إسلام ويب

شرح أخصر المختصرات [55]للشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مما اختلف فيه العلماء في الفرائض: توريث ذوي الأرحام، وقد استدل بعض العلماء على توريثهم بأدلة، وجعلوا ميراثهم بطريقة تنزيلهم منزلة من أدلوا به، وقد فصل العلماء فيهم وفي ميراثهم. ومن مسائل المواريث: الميراث بالتقدير، وهو ميراث الحمل ونحوه، فيوقف له الأحظ، ويعطى الورثة اليقين.

    1.   

    ميراث ذوي الأرحام

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: في ذوي الأرحام.

    وهم أحد عشر صنفاً: ولد البنات لصلب أو لابن، وولد الأخوات، وبنات الإخوة، وبنات الأعمام، وولد ولد الأم، والعم لأم، والأخوال، والخالات، وأبو الأم، وكل جدة أدلت بأب بين أمين، أو أب أعلى من الجد، ومن أدلى بهم.

    وإنما يرثون إذا لم يكن صاحب فرض ولا عصبة، بتنزيلهم منزلة من أدلوا به، وذكرهم كأنثاهم.

    ولزوج أو زوجة معهم فرضه بلا حجب ولا عول، والباقي لهم.

    فصل: والحمل يرث ويورث إن استهل صارخاً، أو وجد دليل حياته سوى حركة أو تنفس يسيرين أو اختلاج، وإن طلب الورثة القسمة وقف له الأكثر من إرث ذكرين أو أنثيين، ويدفع لمن لا يحجبه إرثه كاملاً، ولمن ينقصه اليقين، فإذا ولد أخذ نصيبه ورد ما بقي، وإن أعوز شيئاً رجع.

    ومن قتل مورثه ولو بمشاركة أو سبب لم يرثه؛ إن لزمه قود أو دية أو كفارة.

    ولا يرث رقيق ولا يورث، ويرث مبعض ويورث، ويحجب بقدر حريته].

    عندنا فصل في ذوي الأرحام:

    ذوو الأرحام: هم الذين ليسوا عصبة وليسوا من أصحاب الفروض، وإنما هم من الأقارب، واختلف في توريثهم:

    فذهب الإمام أحمد إلى أنهم أولى من بيت المال، فإذا لم يكن أهل فروض ولا أهل تعصيب ولو بعيدين ورثنا ذوي الأرحام.

    وقد استدل على توريثهم بقول الله تعالى: وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأنفال:75]، فإنها صريحة في أنهم يستحقون مال قريبهم، فهم أولى من بيت المال، أو أولى من الموالي البعيدين كمولى الموالاة أو نحوهم.

    وقد يستدل أيضاً على توريثهم بحديث ورد بلفظ: (الخال وارث من لا وارث له)، مع أنه ليس من العصبة، وليس من ذوي الفروض.

    أصناف ذوي الأرحام

    وقد ذكر المصنف أن ذوي الأرحام أحد عشر صنفاً:

    الصنف الأول: ولد البنات للصلب، ذكوراً وإناثاً، أو ولد بنت الابن.

    فالبنت ترث، ولكن ابنها لا يرث، وبنتها لا ترث، وهي بنت البنت، وكذلك بنت الابن ترث، ولكن ابنها وهو ابن بنت الابن لا يرث، وبنت بنت الابن لا ترث، فيكونون من ذوي الأرحام.

    الثاني: ولد الأخوات: فالأخت ترث، ولكن ولدها لا يرث:

    فالأخت الشقيقة ترث، أما ابنها وبنتها فلا يرثان، والأخت لأب ترث، وبنتها لا ترث، وابنها لا يرث، أي أن الأخت الشقيقة والأخت لأب لا يرث أولادهما، فيكونون من ذوي الأرحام ذكوراً وإناثاً.

    الثالث: بنات الإخوة: فالأخ يرث، وابن الأخ، ولكن بنت الأخ لا ترث، فتكون من ذوي الأرحام.

