إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (70)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع، وهو على ثلاثة أقسام: الشرك، وظلم العبد لنفسه، وظلمه للآخرين، فيدخل فيه كل الموبقات والمعاصي كالحسد والغش والرياء، وغيرها.

    1.   

    تعريف الظلم وأنواعه

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة..

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وها نحن في باب الأخلاق الذميمة -بعدما درسنا الأخلاق الفاضلة جعلنا من أهلها- فدرسنا في الدرس الماضي خلق الظلم والحسد، وأنهما خلقان مذمومان.

    الظلم هو: وضع الشيء في غير موضعه، وهو ثلاثة أنواع: ظلم العبد لربه بأن يعبد معه غيره، أو يصرف عبادة الله لغيره، وهو الشرك، فالشرك من أفظع أنواع الظلم، والله يقول: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].

    فعلى المؤمن أن لا يصرف شيئاً من عبادة الله لغيره ولو قتل أو صلب أو حورب؛ حتى لا يظلم ربه في حقه، لأن العبادة حق استوجبه الله بموجب أنه خلق ورزق ودبر وأحيا.

    إذاً: فالعبادة حق لله، فمن أخذ منها وأعطى لغيره ظلم أفظع الظلم وأشده.

    الظلم الثاني هو: ظلم النفس، فظلمك عند الله لنفسك من أبشع أنواع الظلم، ويظلم المرء نفسه بأن يخبّثها بالذنوب والآثام، ويلطخها بآثار المعاصي، فبعد أن كانت مستنيرة مشرقة طيبة يفرغ عليها أطناناً من الذنوب والآثام بترك الواجبات وفعل المحرمات فتصبح مظلمة منتنة عفنة، وهذا من ظلم الإنسان لنفسه.

    النوع الثالث هو: ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، فلا يحل لمؤمن أن يظلم مؤمناً لا في دمه ولا في عرضه ولا في ماله: ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله ).

    1.   

    الحسد وآثاره

    ثانياً: الحسد، وهو من أعظم الذنوب وأسوئها؛ لأنه اعتراض على الله، لم أعط فلاناً وحرمني أنا؟! فالله قسم بين عباده أرزاقهم، فلا يحل لعبد أن يقول: رب لم أعطيت فلاناً ولم تعطني؟! فالحسد -والعياذ بالله- من أفظع أنواع الذنوب والآثام؛ لأنه اعتراض على الله في قسمته بين عباده.

    والحسد نوعان: أولهما: أن تتمنى زوال النعمة التي لفلان لتكون لك أنت ويحرمها هو.

    والنوع الثاني أشد من هذا: وهو أن تتمنى زوال هذه النعمة ولو لم تحصل لك، فالمهم ألا ترى أخاك سعيداً.

    والحسد من أعظم الذنوب، وفي الحديث: ( الحسود لا يسود )، ويقول الله عز وجل: وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:5].

    فالحسد تمني زوال النعمة عن الغير، فإن كان يريد أن تكون له هو فهو حسد، وإن كان يريد أن تزول فقط عن صاحبها وإن لم تحصل له فهو أشر الحسد وأسوءه، وقد حسد إبليس آدم عليه السلام فأبلسه الله وطرده.

    أما الغبطة فمأذون فيها، كأن ترى شخصاً جميلاً فتتمنى من الله لو كنت مثله بغير تمني زوال هذه النعمة عنه، أو أن ترى إنساناً ينفق أموالاً طائلة فتسأل الله أن يجعل لك مثله؛ لتنفق مثلما ينفق، أو أن ترى عالماً يعلم الكتاب والحكمة فتسأل الله أن تكون مثله لتعلّم مثلما يعلّم، فهذا سماه الرسول حسد ولكنه غبطة، أي: تمنيك ذاك الخير لتفعل مثله.

    1.   

    التحذير من الغش

    والآن مع الخلق الثالث وهو الغش والعياذ بالله تعالى!

