إسلام ويب

شرح أخصر المختصرات [82]للشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أباح الله للإنسان أن ينتفع بما سخر له، ومن ذلك الصيد، فهو مباح للمسلم لكن بشروط وضوابط يجب عليه مراعاتها ومعرفتها قبل الاصطياد.

    1.   

    أحكام الصيد

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [الصيد مباح، وشروطه أربعة:

    كون صائد من أهل ذكاة، والآلة، وهي آلة ذكاة، أو جارح معلم وهو أن يسترسل إذا ‏أرسل، وينـزجر إذا زجر، وإذا أمسك لم يأكل، وإرسالها قاصداً، فلو استرسل جارح بنفسه فقتل صيداً ‏لم يحل، والتسمية عند رمي أو إرسال ولا تسقط بحال، وسن تكبير معها. ‏

    ومن أعتق صيداً، أو أرسل بعيراً أو غيره لم يزل ملكه عنه.

    تعريف الصيد

    بعد أن ذكر المؤلف الأطعمة وما يباح من الحيوانات كبهيمة الأنعام ذكر الصيد.

    والصيد: مصدر صاد يصيد صيداً، ويسمى المصيد صيداً، وهو اقتناص حيوان مباح متوحش طبعاً غير مقدور عليه .

    والاقتناص هو الذهاب في طلبه، وهذا الحيوان المباح متوحش بطبعه، كالظباء، والوعول، وحمر الوحش، والأوبار، والأرانب، وكذلك من الطير كالحبارى، والحجل، والحمام وما أشبه ذلك من الحلال، فاقتناصه طلبه إلى أن يصيده، فتارة يصيده بالرمي، وتارة يصيده بالكلاب، أو الصقر، وتارة يصيده بالشبكة التي ينصبونها له، ونحوها كالقفص، فإذا صاده وأدركه حياً فإنه يذبحه كما يذبح بهيمة الأنعام، فإذا أمسك الأرنب أو الضب أو اليربوع وهو حي فلابد أن يذبحه إذا قدر عليه حياً، كما يذبح السخلة والعجل والفصيل، فيذبحه بسكين حاد أو يذبحه بما يحل الذبح به، ويذكر اسم الله عليه.

    وإذا مات بالرمي وقد ذكر اسم الله عليه فإنه يباح أكله، وكذلك إذا قتله الكلب أو ذبحه الطير كالصقر ونحوه، فإذا أدركه وقد مات فإنه يباح إذا كان قد ذكر اسم الله عند إرسال الجارح، قال الله تعالى : يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4].

    انقسام الحيوانات إلى مستأنس ووحشي

    جعل الله هذه الحيوانات قسمين: قسماً مستأنساً لا يهرب من الناس، كالإبل والبقر والغنم والحمر الأهلية والخيل، وقسماً متوحشاً يهرب من الإنسان، وهذا القسم المتوحش الذي يهرب من الإنسان منه ما هو حلال كالظبي والوعل وحمار الوحش وبقر الوحش وغنمها، والأرنب والوبر والضب وما أشبهها.

    ومنه ما هو محرم كالذئب والأسد والنمر والثعلب، وقد يكون مستأنساً محرماً كالقط وما أشبهه، فهذه محرمة، وتقدم أن الذي يأكل الجيف فإنه حرام، ويدخل في ذلك الثعالب والقطط، وابن آوى الذي يفترس الدجاج، وابن عرس وهو يفترس ويأكل الجيف.

    1.   

    شروط إباحة الصيد

    ما أباحه الله كالظباء ونحوها، إنما يباح إذا تمت شروط أربعة:

    أهلية الصائد

    الشرط الأول: كون الصائد من أهل الذكاة، فإذا كان الذي صادها مسلماً أو من أهل الكتاب المتمسكين، فإنه يكون من أهل الذكاة، ولا يصح صيد المشركين ومنهم الرافضة، ولا صيد القبوريين الذين يعبدون أهل القبور ومنهم المتصوفة، ولا صيد البوذيين وذبائحهم، ولا صيد السيخ، ولا الهندوس، ولا القاديانيين، ولا الدهريين الشيوعيين، لا يباح صيدهم ولو سموا وذبحوه؛ لأنهم ليسوا من أهل الذكاة.

