إسلام ويب

محبة النبي صلى الله عليه وسلمللشيخ : صالح بن عواد المغامسي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • رفع الله تعالى شأن رسوله صلى الله عليه وسلم وأنزله منزلة عظيمة أورثت له جملة من الحقوق على أتباعه، ومن تلك الحقوق: محبته صلى الله عليه وسلم التي سطر أصحابه والتابعون لهم بإحسان أكمل صورها وأعلاها، وللمتبع من بعدهم أن يحذو حذوهم في محبته بالإتيان بلوازمها العملية، ليجني بذلك أعظم الثمار ويتذوق بلسان قلبه حلاوة الإيمان.

    1.   

    منزلة النبي صلى الله عليه وسلم

    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب غيره ولا إله سواه، خلق فسوى، وقدر فهدى، وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، خلق خلقه أطواراً، وصرفهم كيفما شاء عزة واقتداراً، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وأمينه على وحيه، أكرم به عبداً وسيداً، وأعظم به حبيباً مؤيداً، فما أزكاه أصلاً ومبتدا، وما أطهره مضجعاً ومولداً، صلى الله عليه على آله وأصحابه صلاة خالدة وسلاماً مؤبداً.

    أما بعد:

    فإن من الدروس ما يحتاج قائلها إلى انتقاء في الألفاظ، وصياغة في العبارات، وبحث في المعاجم؛ حتى يسد بذلك خللاً في المعاني، وقصوراً في الغايات، وما يصاحب ذلك من المطالب التي تقصدها تلك المحاضرات.

    إلا أن الحديث عن محبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حديث تزهو به العبارات، وتجمل به الصياغة، فإذا كان قد ثبت أن النوق -وهن نوق- تسابقن إلى يديه الشريفتين صلى الله عليه وسلم أيهن يبدأ بها لتنحر فإن الكلمات تتسابق أيضاً إلى أفواه قائليها إذا كان الحديث عن محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه.

    سلوا قلبي غداة سلا وثابا لعل على الجمال له عتابا

    ويسأل في الحوادث ذو صواب فهل ترك الجمال له صوابا

    ولي بين الضلوع دم ولحم هما الواهي الذي ثكل الشبابا

    وكل بساط عيش سوف يطوى وإن طال الزمان به وطابا

    فمن يغتر بالدنيا فإني لبست بها فأبليت الثيابا

    لها ضحك القيان إلى غبي ولي ضحك اللبيب إذا تغابى

    جنيت بروضها ورداً وشوكاً وذقت بكأسها شهداً وصابا

    فلم أر مثل حكم الله حكماً ولم أر دون باب الله بابا

    أبا الزهراء! قد جاوزتُ قدري بمدحك بيد أن لي انتسابا

    فما عرف البلاغة ذو بيان إلا لم يتخذك له كتابا

    مدحت المالكين فزدت قدرا فلما مدحتك اقتدت السحابا

    فصلى الله وسلم وبارك وأنعم عليه.

    1.   

    محبة النبي صلى الله عليه وسلم في حياة المؤمنين

    أيها المؤمنون! إن نبيكم أشار إلى القمر فانفلق ليكون شاهداً على نبوته، وأشار إلى الغمام فتفرق بأمر الله جل وعلا إكراماً لإشارته، وصعد على أحد فارتجف فرحاً به وبأصحابه، وترك الجذع حيناً فحن الجذع إليه وإلى كلماته وعظاته صلوات الله وسلامه عليه، فإذا كان هذا حال غيرنا معه، فما الذي ينبغي على المؤمنين من أمته به؟

    لا ريب في أن المؤمنين به صلوات الله وسلامه عليه أولى بمحبته، وأجدر بطاعته، وأحق باتباعه، فما أكرمه من حبيب مصطفى، وعبد مجتبى، ورسول مرتضى.

    منَّ الله جل وعلا عليه بأن جعله إلينا من الخلق أحب حبيب، وأكمل قريب، وأرسله الله جل وعلا رحمة للخلائق، فقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]، وهدى به لأمثل الطرائق، فقال سبحانه: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52].

    ومحبته صلى الله عليه وسلم حق من حقوقه على أمته، دل عليها العقل والنقل، وجاءت بها الأخبار والآثار، وتلبَّس بها السابقون الأولون من المؤمنين الأخيار، فقاموا بها حق قيام، وأدوها على نحو أتم ووجه أكمل.

    ومحبة الناس قد تكون محبة ينتابها الإشفاق، كمحبة الوالد لولده ومحبة ينتابها الإجلال، كمحبة الولد لوالده، ومحبة يعتريها المشاكلة والاستحسان، كمحبة الناس بعضهم لبعض ممن يكمل في العين، ويرتفع قدره أما محبة المؤمنين لنبيهم صلى الله عليه وسلم فإنها في مجملها محبة شرعية أوجبها الله جل وعلا علينا له صلوات الله وسلامه عليه، وقد دل عليها الكتاب، ودلت عليها أقواله صلوات الله وسلامه عليه، قال تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ [التوبة:24]، فبين جل وعلا أنه لا ينبغي لأحد أن يقدم شيئاً من متاع الدنيا ولا النفس على محبة الله، ثم على محبة رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وقد تبين لكل أحد بما نص عليه العلماء -كـالقرطبي وغيره- أنه ما من أحد يؤمن بالله تبارك وتعالى وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا وفي قلبه محبة راجحة لنبينا عليه الصلاة والسلام، ولكن هذه المحبة يختلف الناس فيها، ويتفاوتون فيما بينهم في تحقيقها، فمنهم من ينال منها النصيب الأوفر، ومنهم -والعياذ بالله- من يرضى بالحد الأدنى، فكلما طغت الغفلة والشهوات نأى الإنسان بمحبته لرسوله صلى الله عليه وسلم عنه، وكلما عظم ذكر الله والاتباع والطاعة علت تلك المحبة في النفوس، وسمت في الأفئدة، وارتقت في القلوب، فيقرب العبد بعد ذلك من ربنا غلام الغيوب.

    1.   

