إسلام ويب

الشيعة والسنةللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من شر البدع التي أحدثت في الإسلام بدعة الشيعة الرافضة؛ إذ أن وراءها أيدٍ مدسوسة خبيثة كابن سبأ اليهودي الذي كان هدفه إفساد الإسلام. ولهؤلاء القوم عقائد فاسدة منحرفة عن دين الإسلام، بل عن العقل السليم، كعقيدة الإمامة، وعصمة الإمام، وعقيدة التقية والرجعة والبداء، فيجب الحذر والتحذير منهم، ومن عقائدهم الفاسدة.

    1.   

    معتقد الشيعة والرافضة في الإمامة والأئمة

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً -أيها الأحبة الفضلاء!- وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً. وأسأل الله جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى، في جنته ودار مقامته؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله! لا زلنا نواصل حديثنا في دروس العقيدة عن الركن الخامس من أركان الإيمان بالله جل وعلا، ألا وهو الإيمان باليوم الآخر، ولا زال حديثنا متواصلاً وممتداً أيضاً عن الفتن التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوعها بين يدي الساعة، كعلامة من العلامات الصغرى. وقد تحدثت قبل عن فتنة الخوارج وعن فتنة الروافض، وأختم اليوم الحديث -إن شاء الله تعالى- عن الروافض؛ وقد كنت بينت معتقد الشيعة الروافض في كتاب الله جل وعلا، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوف أجمل في هذا اليوم معتقد الشيعة الروافض في عقائدهم الأخرى التي شذوا بها عن أهل السنة والجماعة، وسأتحدث عن الشيعة الروافض في نقاط محددة، وسأبين أولاً: معتقدهم في الإمامة. ثانياً: في عصمة الإمام. ثالثاً: في التقية. رابعاً: في الرجعة. خامساً: في البداء. سادساً: في الغيبة. وأكون بذلك -ولله الحمد- قد بينت معتقد الشيعة مجملاً، ولن أتوقف فيما يخالف فيه الشيعة أو الروافض أهل السنة في المسائل الفقهية، وإلا لاحتجنا إلى عشرات المحاضرات بلا مبالغة، وإنما يكفي أن أبين مجمل معتقد القوم؛ ليكون كل مسلم على بصيرة، وهذا الكلام لا يستغني عنه مسلم أو مسلمة، لا سيما ونحن نعلم يقيناً أن الروافض والشيعة قد انتشرت انتشاراً ساحقاً الآن في الأرض، نسأل الله عز وجل أن يثبتنا على الحق، وأن يتوفانا عليه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. وأرجو أن تركزوا معي في هذا الموضوع الذي سأنهي به الحديث -إن شاء الله تعالى- عن الروافض أو الشيعة، وسيتبين للجميع مجمل معتقد القوم، بعدما وقفنا على معتقدهم في القرآن وفي سنة النبي عليه الصلاة والسلام. أولاً: معتقد الشيعة أو الروافض في الإمامة: تحدثت قبل عن مجمل معتقد الشيعة أو عن إشارات في معتقد الشيعة أو الروافض في الإمامة، والإمامة لها -عند الشيعة أو عند الروافض- مفهوم خاص، ينفردون به عن سائر المسلمين على ظهر الأرض، فهم يتعقدون أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة تماماً، فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة، ويؤيده بالمعجزات التي تبين أن هذا النبي أو الرسول مرسل من عند الله جل وعلا، فهم يعتقدون كذلك أن الله تبارك وتعالى كما يختار الأنبياء والرسل يختار الأئمة، ويأمر الله عز وجل نبيه بالنص على الإمام، وأن ينصبه -أي: النبي صلى الله عليه وسلم- إماماً للناس من بعده. هذا كلام الشيعة أو الروافض في قضية الإمامة، فهم لا يفرقون بين الرسول والنبي والإمام تفريقاً ظاهراً. وتدبر معي -مثلاً- هذا النص من كلام الكليني في (الكافي) في كتاب الحجة، في باب: الفرق بين الرسول والنبي والمحدث، المجلد الأول (ص:176 )، يقول: أما الفرق بين الرسول والنبي والإمام عندهم، فقد سئل الرضا : ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام؟ فقال: الفرق بين الرسول والنبي والإمام أن الرسول هو الذي ينزل عليه جبريل فيسمع -أي: الرسول صلى الله عليه وسلم- كلامه ويراه -أي: يرى جبريل عليه السلام- وينزل عليه الوحي، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو الذي ينزل عليه جبريل فيراه ولا يسمع منه -وهذا تقسيم عقيم جداً- وأما الإمام فهو الذي يسمع الكلام ولا يرى جبريل عليه السلام. وهذا النص لا شك أنكم تقفون من خلاله على أنهم لا يفرقون إطلاقاً بين الرسول والنبي والإمام في قضية نزول الوحي، فهم يرون نزول الوحي على الإمام كنزوله على النبي والرسول، فهم يقرون بأن الإمام من أئمتهم هو الذي يسمع الوحي من جبريل عليه السلام، ولكنه لا يراه رأي العين. مع أن هناك روايات تؤكد تحقق رؤية الإمام للملائكة، حتى قال عالمهم الشهير المجلسي الذي عقد في (البحار) -الكتاب المشهور الذي نقلت عنه كثيراً- باباً بعنوان: باب أن الملائكة تأتيهم -أي: تأتي الأئمة- وتطأ فرشهم، وأنهم يرونهم. أي: وأن الأئمة يرون الملائكة.

