إسلام ويب

عقبات في طريق الشبابللشيخ : عبد الله الجلالي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن مرحلة الشباب مرحلة مباركة، ففيها القوة والنشاط والحيوية والعمل، إلا أنها في المقابل تكثر فيها العقبات والمزلات، فإذا لم يكن الشاب مستقيماً على طاعة الله، ومعتصماً بربه، فإنه يزل ويضل، فلذلك كان على الشباب المسلم أن يستعينوا بالله في تذليل العقبات، وأن يسعوا في إزالتها بالطرق المشروعة، والابتعاد عن الأبواب الممنوعة.

    1.   

    الصراع بين الحق والباطل سنة كونية

    الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، والشكر لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، بيَّن الحجة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته وعمل بسنته ونصح لأمته إلى يوم الدين.

    أحبتي في الله! الموضوع هو: (عقبات في طريق الشباب)، نسأل الله أن يوفقنا للقول السديد، وأن يصلح البواطن، ويجعلها خيراً من الظواهر، ويجعل الظواهر صالحة، كما يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:18].

    أيها الإخوة! منذ أن أهبط الله عز وجل أبانا آدم وزوجه حواء إلى الأرض والصراع بين الحق والباطل على أشده، قال عز وجل: اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ[طه:123]، هذا هو الصراع بين الحق والباطل، وبين الإيمان والكفر، بين جند الرحمن وجند الشيطان.

    ولقد كتب الله عز وجل في هذا الوجود أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والصراع الذي هو قديم قدم الحياة الدنيا بين الحق والباطل سيبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لكن هذا الصراع يتأثر بما حوله وما يحيط به من جنود لله عز وجل، فبمقدار ما يصمم المؤمنون على مصارعة الباطل ومجادلته ومجالدته ينخفض صوت الباطل، ويظهر صوت الحق، وبمقدار ما يضعف المؤمنون يتحرك دعاة الباطل في الظلام؛ لأنهم كالخفافيش لا يخرجون إلا حينما يُفقد الضوء، ولذلك كما أن لله جنوداً في السماوات والأرض فإن الحق ظهر، والحمد لله، وانقشعت سحابة الباطل يوم صمم المؤمنون على الجهاد في سبيل الله، والمسلمون في كل معركة من معاركهم يثبتون جدارة منقطعة النظير، والعدو الذي كان يخطط وينظم ويرتب لحرب الإسلام منذ غزوة الأحزاب وإلى يومنا هذا أظهر فشله وإفلاسه في حرب المواجهة، فاتجه العدو الحاقد للإطاحة بالأمة الإسلامية، كما قال تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ[الصف:8].

    1.   

    استخدام أعداء الإسلام الحرب الفكرية ضد المسلمين

    ولذلك أيها الإخوة! يظهر الحق فتختفي تلك الجنود التي تحارب الإسلام، وتقوم بحرب باردة فكرية تمثل صراعاً عنيفاً من الداخل لا من الخارج.

    ومن هنا استطاع العدو أن ينجح بعض النجاح في حرف كثير من أبناء المسلمين عن الجادة، ولقد أدرك العدو الحاقد أن الأمة إنما تقاس بشبابها، وإنما تتطور بأبنائها، وبمقدار ما تقدمه الأمة من خدمة لإخراج هذا الشباب وإظهاره بالمظهر اللائق يعجز دعاة الباطل عن النيل من الإسلام، فكانت هناك تخطيطات رهيبة من الداخل وأفكار وأدمغة وخبراء تشتغل في الظلام، تريد أن تطفئ نور الله، والله غالب على أمره.

    1.   

    تركيز أعداء الإسلام في حربهم الفكرية على جانبي: المرأة والشباب

    ولذلك نقول أيها الإخوة!: إن الحرب الفكرية التي بدأت منذ أن فشل العدو في حرب المواجهة كلها تتوجه في الغالب إلى أمرين أو إلى جانبين من جوانب هذه الأمة:

    الجانب الأول: المرأة.

    الجانب الثاني: الشباب.

    وليس صدفة اختيار هذين الأمرين؛ فالمرأة كما قال قائلهم: إنه لا أحد أقدر على جر المجتمع إلى الدمار من المرأة، فعليكم بالمرأة!

    وهذه حرب كان يتسلح بها أعداء الإسلام قبل الإسلام منذ أمد بعيد.

    أما الجانب الآخر فهو التركيز على شباب الأمة الإسلامية؛ لأن حرف أبناء المسلمين يعني: حرف الأجيال اللاحقة كما يعتقد هؤلاء.

    ومن هنا كان المخطط رهيباً وموجهاً للشباب، فلا تعجبوا أيها الإخوة! وأنتم ترون وسائل كثيرة كلها تخدم هذه المهمة، وتقوم بهذا الدور، ثم لا تعجبوا أيضاً من الجانب الآخر إذا رأيتم كثيراً من أبناء المسلمين قد انحرف عن الجادة!

    وأخطر وأخبث من ذلك أن يُتخذ هذا النوع من أبناء المسلمين شوكة في الجسم الإسلامي وغصناً -كما يقولون- من أغصان الشجرة الإسلامية به تقطع الشجرة الإسلامية كما يتوقع أولئك، وكما قالوا: إنكم لا تستطيعون أن تقطعوا الشجرة الإسلامية إلا بغصن من أغصانها، ويقصدون بذلك: تربون من أبناء المسلمين من يقوم بقطع هذه الشجرة، وهم غصن من أغصانها.