    مواقف من محبته صلى الله عليه وسلم في قلوب أتباعه

    موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه في طريق الهجرة

    وإذا كان المؤمن ذا إنصاف فإن أول ما ينبغي عليه هو أن يتأسى بالأخيار، ولا جيل أمثل ولا رعيل أكمل من أصحاب محمد صلوات الله وسلامه عليه، ثم التابعون بإحسان من أهل القرون المفضلة، وقد ضرب أولئك الأخيار المثل العليا في محبتهم لنبينا صلى الله عليه وسلم، في محبتهم له حال حياته، ومحبتهم له بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليه.

    ولا يمكن لأحد أن يستشهد بأحد قبل سيد المسلمين أبي بكر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فلقد كان لـأبي بكر النصيب الأعلى والحظ الأوفر من كل خير في الأمة؛ لأن إيمانه -كما نص الشرع- عليه يعدل إيمان الأمة كلها، فقد قدم ماله ونفسه وما ملكته يداه وجاهه إجلالاً لله ومحبة لرسوله صلى الله عليه وسلم، فتأتي حادثة الهجرة وينال أبو بكر شرف الصحبة، فيمضي مع نبينا عليه الصلاة والسلام في الطريق، فيرى منه النبي عجباً، فتارة يتقدم، وتارة يتأخر، وتارة يأتي عن اليمين، وأخرى عن الشمال، فيقول له صلى الله عليه وسلم: (ما هذا يا أبا بكر ؟! فيقول: يا نبي الله! أذكر الرصد فأمشي أمامك، وأخاف عليك الطلب فأمشي خلفك، وأتوجس من الكمين فأكون تارة عن يمينك وتارة عن شمالك).

    موقف الأنصار رضي الله عنهم في يوم القدوم

    ثم يدخل صلى الله عليه وسلم المدينة ليضرب أهلها مثلاً أعلى آخر في حبهم لنبي الله صلى الله عليه وسلم، فيخرجون زرافات ووحداناً، رجالاً ونساءً، شيباً وشباناً، فيكبرون ويقول بعضهم لبعض: الله أكبر جاء محمد جاء محمد، وترتقي على أسطح المنازل بنات من بني النجار يضربن على الدف ويقلن:

    نحن بنات من بني النجار يا حبذا محمد من جار

    وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم التفت إليهن وقال: (أتحببنني؟! قلن: نعم يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: وأنا كذلك أحبكن).

    موقف خبيب عند الصلب

    ثم يتتابع حال القوم في محبتهم لنبيه صلى الله عليه وسلم، والمحبة شيء في القلوب، ويعبر الإنسان عنها بما يقتضيه الحال، وما يمليه المقام، ففي ساحات الحروب كانوا يحيطون به دفاعاً عنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك هو ما تمليه المحبة في وقتها، فإذا كان بين أظهرهم وجلسوا معه في مجلسه حفوا به، وغضوا أبصارهم عنه، وهابوا أن يتكلموا بين يديه، واستحوا أن يتقدموا بين يدي الله ورسوله، فإذا أصابهم الأذى وعرضت عليهم الدنيا لم يقبلوها رجاء أن يرضى عنهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

    فـخبيب رضي الله عنه يقدم ليصلب وليقتل، فيقول له قاتلوه من مشركي قريش آنذاك: أيسرك أنك في بيتك معافى وأن محمداً مقامك؟ فيقول رضي الله عنه وأرضاه: لا والله لا يسرني ذلك، ولا أن يشاك محمد صلى الله عليه وسلم بشوكة.

    وهم مع ذلك رضي الله تعالى عنهم يعلمون أنه صلوات الله وسلامه عليه بشر أكرمه الله بالنبوة، وختم به الرسالة، فكانوا يأخذون عنه الدين، ويأخذون عنه العلم، ويتعلمون منه ما يقربهم إلى الله جل وعلا زلفى.

    موقف الصديق على منبر رسول الله

    فلما توفي صلوات الله وسلامه عليه تذكر من كان حياً بعده أيامه صلوات الله وسلامه عليه، فجاء أبو بكر إلى المنبر، وكان أبو بكر يعلم أن هذا المنبر طالما جلس وقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستحيا أن يجلس في المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس فيه، فنزل درجة ثم خطب في الناس قائلاً: إنكم تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قام مقامي هذا فقال. فغلبته عيناه، ولم يستطع أن يكمل.

    ثم أعاد العبارة فغلبته عيناه فلم يستطع أن يكمل، ثم أعادها فغلبته عيناه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ما أعطى أحداً شيئاً أعظم من العفو والعافية، فسلوها الله عز وجل) ثم أتم حديثه رضي الله عنه وأرضاه.

    فإذا قدر لأحدهم أن تدنو ساعة رحيله قال: غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه، صلوات الله وسلامه عليه.

    وكان بلال يقدم بين الحين والآخر من الشام إلى المدينة، فإذا قدر له أن يرفع الأذان ومر على قوله: (أشهد أن محمداً رسول الله) ارتجت المدينة بالبكاء؛ لأن أذان بلال ذكرهم بالحبيب صلوات الله وسلامه عليه.

    1.   

    أثر محبة رسول الله في حفظ مولاه سفينة

    وما كان لهؤلاء القوم من عظيم المحبة لنبيهم صلى الله عليه وسلم فقد حفظ الله به أو بعضاً منهم، كما حصل لـسفينة مولى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، واسمه مهران ، وكنيته أبو عبد الرحمن ؛ ولقب بـسفينة لأنه كان مع النبي عليه الصلاة والسلام في سفر، فثقل على القوم متاعهم، فبسط رداءه فحمل متاع القوم فيه، فورد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: (أنت سفينة)، وكان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاءت ساعات الجهاد، وأذن بالفتوحات، وانتقل كثير من الصحابة من المدينة إلى غيرها طمعاً في أجر الشهادة قدر لـسفينة أن يأتي بلاد الروم مجاهداً، فضل الطريق، وانتهى به الأمر إلى غابة كثيرة الكثبان، فداهمه فيها أسد، فلما قرب الأسد منه، قال للأسد: يا أبا الحارث! أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطأطأ الأسد رأسه، وقرب من سفينة وأخذ يمشي معه حتى أخرجه من الغابة، قال محمد بن المنكدر -رحمه الله- روايه عن سفينة : قال سفينة : فلما أوصلني إلى غايتي طأطأ رأسه وهمهم بكلام كأنه يودعني. فانظر إلى هذا السبع الكاسر والوحش النافر كيف أصابته من الرقة والشفقة لما علم أن من يريده مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم!