    منزلة الإمامة والأئمة عند الشيعة والرافضة

    بل وستعجبون إذا ذكرت لكم بأن منزلة الإمامة عند الشيعة قد تجاوزت منزلة النبوة، ويكفي أن تقف فقط -بإيجاز شديد جداً- مع بعض عناوين الأبواب في كتاب (الكافي) أو (البحار) للمجلسي ، أو في كتاب (الشيعة وأصولها)، أو (البرهان) كتفسير من التفاسير أو في أي مرجع من مراجعهم؛ لتقف على أن الإمامة عندهم إنما هي في منزلة أعلى من منزلة النبوة، وتدبر معي بعض هذه العناوين من كتاب (البحار) للمجلسي : يقول في فضائل الأئمة: باب: أنهم أعلم من الأنبياء عليهم السلام، وروى في هذا الباب ثلاثة عشر حديثاً. وفيه: باب بعنوان: تفضيل الأئمة على الأنبياء وعلى جميع الخلق. وفيه: باب: أن دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بالأئمة. يعني: ما استجاب الله دعاء الأنبياء إلا لأن الأنبياء توسلوا واستشفعوا إلى الله بالأئمة. وفيه: باب: أنهم يقدرون على إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وجميع معجزات الأنبياء. وفيه: باب: أنهم لا يحجب عنهم علم السماء والأرض، والجنة والنار، وأنه عرض عليهم ملكوت السماوات والأرض، ويعلمون علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وروى في هذا الباب اثنين وعشرين حديثاً. وفيه: باب: أنهم يعرفون الناس بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق، وعندهم -أي: عند الأئمة- كتاب فيه أسماء أهل الجنة، وأسماء شيعتهم وأعدائهم، وروى في هذا الباب أربعين حديثاً. وفيه: باب: أن الأئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا. وفيه: باب: أن الأئمة يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم. وفيه: باب: أنهم لا يحجب عنهم شيء من أحوال شيعتهم، وما تحتاج إليه الأمة من جميع العلوم، وأنهم يعلمون ما يصيبهم من البلايا، ويصبرون عليها، ولو دعوا الله في دفعها لأجيبوا، وأنهم يعلمون ما في الضمائر، وعلم المنايا والبلايا، وفصل الخطاب والمواليد، وذكر في هذا الباب ثلاثة وأربعين حديثاً. هذا نقلاً عن (البحار) للمجلسي المجلد رقم (26 ) ابتداء من (ص:137 إلى 153 )، وهذا كله عناوين أبواب، ولو سردت بعض الأحاديث المروية تحت هذه الأبواب لسمعتم العجب العجاب، ويكفي فقط أن نقف مع رءوس هذه العناوين، وأختم بهذا الباب الذي يقول فيه: إن عند الأئمة اسم الله الأعظم، وبه -أي: بهذا الاسم- يظهر منهم الغرائب. هذه أمثلة لما يصفون به أئمتهم، وهي دعاوى في غاية الغرابة، وتحتاج إلى رجل صاحب عقل فقط؛ ليقف على بطلانها وعلى ضلالها، فهم يخرجون الأئمة -بمثل هذه الروايات والنصوص- من منزلة البشرية إلى منزلة النبوة، بل إلى مرتبة الألوهية، فهم يدعون أنهم يعلمون ما في الغيب، ويعلمون مكنون الضمائر، بل ويعلمون ما تحتاج إليه الأمة، بل ويعلمون ما في قلوب الناس، فيعلمون أن هذا مؤمن وأن هذا منافق، وهذا كله علم خاص بالله، لأنه متعلق بألوهية الرب، فلا يعلم الغيب إلا الله، بل لقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى فقال: إن رءوس الطواغيت في الأرض خمسة -ومعلوم أن الطاغوت صيغة مشتقة من الطغيان، فالطاغوت هو: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع- منها: الشيطان، وهو الطاغوت الأكبر الذي زين للناس عبادة الطاغوت من دون الله جل وعلا، وما بعث الله نبياً ولا رسولاً إلا وقد أمر هذا النبي والرسول قومه أول ما أمر أن يكفروا بالطاغوت ويؤمنوا بالله؛ إذ لا يصح إيمان إلا بالكفر بالطاغوت ابتداء، ثم بعد ذلك بالإيمان بالله جل وعلا، فقدم الله الكفر بالطاغوت على الإيمان به سبحانه، فقال: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:256]. ثم قال: ثم الحاكم المغير المبدل لشرع الله، ثم الذي يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعلم، ثم الذي يدعي علم الغيب من دون الله جل وعلا، فمن ادعى علم الغيب من دون الله فهو طاغوت من الطواغيت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! فهم يخرجون الأئمة بمثل هذه الروايات والنصوص من مرتبة الإمامة ومرتبة النبوة إلى مرتبة لا يمكن أبداً أن تنسب مثل هذه المرتبة إلا لله تبارك وتعالى، وهذه الروايات هي -في الحقيقة- الأرضية والقاعدة والمنطلق للأفكار الباطنية المنتشرة الآن في الأرض، وهذه الدعاوى الخطيرة باب للزندقة والإلحاد، إذ لم يقلها نبي مرسل ولا ملك مقرب، وهي محاربة لله جل وعلا ولرسوله ولكتابه ولدينه وللمسلمين.

