إسلام ويب

شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [20]للشيخ : ناصر بن عبد الكريم العقل

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد تنوعت أقوال الأئمة وتعددت في التحذير من الأعمال والأقوال البدعية التي لا أصل لها في الكتاب ولا السنة، ولكن أرباب البدع وأصحاب الأهواء أتوا للآراء الشاذة والأقوال الضعيفة فجعلوها أصولاً وحاكموا الآخرين إليها، ما دام أن فيها مستمسكاً لما يوافق ما هم عليه من البدعة وغيرها، ومن ذلك التوسل البدعي، والأعمال المخالفة للسنة التي يعملها المبتدعة عند القبر النبوي، وكل ذلك قد حذر منه السلف ونهوا عنه إلا ما كان موافقاً للهدي والسنة.

    1.   

    التناقض بين مذهب مالك والرواية المنسوبة له في استقبال القبر

    ذكر الشيخ فيما مضى قصة نسبت إلى مالك ، وذكر فيها شيئاً من التوسل البدعي الذي لا يمكن أن يكون من مالك رضي الله عنه حينما قال أبو جعفر كما يزعمون: يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فزعموا أن مالكاً قال: ولِم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام يوم القيامة! بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله ثم تلا الآية..

    هذه القصة مكذوبة، والشيخ في صدد تفنيدها ونفيها عن مالك وإثبات أنه ورد عن مالك وصح عنه ما يناقضها.

    قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [ ولكنها مناقضة لمذهب مالك المعروف من وجوه:

    أحدها: قوله: (أستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدعو؟ فقال: ولِم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم)؛ فإن المعروف عن مالك وغيره من الأئمة وسائر السلف من الصحابة والتابعين أن الداعي إذا سلّم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة ويدعو في مسجده، ولا يستقبل القبر ويدعو لنفسه، بل إنما يستقبل القبر عند السلام على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء له.

    هذا قول أكثر العلماء كـمالك في إحدى الروايتين والشافعي وأحمد وغيرهم.

    وعند أصحاب أبي حنيفة ، لا يستقبل القبر وقت السلام عليه أيضاً.

    ثم منهم من قال: يجعل الحجرة عن يساره، وقد رواه ابن وهب عن مالك ويسلّم عليه ].

    مبالغة الأئمة في سد ذريعة التوسل البدعي

    قال رحمه الله تعالى: [ ومنهم من قال: بل يستدبر الحجرة ويسلم عليه ].

    وانظر كيف بالغ بعض أئمة المذاهب رحمهم الله، وأظنه يقصد الأحناف الأولين، أما المتأخرون فقد وقعوا في أشد من هذه البدع، مع أن هذا لا يزال يوجد في كتبهم.

    قال: منهم من قال: بل يستدبر الحجرة ويسلم عليه، يعني: يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، بمعنى أنه في هذه الحال يكون مستقبل القبلة، ويكون القبر خلفه، وهذه مبالغة في سد الذريعة، مع أن عموم السلف يرون أن الإنسان يسلم على الحالة التي هو عليها، أي أنه إذا مر بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم سلّم بدون أن يتعمد أن يكون القبر هنا أو هناك، إلا أن الأولى ألا يكون القبر أمامه والقبلة أمامه حين السلام؛ لأن هذا يشتبه بمن يتوجه للقبر، أما ما عدا ذلك فيسلم على هيئة يكون فيها ماشياً فلا يقف طويلاً أو يستوقف للدعاء، لأن هذا ليس موطناً للدعاء لأن فيه ذريعة لأهل البدع بأن يدعوا غير الله عز وجل أو يتوسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فالإنسان يسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه وهو ماش.

    فالذي يهمنا هنا أن بعض هؤلاء الأئمة قال: المشروع أن يستدبر الحجرة ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويكون مستقبل القبلة، وهذه مبالغة منهم في سد الذريعة، وليتهم اطّلعوا على أحوال أتباعهم في هذه العصور ليروا ماذا حدث؟

    قال رحمه الله تعالى: [ ومنهم من قال: بل يستدبر الحجرة ويسلم عليه، وهذا هو المشهور عندهم، ومع هذا فكره مالك أن يطيل القيام عند القبر.

    لذلك قال القاضي عياض في المبسوط عن مالك قال: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ولكن يسلم ويمضي ].

