليه قلت أو كثرت، الجماعة إذا انقسمت سهامهم عليهم فلا انكسار، هذا المعلم الثاني.

    المعلم الثالث: الانكسار الذي يقع في الفرائض والمسائل، إما أن يقع على فريقٍ أو أكثر.

    والأول يتصور وقوعه في جميع الأصول بلا خلافٍ بين الفرضيين، يدل على هذا الاستقراء، يقع في أصل اثنين، وأصل ثلاثة، وأصل أربعة، وأصل ستة، وأصل ثمانية، وأصل اثني عشر، وأصل أربعة وعشرين، وما ضم إليهما من أصلين أو مصحين: ثمانية عشر أو ستة وثلاثين.

    مثاله: ماتت عن زوج وخمسة إخوةٍ أشقاء، الزوج له النصف، الخمسة الإخوة الأشقاء لهم الباقي واحد، والرءوس خمسة، لا ينقسم.

    أما الانكسار على فريقين فيمكن أن يقع في جميع الأصول ما عدا أصل اثنين، وعليه الانكسار الواحد يقع في جميع الأصول، والانكساران على فريقين في جميعها إلا في أصلٍ واحد وهو أصل اثنين.

    وأما وقوع الانكسار على ثلاث فرق فيكون في الأصول التي تعول: ستة، واثني عشر، وأربعة وعشرون، وفي أصل ستة وثلاثين على اعتباره أصلاً.

    وأما وقوع أربعة انكسارات فهذا أكثر ما يتصور من الانكسارات في الفرائض وهو مختلفٌ فيه بين أئمتنا، ولا يكون إلا عند توريث ما يزيد على جدتين، من ثلاث جدات أو أكثر، ويقع ما يزيد على جدتين، إذا ورثنا أكثر من جدتين يقع فيه أربع انكسارات سيأتينا إيضاح هذا إن شاء الله.

    ويكون أربع انكسارات في أصلين اثنين: في أصل اثني عشر مطلقاً، يعني سواءٌ كان الأصل عائلاً أو عادلاً، وفي أصل أربعة وعشرين بشرط ألا يعول.

    هذان الأصلان يمكن أن يقع فيهما أربعة انكسارات على القول بتوريث أكثر من جدتين، وتقدم معنا أن الشافعية والحنفية ورثوا الجدات مهما كثرن وتعددن، والحنابلة ورثوا ثلاث جدات، والمالكية ورثوا جدتين فقط كما تقدم معنا.

    خلاصة الكلام: جميع الأصول يمكن أن يقع فيها انكسارٌ واحد، جميع الأصول يمكن أن يقع فيها انكساران إلا أصل اثنين، ثلاثة انكسارات تقع في أربعة أصول، وهي التي تعول ومعها أصل ستٍ وثلاثين، أربعة انكسارات على القول بتوريث أكثر من جدتين يقع في أصلين: في أصل اثني عشر مطلقاً، وفي أصل أربعة وعشرين إذا لم يكن عائلاً.

    الانكسارات على أربع فرق

    المعلم الرابع: لا يمكن أن تزيد الانكسارات على أربع فرق بحال، والدليل هو الاستقراء، والاستقراء قرره أئمتنا الفرضيون من وجهين معتبرين محكمين قويين:

    التقرير الأول: يقولون: أكثر ما يجتمع في الفريضة من الورثة خمسة أصناف، ولا بد فيها ممن لا يتعدد، إذا اجتمع خمسة أصناف فعندنا صنف لا بد أن لا يتعدد، مثل الزوج، هذا لا يتعدد، أو الأبوين، أو ذوات النصف من بنت وبنت ابن، وأخت شقيقة وأخت لأب، وهذا تقدم معنا عند بيان الوارثين إذا اجتمع صنفٌ من الورثة من النساء أو من الرجال.

    التقرير الثاني: قال أئمتنا الفرضيون: الذين يمكن تعددهم من الورثة المجمع على إرثهم ثمانية أصناف وهم: البنات، فيممكن أن يكون أكثر من واحدة، وبنات الابن، والأخوات الشقيقات، والأخوات لأب، والأخوات لأم، هذه خمسة أصناف، والسادس الزوجات، والسابع الجدات، والثامن العصبات.

    هذه ثمانية أصناف يمكن أن تتعدد وما عداها لا يمكن أن يحصل التعدد فيه على الإطلاق، فالزوج لا يتعدد، أب لا يتعدد، أم لا تتعدد، جد لا يتعدد؛ لأنه واحد ينزل منزلة الأب.