    اعتقاد الشيعة والرافضة في قبور أئمتهم

    ومكمن الخطر أن هذه المزاعم قد انتقلت لتتحول إلى ترجمة عملية واقعية في دنيا الناس، فهم يلوذون الآن بقبور أئمتهم، ويفعلون بها ما لا يصدقه عاقل، بل لقد اعتبر الروافض أن أماكن قبور أئمتهم أماكن مقدسة، كالحرم في مكة ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وتدبر معي ما قال في (الوافي): إن الكوفة حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم وحرم أمير المؤمنين، وإن الصلاة فيها -أي: في الكوفة- بألف صلاة، والدرهم فيها بألف درهم. انظر إن شئت كتاب (الوافي) باب: فضل الكوفة ومساجدها، المجلد الثاني (ص:215 ). ويروون عن الصادق : أن لله حرماً هو مكة، ولرسوله حرماً هو المدينة، ولأمير المؤمنين -أي: علي - حرماً هو الكوفة، ولنا حرماً وهو قم. وقم: بضم القاف وتشديد الميم، مدينة مقدسة في إيران، وقالوا: إنها ما استمدت قداستها إلا من قبر فاطمة بنت موسى بن جعفر الصادق ، وموسى بن جعفر الصادق هو إمامهم السابع من الأئمة الإثني عشر!! وكربلاء -وهي الموطن الذي قتل فيه الحسين رضي الله عنه وأرضاه- عندهم أفضل من الكعبة، ففي كتاب (البحار) للمجلسي ، الجزء الأول (ص:107 ) عن أبي عبد الله أنه قال: إن الله أوحى إلى الكعبة: لولا تربة كربلاء ما فضلتك، ولولا من تضمنته أرض كربلاء ما خلقتك، ولا خلقت البيت الذي به افتخرت، فقري واستقري، وكوني ذنباً متواضعاً ذليلاً مهيناً غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء، وإلا سخت بك وهويت بك في نار جهنم!! وزيارة قبور الأئمة أفضل عندهم من حج بيت الله الحرام، كما في (الكافي) أتى رجل أبا عبد الله فقال له: إني رجل قد حججت تسعة عشر حجة، فادع الله لي أن يرزقني تمام العشرين، فقال له: هل زرت قبر الحسين رضي الله عنه؟ قال: لا، فقال له: لزيارته خير من عشرين حجة. وجاء هذا أيضاً في الوافي المجلد الثاني (ص: 219 ). وقد يقول قائل: يا أخي! أنت تزعم أو تذكر بأنهم يتوسلون بقبور أئمتهم، وهذا أيضاً موجود عند أهل السنة؟ فأقول: نعم، لا أنكر، ولكن الفارق الكبير بين ما عليه الشيعة أو الرافضة وما عليه أهل السنة: أن الشيعة يفعلون ذلك بقبور أئمتهم كمعتقد، لكن ما يفعله بعض أهل السنة عند قبور الصالحين إنما يفعل من خلال الجهل، وليس من خلال المعتقد، ولو تبين للناس الحق لأذعنوا للحق، ولذلك أنا أوصي شبابنا أنه لا ينبغي أن يتعجل بالحكم بالتكفير على من يذهب إلى قبور الصالحين والأولياء في بلادنا، ولا ينبغي أن نتعجل بإصدار حكم التكفير على أمثال هؤلاء؛ لأن جل هؤلاء لا يعلم الحق، ولم يتعلم، ولم تقم عليه الحجة. وقد يقول قائل: إن الحجة قد قامت عليهم. فأقول: هناك فرق بين نوعين من أنواع الحجة: بين الحجة الرسالية العامة، التي أقيمت ببعثة النبي على الناس جميعاً، وبين الحجة الرسالية الخاصة، لا سيما وأن كثيراً من هؤلاء يرى أناساً ممن يشار إليهم بالبنان على أنهم من العلماء -والذين تنقل محاضراتهم ودروسهم من أمثال هذه المساجد، بل حتى من علماء الحديث- يذهبون إلى مثل هذه الأماكن، فيغتر الناس بهذا العمل، فإن جاء واحد مثلك أو مثلي ليذكر الناس ربما التبس عليهم الأمر، فلا ينبغي أن نحكم عليهم بكفر إلا بعد أن نقيم الحجة عليهم، وشتان شتان -يا أيها الشباب- بين إقامة الحجة وفهم الحجة، فإن أقمت الحجة فواجب عليك أن تفهم من أقمت الحجة عليه حجتك، وإلا فما أقمت الحجة عليه، وأرجو ألا يفهم مخلوق من كلامي هذا أنني أقول: إنك لا تنكر على من رأيته يطوف بقبر من القبور، لا، فالفعل فعل شرك، ولكن