    كل هذه الآمال وأكثر من ذلك قد خابت والحمد لله، ولذلك في الفترة التي كانت المقاييس المادية والنفوس الضعيفة تتوقع أن ينتهي الإسلام من الوجود، وأن يخلو من هذه الأرض، زدات الصحوة، فكل هذه المقاييس -والحمد لله- قد أظهرت فشلها، وكذب زاعموها، وفي هذه الفترة العصيبة التي جندت فيها كل وسائل التقنية وجميع وسائل الأعلام لإنتاج الوسائل التي تهدف إلى الإطاحة بالأمة الإسلامية زادت الصحوة الإسلامية، كما قال عز وجل: وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ [التوبة:32]، وكما قال عز وجل: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ [النحل:26]، وهذا بالنسبة لنا نحن ليس صدفة؛ لأننا لا نؤمن بالصدفة، وليس أمراً جاء فلتة؛ لأننا لا نؤمن بالفلتة، ولكن هذا الأمر هو نتيجة جهد من جانب، ومن الجانب الأعظم هو توفيق من الله عز وجل؛ فإن الله تعالى قد وعد بأن يظهر هذا الدين على الدين كله، وأن يمكنه في الأرض، وأن يبدل هذا الخوف أمناً بشرط: يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا [النور:55]، هذا وعد الله عز وجل لا يتخلف.

    لذلك لا تعجبوا حينما ترون هذه الصحوة الإسلامية المباركة تحطم كل ما يقف في طريقها، وتبدأ بصغار الشباب بصفة خاصة، لا تعجبوا في هذه الفترة؛ فإن هذا هو أمر الله ووعد الله الذي لا يتخلف.

    أيها الإخوة! بالرغم من هذه الصحوة الإسلامية المباركة وبالرغم من هذه اليقظة التي أثلجت صدور المسلمين في أبنائهم، إلا أن من العجيب أنها في أبناء عامة الناس أحسن منها في أبناء علماء المسلمين وأبناء الصالحين؛ ليثبت الله عز وجل لهؤلاء الناس أن القوة لله جميعاً، وأن الله غالب على أمره.

    1.   

    العقبات التي تعترض سبيل الشباب وتعرقل مسيرة الصحوة

    أيها الإخوة! بالرغم من هذه الصحوة الإسلامية ففي الساحة الإسلامية وفي دنيانا اليوم عقبات ما زالت تعترض سبيل الشباب، وتعرقل هذه الصحوة، ولولا أن الله سبحانه وتعالى يداول الأيام بين الناس لما رأينا هذا الالتزام وهذه الاستقامة في مثل هذه الفترة التي فيها من العقبات ما فيها، ولكننا نشكر الله سبحانه وتعالى أولاً وآخراً؛ فله الفضل من قبل ومن بعد.

    وهناك عقبات كثيرة جداً سوف نتعرض لجزء منها في هذا الحديث، وأظن أنها قد أثرت على كثير من الشباب، حتى بعض الشباب الذين اتجهوا إلى ربهم، فلربما تجذبهم إليها جذباً في بعض الأحيان، فيكون هناك شيء من التقلب، وهذا التقلب حدثنا عنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله: ( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم؛ يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً؛ يبيع دينه بعرض من الدنيا).

    فهناك عقبات في طريق الشباب كثيرة أهمها:

    حب المركز والجاه

    حب المركز والعلو والسيطرة والجاه:

    وهذه تُعتبر من أكبر العوامل، وكم كان الناس يعلقون آمالاً عظاماً في شباب كانت لهم طموحات وفي رجال كانوا أصحاب فكرة، فإذا بهم يصلون إلى المركز، ثم يتغير شيء من مسارهم إن لم يتغير كله، وهذه من الفتن التي تفتن كثيراً من الناس عن دينهم.

    الشهوة المحرمة

    ثانياً: الشهوة الحرام التي أصبحت تُعرض على كثير من شبابنا بهذه الأفلام، فلها آثار وخيمة في نفوس هؤلاء الشباب؛ مما أدى إلى أن تسقط بعض أخلاق هؤلاء الشباب، ثم لا يجدون مبرراً لواقعهم إلا أن يتخلصوا من الفكرة النبيلة التي من الله بها عليهم.

    الخوف من الموت

    ثالثاً: خوف الموت:

    فقد ضعف اليقين في نفوس طائفة من شباب المسلمين، وظنوا أن الخوف يبعد الموت، وأن الإقدام يدني الموت، ونسوا أن الله عز وجل يقول: كِتَابًا مُؤَجَّلًا [آل عمران:145] وأن الله سبحانه وتعالى قد كتب أجل الإنسان كما كتب رزقه، وكما كتب عمله يوم كان في بطن أمه شقياً أو سعيداً، وأن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوا أحداً من الناس لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، ولو اجتمعوا على أن يضروه لن يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، رفعت القلم وجفت الصحف، كما جاء معنى ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

    فالأرزاق بيد الله عز وجل مقدرة من لدن حكيم خبير، والآجال كذلك مقدرة كما قدرت الشقاوة والسعادة، وعلى هذا فالأجل بيد الله عز وجل.

    قصة عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه مع قيصر

    وتذكرني هذه العناصر الثلاثة بقصة شاب مؤمن عرضت عليه كل مغريات الحياة، وأهمها هذه الثلاثة: حب الحياة، وكراهية الموت، والمركز والشهوة التي تجذب إلى نفسها بقوة، فرفضها، وخرج من هذه الفتن الثلاث معافىً قد رفع رأس نفسه، ورفع الأمة الإسلامية جمعاء.

    والقصة باختصار كما يرويها المؤرخون: أن رجلاً من قادة المسلمين في غزوة اليرموك في بلاد الشام يدعى عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه، أرسله عمر رضي الله عنه في جيش المسلمين، فوقع أسيراً في بلاد الروم، وكان شاباً يتقد ذكاءً وحماساً وتقىً واستقامة، فأعجب السجانون بهذا الشاب في عبادته وصلاحه واستقامته، فقيل لقيصر الروم الخبر عنه فقال: جيئوني به. يريد أن يعرض عليه الفتن الثلاث التي أوردتها لكم.

    فلما مَثُلَ رضي الله عنه بين يدي قيصر قال له: يا عبد الله ! لو تنصرت لشاطرتك ملكي، فنظر إليه نظرة ازدراء واحتقار وقال: والله! لو كانت لي الدنيا بأسرها ما تركت شيئاً من ديني!