    لأن الدعاء مشروع في كل مكان، وخاصة في وقتنا هذا لا يشرع لمن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أن يقف إلا وقفة بقدر السلام؛ لأنه أحياناً قد لا يتأتى لك السلام مع الزحام، بل تقف بقدر أداء السلام الشرعي ثم تمضي، وإذا سلّمت ولم تقف فهذا هو الأولى سداً للذريعة، لأن أهل البدع الآن صاروا يظنون كل من وقف أنه يدعو بتوسلاتهم البدعية، وأنه لم يقف مسلِّماً مقتصراً على المشروع.

    كيفية تسليم السلف على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته والرد على المبتدعة في ذلك

    قال رحمه الله تعالى: [ وقال نافع : كان ابن عمر يسلم على القبر، رأيته مائة مرة أو أكثر يجيء إلى القبر فيقول: السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، السلام على أبي بكر ، السلام على أبي، ثم ينصرف.

    ورئي واضعاً يده على مقعد النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر ثم وضعها على وجهه.

    قال: وعن ابن أبي قسيط والقعنبي ، كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا خلا المسجد جسوا برمانة المنبر التي تلي القبر بميامنهم، ثم استقبلوا القبلة يدعون.

    قال: وفي الموطأ من رواية يحيى بن يحيى الليثي أنه -يعني ابن عمر - كان يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر .

    وعند ابن القاسم والقعنبي : ويدعو لـأبي بكر وعمر .

    قال مالك في رواية ابن وهب : يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

    وقال في المبسوط: ويسلم على أبي بكر وعمر .

    قال أبو الوليد الباجي : وعندي أن يدعو للنبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الصلاة، ولـأبي بكر وعمر بلفظ السلام؛ لما في حديث ابن عمر من الخلاف.

    وهذا الدعاء يفسر الدعاء المذكور في رواية ابن وهب ، قال مالك في رواية ابن وهب : إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا، يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم ولا يمس القبر.

    فهذا هو السلام عليه والدعاء له بالصلاة عليه كما تقدم تفسيره، وكذلك كل دعاء ذكره أصحابه كما ذكر ابن حبيب في الواضحة وغيره، قال: وقال مالك في المبسوط: وليس يلزم من دخل المسجد وخرج من أهل المدينة الوقوف بالقبر، وإنما ذلك للغرباء، وقال فيه أيضاً: ولا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر، أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه، ويدعو له ولـأبي بكر وعمر .

    قيل له: فإن ناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه، يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو الأيام المرة والمرتين أو أكثر عند القبر، فيسلّمون ويدعون ساعة، فقال مالك : لم يبلغني هذا عن أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع، ولا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويُكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده ].

    وفي هذا رد على كثير من أهل البدع الذين يزعمون أن السلف تركوا الناس على اجتهاداتهم، وأن في التوسل البدعي سعة، وأن هناك من يفعل هذه الأمور والسلف يسكتون عنه، وإن لم يفعلوا فإنهم لم ينكروا، ففي مثل هذا الكلام رد عليهم، فإن الإمام مالكاً رحمه الله نبّه على مثل هذه الظواهر التي فيها مبالغة أو فيها توسلات بدعية أو فيها فعل ما لم يُشرع، فإنه لم يسكت، وبيّن أن هذا لم يكن من عمل فقهاء البلد، ولذلك حذّر وقال: لا يصلح هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.

    التفريق بين أهل المدينة وغيرهم في إتيان القبر النبوي

    قال رحمه الله تعالى: [ قال ابن القاسم : ورأيت أهل المدينة إذا خرجوا منها أو دخلوا أتوا القبر فسلموا، قال: ولذلك رأي.

    قال أبو الوليد الباجي : ففرق بين أهل المدينة والغرباء؛ لأن الغرباء قصدوا لذلك، وأهل المدينة مقيمون بها لم يقصدوها من أجل القبر والتسليم ].

    هذه مسألة الخلاف فيها كبير، وهو أن بعض الناس قد يقصد بالسفر إلى المدينة زيارة القبر، أو السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه مسألة خلافية لكن الراجح فيها قول عامة أئمة السلف بأنه لا يجوز شد الرحال إلا من أجل المسجد لا من أجل القبر، هذا شيء.