    1.   

    إرث التابعين من المحبة لرسول الله

    وما حظي به الصحابة من محبة لنبينا صلى الله عليه وسلم ورثه عنهم التابعون من هذه الأمة، قال مالك رحمه الله -وهو إمام دار الهجرة في عصره-: ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب السختياني أفضل منه. ثم ذكر مالك السبب الذي جعله يجل أيوب ويأخذ عنه فقال رحمه الله: لقد صحبته وقد حج حجتين، فرمقته من بعد ولم أسمع منه، فكنت أرى أيوب إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى يقوم عنه أصحابه شفقة ورحمة به، فلما رأيت محبته وإجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم أخذت عنه وكتبت عنه الحديث.

    ثم إن مالكاً نفسه كان يبكي كلما أكثر من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعجب منه أصحابه، فقال رحمه الله لتلاميذه: لو رأيتم ما رأيت لما تعجبتم، لقد أدركت محمد بن المنكدر -وهو شيخ مالك -ما يحدث بحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ويبكي إجلالاً للنبي صلى الله عليه وسلم، فنقوم عنه رحمة به وشفقة عليه.

    ثم قال: وأدركت عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله تعالى عنهم أجمعين، إذا حدث وذكر النبي صلى الله عليه وسلم جف لسانه في فمه، وكاد دمه أن ينزف؛ محبة وإجلالاً لنبي الأمة صلوات الله وسلامه عليه.

    فهذه صور مشرقة وصفحات مضيئة من حياة سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان في محبتهم لنبينا صلوات الله وسلامه عليه.

    1.   

    عوض المحرومين من صحبة النبي ورؤيته

    فإذا أدرك المؤمن هذا عرف أن الله جل وعلا لم يكتب لنا أن نسعد بصحبته، ولم تكتحل أعيننا برؤيته، ولكن الله جل وعلا لم يحرمنا من الإيمان به واتباعه صلوات الله وسلامه عليه، واعلموا أنه -صلى الله عليه وسلم- صح عنه أنه قال: (إن من أشد أمتي لي حباً قوم يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله)، فاللهم برحمتك وسلطانك اجعلنا منهم.

    فهؤلاء المحبون لنبينا صلى الله عليه وسلم أدركوا أن محبته صلى الله عليه وسلم من أعظم الواجبات، وأجل القربات، قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)، وفي البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين، فقال عمر : يا رسول الله! إلا من نفسي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حتى من نفسك يا عمر ، فقال عمر : الآن يا رسول الله أنت أحب إلي من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر)، أي: الآن كمل إيمانك يا عمر فلن يكمل إيمان عبد حتى يكون محباً لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه.

    1.   

    سبب حبنا لنبينا صلى الله عليه وسلم

    وهذه المحبة لا حاجة لأن يطنب الإنسان ويتحدث في أسبابها وموجباتها؛ لأن ذلك لا يمكن أن يخفى على أحد، فنحن نحبه صلى الله عليه وسلم تبعاً لمحبتنا لربنا جل وعلا، فإنه -صلوات الله وسلامه عليه- حبيب الله وخليله وصفيه ونجيه، فكان بدهياً أن نحب من أحبه الله جل وعلا، وبه هدانا إلى صراطه المستقيم، فهو -عليه الصلاة والسلام- حظنا من النبيين، ونحن حظه من الأمم كما أخبر صلوات الله وسلامه عليه، فنحبه لما كان في قلبه صلوات الله وسلامه عليه من شفقة ورحمة بالأمة، كما نعته الله جل وعلا في كتابه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128].

    ففي يوم عيده -صلى الله عليه وسلم- ضحي بكبشين أملحين أقرنين، فسمي الله وكبر عند ذبح أحدهما وقال: (اللهم هذا عن محمد وآل محمد) ثم ضحى بالآخر وقال: (اللهم هذا عمن من لم يضح من أمة محمد) صلى الله عليه وسلم.

    ولقد استعجل الأنبياء قبله دعواتهم، وادخر دعوته ليوم القيامة من أجل أمته، كما قيل:

    وأهلك قومه في الأرض نوح بدعوة لا تذرْ أحداً فأفنى

    ويدعو أحمد رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون كما علمنا

    فيدخر صلى الله عليه وسلم ما أفاء الله به عليه من دعوة مستجابة ليوم تقوم فيه الأشهاد، ويحشر فيه العباد؛ إكراماً لأمته وأتباعه صلوات الله وسلامه عليه، ففي ذلك المقام العظيم يناجي ربه ويناديه ويسأله قائلاً: رب! أمتي أمتي. فهذا وأمثاله حري بأن يجعلنا نصرف محبتنا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه بعد محبتنا لله عز وجل.

    1.   

    دلائل محبة رسول الله

    توحيد الله وإجلاله ومحبته

    وفي هذا الحديث إنما نذكر دلالات المحبة، وأحوال المحبين، وكل امرئ بعد ذلك يحاسب نفسه على ما علم.

    وأعظم أحوال محبي محمد صلى الله عليه وسلم وأجل الدلالات على حبه صلوات الله وسلامه عليه توحيد الله، وإجلال الله، ومحبة الله، وبيان ذلك أنه عليه الصلاة والسلام ما أرسل وما أنزل عليه الكتاب إلا ليدعو الناس إلى توحيد الله جل وعلا، فمكث عمره الطاهر الشريف كله يذكر بالله، ويحبب فيه، ويدعو إليه، ويطلب من العباد أن يوحدوا ربهم ويعظموه ويجلوه، فإذا حاد الإنسان عن طريق التوحيد فقد حاد عن المنهج الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وليس هذا من دلالة حبه صلوات الله وسلامه عليه.