    [المسلم يدين لله تعالى بالنصيحة لكل مسلم] المسلم الحق الذي أسلم قلبه ووجهه لله، فلا يعبد إلا الله؛ يدين لله تعالى بالنصيحة لكل مسلم [ويعيش عليها، فليس له أن يغش أحداً أو يغدر أو يخون، إذ الغش والخيانة صفات ذميمة قبيحة في المرء، والقبح لا يكون خلقاً للمسلم ولا وصفاً له بحال من الأحوال] فالمسلم الصادق، الحسن الإسلام يدين لله تعالى بالنصيحة لكل مسلم، ويعيش عليها طول حياته، فليس له أن يغش أحداً أو يغدر به أو يخونه، إذ الغش والخيانة والغدر صفات ذميمة قبيحة في الإنسان، فالقبح لا يكون خلقاً للمسلم ولا وصفاً له بحال من الأحوال [إذ طهارة نفسه المكتسبة من الإيمان والعمل الصالح تتنافى مع هذه الخلائق الذميمة، والتي هي شر محض لا خير فيها، والمسلم قريب من الخير بعيد من الشر] فالخلق الهابط السيئ لا يكون لمسلم، إذ طهارة نفسه وزكاة روحه التي اكتسبها بالإيمان والعمل الصالح تتنافى مع هذه الأخلاق الذميمة التي هي شر محض لا خير فيه، فالمسلم قريب من الخير بعيد عن الشر، وهذه حقيقة واقعة.

    حقائق خلق الغش

    [ولخلق الغش الذميم حقائق نبينها فيما يلي:] خلق الغش هو خلق ذميم من أخلاق الناس يتبرأ منه المسلم، طهر الله منه، وله حقائق: [أولاً: أن يزين المرء لأخيه القبيح] فتزيين الإنسان القبيحَ لأخيه الإنسان وتحسينه له ليقع فيه غش [أو الشر أو الفساد ليقع فيه] فالمرء الغاش يزين لأخيه الشر والفساد؛ ليقع فيه، وهذا مظهر من مظاهر الغش.

    [ثانياً: أن يريه ظاهر الشيء الطيب الصالح، ويخفي عليه باطنه الخبيث الفاسد] أن يريه ظاهر الشيء الطيب الصالح وما كان داخل ذلك الشيء من الخبث يخفيه عنه، وهذا أيضاً من الغش.

    [ثالثاً: أن يظهر له خلاف ما يضمره ويسره] يظهر له بلسانه خلاف ما يضمره له في قلبه [تغريراً به وخديعة له وغشاً] من أجل التغرير به، وخديعة له وغشاً.

    [رابعاً: أن يعمد إلى فساد ماله عليه أو زوجه] أي: يفسد عليه زوجته [أو ولده أو خادمه أو صديقه؛ بالوقيعة فيه والنميمة] هذا هو الغش، أن يعمد إنسان إلى إفساد مال أخيه أو زوجته أو ولده أو خادمه أو صديقه بالوقيعة فيه والنميمة متعمداً لذلك.

    [خامساً: أن يعاهد على حفظ نفس أو مال أو كتمان سر ثم يخونه ويغدر] والعياذ بالله [والمسلم في تجنبه للغش والغدر والخيانة هو مطيع لله ورسوله؛ إذ هذه الثلاث محرمة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم] فالغش والغدر والخيانة محرمة بالكتاب والسنة [قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً [الأحزاب:58]] وأي أذى أكثر من الغش والغدر والخديعة؟!! [وقال عز وجل: فَمَنْ نَكَثَ [الفتح:10]] أي: غدر وخان [ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح:10]] عاقبة ذلك تعودُ عليه، ولهذا لا ينكث المؤمن العهد أبداً [وقال سبحانه وتعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ [فاطر:43]] والمكر: الغش والخديعة [ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من خبب -أفسد- زوجة امرئ، أو مملوكه -خادمه- فليس منا )] تبرأ الرسول صلى الله عليه وسلم ممن كانت هذه صفته، فمن أفسد زوجة امرئ مسلم أو عبده عليه فليس منا، أي: لن يكون من المسلمين، وهناك خدم الآن قد يفسدون على أسيادهم بالفتنة [وقال صلى الله عليه وسلم: ( أربع صفات من كن فيه كان منافقاً خالصاً )] والمنافق أعظم خطراً من الكافر، إذ لا يكون منافقاً إلا وهو كافر، فالمنافق هو الذي يبطن الكفر في قلبه ويظهر الإيمان، ومعنى (خالصاً) أي: تام النفاق [( ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها )] فإن تركها طاب وطهر، وهذه الخصال هي: [( إذا أؤتمن خان )] إذا ائتمنه إنسان على عرض أو مال خانه [( وإذا حدث كذب )] فيكذبك ولا يصدقك فيما يقول [( وإذا عاهد غدر )] إذا عاهدك على أن يأتيك أو يعطيك أو يتفق معك على شيء غدر [( وإذا خاصم فجر )] خرج عن العدل والحق والمعروف وتكلم بالباطل.