    الشيء الآخر: أن كثيراً من الناس قد يعمل بالسنة، فيشد الرحال للمدينة من أجل المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) فالمسلم إذا شُرع له أن يرحل إلى مسجد المدينة فلا أظنه يستطيع أن يخلي قلبه من أن يكون قصده إذا وصل إلى المسجد أن يذهب ويسلّم، هذه مقاصد يصعب نزعها، لكن يبقى أصل شد الرحل المشروع يكون إلى المسجد، ويكون في نية المسلم أنه إذا وصل المسجد يسلّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه، ويسلّم على من يحق السلام لهم، ويذهب أيضاً إلى الزيارات المشروعة مثل زيارة قباء، وزيارة المقابر التي تشرع زيارتها.. فهذه المقاصد تتداخل، فربما يكون قصد أبي الوليد الباجي هذا، أو يكون قصده فعلاً الرأي المرجوح من أنه يجوز شد الرحال لغرض السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره، هذه مسألة خلافية في تفسير الحديث، ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) بعض أهل العلم المعتبرين تأولها تأولاً يخالف ما عليه أئمة السلف.

    بيان ما يقصد بإتيان القبر النبوي وسد ذرائع البدع

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).

    قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا قبري عيداً).

    قال: ومن كتاب أحمد بن شعبة فيمن وقف بالقبر: لا يلتصق به ولا يمسه ولا يقف عنده طويلاً.

    وفي العتبية -يعني: عن مالك - يبدأ بالركوع قبل السلام في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وأحب مواضع التنفل فيه مصلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث العمود المخلق، وأما في الفريضة فالتقدم إلى الصفوف، قال: والتنفل فيه للغرباء أحب إلي من التنفل في البيوت.

    فهذا قول مالك وأصحابه، وما نقلوه عن الصحابة يبيّن أنهم لم يكونوا يقصدون القبر إلا للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء له، وقد كره مالك إطالة القيام لذلك، وكره أن يفعله أهل المدينة كلما دخلوا المسجد وخرجوا منه، وإنما يفعل ذلك الغرباء ومن قدم من سفر أو خرج له، فإنه تحية للنبي صلى الله عليه وسلم.

    فأما إذا قصد الرجل الدعاء لنفسه فإنما يدعو في مسجده مستقبل القبلة كما ذكروا ذلك عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه فعل ذلك عند القبر، بل ولا أطال الوقوف عند القبر للدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم، فكيف بدعائه لنفسه؟

    وأما دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب الحوائج منه وطلب شفاعته عند قبره أو بعد موته فهذا لم يفعله أحد من السلف، ومعلوم أنه لو كان قصد الدعاء عند القبر مشروعاً لفعله الصحابة والتابعون، وكذلك السؤال به، فكيف بدعائه وسؤاله بعد موته؟

    فدل ذلك على أن ما في الحكاية المنقطعة من قوله: استقبله واستشفع به، كذب على مالك ، مخالف لأقواله وأقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم التي يفعلها مالك وأصحابه ونقلها سائر العلماء، إذ كان أحد منهم لم يستقبل القبر للدعاء لنفسه فضلاً عن أن يستقبله ويستشفع به، يقول له: يا رسول الله اشفع لي أو ادع لي، أو يشتكي إليه مصائب الدين والدنيا، أو يطلب منه أو من غيره من الموتى من الأنبياء والصالحين أو من الملائكة الذين لا يراهم أن يشفعوا له، أو يشتكي إليهم المصائب، فإن هذا كله من فعل النصارى وغيرهم من المشركين ومن ضاهاهم من مبتدعة هذه الأمة، ليس هذا من فعل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ولا مما أمر به أحد من أئمة المسلمين، وإن كانوا يسلّمون عليه إذ كان يسمع السلام عليه من القريب ويُبلّغ سلام البعيد ].

    نقف عند هذا؛ لأنه ورد في هذا حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن الله يبلّغه سلام البعيد والقريب، وهذا سيأتي ذكره فيما بعد، والله أعلم.

    1.   

    الأسئلة

    الحكمة من تخصيص أهل المدينة بالتنفل في البيوت

    السؤال: ما الحكمة من تخصيص أهل المدينة بأن تكون النافلة في البيوت؟

    الجواب: لفضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم قادمون من بعيد، فهم بحاجة إلى أن يستزيدوا من فضل المسجد لمزيد الحسنات فيه، فالمقيمون في المدينة يصلون الفرائض في المسجد دائماً فيُشرع لهم أن يفعلوا كما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم بأن تكون النافلة في البيوت أحياناً، أما القادم فهو مقيم لوقت مؤقّت فالمشروع له أن يستزيد من الصلاة في المسجد، والغالب أن القادم ليس عنده بيت يتنفل فيه. هذا الظاهر والله أعلم.