    قال أئمتنا: وكيفما قدرت يعني من المسائل وتصورت لا يجتمع أكثر من أربع فرق من هؤلاء الأصناف الثمانية، وشاهد ذلك الاستقراء، يعني هؤلاء الأصناف الثمانية لو جعلتهم في مسألة لم يرث منهم إلا أربعة فقط، فلا يمكن أن يرث خمسة، ولا يمكن أن يقع أربع انكسارات، قال أئمتنا: وهذا في غير الوصايا والولاء وتوريث ذوي الأرحام والمناسخات.

    ففي المناسخات قد يقع ستة انكسارات.. سبعة انكسارات، هذا موضوعٌ آخر، فنحن نتكلم على الانكسار في السهام التي يستحقها من يستحقها بالفرض أو بالتعصيب، أما أنه بعد ذلك حصل ميتٌ وميتٌ وميتٌ ودخلت المسائل، فانتقلنا من ميتٍ إلى أربعة موتى، فصار انكسارات متعددة فهذا موضوعٌ آخر.

    وهكذا الوصايا: أن يوصي إلى عشر فرق، ووصيته على جميع الفرق لا تنقسم، فهذه عشر انكسارات، يمكن أن يقع في ذوي الأرحام، يمكن أن يقع انكسارات كثيرة كما سيأتينا، في الولاء كذلك، أما فيما يتعلق بهؤلاء الورثة الذين هم خمسةٌ وعشرون صنفاً فلا يقع أكثر من أربعة انكسارات.

    1.   

    طريقة التصحيح

    الانكسار إما أن يكون على فريقٍ واحد، وإما عدة انكسارات.

    فإن كان الانكسار واحداً فالعمل سهلٌ يسير، وكيفيته إذا لم تنقسم السهام على مستحقيها وهم الرءوس أو الفريق الذي سميناه، فإما أن تباين السهام الرءوس، أي: لا يتفقان في جزءٍ شائع بينهما، وإما أن توافق، إذاً لا يوجد غير هاتين: توافق أو تباين، والتوافق أن ينقسمان على عددٍ آخر ثالث غير الواحد.

    فإن باينتها ضربنا كامل عدد الرءوس في أصل المسألة أو مبلغ عولها، فما خرج منه تصح المسألة، فنضرب نصيب كل وارثٍ في ذلك العدد أيضاً، ليأخذ نصيبه صحيحاً من غير كسر.

    إذا كان الانكسار واحداً المسألة سهلة جداً في حلها، لكن يصبح صعباً عندما يكون أكثر من انكسار؛ لأنك ستنظر كما قلت بهاتين النظرتين توافق أو تباين، ثم تثبت حاصل النظر، تثبت إما كامل رءوس الفريق، أو وفقهم، ثم تنظر نظرة ثانية بين النسب الأربع، وهنا لا يوجد معنا نسب أربع.

    مثال: ماتت عن زوج وخمسة أعمام، الزوج له نصف لعدم الفرع الوارث، وخمسة أعمام عصبة، جماعة اشتركوا في فرضٍ أو في تعصيب، المسألة من اثنين: الزوج له واحد، والأعمام واحد، بين الواحد والخمسة تباين، نضرب عدد الرءوس وهو خمسة في أصل المسألة أو في مبلغ العول إن كانت عائلة، ينتج عشرة، ثم كل من له شيءٌ من هذه المسألة أخذه مضروباً حاصل الضرب السابق؛ لأن هذا يقال له: جزء المسألة أي: نصيب كل سهمٍ من فروض المسألة، كل سهم ينبغي أن يضرب في جزء المسألة.

    فإذاً هنا واحد في خمسة: خمسة، خمسة نسبتها من العشرة النصف، هذا نصيب الزوج، بقي معنا خمسة للأعمام، لكل واحدٍ واحد، هذا الآن في حالة التباين. هذه المسألة ليست عائلة، والآن نأخذ مسألةً عائلة:

    مات عن ثمان أخوات شقيقات، وأخوين لأم، وأربع زوجات، الأخوات الشقيقات لهن ثلثان، الإخوة لأم لهما ثلث، الزوجات الربع لعدم الفرع الوارث، بين الثلاثة والثلاثة تماثل، بين الثلاثة والأربعة تباين، المسألة من اثني عشر، ثلثاها ثمانية منقسمة فلا داعي للتصحيح، لكل واحدة واحد وانتهى هذا، الثلث أربعة منقسمة، باقي معنا الربع ثلاثة، اجمع السهام، عالت إلى خمسة عشر، سنضرب أربعة في خمسة عشر وهو مبلغ العول لا في الأصل، ينتج ستون، ثمانية في أربعة اثنان وثلاثون، لكل واحدة أربعة؛ لأن الرءوس ثمانية، اثنان في أربعة ثمانية، هذه منقسمة ولا إشكال، ثلاثة في أربعة اثني عشر، اقسمها على أربعة لكل واحدة ثلاثة، إذاً لكل زوجةٍ ثلاثة سهام، ولكل أخٍ لأم ثمانية سهام، ولكل أخت أربعة سهام، هذه المسألة عائلة، وبين السهام والرءوس تباين، نحن في الحالة الأولى إن كانت مباينة بينهما نضرب كامل عدد الرءوس في أصل المسألة وفي مبلغ عولها فمنها تصح، ثم نضرب نصيب كل وارث في العدد الذي ضربنا به أصل المسألة أو مبلغ عولها وهو جزء السهم كما قلت، فنضعه أمامه وتصح المسألة.

    سأذكر مثالين: أحدهما ليس به عول، والآخر به عول.

    المثال الأول: مات عن أم وعشرة بنين، الأم لها السدس لوجود فرع وارث، والأبناء عصبة، المسألة من ستة سدسها واحد، بقي خمسة، لا تقل: بين الخمسة والعشرة تداخل، الذي يقول: تداخل ينبغي أن يدفع ضريبة، فنحن لا نبحث الآن بين العددين، نحن نريد أن ننظر هذه تنقسم على العشرة أو لا تنقسم، توافقها أو تباينها، فهنا لا يفعل التداخل أبداً، عندنا كما قلت نظرتان: إذا حصل الانقسام فبها ونعمت، نعم لو كانت هذه داخلة في هذه فهناك انقسام، يعني لو كانت السهام عشرة والرءوس خمسة لكانت منقسمة، فإذا انقسمت قلنا: انتهينا ولا تصحيح، وإذا لم تنقسم إما أن توافق أو تباين، لا دخل للتداخل ولا للتماثل؛ لأن التماثل لو وجد لانقسمت.

    خذ وفق الرءوس عشرة اقسمها على خمسة: اثنان، اثنان في ستة: اثنا عشر، واحد في اثنين وهو للأم اثنان وهو السدس، بقي عشرة لكل واحد سهم.

    المسألة الثانية التي فيها عول: مات عن زوجة وأخت لأب، وأخت لأب، وثمان أخوات لأم، الزوجة لها الربع، وأختان لأب ثلثان، وثمان أخوات لأم ثلث، هذه عائلة، بين الثلاثة والثلاثة تماثل، بين الثلاثة والأربعة تباين، أصل المسألة من اثني عشر، ربعها ثلاثة، ثلثاها ثمانية، أربعة أربعة لكل أخت، ثلثها أربعة، الثلاثة زوجة واحدة منقسمة، قلنا: متى ما كان الوارث واحداً فالسهام منقسمة عليه، وثمانية سهام منقسمة على الأختين لكل واحدة أربعة، وأربعة سهام للأخوات لأم، والرءوس ثمانية، بينهما توافق، توافق في الربع، اقسم هذا على أربعة: اثنان، إذاً جزء السهم اثنان نضربه في مبلغ العول، اثنان في خمسة عشر: ثلاثون، ثلاثة في اثنين ستة للزوجة، أربعة في اثنين ثمانية، ثمانية لكل أخت من الأخوات الشقيقات، أربعة في اثنين ثمانية، والرءوس ثمانية لكل واحدة واحد.

    1.   

    بيان جزء السهم

    الذي يضرب في أصل المسألة أو مبلغها من العول في جميع صور الانكسار يسمى جزء السهم، أي: حظ السهم الواحد من المسألة، فكما تضرب به أصل المسألة أو مبلغ عولها ينبغي أن تضرب به نصيب كل وارث، سواء كان فرداً أو فريقاً، ولذلك قلنا: جزء السهم.

    الحالة الثانية: إذا كان الانكسار على أكثر من فريق، وعندها نقف، وسنبينها في المحاضرة الآتية إن أحيانا الله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً، والحمد لله رب العالمين.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم ارحمهم كما ربونا صغاراً، اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا، اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر..

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756417718