لا ينبغي أن يتسرع في إطلاق الأحكام التكفيرية، وأنا وضحت قبل ذلك أنه ليس كل من فعل الشرك يحكم عليه بالشرك المطلق، وليس كل من قال الشرك يحكم عليه بالشرك المطلق، فقد يقول الرجل قولة الكفر وليس بكافر، وقد يفعل الرجل فعل الكفر ولا يحكم عليه بالكفر المطلق المخرج من الملة، وهذا أصل كبير من أصول أهل السنة، ينبغي أن لا نتجاهله أو نغفل عنه، حتى لا نقع في هذا المحظور؛ فلأن أخطئ في عدم تكفير مسلم أحب إلي من أن أخطئ في تكفيره، فلن يسألني الله يوم القيامة: لمَ لم تكفر فلاناً؟ وإنما سيسألني: لمَ كفرت فلاناً؟ فالله الله في التعجل في إصدار الأحكام على خلق الله. ومن أعجب وأروع ما قرأت في حياتي ما قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب -الذي يتهم بأنه من أكبر من كفر في عصرنا الحديث، وهو والله بريء- في كتاب: (الدرر السنية) -وهو كتاب ماتع طيب قيم- قال بالحرف: وإن كنت لا أكفر من يطوف حول الصنم الذي على قبر البدوي ، فكيف أكفر من هو دونه؟! هذا كلام في غاية النفاسة، فلا ينبغي أن نتعجل بإصدار الأحكام بالتكفير والتفسيق والتبديع على الناس إلا بعد أن نقيم الحجة عليهم، وبعد أن يفهم الناس الحجة التي أقيمت عليهم، فشتان شتان بين إقامة الحجة وبين فهم الحجة، وليتنا تحركنا إلى الناس لنعلمهم التوحيد الخالص، بدلاً من أن نجلس في مساجدنا وبيوتنا لنكتفي بإصدار الأحكام عليهم فقط، وما أروع قول الشافعي رحمه الله إذ يقول: والله! ما ناظرت أحداً إلا ودعوت الله أن يكون الحق معه. فتحرك إليه وأنت تتمنى من الله أن يفتح الله صدره للهداية وللسنة، ونسأل الله أن يرد أهلنا وآباءنا ونساءنا وأمهاتنا إلى الحق رداً جميلاً؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. وأنا أقول هذا الكلام من باب تجربة عملية خضتها أنا بنفسي، فإنني أعلم أسماء مجموعة من آبائنا الكرام ممن كانوا يأخذون في كل عام أكثر من رأس جاموس، ويذهبون به إلى قبر الشبراوي في القاهرة، وأحدهم -أعرفه جيداً- فقير لا يجد لقمة الخبز، لكنه يأخذ النذر في كل عام لولي من الأولياء على حد زعمه، وهو الآن -ولله الحمد والمنة- من أهل السنة، ويصلي خلف إمام من أهل السنة، وهذا فضل الله جل وعلا، ولما أقمت عليه الحجة وبينت له، كاد والله أن يصعق؛ لأن الرجل ما سمع مثل هذا، واحتج علي ببعض الرموز الدعوية العلمية المشهورة المعروفة، فلما تبين له الحق أذعن للحق، فشتان شتان بين أن يذهب رجل يتوسل بصاحب القبر وهو يعتقد فيه اعتقاداً جازماً، وبين رجل يقول: أنا ما أذهب إلى هذا القبر إلا لأتقرب إلى الله جل وعلا، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأنا ما أفعل هذا إلا من باب القربى، فلما تبين له أن هذا الفعل من أفعال الشرك ومن أفعال الكفر، وأنه لا ينبغي أن تسأل إلا الله، وألا تستغيث إلا بالله، وألا تلجأ إلا إلى الله، وألا تنذر إلا لله، وألا تذبح إلا لله، وألا تسأل إلا الله.. إلخ. وأعطي له الدليل بأدب ورحمة وحكمة وتواضع شرح الله صدره للحق، أسأل الله أن يثبتنا على الحق. والقصد: أن الرافضة فهم يعتقدون أن زيارة قبر إمام من أئمتهم أفضل من حج بيت الله الحرام، وأنا أسأل: هل يوجد من جهال المسلمين من يعتقد ذلك؟ الجواب: لا، والله! ولا أقول ذلك على سبيل المجاملة للمسلمين ولإخواننا، فإني والله! لا أرى جاهلاً من جهال المسلمين يعتقد أن زيارته لقبر السيد البدوي -مثلاً- أفضل من أن يحج بيت الله الحرام، ومن أن يزور مسجد النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، لا، ثم لا، ثم لا.