    وأيضاً هذا ينطبق على القادم إلى مكة، فإقامته في مكة محدودة، فيُشرع له أن يستزيد من النوافل ويقضيها في المسجد الحرام.

    حكم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم على كل من يدخل المسجد

    السؤال: هل يسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم كل من دخل المسجد؟

    الجواب: الأولى أن الآفاقي أول ما يدخل المسجد يسلّم على الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن إذا تكرر دخوله لا يلزم ذلك؛ لأنه لم يرد عن السلف تكرار السلام بشكل غير طبيعي، أو بشكل يتكرر في اليوم، فأما من كان ساكناً في المدينة فأظنه لا يُشرع له الاستمرار أو كثرة التردد إلا إذا شعر أنه قد طال به العهد، كما يذهب يسلّم على المقابر وأهلها، فالأولى أن يسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم في قبره وعلى صاحبيه إذا طال العهد به، وكما هو معروف أن المشروع إذا دخل المسجد أن يبدأ بتحية المسجد، هذا الذي أتى من خارج المدينة، ثم يذهب ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.

    عقيدة العز بن عبد السلام

    السؤال: ذكرت أن العز بن عبد السلام عنده بعض الخلل في العقيدة؟

    الجواب: نعم صحيح العز بن عبد السلام رحمه الله من أئمة الإسلام وأئمة الهدى وله مواقف محمودة في نشر السنة ورد البدع، لكنه في جانب العقيدة تابع الأشاعرة في بعض الأمور وخالف أهل السنة، وهناك ردود عليه معروفة في وقته وبعد وقته، لكن لعلها تكون من زلّات العلماء، فهو مما يظهر أنه لا يقصد البدعة، لكن مع ذلك عنده أمور واضحة مثل تقسيمه البدعة، التقسيم الذي صار يتكئ عليه الآن أهل البدع؛ أنه يرى أن هناك بدعة حسنة وغير حسنة، وأن البدعة تجري عليها الأحكام الخمسة، فهذا لا شك أنه خلاف منهج أهل السنة والجماعة، بل يعد خللاً في منهج أهل السنة في هذا الجانب، وهو خلل كبير شرعاً، قسّم الأمة بعد ذلك.

    كذلك موقفه من الصفات -يغفر الله لنا وله- فهو ممن يتأول وصاحب التأوّل يجب ألا نبدّعه أو نخرجه من السنة في الجملة، لكن فيما خالف فيه أهل السنة نبيّن ذلك.

    حكم من استقبل القبر النبوي للسلام ثم تحول إلى القبلة للدعاء

    السؤال: ما رأيك فيمن استقبل قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ودعا للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم استقبل القبلة مباشرة ودعا لنفسه وطلب من الله أن يبلّغه شفاعة نبيه صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: هذا الأصل فيه أنه مما ليس فيه مانع شرعاً لكنه ذريعة، فمنعه من باب سد الذريعة، كون المسلم يأتي ويستقبل القبر مسلماً على النبي صلى الله عليه وسلم وداعياً له بالمشروع، ويسلّم على أبي بكر وعمر ويدعو لهما بالمشروع، فهذا لا حرج فيه.

    ثم لا حرج بعد ذلك أن يتحول إلى القبلة فيدعو ربه، والأصل في هذا العمل أنه مشروع، لكن تبقى الشبهة في أنه يشتبه بعمل أهل البدع وذريعة لهم؛ لأنهم لا يدرون ماذا تقول، فالصورة تشبه فعل أهل البدع، فالأولى لمن يفعل ذلك أن يبتعد قليلاً عن القبر وليكن في الروضة مثلاً في موقع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ويتجه إلى القبلة فيدعو ربه، أما أن يكون السلام ثم الدعاء في مقام واحد ففيه اشتباه، وفيه ذريعة، فالأولى اجتنابه، لكن من فعله لا نستطيع أن نقول: إنه ابتدع، فأصل العمل مشروع، وقد لا يتنبه أكثر الناس لما يترتب عليه من مفاسد، فالناس إن شاء الله بمقاصدهم ونياتهم، والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756017591