    هذه عقبة استطاع أن يتخطاها رحمة الله عليه, فشعر قيصر الروم بالذلة أمام هذا الرجل المؤمن العملاق، وقال: ردوه إلى السجن، وزيدوا في تعذيبه، بدل أن يكون مساعداً لقيصر الروم أصبح سجيناً معذباً، لكن ذلك في سبيل دينه، فقال قيصر: دلوني على طريقة أستطيع أن أفتن بها هذا الرجل، فقالوا: الشهوة، إنه شاب بعيد عن أهله منذ أشهر طويلة، وتستطيع أن تجذبه عن طريق الشهوة، فجاءت فكرة أخرى، فقال: جيئوني بأجمل فتاة في بلادي، فجيء بها، فأغريت بالمال لتفتن عبد الله ، فجردت هذه الفتاة من كل ملابسها، وأُدخلت عليه، وهو منكب يتلو القرآن، فلما رآها قال: إنا لله وإنا إليه راجعون! إنها الفتنة، فأغمض عينيه، وصارت تتابعه وترمي نفسها في أحضانه، وهو مكبل بالأغلال، وكلما اتجهت إلى جهة انحرف إلى جهة أخرى، وبقيت مدة تطارده، وهو ينصرف عنها، فأيست منه، فقالت: أخرجوني، فلما أخرجوها قالت: والله! لا أدري أعلى بشر أدخلتموني أم على حجر، والله لا يدري أأنثى أنا أم ذكر!

    فيئست المحاولة الثانية التي تفتن اليوم كثيراً من أبناء المسلمين، وإذا أردتم الدليل على ذلك فاسألوا شركات الطيران: كم يسافر من أبناء المسلمين اليوم إلى أماكن فيها كثير من الفساد!

    فتحير قيصر الروم وقال: لابد أن تعطوني طريقاً أستطيع أن أفتن بها هذا الرجل، يريد أن يسترد ماء وجهه الذي ضاع أمام شاب من أبناء المسلمين، فقالوا: الموت، فكل الناس يفرون من الموت، فجيء بقدر عظيم، فأُشعلت تحته النار حتى تحول القدر إلى قطعة حمراء من النار، فقال: جيئوني بـعبد الله بن حذافة ورجل من أصحابه الذين كانوا يلازمونه، فجيء بـعبد الله بن حذافة رضي الله عنه وجيء بصديقه الذي لا يفارقه، فأمر قيصر أن يُؤخذ صديق عبد الله ويُرمى في القدر، فرُمي في القدر، فصار دخاناً، فسالت دمعة صغيرة من عين عبد الله رضي الله عنه، وكان قيصر يراقبه، فلما رأى الدمعة قد سالت من عين عبد الله ظن أن الرجل قد خاف من الموت، فالتفت إليه وقال: يا عبد الله ! أنت ستكون بعده، قال: اخسأ يا عدو الله! لقد رأيتني أبكي، والله ما بكيت خوفاً من الموت، والله ما جئت إلى بلدك هنا إلا لأطلب الشهادة في سبيل الله، ولكني بكيت لأن صاحبي هذا كان من أعز الناس عليّ، وكان يسابقني إلى الجنة، وكنت أظن أني سوف أسبقه إلى الدار الآخرة، فكنت إذا صليت ركعتين في الليل صلى أربعاً فصليت ثماني ركعات في جنح الليل، وإذا صام في الهاجرة يوماً صمت يومين، وكان أمنيتي أن أسبقه إلى الجنة، فالآن أبكي لأنه سبقني إلى الجنة.

    انظروا عظمة الرجال أيها الإخوة! إنهم شباب في عقول رجال كبار، فتحير الرجل أمام هذا البطل المؤمن، ماذا يفعل؟ فقال: يا عبد الله ! أريد منك شيئاً واحداً فقط، تقبل رأسي وأطلق سراحك، قال: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء:141] لن أقبل رأسك ولو قطعتني إرباً إرباً، قال: يا عبد الله ! تقبل رأسي وأطلق جميع أسرى المسلمين في بلاد الروم، فانظر كيف أصبح الرجل يتنازل عن مطالبه؛ لأنه يريد فقط أن يسترد مكانته التي فقدها أمام هذا الشاب المؤمن، قال: ما دام الأمر بهذا الشكل أعطني فرصة ثلاثة أيام أستخير ربي، قال: لك ثلاثة أيام، فردوه إلى السجن وشددوا عليه، وجيء به بعد ثلاثة أيام فقال: رأيت ألا أقبل رأس رجل كافر، وافعل ما تشاء، قال: يا عبد الله ! تضع شفتيك على رأسي وأطلق جميع أسرى المسلمين من بلاد الروم، فوضع شفتيه على رأسه، ويُقال: إنه رضي الله عنه بصق على رأسه، فأمر بإطلاق جميع أسرى المسلمين الذين كانوا في بلاد الروم.

    وفي الطريق كانوا يلومون عبد الله ويقولون: يا عبد الله ! كيف تضع شفتيك على رأس رجل كافر من أجلنا؟ فيقول: يا قومي! والله لقد بصقت على رأسه حينما وضعت شفتي على رأسه، فعلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في المدينة بما فعله عبد الله بن حذافة ، فقال لأهل المدينة جميعاً: إن على كل واحد منكم أن يخرج لاستقبال عبد الله بن حذافة ، وأن يقبل رأسه.

    فهذا نموذج من الشباب الذين يربيهم الإسلام، ويحتضنهم أولياء الله، وهؤلاء ما زالوا ولم يزالوا حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وهم قوة ضاربة في الأرض أمام الطغيان والكفر والجبروت، قال عز وجل: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ [الأحزاب:23].

    وإذا أردتم دليلاً على ذلك فتتبعوا ما يحدث في الساحة الإسلامية تجدون العجب العجاب، فهؤلاء قوم لا يخافون من الموت؛ لأنهم يرون أن الموت في مثل هذا الطريق شهادة، والشهادة ترفع الإنسان في أعلى درجات الجنة يوم القيامة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله؛ ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض).