    إن محبة الله جل وعلا هي المنزلة التي يشمر إليها العاملون، ويتنافس فيها المتنافسون، وهي الحياة التي من فقدها فهو في جملة الأموات، وهي النور الذي من حرمه فهو في بحار الظلمات، ولا يعدل توحيد الله وإجلاله ومحبته شيء، فالله جل وعلا خالق وما سواه مخلوق، والله رب وما سواه مربوب، والله رازق وما سواه مرزوق، وما محمد إلا عبد لله ورسول من لدنه، عرف بربه ودعا إليه، وقضى حياته كلها موحداً له سبحانه وتعالى.

    فأعظم دلائل محبته الأخذ بما جاء به، فإن سلك الإنسان مسالك أهل التوحيد، وعظم الله جل وعلا ووحده فذلك أعظم القرائن، وأصدق أحوال من يحب محمداً صلى الله عليه وسلم.

    اتباع هدي رسول الله واقتفاء أثره

    ثم يعقب ذلك -وليس ببعيد عنه ولا منفك عنه- اتباع هديه واقتفاء أثره صلوات الله وسلامه عليه، وقد جرت الدلائل العقلية والنقلية بأن المحب لمن يحب مطيع، ومحمد صلى الله عليه وسلم أمر بأمر ونهى عن نهي، وكان له هدي يعلمه كل من اطلع على سيرته وسنته، فدلالة محبته اتباع هديه واقتفاء أثره بالإيمان والعمل الصالح والجهاد من أجل تحقيق تلك الغاية.

    ومثال ذلك ما صنعه ذو البجادين رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فقد نشأ يتيماً، فكفله عم له في ديار على مقربة من المدينة، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة انتظر ذو البجادين أن يسلم عمه، فمرت السنون دون أن يتغير حال عمه، فلما أخبر ذو البجادين عمه بالأمر قال له عمه -وكان قد أغدق عليه وجعله ذا يسر بعد أن كان ذا فقر-: إن اتبعت محمداً سلبت منك كل ما أعطيتك إياه، حتى ثوبيك، فقال: لا أعدل باتباع محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً، فسلبه عمه كل ما أعطاه، فقدم على أمه فأعطته بجاداً فشطره شطرين، فاتزر بأحدهما وارتدى الآخر، وقدم المدينة ليلاً فاضطجع في المسجد، فلما كانت صلاة الصبح وفرغ صلى الله عليه وسلم من صلاته وتفرس في وجوه الناس رأى ذا البجادين ولم يكن قد عرفه، فقال له: (من أنت؟) فتسمى له وانتسب، فقال له: (أنت عبد الله ذو البجادين ، ولكن كن قريباً مني حتى أكرمك مع أضيافي).

    فمكث رضي الله تعالى عنه وأرضاه يحضر مع النبي صلى الله عليه وسلم ويحفظ القرآن حتى كانت غزوة تبوك، فخرج مجاهداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله، فأدركه المرض، فمات والمسلمون في معسكرهم في تبوك، فحفر له قبر في الليل، فنزل صلى الله عليه وسلم فيه، قال لـأبي بكر وعمر : (أدليا إلي أخاكما) فوضعه صلى الله عليه وسلم في قبره، فلما فرغ من دفنه قال عليه الصلاة والسلام: (اللهم إنني أمسيت راضياً عنه فارض عنه)، فهذا الحديث عن هذا الصحابي نموذج فذ لاجتماع المحبة والعمل والاتباع والاقتفاء في شخصية واحدة هي شخصية عبد الله ذي البجادين رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهذا حال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم جميعاً.

    وقد له -صلوات الله وسلامه عليه-سنتان: سنة يفعلها على سبيل التعبد والتقرب إلى الله جل وعلا، فهذه لا يسع أحداً من الأمة أن يتركها، وقوامها قوله صلى الله عليه وسلم: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم) وسنة يفعلها صلى الله عليه وسلم على سبيل الجبلة، وعلى ما فطره الله جل وعلا عليه في ذاته وحاله وشخصيته وبيئته.

    فأما الأولى فإن الأمة جميعاً مأمورة بها، وأما الأخرى فهي منازل يتسابق فيها الأخيار، ويتنافس فيها الأبرار، وهي تدل في معظمها على محبته صلوات الله وسلامه عليه.

    فالصحابة كانوا قد تجاوزوا مرحلة أن يأتمروا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأن ينتهوا عن نهيه، فلا تجد أحداً منهم مقيماً على المعاصي، مصراً على الخطايا، وإن كان الحال أنه لا يخلو أحد من معصية وخطيئة، ولكن أنفسهم سمت إلى الجانب الآخر، فكانوا يرون ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم جبلة فيصنعونه.

    فقد قدم رهط مزينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم قرة المزني رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فلما قدم وجد النبي عليه الصلاة والسلام مطلق الأزرار، أي أنه لم يزرر قميصه صلى الله عليه وسلم، فتأمله قرة ثم قرب منه، ثم أدخل يده في قميص النبي صلى الله عليه وسلم حتى استطاع أن يلمس خاتم النبوة من الخلف، وتركه صلى الله عليه وسلم للقميص من غير إغلاق أزراره أمر قد لا يعرف فقهه، ولكن الثابت سنداً أن قرة وابنه معاوية رضي الله تعالى عنهما لم يشاهدا في صيف ولا في شتاء قد أغلقا أزرارهما، فأمضيا دهرهما كله إلى أن ماتا وقبرا وهما مطلقا الأزرار تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم.

    مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك، ولم يدع إليه، ولكن النفوس أرادت أن تتربى على المعالي لما رأت النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الحال.

    فالمقصود من هذا كله أن اتباعه عليه الصلاة والسلام فُرقانٌ في كمال المحبة، على أنه ينبغي أن يعلم أنه قد يكون الرجل مصراً على المعاصي ومحباً للنبي عليه الصلاة والسلام، فإن المعصية لا تنزع المحبة بالكلية، ولكن لا يمكن أن يجتمع كمال المحبة مع عدم اتباعه صلوات الله وسلامه عليه، فالعاقل من يكون قلبه مليئاً بالمحبة لرسول الهدى ونبي الرحمة، وفي حياته اليومية يتأسى به، ويعمل بوصاياه، ويأتي أمره، ويجتنب نهيه صلوات الله وسلامه عليه.