    هذه هي صفات المنافقين: إن ائتمنه شخص على شيء سراً كان أو مالاً أو عرضاً خانه فيه، فإذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، فلا يصدق في أحاديثه، وإذا عاهد غدر وخان، وإذا خاصم خرج عن العدل والحق والصواب، وهذا والله هو المنافق [وقال صلى الله عليه وسلم وقد مر على صبرة -كيس كبير- طعام فأدخل يده فنالت أصبعه بللاً] أي: تبللت أصبعه [فقال] أي: لصاحب الصبرة أو الكيس [( ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء، -المطر- يا رسول الله! قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ من غش فليس مني )].

    مر صلى الله عليه وسلم على كيس طعام كبير في السوق، فأدخل يده فيها ليمتحن وينظر، فقد أُوحي إليه أن فيها غش، فتبللت أصابعه منه، فقال لصاحب الطعام: ( ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء، -يعني: المطر- يا رسول الله! قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ) أي: إن شاءوا اشتروا وإلا فلا ( من غش فليس مني ) تبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهذا لن تجد مؤمناً صادق الإيمان يغش، وكيف يقبل أن يتبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف ينجو ويسعد؟! والله نسأل أن يعافينا ويطهرنا وينجينا من هذه الأوساخ.

    1.   

    خلق الرياء .. وآثاره

    [رابعاً: الرياء] خلق ذميم من شر الأخلاق والعياذ بالله تعالى [المسلم] الصادق الإسلام [لا يرائي؛ إذ الرياء نفاق وشرك] من عمل عملاً ليراه الناس فيمدحونه عليه عبد الناس وما عبد الله؛ فالمنافق يصلي بين الناس وهو لا يؤمن بالصلاة، ويتصدق بين الناس ليُرى أنه يتصدق، وهو لا يؤمن بالصدقة ولا يريدها [والمسلم مؤمن موحد، فيتنافى مع إيمانه وتوحديه خلقا الرياء والنفاق] فلا رياء ولا نفاق [فلا يكون المسلم بحال من الأحوال منافقاً ولا مرائياً، ويكفي المسلم في بغض هذا الخلق الذميم والنفور منه أن يعلم أن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يكرهانه ويمقتان عليه؛ إذ قال تعالى متوعداً المرائين بالعذاب والنكال، فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ [الماعون:4-6] -بأعمالهم- وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون:7]] أي: يعبدون الله ليراهم الناس ويقولون: إنهم مؤمنون، وهم في الحقيقة منافقون كافرون، ولا يشك أبداً في أن من يُري الناس أعماله الصالحة ليشكروه ويحمدوه أنه يؤمن بالله ولقائه، بل منافق [وقال فيما رواه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً أشرك فيه غيري فهو له كله وأنا منه بريء، وأنا أغنى الأغنياء عن الشرك )] من عمل عملاً صلاة كان أو صياماً أو جهاداً أو صدقةً ولو في جوف مسجد يقصد بها غير الله، ليقال فلان أعطى كذا وكذا؛ فهو له كله والله منه بريء، فهو أغنى الأغنياء عن الشرك.

    ومعنى هذا لو أنك صليت ألف صلاة تشرك بها مع الله غيره ما قبل الله منك ركعة واحدة؛ لأنه غني ليس في حاجة إلى أن تشرك معه غيره، فالضعيف يقبل من العمل نصفه ولو عشره، لكن الله لا يقبل من العبادة إلا ما كان خالصاً لوجهه [وقال صلى الله عليه وسلم: ( من راءى راءى الله به، ومن سمع سمّع الله به )] من راءى من الناس بعبادته أرى الله عبادته للناس الذين أرادهم، ومن سمّع ليسمعه الناس، أسمع الله كلامه لغيره من الناس، فما دام أراد غير الله فإن الله يعينه على ذلك [وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر )] أخوف ما يخاف علينا النبي صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر لا الأكبر، والأكبر عبادة غير الله بالدعاء والذبح والنذر وما إلى ذلك [( قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله! قال: الرياء )] فيتصدق ليراه الناس، ويكثر من الصدقة ليمدحه الناس، ويحسن صلاته مع الناس؛ ليقال حسن الصلاة، ويتكلم بالخير والمعروف ليقال: فلان يتكلم بالخير والمعروف، فهمه أن يمدحه الناس، وهو معرض عن الله غافل عنه، وهذا هو المرائي [( يقول الله عز وجل يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء )] وهذه أفظع فضيحة!!