    والجهاد في سبيل الله أنواع كثيرة، ولذلك عرفوا أن بينهم وبين الله عز وجل بيعة، وإذا أردتم نموذجاً واضحاً فتتبعوا أخبار أفغانستان في أيامنا الحاضرة فستجدون شباباً في مستهل العمر يؤكدون هذه البيعة بينهم وبين الله عز وجل، ولا يضنون بأنفسهم ولا بدمائهم ولا بأرواحهم.

    أيها الإخوة! لكن هذه عقبات في الحقيقة لا ننكرها، وهي تعترض سبيل كثير من الشباب.

    سوء التربية

    ومن هذه العقبات أيضاً: سوء التربية:

    وسوء التربية يعني أن المسئولين عن تربية هؤلاء الناشئة لا يقومون بالدور الذي أُنيط بأعناقهم، ولا يقومون بما أوجب الله عليهم تجاه إعداد النشء، وهذا تقصير مشترك بين الأب وبين المدرسة وبين البيئة وبين أناس كثيرين؛ ولذلك يجب على كل واحد من المسلمين أن يعد هذا الجيل إعداداً صالحاً مستقيماً وفق المنهج الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه، وعلى منهج سلفنا الصالح، فالأب يشعر بهذه المسئولية، والمدرس يشعر أيضاً بهذه المسئولية، والأم تشعر بهذه المسئولية، وولاة الأمر أيضاً يشعرون بهذه المسئولية، وكل واحد من الناس يشعر بهذه المسئولية، فيقوم جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتنظف البيئة الإسلامية؛ بحيث تصبح تربة طيبة صالحة لهذه البذور الإسلامية الصالحة الموجودة.

    ولذلك فإننا نقول: هناك تساهل في التربية أيها الإخوان! وهناك مسئولية عظيمة جداً، كما قال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال:27-28].

    وليس هناك اختلاف بين الآية الأولى والثانية، فالآية الأولى تتحدث عن التربية عموماً، والآية الثانية تتحدث عن مسئولية الآباء تجاه الأبناء، ويقول الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6]، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته)، فلو قام كل واحد منا بهذا الدور الذي وضعه الله عز وجل في أعناقنا وخاطبنا الرسول صلى الله عليه وسلم من منطلق الواجب لتضافرت الجهود في سبيل تربية هذه الناشئة، ولزالت هذه العقبة.

    ضعف دعاة الحق

    ومن هذه العقبات: ضعف دعاة الحق:

    فدعاة الحق قد يَضعفون في بعض الأحيان، وقد يُضعفون، وقد تكون هناك عراقيل تُوضع في طريقهم، وهذا ليس عجيباً؛ لأن الجنة حفت بالمكارة؛ ولأن النار حفت بالشهوات، فدعاة الحق مسئولون عن أي تخلف يحصل في أبناء المسلمين.

    أيها الإخوة! إنه لما نشط دعاة الحق كانت من ثمار نشاطهم هذه الصحوة الإسلامية المباركة، ولكن بمقدار ما يهبط دعاة الحق يقوم دعاة الباطل؛ لأن دعاة الباطل كالفئران، لا تتحرك إلا حينما يسكن الجو، فإذا سكنت الأصوات وهدأ الجو خرجت، ثم إذا سمعت الأصوات دخلت في جحورها؛ ولذلك لا تعجبوا يا إخوتي! فإن الساحة الإسلامية تغص بدعاة الباطل، وهم يستغلون كثيراً من الفرص وكثيراً من الوسائل، ولا يبالي كثير منهم، حتى وصلوا في هجومهم على الإسلام وعلى الدين إلى النيل من كرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير البرية، وحتى سمعنا في أشعارهم الساقطة الهابطة من يتناول الله عز وجل!

    فلماذا وُجد هذا؟ وُجد لأن دعاة الحق تأخروا، والفارغ لابد أن يمتلئ، والساحة لابد أن يُوجد فيها شيء، فإذا تأخر هؤلاء قام أولئك، وإذا نشط هؤلاء تأخر أولئك.

    إذاً: سنة الله تعالى في هذه الحياة أنه لابد أن تكون هناك حركة وعمل ودعوة ونشاط، وهذه إما أن تكون للحق أو للباطل، لكن من المؤكد أن الحق لو تحرك فإنه سوف يدمغ الباطل؛ لأن الله تعالى يقول: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ [الأنبياء:18].

    إذاً: ضعف دعاة الحق يُعتبر عاملاً من عوامل دعاة الباطل، ونشاطهم يُعتبر عاملاً من عوامل اندحار الباطل بإذن الله تعالى؛ والواقع أكبر دليل على ذلك.

    خطر دعاة الباطل وخاصة إذا كانوا من أبناء جلدتنا

    تأتي المصيبة وتكون أكبر حينما يكون دعاة الباطل من أبناء جلدتنا وممن يتكلمون بألسنتنا، وأظن بل أتأكد أن المخربين الذين نذروا حياتهم للنيل من هذا الدين قد ربوا أفراخاً لهم في بلاد المسلمين، ورعوهم رعاية كاملة مدة من الزمن، سواء كانوا في بلاد المسلمين أو خارج بلاد المسلمين، ثم قذفوا بهم إلى بلاد المسلمين، وحينئذ قاموا بهذه المهمة، وصاروا يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي الكافرين.

    وقد حدثنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حديثا عجيباً فاسمعوه، يقول حذيفة عن هذا النوع من البشر الذين يفسدون ويخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي الكافرين: (كان الناس يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله! إنا كنا في جاهلية وشر، ثم جاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قال حذيفة : فقلت: يا رسول الله! وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قال: وما دخنه يا رسول الله؟! قال: قوم يستنون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، يقول حذيفة : فقلت: يا رسول الله! -اسمعوا لهذه الفقرة الأخيرة- وهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قال حذيفة : فقلت: صفهم لنا يا رسول الله! قال: هم قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا).

    ومعنى (من جلدتنا) يعني: من أبنائنا وأبناء أعمامنا ومن أبناء أخوالنا ومن أبناء أجدادنا ومن نفس الجنسية، لم يأتوا من الشرق ولا من الغرب، وإنما ولدوا في بلاد الفطرة، وعاشوا في بيوت الفطرة، لكن هذه الفطرة أُفسدت حين تعرضت لعوامل الفساد المعروفة.