    1.   

    عقيدة الشيعة والروافض في عصمة الأئمة

    أيضاً أيها الأحبة الكرام! هم يعتقدون عصمة الأئمة، فالعصمة -عندهم- ليست للنبي صلى الله عليه وسلم فحسب، بل هي كذلك للإمام، وهذه قاعدة أساسية من قواعد معتقد الروافض أو الشيعة، يقول شيخهم المجلسي في عصمة الأئمة عليهم السلام من الذنوب صغيرها وكبيرها: فلا يقع منهم ذنب أصلاً لا عمداً ولا نسياناً ولا لخطأ في التأويل، ولا لسهو من الله، يعني: لا ينزل الله على أحدهم سهواً. وهذا الكلام موجود في كتاب (البحار) للمجلسي المجلد الخامس والعشرين (ص:211 ) وكذلك في أوائل المقالات، وفي غيرها من المراجع المعتمدة عند الروافض أو الشيعة. وإذا كان أهل السنة يرون أن الأمة معصومة بكتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، فإن الروافض أو الشيعة يرون أن الأمة معصومة من الضلال بالإمام؛ لأن الإمام كالنبي؛ ولأن الإمامة هي استمرار للنبوة كما ذكرت. ومن أخطر الآثار العملية لدعوى العصمة: أنهم يعتبرون ما يصدر عن أئمتهم الإثني عشر كقول الله ورسوله، كما بينت ذلك قبل.

    1.   

    عقيدة الشيعة والروافض في التقية

    ثالثاً: بعد ما بينت معتقدهم في الإمامة، وبعد ما بينت معتقدهم في عصمة الإمام بإيجاز، أبين معتقدهم في التقية: التقية: معتقد من معتقدات الروافض أو الشيعة، فما هي التقية من خلال تعريفهم هم، لا من خلال تعريف أهل السنة؟ التقية عند الروافض أو الشيعة هي: كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، ومكاتمة المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يترتب عليه الضرر في الدين أو الدنيا. وهذا الكلام موجود في كتاب (البحار) للمجلسي ؛ وهو عالمهم الكبير، (ج25/351 ). يعني: إن قال كلمة تبين له أنه قد ينتج عنها ضرر له في دينه أو في دنياه فمن معتقدهم أن يخفي ما يعتقده، وأن يظهر شيئاً آخر، وهذا ما يسمى عندهم بالتقية. قال أحد علمائهم المعاصرين وهو محمد جواد مغنية في كتابه: (الشيعة في الميزان) (ص:48 ) يعرف التقية بقوله: التقية أن تقول أو تفعل غير ما تعتقد؛ لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك أو لتحتفظ بكرامتك. والتقية في الإسلام معلوم أنها رخصة، وليست عقيدة، كما قال عز وجل: إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106]، فللعبد أن يتقي وأن يظهر بلسانه ما ليس في قلبه؛ لأن هذه رخصة، فإن تعرض للإيذاء أو للضرر البالغ أو للهلاك فلا حرج عليه حينئذ -ما دام قلبه مطمئناً بالإيمان- أن يظهر خلاف ما يعتقد، كما فعل عمار بن ياسر رضوان الله عليه وعلى أبيه. فالتقية أساس وعقيدة من عقائد الروافض والشيعة، ومن ركائز معتقدهم، بل ربما غالى الروافض في أمر التقية، حتى قالوا: إن تسعة أعشار الدين في التقية، بل وقالوا: لا دين لمن لا تقية له. وهذا موجود في كتاب (الكافي) المجلد الثاني (ص:272 ). ومن العجيب أنهم يجعلون تارك التقية ومن لم يأخذ بها خارجاً من الدين بالكلية، كما روى الكليني عن أبي جعفر ، والعجيب أن أبا جعفر مولود سنة 57 هـ، يعني: مولود في عصر عز الإسلام الذي لا يحتاج فيه المسلمون إلى تقية، فهم ينسبون إليه ذلك وهو بريء، كما ذكرت قبل ذلك مراراً، يقول: التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له!

    1.   

    عقيدة الشيعة والرافضة في الرجعة

    رابعاً بإيجاز شديد: الرجعة، وهذا معتقد من معتقد الروافض أو الشيعة، والرجعة هي: رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة، سواء كان هؤلاء الذين يرجعون إلى الدنيا من الصالحين أو حتى من الفاسدين، هذا معتقد عند الروافض، فإنهم يعتقدون بأن أناساً سيرجعون إلى الحياة الدنيا بعد موتهم قبل يوم القيامة، والراجعون إلى الدنيا -كما يعتقدون- فريقان: أحدهما: من علت درجته في الإيمان. والآخر: من بلغ الغاية في الفساد. وهذا موجود في كتاب المفيد (أوائل المقالات) (ص:95 )، فقد ذكر أنهم يعتقدون أن الذين يرجعون إلى الدنيا ينقسمون إلى فريقين: الأول: هو من علت درجته في الإيمان، والثاني: من بلغ الغاية في الفساد. وزمن الرجوع عندهم هو عند قيام مهدي آل محمد عليهم السلام. وعقيدة الرجعة من أصول المذهب الشيعي، فمن رواياتهم العجيبة جداً أنهم يقولون: ليس منا من لم يؤمن بكرتنا. يعني: برجعتنا. وهذا موجود في كتاب (من لا يحضره الفقيه) لـابن بابويه القمي المجلد الثاني (ص:128)، وموجود في كتاب (الوسائل) للحر العاملي المجلد السابع (ص:438 )، وموجود في تفسير (الصافي) المجلد الأول (ص:347 ). ويقولون مرة أخرى: ليس منا من لم يؤمن بكرتنا. فالروافض والشيعة مجمعون على اعتقاد الرجعة. ويقول المفيد عالمهم المشهور: اتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات. ويقول الحر العاملي : إنها موضع إجماع جميع الشيعة الإمامية، ويقول: إنها من ضروريات مذهب الإمامية، ويقول: إننا مأمورون بالإقرار بالرجعة واعتقادها، وتجديد الاعتراف بها في الأدعية والزيارات، وفي يوم الجمعة، وفي كل وقت، كما أننا مأمورون بالإقرار في كثير من الأوقات. وهذا أمر عجيب! حيث يعتقدون أنهم لابد أن يكرروا ويؤكدوا مسألة الرجعة -كما قال: وفي كل وقت!- يقول: كما أننا مأمورون بالإقرار في كثير من الأوقات أن نؤكد قضية التوحيد والنبوة والإمامة والقيامة. وهذا الكلام موجود في كتاب (الوسائل) للحر العاملي (ص:64 )، وكذلك موجود في كتاب (أوائل المقالات) للمفيد وهو من أكابر علماء الشيعة كما ذكرت. إذاً: الرجعة معناها أنهم يعتقدون برجوع بعض الأموات، سواء من المؤمنين ممن بلغوا درجة عالية في الإيمان، أو ممن وصلوا إلى الحضيض في الفساد والفسق.