    تعظيم سنن رسول الله

    ومن تعظيمه صلى الله عليه وسلم ودلالة محبته تعظيم سننه عليه الصلاة والسلام، والسنة باب مشهور يعلم الناس منه أشياء ويخفى عليهم منه أشياء، ومن أراد أن يحيي سنة ميتة فإن من أشهرها ما ذكرته عائشة حين سئلت من رهط من التابعين عن وتره صلوات الله وسلامه عليه، أجابت بأن وتره صلى الله عليه وسلم انتهى في آخر عمره إلى أنه كان يصلي ثماني ركعات فرداً من غير جلوس، ثم يجلس في الثامنة فيتشهد ويدعو، ثم يقوم فيأتي بركعة تاسعة، ثم يجلس فيتشهد ويسلم صلوات الله وسلامه عليه، قالت: فلما كبر وأسن وحمل اللحم عليه الصلاة والسلام نقص عن ذلك ركعتين، فكان يصلي ستاً متعاقبات يجلس في السادسة، ثم يقوم يأتي بالسابعة فيتشهد ويدعو الله كثيراً ثم يسلم، ثم إذا فرغ من صلاته صلى ركعتين وهو جالس صلوات الله وسلامه عليه، والسنة فيهما أن يجلس الإنسان للقيام متربعاً، ويجلس حال التشهد كجلسته المعتادة بين السجدتين.

    وكان صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين وهو جالس بعد وتره، ويسلم تسليماً يسمع به أهله، وهذه سنة قد تكون غير معلومة، أو قد تكون معلومة مهجورة، فمن أراد أن يحيي سنة النبي صلى الله عليه وسلم فعليه بها، ففيها الأجر العظيم، والثواب الكريم؛ لأنها مندرجة عموماً في قيام ليله صلوات الله وسلامه عليه.

    ومنها ما تراه من بعض آحاد الناس المطلعين على حقيقة سنته صلوات الله وسلامه عليه المحبين له، اللذين يريد أحدهم أن يحيا كما كان صلى الله عليه وسلم، فإذا دخل بيتاً لأحد الناس وقدم له تمر فإنه يتمنى ألا يأتي صاحب البيت بإناء يوضع فيه التمر، وذلك أنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه أنه قال: (نزل النبي صلى الله عليه وسلم على أبي، فقربنا إليه طعاماً ووطبة فأكل منها، ثم أتي بتمر فكان يأكله ويلقي النوى بين أصبعيه، ويجمع السبابة والوسطى) صلوات الله وسلامه عليه، فكره عليه الصلاة والسلام أن يرد النوى في موضع التمر، فوضع النوى بين أصبعيه السبابة والوسطى، ونحن نعلم يقيناً أن هذه المسألة مسألة جبلية هي إلى البيئة أقرب، ولا يترتب على تركها إثم، ولكن المحب للنبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغ في حبه إلى أن يتأسى بكل أفعاله وأقواله صلوات الله وسلامه عليه فإن ذلك برهان على المحبة، ودليل على صدقها، لأن كمال المحبة يلزم منه كمال الطاعة وكمال الاتباع واقتفاء هديه صلوات الله وسلامه عليه.

    محبة ما يحبه الرسول صلى الله عليه وسلم

    ومن أحوال المحبين ودلالات حبه صلوات الله وسلامه عليه: محبة ما يحبه، فإن الإنسان إذا أحب شيئاً أحب ما يتعلق به، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم -كما روى البخاري من حديث أنس -دعاه خياط لطعام صنعه، فقرب إليه ثريداً ومرقاً فيه خبز من شعير ومرقاً فيه دبا، قال أنس : (فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع أثر الدباء في القصعة) ثم قال رضي الله عنه وأرضاه : فما زلت أحب الدباء منذ ذلك اليوم؛ لأني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يحبها.

    وفي صحيح مسلم عنه رضي الله عنه وأرضاه أنه كان يقول: فما قدر لي أن يصنع لي أهلي طعاماً استطعت أن أجعل معه دباء إلا فعلت، وورد عند الترمذي بسند فيه ضعف، ولكنه يجبر في فضائل الأعمال أن أنساً ًكان إذا مر على شجرة اليقطين يمسكها ويقول: يا لك من شجرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبك، فأنا أحبك لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم لك.

    فمن أحب شيئاً، أحب ما يتعلق به، وهذا ظاهر لكل من قرأ الأحاديث والأخبار الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم.

    وأم حبيبة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قدم عليها أبوها أبو سفيان قبل أن يسلم، فلما هم بأن يجلس على الفراش طوت الفراش عنه، فقال لها أبوها متعجباً: يا بنية! والله ما أدري: أترغبين بي عنه، أم ترغبين به عني؟! فقالت له رضي الله عنها وأرضاها: إنه فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت مشرك نجس، فما أحببت أن تجلس عليه.

    وهذا أبو دجانة رضي الله تعالى عنه وأرضاه يحظى بسيف النبي صلى الله عليه وسلم في يوم أحد، ويختال به بين الصفوف، فلما حانت المعركة، ودنت ساعة القتال، والتحم الجيشان، وأخذ أبو دجانة يضرب بسيف رسول الله ميمنة وميسرة هم بأن يضرب به شخصاً، فولول، فعرف أنها امرأة، قال: فرفعت السيف عنها إكراماً لسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة. فمحبة ما يحبه النبي صلى الله عليه وسلم دين وملة وقربة.

    محبة آل بيت رسول الله

    ومن محبة ما يحبه صلى الله عليه وسلم محبة آل بيته، وتعظيم حالهم، افتقاء لأثره، وإكراماً له صلوات الله وسلامه عليه، فقد ورد عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه -وهو رأس المسلمين وسيدهم بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم- أنه رضي الله تعالى عنه وأرضاه -كما روى البخاري - كان يقول: والله لأن أصل قرابة النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن أصل قرابتي، ويقول رضي الله عنه في البخاري أيضاً: ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته.