    وقوله: (ويتكلمون بلغتنا)، أي: اللغة العربية الفصحى، ولربما يتباكون في بعض الأحيان على الإسلام، ولربما يدبجون خطبهم أو أحاديثهم أو يستفتحون كتبهم أو مؤلفاتهم أو مقالاتهم بالتعاطف مع الإسلام؛ ليلفوا الباطل بلفائف من الحقيقة، لكنها مكشوفة.

    وأظن هؤلاء لا يحتاجون الآن إلى بحث كبير، فهم يعيشون في بلاد المسلمين وبكل طلاقة، وربما يكونون أصحاب أمور مهمة، أو ربما يحصلون على مراكز كبيرة في بلاد المسلمين، ومن منطلق هذه المراكز يعملون، وهذا يوجد في كثير من بلاد المسلمين، وأكثر البلاد التي أصيبت بالنكبة أصيبت على أيدي شبابها.

    قال حذيفة : (فماذا تأمرني يا رسول الله إن أدركني ذلك) انتبه رضي الله عنه، ونحن الآن أدركناهم وهي معجزة تحققت للرسول صلى الله عليه وسلم، قال: (الزم جماعة المسلمين وإمامهم، قال: فقلت: يا رسول الله! وإن لم يكن يومئذ للمسلمين جماعة، قال: فر بدينك، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)، لكن نحن لا ندعو المسلمين الآن إلى الفرار؛ لأن هذا يُعد من الفرار من الزحف؛ ولأن بقاء المسلمين والمجاهدين والعاملين والمصلحين في الساحة خصوصاً في هذه الظروف أصبح أمراً مطلوباً.

    فدعاة الباطل هم أكثر من يشوهون الإسلام، لا سيما إذا كانوا من أبناء الجلدة، وممن يتكلمون باللغة، ولذلك يقول الشاعر:

    وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على الحر من وقع الحسام المهند

    إذ كون واحد بعيد منك ليس بغريب أن يظلمك، لكن حينما يظلمك واحد من قرابتك يصبح ذلك شديداً على النفس أشد من وقع السيف المهند الحاد الشديد على اللحم؛ لأن القرابة يجب أن يحموا هذه القرابة، ويجب أن يحافظوا على اللحم والدم، أما إذا كان من أبناء المسلمين من يطعن في الإسلام فهنا تأتي المصيبة والبلية، بل أنا متأكد أن الطعن الذي حصل من أبناء المسلمين على الإسلام أكثر مما حصل من أعداء الله عز وجل، وتحضرني مناسبتان في هذا:

    الأولى: هناك رجل اسمه محمد ممن ينتسب إلى الإسلام، وأظنه في مهد الإسلام الأول، يقول في قصيدة لا أستطيع أن أنطق بها، ولكن آتي لكم بشيء من ملخصها: إن تأخر البشرية بدأ من محمد الهاشمي، ومن نزول سورة (تبت)!

    تصوروا هذا الإفك العظيم، هذا أكثر من الردة؛ لأن الردة معناها: الخروج عن الإسلام، لكن هذا طعن في الإسلام، والله تعالى سمى من يقول مثل هذا المقال إماماً في الكفر، كما في قوله سبحانه: وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ [التوبة:12]، يعني: هو وراء الردة بكثير؛ لأنه من أئمة الكفر.

    وفي نفس الفترة يقول رجل كافر يهودي يدعى برنارد شو عن الإسلام: إن محمداً لو بعث اليوم لحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجاناً من القهوة.

    فذلك مسلم ويدعى محمداً، وهذا عدو للإسلام يدعى برنارد شو ، ذلك يقول: إن نزول سورة (تبت) ومجيء محمد الهاشمي سبب تأخر العالم! وهذا يقول: لو بعث محمد اليوم لحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجاناً من القهوة.

    إذاً: لا حاجة إلى أن يشتغل أعداء الإسلام من الخارج للطعن في الإسلام وللنيل من الإسلام.

    ونتعدى هذا الموضوع؛ لأن هذا موضوع شائك، وننتقل إلى موضوع آخر من الأمور التي تعرقل مسيرة هذا الشباب إلى ربه، وتكون عقبة في طريقهم.

    عدم استقامة إعلام المسلمين

    من العقبات: عدم استقامة إعلام المسلمين:

    فالإعلام هو: الصحافة والكتاب والإذاعة والتلفاز والأشرطة والفيديو، والأشياء التي قدمتها لنا وسائل التقنية بكثرة وبسرعة وبتطور هائل، وهذه تستغل في بعض الأحيان في بلاد المسلمين استغلالاً سيئاً، بل في أكثر الأحيان، بل أظن أن هذه الوسائل لا يأتي بها الذين يصنعونها ويروجون لها في كثير من الأحيان إلا لتكون وسيلة دمار، مع أننا لا نجردها من أن تكون وسيلة للصلاح، فكثيراً ما تكون وسيلة للإصلاح.

    لكن أنا أحكي عن الواقع لا عن المقصود، فهذه إذا استغلت استغلالاً سيئاً رديئاً تكون لها آثار وخيمة وسيئة، حتى ولو نشط المصلحون في الدعوة؛ لأن من شروط الاستقامة والالتزام والطاعة طهارة البيئة؛ لأن النفوس البشرية بطبيعتها تميل إلى هذه الأشياء، كما قال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ [آل عمران:14]، وكل هذه الوسائل وكل هذه الأمور المحبوبة للنفوس يتقدمها النساء والشهوة.

    وعلى كلٍ هذه الوسائل عرف صانعوها وعرف مروجوها الذين يكرهون الإسلام أنها وسيلة جذابة، ولذلك تجدون أن في أكثر المجلات ابتداءً من صورة الغلاف تُوضع صورة أجمل فتاة من أجل أن تكون جاذبة، ثم بعد ذلك يُوضع بين الدفتين ما الله به عليم، هذا بالنسبة للمجلات وللصحف.