    والعم يرث وابنه يرث، ولكن بنت العم لا ترث.

    والأخ من الأم يرث، وكذلك الأخت من الأم ترث، لكن أولاد الأخ من الأم أو الأخت من الأم لا يرثون، فيكونون من ذوي الأرحام.

    والعم لأم، أي: أخ الأب من الأم، وهو عم الميت ولكن أخو أبيه من الأم؛ أولاده يكونون أيضاً من ذوي الأرحام.

    والأخوال لا يرثون، ويكونون من ذوي الأرحام.

    والخالات من ذوي الأرحام.

    والجد أبو الأم من ذوي الأرحام.

    وكل جدة أدلت بأبٍ بين أمين، أو بأبٍ أعلى من الجد، ومن أدلى بهم من ذوي الأرحام.

    فهؤلاء أحد عشر:

    الأول: ولد البنات.

    والثاني: ولد الأخوات.

    والثالث: بنات الإخوة.

    والرابع: بنات العم.

    والخامس: ولد ولد الأم.

    والسادس: العم لأم.

    والسابع: الخال.

    والثامن: الخالة.

    والتاسع: الجد أبو الأم.

    والعاشر: كل جدة أدلت بأبٍ بين أمين، أو أب أعلى منهم.

    والحادي عشر: من أدلى بهؤلاء.

    توريث ذوي الأرحام بالتنزيل

    متى يرثون؟

    يقول: يرثون إذا لم يكن هناك أصحاب فروض، ولا أصحاب عصبة.

    وكيف يرثون؟

    ويرثون بالتنزيل: أي: ننزلهم مكان من أدلوا به

    كبنت بنت حجبت بنت بنت ابن، أو عمة قد حجبت بنتاً لعم

    فيرثون بالتنزيل، فإذا كان عندك بنت بنت وبنت بنت ابن، فبنت البنت تنزل منزلة البنت فتأخذ النصف، وبنت بنت ابن تنزل منزلة بنت ابن فتأخذ السدس، فتعطيهما المال فرضاً ورداً، هذه بمنزلة أمها، وهذه بمنزلة أمها، هذا هو التنزيل.

    كذلك إذا كان عندك بنت أخت شقيقة وبنت أخت من الأب ففي هذه الحال: بنت الشقيقة لها النصف، وبنت الأخت من الأب لها السدس، فيكون المال من أربعة، يقسم عليهما من أربعة.

    ولو كان هناك جماعة أدلين بواحدة فلهن فرضها.

    فإذا كان عندك مثلاً ثلاث بنات أخت شقيقة، وأربعة أبناء أخت من الأب، فبنات أو أبناء الشقيقة لهن النصف، وبنات أو أبناء الأخت من الأب لهن السدس، فيرثون بالتنزيل، فتعطي هؤلاء سهماً، وهم الذين أدلوا بالأخت من الأب، وهؤلاء ثلاثة، فهذا معنى التنزيل.

    وبنات الإخوة بمنزلة الإخوة: فإذا كان عندك بنت أخ فإنها تأخذ المال كله، تقول: أنا بمنزلة أبي، فإن أبي لو كان موجوداً لأخذ المال كله، فتنزل منزلة أبيها، وبنت العم تنزل منزلة العم؛ لكن إذا كان عندك بنت أخ وبنت عم: فبنت الأخ تحجب بنت العم، تقول: إن والدي يحجب والدكِ، أي: الأخ يسقط العم، فيكون المال لبنت الأخ دون بنت العم.

    وكذلك مثلاً إذا كان عندك بنت بنت، وعندك بنت أخ لأم، أليس البنت تسقط الأخ لأم؟ فكذلك بنت البنت تسقط بنت أخ لأم، تقول: أمي تسقط أباكِ، فأنت ساقطة، نعم. هذه تقول: أنا بنت أخ الميت من أمه، أي: أبي أخوه من أمه، لكن هذه تقول: أنا بنت بنته، فبنت البنت أقرب، فتسقط ابن أخ لأم.