    يقول صلى الله عليه وسلم: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها المؤمنون الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء، يقول الله عز وجل يوم القيامة للمرائين: ( اذهبوا للذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء ) ومعناه أنه خابت مساعيهم، وضلت أعمالهم، ومصيرهم جهنم والعياذ بالله.

    [وأما حقيقة الرياء فهي: إرادة العباد بطاعة المعبود عز وجل للحصول على الحظوة بينهم والمنزلة في قلوبهم] فالرياء إرادة العبد بطاعة المعبود عز وجل الحصول على الحظوة والمنزلة بين العباد وفي قلوبهم، فيرائي بعمله ليراه الناس ويمدحوه ولا يذموه، فلا يقال: فلان بخيل أو شحيح مثلاً، فينفق النفقة ويعمل العمل من أجل دفع مذمة الناس عنه، وثناؤهم عليه وشكرهم له.

    مظاهر الرياء

    [وللرياء مظاهر منها ما يلي:

    أولاً: أن يزيد العبد في الطاعة إذا مدح وأثني عليه فيها] وهذا معناه: أنه زاد فيها من أجل مدح المادحين له [وأن ينقص منها أو يتركها إذا ذم عليها أو عيب فيها] فمن مظاهر الرياء: أن يزيد العبد في طاعته متى محدح وأثني عليه فيها، وأن ينقص منها أو يتركها متى ذم عليها أو عيب فيها، وهذا مظهر لا يقبله مؤمن.

    [ثانياً: أن ينشط في العبادة إذا كان مع الناس] إذا كان مع الناس في سفر أو جماعة نشط في العبادة [ويكسل عنها إذا كان وحده] فإذا لم ير أحداً معه في العبادة كسل؛ لعدم وجود المادحين له، فهو يريد وجوه الناس لا وجه الله عز وجل، والدليل: أنه إذا لم يكن مع الناس تهاون وكسل، أو أنه لا يؤدي تلك العبادات ولا ينشط لها.

    [ثالثاً: أن يتصدق بالصدقة، لولا من يراه من الناس لما تصدق بها] ولولا الناس ما أدخل يده في جيبه ولا تصدق، ولكن يتصدق بالصدقة من أجل أن يراه الناس، سواء صدقة أو صلاة أو أية عبادة يرائي الناس بها.

    [رابعاً: أن يقول ما يقوله من الحق والخير، أو يعمل ما يعمله من الطاعات والمعروف وهو لا يريد الله بها وحده وإنما يريد غيره من الناس معه، أو لا يريد الله مطلقاً، وإنما يريد الناس فقط].

    فالرياء مظاهر أربع -نسأل الله أن يعفو عنا-:

    أولاً: أن يزيد العبد في الطاعة إذا مدح عليها وأثني عليه فيها سواء كانت صلاة أو صدقة أو رباط أو جهاد، وأن ينقص منها أو يتركها إذا ذم عليها أو عيب فيها.

    ثانياً: أن ينشط في العبادة إذا كان مع الناس ويكسل إذا كان وحده، فإذا في بيته أو بستانه أو سوقه لا يراه أحد كسل عن تأديتها أو أداها وهو كسلان لا نشاط فيه ولا رغبة؛ لأن قلبه ليس متعلق بالله عز وجل، وما أسلم الإسلام الحق، فلو كان مسلماً حقاً لأسلم قلبه لله ووجهه، ولكن ما حسن إسلامه.

    ثالثاً: أن يتصدق بالصدقة طعاماً أو شراباً أو مالاً؛ لما يراه من الناس، فالذين يعلنون عن الصدقات في الجرائد والصحف يريدون أن يسمع الناس ذلك ما أرادوا وجه الله عز وجل.

    رابعاً: أن يقول ما يقول من الحق والخير، أو يعمل ما يعمله من الطاعات والمعروف وهو لا يريد الله بها وجه الله، وإنما يريد غيره من الناس معه، أو لا يريد الله مطلقاً وإنما يريد الناس فقط والعياذ بالله.

    معاشر المستمعين والمستمعات! نستعين الله عز وجل متبرئين من الرياء كما تبرأنا من الغش والخداع والظلم، فلا نعمل ولا نقول من أجل الناس وإنما من أجل الله تعالى، سواء ذمونا أو سبونا أو شتمونا أو مدحونا، فلا نبالي بشكرهم ولا بذمهم، وهذا الذي نسأل الله تعالى أن يثبتنا ويتوفانا عليه مسلمين، ويلحقنا بالصالحين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756924471