    وبالنسبة للوسائل المرئية والمسموعة فإنها أيضاً تحمل سموماً كثيرة، وهذه تلوث البيئة، حتى المصلحون لا ينجحون نجاحاً كاملاً وهذه موجودة في المجتمع؛ لأن من شروط نجاح الإصلاح أن تكون هناك بيئة نظيفة طاهرة، يلتقي الشاب بشيخه أو بزميله أو بالذي يوجهه، ثم ينطلق منه فيجد أمامه بيئة صالحة وبيتاً صالحاً نظيفاً طيباً طاهراً، أما أن يتأثر ثم يجد هذه الأشياء المغرية تفاجئه في الشارع وتفاجئه في البيت وتتابعه في كل ليلة وفي كل ساعة فهذه غالباً تؤثر، ولذلك استطاع العدو أن يستغل وسائل الإعلام في بلاد المسلمين، فجعل منها وسيلة من وسائل انحراف أبناء المسلمين.

    وهذه الأفلام تأتي وتتعدى وسائل الرقابة، وتنتشر وتُباع بأثمان باهظة، ولا تتعجبوا من ذلك! لأن من ورائها أقواماً يحقدون على الإسلام، ويريدون أن يروجوها كما يروجون المخدرات التي أصبحت الآن تتسرب إلى بلاد المسلمين بطريقة يعجز عنها أي إنسان يحاول أن يقف في وجهها، وهذه الأفلام تتسرب أيضاً، وهي أخطر من المخدرات، ونحن نرجو من المسئولين الذين يحاربون المخدرات أن يحاربوا هذه التي تخدر الغيرة أيضاً، وتخدر الشاب، وتذيبه في مجتمع غير مجتمعنا؛ حتى أصبحت تعرض الجنس، وتعرض اللواط أمام الشباب، وتعرض أموراً خطيرة جداً!

    فهذه الأفلام أصبح يروجها أعداء الإسلام، وليس عجيباً أن يروجوها؛ لأن هذه مهمتهم، فهم يقومون بدورهم، والله تعالى يقول: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء:27] وهم يُعتبرون مخلصين في القيام بمهمتهم ودورهم، لكن نحن ما موقفنا من هذه الأشياء: هل قمنا بالدور الذي أناطه الله عز وجل في أعناقنا؟ قال عز وجل: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ [البقرة:251]، وقال: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا [الحج:40]، فلابد من أن يكون هناك دفع يدفع الله عز وجل هؤلاء الناس بعضهم ببعض، وإلا فإن أعداء الإسلام لا يرحمون الأمة الإسلامية، ولا يفكرون إلا في انحرافها، ويخططون الليل والنهار ويشتغلون في ظلام الليل من أجل أن ينحرف أبناء الإسلام، وهم لا يرجون جزاءً ولا شكوراً، إنما مصيرهم إلى النار.

    والله إننا نتعجب حينما نرى نشاط أعداء الإسلام في باطلهم وضعف المسلمين في مهمتهم!

    كنت ذات يوم في دولة من دول أفريقيا التي غزاها النصارى من كل فج عميق، ووصلنا إلى غابة من الغابات بعيدة، لم نصل إليها إلا بشق الأنفس، وبتعب شديد، بسبب وجود حر شديد، وبعوض، ومياه متكدرة، ومع ذلك لما وصلنا وجدنا من شباب أوروبا وشابات أوروبا فتياناً وفتيات أظنهم في سن العشرين كل واحد منهم قد احتضن طفلاً من أطفال المسلمين الضائعين الذين يهاجرون من دولة إلى دولة، فقلت: سبحان الله! كيف جاء هؤلاء؟ وماذا يريدون؟ هؤلاء هم بعيدون عن الجنة، ويعرفون بأنهم يدعون إلى دين فاسد؛ فهم يريدون أن ينَّصروا أبناء المسلمين وهم يعلمون أن النصرانية قد انتهت مهمتها في هذه الحياة، وأنها لن تعود مرة أخرى، بل أكثرهم ملاحدة.

    ولكن أعجب من ذلك أني قلت: أين أبناء المسلمين؟ ولماذا لا يأتي من أبناء المسلمين الذين يزيدون عن المليار؟ وأين ثروات المسلمين وهم يملكون أكبر ثروة في العالم؟ ولماذا لا تصل إلى هذا المكان؟ ولماذا لا يصل أبناء المسلمين هذا المكان؟ حتى رأينا من أبناء المسلمين من يولد على الفطرة وينتهي يهودياً أو نصرانياً أو ملحداً على أيدي هؤلاء! وليس عجيباً! فهناك أب فقير ابتلاه الله عز وجل بكثير من الأولاد، وليس في يده شيء، ونام المسلمون على المتاع، وجاءه هؤلاء النصارى واليهود والبوذيون وربوا أبناءه، وساعدوه في تربية أولاده، فليس غريباً أن ينحرف هذا أو ينحرف أولاده، ولكن الغريب أن يتأخر المسلمون عن مهمتهم.

    إذاً: أيها الإخوة! لم يقم المسلمون حقيقة بالدور الذي أناطه الله عز وجل بهم.

    سوء اختيار الصحبة

    ومن هذه العوامل التي تؤثر الآن على كثير من الشباب: سوء اختيار الصحبة:

    فنرى كثيراً من الآباء منذ طفولة ولده وفي أول أيامه لا يبالي من يصاحب هذا الولد، ثم يكبر هذا الولد فلا يستطيع ذلك الأب أن يعزل هذا الولد عن هؤلاء الأصحاب الذين ألفهم منذ طفولته، ثم تكون هناك مشاكل وفتن كثيرة وخطيرة، فالله عز وجل حذرنا من موالاة هؤلاء، كما قال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ [الممتحنة:1]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [الممتحنة:13]، ويقول الله عز وجل: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [المائدة:55]، ويحذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من مجالسة هؤلاء فيقول: (لا تجالس إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي).

    والقرآن يحذر من صحبة هؤلاء تحذيراً شديداً، كما قال سبحانه: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا [الفرقان:27-29].