    وثبت عنه صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه- أنه لما سئل عن أيامه مع النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن نبي الله قام فينا خطيباً في غدير يقال له: (خم) بين مكة والمدينة، فقال: أيها الناس! إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وإنني تركت فيكم ثقلين: كتاب الله فيه الهدى والنور، فاستمسكوا به واعتصموا، ثم قال: وأذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال أصحاب زيد لـزيد : أنساء النبي صلى الله عليه وسلم من آل بيته؟ قال: نعم، ولكن آل بيته من حرم الصدقة بعده، فقال له من حوله: ومن حرم الصدقة بعده يا زيد ؟ قال: آل جعفر، وآل عباس ، وآل علي ، وآل عقيل).

    ولقد فقه سلف الأمة زرافات ووحداناً أن إكرام آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إكرام لشخصه صلوات الله وسلامه عليه، فقد ذكر رواة الأدب ومصنفو التاريخ أن هشام بن عبد الملك حج في خلافة أبيه عبد الملك بن مروان ، فلما هم بأن يقبل الحجر وهو يطوف عجز عن أن يصل إليه؛ لازدحام الناس على الحجر، فتنحى جانباً وأتي له بكرسي فجلس عليه، فلما قدم زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم ليقبل الحجر عرف الناس زين العابدين ومنزلته وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنحوا عن الحجر فاستلمه زين العابدين دون أن يزاحمه الناس عليه، فأراد هشام أن يصرف وجوه الناس عن زين العابدين فقال لمن حوله متهكماً: من هذا؟! وقبل أن يجيبه أهل الشام، قال له الفرزدق وكان حاضراً:

    هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم

    هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم

    وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم

    كلتا يديه غياث عم نفعهما يستوكفان ولا يعروهما عدم

    هذا ابن فاطمة إن كنت تجهله بجده أنبياء الله قد ختموا

    ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم

    والقصيدة طويلة، وما قيل منها من شواهد يكفي.

    والمقصود أن من إكرام النبي صلى الله عليه وسلم إكرام أهل بيته، ولا يدفعن أحد حسد ولا حقد ولا غير ذلك إلى بغضهم، فصلى الله على نبيه وصلى الله على آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.

    ولقد شكى العباس رضي الله تعالى عنه وإلى النبي صلى الله عليه وسلم قوماً من قريش يجفون بني هاشم لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلوات الله وسلامه عليه: (والله لا يؤمنوا حتى يحبوكم لله ولقرابتي) فالمحبة في الله يشترك فيها جميع المؤمنين، أما المحبة لقرابته صلى الله عليه وسلم فهي خاصة بأهل بيته صلوات الله وسلامه عليه.

    محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

    ومن محبته صلى الله عليه وسلم محبة أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما بعثه ربه من أعز قبيل، فإن الله ابتعثه في أشرف جيل، وأكرم رعيل، رضي الله عنهم وأرضاهم، فأحاطوا بالنبي صلى الله عليه وسلم إحاطة محبة، إحاطة السوار بالمعصم، فدوه بالمهج، وبالأموال، وبالبنين، وبالآباء والأبناء رضي الله عنهم وأرضاهم، وشهد الله جل وعلا لهم بالعدل والصدق فقال: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100].

    ولقد ذهب العلامة ابن حزم رحمه الله إلى أن الصحابة جميعاً في الجنة، وقال: هذا ما يقتضيه ظاهر الكتاب وظاهر السنة.

    وذهب أكثر العلماء إلى أن الشهادة بالجنة محصورة في مجملها على من شهد بيعة الرضوان، ولمن سمى النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه.

    وأياً كان الأمر فمحبتهم رضي الله عنهم وأرضاهم، ونشر مناقبهم، وذكر فضائلهم، والتحدث بأيامهم، وغض الطرف عما كان بينهم رضي الله عنهم وأرضاهم ديدن أهل السنة، ومسلك أهل الجماعة، وهو من محبتنا لرسولنا صلوات الله وسلامه عليه.

    الاشتياق إلى رؤيته صلى الله عليه وسلم

    ومن الدلائل ما نحن أعظم ما نكون حاجة إليه، ألا وهو الاشتياق إلى رؤيته صلى الله عليه وسلم، فلئن اكتحلت أعين أصحابه برؤيته صلوات الله وسلامه عليه فإن الأمر -كما أسلفت وقدمت- قد حرمنا منه بقدر الله، ولكن الله جل وعلا أخبر على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن المرء مع من أحب، فإن رجلاً قدم إليه عليه الصلاة والسلام فقال: (يا رسول الله! متى الساعة؟ قال: وما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله، فقال صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت).

    والمحبون بصدق لنبينا صلى الله عليه وسلم والمقتفون لأثره على علم وبينة وهدى سيكونون معه بإذن الله في جنات النعيم، ولقد كان هذا الهم قد شغل الصحابة من قبل، رغم أنهم رأوه في الدنيا رضي الله عنهم وأرضاهم، فقد كان ثوبان مولى لنبينا صلى الله عليه وسلم، فرأى النبي عليه الصلاة والسلام يوماً صفرة وتغيراً فيه، فقال: (ما بك يا ثوبان ؟ أبك من مرض؟! قال: لا يا رسول الله، ولكنني إذا مر علي يوم لم أرك فيه بحثت عنك في بيوتاتك وبين أصحابك وفي مجلسك، فأجدك وألقاك، فتذكرت الآخرة فعرفت أنني إن دخلت النار فلن أراك أبداً، وإن دخلت الجنة فإن منازل النبيين ليست كمنازل عامة المؤمنين، فسكت عنه صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله جل وعلا قوله: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69]).

    وقد من الله علينا بأن جعلنا جيراناً له في داره صلوات الله وسلامه عليه، وإنه لفأل حسن ويمن مقدم لأن نكون جيراناً له صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم، وأن نرد حوضه قبل ذلك، فإن الناس يخرجون من قبورهم أشد ما يكونون إلى ظل يؤويهم، وإلى ماء يرويهم، ولا ظل يومئذٍ إلا ظل عرش الرحمن، ولا ماء يومئذٍ في ساحات العرض أعذب من ماء حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، مع أن لكل نبي حوضاً، ولكن حوضه صلى الله عليه وسلم أعذب مورد، وأكمل نقاء وصفاء، أوردنا الله وإياكم حوض نبيه صلى الله عليه وسلم.