    1.   

    عقيدة الشيعة والروافض في البداء

    خامساً: البداء، وهذا معتقد خبيث من معتقد الروافض، والبداء -كما ورد في قواميس اللغة-: بدا بَدْواً وبُدُوّاً وبَدَاءة يعني: ظهر، يقال: بدا لي، أي: ظهر لي، وبدا له في الأمر بدواً وبداءً وبداة: نشأ له فيه رأي، وأقول: بدا لي القمر، أي: ظهر لي القمر، أو أقول: بدا لي أن أغير فكرتي في قضية كذا وكذا. إذاً: بدا بمعنى: ظهر، وبمعنى: نشأ له فيه رأي جديد. فالبداء في اللغة -كما جاء في القاموس- له معنيان: المعنى الأول: الظهور والانكشاف، والمعنى الثاني: نشأة رأي جديد، فإذا قلت: بدا لي أن أغير موعد درس الأربعاء، أي: نشأت لي فكرة جديدة في أن أغير درس الأربعاء. وهذان المعنيان للبداء وردا في القرآن الكريم، قال الله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [البقرة:284]، فقوله: (وإن تبدوا) البداء هنا بمعنى: الإظهار، وفي قول الله تعالى: ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ [يوسف:35]،والبداء هنا بمعنى: نشأ لهم رأي جديد، فالمعنيان واردان في كتاب الله جل وعلا. والبداء بهذين المعنيين لا يجوز ألبتة أن ينسب إلى الله، يعني: لا ينبغي أبداً أن تقول بأن الله عز وجل قد بدا له أمر، بمعنى: ظهر بعد ما كان غائباً عنه سبحانه، أو بدا لله أمر في أن يغير أمراً أو أن يبدله سبحانه وتعالى. فالبداء بهذين المعنيين -الثابتين في اللغة وفي كتاب الله- لا يجوز ألبتة أن ينسب إلى رب العزة تبارك وتعالى، ومع ذلك أقول لكم: البداء في الأصل عقيدة اليهود، وانتقلت عقيدة البداء من اليهود إلى الروافض والشيعة، بدليل هذا النص من نصوص التوراة المحرفة المزورة المبدلة، يقول هذا النص: (ورأى الرب أن شر الناس قد كثر على الأرض، وأن كل تصور أفكار قلوبهم إنما هو شر في جميع الأيام، فندم الرب -تعالى الله عما يقول اليهود والروافض علواً كبيراً- أنه عمل الإنسان على الأرض- يعني: أنه خلق الإنسان على الأرض -وتأسف في قلبه- تعالى الله عن ذلك- فقال الرب: أمحو الإنسان الذي خلقته عن وجه الأرض، مع البهائم، والدبابات -وهذه لفظة عجيبة- وطير السماء؛ لأني ندمت على خلقي لهم!) تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً. فهذا فقرة من الكتاب المقدس الفصل السادس، صفحة رقم (12 ) من تكوين التوراة، تبين عقيدة اليهود في البداء. فالبداء في الأصل عقيدة يهودية، ثم انتقلت هذه العقيدة إلى الروافض والشيعة، ويقولون: إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين، لا يظهر معهما على كذب أبداً من أئمتهم، وهما: القول بالبداء، وإجازة التقية، يعني: هذان الأصلان من معتقد الروافض والشيعة، ألا وهما: البداء، والتقية، ووضعا حتى لا يظهر لإمام من أئمتهم كذب أبداً في فترة من فترات الزمن! فالإمام من الأئمة معصوم عندهم، وقد يتكلم الإمام بكلمة ثم لا تقع -مع علمه بما كان وما سيكون- فيتبين حينئذٍ كذبه، فكيف يخرج من هذا المأزق؟ يخرج بعقيدة البداء، فيقال: بدا للإمام أن يغير ما كان قاله! وقد تقف على بعض النصوص المنسوبة لـعلي رضوان الله عليه، في ثنائه على أبي بكر، كما هو موجود في كتاب (نهج البلاغة) الذي يعتبرونه من الكتب المقدسة؛ فإذا واجهتهم بهذا، تجدهم يقولون: قال علي ذلك من باب التقية!! ألم يدع هؤلاء أن قرآناً نزل على علي أو على فاطمة وهو ما يعرف عندهم بمصحف فاطمة ! وإذا قيل لهم: لم يظهره علي ؟ يقولون: تقية؛ لأنه لو أظهر علي هذا القرآن لأحرج من سبقه، ولبين كذبهم، فهو جاملهم من باب التقية؛ وأخفى هذا القرآن الذي أنزله الله على فاطمة بعد محمد صلى الله عليه وسلم!! وهذا ضلال مبين، اللهم ثبتنا على الحق يا رب العالمين! ويشرح سليمان بن جرير -وهو من علمائهم- عقيدة البداء في أنها الستار على ادعاءاتهم الكاذبة في الغيب، فيقول: فأما البداء فإن أئمتهم لما أحلوا أنفسهم من شيعتهم محل الأنبياء من رعيتها في العلم في ما كان ويكون، والإخبار بما يكون في غدٍ، وقالوا لشيعتهم: إنه سيكون في غدٍ -أي: كذا وكذا- فإن جاء ذلك الشيء على ما قالوه قالوا لهم: ألم نعلمكم أن هذا يكون؟ فنحن نعلم من قبل الله عز وجل ما علمه الأنبياء، وبيننا وبين الله عز وجل مثل تلك الأسباب التي علمت بها الأنبياء عن الله ما علمت، وإن لم يكن ذلك الشيء الذي قالوا: إنه يكون على ما قالوه، قالوا لشيعتهم: بدا لله في ذلك ألا يكونه!! وهذا موجود في كتاب (الكافي). والعجيب! أن فصل البداء أورده صاحب (الكافي) في كتاب التوحيد، مما يدل على أنه أصل معتقد عندهم، أورده صاحب كتاب الكافي في كتاب التوحيد في باب اسمه باب: البداء، المجلد الأول صفحة (146 )، فالبداء عندهم عقيدة يضعونها في كتاب التوحيد، فصاحب الكافي ذكر هذا ضمن كتاب التوحيد، وفي هذا الباب ذكر ستة عشر حديثاً في البداء، المجلد الأول صفحة (146-149 ). والله! والله! ما وقفت -وأنا أطلع على مصادرهم وكتبهم- على كلمة تنافي ما أقول إلا وأذكرها لكم، وقد ذكرت قبل ذلك أمثلة في المحاضرات الماضية، فما وقفت على كلمة لعالمهم تكذب أو تنكر ما ينسب إليهم إلا وأنقلها من باب الإنصاف، وأسأل الله أن يرزقنا العدل، قال تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8]، أسأل الله أن يجعلنا من المتقين. قال كثير من علماء الشيعة: إنهم لم يريدوا بالبداء ما لا يجوز نسبته إلى الله سبحانه، يقول محمد حسين الكاشف الغطاء : البداء وإن كان في جوهر معناه هو ظهور الشيء بعد خفائه، ولكن ليس المراد به هنا ظهور الشيء لله جل شأنه، وأي ذي عقل يقول بهذه المضلة، بل المراد ظهور الشيء من الله لمن يشاء من خلقه بعد إخفائه عنهم، وقولنا: بدا لله، أي: حكم الله أو شأن الله. هذا في كتاب اسمه: (الدين والإسلام) صفحة (173 ) وهو منسوب إلى عالم من علمائهم ألا وهو محمد حسين الكاشف الغطاء ، وهذا التفسير مقبول جداً؛ أن يقول بأن البداء ليس معناه أنه قد ظهر شيء لله عز وجل كان خافياً عليه، وإنما البداء معناه: أن الله عز وجل يظهر شيء كان خفياً عن بعض خلقه، وهذا تفسير لا حرج فيه. ولكن من حقنا أن نسأل أيضاً: لماذا صار البداء -إن كان كذلك- من أصول معتقد الشيعة؟ وهذا سؤال له وجاهته، فإذا كان البداء بهذه الصورة العادية، وهو أن الله قد أظهر شيئاً لخلقه كان خافياً عنهم، فلمَ جعلوه أصلاً من أصول معتقد الشيعة؟ ولمَ جعلوه في كتاب التوحيد؟ ولعل هذا التفسير للبداء الذي قاله كاشف الغطاء يندرج تحت معتقد آخر من معتقداتهم الرئيسية ألا وهو معتقد التقية، وقد نقلت قبل نصاً من نصوص عالم من علمائهم يبين أن مثل هذا الكلام إنما يقال من باب التقية.

    1.   