    فكل هذه النصائح غفل عنها كثير من الناس، واهتموا بالدنيا، وغفلوا عن الأولاد، فنشأت ناشئة وصلت إلى مستوىً من الفسق والانحراف لا يعمله إلا الله عز وجل، وكل ذلك بسبب هذه الصحبة، وتأكدوا أنه بمقدار ما يوجد من الشباب الذين اهتدوا وهم يسيرون الآن لهداية إخوانهم الشباب أنه يوجد أكثر منهم من يعمل عملاً مضاداً؛ ويسعى لحرف أبناء المسلمين، لا سيما في عصر هذه الفتن.

    إذاً: أيها الإخوة! لابد أن نحسن الاختيار، وإلا فإن ذلك يعتبر عاملاً من عوامل انحراف الشباب؛ ولذلك فإن هذا الولد أمانة في عنق هذا الأب، عليه أن يراقبه أكثر بكثير من أن يراقب ماله أو يراقب شيئاً يستفيد منه في هذه العاجلة؛ لأن هذه أمانة كبيرة ومسئولية عظيمة.

    أيها الإخوة! لابد أن تتضافر كل الجهود من أجل تعريف هؤلاء الشباب بربهم، وربطهم بعقيدتهم ربطاً كاملاً؛ حتى لا يتعرضوا لهذه الفتن وغيرها من الفتن الكثيرة.

    أقول قولي هذا؛ وأستغفر الله لي ولكم، وأسأل الله تعالى أن يثبت الأقدام، وأن يحمي حوزة الدين من أعدائنا في الداخل والخارج، وأن يتوفانا على ملة الإسلام، وأن يلحقنا بالصالحين.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    1.   

    الأسئلة

    انحرافات وتصرفات أبناء الإسلام لا تمثل الإسلام

    السؤال: كثر الادعاء بالإسلام والتستر به، وأخذ بعضه وترك بعضه، فما هو موقف الشباب من هذه الاتجاهات والانحرافات؟

    الجواب: هذه قد تكون موجودة، بل هي موجودة لا شك، لكن هذه لا تضير الدين، والشاب الذي يريد أن يفهم الإسلام من خلال المسلمين يخطئ، والمطلوب هو أخذ الإسلام من مصادره الصحيحة؛ لأن المسلمين حينما ينحرف منهم من ينحرف عن المنهج الصحيح لا يضير ذلك الإسلام، وإنما يضير هؤلاء الذين أصيبوا بهذه الفتنة.

    وأقول: أيها الإخوة! إن الإسلام محفوظ في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن أراد أن يأخذه طرياً فليأخذه من الكتاب والسنة ومن العلماء المخلصين، ولا يأخذه من الواقع؛ لأن أخذه من الواقع يؤدي إلى أن يوجد ازدواجية في نفوس كثير من الشباب، ولا يلامون حينما يكون ذلك؛ فإنه حينما ينظر كثير من المسلمين إلى هذه الازدواجية التي توجد في حياة الناس لربما توجد خللاً في نفسه واضطراباً في يقينه بالله عز وجل؛ كيف فلان من الناس الذي يُعتبر مثالاً للإسلام يفعل كذا؟! وكيف فلان يفعل كذا؟! فهذه الأمور لا يجوز لأحد أن ينظر إليها، وإنما عليه أن يعتبر هؤلاء البشر يخطئون ويصيبون، وأن دين الله عز وجل محفوظ، وأن له مصادر أصيلة يجده فيها، ولا يكون الإسلام بالتقليد.

    الأمور التي ترجع إليها المعوقات

    السؤال: عددتم معوقات الشباب، ألا يظن فضيلتكم أن جميع هذه المعوقات ترجع في مجملها إلى ضعف العقيدة الصحيحة التي تؤدي إلى ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

    الجواب: بالنسبة لهذه الأمور كل واحد منفصل عن الآخر، لكن ربما ترجع إلى شيء واحد وهو ضعف الإيمان في النفوس، وإن كان الإيمان -والحمد لله- موجوداً، لكن هذا الضعف الذي بُلي به المسلمون كانت له آثاره على ذلك الجزء الذي أصيب بعدم المناعة، فأصبح الجسم يتأثر بأي نوع من الأمراض البسيطة، ويتضخم، حتى تصبح الأمراض كبيرة لضعف المناعة في هذا الجسم، ولكن الجسم لو كانت عنده قوة في المناعة لاستطاع أن يتخطى كل هذه العقبات، وكذلك المجتمع الإسلامي في أيامنا الحاضرة، وفيه مغريات، وفيه أمور توجهه إلى الله عز وجل، وهناك نفس لوامة، وهناك نفس أمارة، وهناك أيضاً نفس مطمئنة، لكن وجود هذه الأشياء -بالرغم من وجود إيمان ويقين- لا شك أنه يعرقل مسيرة الشباب إلى ربه، وهناك فرق بين بيئة نظيفة طاهرة لا توجد فيها هذه المغريات وبين بيئة متلوثة، إذ لا شك أن الثانية سوف تؤثر على أهلها ولو كان عندهم ما عندهم من الإيمان؛ لأن الإنسان بشر، والبشرية تتعرض بطبيعتها إلى أشياء كثيرة.

    ولذلك هناك أناس عندهم رغبة في الخير وحب للخير واتجاه للخير، لكن يفاجئون بهذه الأشياء التي تنتشر في مجتمعهم، فتجدها تضعف من اليقين الموجود في قلوبهم، لكن لو كانت البيئة طاهرة ونظيفة من كل هذه المغريات لكان ذلك أقوى في إيمان هؤلاء الشباب، وأمثل في اتجاههم إلى ربهم، وإن كان المؤمن الحق ينظر إلى هذه الأشياء نظرة تافهة، ولا يقيم لها وزناً؛ لأنه مؤمن يقول:

    أنا مؤمن أبغي الحياة وسيلة للغاية العظمى وللميعاد

    فينظر إلى هذه المغريات نظرة احتقار، وهذا يوجد، لكن الكثير يتأثر بهذه المغريات.