    العمة: العمات أيضاً يدلين بالأب، والخالات يدلين بالأم، فإذا كان عندك عمة وخالة، فافرض أن عندك أباً وأماً، فالعمة لها ميراث الأب، والخالة لها ميراث الأم، فتعطي هذه الثلث وهذه الثلثين.

    وإذا كان عندك عمتان، عمة أخت للميت من أبيه، وعمة أخته من أبويه، أي: شقيقة، وكذلك أخت الأم شقيقة وأختها من الأب؛ ففي هذه الحال الثلث الذي للخالات يقسم أرباعاً بينهما، والثلثان اللذان للعمات يقسمان أرباعاً: للتي من الأب واحد، وللتي من الشقيقة ثلاثة، كما لو كان ميراثهم، هذا معنى: تنزيلهم منزلة من أدلوا به.

    ميراث ذكور ذوي الأرحام وإناثهم

    قوله: (ذكرهم كأنثاهم) يعني: إذا كان عندك أولاد بنت، البنت تأخذ النصف وتأخذ المال كله إذا لم يكن وارث إلا هي، فإذا كان موجوداً لها خمسة أبناء وخمس بنات، فيقسم المال بينهم على عدد رءوسهم للذكر مثل حظ الأنثى، لماذا؟ لأنهم يرثون بالرحم المجردة.

    ميراث أحد الزوجين مع ذوي الأرحام

    إذا كان معهم زوج أو زوجة، فإن كلاً من الزوجين يأخذ فرضه كاملاً بلا حجب ولا عول، والباقي يكون لهم.

    فإذا كان عندك زوج، وعندك عمة وخالة، فتقول: الزوج له النصف، والعمة والخالة لهما الباقي نقسمه أثلاثاً، للخالة ثلثه وللعمة ثلثاه؛ لأن الأب يأخذ سهمين والأم تأخذ سهماً، فأنت أيتها العمة لك نصيب الأب، وأنت أيتها الخالة لك نصيب الأم.

    فأعطينا الزوج النصف كاملاً، وقسمنا الباقي الذي هو النصف بين العمة والخالة أثلاثاً.

    وكذلك لو كان عندنا زوجة أعطينا الزوجة الربع كاملاً، وأعطينا الثلاثة الأرباع للعمة والخالة، للعمة ميراث الأب، وللخالة ميراث الأم، فإن كان عمات وخالات، فميراث الأب للعمات، وميراث الأم الذي هو الثلث للخالات بينهن، وهكذا.

    الناظم الرحبي لم يذكر باب الرد، ولا ذكر باب ذوي الأرحام؛ لأن الشافعية لا يورثون ذوي الأرحام ولا يردون، وإنما يجعلون الميراث لبيت المال إذا زاد.

    1.   

    ميراث الحمل

    وقد ذكر العلماء أبواباً لم يذكرها المؤلف هنا، وقد ذكرها الشيخ رحمه الله في رسالته، منها: ميراث المفقود، وميراث الخنثى المشكل، وميراث الغرقى والحرقى ونحوهم، وقد توسع العلماء في ذكرهم.

    هنا ذكر ميراث الحمل، قال: (الحمل يرث ويورث إن استهل صارخاً): إذا مات رجل وله امرأة حامل، فإن هذا الحمل يرث، ولكن يوقف المال حتى يولد، فإذا ولد حياً واستهل صارخاً أعطي نصيبه من الميراث كإخوته.