    الآلة الجارحة وذكر علامة الحيوان المعلم

    الشرط الثاني: الآلة، وهي مثل آلة الذكاة، فلابد أن يذبحه بما يخرج معه الدم إذا قدر على الصيد وهو حي، فيذبحه بالسكين أو بحجر حاد، أو يذبحه بقصب أو عود حاد، والمراد أن يذبحه بآلةٍ حادةٍ تجرح وتقطع الجلد، ولا يذبحه بالظفر، ولا بالعظم ولا بالسن ولو كان عصفوراً كما تقدم في الذكاة.

    وإذا رميت طيراً كحمامة أو سماني أو الغرانيق البيض أو الحبارى أو الحجل أو ما أشبهها، فإنها لا تباح إذا أدركتها حية إلا بعد ذبحها بالسكين أو نحوها من الحلق، يعني : من أصل العنق أو من أصل الرأس، فإذا ذبحتها وخرج دمها وماتت بسبب الذبح حل أكلها مع الشروط الآتية.

    والجارح إما أن يكون من الطيور وإما من الكلاب، فمن الطيور الصقر والبازي والشاهين والباشق، فهذه الجوارح من الطيور تقنص الصيد، وتقبل التعليم، فإذا أرسلت إلى الصيد كالحبارى أو الحمام أو الأرنب، فإنها تنزل عليه وتضربه بمخالبها، وتمزق الجلد وتمزق الريش وتقطعه، فيسقط ذلك الطائر كالحبارى ونحوه، وإذا سقط فقد يموت في حينه قبل أن يأتي إليه الصياد فيكون حلالاً إذا تمت الشروط، وقد يدركه حياً فلابد من ذبحه بالسكين ونحوها، وفي هذه الحال يباح ما صاده بهذا الجارح.

    ومن الجوارح الكلب المعلم، وكذا الفهد المعلم، فإنه يصيد الظباء لصاحبه، فإن أدركه حياً فليذبحه، وإن أدركه ميتاً وقد جرحه الكلب فإنه حلال إذا كان قد ذكر اسم الله عند إرسال ذلك الجارح .

    ما علامة كون الجارح معلماً ؟ أن يسترسل إذا أرسل، وينزجر إذا زجر، وإذا أمسك لم يأكل، هذه علامات المعلم؛ لأن الله تعالى قال : فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة:4] فإذا أكل فإنما أمسك لنفسه .

    وقد يسمون الصقر أو الكلب باسم، فيناديه باسمه، ويرسله بكلمات يفهمها الكلب أو الفهد، فإذا أرسل استرسل، أي: ذهب مسرعاً يسعى خلف ذلك الصيد إلى أن يدركه، هذا معنى: إذا أرسل استرسل .

    وإذا زجر انزجر، والزجر الكف، فإذا زجره كف وتوقف، وقد يكون الزجر التحريض، فلو قدر أن الكلب رأى أرنباً وسار وراءها وصاحبه لم يشعر، ولما رآه زجره وزاد في سيره، وذكر اسم الله عليه، فإذا أمسك ولم يأكل فإنه يحل ما صاده حتى ولو لم يذبحه .

    وقد اختلف العلماء فيما إذا قتل الصيد بثقله ولم يجرح، فإن الكلب قد يمسك الأرنب ثم يتحامل عليها ويضمها وتموت، أو يعض أضلاعها فتموت دون أن يخرج شيء من دمها ودون أن يجرحها، فيأتي صاحبه وقد ماتت، فهل تباح أم لا تباح ؟ كثير من العلماء يقولون : هو حلال مما أمسك؛ لقوله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة:4] ولأن صاحبه قد أرسله وسمى عند إرساله، فيباح أكله ولو قتله، وذهب آخرون أنه لا يباح إلا إذا أدرك حياً أو جرحه ذلك الجارح؛ ولذلك سمي جارحاً في قوله تعالى : وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ [المائدة:4]، وهذا لم يجرحه، ولم يخرج دمه، فيكون ميتة أو شبيهاً بها.