    اعتقاد الشيعة والرافضة في الغيبة

    الغيبة معتقد سادس من معتقدات الروافض، والغيبة من العقائد الأساسية عندهم. وهي بمعنى: أن الأرض لا تخلو أبداً من إمام، يعني: أنهم يعتقدون أن الأرض لا تخلو أبداً من إمام، فلما مات الحسن العسكري دون أن يكون له ولد، وقع الروافض في حيصَ بيصَ، وقالوا: فمن الذي يخلف الإمام، وأين الإمام؟ وافترق الروافض بعد موت الحسن العسكري قيل: إلى أربعين فرقة، ومنهم من قال: إلى ستة عشر فرقة، واختلفت أقوالهم في قضية الإمام، وأين الإمام؟ لأن الحسن العسكري مات وليس له ولد، فاختلفوا في ذلك اختلافاً عجيباً رهيباً جداً! فاخترعوا قضية الغيبة، أي: غيبة الإمام، وذلك أنه خرج عليهم رجل ألمعي، وقال: إن الحسن العسكري له ولد بسن خمس سنين، وهو الإمام الغائب، ولكنه لا يظهر لأي أحد من الناس إلا لي!! فخرج المعتقد الجديد من معتقد الشيعة والروافض الذي يسمى: الغيبة. والحسن العسكري هو الإمام الحادي عشر من أئمتهم، وهو متوفى سنة (260هـ)، وقد اعترفت كتب الشيعة بأنه ليس له أولاد، وليس له عقب، فخرجوا بقضية الغيبة غيبة الإمام، وكانت هي القاعدة التي قام عليها كيان الشيعة بعد أن كان قد تصدع، وكاد بنيان الشيعة أن ينهار بعد موت الحسن العسكري، فخرج هذا المعتقد الذي عليه قام بنيان وأساس الشيعة مرة أخرى، ألا وهو معتقد غيبة الإمام. وبذلك أيها الأحبة الكرام! أكون قد بينت مجمل معتقد الشيعة الذي خالفوا به معتقد أهل السنة والجماعة، فمن وقف على هذا المعتقد -الذي فصلت والذي بينت والذي وضحت- فعليه أن يراجع نفسه، ولا يظنن ظان أن الخلاف بين الروافض والشيعة وبين أهل السنة إنما هو خلاف مذهبي، فإنني قد وقفت على بعض الفتاوى الخطيرة لبعض الشيوخ الكبار الذين يقولون بجواز التعبد لله تبارك وتعالى بما عليه الروافض والشيعة، وهذا الكلام ونصوص الفتاوى موجودة عندي، وأنا لا أحب أبداً أن أذكر مثل هذه القضايا والمسائل إلا بالأدلة؛ حتى لا نتهم أننا ممن يحب فقط أن يفرقع بالونات هوائية في السماء، لا والله! بل إننا ندور مع الحق حيث دار، ونقف مع الدليل حيث كان، وورب الكعبة! لا نريد إلا أن نصل إلى الحق، ولا نريد إلا أن نبين الحق، وإن الذي دفعني للوقوف في أربع محاضرات على التوالي للحديث عن الشيعة: هو أنني سمعت عن نبتة سوء بدأت تنبت هنا في المنصورة، وتعتقد هذه النبتة معتقد الشيعة، فأحببت أن أبين لهم بجلاء ما هي عقيدة الرافضة أو الشيعة، وتمنيت أن لو عرف أي واحد منكم إنساناً فيه نزعة لمثل هذا المعتقد الفاسد الضال أن يقدم له الأشرطة الأربعة هدية منه، لعل الله عز وجل أن يرد قلبه إلى الحق، وإلى سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فوالله! والله! والله! لا نريد إلا الإصلاح ما استطعنا، ونسأل الله عز وجل أن يرد الضال إلى الحق والهدى، وأن يأخذ بقلوب وأيدي الروافض إلى سنة النبي، وإلى القرآن وإلى الحق الذي عليه أهل السنة؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    1.   

    حكم الدعاء للكفار والمشركين والضلال

    فمن هدي المصطفى أنه يجوز لنا أن ندعو الله أن يهدي الكفار والمشركين في أي مكان على وجه الأرض، فإنه لما جاءه الطفيل بن عمرو الدوسي وقال له: يا رسول الله! ادع الله على قبيلة دوس، ادع الله فلقد هلكت دوس رفضوا الإيمان بالله ورسوله، قال النبي للطفيل : ارفع يدك، فرفع الطفيل يده، ورفع النبي يديه -ووالله لو دعا النبي على دوس دعوة لهلكت دوس، ولكنه الرحمة المهداة، رفع يديه إلى السماء- وقال: (اللهم اهد دوساً وائت بهم). فاستجاب الله دعوة نبيه، وشرح الله صدر قبيلة دوس، وجاءت القبيلة كلها عن بكرة أبيها خلف الطفيل بن عمرو الدوسي ؛ ليقفوا أمام الحبيب النبي، وليشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأقول: ستأتي قبيلة دوس يوم القيامة كلها في ميزان الطفيل بن عمرو ، بما فيهم راوية الإسلام العظيم أبو هريرة الدوسي ، كما ستأتي الأمة كلها يوم القيامة في ميزان الحبيب النبي. فندعوا الله عز وجل لكل شاب منحرف عن منهج الله أن يأتي الله بقلبه إلى الحق، وأن يرده إلى الحق رداً جميلاً؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. وأقول قولي هذا، وأستغفروا الله لي ولكم، وبذلك أكون قد أنهيت الحديث عن فتنة الروافض والشيعة؛ لأواصل الحديث -إن شاء الله تعالى، وإن قدر الله لنا البقاء واللقاء- عن فتنة أخرى من الفتن التي وقعت، ألا وهي فتنة خلق القرآن. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755936421