    فالاشتياق إلى رؤيته عليه الصلاة والسلام أمر قلبي يتذكر به المؤمن ما فاته فيتحسر على أنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحظ بالكلام معه، ولم ينصره في معركة، ولم يكن ذات يوم يتلقى العلم عنه، ولم يحف به في مجلس، ولم يزره في بيته، فإذا غلبه الشوق وغلب عليه الحنين لجأ إلى أفعاله وأقواله وأخلاقه صلى الله عليه وسلم، فتأسى بها، وملأ قلبه محبة لنبيه عليه الصلاة والسلام حتى يكون يوم غد قريباً من جواره صلوات الله وسلامه عليه في جنات النعيم.

    ترك التقدم بين يديه صلى الله عليه وسلم

    ومن دلائل محبته صلى الله عليه وسلم: عدم التقدم بين يديه، فالدين كامل، كما قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3]، فمن أحب محمداً صلى الله عليه وسلم فليقتف أثره، وليتبع منهجه، وليسعه ما وسع محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ووالله لن يأتي أحد بعد بعمل أزكى ولا أفضل ولا أجل من أعمالهم في دلائل محبتهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم.

    ومثل هذا طريق قد تزل فيه أقدام، وقد تحتار فيه أفهام، ولكن العاقل البصير يعلم أن الله جل وعلا نهى عن أن يتقدم أحد بين يدي الله ورسوله، فيقف عندما أوقفه الله جل وعلا، ويهتدي بهدي أصحابه صلى الله عليه وسلم في التعبير عن محبتهم لنبيه صلوات الله وسلامه عليه.

    فهذه على وجه الإجمال دلالات المحبين لرسولهم صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    ثمار محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

    محبة الله لمحب رسوله

    وبقي أن نعلم ثمار هذه المحبة، فما الذي نجنيه من محبتنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم؟

    إن أعظم ما يجنيه العبد من محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم محبة الله جل وعلا له؛ لأن الله جل وعلا إذا أحب عبداً أحبه جبرائيل لمحبة الله جل وعلا له، فإن نحن أحببنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أحبنا الله جل وعلا؛ لأن الله هو الذي اختاره واصطفاه، وهو الذي قربه وناجاه، وهو الذي شرح له صدره ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، وهو الذي بعثه بين يدي الساعة هادياً ومبشراً ونذيراً، وهو الذي أرسله رحمة للخلائق وهداية للطرائق، فمحبته صلى الله عليه وسلم يظفر الإنسان من خلالها بمحبة الله جل وعلا، بل إن الأصل أننا نحب نبينا عليه الصلاة والسلام لأن الله جل وعلا أمرنا بحبه صلوات الله وسلامه عليه.

    ثم إن الإنسان إذا اجتمعت فيه هاتان المحبتان -ولا انفكاك بينهما أبداً- محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ يجد في نفسه لذة الإيمان ومن المؤسف أن هذه الصحوة الإسلامية المباركة في شرق العالم وغربه، وشماله وجنوبه كان التيار الفقهي فيها أعلى من التيار الإيماني، وهذا لا ريب في أنه خلل في المرتقى، وغير سليم في الوصول إلى طاعة الله جل وعلا، لأنه يجب أن يقترن العمل بمحبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن الناس من يؤدي الصلوات، ويؤدي الزكاة، ويصوم رمضان، ويحج البيت، ولكنه يجد في نفسه جفافاً في المقل، وقسوة في القلب، وعدم لذة في الطاعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ...) إلخ وذكر منها: (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما).

    فمحبة الله ورسوله تورث في النفوس لذة الإيمان، وتشعر المؤمن بالقرب من الرب جل وعلا، والعمل الصالح إذا اقترن بمحبة الله تبارك وتعالى واستحضار ثوابه والانكسار بين يديه جل وعلا أورث ذلك كله قبولاً عند الله جل وعلا.

    مرافقة رسول الله في الجنات

    كما أن مما يجنيه الإنسان من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مرافقته صلوات الله وسلامه عليه في الجنان، فقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه (مر على أعرابي في غزوة له فأكرمه، فقال له عليه الصلاة والسلام: إذا قدمت المدينة فأئتنا، فلما قدم عليه الصلاة والسلام المدينة جاءه الأعرابي ذات مرة، فقال له عليه الصلاة والسلام: سلني حاجتك، فقال: يا رسول الله! أسألك ناقة وأعنزاً يحلبها أهلي فقال عليه الصلاة والسلام: عجز هذا الأعرابي أن يكون كعجوز بني إسرائيل، قالوا: يا رسول الله! وما عجوز بني إسرائيل؟ قال: إن موسى عليه الصلاة والسلام لما هم بأن يفارق أرض مصر أخبره علماء بني إسرائيل أن يوسف أخذ عليهم عهداً أن لا يرحلوا من مصر إلا ويأخذوه معهم، فقال: من يدلني على قبر يوسف، فقالوا: لا يعرفه إلا عجوز في بني إسرائيل. فلما أتاها موسى، قالت: لا أدلك حتى تعطيني سؤلي وحاجتي، قال: وما حاجتك؟ قالت: أن أكون رفيقتك في الجنة)، فالأنفس العلية، والقلوب المتعلقة بالله جل وعلا إنما ترقب المنازل العلا، ولا ريب في أن من أعظم المنازل مرافقة الأنبياء في جنات النعيم.

    وقد كان ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما هم بتقديم الوضوء ذات يوم لرسول الله قال له: (يا ربيعة ! سلني حاجتك، قال: يا رسول الله! أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أوغير ذلك يا ربيعة ؟! قال: هو ذاك، قال: يا ربيعة ! فأعني على نفسك بكثرة السجود)، أي: بكثرة الصلاة لله تبارك وتعالى.