    كيفية علاج الشهوات

    السؤال: إذا وقع الشاب المسلم في الشهوات، وحاول أن يتخلص منها ولكنه لم يفلح، فما هو علاج مثل هذه الحال يا فضيلة الشيخ؟!

    الجواب: ليست هناك شهوة محرمة وإلا ويقابلها شهوة مباحة، فالزنا -وهو من أعظم الشهوات- يقابله الزواج، قال عز وجل: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3]، والسرقة يقابلها الكسب الحلال، والربا يقابله البيع الشريف والشراء، وهكذا كل هذه الشهوات المحرمة والمغريات الموجودة في الحياة لها مقابل مما أباح الله عز وجل؛ لأن الله سبحانه وتعالى ما سد طريقاً أمام الناس إلا وفتح لهم أوسع منها، والإسلام لا يؤمن بنظرية:

    ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء

    بل يسد طريقاً ويفتح مائة طريق بدلها، وإذا كان هناك أحد الناس وقع في هذه الشهوات المحرمة ويريد أن يتخلص منها فنقول: طريق الخلاص واضح وبين، فعليك أخي! أن تبحث عن الحلال بدلاً من الحرام، فإذا كنت قد اُبتليت بمحرم فانظر إلى أقرب طريق يخرجك من هذا المحرم، وتصور يا أخي! عظمة الله عز وجل، ومن تعصي أنت؟! ثم تصور ساعة الوقوف بين يدي الله عز وجل، ثم تصور ساعة الموت قبل ذلك، وأن الموت يأتي فجأة لا سيما في أيامنا الحاضرة التي تُختطف فيها أرواح الشباب أكثر من أرواح الشيوخ، والأصحاء أكثر من المرضى، فتصور هذه الأشياء وبادر بالتوبة، ولا تسوف.

    فيا أخي! بادر بالتوبة، وابحث عن البديل، ولا تسوف في التوبة، واعلم يا أخي! أن الله عز وجل يقول: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، فبادر بالتوبة قبل أن يقفل الباب.

    معالجة النظر إلى النساء

    السؤال: أنا شاب ملتزم والحمد لله، وأحافظ على الصلوات جميعها في المسجد، لكن مشكلتي هي أنني أطالع في النساء، ولا أغض بصري، رغم أني متزوج بزوجة صالحة إن شاء الله، وعندما أحاول غض بصري تراودني أفكار بأنني لا أقدر أن أغض بصري إلا بزوجة ثانية، وأكون متردداً وفي حيرة، وخوفي هو أن أتزوج وتستمر هذه العادة، أفيدوني أفادكم الله؟

    الجواب: يقول الله عز وجل: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى [النور:30]، وفي الحديث القدسي: (النظر سهم مسموم من سهام إبليس، من تركه مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه).

    ولا شك أن النظر خطير جداً، ويكفي أن الله سبحانه وتعالى ذكره في سورة تتحدث عن الزنا، وابتدأت بذكر الزنا: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي [النور:2]، ثم تحدث الله بعد ذلك عن عوامل الزنا، فذكر من هذه العوامل القذف؛ لأن القذف يشيع الفاحشة، وذكر من هذه العوامل دخول البيوت فقال: لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [النور:27]، ويدخل في ذلك الاختلاط ثم ذكر سبحانه من عوامل الزنا النظر فقال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30]، ثم ذكر بعد ذلك الزواج مباشرة فقال: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32]، ونأخذ من خلال هذه الآيات المتتالية أن النظر يسبب الزنا، ولذلك يقول الشاعر:

    جل الحوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر

    والنكاح أو الزواج هو أكبر وسيلة للعفة؛ لأن الله تعالى لما ذكر النظر قال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30]، وقال: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31]، وذكر التبرج ثم قال: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ... [النور:32].

    إذاً: الزواج يُعتبر وسيلة من وسائل غض البصر وحفظ الفرج، ولذلك أقول أيها الإخوة: إن الله عز وجل حكيم، ولا شك في أنه أحكم الحاكمين؛ ولذلك ما سد طريق الفاحشة وإلا وفتح أربعة طرق، وليس طريقاً واحداً، فأباح أربع زوجات لكل واحد من المسلمين.

    ولا شك أن في أيامنا الحاضرة تقوم ضجة كبيرة ضد تعدد الزوجات، وتنفير الناس من تعدد الزوجات، ويعتبرون هذا ظلماً للمرأة، وهو في الحقيقة تكريم للمرأة، وليس ظلماً للمراة؛ لأن الزوجة الثانية لن يأخذها المتزوج من رجل متزوج بها، وإنما يأخذ امرأة ليس معها زوج، فيعف امرأة ثانية وثالثة ورابعة.

    والمرأة حين تبقى مع زوج معه أكثر من زوجة خير لها من أن تبقى مطلقة أو تبقى أرملة أو تبقى عانساً.

    وعلى كل أقول لهذا الأخ: الزواج هو طريق العفة، وقد سماه الله تعالى إحصاناً وسمى المتزوجة محصنة، يقول العلماء: لأنه كالحصن يتحصن به الإنسان من القتل أو كالحصان الذي يمنع صاحبه من أن يقع في الفاحشة؛ ولذلك نعتبر الزواج بواحدة إذا كانت تعف الإنسان أو باثنتين أو ثلاث أو أربع أمراً مطلوباً، وقد وضع الله عز وجل هذا العدد من أجل أن يستغني الإنسان بالحلال عن الحرام.

    وعلى كل نقول: يا أخي! تزوج ثانية وتزوج ثالثة ورابعة حتى تعف نفسك، ولكن في نفس الوقت عليك أن تتصور أن هذا الأمر خطير جداً؛ لأنه يتبعه أشياء بعده أخطر منه، فهو يُعتبر بداية، وليس نهاية، فالنظر كما عرفنا سهم مسموم، فأقول لهذا الأخ: تزوج، واخش الله عز وجل بغض البصر، وأسأل الله أن يحفظني وإياك والمسلمين.

    والحمد لله رب العالمين.

    وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756017198