    وقد تكلم على هذه المسألة الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند هذه الآية في أول سورة المائدة : فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة:4] فكأنه يميل إلى عدم الحل؛ وذلك لأنه مات حتف أنفه دون تذكية ودون جرح أو نحو ذلك، هذا الذي يظهر من كلامه، وذهب آخرون وهو المشهور إلى أنه يحل لظاهر الآية : فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة:4] .

    القصد في إرسال الجارح

    الشرط الثالث: إرسالها قاصداً، فإذا استرسل الجارح بنفسه فقتل لم يحل؛ لأنه أمسك على نفسه، ولأنه استرسل بنفسه فلا يحل ما صاده.

    فإذا استرسل بنفسه وأمسك، فإن أدركته حياً فذكيته فحلال، وإن لم تدركه إلا بعد أن قتله فلا يحل، فلو أرسلت الكلب وأمسك عليك ولكنه أكل من الصيد، فلا يحل؛ لأنه يخاف أنه أمسكه على نفسه، هكذا جاء في الحديث: (فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه).

    ويستثنى من ذلك الجارح من الطير كالشاهين والصقر والباشق، فهذا يصعب تعليمه، فالكلب يمكن أن يعلم بالضرب، وأما الصقر فكيف يضرب؟ وكيف يعلم بالضرب؟ فالعادة أنه يأكل، وأكله قليل بالنسبة لأكل الكلب، فإذا أكل فإن الصيد لا يحرم، بل يجوز أكل ما بقي ولو أكل نصف الأرنب أو نصف الحبارى، وما ذاك إلا لأنه يصعب تعليمه.

    التسمية

    الشرط الرابع: التسمية عند الرمي أو عند الإرسال، ولا تسقط بحال، وقد تقدم في الذكاة أنها تسقط بالنسيان لا بالجهل، وأما في الصيد فلا تسقط، قال الله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4]، هكذا اشترط (اذكروا اسم الله عليه)، فلابد من التسمية عند إرسال الصقر أو عند إرسال الكلب، وكذلك عند الرمي، فإذا سدد السهم ليرمي أرنباً أو ليرمي حمامةً فليقل : باسم الله، ولا تسقط بحال، ويسن التكبير فيقول : باسم الله، والله أكبر .

    هذه هي شروط حل الصيد، الشرط الأول : أن يكون الصائد من أهل الذكاة، وهو مسلم أو كتابي متمسك، الشرط الثاني: الآلة التي يصاد بها، كالسهام والحيوان الجارح، الشرط الثالث: إرسال الجارح قصداً، الشرط الرابع : التسمية عند الرمي وعند الإرسال .

    1.   

    حكم إعتاق الصيد والحيوان المستأنس

    من أعتق صيداً هل يخرج من ملكه ؟ لو أن إنساناً صاد ظبياً وبقي عنده، ثم إنه أعتقه وأرسله، فلا يخرج من ملكه؛ لأنه ملكه بإمساكه، فيبقى في ملكه، ولكن إذا أرسله وذهب مع الظباء، وصار متوحشاً يهرب من الناس كما تهرب الظباء، ففي هذه الحال من صاده ملكه ولو كان قد ملكه فلان ولو عرفه، فمثلاً: لو صاد غزالاً ثم وسمها، وقطع طرف إذنها ثم أرسلها، وبقيت مع الغزلان، ترتع معها وترجع معها -أي: مع الصيد المتوحش- ثم وجدها إنسان ورماها أو صادها بحبال ملكها؛ وذلك لأن صاحبها لما أعتقها لا يريدها ولا يرغب في اقتنائها فتذهب عليه.

    وأما البعير أو الكبش ونحوه إذا تركه صاحبه وأرسله وأهمله فهل يخرج من ملكه ؟ لا يخرج من ملكه؛ لأنه ملكه أصلاً بالشراء أو ملكه بالاستيلاد؛ فإذا ملكه قال : لا حاجة لي فيه، وتركه يرتع مع الإبل ويذهب معها ويشرب معها، أو قال لا حاجة لي في هذا الحصان أو في هذا الثور أو هذه البقرة أو هذا الكبش، وتركه يذهب ويجيء ويشرب الماء ويأكل من الشجر، فلا يزول ملكه عنه، بل يبقى تحت ملكه، ولو كانت ناقة ونتجت فنتاجها لصاحبها الذي تركها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    757301452