    وقصارى الأمر ونهايته أنه بمحبة الله جل وعلا وبمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم تطمئن النفوس، وترتوي القلوب، ويستبصر المؤمن الطريق، ويحظى بالتوفيق، ويكون قريباً من الله قريباً من رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وما بيناه من منهج ظاهر أخذ من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حري بالمؤمن أن يعض عليه بالنواجذ، لا لقائله، وإنما لمصدره؛ لأنه من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    ذكر ما يحتاج إليه المرء للنجاة

    واعلم أن المرء أحوج ما يكون إلى ثلاثة أمور: معرفة الهدى والحق والرشاد، ثم العزيمة والتوفيق لأدائه، ثم الثبات عليه، فإذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة وفق الإنسان في الحياتين، وسعد في الدارين.

    وقد يعرف الإنسان مواطن الحق وأماكن الرشاد، ولكنه تقصر به الهمة عن تحقيقها، وقد يحققها ولكنه لايحالفه التوفيق بأن يبقى ثابتاً عليها، فقد كان ميمون بن قيس الملقب بـالأعشى شاعراً جاهلياً مرموقاً، حتى كان يعرف بصناجة العرب؛ لأنه كان بشعره يرفع الخامل ويضع النبيل، فلما شاع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في العرب قدم الأعشى من ديار قومه يريد المدينة ليؤمن بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن الحق تبين له أمره، فتعرض له القرشيون في الطريق، فقالوا له: ما وراءك؟ فأخبرهم بغايته، وأنه أعد قصيدة يمدح بها النبي صلى الله عليه وسلم.

    فقال بعضهم لبعض: لئن آمن الأعشى ومدح النبي عليه الصلاة والسلام فإن أمر محمد سيشيع، وليدخلن الدين كل بيت، فردُّوه، فأخذوا يغرونه بالمال حتى اتفقوا معه على أن يعود عامه ذاك، وقد أعطوه من النوق ما أعطوه، فرجع -والعياذ بالله- فوقع من فوق ناقته وهو في طريقه، فدق عنقه فمات على كفره وضلاله، أعاذنا الله وإياكم.

    وكان قد أعد شعراً، وآمن في قلبه، ولكن حرم التوفيق لقضاء الله جل وعلا وقدره، وكان مما قاله:

    ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وبت كما بات السليم مسهدا

    وما ذاك من عشق النساء وإنما تناسيت قبل اليوم خلة مهددا

    وفيها يقول لناقته:

    فآليت لا أرثي لها من كلالة ولا من حفى حتى تزور محمدا

    متى ما تُناخي عند باب ابن هاشم تريحي وتلقيى من فواضله يدا

    نبي يرى ما لا ترون وذكره أغار لعمري في البلاد وأنجدا

    1.   

    الرحمة في حياة رسول الله وحياة أتباعه وأثرها

    وختام الأمر أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان شفيقاً رحيماً رفيقاً بكل من حوله، حتى إنه ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم (مرت به جنازة فقام لها، فقالوا: يا رسول الله! هذه جنازة يهودي، فقال: سبحان الله! أليست نفساً منفوسة) فأين ما يسطره دعاة حقوق الإنسانية مما تركه نبينا صلى الله عليه وسلم من قيم العدل.

    والمقصود من هذه الالتفاتة أن يكون بعضنا رحماء ببعض، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم جامعة لائتلاف القلوب، لا أن نتناحر ونتخاصم، ويكفر بعضنا بعضاً، أو يفسق بعضنا بعضاً، أو يرمي بعضنا بعضاً ببدع.

    إن هذه الأمة أمة مرحومة، وكلما كان قول الإنسان وكلامه يجمع بين الناس أكثر مما يفرق كان أقرب هدياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغضوا عن الزلل، وتغاضوا عن العورات، ولا يكن شغل أحدكم وهمه ووقته في الحديث عن أعراض المؤمنين من حكام أو علماء أو دعاة أو عباد أو زهاد، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، فإن أحد الصحابة قال لنبينا صلى الله عليه وسلم: إني أهم بأن أذبح الشاة فأرحمها، فيقول صلى الله عليه وسلم مقراً له: (والشاة إن رحمتها رحمك الله) فلنكن محبين لله، محبين لرسوله صلى الله عليه وسلم، رحماء كما وصف الله أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فإن ذلك أكمل الهدي، وأفضل الطريق وأقومه.

    اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الفرد الصمد الحي القيوم الذي لم يلد ولم يولد، وبأنك أنت الله لا إله إلا أنت الواسع العليم، نسألك اللهم بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، وبقدرتك التي قدرت بها على الخلق، وبرحمتك التي وسعت كل شيء أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن تبارك على محمد وعلى آل محمد، وأن ترزقنا الحياة على سنته، والوفاة على ملته، وأن تقبضنا -اللهم- على هديه واتباعه واقتفاء أثره.

    اللهم أوردنا في عرصات يوم القيامة حوضه، اللهم ارزقنا من شفاعته، واحشرنا تحت زمرته، اللهم ارزقنا جواره في جنات النعيم، إنك أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم.

    اللهم إن من إخواننا من أصابهم من المرض والبلاء ما أنت به عليم، اللهم جنبهم ما يخافون، وأمنهم مما يحذرون، اللهم ارفع عنهم الضر والبأس يا حي يا قيوم.

    اللهم اجعلنا مؤمنين بك، مصدقين لرسولك صلى الله عليه وسلم، محبين له، مقيمين لسنته، متبعين لهديه وطاعته وأثره يا رب العالمين.

    اللهم أحينا حياة من تحب بقاءه، وتوفنا وفاة من تحب لقاءه، اللهم أكرمنا وأهلينا وأزواجنا وذرياتنا بدخول جنتك، وسكنى ديار رحمتك يا حي يا قيوم.

    اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك، وحب كل عمل يقرب إلى حبك.

    اللهم إنا نعوذ بك من الضلالة بعد الهدى، ومن الزيغ بعد الرشاد، ونعوذ بك -ربنا- من الحور بعد الكور، ونعوذ بك اللهم من كل عمل لا يراد به وجهك، ولا يتقى به سخطك.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755897800