    وكذلك إذا ولد (ووجد دليل حياته، سوى حركة يسيرة أو تنفس يسير، أو اختلاج)، وحركة الاختلاج: هي اضطراب اللحم، يعني: أنه قد يخرج ميتاً فيتحرك لحم فخذه؛ ذلك لأنه لما خرج من مكان ضيق فقد يختلج اللحم، ولا يدل ذلك على حياة، فلا بد أن يولد حياً؛ بأن يستهل صارخاً، أو يتنفس تنفساً يدل على حياته، أو يتحرك حركة ظاهرة تدل على حياته، ثم إذا ولد حياً ثم مات ولو بعد دقيقة أو دقائق، فإن ميراثه لورثته، فيجعل له نصيب من هذا المال ويقسم على ورثته الذين يرثونه لو كان من الأحياء.

    إذا طلب الورثة القسمة قبل أن يولد الحمل وقف له الأكثر من إرث ذكرين أو أنثيين، يقول الناظم:

    وإن يك في مستحق المال خنثى صحيح بيّن الإشكال

    فاقسم على الأقل واليقين تحظ بحظ القسم والتبيين

    ثم يقول:

    وهكذا حكم ذوات الحمل ..

    يعني: أنه يبني على اليقين.

    واحكم على المفقود حكم الخنثى إن ذكراً يكون أو هو أنثى

    وهكذا حكم ذوات الحمل فابن على اليقين والأقل

    فصورة ذلك: إذا مات رجل وله ابن وله زوجة حامل، ففي هذه الحال إذا طلب الورثة القسم نوقف للحمل ميراث ذكرين؛ لأنه أكثر من ميراث أنثيين، فميراث الذكرين في هذه الحال أكثر، فنقول:

    بالنسبة للزوجة لا ندري هل يولد حياً أو يولد ميتاً، فإن ولد حياً فإنه يرث، وإن ولد ميتاً فإنه لا يرث، الزوجة لها الثمن لا يزيد ولا ينقص، وأما الابن فإنه إن كان أنثى فله ثلثا الباقي، وإن كانا أنثيين فله نصف الباقي بعد الزوجة، وإن كانا ذكرين فله الثلث، فالأحظ للحمل أن نقدره ذكرين لا أنثيين، متى يكون ميراث الأنثيين أكثر؟

    إذا مات ميت عن امرأة حامل وأبوين، إذا قدرناه ذكرين ورث ثلاثة عشر من أربعة وعشرين، وإذا قدرناه أنثيين ورث ستة عشر من أربعة وعشرين عائلة إلى سبعة وعشرين، فنقدره أنثيين؛ لأنهما أكثر إرثاً، ثم إذا ولد أخذ نصيبه ورد ما بقي، أي: إذا قدرناه أنثيين ثم ولد وإذا هو أنثى، فالأنثى لا ترث إلا النصف اثني عشر، ونحن وقفنا لها ستة عشر، فترث نصيبها وترد الباقي على الأب، وإذا قدرناه أنثيين وقفنا ستة عشر، ثم ولد ذكر أو ذكران في هذه الحال أيضاً يأخذ نصيبه، ويرد على الأبوين ما نقصهما؛ لأننا نقصنا الأبوين ونقصنا الزوجة، وجعلنا المسألة فيها عول.

    يقول: (ويدفع لمن لا يحجبه إرثه كاملاً، ولمن ينقصه اليقين):

    الذي لا يحجبه كالأم فإنه لا يحجبها، لوجود الذكر، والزوجة لا يحجبها، لوجود الفرع الوارث، فيدفع لهما نصيبهما والباقي يوقف للحمل، وهو الأكثر كما ذكرنا.

    1.   

    ميراث القاتل والرقيق

    بقي مسألة القتل: ذكرنا فيما تقدم أن من قتل مورثه فإنه لا يرثه، ولو بمشاركة أو بسبب، وعلامة ذلك: إذا لزمه قود أو دية أو كفارة كما تقدم.

    كذلك ذكرنا فيما تقدم أن الرقيق لا يرث ولا يورث، وأن المبعض الذي نصفه حر ونصفه رقيق يرث ويورث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية.

    انتهى كتاب الفرائض، وننتقل إلى كتاب العتق إن شاء الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756683751